إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الصراع في القرن الإفريقي





القرن الأفريقي

مناطق النزاع الإثيوبي ـ الإريتري
الهجوم الإثيوبي على الصومال
التوزيع الديموجرافي
الحدود السياسية لإثيوبيا
الحدود السياسية لإريتريا
الخريطة الإدارية لإريتريا
جمهورية الصومال الديموقراطية



المبحث الخامس عشر

المبحث السادس عشر

تطورات الموقف الإقليمي والدولي

أدت تطورات الأوضاع في القرن الإفريقي، إلى تعدد الأطراف المتدخلة، سواء كانت أطرفاً إقليمية أو دولية. وأدى هذا بطبيعة الحال إلى تفاقم الأوضاع وليس حلها، ذلك أن كل طرف من هذه الأطراف يسعى لتحقيق مصالحه وتنفيذ أجندته. وقد تتعارض هذه المصالح وتتعدد الأجندات، ويبقى الحال كما هو عليه. ولعل اللافت للنظر تجاه هذه المشكلات أنها تتفاقم بدلاً من أن تحل، مع أن بعض الجهود المبذولة الساعية للحل قد تؤدي لانفراج، لكنه سرعان ما يعود مرة أخرى في اتجاه التأزم.

أولاً: الموقف الإقليمي

1. محاولة تطبيع العلاقات الإريترية ـ السودانية

تحسنت العلاقات الإريترية ـ السودانية على نحو يُنبئ عن التطبيع الكامل لها، بعد فترة تأزم استمرت طويلاً، وتحديداً منذ ديسمبر 1994 وحتى ديسمبر 2005ـ وذلك عندما قررت أسمرة قطع علاقاتها مع السودان، بزعم دعمها لقوى المعارضة، وفي مقدمتها حركة الجهاد الإريترية.

بدأت بوادر التحسن في زيارة وفد إريتري رفيع المستوى للخرطوم، في أكتوبر 2005، وتلا ذلك زيارة وفد سوداني برئاسة النائب الأول للرئيس السوداني لأسمرة، في ديسمبر 2005. وتم الاتفاق على عقد اجتماع ثانٍ بالخرطوم للجنة مشتركة، يُحدد موعده عبر القوات الدبلوماسية.

أ. اتفق الطرفان على عدد من النقاط، منها:

·   رفع التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفراء.

·   الترتيب لعقد قمة بين الرئيس "سياسي أفورقي" والرئيس "البشير"، في الخرطوم أو أسمرة.

·   استمرار التواصل الرسمي والشعبي بين البلدين، على المستويات كافة.

·   تشجيع خطوط الطيران الوطنية على الربط المباشر بين أسمرة والخرطوم.

ب. وترجع أسباب هذا التقارب إلى الآتي:

(1) شهدت إريتريا تدهوراً في علاقاتها الإقليمية والدولية، وبصفة خاصة مع إثيوبيا، بما يستلزم تحسين العلاقات مع الجار الآخر، وهو السودان.

(2) أما على الجانب السوداني، فهو محاولة لرد الجميل، نظراً لدور إريتريا في دعم مفاوضات نيفاشا مع القوى الجنوبية، إضافة إلى محاولة تحييد الدور الإريتري في معاونته للتمرد في دارفور.

2. التدخل الإثيوبي في الصومال، في 24 ديسمبر 2006

دعت الحكومة المؤقتة إلى استقدام قوات من إثيوبيا، عقب نجاح قوات اتحاد المحاكم الإسلامية في السيطرة على مقديشيو، مخالفة بذلك القانون الذي وافق عليه البرلمان. وقد أعلنت إثيوبيا الحرب رسمياً على اتحاد المحاكم الإسلامية في الصومال، في نهاية ديسمبر 2006. ويبلغ حجم الوجود العسكري الإثيوبي بالصومال قرابة 15 ألف جندي، وهو ما ألحق خسائر كبيرة بقوات اتحاد المحاكم الإسلامية. وقد استولت القوات الإثيوبية/ الحكومية على المدن التي كانت تحت سيطرة اتحاد المحاكم الإسلامية، إضافة إلى سيطرتها على العاصمة مقديشيو، ثم على كيسيمايو، في 31 ديسمبر 2006.

