إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الأكراد والمشكلة الكردية




الملا مصطفى البرزاني
جلال طالباني
عبدالله أوج آلان
عبدالرحمن قاسملو


منطقة الأكراد "كردستان"



الأكــــراد

رابعاً: المسألة الكردية، في تركيا، بعد انقلاب 1980

ظلت الأحكام العرفية وحالة الطوارىء مفروضة على ولايات شرقي تركيا، مثل: آدي يمان وديار بكر وسعرت وماردين وتونجالي وأرضروم وغيرها، حتى الانقلاب العسكري، بقيادة الجنرال كنعان أفران، في 12 سبتمبر 1980، الذي أطاح الحكومة المدنية، وأوقف العمل بالدستور، وحل المجلس النيابي، وحل الأحزاب والجمعيات السياسية، وفرض الأحكام العرفية في كافة أنحاء تركيا. وشدد قبضته على البلاد، وأخذ يتعقب الجمعيات والمنظمات السرية الكردية، لاجتثاثها. فاعتقلت السلطات العسكرية آلافاً من الشباب الكردي اليساري، وتحولت السجون والمعتقلات إلى مسارح للتعذيب، وقتل كثير منهم أثناء التعذيب، وحددت إقامة أكثر من اثني عشر ألف كردي، كمتهمين، وسيق منهم أكثر من عشرين ألفاً إلى السجون. ووجهت إليهم تهمة تقسيم الأُمة التركية إلى عرقين وقوميتَين، وإدخال لغة غير اللغة التركية إلى البلاد.

وشن الحكم العسكري حملة عسكرية، في شرقي تركيا للقضاء على الزعامات الكردية. وصرح رئيس الدولة التركية، الجنرال كنعان أفران، في 19 أكتوبر 1981، إلى مجلة "دير شبيجل" الألمانية، قائلاً: "انتفض الأتراك، مراراً، وثاروا في عهد الامبراطورية العثمانية، وفي عهد أتاتورك. أمامنا خطة جهنمية. فعندما يدب الضعف في أوصال الجمهورية التركية، يثور الأكراد، فهم يريدون تقسيم تركيا بمساعدة القوى الخارجية".

وضع الإنقلابيون، في نوفمبر 1982، الدستور التركي الجديد، الذي تجاهل أي إشارة إلى حقوق الأكراد أو ألأقليات في تركيا. فقد نص في مقدمته على: أن كل مواطن تركي، يملك حق ممارسة حياة كريمة، في ظل محيط الثقافة القومية، والنظام والقانون، وتطوير وضعه، المادي والروحي، في هذا الاتجاه. وأشارت المادة العاشرة إلى أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون، من دون تمييز في اللغة، أو العِرق أو لون البشرة، أوالمعتقدات السياسية، أوالآراء الفلسفية، أوالدين والمذهب.

وجاء في المقدمة، كذلك، أن "الدستور يتطابق والفهم القومي لمؤسس الجمهورية التركية (أي مصطفى كمال أتاتورك)"، وأن مفهوم "السيادة هي للأمة التركية مطلقاً، من دون قيد أو شرط".

فالدستور يرى أن تركيا، لا يعيش فيها سوى الأتراك، فيقول: "كل من يرتبط بروابط الجنسية للدولة، فهو تركي".

ونصت المادة (42) من الدستور على أنه "لا يجوز التدريس بلغة أخرى، سوى اللغة التركية، في المؤسسات التعليمية، لكونها اللغة الأم". وهذا يعني عدم أحقية أطفال الأقليات في التعلم بلغتهم الأم. وذلك هو جوهر عملية الصهر للأقليات في تركيا.

وكما في السابق، حظر التكلم باللغة الكردية، أو التخاطب بها، أو التدريس بها. وحظر الاستماع إلى الأغاني والموسيقى الكردية، أو ارتداء الزي الكردي القومي.

اتخذ الحكم العسكري قراراً بإنشاء شريط أمني على طول الحدود مع سورية والعراق وإيران، يراوح عرضه 10 و 20 كم، وفرض الحظر على السفر إلى المناطق الكردية، من دون تصاريح، ونُقل مقر قيادة الجيش الثاني من قونية إلى ملاطية، حيث موطن الأكراد.

أعاد المجلس الاستشاري، في مايو 1983، السياسات التركية القديمة، المتعلقة بتهجير الأكراد. فصدر قانون الإسكان القومي (Milli Iskan Yasasi)، وبموجبه، منحت السلطات الحكومية حق تهجير السكان، بذريعة الأمن القومي، وطرد المتمردين والإرهابيين.

إزاء هذه المعاملة السيئة، اضطر كثير من المثقفين الأكراد إلى مغادرة تركيا إلى سورية ولبنان وأوروبا الغربية (خاصة ألمانيا والسويد )، حيث يواصلون إصدار مطبوعاتهم، والبث من محطة تليفزيون فضائية، هي "ميد تي في" (Med TV)، لتسليط الضوء على الوضع في كردستان، وسياسة الحكومات في الشرق الأوسط إزاء المسألة الكردية .

