إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الأكراد والمشكلة الكردية




الملا مصطفى البرزاني
جلال طالباني
عبدالله أوج آلان
عبدالرحمن قاسملو


منطقة الأكراد "كردستان"



الأكــــراد

 المبحث الأول

حقائق جغرافية وتاريخية

أولاً: كردستان

تتكون كلمة كردستان من مقطعين: "كُـرد أو "كورد"، أي الأكراد، و"إستان" أو "سِتان"،أي أرض أو منطقة أو بلد، إقليم، باللغة الفارسية. ولذا فإن كردستان، أو كوردستان، تعني "بلاد الأكراد".

وهذا التعبير غير معترف به دولياً، أو قانونياً، ولا يستعمل في الخرائط، ولا يكتب في الأطالس الجغرافية".

1. الموقع

لم تشكل كردستان بلداً مستقلاً، ذا حدود سياسية معينة، في يوم ما، على الرغم من أنه يسكنها شعب متجانس، عِرقاً.

إن تعيين حدود كردستان، التي يطالب بها الأكراد، يُعد مشكلة سياسية، شديدة الحساسية، لأنها، اليوم، جزء من أربع دول في الشرق الأوسط، هي: تركيا وإيران والعراق وسورية. ويعُد كل دولة من هذه الدول الجزء الواقع فيها، من كردستان، جزءأً من ترابها القومي، لا مجال للمساومة به.

ولقد اختلف الباحثون، قديماً، في تحديد كردستان، جغرافياً. فقصد بها اليونانيون والسريانيون، البلاد التي يسكنها الكاردوخيون، وتقع في الجبال بين ديار بكر ونصيبين وزاخو.

وأطلق الكتاب العرب عليها اسم "إقليم الجبال"، ويقصدون بها المنطقة الواقعة شمال غربي إيران حتى أورمية، ممتدة من سهل العراق حتى الصحراء الإيرانية الكبرى، مشتملة على منطقة جنوب شرقي آذربيجان. وقد سمى المؤرخون العرب هذه المنطقة، فيما بعد، "العراق العجمي" أو عراق العجم، تمييزاً له عن العراق العربي، أو عراق العرب، وهو منطقة السهول.

وظهرت كلمة "كردستان"، كمصطلح جغرافي، أول مرة، في القرن الثاني عشر الميلادي، في عهد السلاجقة، عندما فصل السلطان السلجوقي سنجار (المتوفى عام 552هـ/1157م ) القسم الغربي من إقليم الجبال، وجعله ولاية تحت حكم قريبه سليمان شاه، وأطلق عليه اسم كردستان. وكانت هذه الولاية، تشتمل على الأراضي الممتدة بين آذربيجان ولورستان (مناطق سِنّا، دينور، همدان، كرمنشاه … إلخ) إضافة إلى المناطق الواقعة غرب جبال زاجروس، مثل شهرِزور وكوي سنجق. واستخدم هذا المصطلح في المؤلفات، في العصر السلجوقي، كذلك، أول مرة، في كتاب "نزهت القلوب"، الذي ألّفه، بالفارسية عبد الله المستوفي القزويني، عام740هـ (بين أعوام 1335م ـ 1340م)، إذ يقول: " تتألف كردستان من 16 ولاية. وهي ذات مناخ معتدل. وتتاخم ولايات العراق العربي وخوزستان والعراق العجمي وآذربيجان وديار بكر".

وقد حدد الأمير شرف خان البدليسي بلاد كردستان، في كتابه "شرفنامه" الذي ألّفه عام 1586، بالحدود التالية:

"ويبتدئ حدّ بلاد الكرد (كردستان) من ساحل بحر هرمز (الخليج الفارسي)، المتفرع من المحيط، على خط مستقيم، ممدود من هناك إلى آخر ولايَتي ملطية و مرعش. فيكّون الجانب الشمالي لهذا الخط ولايات فارس، والعراق العجمي، وآذربيجان، وأرمينية الصغرى وأرمينية الكبرى. ويقع في جنوبه العراق العربي، وولايتا الموصل وديار بكر".

