إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الأكراد والمشكلة الكردية




الملا مصطفى البرزاني
جلال طالباني
عبدالله أوج آلان
عبدالرحمن قاسملو


منطقة الأكراد "كردستان"



القدرة الشاملة لإيران

المبحث الثاني عشر

النظام الذي يرتضيه الأكراد في بناء العراق الجديد

يهتم الأكراد بمكانة العراق الإستراتيجية سواء جغرافيا أو ديموجرافيا أو اقتصاديا، ويرون أن مستقبل العراق يحظى باهتمام إقليمي وعالمي كاملين، وهذا ما تؤسس القيادات الكردية إستراتيجيتها عليه، لكي تحتل مكانا مرموقا بصفتها القومية الثانية في دولة العراق، حتى لا يعاد تهميشها، وأن تستعيد دورها في الساحة السياسية العراقية، ومن أجل ذلك فهي تسعى لتثبيت حقوقها في الدستور العراقي، حتى تطمئن على مستقبل الأجيال القادمة من الأكراد على أرض العراق، وإبعاد تعريضه لهيمنة فكر استبدادي تعسفي دينيا كان أو مذهبيا أو قوميا أو عرقيا.

أولاً: هل يهدف الأكراد إلى إنشاء دولة مستقلة

يؤكد موقع الحكومة الكردستانية العراقية على الانترنت Kurdistan government Regional "KRG" أن الأكراد لا يسعون إلى تقسيم العراق، كما يشار إليهم من خلال تحليل بعض المفكرين، سواء كانوا من المفكرين العرب أو التركمان، بهدف تأليب الشارع العراقي ضدهم أو تغذية الناحية العاطفية لدى الأكراد أنفسهم لتصعيد نزعة الاستقلال، بل إن التوجه الكردي يشير إلى الاستعداد للتعامل مع كافة القوى السياسية في العراق، من أجل الحصول على دعم سياسي لتحقيق مصالحهم.

برغم أن الشارع الكردي أبدى رغبته في الاستقلال من خلال الاستفتاء الذي سبق إجراؤه ، وعلى الرغم من أن قضية قيام دولة كردية تندرج ضمن القضايا الإنسانية والحقوقية وهى أيضا حق مشروع أسوة بكل شعوب العالم، بل إنه "حلم كردى" كما عبر عنها الرئيس مسعود البرزاني، إلا أن الموقف السياسي الكردي دعا إلى البقاء ضمن عراق فيدرالي موحد، وكان ذلك موقفا حكيما من القيادة الكردية ضمن قراءة ورؤية عقلانية، آخذه بعين الاعتبار مجموع الظروف والشروط والمناخ السياسي العام في المنطقة والعالم. وقبل ذلك المصلحة الكردية نفسها: لعدة أسباب أهمها:

1. أن إعلان الاستقلال سوف يصطدم مع مجموعة عوامل وأسباب ترتبط بمصالح العديد من البلدان، وعلى الأخص دول الجوار العراقي، حيث التوزيع السكاني والبشرى للأكراد والذي يشكل ضغوطا سياسية دائمة. بالتالي فإن التغير في خريطة العراق بقيام دولة كردية، يعنى تغيير للخريطة السياسية للشرق الأوسط بأكمله، وبالتالي فإن مجموع هذه الدول (تركيا- إيران- سورية)، ومن ورائهم العالمين العربي والإسلامي، سيكونون لها بالمرصاد، وسيحاولون خنقها في المهد، حتى لا تتكرر مطامح الأكراد على أراضيهم.

2. أن لدول جوار العراق علاقات ومصالح واسعة وقوية مع كل من الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة والعالمين الإسلامي والعربي، وبالتالي فإن القوى الكبرى، خاصة أمريكا ودول الإتحاد الأوروبي، ليسوا على استعداد بالتضحية بمصالحهم في منطقة الشرق الأوسط (الجديد أو الكبير) إرضاءً للأكراد. فالسياسة اقتصاد ومصالح، والأكراد ليسوا على مستوى قدرة الدول الأخرى في تعاملهم مع العرب، وبالتالي فإن أمريكا وأوروبا لن تراهنا على حصان خاسر.

