إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الأكراد والمشكلة الكردية




الملا مصطفى البرزاني
جلال طالباني
عبدالله أوج آلان
عبدالرحمن قاسملو


منطقة الأكراد "كردستان"



الأكــــراد

المبحث الثامن

تطورات القضية الكردية

أولاً: تطورات القضية الكردية في ضوء المصالحة الكردية ـ الكردية في واشنطن

في منتصف سبتمبر 1998م التقى مسعود البارزاني زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني وجلال الطالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، في واشنطن،واجتمعا مع وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت،ومستشار الأمن القومي الأمريكي صموئيل بيرجر.وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جيمس روبن،أن أولبرايت أعربت للزعيمين الكرديين عن استمرار اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بأوضاع الأكراد،وجميع سكان شمال العراق.والوزيرة الأمريكية عدت الزعيمين الكرديين ممثلين لأصوات ملايين الأكراد في العراق.وتناولت المباحثات الوضع في العراق والمناخ الأمني والسياسي السائد في كردستان العراق،والاحتياجات الأمنية وبرامج المساعدات الإنسانية لسكان المنطقة.

وتستخدم واشنطن الورقة الكردية في صراعها ضد العراق منذ انتهاء حرب الخليج الثانية في مارس 1991م، وتقدم الدعم للمنطقة الكردية تحت غطاء الأمم المتحدة.وتمنع أي نشاط للقوات العراقية في شمال العراق.وتدعم إذاعة (العراق الحر) التي تبث إرسالها من براغ،وتساهم في برامجها عناصر كردية.

ومن هنا جاء اجتماع واشنطن بعد تأزم الوضع بين بغداد وواشنطن،وتصعيده نتيجة لإعلان العراق إيقافه التعاون مع فرق التفتيش الدولية، وطالب مجلس الأمن التراجع عن قراره الرقم 1194، الصادر في 9 سبتمبر 1998م، ويقضي بتجميد المراجعة الدورية لرفع الحظر عن العراق.

وتوصل الطرفان الكرديان العراقيان إلى مصالحة برعاية أمريكية،أنهت هذه المصالحة أربع سنوات من الصراع المسلح على السلطة في المناطق الكردية،البعيدة عن سيطرة الحكومة المركزية العراقية.ووقع الطرفان اتفاقهما في 17سبتمبر 1998م.

وقد سبق أن توصل طرفا النزاع الكردي إلى اتفاق لوقف الصراع بينهما في مايو 1994م برعاية تركيا.إلا إنه سرعان ما تجددت الاشتباكات بينهما ثانية.إضافة إلى تكرر اشتباكات مماثلة بين قوات الحركة الإسلامية الكردية لأكراد العراق وقوات الاتحاد الوطني الكردستاني.ولهذا فإن احتمال عودة الحزبين الكرديين إلى الصراع ثانية وتجدده بينهما لازال قائماً، وخاصة أن التباين في وجهات النظر في المسائل المشتركة بينهما لم تحل جذرياً.وأهم هذه المسائل هي:

1. الموارد المالية المحصلة من الجمارك في المنطقة العراقية الشمالية.

2. البرلمان الوطني الكردستاني والعلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد،ومع المعارضة العراقية.

3. العلاقات مع كل من إيران وتركيا،التي يحتفظ كل طرف بعلاقات جيدة مع إحداها دون الأخرى.

ويهدف اتفاق واشنطن إذا نفذ، إلى:

1. عودة الإدارة الكردية الموحدة لممارسة عملها في شمال العراق.

2. تشكيل حكومة موحدة تسعى لإجراء انتخابات برلمانية في صيف 1999م.

3. تقاسم العائدات المالية من الجمارك وغيرها من موارد دخل المنطقة بين الحزبين الكرديين.

وقد وضع جدول زمني لتنفيذ الاتفاق الذي جاء حلاً وسطاً لمشاكل الحزبين.

وقد اتضح من تصريحات الزعيمين الكرديين أن اتفاقهما ليس ضد مصلحة أية دولة في المنطقة بل هو اتفاق سياسي يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في شمال العراق، وسوف يساعد كل جيران العراق على السلام. كما أكدا على وحدة أراضي العراق.