بداية العمليات المسلحة الكردية في تركيا

عمد حزب العمال الكردستاني (Parti-ye Karkaran-e Kurdistan)، المعروف، اختصاراً، بـ (PKK)) والذي تأسس عام 1979، إلى النشاط الإرهابي ضد المصالح التركية، في الداخل والخارج عام 1984، مطالباً بالانفصال عن تركيا، وتأسيس كردستان المستقلة في شرقي تركيا. وتعاون في بعض المراحل مع المنظمة الإرهابية الأرمنية "أصالا" (ASALA)، التي تحارب، هي الأخرى الدولة التركية.

وتعقبت السلطات العسكرية التركية، منتهزة فرصة انشغال العراق بالحرب مع إيران، العناصر الكردية المقاتلة في شمالي العراق، ومستفيدة من المعاهدة الموقعة في عام 1978، بين تركيا والعراق، التي نصت المادة الأولى منها على: " أنه في حالة تسلل أفراد من أي دولة إلى داخل حدود الدولة الأخرى، يلقى القبض عليهم ويسلمون إلى دولتهم". ونصت المادة الرابعة على "أن يتخذ الطرفان التدابير الكفيلة بإيقاف عمليات التخريب، التي تجري في المناطق الحدودية للبلدين"

فاجتازت القوات التركية، في مايو 1983، الحدود العراقية، للمرة الأولى، بموافقة الحكومة العراقية، وتوغلت في شمالي العراق إلى عمق 30 كم. وبلغ قوام تلك القوات 15 ألف جندي، لضرب قواعد الثوار الأكراد. ولكنها اصطدمت بمقاومة عنيفة من قوات البيشمركة، التابعة للحزب الديموقراطي الكردستاني، المتمركزة في تلك المنطقة.

حاول رئيس وزراء تركيا، تورجوت أوزال (1983 - 1989) النهوض بمنطقة جنوبي شرقي تركيا. فاعتمدت حكومته مشروع جنوبي شرقي الأناضول (Güney Anadolu Projesi GAP) الذي يشمل إقامة سد أتاتورك على الفرات، ويهدف إلى تنشيط الزراعة والصناعة والحياة الاقتصادية في المنطقة، خاصة بعد اكتمال العمل في سد أتاتورك على الفرات. وأسست الحكومة، عام 1984، مناطق حرة للاستثمار، في 27 ولاية تركية، ضمت كل ولايات شرقي وجنوبي شرقي تركيا،أعفيت من 60% من مقدار الضريبة المستحقة.

خامساً: المسألة الكردية، في تركيا، بعد عام 1991

يُعَدّ الرئيس التركي، تورجوت أوزال (1989-1993) أول رئيس تركي، يخطو خطوة في سبيل الحل السلمي للمعضلة الكردية في تركيا. وأظهر شجاعة لا تنكر، في اتخاذه بعض القرارات المهمة في مصلحة الأكراد.

في أثناء أزمة الكويت عام 1991، تردد في الجرائد التركية بعض الأخبار، غير المؤكدة رسمياً بأن أوزال ينوي حل المسألة الكردية في تركيا بأساليب ديموقراطية، وأنه سيجعل من تركيا مثالاً لدول المنطقة، في تعاملها مع الأكراد. وصرح في أبريل 1990 بأن حكومته تبحث عن صيغة جذرية لحل المشكلة الكردية، و لا تحبذ الخيار العسكري القائم.

وقد كان متوقعاً، أن يشجع هذا الأمر أكراد العراق، القاطنين في منطقة غنية بالنفط - على الانضمام، طوعاً، إلى تركيا، إذ ستتحول إلى دولة ديموقراطية فيدرالية كردية - تركية. إن مثل هذا الاتحاد من شأنه أن يقوي تركيا، وسيحل الأزمة الرئيسية للاقتصاد التركي، المتمثلة في الحاجة إلى النفط.

فبعد انتفاضة الأكراد في شمالي العراق، في أبريل 1991، عقب حرب تحرير الكويت، خشي الأتراك من قيام دولة كردية مستقلة فيها، وصار هاجسهم الأكبر، أن تتحول تلك المنطقة قاعدة لحزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي يخوض حرباً إرهابية ضد المصالح التركية، في الداخل والخارج، منذ 1984. ولتفادي ذلك، انتهج الرئيس تورجوت أوزال، في أثناء أزمة الخليج، سياسة مختلفة تجاه المسألة الكردية، تقوم على:

1. ربط الدعم التركي للتحالف الغربي ضد العراق، بتعهد من الإدارة الأمريكية بالحيلولة دون قيام دولة كردية مستقلة، في مرحلة ما بعد الحرب.

2. اتخاذ سياسة اللين تجاه الحركة القومية الكردية، في العراق وتركيا. ففي تركيا، وأعلن الرئيس التركي، تورجوت أوزال، مبادرته، في ديسمبر 1990، رفع الحظر عن استخدام اللغة الكردية، في الحديث والتخاطب فقط. ثم أصدرت الحكومة التركية قراراً، في فبراير 1991، برفع الحظر عن اللغة الكردية، خاصة فيما يتعلق باستعمالها في الأماكن العامة، والتحدث بها، واستخدامها في الوسائل السمعية والمرئية، وسمحت بإصدار المطبوعات والصحف بها. ولكن ذلك لن ينسحب على لغة التعليم والدراسة. وصدرت، في هذه المرحلة، جريدة كردية، باسم (روزنامه)، ومجلة "دنك" (Deng) أي الصوت.

