إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الأكراد والمشكلة الكردية




الملا مصطفى البرزاني
جلال طالباني
عبدالله أوج آلان
عبدالرحمن قاسملو


منطقة الأكراد "كردستان"



القدرة الشاملة لإيران

خامساً: التحول التركي في القضية الكردية

كان الموقف التركي شديد الخصوصية من الأزمة العراقية، حيث إن تركيا حليف للولايات المتحدة الأمريكية، وعضو في حلف الناتو، لكنَّ مخاوفها من ضرب النظام العراقي تتأسس على احتمال تمكن الأكراد من إقامة دولة كردية شمال العراق، تثير شجون أكراد تركيا في المطالبة بالمثل، وقد عانت تركيا من نشاط حزب العمال الكردستاني، والذي كان يتخذ من كردستان في العراق والمنطقة الحدودية بين العراق وتركيا قاعدة لنشاطاته في شن عمليات، بنظر الحكومة التركية، تهدد الأمن والاستقرار التركيين، ومن ثَم، نفذت العديد من العمليات العسكرية في شمال العراق بهدف القضاء على مقاتلي حزب العمال الكردستاني، والتي استمرت على نهج متكرر برغم اختلاف الائتلافات الحاكمة، والتوجهات الأيديولوجية من دون أي تدخل من الحكومة العراقية، برغم الخروقات التي كانت ترتكبها القوات التركية بالتغلغل في داخل الأراضي العراقية.

كما حاولت تركيا ربط أكراد العراق بمصالح اقتصادية معها، وذلك في أثناء انهيار العلاقة بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان العراق، نتيجة الحظر الجوى من جانب، وتقليص القدرة العراقية من جانب آخر، وارتباط الأكراد بمصالح أمريكية غربية غير مسيطر عليها من الحكومة المركزية، وذلك في مقابل احتواء حزب العمال الكردستاني، بحيث أصبح الدور التركي ذا ثلاثة أبعاد وهى: المحامي عن أكراد العراق، والوسيط بينهم، والغازي أو المتحرك بإرادته المنفردة في المنطقة دون الاهتمام بأي قوانين دولية.

في نفس السياق، كانت تركيا، في هذه المرحلة، تخشى من سعى أكراد العراق ـ بعد الإطاحة بالنظام العراقي ـ إلى إثارة النزعة الانفصالية، والسعي لتحقيق الغاية القومية للأكراد في إقامة دولة على أرض كردستان، وهو أمل يحدو أكراد تركيا وإيران كذلك، ما يؤدى إلى المساس بأمنها القومي، كما أنها كانت تخشى بالتبعية ـ حال قيام الحرب ضد العراق ـ من استغلال المليشيات الكردية العراقية للموقف ومهاجمة مدينة كركوك الغنية بالبترول والاستيلاء عليها، خاصة أن أكراد العراق يجعلونها عاصمة لهم ويطلقون عليها "القدس الكردستانية" وهو ما سوف يشجع حزب العمال الكردستاني إلى إشعال المقاومة في جنوب شرق تركيا.

سادساً: تطور الموقف تجاه حزب العمال الكردستاني

نجحت المخابرات التركية – بالتنسيق مع مخابرات العديد من الدول – في إلقاء القبض على زعيم حزب العمال الكردستاني "عبد الله أوجلان"، في كينيا في 16 فبراير1999، حيث سجن انفراديا في جزيرة "إيمرالى" المنعزلة في بحر مرمره، وحوكم في يونيه 2000، وحكم عليه بالإعدام بتهمة الخيانة والعمل على تقسيم البلاد (حيث صيغ الاتهام طبقاً للمادة 125 من قانون العقوبات التركي التي تنص على أن الإعدام عقوبة قصوى لتهديد وحدة الأمة أو الدولة).

أرجئ تنفيذ الحكم في انتظار صدور قرار في هذا الشأن عن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، والتي لم توافق، واستبدل الإعدام بعقوبة السجن مدى الحياة.

تزامن القبض على عبد الله أوجلان، مع القبض على العديد من كوادر الحزب، بما أدى إلى تقليص قدرته على الكفاح المسلح، في نفس الوقت، فإن أوجلان، كانت له المقدرة على فهم طبيعة المرحلة، وما قد يصيب عناصر الحزب وكوادره، لذلك فقد أعلن في بداية محاكمته "استعداده لخدمة الدولة التركية وإحلال السلام والمحافظة على وحدة أراضى تركيا إذا أبقى على حياته ومنحه الفرصة لتسوية الصراع سلمياً". في نفس السياق أعلن الجناح العسكري للحزب عزمه إطاعة أوامر أوجلان، وإلقاء السلاح، ووقف الكفاح المسلح.