وكتب الرحالة التركي، أوليا جلبي في كتابه "سياحت نامه" (توفي في حدود 1093هـ/1682م)، بعد تجواله في جميع أرجاء كردستان، يقول: "إن ولايات أرضروم ووان وحكاري وديار بكر والجزيرة والعمادية والموصل وشهرِ زور وأردلان، تؤلِّف بمجموعها كردستان، التي يستغرق قطعها 17يوماً".

ويبدو أن هذا المصطلح، قد عمم، فيما بعد، حتى شمل جميع الإمارات الإقطاعية الكردية، في تركيا وإيران.

أما في العصر الحديث، فقد حدد أدموندز (C.J. Edmonds)، كردستان، على النحو التالي: "تتبع الحدود، في الشمال، الخط الممتد من إريفان وأرضروم وآذربيجان. ثم تمتد، في قوس، خلال مرعش، نحو حلب. وتمتد، غرباً، مع سفوح الجبال، حتى نهر دجلة. ثم تتجه شرقي مجرى النهر. ثم تسير إلى الشمال، قليلاً من جبال حمرين، حتى الحدود العراقية - الإيرانية قرب مندلي. وفي إيران، أي الجهة الشرقية، فتمتد حدود الأكراد في إتجاه جنوبي شرقي، تبدأ من إريفان (يريفان في أرمينيا)، ومشتملة على ماكو وجزء من كوي ورضائية (على بحيرة أورمية) ومهاباد (سابلاخ أو صاوجبلاق) وصاقز وسِنّا، حتى كرمنشاه. ويكوّن الطريق الممتد من كرمنشاه إلى كرند، ثم إلى مندلي، حدّاً فاصلاً بين الأكراد الحقيقيين وأقربائهم اللور (اللاخ)، الذين يُعَدون، أحياناً، من الكرد".

ولئن كان تحديد إقليم كردستان، صعباً، فإنه، في الإمكان تحديد المنطقة، التي يقيم بها الأكراد، بكثافة، مع الأخذ في الحسبان، أنه لا يمكن عَدّ أي أرض، يقيم بها مجموعة من الأكراد، جزءاً من كردستان، فقد تعرضوا لهجرات وعمليات تهجير واسعة، منذ القرن الماضي وحتى الآن. فهم يشغلون 19 ولاية من الولايات التركية، البالغ عددها 90 ولاية، وهذه الولايات، تقع في شرقي تركيا وجنوبيها الشرقي وهي: أرزنجان ـ أرضروم ـ قارص ـ ملاطية ـ تونجالي ـ ألازيغ ـ بينجول ـ موش ـ آغري (قرا كوسه) ـ باطمان ـ آدي يمان ـ ديار بكر ـ سعرت (سيرت) ـ بيتليس ـ (بدليس) ـ وان ـ أورفا ـ ماردين ـ حكّاري (جولامريك) ـ شرناخ. كما يوجد عدد كبير منهم في ولايتَي سيواس وأنقرة، وفي مستوطنات قرب أضنة.

أما في إيران، فالأكراد يحتلون، بصورة مطلقة، شمالي غربي إيران، في ولايات: آذربيجان الغربية، إلى الشرق من بحيرة أورمية (رضائية) ومناطق ماكو، قطور، شاه بور. وفي جنوب البحيرة، منطقة مهاباد (أو صابلا) وولاية كردستان (أردلان)، وعاصمتها سِنّا أو سننداج. ومناطق بوكان، صاقز، سردشت، بانه، بيجار (جروس)، مريوان، هورامان. وولاية كرمنشاه وقصر شيرين. وهناك مناطق كردية معزولة في خراسان وفارس وكرمان.

وفي العراق، يتركز الأكراد في الألوية الشمالية والشمالية الشرقية: لواء السليمانية ولواء أربيل ولواء كركوك ولواء الموصل، ومحافظة دهوك. وكذلك في منطقتَي خانقين ومندلي، من لواء ديالي (دياله) حيث يجاورون أكراد إيران، إلى الغرب من جبال زاجروس.

ولواء السليمانية لواء كردي بحت. وكذلك لواء أربيل، عدا عشيرة طي العربية، الساكنة في ناحية تكريت، وأُسر تركمانية في أربيل. أما لواءا كركوك والموصل، فيكاد يكون نصف سكانهما من الأكراد.