3. هناك اقتناع لدى القيادات السياسية الكردية بأن هذا الوقت لا يمثل الظرف الأمثل للإعلان عن قيام دولة كردية، إلا أن الحكومة الكردية تأمل في تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير، بل وتدعم القوى الكبرى في تنفيذه، حيث ستكون من أوائل القوى المستفيدة منه في تطبيقاته الديمقراطية والاقتصادية وحقوق الإنسان.

وجه مسعود البرزاني في هذا السياق نفسه، في 19/4/2003 (في أعقاب غزو العراق واحتلاله) من أجل تأكيد موقف الزعامات الكردية في التمسك بهويتها العراقية، ولأجل معالجة الموقف من اعتداء عناصر كردية على قرى عربية مجاورة، وحرصا منه على عدم استقبال فتنة بين العرب والأكراد في أعقاب الغزو، وجه نداءً إلى العشائر العربية، "وجميع الإخوة العرب في المناطق المجاورة للشعب الكردي" جدد فيه التزامه والتزام الشعب الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني والقوى والأحزاب الكردستانية الوطنية بعلاقات الأخوة المتينة بين العرب والأكراد.

وأكد التزامه بتعاليم "القائد الراحل مصطفى البرزاني"، وببرامج برلمان كردستان، ونهج الحزب الديموقراطي الكردستاني بوحدة العراق الوطنية، كما هنأهم عرباً وأكراداً وتركمان وبقية المواطنين في المنطقة بالتحرر من الديكتاتورية والظلم، ودعاهم إلى الحرص على روح التعايش السلمي الأخوي وتوطيد الوحدة الوطنية. كما أشار إلى أن خلافات الأكراد ومعاركهم تأسست على معارضة النظام المستبد، ولم تكن أي خلافات مع الشعب العراقي بفئاته المختلفة.

وأكد جلال طالباني، في المجال نفسه، في حديث صحفي "أن حزبه لا يسعى إلى إقامة دولة كردية"، مؤكدا "أن هذا ليس ما نحلم به. حيث إن حلمنا هو الحياة في إطار عراق ديموقراطي".

ويؤكد ذلك أيضاً، سعى جلال طالباني إلى الترشيح لرئاسة الجمهورية العراقية، وهو أمر غير مسبوق على مستوى العراق، أو أي دولة توجد على أرضها قومية عربية. وربما يكون وجود جلال الطالبان على قمة نظام الدولة بمنزلة دعم للأكراد في تحقيق أهدافهم القومية، وإصدار العديد من القوانين، أو صياغة مواد في الدستور لصالح الأكراد.

ثانياً: رؤية الأكراد في بناء العراق الجديد

يرى الأكراد أن نظام الدولة العراقية التي قامت في بداية العشرينات من القرن الماضي على أساس تحكم فئة أو طائفة معينة بمقدراتها قد فشل. وهذا يعنى فشل العقد السياسي القائم منذ عام 1921، ويريدون عوضا عنه ، إنشاء عقد جديد، يقوم على عدة أمور، يرون أنها حيوية ومصيرية بالنسبة لوجودهم، بوصفهم قومية ثانية في العراق تبني الرؤية الكردية على تحقيق الأسس الآتية:

1. البناء الديموقراطي

يرى الأكراد أن البناء الديموقراطي للدولة، هو أهم المطالب الأساسية، لأن فيه ضمانا لاستمرار التمتع بالحقوق المشروعة للشعب الكردستاني، كذلك فهو مطلب ملح لعموم الشعب العراقي، ولعل في التمسك بشعار ديموقراطية العراق، ومن ثم فيدرالية كردستان، ربط لمسألة الحقوق الكردية بالنظام الديموقراطي، ضمانا لعدم صعود الحكم السلطوي الذي عانت منه العراق لعقود طويلة، وفشلت معه جميع جهود الأكراد للحصول على حقوقه المشروعة.