كما أصدرت الحكومة، في عهد أوزال، عفواً عاماً عن السجناء الأكراد.

واستقبلت تركيا آلاف النازحين الأكراد من العراق، عقب الانتفاضة، التي قاموا بها، في أبريل 1991، مما خلع على تركيا، أمام الاتحاد الأوروبي، مظهر الراعي للمصالح الكردية.

كما خطا أوزال خطوة أخرى، غير تقليدية، وهي فتح قنوات الاتصال الرسمية مع القيادة الكردية في العراق، إذ سمح للجبهة الكردستانية العراقية بفتح مكتب لها في أنقرة، يرعى عملية إيصال المساعدات الغربية، الإنسانية والطبية، إلى كردستان العراقية.

وقد أحدثت قرارات أوزال صدى واسعاً، وساعدت على كسر الحاجز النفسي في تركيا تجاه المسألة الكردية. ووصل الأمر بالنائب نور الدين يلماز، عضو البرلمان التركي، عن ماردين، وهو ينتمي إلى حزب الرئيس أوزال "الوطن الأم" أن يخاطب البرلمان التركي، قائلاً: "أنتم الترك لستم من الأناضول، بل أنتم من آسيا الوسطى. وهناك عشرون مليوناً من الكرد، يعيشون على هذه الأرض قبْلكم".

ولكن قرارات أوزال، لم تكن كافية، في نظر بعض القوميين، من الأكراد، لأنه لم يرفع الحظر عن اللغة الكردية، في الدوائر الحكومية والتعليمية. وردَّ أوزال على ذلك، قائلاً: " في المستقبل، ستتخذ إجراءات أخرى نحو الاعتراف بالحقوق القومية للكرد، ولكن الأمر يحتاج إلى صبر".

وكان لتركيا دور كبير في الوساطة بين الحزبَين الكرديَّين العراقيَّين، ووفرت لهم فرصة التقاء المبعوث الأمريكي، بليترو، في أنقرة.

ولم يقدر النجاح لخطوات أوزال تلك، بسبب الضغط والمعارضة الشديدة، الَّلَذين تعرض لهما من قِبل العسكريين، حماة الجمهورية الأتاتوركية، ومن الأحزاب والقوى اليمينية المتطرفة. ثم جاءت وفاته المفاجئة في 17 أبريل 1993، لتعود الأمور الكردية، في تركيا، إلى الخيارات العسكرية.

ولقد طرأت تغيرات مماثلة، لدى بعض الزعماء السياسيين الأتراك، إزاء المسألة الكردية. فسليمان ديميريل، مثلاً، الذي صرح، في أثناء تزعمه المعارضة، في 26 مارس عام 1989، قائلاً: "إن فتح ملف المسألة الكردية، في تركيا، للنقاش، سيؤدي إلى تفكيك البلاد، التي تضم أكثر من 26 أقلية عِرقية. وكل حديث عن وجود مسألة كردية قومية، في تركيا، هو تصرف غير مسؤول، وخيانة في حق الوطن". وهو نفسه، أجرى تغييراً مفاجئاً في موقفه، حينما اقتربت الانتخابات، فصرح بأنه إذا فاز في الانتخابات، سيعالج المسألة الكردية بالود والحب. لكنه لم يخفِ نيته ضرب المقاومة الكردية بالحديد والنار. وبعد تولّيه رئاسة الوزارة، زار المنطقة الكردية، في أول ديسمبر 1991، وصرح، قائلاً: "إن حكومته تقر بالواقع الكردي في تركيا، وتسعى لايجاد حل سياسي له".

ولهذا، نجد أن حكومة سليمان ديميريل، ومن بعده تانسو تشيلر، تحاول الاقتراب من طرح جديد للسياسة التركية تجاه الأكراد، مَبنيّ على الحل الإداري، بتوسيع الصلاحيات في الأقاليم، التي تقطن فيها غالبية كردية، مع تبنّي سياسة الاستيعاب.

وفي هذا السبيل، قررت تنفيذ عدة برامج للإصلاح، السياسي والاقتصادي العاجل، في المناطق الكردية. غير أن تشيلر، اضطرت إلى التراجع عن هذا النهج، تحت وطأة المعارضة، التي أظهرها القوميون المتشددون، الذين ترسخ في أذهانهم، أن المسألة الكردية، لا تعدو أن تكون توجهاً عنصرياً، يستهدف زعزعة الوطن، وليست قضية مواطنين، لهم هوية ثقافية وعِرقية متميزة.

وعلى العموم، فالحكومة التركية، تنظر إلى المشكلة الكردية على أنها مشكلة أمنية، في الدرجة الأولى. ولم تفرق بين ظاهرة العنف الكردي أو ظاهرة حزب العمال الكردستاني، وبين المشكلة الكردية، التي تتمثل في حق هذه المجموعة من السكان في الاعتراف بثقافتهم ولغتهم وأزيائهم، وكامل الحقوق الإنسانية الأخرى.