وفي سورية، يقيم الكرد بالشمال والشمال الشرقي، حيث يجاورون الأكراد في تركيا، ويشكلون حزاماً، عمقه 30 كم، وطوله 250 كم، في إقليم الجزيرة السورية (محافظة الحسكة)، وفي منطقتَي عين العرب (كوبانية) وعفرين (جبل الأكراد)، قرب حلب. ويسكن في دمشق نحو مائة ألف كردي، في حيِّ الصالحية. وفي حلب، بضعة آلاف منهم.

وفي أرمينيا، حول العاصمة يريفان، ونخجوان.

وفي آذربيجان، في منطقة قرا باغ.

كما يعيش الأكراد خارج الأقطار المذكورة، إذ توجد قبائل كردية في جورجيا وباكستان وبلوجستان وأفغانستان. أما اللور، الذين يعدّهم بعض الباحثين الأكراد من الشعب الكردي، فيشغلون ولاية لورستان، في إيران. كذلك ينتشر اللوريون في لواءَي العمارة والكوت، في العراق.

2. الجغرافية والطبيعة

كردستان منطقة جبلية، ذات حدود طبيعية، تقع بين درجتَي العرض 34° و39° ودرجتَي الطول 37° و46°.

تحدها من الغرب جبال طوروس والهضبة العليا لما بين النهرين، الجزيرة وجبال ماردين السفلى. أما في شرقيها، فتقع سلسلة الجبال الكردية، وذلك في الرقعة المحصورة بين بحيرتَي أورمية ووان. وفي الجنوبي الغربي، تقع جبال زاجروس.

وتبدأ حدود هذا الأقليم الجبلي، الواقع جنوبي جبال آغري (أو أرارات) في أرمينيا، من منتصف المسافة ما بين جنوب غرب بحر قزوين وجنوب شرق البحر الأسود، ممتدة داخل آذربيجان الإيرانية وجمهورية أرمينيا، وقسم كبير من شرقي الأناضول التركي. وتنحدر، جنوباً، حتى مشارف شبه الجزيرة العربية العليا، فشمالي العراق وشمالي شرقه، فالقسم الغربي من إيران. وتنتهي في الجنوب، بخط وهمي، يمتد من مندلي العراقية إلى كرمنشاه الإيرانية (اُنظر خريطة منطقة الأكراد "كردستان").

والمساحة الكلية لكردستان تقدّر بنحو 409650 كم2. يقع منها 194400 كم2 في تركيا، و124950 كم2 في إيران، و 72 ألف كم2 في العراق، و18300 كم2 في سورية. ويبلغ طول كردستان، إذا قيست من الشمال إلى الجنوب ألف كم. أما معدل العرض، فهو 200 كم، في الجزء الجنوبي، ثم يتزايد، شمالاً، حتى يبلغ 750 كم.

إن أعلى جبال كردستان، هو جبل آغري الكبير (أو أرارات الكبير)، ويبلغ ارتفاعه 5258م. ثم جبل رَشكو، في منطفة جيلو ـ داغ، وارتفاعه 4168م. وآغري الصغير (أو أرارات الصغير)، وارتفاعه 3925م.

وعموماً، فإن كردستان برمّتها مرتفعة ارتفاعاً ملحوظاً، إذ يراوح ارتفاعها بين ألف و 1500م فوق مستوى سطح البحر. بل هناك مدن تقع على ارتفاع كبير، مثل بيجار، التي تعلو 1920م. وفي المقابل، ثمة مدن تقع على ارتفاع أقلّ، مثل أربيل، البالغ ارتفاعها 430م فوق سطح البحر، وتقع على تخوم الصحراء العراقية.

3. المناخ

يسود سهول كردستان مناخ شبه استوائي. ومعدل الأمطار، يراوح، سنوياً، بين 200 و400مم. أما الأراضي المنخفضة، المنحصرة بين سلاسل الجبال، فيراوح معدل الأمطار السنوي فيها بين 700 وألفي مم، وقد يصل، أحياناً، إلى ثلاثة آلاف مم. وهذه الأراضي، تغطيها الغابات، عادة. ويجري خلالها عدد من الأنهار والجداول. أما المناخ في وديان كردستان الوسطى، فهو قارّي، إلى حدّ ما، وقد يكون قاحلاً، إذ يراوح المعدل السنوي للمطر بين 300 و500مم.