ومن ثَم، يتمسك الأكراد ـ في المرحلة الحالية ـ بالخيار الديموقراطي، ويتطلعون إلى أن تكون الدولة ديمقراطية قائمة على أساس التوافق وقبول الآخر كما هو، وليست ديمقراطية أكثرية أو أغلبية لا تتناسب مع النسيج غير المتجانس من حيث الاختلافات القومية والمذهبية والدينية. لذلك، فقد عمل الأكراد على أن ينص الدستور على أن يتكون العراق من قوميتين رئيسيتين هما العربية والكردية، ومن القوميات التركمانية والأشورية.. وغيرها.

2. الفيدرالية

إن الأكراد على يقين من أن مسألة انتقال السلطة من حكومة مركزية إلى حكومات مناطقيه هو أمر في غاية الصعوبة بين جميع المسائل الدستورية، إلا أن مسألة الفيدرالية قتلت بحثا بين أقطاب المعارضة في الخارج على مدى عقد مضى، واكتسبت هذه الفكرة تأييدا على الصعيد الدولي، بينما لاقت معارضة على المستوى العربي.

يظهر الأكراد إحساساً كبيراً بأحقيتهم في الفيدرالية، وهو إحساس مستمد من الأحوال التي قاسوها في ظل حكم البعث السابق، ويرون أن لهم الحق في إعلان استقلال كردى، مستغلين خبراتهم السابقة، وضعف الدولة العراقية حالياً، والدعم الذي يلاقونه سواء من الخارج أو من شخصيات عائدة من المنفى، من الشيعة الذين لهم تطلعات لأن يتخذوا نفس مسار الأكراد في الفيدرالية.

مع ذلك فإنهم يدركون أن هذا الحق محدود بفعل وقائع إقليمية، ومن هنا اتخذوا قراراً بالبقاء داخل العراق، وعلقوا ذلك، فقط، على نيلهم تلك الحقوق، التي يقولون أنهم وجدوها ضرورية لمنع التمييز مستقبلاً من جانب الدولة، وهى حقوق، يرون أنها لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال دولة فيدرالية، تضمن حقوق الأكراد في المواطنة الكاملة، ولا تعدهم مواطنين من الدرجة الثانية.

عبر وزير الخارجية العراقي "هوشيار زيبارى"، والذي عين في الحكومة الانتقالية، والحكومة المنتخبة عن مسألة الفيدرالية التي يطالب بها الأكراد من خلال الآتي:

أ. أن الأكراد لن يقبلوا أن يكونوا أنصاف عراقيين، بل عراقيون لهم كل الحقوق، والعراق هي بلدهم وعليهم المعاونة في تعميره.

ب. أن الأكراد اتفقوا على تجربة الحكم الذاتي، ولا يستقر في تفكيرهم التركيز على الموصل أو كركوك وإنما على بغداد، من خلال مشاركة كردية وطنية، وقتل التركيبة الذهنية القائمة على أن للأكراد أهداف محددة.

ج. أن الأكراد اتخذوا موقف "المعارضة المحسوبة" ضد النظام البعثى السابق، لكي يحولوا التفكير السياسي من التفكير القومي الضيق إلى المجال الوطني الشامل. فلو أعلن الأكراد أن كركوك كردية، فربما يثير ذلك تركيا التي تشن هجوماً عليهم، ولكن تمسكهم بأن كركوك عراقية، للأكراد حقوقاً، فيها يؤدى إلى تضييق نطاق الخلاف من خلال دائرة وطنية يمكن التفاهم من أجل الوصول إلى حلول وسطية.