سادساً: العنف المتبادل بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني التركي

خلت الساحة الكردية من الأحزاب الفاعلة في المجال العسكري، الذي احتكره حزب العمال الكردستاني (PKK)، وبادر إلى تصعيد أعماله الإرهابية ضد المصالح التركية، في الداخل والخارج، بل ضد المواطنين الأتراك، وكذلك مَن يتعاون مع الحكومة التركية من الأكراد.

لم تهدأ هذه العمليات، في أي وقت من الأوقات، منذ عام 1991 ، بعد هزيمة العراق في حرب الخليج الثانية ، وفقْد حكومة العراق السيطرة على أراضيها، في الشمال، نتيجة قرار مجلس الأمن فرض "منطقة الحظر أو المنطـقة الآمنة" شمال خط العرض 36 ، الذي أعقبه امتداد نفوذ الأكراد إلى منطقة كردستان العراقية، ثم نشاط حزب العمال الكردي، الذي أتاح لحكومة تركيا حرية اختراق حدودها مع العراق، في أي وقت تشاء ، وبأي حجم من القوات. وفي كل مرة، تعلن تركيا أن "هدف العملية، هو حماية الدولة التركية من الهجمات الإرهابية لحزب العمال الكردستاني ، وأنها لا تهدف أبدا إلى انتهاك سيادة العراق". وقد اتخذت العمليات العسكرية الصور الآتية:

1. الحرب بالوكالة ، وذلك من طريق دعم الحزب الديموقراطي الكردستاني ، والتحالف معه، لإحباط نيات حزب العمال الكردستاني التركي، وتدمير قواعده، وإجباره على الدفاع عن نفسه في أراضي العراق نفسها، بدل أن يكثف أنشطته ضد الأراضي التركية. وهذا الصراع شبه متواصل، ولكنه يقوى ويخبو، طبقاً لحجم الدعم وتحقيق المطالب. والصراع بين الحزبَين العراقيَّين، الدويمقراطي والوطني، لئن كانت تؤثر فيه العوامل المناخية، فإن في جميع الأحوال دائم.

2. الإغارات التركية المحدودة، ضد قواعد الحزب، في شرقي وجنوبي شرقي تركيا، وفي داخل الأراضي العراقية. وهي مستمرة، كذلك، على فترات، طبقاً لحجم المعلومات عن احتمالات نشـاط الحزب المستقبلية، أو نيته مهاجمة الأراضي التركية، أو لفرض السيطرة عليه، وإنزال أكبر خسائر به، وتكون هذه الإغارات، في الغالب، عبر اختراقات جوية، لقصف مواقع الحزب، أو قصف بالمدفعية للتجمعات على الحدود ، أو من خلال "كوماندوز" أتراك، ينفذون عمليات محدودة، بالتعاون مع "البشمركة"، في الحزب الديموقراطي الكردستاني.

3. الهجمات الشاملة، بقوات كبيرة، التي تنظمها الحكومة التركية، على فترات، لتدمير قواعد الحزب. ويستخدم فيها أفرع القوات المسلحة التركية (قوات برية - قوات جوية - أجهزة استخبارات ... إلخ) ، وغالباً ما تتزامن مع أزمات داخلية تركية، مثل تدعيم موقف الأحزاب الحاكمة في انتخابات قادمة، أو شغل الجيش بمهام قتالية، لإبعاده عن تطورات سياسية. وكانت الحكومة التركية، أحياناً، تتعاون، في هذا المجال، مع الحكومة الإيرانية .

صعد حزب العمال الكردستاني عملياته ضد المصالح التركية، في الداخل والخارج. فقد أراد تحويل الاحتفال بالنوروز (عيد رأس السنة الكردية) في 21مارس1992 إلى انتفاضة شاملة، وبداية جديدة للصراع مع الحكومة التركية. فشهد ذلك اليوم مظاهرات جماهيرية في المدن الكردية في شرقي تركيا. وطالب المتظاهرون السلطات التركية بالاعتراف بحقوقهم، وإنهاء الحكم العرفي في المنطقة. إلا أنها استعملت الدبابات والمصفحات المدرعة، لتفريقهم. وأدى ذلك إلى مقتل قرابة مائة شخص، وجرح العشرات.

عمدت الحكومة التركية، في محاولة منها لخلق حاجز بين الشعب الكردي ومسلحي حزب العمال، إلى تشكيل جيش من الأكراد المسالمين، برئاسة شيوخ العشائر الكردية، وأبناء الإقطاعيين، وأطلقت عليهم اسم "كوي قوروجولري"، أي حراس القرى. وناهز تعدادهم، في نهاية الثمانينيات، حوالي 15 ألف مسلح.

ورد حزب العمال على الخطوة الحكومية، بالقضاء على الرؤوس المدبرة لهذا الجيش، وطاول عنفه عائلات هؤلاء المتورطين مع الحكومة، علماً بأن كثيراً من سكان القرى الحدودية أجبروا على حمل السلاح ضد حزب العمال. إذ وضعتهم قوات الأمن التركية أمام خيارَيْن، لا ثالث لهما؛ إما حمل السلاح مع قوات حراس القرى، أو اعتبارهم من أنصار حزب العمال، فتدمَّر قراهم.