ويبلغ الفرق بين درجتَي الحرارة، الدنيا والقصوى، 80 ْ مئوية، إذ تنخفض الحرارة في قرا كوسه، الواقعة في شمالي كردستان، إلى 30° ـ 35° تحت الصفر. وترتفع درجة الحرارة، في الصيف، في كردستان الجنوبية، إلى 35° ـ 45° ، في كرمنشاه، وإلى 40° ـ 45° في خانقين.

4. الأنهار

ينبع من جبال كردستان أربعة أنهار كبيرة:

أ. نهر آراس: يجري في إقليم بينجول، في تركيا، ويصب في بحر قزوين. ويبلغ طوله 920 كم.

ب. نهر دجلة: ينبع من بحيرة جولجوك (Golcuk)، في أواسط طوروس الجنوبية الشرقية، شمال مدينة ديار بكر، في تركيا ويصب في الخليج العربي.

ج. نهر الفرات: وينبع فرعه المسمى قرا صو، من دوملو تبه، شمال أرضروم. وينبع فرعه المسمى نهر مراد، من آلا داغ، الواقعة بين بحيرة وان وجبال آغري، في تركيا. ويلتقي الفرعان في شمالي غربي مدينة ألازيغ، ليكوِّنا نهر الفرات، الذي يخترق الأراضي، السورية والعراقية، ليصب في الخليج العربي.

د. نهر قيزيل أوزان: ينبع من جنوب غرب مدينة ديوان دَرَه، في إيران. ويجري في إقليمَي زنجان وميانه، ثم في جنوب مدينة رَشت، حيث يسمى سفيد رود، ليصب في بحر قزوين.

ومن أنهار كردستان، كذلك، الزاب الكبير، الذي يجري في تركيا والعراق. والزاب الصغير. وكلاهما يصب في نهر دجلة. وعموماً فإن المناطق الكردية، تمتلك مصادر وفيرة للمياه.

إن أكثر الأنهار والمياه، تنبع من المرتفعات الشمالية، كالفرات وفرعَيه، ودجلة وروافده. وهناك نهيرات عديدة، يصب بعضها في بحيرة وان، وبعضها الآخر في بحيرة أورمية، الواقعة في إيران، شرق البحيرة الأولى.

5. البحيرات

تقع في الجزء الشمالي الغربي من إقليم كردستان بحيرتان، هما: وان (Van)، ومساحتها 3765 كم2 وهي شديدة الملوحة، وأورمية، ومساحتها ستة آلاف كم2.

وتوجد بحيرة خامزار جولجوك (Golcuk) شمال دياربكر، عند منبع دجلة. وبحيرة زيفار في منطقة سِـنّا، قرب مه ريوان، في إيران.

6. الثروة المعدنية

يوجد النفط في منطقتَي، كركوك في العراق، وشاه آباد في إيران. كما يوجد الحديد في ديفريك في تركيا، والنحاس في إرجان في تركيا.

7. الزراعة

تحيط بكردستان الجبال الشامخة، من كل الجهات، سوى القسم الجنوبي الغربي. وأكثر الجهات صلاحاً للزراعة، هو القسم الجنوبي والجنوب الشرقي، حيث حوضي نهر دجلة ونهر الفرات وروافدهما، مثل الزاب الكبير والزاب الصغير ونهر الخابور.

وأعلى الجبال في كردستان، هي تلك الواقعة في الشمال الشرقي. وهي مكسوّة بالغابات الكثيفة، ومحاطة بأودية خصيبة. ولذا، فهي آهلة بالسكان، صيفاً وشتاءً، وحافلة بالقرى والمدن، بخلاف سلسلة الجبال، الفاصلة بين الحدود التركية والإيرانية، فإنها جرداء، لا غابات فيها، ولا كلأ، إذ تتكون من صخور بركانية صلدة، ذات أخاديد وهُوىً سحقية، مما يجعل اقتحامها مستحيلاً على أشد الجيوش بأساً.