أ. الموقف السوداني

في محاولة لحل هذا الخلاف، استضافت السودان المفاوضات بين الحكومة الصومالية الانتقالية واتحاد المحاكم الإسلامية، تحت رعاية جامعة الدول العربية، في 22 يونيه 2006. وتم التوصل إلى اتفاق يشتمل على الاعتراف المتبادل بين الطرفين، وعدم استخدام القوة، والكف عن الحملات العدائية، وإقرار الطرفين بوحدة الصومال، والشروع في مفاوضات مباشرة. وتقرر عقد الجولة الثانية للمفاوضات، في 15 يوليه 2006.

إلا أن دخول القوات الإثيوبية إلى الصومال، أدى إلى تأجيل الجولة الثانية إلى 3 سبتمبر 2006.

ب. الموقف الإريتري

·   أدانت إريتريا الغزو العسكري الإثيوبي للصومال.

·   أدانت التدخل الأمريكي في الشأن الداخلي الصومالي، بدعوى محاربة الإرهاب.

·   لم تؤيد إرسال قوات حفظ السلام إلى الصومال، بدعوى أنها لن تحل المشكلة، بل ستزيد من تعقيداتها.

ج. موقف منظمة الإيجاد والاتحاد الإفريقي

·   وافقت الإيجاد على طلب الرئيس الصومالي المؤقت "عبدالله يوسف"، في اجتماع وزراء خارجية الإيجاد، في 13 يونيه 2006، على إرسال قوات من دول المنطقة للصومال للمساعدة في إعادة الاستقرار، وذلك بعد سيطرة قوات المحاكم الإسلامية على مقديشيو.

·   دعم الاتحاد الإفريقي حق إثيوبيا في الدفاع عن النفس، واصفاً هذا التدخل بالحق المشروع، كما أنه أعطى إثيوبيا الحق في اتخاذ أي إجراءات إذا اعتقدت أنها مهددة.

د. موقف جامعة الدول العربية

تمثل دور جامعة الدول العربية في رعاية المفاوضات، والوساطة بين الحكومة المؤقتة واتحاد المحاكم الإسلامية. وقد رفضت نشر قوات حفظ سلام إفريقية في الصومال، من دون موافقة اتحاد المحاكم الإسلامية، وطالبت بانسحاب القوات الإثيوبية، وأبدت استعدادها لتقديم مساهمة قدرها مليون دولار للبدء في عملية نزع سلاح الأطراف.

3. المواقف الإقليمية من انتخاب "شيخ شريف" رئيساً للحكومة، في يناير 2009

أ. يواجه الرئيس الصومالي المنتخب، في 30 يناير 2009، "شيخ شريف أحمد" تحديات إقليمية مناوئة، تسعى للتدخل في الشأن الصومالي. ومن أهمها إثيوبيا التي تسعى لتأجيج الصراع في الصومال لتحقيق مصالحها التي تتعارض مع المصالح الصومالية. وقد صرح رئيس الوزراء الإثيوبي "ميليس زيناوي"، أن بلاده تدعم الحكومة الجديدة، إلا أنها تحتفظ بحق اجتياح الصومال في حالة أي تهديد.

ب. تواجه الحكومة الجديدة العداء الإريتري، حيث إن إريتريا تؤيد تحالف إعادة تحرير الصومال (جناح أسمرة) برئاسة "طاهر عويس"، كما أن جيبوتي تؤيد حكومة "شيخ شريف أحمد". ومن المعلوم أن جيبوتي تحظى بعداوة إريتريا، التي تسعى لاستغلال الصومال لتصفية حساباتها مع إثيوبيا.