وقد نفت الحكومة الأمريكية بدورها على لسان نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي ديفيد ويلش،أن يكون هدف الاتفاق هو إقامة دولة كردستان المنفصلة عن العراق، بل يهدف إلى الحيلولة دون تكرار انتهاكات لحقوق الإنسان في شمال العراق.

ثانياً: تطورات المسألة الكردية على الصعيد التركي

صعدت تركيا من ضغطها على سورية لإبعاد عبدالله (أوج آلان) Ocalan زعيم حزب العمال الكردستاني PPK من أراضيها، وإلغاء قواعد الحزب من سهل البقاع اللبناني الخاضع للحماية السورية.

ولجأت تركيا إلى الضغط العسكري، فحشدت قواتها على الحدود السورية، وبدأت حملة من التصريحات الملتهبة والتهديد بالحرب.

وتوسطت بين الطرفين السوري والتركي عدة دول لئلا يتفاقم الوضع إلى حرب، وأهمها الوساطة المصرية التي قام بها الرئيس المصري حسني مبارك، عقدت بين الطرفين اتفاقية لتسوية المسائل الأمنية على الحدود في 20 أكتوبر 1998م. واضطر زعيم الحزب العمال الكردستاني إلى ترك الأراضي السورية.

فرحل (عبدالله أوج آلان) سراً إلى روسيا في أواخر أكتوبر 1998. وبقي بها مدة شهر. وانتقلت القيادة العسكرية للحزب إلى شقيقه عثمان أوج آلان، الذي سعى للانتقال إلى إيران.

ثم غادر روسيا على متن طائرة روسية في طريقه إلى دولة ما، في 13 نوفمبر 1998. وتوقفت الطائرة في روما، فقبضت عليه قوات الأمن الإيطالية، وأودع السجن. وطلب الزعيم الكردي من إيطاليا منحه حق اللجوء السياسي. وتقدمت ألمانيا بطلب تسليم أوج آلان إليها على أساس أنه مطلوب في قضايا العنف في ألمانيا. وطالبت به أيضاً تركيا لمحاكمة بتهمة قتل ثلاثين ألف شخص من مدنيين وعسكريين، وتشكيل منظمة إرهابية لتقسيم تركيا.

ثم تراجعت ألمانيا عن طلبها بتسليم أوج آلان خشية حدوث اضطرابات بين الأتراك والأكراد المقيمين في ألمانيا، وحتى لا تتعرض علاقاتها مع تركيا للتوتر.

ورفضت إيطاليا الطلب التركي بتسليم أوج آلان بحجة أن تركيا تطبق قانون الإعدام. واحتجت تركيا وتصاعدت الأزمة بينهما، وأوقفت تركيا الاستيراد من إيطاليا.

وأطلقت السلطات الإيطالية عبدالله أوج آلان في 20 نوفمبر 1998م، وسمحت له بالإقامة المشروطة في منزل داخل روما.

وطرح عبدالله أوج آلان من روما اقتراحاً من سبع نقاط للحكم الذاتي للأكراد في تركيا، دون المساس بوحدة أراضي تركيا وسلامتها. وطلب أوج آلان من الدول الأوربية اقتراحه للسلام مع تركيا. وكانت النقاط السبع التي جاءت في اقتراحه هي:

1. وقف العمليات العسكرية ضد القرى الكردية.  

2. عودة اللاجئين إلى قراهم.

3. إقامة حكم ذاتي في المنطقة الكردية دون المساس بوحدة أراضي تركيا وسلامتها.

4. الاعتراف بحق الأكراد في كل الحريات الديموقراطية التي يتمتع بها المواطنون الأتراك.

5. الاعتراف بالهوية واللغة والثقافة الكردية.

6. التعددية والحرية الدينية.

ولما وجدت تركيا أنه لا فائدة من مطالبتها إيطاليا بتسليم الزعيم الكردي بسبب المعارضة الأوروبية لتسليمه وتضامن دول أوروبا مع الموقف الإيطالي، وفشل الدبلوماسية التركية في إقناع الحكومات الغربية بوجهة نظرها، خففت من طلبها، وقالت أنها تريد أن يحاكم أوج آلان ويعاقب على جرائمه حتى لو في خارج تركيا.