ثانياً: أصل الأكراد

الأكراد شعب من الشعوب الإسلامية. ينتمي في أصله إلى أمة من الأمم العريقة، في منطقة الشرق الأوسط. ولا يزال هناك نقاش حول أصلهم، وإن كان أغلب الباحثين متفقين على أنهم ينتمون إلى المجموعة الآرية، الهندو ـ أوروبية، وأنهم أحفاد الميديين. وأصل تسميتهم بـ "كرد"، مختلف فيه، كذلك فهناك نظريتان:

الأولى، ترجع كلمة كرد إلى كلمة كوتو (kutu)، التي تربط الأكراد بشعب كوتو (kutu)، وهو من الأقوام التي عاشت في مملكة جوتيام (Gutium)، الواقعة على الضفة الشرقية لنهر دجلة وبين نهر الزاب ونهر ديالي. ويرى بعض الباحثين أن كلمة كوتو مأخوذة من الكلمة الأشورية Kurtu، وقد تطورت إلى شكلها الحالي، بانصهار حرف الراء (R) بعد الواو القصيرة (U)، أي أن كورتو أصبحت جوتو Gutu.ومثل هذا الانصهار، هو قاعدة لغوية، في أغلب اللغات الهندو ـ آرية.

وأما النظرية الثانية، فترجع التسمية إلى كلمة كيرتي Kyrtii أو سيرتي Cyrtii فتربط الأكراد بالكيرتي، وهم قوم كانوا يعيشون، أصلاً، في المنطقة الجبلية في غرب بحيرة وان. ثم انتشروا انتشاراً واسعاً في بلاد إيران وميديا، وبقية المناطق التي يقطن فيها الأكراد، اليوم. ويعتقد الباحثون أن كلمة كيرتي قد تطورت إلى كلمة كورتو Qurtu   أو كاردو Kurrdu أولاً، ومن ثَم، إلى كلمة كورت Kurt، ثم إلى كاردوخي Kardouchi التي ذكرها، للمرة الأولى، القائد اليوناني زنفون (Xenephon).

ومن الباحثين من أرجع كلمة كرد إلى أصل فارسي، ويقصد بها إحدى صفاتهم، البسالة والشجاعة.

وينقسم الأكراد إلى أربعة شعوب رئيسية، هم: الكُرمانج والكوران (الجوران) واللور والكلهور.

وعلى العموم، فإن أصل الأكراد واسمهم من الموضوعات، التي لم يثبت فيها العلماء على رأي واحد حتى الآن.

1. عدد الأكراد ومناطقهم الحالية

لا توجد إحصاءات دقيقة لعدد الأكراد، اليوم، في الدول التي يتبعون لها، لأن بعض هذه الدول لا تعترف بالوجود الكردي على أراضيها، فلا تشير إحصاءاتها إليهم. كما أنهم يتعرضون لعمليات تهجير، وإعادة توطين في غير مواطنهم.

أما عددهم، فتقديراته تتفاوت تفاوتاً كبيراً. إذ قدر تقرير اللجنة، التي شكلتها عصبة الأمم، المنشور في 16 يوليه 1925، عدد الأكراد بثلاثة ملايين ومائتي ألف نسمة. وهم موزعون كالتالي:

أ. في تركيا مليون ونصف المليون نسمة.

ب. وفي إيران سبعمائة ألف نسمة.

ج. وفي العراق نصف مليون نسمة.

د. وهناك نصف مليون، موزعون في سورية وأرمينيا وغيرهما.

وقدر بعض الباحثين، ومنهم نيكيتين (Nikitine) وبروك (Brouk) وعبدالرحمن قاسملو وشريف الوانلي وأدموندز (Edmunds)- عدد الأكراد، في الستينيات (أُنظر جدول أعداد الأكراد وتقسيمهم في الستينيات)

ويقدر بعض الباحثين عدد الأكراد، اليوم، بأكثر من خمسة وعشرين مليون نسمة، ويعيش في تركيا نحو من نصف الشعب الكردي. ويتوزعون في دول المنطقة، كالتالي:

أ. في تركيا 13 مليون نسمة، أي 20% من سكانها.

ب. في إيران ستة ملايين نسمة، أي 10% من سكانها.

ج. في العراق أربعة ملايين ونصف المليون نسمة، أي 23 % من سكانه.