د. أن فكرة الفيدرالية أصبحت مطلباً شعبياً يتبناه معظم القوى السياسية، والأكراد يسعون إلى منبر عراقي، مع برامج سياسية يشارك فيها جميع الطوائف والمنابر، ومن خلال جدول أعمال وطني واسع. وفكرة الفيدرالية هي أمر تقرره المفاوضات الوطنية، التي قد تكون صعبة، ونحن نقول لأصدقائنا العرب الخائفين من الفيدرالية، لماذا أنتهم متشككون؟ إننا نحن الذين سوف نتنازل عن ميليشياتنا، وعن عملتنا، وحتى عن مصادر نفطنا – وباختصار عن كل شئ نملكه.

3. الانتماء القومي

يعترف الأكراد بأحقية العرب في الانتماء إلى القومية العربية، وأن يكون العراق عضواً في جامعة الدول العربية، ويرون في الوقت نفسه أن الأكراد ليسوا جزءاً من الأمة العربية، لأن هذا يعنى صهر الشعب الكردستاني في بوتقة الأمة العربية، أي القضاء على قوميتهم الكردية، وهو ما يقابل – شعبياً – بالرفض التام، لذلك، فهم يعارضون مسألة الهوية العربية للعراق في الدستور الدائم، ولذلك أصروا على فصل الدولة عن الشعب.

وفى هذا، فإن الأكراد لازالوا على حلمهم في بناء دولة كردستان، التي تشمل العديد من أجزاء الدول التي تعيش فيها القومية الكردية، ويرون أن الأمة الكردستانية تمتلك كل المقومات لبناء هذه الدولة في توقيت يسمح بذلك.

4. دين الدولة

يعترف الأكراد بالهوية الإسلامية للدولة العراقية الجديدة، ولكنهم يرفضون أن يكون الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع، ولذلك أصروا في صياغة الدستور في مادته الثانية: "الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساسي للتشريع"، ويتذرع الأكراد - وتؤيدهم العديد من القوميات والأديان الأخرى – بأن العراق الحالي يضم أدياناً متعددة مثل المسيحية واليزيدية الصابئه، كما يضم الدين الإسلامي نفسه مذهبين سنة وشيعه، وبالتالي فيجب أن يكون الدستور مرنا بحيث يحقق ضماناً للحريات عند سن القوانين.

5. دعم المجتمع المدني

يولى الأكراد اهتماماً كبيراً لتأسيس المجتمع المدني من خلال دعم المؤسسات الحرة، لتقوم بدورها في رصد الحياة السياسة في إقليم كردستان، والمساهمة في توعية الجماهير بأهمية وجود مؤسسات مدنية قوية لمتابعة أعمال الحكومة.

وتهتم القيادة الكردية بدور المرأة في المجتمع ومنحها حقوقها، حيث عينت حكومة كردستان أول امرأة قاضية محاكم، وتبوأت سيدة منصب قائمقام القضاء، الذي كان حكراً على الرجال في العراق، كذلك عينت وزيرات في حكومة كردستان.

6. مسألة كركوك

هو الموضوع الأكثر إثارة للنزاع، بين الحكم الذاتي في كردستان والحكومة المركزية، ويتأسس على تحديد حدود المنطقة الكردية، من خلال التفكير في كيفية تحديدها أمنياً أو إقليمياًَ (بحدود الأرض)، وما إذا كانت ستضم كركوك أم لا، وهنا لا يبدو حلاً وسطاً من الجانب الكردي، حيث يتطلعون إلى حدود كردية – عربية، تمتد تقريباً عبر حقول النفط ومخزوناته المعروفة، وغير المستغلة. على أن تدمج مدينة كركوك بأكملها، وكذلك القسم الشرقى من مدينة الموصل (الضفة الشرقية من نهر دجله)... استناداً على أن دائرة المعارف العثمانية تحدد حدود الأكراد القديمة بما هو أبعد من ذلك بكثير.