وحاول الاتحاد الوطني الكردستاني، العراقي، بقيادة الطالباني، التوسط بين حزب العمال والحكومة التركية، لإيجاد صيغة ملائمة لوقف العمليات العسكرية، في مقابل حصول حزب العمال على بعض الميزات. وقد أبدى "عبدالله أوج آلان"، رئيس الحزب موافقته على الوساطة ، والتخلي عن "مطالب الاستقلال". إلا أنه لم تمضِ إلا فترة قليلة، حتى اشتعل قتال "بشمركة" الحزب مع الحزب الديموقراطي الكردستاني، العراقي، في صيف 1992. ثم بادر الحزب الديموقراطي الكردستاني إلى خطوة أبعد، بفرض رسوم على نقل البضائع بين تركيا وأكراد العراق، مما أثر في اقتصاديات المنطقة.

شن الجيش التركي، في نوفمبر 1992، هجوماً على مواقع لحزب العمال الكردستاني في شمالي العراق، بقوة تقدر بحوالي خمسة عشر ألف مقاتل، يساندهم حوالي 300 دبابة ، واستمرت القوات التركية في أراضي العراق لمدة شهر، ثم انسحبت.

وانطلقت حملة تركية أخرى، في الفترة من مارس إلى مايو 1995، بقوات ضخمة، قوامها 35 ألف جندي، وتوغلت إلى مسافة 40 كم داخل العراق. وشُن، خلالها، الكثير من الهجمات والإغارات والقصف، الجوي والمدفعي، ضد قواعد حزب العمال الكردستاني، في هافتانين وميتنا وهاكورك. وكانت هذه الحملة متسقة مع الحملات العسكرية، اليومية، التي يشنها الجيش التركي، ضد المتمردين الأكراد في جنوبي شرقي تركيا.

كان هجوم الجيش التركي، في الفترة من مايو إلى يوليه 1997، هو الأشد والأعنف، وكان أحد أهدافه السياسية "إبعاد الجيش عن الصراع الجاري داخل تركيا، نتيجة اتجاه حزب "الرفاه الإسلامي" إلى إصلاحات دينية، ضد الاتجاه "العلماني"، الذي يتولى الجيش الحفاظ عليه. وقد بدأ الهجوم في 14 مايو 1997، بالتحالف مع الحزب الديموقراطي الكردستاني. وأعلنت البيانات التركية، خلال هذه الحرب، قتل مئات من أعضاء حزب العمال ، وتدمير قاعدة نراب (Nirab)، وهي قاعدته الرئيسية، ورفع العلم التركي عليها . ثم أعلنت القوات التركية أنها ستقيم منطقة آمنة، داخل حدود العراق، يراوح عمقها بين 10 و 50 كم، وكانت قد توغلت حوالي 100 كم داخل الأراضي العراقية. إلا أن هذا الإعلان، وُوجه برفض تام من جميع الدول.

بعدها أعلنت الحكومة التركية عن انسحاب قواتها من شمالي العراق. بينما أعلنت بغداد أن قوات تركية لا تزال موجودة في المنطقة.

الهجوم الكاسح، بدأ في 23 سبتمبر 1997، لضرب مواقع لحزب العمال في شمالي العراق. وأعلن العراق أن حجم القوات التركية المهاجمة، حوالي 16 ألف مقاتل، ومائتي دبابة، وأذاعت وكالات الأنباء، أن هذا الهجوم جرى بالتنسيق مع الحزب الديموقراطي الكردستاني، بعد تأمين ضفتَي نهر دجلة لقطع الطريق على حوالي ألف من أعضاء حزب العمال الكردستاني، ومنعهم من الهرب في اتجاه سورية أو إيران. وقد استمر هذا الهجوم حوالي 23 يوماً، أعلنت، خلاله، تركيا، أنها قتلت أكثر من 800 فرد مـن أعضاء حزب العمال ، ودمرت العديد من القواعد. ثم أعلنت القوات انسحابها، لتبدأ حرب بالوكالة، بين الحزب الديموقراطي الكردستاني، المتحالف مع تركيا، لاستكمال تدمير قواعد حزب العـمال ، وبين الاتحـاد الوطني الكردستاني، "حامي حمى حزب العمال". وتكاد تكون مسيرة القتال هي المسيرة نفسها في مواجَهة الحزبين، في سبتمبر 1996 ، ولكن مع استبدال تركيا بالعـراق، في دعم أعمال قتال الحـزب الديموقراطي، إذ تدخل الطيران التركي في القتال لمصلحته، كي يمكّنه من استعادة مناطق فقدها ، واستولى عليها الاتحاد الوطني.

وهو ما يوحي بأن أطراف الصراع، وضعت حدوداً للتوازن بين قوى الأكراد، في شمالي العراق، لا يسمح بتخطِّيها.

شُنّ آخر الحملات التركية على قواعد حزب العمال الكردستاني، في تركيا وفي شمالي العراق، في 4 مايو 1998.