سابعاً: المتغيرات في التوجه التركي نحو القضية الكردية في أعقاب القبض على أوجلان

1. حدوث حالة من التقارب بين تركيا وسورية، حيث وُقِع بروتوكول أمنى ينص على مراقبة الحدود، وإغلاق معسكرات تدريب الحزب في سهل البقاع اللبناني.

2. توافق إيران وتركيا في مفاوضات أمنية في 28 مارس 2000 على تصنيف تنظيمي مجاهدي خلق، وحزب العمال الكردستاني التركي، أنهما تنظيمان إرهابيان كما ضمهما الإتحاد الأوروبي في لائحته للجماعات الإرهابية في 2 مايو 2000 (بعد أن كان حزب العمال الكردستاني أستثنى من ذلك في ديسمبر 1999).

من المعروف أن تركيا كانت دائبة في اتهام إيران بإيواء عناصر "حزب الله التركي"، و"حزب العمال الكردستاني"، الأمر الذي دفعها العديد من المرات إلى التسلل إلى شمال العراق، وشمال غرب إيران بذريعة ملاحقة عناصر هذا الحزب، وفى المقابل كانت إيران تنفى أية صلة بهذه المنظمات.

3. أدى توجه تركيا للانضمام للإتحاد الأوربي إلى متغيرات أفادت القضية الكردية حيث يفرض الإتحاد الأوربي شروطاً خاصة بقضايا حقوق الإنسان وقضايا الديمقراطية، والتمثيل النسبي للأحزاب وجماعات الناخبين، ما أدى إلى إمكان إفساح المجال لمشاركة حزب العمال الكردستاني في الحياة السياسية التركية.

4. وفى خطوة هامة على صعيد الإصلاح السياسي، وافق البرلمان التركي في 26 يوليه 2001 على تعديل مواد دستورية أساسية تسمح باستخدام لغات "غير تركية" مثل الكردية والعربية في الإعلام والنشر، ما يعطي الحق للأكراد في إصدار صحف ومطبوعات في إقليمهم، والبث الإذاعي التليفزيوني بلغة كردية.

كما اتجهت الحكومة التركية إلى رفع بعض القيود عن استخدام اللغة الكردية، إضافة إلى تعديلات تتصل بمعايير الحريات وحقوق الإنسان، خاصة إطلاق حرية الفكر والتعبير وإنهاء الاعتقالات السياسية بسبب مقولات أو خطب أو أفكار سياسية معارضة.

5. تجاوباً مع توجه الحكومة التركية، وأعلن حزب العمل الكردستاني عن وقف العمليات العسكرية من طرف واحد، وصولاً إلى حل حول المسألة الكردية، يرضى الأكراد، ولا يخل بالسيادة التركية ووحدة أراضيها، وقد تأسس هذا القرار على رؤية قادها عبد الله أوجلان من داخل سجنه، وتنفذها كوادر الحزب، وتنبع من الحقائق الآتية:

أ. أن القضية الكردية أصبحت ذات أهمية سياسية وإعلامية، يجعلها تتقدم وتضغط على صانع القرار في تركيا (خاصة في توجهه نحو الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي).

ب. أن المقاومة التي مارسها حزب العمال الكردستاني، كانت من أجل تأكيد حقوق الأكراد، وطالما أن الحكومة التركية قد آمنت بأن للأكراد حقوقاً سواء في العملية السياسية أو الحكم الذاتي أو المواطنة الكاملة، وإنهاء أعمال التهميش والاضطهاد، وتمكين الأكراد من استخدام لغتهم المحلية في الحياة والمدارس ووسائل الإعلام المختلفة، فإن على الأكراد التجاوب مع هذه المميزات.

ج. أن حزب العمال الكردستاني بصفة خاصة، وأكراد تركيا بصفة عامة لايهدفون إلى تقسيم تركيا، أو إشاعة الفوضى في ربوعها، ولكن هدفهم الأساسي هو العيش المشترك على أسس عادلة.

د. أن أكراد تركيا – من خلال المشاركة السياسية – يكونون قد حصلوا على حقوق ومميزات تعادل أو تزيد عما حصل عليه أكراد العراق، كل في بلده، ولم يحن الوقت كي أن يطالب كل منهما بنوع من الوحدة أو المطالبة بدوله كردية تحيى أمل الأكراد في كردستان موحدة، حيث أن الموقف الإقليمي والدولي لايسمحان بشئ من هذا القبيل حالياً.