4. المواقف الإقليمية تجاه قضايا القرصنة

أ. تملك الصومال أطول الشواطئ على البحر الأحمر، والتي تبلغ 3700 كم. وهي لا تستطيع في ظل ظروفها الحالية تأمين هذه الشواطئ، ولذلك انتشرت أعمال القرصنة، نظراً لوجود العديد من الجماعات المسلحة التي تحاول الحصول على الأموال اللازمة لشراء الأسلحة، أو لرغبة قادة هذه الجماعات في الثراء. وأن انهيار الدولة في الصومال يُعد المشكلة الأساسية في مسألة أمن البحر الأحمر.

في ظل ضعف القدرات العسكرية لدول الجوار الإقليمي الإفريقية، أو الدول العربية ذات الجوار الجغرافي، التي تعاني من محدودية أساطيلها، والتي تعاني، أيضاً، من عدم وجود تعاون بينها، فإن معاناة الصومال وضعف اقتصاديات إريتريا والسودان وكينيا، وانشغال الجميع بالصراعات الداخلية، يحجّم من أدوارها في المشاركة في أمن البحر الأحمر.

ثانياً: الموقف الدولي

1. الموقف تجاه الصراع الإريتري ـ الإثيوبي

يعزى ازدياد التوتر بين الجانبين الإريتري ـ الإثيوبي، في جزء منه إلى المجتمع الدولي، وكذا مجلس الأمن، الذي عجز عن إصدار قرار حاسم، فضلاً عن تنفيذه. ويلا يُخفى تقاعس الدول التي شهدت توقيع اتفاق الجزائر عن اتخاذ أي موقف من شأنه إجبار الطرفين على وضع نهاية للصراع.

الدور الأمريكي الداعم لإثيوبيا

يُظهر الواقع الفعلي تعاطفاً أمريكياً تجاه إثيوبيا، مع عدم تأييد واضح لإريتريا، وتكمن أسباب ذلك في الآتي:

أ. تُعد إثيوبيا، كدولة محورية في شرق إفريقيا، حليفاً قوياً يمكن الاعتماد عليه من قِبل واشنطن، خلافاً لإريتريا حديثة الاستقلال، وصاحبة السياسة الخارجية المتوترة مع دول الجوار.

ب. تكاد تكون إثيوبيا الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم تتعرض فيها المصالح الأمريكية لأعمال إرهابية، مقارنة بما حولها من دول الجوار.

ج. عمق العلاقات الإثيوبية مع إسرائيل.

د. اتهام الولايات المتحدة الأمريكية لإريتريا بانتهاك حقوق الإنسان، وكذلك بالاضطهاد الديني.

في بداية عام 2006، قدم الأمين العام تقريره الخاص بموقف بعثة الأمم المتحدة في إثيوبيا وإريتريا. وعقب هذا التقرير تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بمبادرة دبلوماسية، تهدف إلى تشجيع الطرفين على استئناف عملية ترسيم الحدود.

في 22 فبراير 2006، عُقد اجتماع في نيويورك للأطراف الشاهدة على اتفاق الجزائر، وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة، والجزائر. ورحب البيان الصادر بالمبادرة الأمريكية، كما أيد مجلس الأمن الوثيقة الصادرة عن اجتماع الأطراف الشاهدة.

في نوفمبر 2006، وجه "أفورقي" الرئيس الأريتري، اللوم للولايات المتحدة الأمريكية، لما عدّه عرقلة لتطبيق قرار ترسيم الحدود، ولدورها المستمر في مساندة إثيوبيا على حساب إريتريا.

2. الموقف الدولي تجاه التدخل الإثيوبي في الصومال

أ. موقف الأمم المتحدة

في 6 ديسمبر 2006، طرحت الولايات المتحدة الأمريكية مشروع قرار وافق عليه مجلس الأمن ورعته الدول الإفريقية الممثلة في الكونغو، وغانا، وتنزانيا. وقضى القرار بإرسال قوات حفظ سلام تحت رعاية الإيجاد، وأكد القرار أيضاً على انسحاب القوات الأجنبية.