ولقد أسفرت الحملات العسكرية التركية عن عدد كبير من الضحايا الأكراد، قدِّر، حتى أواسط عام 1996، بنحو عشرين ألف قتيل، معظمهم من المدنيين. ومع حلول عام 1994، أُرغم حوالي أربعة آلاف مدرسة على إقفال أبوابها، بسبب استهداف حزب العمال المدرسين، الذين يحمّلهم مسؤولية نشر الثقافة التركية البغيضة بين الأكراد. وأدى القتال، والشعور بعدم الأمان، الناجم عن ممارسات القوات الحكومية، إلى إفراغ أكثر من 2600 قرية ودسكرة من سكانها، مما أسفر، بدوره، عن تدفّق أكثر من مليونَي فلاح كردي على المدن، القريبة والبعيدة، على حد سواء. وشكل هؤلاء عبئاً على تلك المدن، بسبب افتقاد الترتيبات لإيوائهم، كما أنهم تحولوا إلى خزان بشري، تولى إمداد حزب العمال بالأعضاء والمناصرين.

وأنفقت الخزينة التركية ملايين الدولارات، لقمع الحركات الكردية المسلحة. فقد بلغت نفقات الحرب في كردستان التركية، حتى مطلع عام 1994، وفقاً لوزير الدولة السابق علي شوقي أرك، 8.2 مليارات دولار سنوياً. وبلغت نفقات الحرب، ضد حزب العمال منذ اندلاعها وحتى اليوم، 40 مليار دولار، وفقاً للتقديرات المتداولة.

سابعاً: الأطراف الأخرى، ومواقفها من حزب العمال

تتهم تركيا كلاً من سورية وإيران، بتمويل حزب العمال الكردستاني (PKK)، وإمداده بالسلاح، لاستخدامه ضد أهداف تركية، وتنفي كلتا الدولتَين ذلك، على الرغم من وجود فروع للحزب في كلا البلدَين، ولجوء مسلحيه إليهما، كلما اشتدت الحملات العسكرية ضده.

استخدمت تركيا موضوع مياه الفرات ورقة ضغط ضد سورية، التي تؤوي عاصمتها زعيم حزب العمال الكردستاني، عبدالله أوج آلان ، وتسمح لعناصره بالتدريب في سهل البقاع، الذي تشرف عليه القوات السورية في لبنان.

كذلك، استخدمت اليونان هذا الحزب ورقة ضاغطة على تركيا، في نزاعهما حول قبرص وبحر إيجة وغيرهما من المسائل العالقة بين البلدَين، من منطلق أن عدو عدوي، هو صديقي. وأمدت الحزب بالدعم المادي، من أسلحة وتدريب، وافتتحت اليونان، مؤخراً، في العاصمة، أثينا، مقراً لهذا الحزب. وذكر أنه افتتح مقراً له في أرمينيا.

وسمح بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا والسويد، لبعض تشكيلات الحزب بالعمل في أراضيها، وبث دعايتها عبر التليفزيون، باللغة الكردية. 

ولكن الولايات المتحدة الأمريكية متضامنة مع تركيا، في هذا الخصوص، وترى أن حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية.

وتتهم الحكومة التركية الاتحاد الوطني الكردستاني، بقيادة جلال الطالباني، بالتواطؤ مع حزب العمال الكردستاني التركي. بينما تزداد الكراهية بين حزب العمال والحزب الديموقراطي الكردستاني ، نظراً إلى العلاقات المتنافرة بين قائدَي الحزبَين، مسعود البارزاني، وعبدالله أوج آلان . أما سائر الأحزاب والعشائر الكردية العراقية، فإنها تتحفظ دائما في موقفها من حزب العمال ، نظراً لما يسببه لها من متاعب، مع القوات التركية أو الأحزاب الكردية العراقية.

ونجحت الحكومة التركية في أن تتحالف مع الحزب الديموقراطي الكردستاني، العراقي، ليضطلع بقتال حزب العمال الكردستاني، التركي، "بالوكالة عنها".

وقدم الحزب الديموقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني، خدمة إلى الحكومة التركية، بتمكينها من القبض على شمدين صاقيق، أحد القادة العسكريين في حزب العمال الكردستاني، الذي لجأ إلى البارزاني، في شمالي العراق، بعد أن انشق على حزبه. جرى ذلك في 13 أبريل 1998، حين دهمت القوات التركية دهوك، في شمالي العراق، ونجحت في خطف شمدين صاقيق، ونقله في طائرة عمودية إلى تركيا، حيث يحاكم بسبب مسؤوليته عن مجزرة، ذهب ضحيتها 33 جندياً تركياً، في مايو 1993، في جنوبي شرقي تركيا.

ثامناً: لماذا لم تنجح الحملات العسكرية التركية ضد حزب العمال الكردستاني؟

يرجع ذلك إلى عدة أسباب، تضعها الحكومة التركية في تقديرها، ولكن لا يمكنها التغلب عليها. وهي:

1. منعة المنطقة الجبلية التي يحتمي بها أعضاء حزب العمال، ووعورة جبالها، التي تحول دون نجاح القوات في الوصول إليها، وتُفقِد القصف، الجوي والمدفعي، تأثيره. وكذلك، العوامل المناخية، وقرس البرد، وتراكم الثلوج في شرقي تركيا، تعوق العمليات الحربية، طوال الشتاء، انتظاراً لقدوم الربيع.