6. ورغم ذلك، فإن الجهود التركية التي يقوم بها الجيش بالتنسيق مع الحكومة أو بدونها، تتجه نحو محاولة القضاء على مراكز حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وفى هذا المجال فقد اتخذت عدة أطراف العديد من الإجراءات أهمها:

أ. سعت الولايات المتحدة بالتعاون مع تركيا والحكومة العراقية إلى محاولة "خنق" حزب العمال الكردستاني، وقامت الولايات المتحدة بتعيين مفوض لهذا الغرض هو الجنرال جوزيف رالسون، وذلك في محاولة لتطمين تركيا بعدم قيام دولة كردية تضم أكراد العراق وتركيا وإيران وسورية وأرمينيا تحقيقاً للهدف الكردي التاريخي.

ب. في محاولة أعمق لطمأنة تركيا، فقد وعد الفصيلان الكرديان الرئيسيان في شمال العراق، بتصفية معاقل حزب العمال الكردستاني في المنطقة.

ج. تعهدت واشنطن بعدم توجيه أي نقد لتركيا في مسألة تعاملها مع حزب العمل الكردستاني، إلا إذا تصرفت تركيا بسياستها الخارجية بطريقة تزعج واشنطن.

7. الموقف التركي تجاه العراق – فيما يتعلق بالمسألة الكردية:

أ. ترى تركيا أن الاقتصاد الكردي بكردستان العراق، أصبح يشكل تهديداً أكبر من قدرة الأكراد العسكرية، وذلك بعد أن أصبح الأكراد يحصلون على نسبة 13% من قيمة صادرات النفط العراقية، بل ويتجهون إلى السيطرة على مصادر النفط في شمال العراق، بما يزيد من قدرتهم الاقتصادية في حالة تطبيق الفيدرالية.

ب. لاتزال تركيا تحلم بالمطالبة بأحقيتها في عودة قضاوي الموصل وكركوك إليها على أساس أنهما استقطعا قسراً في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وبرغم أن العديد من المسؤولين الأتراك أشاروا إلى عدم وجود مطالب لتركيا في شمال العراق، إلا أن هناك مخاوف لدى أكراد العراق بغزو تركي لهذه المنطقة بذريعة حماية الأقلية التركمانية، إذا حاول الأكراد بسط نفوذهم عليها.

ج. تتبنى تركيا سياسة الرفض القاطع لأي محاولة لتقسيم العراق، ومنح أكراد العراق فيدرالية تتيح لهم إنشاء دولة مستقلة، تؤدى إلى تغيير الخريطة السياسية للمنطقة.

د . ترى تركيا أن الخيار الأمني العسكري، لابد أن يكون قائماً لمجابهة المتغيرات في المسألة الكردية، برغم مسيرة العمل السياسي في هذا المجال.

ثامناً: موقف أكراد العراق في مسألة دعم حزب العمال الكردستاني التركي

تزامن إنشاء حزب العمال الكردستاني، مع فترة كان يعانى فيها أكراد العراق من اضطهاد أو خلاف بين الفصيلين الرئيسيين بقيادة مسعود برزاني وجلال طلباني وبالتالي فإن منطقة كردستان العراق كانت تشملها فوضى عارمة، إلى جانب طبيعتها الجبلية، لذلك كان من السهل أن يتسرب مقاتلو حزب العمال الكردستاني إلى شمال العراق في البداية هرباً من بطش السلطات التركية.

مع استمرار المقاومة، فقد قبل قادة أكراد العراق إيواء مقاتلي حزب العمال الكردستاني لعدة أسباب.. منها:

1. نزعه الشعور القومي الكردستاني، وأكراد العراق مناضلون أيضاً، من ثم عدَّوا تضامنهم مع أكراد تركيا هو واجباً قومياً.

2. قيام تركيا بتكرار عدوانها على شمال العراق بحجه القضاء على حزب العمال الكردستاني، ما عده أكراد العراق عدواناً عليهم، وتركوا التصدي للقوات التركية لهؤلاء المقاتلين دون إقحام أنفسهم في المشكلة.

3. أن منطقة كردستان العراق في عقد التسعينيات وحتى الآن، لا يسيطر عليها سوى الأكراد أنفسهم، وغابت سيطرة الدولة العراقية عنها، إلى جانب أن الحكومة التركية عازفة عن إجراء حوار مع أكراد العراق بهذا الخصوص، وحتى لا تمنحهم شرعية "دولة" تجرى معها تفاوض.

4. توجه أكراد العراق إلى تطبيق تجربتهم مع دول الجوار، من خلال عناصر كردية نشطة بحيث يصل الحال في يوم من الأيام إلى قيام دولة كردية على أرض كردستان التاريخية.

تاسعاً: الموقف الإيراني من المسألة الكردية

1. ظل الموقف الإيراني كما هو والذي يتحدد في الآتي:

أ. السيطرة على الأكراد الإيرانيين وضمان عدم تفاعلهم مع الفصائل الكردية في الدول المحاورة.