فكركوك تمثل إحدى أهم القضايا الخلافية بين القيادة الكردية، والحكومة المركزية العراقية، حيث يتمسك الأكراد بكركوك من منظور تاريخي، وحتى تكون هي العاصمة الاقتصادية لكردستان العراق، بما تحمله أرضها من ثروات بترولية ضخمة تُعَدّ ضرورية لبناء الدولة وتنمية قدراتها. أما الحكومات العراقية المتعاقبة فلم تكن على استعداد للتنازل عن كركوك للسبب نفسه.

مع بداية احتلال العراق، ونتيجة لتحركات الأكراد المحفوفة بالمخاطر داخل المدينة، فقد سارعت الإدارة الأمريكية بالسيطرة على المدينة، وتولى القيادة الشاملة، ثم أقاموا مجلساً للمدينة اعتبارا من مايو 2003 يتكون من ثلاثين عضواً، تحدد تكوينه بنسبة متعادلة بين الجماعات الأربع الرئيسية التي لها مطالب في المدينة، وهم العرب، والأكراد والتركمانيون والأشوريون والكلدانيون.

أعطى هذا المجلس لكل من هؤلاء الحق في ترشيح ستة مرشحين، ثم أضافت الإدارة الأمريكية ست شخصيات مستقلة، وأجبرت الميلشيات الكردية على الانسحاب، وقد اختار الأكراد مرشحيهم بالتساوي بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، بواقع ثلاثة مرشحين لكل حزب.

هكذا، واجه الأكراد لعبة جديدة أقامتها سلطة التحالف المؤقتة، التي سعت إلى بناء ملعب جديد، تجمد من خلاله اتخاذ أي قرارات كردية خاصة بالمدينة، إلى أن يصبح بالإمكان تهيئة المشهد السياسي الوطني، وقد عملت سلطات التحالف أيضاً إلى إقامة سلطة قضائية مستقلة، وعملت على فصل السياسة في المدينة عن المنافسة الاثنية.. إلا أنهم لم يسيطروا على النواحي الأمنية المتصاعدة في كركوك، وفى نطاق ما يحدث على أرض العراق بالكامل.

قرر الأكراد أن يلتزموا الصبر، وأن لا يضغطوا بمطالبهم للحصول على كركوك في هذه المرحلة، مع تشجيع الأكراد النازحين على العودة إلى "مواطنهم المعربة"، وهو ما صرح به مسعود البرازنى: "ينبغي على هؤلاء العرب أن يرحلوا، لأنهم جلبوا إلى هنا بهدف "تعريب كردستان"، ومن المستحيل للأكراد أن يقولوا أن باستطاعة العرب أن يبقوا، ولكننا سنتحلى بالصبر حتى يمكن إيجاد حل قانوني".

يرى الأكراد أنه مازال هناك أمل لحل المشكلة بطرق ودية وتوافقية مرضية لجميع الأطراف المتمسكة بحقوقها في المدينة، طبقاً لما نصت عليه المادة 58 من قانون إدارة الدولة العراقية والتي تنص على "تطبيق أوضاع المدينة بإجراء إحصاء سكاني جديد فيها، ومن ثم إجراء استفتاء شعبي عام للسكان لمعرفة رغبتهم في اللحاق بإقليم كردستان أو البقاء منفردين، أو الانضمام إلى فيدرالية أخرى. ولضمان الفوز بهذا الاستفتاء فإن حكومة إقليم كردستان تقوم بعمليات إرجاع حوالي 100 ألف كردي كانوا قد سبق تهجيرهم، إلى جانب تأكيد تولى أكراد للمناصب القيادية الرئيسية في كردستان العراق.

7. الميلشيات المسلحة البشمركة "الباش مركه"

بالرغم من أن مسألة الميلشيات المسلحة في العراق تمثل هاجساً أمنياً عنيفاً، أدى بدوره إلى اتساع نطاق الفوضى الأمنية، وأن تفكيك تلك الميليشيات يمثل أحد الأهداف لإعادة الاستقرار إلى ربوع العراق، إلا أن القيادات السياسية الكردية تصر على إخراج  "البشمركة من نطاق الميلشيات المهددة للأمن"، بل أن هذه القيادات الممثلة في رئيس جمهورية العراق" جلال طلباني" ، ورئيس إقليم كردستان "مسعود برزاني" يصرون على عدم نعتها "بالميليشيات" بل يجعلونها مكوناً شرعياً من مكونات الجيش العراقي مسئولة عن حماية أمن المناطق الشمالية.