2. لجوء قيادات وقوات من حزب العمل إلى إيران أو سورية، عند بدء العمليات التركية. وقد حاولت القوات التركية، خلال حملتها في سبتمبر 1997، قطْع طرق الهروب، في وجه مقاتلي الحزب، ولكنها لم تنجح.

3. نظراً إلى تحالف تركيا مع الحزب الديموقراطي الكردستاني، العراقي، فإن إيران، بدورها، تحاول دعم حزب العمال، من طريق الاتحاد الوطني الكردستاني.

4. انتشار القواعد في القرى ، وبين العشائر، يجعل القوات التركية مشتتة في التفريق بين من هو كردي تركي ، وكردي عراقي.

تاسعاً: مأزق حزب العمال الكردستاني

يواجه حزب العمال الكردستاني، على الرغم من قوّته العسكرية، ونشاطه الواسع على الساحة التركية، مأزقاً عقائدياً (أيديولوجياً)، يتمثل في العقيدة السياسية للحزب، وهي المبادئ الماركسية الستالينية. ولهذا يركز الحزب هدفه في بناء دولة شيوعية في كردستان. وقد شهد عدة انشقاقات في صفوفه ، فكان نصيب المنشقين التصفية الجسدية.ويفتقر الحزب إلى الديموقراطية أو الشورى. وكانت شعاراته المتطرفة، قد أكسبته تأييد الجماهير في الماضي ، ولكن بعد تنامي الحركة الإسلامية في تركيا، وتفكك الأنظمة الشيوعية والاشتراكية في العالم، فقدت تلك العقائد والشعارات مكانتها. ويحاول الحزب، اليوم، استخدام بعض الشعارات الإسلامية، ويعمل على احتواء التحرك الإسلامي في كردستان التركية، بتأسيس خط العلماء المبارزين (المناضلين)، داخل حزب العمال. وصرح عبدالله أوج آلان، زعيم الحزب، في أبريل 1990، قائلاً: "إنه سيوظف الدين في المقاومة الكردية، وإنه سيتجاوز إيران في ذلك".

ولكن هذا العمل أثار حفيظة الإسلاميين الأكراد، المنضوين تحت قيادة حزب الله، في كردستان التركية، خاصة جناح الملا حسين ولي أوغلو. وبدأت بين الطرفين مواجهة مسلحة. وتدّعي جماعة حزب الله، أن مسلحي حزب العمال، يحاولون احتكار العمل السياسي، وأنهم ينفذون مخطط أعداء الإسلام، في كردستان، ويدربون الشباب الكردي، في أجواء غير إسلامية، ويربونهم على العقيدة الماركسية. إزاء ذلك، يحتمل أن يتخلى الحزب عن برنامجه الراديكالي، المعادي للإمبريالية الغربية، والإقطاع الكردي ، لأن استمراره في رفع الشعارات الماركسية، يدل على عدم وجود تقويم موضوعي للأحداث العالمية، عند قيادة الحزب. والدليل على ذلك، أن الأحزاب الماركسية، اختفت، تقريباً، من الخريطة السياسية العالمية، وعلى الرغم من ذلك، لايزال عبدالله أوج آلان يصرح بأنه "ينوي إعادة ثورة أكتوبر الشيوعية في كردستان". ومن العوامل التي ستضطر الحزب إلى تعديل برنامجه هي الصحوة الإسلامية في تركيا العلمانية، والمكتسبات التي حققتها، على صعيد العمل السياسي، بفوز حزب "الرفاه" في الانتخابات، إلى درجة جعلته أكبر الأحزاب في تركيا، وتوليه الحكم لفترة محدودة (1996-1997).

عاشراً: أهم الأحزاب الكردية، في تركيا

1. الحزب الديموقراطي الكردستاني " كوك"

تأسس عام 1965 من مجموعة من الاقطاعيين والملاك الأكراد ، وكان ذا اتجاهات يمينية ، ولم يفكر في التعاون مع القوى اليسارية. ولكن بعد فترة، نما، داخل الحزب، تيار يساري ووقع صراع مع الجناح المحافظ، في عام 1971، بعده تغلب الجناح اليساري على قيادة الحزب، بعد عام 1977، وطرد كل العناصر، اليمينية والمحافظة.

وأخذ هذا الحزب يعمل تحت واجهة شبه علنية، باسم " كوك" أي محرري كردستان الوطنيين. وأصبح له دور بارز في قيادة الإضرابات العمالية ، وأنشأ له قواعد في المدن والأرياف. وعمل فترة تحت مظلة حزب العمال التركي، المرخص له.

وتعرض الحزب لعسف القوات العسكرية، بعد انقلاب 12 سبتمبر 1980.

2. حزب عمال كردستان التركية

خرج هذا الحزب اليساري من الحزب الديموقراطي الكردستاني، بعد الصراع الذي وقع داخل الحزب عام1971. وكان يعمل باسم أحد قادته، الدكتور (شوان)، وهو فنان ومغنٍّ شعبي كبير. وفيما بعد، أخذ يعمل تحت اسم (D.D.K.D) أي نوادي الثقافة، الثورية والديموقراطية، وقد افتتح عدداً من فروعه في المحافظات والأقاليم التركية. وكان لها نشاط سياسي وتثقيفي واسع، في أواسط السبعينيات. أقام صلات مع الأحزاب الكردية، في العراق وإيران.