د. مليون واحد في سورية، أي 9% من سكانها.

هـ. هناك نصف مليون موزعون في أرمينيا وآذربيجان.

و. سبعمائة ألف نسمة في أوروبا الغربية، منهم أربعمائة ألف في ألمانيا، وحدها.

ويشترك مع الأكراد، في الموطن، مجموعة من الأجناس والقوميات الأخرى، مثل العرب والتركمان والآذريين والأشوريين والأرمن.

المتغيرات في المجتمع الكردي في بداية الألفية الثالثة، استناداً إلى تقديرات 2006

زادت أعداد المواطنين من أصول كردية، بنسبة كبيرة في الدول القاطنين فيها، وعلى سبيل المثال:

أ. فإن الأكراد في تركيا يقدر عددهم بحوالي 15 مليون كردى تقريباً، تمثل نسبة حوالي 20% من إجمالي الشعب التركي.. وهناك تقديرات تصل بأعداد الأكراد إلى نسبة تقارب حوالي 30%من الشعب التركي.

ب. يصل أعداد الأكراد في سورية إلى حوالي 1.5 مليون كردى، تمثل نسبة 9.7% من إجمالي الشعب السوري (برغم اعتبار الحكومة السورية أن حوالي 142465 كردياً من مواليد سورية لا تنطبق عليهم شروط المواطنة، ولا يحق لهم امتلاك جواز سفر سوري).(وهناك مصادر أخرى تشير إلى أن نسبة الأكراد فى سورية حوالي 4 % فقط).

ج. يمثل أكراد أرمينيا حوالي1.3% من تعداد السكان، وهم بذلك من الأقليات، ويصل عددهم إلى حوالي 39 ألف مواطن كردى.(وهناك مصادر أخرى تصل بأعدادهم إلى نصف مليون نسمة).

د. يمثل أكراد العراق نسبة حوالي 18 - 20% من الشعب العراقي، ويصل تعدادهم إلى حوالي 5.4 مليون نسمة.

هـ. يصل أعداد الأكراد في إيران إلى حوالي 6.2 مليون نسمة تمثل نسبة حوالي 7% من الشعب الإيراني.

و. على ذلك فإن إجمالي أعداد الأكراد التقريبية مع مطلع الألفية الثالثة هو حوالي 28.14 مليون نسمة موزعين على خمسة دول، وتجمعهم منطقة شبه متكاملة، ولكنها مقطعه الأوصال، حيث تخضع كل منها لسيطرة الدولة المقيم فيها الأكراد.

2. اللغة والأدب

تنتمي اللغة الكردية إلى مجموعة اللغات الإيرانية، التي تمثل فرعاً من أُسرة اللغات الهندو ـ أوروبية. وهو الذي يضم الفارسية والأفغانية والطاجيكية. وتضم اللغة الكردية ألفاظاً كثيرة، من العربية والفارسية وبعض المفردات التركية.

وتنقسم إلى  لهجتَين رئيسيتَين، هما: الكُرمانجية والبهلوانية. ويتفرع منهما العديد من اللهجات المحلية. فتنقسم الكُرمانجية إلى الكرمانجية الشمالية، أو البهدينانية، والكُرمانجية الجنوبية، أو السورانية.

وتنقسم البهلوانية إلى الكوراني (الجوراني Gurani)، والزازا أو الديميلي.

وتتفرع عن اللهجات الأربع الأخيرة عشرات اللهجات، التي يسود كل منها في منطقة، أو قبيلة، أو قرية.

أ. تسود اللهجة الكرمانجية الشمالية، أو البهدينانية، في شرقي تركيا وجنوبيها الشرقي، وقسم من لواء الموصل، في العراق وشمال أورمية، في إيران، وفي أرمينيا وسورية. ويتكلم بها نحو نصف الشعب الكردي. ولذا، فهي اللهجة المشتركة بين الأكراد.

ب. اللهجةالسورانية، ويتكلمها حوالي ستة ملايين من الأكراد، القاطنين في العراق وإيران.

ج. تسود لهجة الزازا (ظاظا) في المنطقة المحيطة بولاية تونجالي (درسيم)، في تركيا. ويقدر عدد المتكلمين بها نحو 4.5 ملايين نسمة.