ب. استقطاب الأكراد والحركات المعارضة في كل من العراق وتركيا، من أجل تنفيذ أهداف إيرانية.

ج. وعلى ذلك فإنه مع بداية القرن الحادي والعشرين لم تكن هناك متغيرات ذات تأثير فيما يخص أكراد إيران. فيما عدا قيام الرئيس محمد خاتمي بتنصيب أول محافظ كردى لمحافظة كردستان وهو "عبدالله رمضان زاده"، كما تم تشكيل حزب الإصلاح الكردي، ومنظمة الدفاع عن حقوق الإنسان الكردية برئاسة "محمد صادق كابودواند" عام 2005 وتلقى هذه الحركات المسالمة رواجاً لدى معظم الأكراد الإيرانيين.

في نفس المجال، فلم يخل الأمر من صدامات وأحداث صغيرة لا ترتقي إلى بروز قضية كردية في إيران، وعلى سبيل المثال:

(1) في 9 يوليه 2005 قامت قوات الأمن الإيرانية بقتل الناشط الكردي "شوان قدرى" ما أدى إلى مظاهرات عارمة وأحداث متفرقة استمرت لمدة ستة أسابيع، في مدن مهاباد، وستندج ويوكان، وستقز، دبانه، وشنو، وسردشت.

(2) في أغسطس 2005 ثم اختطف 4 من رجال الشرطة الإيرانية من قبل حزب كردى مسلح (حزب الحياة الحرة الكردستاني) وهو حزب حديث تأسس عام 2004، ويعتقد أن لهذا الحزب صلة بحزب العمال الكردستاني التركي.. وقد قام هذا الحزب بقتل حوالي 120 فرداً من رجال الشرطة على مدى ستة شهور من تشكيله.

2. شجعت إيران الأكراد العراقيين الذين فروا من العراق إبان الحكم البعثى السابق، ويبلغ تعدادهم حوالي 7000 كردياً، إلى العودة للعراق، ضمن العراقيين من أصل إيراني الذين كان حزب البعث قد طردهم، ويبلغ تعدادهم نحو 200 ألف فرداً.

3. تنتهج إيران سياسة تشير إلى الحفاظ على وحدة العراق، حيث إن قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق سوف تعود آثاره على أكراد إيران، وتؤدى إلى عودة الفتنة الطائفية التي تمكنت طهران من إخمادها في مراحل سابقة.

4. تدعم إيران موقف الأكراد على أراضيها، في محاولة لاستقطابهم وإبعادهم عما يحدث في العراق، وكان تعيين حاكم للإقليم من أصل كردى، موالٍ للنظام الإيراني، لأول مرة، رغبة في السيطرة على الأكراد الإيرانيين، ومنعهم من الاتصال بأكراد العراق".

5. دعم مؤتمر المعارضة العراقية بما فيها المعارضة الكردية العراقية الذي عقد في لندن ديسمبر2002، واستقبال أقطاب المعارضة في طهران أثناء توجههم إلى أربيل في أعقاب هذا المؤتمر، وتنفيذ إجراءات أمنية مشددة لحمايتهم.

عاشراً: الدور الإسرائيلي في المسألة الكردية

برغم تصاعد الأقوال عن أن لإسرائيل نشاطاً في كردستان العراق، إلا أن الرئيس العراقي جلال طلباني، وهو زعيم كردى، نفى تماماً أن يكون لإسرائيل أي دور في شمال العراق، وتشير بعض مصادر الأنباء (غير المؤكدة) أن إسرائيل تقوم بالآتي:

1. عسكرياً: تقوم بإرسال مدربين لتدريب البشمركه، وتزويدهم بالأسلحة الخفيفة، واستقبال متدربين أكراد في إسرائيل.

2. اقتصادياً: تقبل الأفراد والشركات الإسرائيلية على العديد من الإجراءات منها.. شراء الأراضي وتطبيق التكنولوجية الإسرائيلية في الزراعية- التبادل التجاري وترويج المنتجات الإسرائيلية في شمال العراق- تدريب الأكراد على بعض الحرف المهنية والصناعات الصغيرة.

3. إستراتيجياً: تهدف إسرائيل على الحضور – بصورة ما – على الحدود الشمالية الغربية لإيران، والحدود الشمالية الشرقية لسورية بإظهار نفوذها في منطقة شمال العراق.

4. هناك بعد آخر بشير إلى أن التغلغل الإسرائيلي لا يقف عند شمال العراق فقط، ولكنه يعمل على الانتشار خاصة في مناطق البترول، وتهدف إسرائيل إلى الحصول على حاجاتها البترولية من العراق، وهو هدف قديم تحاول إسرائيل تجديده.