ولكن هذا الحزب تعرض لانشقاقات عديدة طرد فيها بعض عناصره.

3. الحزب الاشتراكي الكردستاني

عرف هذا الحزب بجماعة "طريق الحرية"، نسبة إلى المجلة التي كان يصدرها. وله نفوذ واسع بين المثقفين والطلبة. ويصدر إضافة إلى طريق الحرية، جريدة باسم "روزا ولات "، أي شمس الوطن. وقام هذا الحزب بدور كبير في نشر الأفكار اليسارية، باللغتين التركية والكردية في كردستان. مستثمراً النشر العلني أو شبه العلني الذي كان مسموحاً به في (فترة حكم حزب الشعب الجمهوري اليساري، بقيادة بولنت أجيفيت) في أواخر السبعينيات. ويقوده أمينه العام، كمال بورقاي.

4. حزب العمال الكردستاني" PKK

انبثق حزب العمال الكردستاني (Parti-ye Karkaran-e Kurdistan) المعروف اختصاراً بـ (PKK) عام 1979، من منظمة تركية شيوعية، كانت تعمل في السبعينيات باسم منظمة الشباب الثوري(ديف كنجDev Genç). وقد أسس الحزب عبدالله أوج آلان، وهو طالب، ترك الدراسة في العلوم السياسية، ومعروف، شعبياً، باسم "آبو Apo" وتعني "العم". والمنتسب إليه يسمى "آبوجي Apocu".ويؤكد الحزب، في برنامجه الداخلي، الماركسية ـ اللينينية، أيديولوجية في العمل. ترتكز استراتيجية الحزب على استعمال العنف وتصعيده، في مواجهة عنف القوات التركية. وكانت الأحزاب الكردية الأخرى تتهمه باستخدام العنف ضدها، مما خلق هوة واسعة بينه وبينها. واستطاع الحزب أن يدرب أنصاره في معسكرات اليسار الفلسطيني، داخل لبنان. وتسبب احتكاره العمل، السياسي والعسكري، على الساحة التركية باختفاء معظم الأحزاب والمنظمات الكردية، تقريباً . وله نفوذ سياسي وعسكري قوي في المناطق الحدودية مع العراق وسورية، كما يحظى بنفوذ قوي لدى العلويين من الأكراد في منطقة تونجالي (درسيم).وأكسبته التصادمات المسلحة مع القوات الحكومية رهبة لدى الكثيرين من الكرد في المنطقة.

ينتسب الفنان الوطني الشعبي الشهير، (شوان) إلى هذا الحزب، وهو أكبر أرصدته، إذ أسهم بغنائه، الشعبي والثوري، في استثارة الجماهير الكردية ، وبعث بواسطة الغناء مقومات التراث الكردي بتخليد ما يستحق من معارك الأكراد وأحداثهم وشخصياتهم. أقام الحزب له معسكرات للتدريب في سهل البقاع اللبناني. وكان عبدالله أوج آلان نفسه يقيم في سهل البقاع اللبناني ثم انتقل للإقامة في دمشق.

5. حزب رزكاري وآلاي رزكاري

حزب كردي يساري، كان له نفوذ في كردستان التركية، إلا أنه انقسم على نفسه، بعد عام 1987. وانشقت عليه جماعة أنشأت حزباً جديداً، باسم "آلا رزكاري" أي راية الخلاص. وقد استقطب غالبية منتسبي الحزب القديم.

7. حزب التحرير الإسلامي

حزب كردي إسلامي، ينادي بإزالة الخلاف بين الأكراد والأتراك، وأن تحل الأخوّة الإسلامية محل الصراع والبغضاء. ومع ذلك، ليست للحزب فاعلية كبيرة في تقليل التمييز ضد الأكراد، على الرغم من تحالفه مع الحزب الجمهوري، بقيادة بولنت أسقرت. ولكي يكون للجماعات الإسلامية دور فعال في التقدم السياسي للمسألة الكردية، عمل حزب التحرير على إيجاد تعاون بينه وبين الأحزاب الأخرى.

8. حزب كاوه وصوت كاوه

ظهر حزب كاوه على أنه جماعة شيوعية ماوية: (نسبة إلى زعيم الصين الشيوعي، ماو تسي تونج). لكن بعد الفشل الذي لحق بالتيار الماوي، انقسم الحزب على نفسه، وخرجت منه جماعة تسمي نفسها "صوت كاوه"، وهي تتبع وجهة نظر أنور خوجة في ألبانيا، بعد الانشقاق بين الصين وألبانيا. وكلتا المجموعتين تسير نحو الضعف والانعزال عن الأحزاب الكردية اليسارية الأخرى.

وجرت محاولات متعددة لتوحيد الصف بين المنظمات الكردية والتقريب بينها. وقد أقيمت صيغة للتعاون بين كوك "الحزب الديموقراطي الكردستاني "والحزب الاشتراكي الكردستاني "د.د.ق"، عام 1980، لكنها تعثرت.