وبعد فترة غادر أوج آلان روما إلى جهة غير معلومة، ويقال أنه بقي مدة شهر في روسيا بطريقة غير مشروعة.ثم حاول الدخول إلى هولندا التي رفضت أن تسمح لطائرته بالهبوط في مطاراتها. ثم أخذ يتجول بين البلاد الأوروبية من دون الحصول على مأوى. ثم استقر به المقام إلى الهبوط في مطار عسكري يوناني وتزودت طائرته بالوقود ثم أقلعت إلى نيروبي.

وألقت الأزمة بظلالها على الاتحاد الأوروبي، الذي لم يتخذ في قمته المنعقدة في 11 -12 ديسمبر 1998م أي خطوات إيجابية بشأن قبول انضمام تركيا الكامل إلى عضوية الاتحاد.

وكانت دول الاتحاد الأوروبي قد أعربت لتركيا عن رفضها للسياسة التي تعالج بها تركيا المسألة الكردية في أراضيها.

وكان الاتحاد في اجتماع القمة الذي عقد في 12 - 14سبتمبر1997م، أظهر انزعاجه من تدفق آلاف المهاجرين الأكراد إلى أوروبا بطريقة غير مشروعة وتعرض حياة هؤلاء المهاجرين للخطر، من خلال عبورهم بالقوارب من بحر مرمرة إلى الشواطيء اليونانية والإيطالية.

وانتقد الاتحاد الأوروبي (في مارس 1994م) أيضاً قرار البرلمان التركي رفع الحصانة عن النواب الأكراد في المجلس الوطني التركي، وتقديمهم للمحاكمة بتهمة الدعوة للانفصال، ودعا تركيا إلى الاعتراف بالحقوق الخاصة، وبالذات الثقافية، للشعب الكردي. وكل هذه الانتقادات أثارت ردود فعل قوية من جانب تركيا، واعتبرتها في حكم المساندة للإرهاب.

وفي تطور مثير أعلن رئيس الوزراء التركي بولنت أجيفيت في الاثنين 16 فبراير 1999م أن عناصر الاستخبارات التركية قد تمكنت من جلب زعيم حزب العمال الكردستاني إلى البلاد وأنه موجود في تركيا منذ الساعة الثالثة من صباح اليوم، وهو تحت الحراسة المشددة. ولم يفصح أجيفيت لحظة إذاعته النبأ عن الطريقة التي جلب بها أوج آلان إلى تركيا وكيفية اعتقاله. وقال أن أوج آلان ورفاقه لم يلقوا بالاً لقانون العفو والندم الذي أصدره المجلس الوطني التركي (البرلمان).

واتضح فيما بعد أن المخابرات التركية، بالتعاون مع استخبارت أجنبية، ويشار إلى الأمريكية والإسرائيلية، قد رصدت تحركات أوج آلان بين إيطاليا وهولندا واليونان ورفض الدول السماح له بدخولها. واستمر رصد تحركاته على مدى 12 يوماً حتى علم أن مختبيء بالسفارة اليونانية في كينيا. وقد أدخله الدبلوماسيون اليونانيين إلى نيروبي بطريقة غير مشروعة، في يوم 3 فبراير1999م، وهو يحمل جواز سفر قبرصي مزور.

وأخرج من السفارة بحيلة ثم ألقت المخابرات التركية القبض عليه وهو في طريقه إلى مطار نيروبي وحمل في طائرة خاصة إلى تركيا مكتوف اليدين ومعصوب العينين، وأودع السجن في جزيرة (إمرالي) النائية، غير مؤهولة في بحر مرمرة، إلى الجنوب من استانبول. وشددت الحراسة على الجزيرة ومنع الصحفيين من الاقتراب منها.

وقد أثار القبض على أوج آلان موجات من الغضب الكردي في أنحاء أوروبا، وتظاهر الأكراد المقيمين في الدول الأوروبية ضد الحكومة التركية ومن ساندها في 21 مدينة أوروبية وكذلك في كندا وأستراليا. وهوجمت السفارات اليونانية، والسفارة الإسرائيلية في ألمانيا للاعتقاد السائد بأن المخابرات الإسرائيلية الموساد ساعدت الأتراك في القبض على الزعيم الكردي.