د. لهجة الكوراني، تسود في كرمنشاه، في إيران.

وهناك اختلاف بين هذه اللهجات إلى درجة تجعل التفاهم بين الأكراد صعباً .. بل إن اللهجات الكردية في الدولة الواحدة، هي مختلفة كذلك. ففي العراق مثلاً تختلف لهجات الأكراد باختلاف المناطق الثلاث، التي تؤلف كردستان العراق. وهي شمال الموصل في الشمال، وأربيل في الوسط، والسليمانية في الجنوب. فيجد الكردي البارزاني، القاطن في أقصى شمالي شرقي العراق، صعوبة في التفاهم مع أبناء لواء السليمانية، أو ديالي الشرقية، في أقصى جنوبي كردستان العراقية.

ومن هنا تنشأ الخلافات والصراعات القبلية وتبرز الخلافات الكردية/ الكردية في العديد من المناطق، نتيجة لاختلاف اللغة أساساً وهى:

أ. خلافات تسود في مناطق أربيل والسليمانية والتي تستخدم اللغة السورانية، مع بعض مناطق إيران الكردية المتاخمة، التي يتداول سكانها لغات أخرى.

ب. خلافات تسود في مناطق دهوك، ووسط أكراد سورية وأكراد تركيا، والذين يستخدمون اللغة الكرمانجية، تجاه بعض المناطق الأخرى.

ج. خلافات تنتشر بين أكراد تركيا وبعض أكراد سورية، (على الحدود الشمالية العراقية) من جانب، وبين أكراد العراق من جانب آخر حيث تسود اللغة "الظاظانية" والتي تقتصر عليهم في مواجهة باقي مناطق الأكراد.

د. خلافات مع أكراد إيران الذين يستخدمون "الفيليه" دون أكراد الدول المجاورة.

وسبب ذلك، أن كردستان بلاد جبلية، يحجز بعضها عن بعض سلاسل جبلية وعرة جداً، وأنهار عديدة، فضلاً عن حدود الدول، التي اقتسمتها. ولا ترتبط كردستان بخطوط مواصلات حديثة، تسهل اتصال الأكراد بعضهم ببعض. ولم تتألف منها وحدة سياسية.

وكانت اللهجة الكرمانجية هي السائدة في الأدب الكردي، حتى الحرب العالمية الأولى. ولكن بعد حظر استعمال اللغة الكردية، في كلٍّ من تركيا وسورية، أخذت لهجة السوراني تسود الأدب الكردي، الذي تسارع نموّه في العراق، بعد الاعتراف بوجود الأكراد، دستورياً.

وتكتب اللغة الكردية بالحروف العربية، في العراق وإيران. وتستعمل الحروف اللاتينية، في تركيا وسورية. أما في الاتحاد السوفيتي السابق (أرمينيا وآذربيجان)، فتستخدم الأبجدية الروسية، السيريلية.

إن عدم وجود حروف موحدة للكتابة باللغة الكردية، يؤثر تأثيراً سلبياً في تطورها، ويقف عقبة أمام توحيد اللغة الأدبية الكردية.

واللغة الكردية معترف بها، رسمياً، في العراق وأرمينيا (السوفيتية سابقاً). ويجري التدريس بها في المدارس الكردية. ولكنها ممنوعة في كلٍّ من تركيا وإيران وسورية، حيث يُمنع إصدار المطبوعات بها.

وللأكراد أدب شعبي غني، يتداوله الناس شفهياً. يحفل بأساطير وقصص وقصائد وأغانٍ، تحكي خلاصة تجارب الشعب الكردي وماضيه، بأمجاده وبطولاته وأحزانه ومآسيه.

ومن أبرز مَن كتب باللغة الكردية:

أ. علي الحريري، ولد عام 1009م، في بلدة حرير، الكائنة في أربيل، وله ديوان شعر.

ب. أحمد خاني (1650 ـ 1706)، وهو شاعر مشهور، من عشيرة خانيان، وصاحب ملحمة "زين ومم" الشهيرة. وهي شعر قصصي ألَّفه في مدينة بايزيد، عام 1591. وله كتاب في اللغتين، العربية والكردية، يسمى "نو بهار". توفي عام 1652.