وبالتالي يقاوم الأكراد مقاومة شديدة أي محاولة للاقتراب من "البشمركة" لتطبيق قرار تفكيك الميليشيات بشأنها، وقد أضفت نصوص الدستور العراقي، قدراً من الخصوصية على وضع إقليم كردستان العراقي، في إطار عراق إتحادي، وبما يشير إلى ضرورة وجود عناصر أمنية ممثله في البشمركة[1].

يتخذ الأكراد ذريعة لموقفهم الحالي، بأن الإدارة الأمريكية لم توجه أي أصابع اتهام للتنظيمات العسكرية الكردية (على عكس ما وجهت إلى الميليشيات الشيعية والسنة) ومن ثَم، فإن قرار "التفكيك" لا يشمل البشمركة.

ثالثاً: الرؤية العراقية والدولية والإقليمية للنظام الذي يرتضيه الأكراد

تجمع جميع القوى على أن المسألة الكردية ذات خصوصية وحساسية ـ لا تتصل بالنظام العراقي فقط ـ ولكن يمتد تأثيرها ليخترق حدود أربع دول مجاورة للعراق، ومن هنا فإن مسألة الأكراد العراقيين لابد أن تحل داخل حدود دولة العراق، وطبقا لنظام متكامل يشمل طوائف الشعب العراقي، والتي تنصهر المسألة الكردية في بوتقتها. وبحيث لا يسمح بامتداد تأثيراتها إلى دول الجوار، حتى لا تفجر موقفاً عرقياً قد يزيد من المشكلة التي تعيش فيها المنطقة.

1. الرؤية داخل النظام العراقي

لم يستقر النظام العراقي لتكون له رؤية محددة، ولذا فإن القوى الفاعلة تختلف توجهاتها طبقا لمصالحها، وما تريد أن تحققه من قدرة وسيطرة سواء على المستوى الطائفي أو من خلال المشاركة في قيادة الدولة، ويمكن تلخيصها في الأتي:

أ. وجهة نظر الطائفة السنية: (وتؤيدها فيه العديد من القوى الوطنية من مختلف الطوائف)

تتلخص في الرفض القاطع لقبول نظام الفيدرالية، ومنع تشويه هوية العراق الوطنية، والوقوف في وجه مشاريع التفتيت التي يراد لها أن تتحقق من خلال اعتماد النظام الفيدرالي، وتدعي أن الفيدرالية ستقضى على ما تبقى من الدولة العراقية. لذلك فإن نظام حكم ديموقراطي (لا مركزي) يعطى صلاحيات إدارية واسعة للمحافظات وهو البديل الأمثل للفيدرالية.

تستند وجهة نظر الطائفة السنية على الأتي:

(1) أن البيئة السياسية في العراق غير مناسبة، لوجود الاحتلال، وأن الجمعية الوطنية المنتخبة، التي عليها تقرير مستقبل العراق غاب عنها 42% من الشعب العراقي، (يقصد السنة).

(2) أن جميع التجارب الخاصة بالفيدرالية في العالم جاءت من تجميع كيانات وليس من تفكيك دولة موحدة.

(3) أن القوى العربية السنية غير ملزمة بالاتفاقيات التي اتفقت عليها قوى المعارضة العراقية قبل الاحتلال، والتي أقرت فيها مبدأ الحكم الفيدرالي.