لم تحقق الأمم المتحدة أي نجاح، لأنها لم تستطع وقف الغزو الإثيوبي، أو منع التورط الأمريكي.

ب. موقف الولايات المتحدة الأمريكية

قامت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم تحالف إرساء السلام ومكافحة الإرهاب، الذي يضم أمراء الحرب، ودعمت هذا الاتحاد بحوالي 20 مليون دولار دعماً لأنشطته.

أيدت الإدارة الأمريكية التدخل العسكري الإثيوبي في الصومال، حفاظاً على أمنها القومي.

3. الموقف الدولي تجاه الحكومة الجديدة بقيادة "شيخ شريف"

على الرغم من أن انتخاب الحكومة الجديدة برئاسة "شيخ شريف أحمد"، في 30 يناير 2009، جرى خلال عملية سلمية تحت رعاية الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، اللذين تحملا العبء المالي للعملية الانتخابية، إلا أنهما ينتظران في ترقب ما ستقوم به الحكومة من إجراءات.

إن الأطراف الخارجية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، تراقب الوضع الصومالي بحذر وتخوف، بسبب:

أ. حالة الفوضى المتفشية في أرجاء الصومال.

ب. المتطلبات الكثيرة من الحكومة، خاصة وقف إطلاق النار، وبناء الثقة بين الأطراف المتصارعة، وبناء المؤسسات، والمصالحة الوطنية.

ج. توجهات الحكومة، وكذا "شيخ شريف" العربية الإسلامية.

إن حالة الترقب من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، قد لا تصب في صالح الحكومة المؤقتة، وتجعل مهمة هذه الحكومة صعبة، بل قد تجعل مصير العملية السلمية مهدداً بالفشل.

4. الموقف الدولي تجاه قضايا القرصنة

اتخذت العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية عدداً من الإجراءات، للحد من ظاهرة القرصنة المنتشرة أمام الساحل الصومالي وخليج عدن؛ إلا أن هذه الإجراءات لم ترق للمستوى المطلوب، بسبب أن هذه الدول تخشى أساساً من زيادة رسوم التأمين البحري على السفن، علماً بأن حجم الأضرار المادية الناجمة عن عمليات القرصنة بلغت 16 مليار دولار سنوياً.

وقد تمثلت الإجراءات المتخذة من المجتمع الدولي للحد من أخطار هذه الظاهرة، لحين القضاء عليها، في الآتي:

أ. تحديد مسار آمن للسفن التجارية، ويؤمَّن بواسطة سفن وطائرات عسكرية تحرس المسار، الذي أُطلق عليه Maritime Security Patrol Area (MSPA).

ب. إنشاء وحدة تنسيق بين الدول المشاركة في محاربة القراصنة من بعض الدول الأوروبية. وقد أعلنت عدد من الدول عزمها على الاشتراك في القوة الدولية، ومنها فرنسا وألمانيا، وكذا حلف الناتو (له قوة عمل مسلحة تُسمى Task Force 50).

ج. أوكل مجلس الأمن الاتحاد الأوروبي بإعداد قوة لمكافحة القرصنة، تشارك فيها كل من بلجيكا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، واليونان، وهولندا، وإسبانيا، والسويد، وتستمر لمدة عام، أُطلق عليها (الخطة أتلانتا).

د. اعتقلت البحرية الهندية الموجودة في المحيط الهندي 23 قرصاناً في خليج عدن.

هـ. ألقت البحرية الفرنسية القبض على بعض القراصنة، كما قتلت آخرين. وسوف يُحاكم المقبوض عليهم في فرنسا.

وأخيراً، فإن القرصنة ظاهرة ذات تأثير عالمي، ويحتاج استئصالها إلى جهود متعددة الأطراف من الدول المتشاطئة في البحر الأحمر، وكذلك المجتمع الدولي، إضافة إلى التكاتف مع الصومال لاستقرار الأوضاع، وتولي حكومة قوية تفرض الأمن، وتبسط سيطرتها على الشواطئ الصومالية.