ج. الشاعر الوجداني مولوي (1815 ـ 1892م).

ومن شعراء الأكراد، في القرن العشرين: بيره مرد (1867 ـ 1950) وأحمد مختار (1897 ـ 1935) وبيِكَس (1905 ـ 1948).

ويُعَدّ هزار أشهر الأدباء الأكراد في إيران، وقدري جان في سورية، وشامو في الاتحاد السوفيتي السابق. وعبد الله كوران (توفي 1962) في العراق.

3. ديانة الأكراد ومذاهبهم

يعتنق الأكراد الدين الإسلامي. وأغلبهم من السُّنة، على المذهب الشافعي. وقليل منهم من الشيعة في إيران، في كرمنشاه ولورستان، وفي تركيا، في تونجالي (أو درسيم).

وهناك اليزيديون، في قضاء شيحان في الموصل، وفي جبل سنجار، غرب الموصل، وكذلك، في ديار بكر، في تركيا، وهم الذين يعبدون الشيطان، من بقايا الديانة الزرادشتية، بعدما خالطها تأثير، مسيحي وإسلامي.

ومن الأكراد علويون، وأتباع "العلي إللهي"، (الذين يؤلِّهون عليَّ بن أبي طالب)، وطائفة أهل الحق، ومنهم مسيحيون ويهود، كذلك.

والطرق الصوفية لها تأثير كبير في حياة الأكراد السُّنة، مثل الطريقة النقشبندية والطريقة القادرية. ولشيوخها نفوذ قوي بين الأتباع، خاصة في الأرياف. ويطلقون على العالم الديني لقب "مُلاّ". وهؤلاء المشايخ يضطلعون بدور إيجابي، في حركات الأكراد وثوراتهم.

4. بعض خصائص الشعب الكردي

يتميز الشعب الكردي بالشجاعة والبسالة، حتى إن كلمة "كرد"، بالفارسية تعني الباسل والشجاع. وهم محاربون أشاوس، ذوو أنفة، لا يهابون التضحية بأنفسهم، في سبيل ما يعتقدون. نفوسهم تواقة إلى الحرية، لا تستكين للظلم والجور؛ إذ "العالم ملكٌ للشجاع"، كما يقول المثل الكردي. ولأن الطبيعة القاسية لا ترحم الكردي، فهو، كذلك لا يرحم خصمه، فالأخذ بالثأر والميل إلى الانتقام، يسيطران عليه. وكما تغلب على الأكراد الخشونة والقسوة، فإنهم يميلون إلى العزلة ويسيطر على نظامهم الاجتماعي النظام القبلي، العشائري، الإقطاعي، نتيجة لطبيعة بلادهم الجبلية الوعرة.

ولاء الكردي لقبيلته، أولاً، وقبل كل شيء. ولهذا، تكثر بينهم العداوات الناجمة عمّا ينشأ بين الزعماء من صراع. وشيخ القبيلة الإقطاعي "البيك" أو "الآغا"، سيد مطاع في أتباعه، لا ترَد له كلمة، وهو من كبار الملاك. ولقد قاد هؤلاء الشيوخ الثورات والحركات السياسية الكردية، على مدى تاريخهم.

يعمل الأكراد، أساساً، في الرعي والزراعة. ومع انتشار التعليم، ظهر بينهم مَن يقوم بأعمال حضارية راقية، مما أدى إلى تخفيف وطأة النظام القبلي الكردي.

لهم عادات وتقاليد مشتركة، يحافظون عليها، ويتعصبون لها. وتنتشر بينهم عادة أخذ الثأر. وهم متمسكون بواجباتهم الدينية، خاصة في القرى.

يحتفلون بيوم "النيروز" في 31 مارس. ويعدونه عيداً لرأس السنة لهم. كما هو الحال عند الإيرانيين.

يتسمى كثير من قادة الأكراد ومشايخهم بأسماء قبائلهم: الطالباني، بابان أو الباباني. أو بأسماء بلادهم: البارزاني نسبة إلى بارزان، سعيد بيران، من قرية بيران، شمدينان، نسبة إلى شمدينان. أو بأسماء الطرق الصوفية، التي ينتسبون إليها: النقشبندي، القادري، الخالدي.