وأدت عملية القبض على أوج آلان إلى زيادة التوتر في العلاقات اليونانية التركية. واحتجت كينيا على اليونان لأنها لم تكن تعلم بوجود أوج آلان في أراضيها. وطردت السفير اليوناني. كما استقال عدد من الوزراء اليونانيين بسبب هذه القضية والتستر على الزعيم الكردي مما يخالف الأعراف الدبلوماسية.

نتج عن عملية القبض على أوج آلان، كذلك، تقدم بولنت أجاويد في الانتخابات التركية، التي جرت يوم 18أبريل 1999م، وحصل على أكثر من 22% من مقاعد البرلمان بينما كانت نسبته في السابق هي 7%.

وأجرت السلطات التركية تحقيقاتها مع الزعيم الكردي في التهم المنسوبة إليه، وأهمها تشكيل منظمة إرهابية تسعى لتقسيم الجمهورية التركية ومسؤوليته عن مقتل ثلاثين ألف شخص من المدنيين والعسكريين في عمليات إرهابية شنتها عناصر منظمته. وعقوبة هذه التهم هي الإعدام. وقد ناشدت الدول الغربية ومنظمات حقوق الإنسان تركيا تقديم كل الضمانات لمحاكمة أوج آلان محاكمة عادلة.

وسيق عبدالله أوج آلان إلى محكمة أمن الدولة العليا في يوم 31 مايو1999م، وانتقلت بهيئاتها من أنقرة إلى جزيرة إمرالي. ووجه الإدعاء العام تهمة "الخيانة العظمى والسعي لتقسيم تركيا" لأوج آلان، وطالبت النيابة، بمقتضى المادة 125 من القانون الجزائي، إنزال عقوبة الإعدام بزعيم حزب العمال الكردستاني.

ووضع أوج آلان، في أثناء المحاكمة، في قفص زجاجي محصن ضد الرصاص، وشهد المحاكمة أمهات وأقارب الذين قتلوا في عمليات الحزب الكردستاني من المدنيين والعسكريين، مما أثار جوا مشبعاً بالعواطف والانفعالات في قاعة المحكمة. وبقي الصحفيون ورجال الإعلام الذين قدموا من مختلف البقاع لتغطية المحاكمة، خارج الجزيرة، وأُعِدّ لهم مقر للمتابعة في بلدة مودانيا على شاطيء بحر مرمرة. ولم يتقدم أوج آلان في أثناء المحاكمة بأي دفاع عن الأعمال التي ارتكبها حزبه، وإنما وجه نداء للسلام خلال المحاكمة وعرض نفسه في خدمة الدولة لتسوية النزاع الكردي المسلح مع القوات التركية إذا أبقي على قيد الحياة.

واحتجت الدول الغربية ومنظمات حقوق الإنسان على وجود قاض عسكري بين قضاة المحكمة الثلاثة. وقررت المحكمة إرجاء جلساتها إلى 23 يونيه 1999م، لإفساح المجال أمام محامي أوج آلان لتحضير دفاعه.

واضطرت الحكومة المشكلة، حديثاً، برئاسة أجاويد أن تقدم للبرلمان مشروعاً بإلغاء مهمة القاضي العسكري في محكمة أمن الدولة العليا. وصوّت البرلمان التركي لصالح إلغاء وظيفة القاضي العسكري.

ورفضت السلطات التركية استقبال أعضاء لجنة مجلس الشيوخ الإيطالي، كان من المقرر أن يزوروا أنقرة في أوائل يونيه 1999م، لحثّ الحكومة التركية على عدم إصدار حكم بالإعدام على الزعيم الكردي.

وانتهت المحاكمة في 24 يونيه 1999م، وصدر في 29 يونيه 1999م، قرار بإعدامه.

من جانب آخر، لم تتوقف عمليات الحزب الكردستاني ضد القوات التركية باعتقال أوج آلان. فقد اشتبكت عناصر من الحزب مع الجيش التركي في عمليات خاطفة في جنوب شرقي الأناضول. وأعلن الجناح المسلح من الحزب، في بيان صحفي، أن إعدام عبدالله أوج آلان سوف يشكل انتحاراً للدولة التركية. وحذر من النتائج الوخيمة التي سوف تترتب على إعدامه، بقوله إن كل عمل يتم دفاعاً عن الشرف الوطني وعزة الشعب الكردي سيكون مشروعاً.