(4) أن الفيدرالية بالشكل الذي طرح خلال اجتماعات اللجنة الدستورية، هي تأسيس واضح لعملية تفتيت العراق على أسس طائفية وقومية. ذلك أنها تمهد لقيام إقليم كردى في الشمال، وإقليم شيعي في الجنوب، وليصبح العراق مكونا من ثلاثة أقاليم، كما أن الإقليم ـ حسبما ورد في الدستور ـ يتكون من محافظة واحد’ أو أكثر، وهذا يعنى تقسيم العراق لثلاث دويلات (شيعة وسنه وأكراد).

(5) أن البيئة الدولية والإقليمية المحيطة بالعراق لها مصلحة عليا في إضعاف العراق وتفتيته لما يشكله من قوة استراتيجية مؤثرة في المنطقة حال بقائه موحداً وقوياً. وهو ما لن يحدث في حالة إقرار الفيدرالية.

(6) أن الوضع الحالي في العراق يتسم بضعف المركز وقوة الأطراف، ما يجعل هذه الأطراف هي التي تتحكم في المركز، ولن تكون هناك قوة جذب مركزية تساعد في الحفاظ على الوحدة الوطنية، لا بل ستكون هناك تجاذبات بين هذه الأطراف تساعد على التفتيت.

(7) أن فرضية توزيع السلطة في النظام الفيدرالي، قد تكون كذلك في النموذج العراقي، وفى ظل سياسة متخلفة وانتماءات مذهبيه وعشائرية، بل أنها قد تكون توزيعا للديكتاتورية ذلك أن تعدد الفيدراليات سيتيح لقوى محلية أن تؤسس إقطاعيات سياسية يصعب تغييرها. وستكون بديلا لاستبداد المركزية كما أنها ستتصادم مع قوى محلية أخرى، ما يجعل هناك متسعاً للنفوذ الأجنبي المتغلغل في هذه الصراعات، مثلما حدث في الاقتتال الكردي الذي لم ينته إلا باتفاق واشنطن 1999.

ب. وجهة نظر الطائفة الشيعية

تتأسس وجهة النظر الطائفة الشيعية في بناء عراق ديموقراطي، يمنح حق المواطنة لكل من يحمل الجنسية العراقية، ويكون للشيعة اليد الطولي في إدارة البلاد بما يساير حقيقة الوضع الديموجرافي، إلى جانب أن معظم أقطاب المعارضة كانوا من الشيعة، في الوقت نفسه، فإنهم ينظرون بتعاطف كامل مع الأكراد في بناء الحكم الذاتي لهم.

تنطلق الرؤية الشيعية تأسيسا على عدة مبادئ أهمها:

(1) أن الشيعة عاشوا مبعدين ومنبوذين بفعل إقصائهم المنظم والمدروس عن السلطة وبغداد، إبان حكم البعث.

(2) أن الشيعة يمثلون الأغلبية السكانية في العراق، ولابد أن يكون صورتهم على مستوى ما يشكلون من أغلبية.

(3) أن الشيعة ينظرون إلى التجربة الكردية باهتمام زائد، ويعملون على دراسة الأخذ بهذه التجربة لتحقيق فيدرالية جنوب العراق.

(4) أن المعارضة الشيعية في الخارج كان لها اليد الطولي – بالتنسيق مع المعارضة الكردية لدعم وتأييد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ولا بد من أن تحصل على مقابل هذا الدعم.

(5) هناك قوى خارجية (إيران) تدعم الشيعة من أجل تحقيق فيدرالية العراق، من أجل تحقيق أهداف مستقبلية قد تؤدى على نوع من فيدرالية أخرى، أو أحد أشكال التنسيق مع إيران، من أجل تجمع شيعي كبير، وإقامة دولة شيعية عاصمتها قم، (وصية الإمام الخوميني).

(6) وقد أوضح الدستور الذي صاغته أغلبية شيعية وكردية عن تلك التوجهات في بناء عراق إتحادي، بمعنى التطبيق الفيدرالي، وإمكان قيام ثلاثة دويلات وحكومة مركزية يسيطر عليها الشيعة، ومن هنا يبدو أن الشيعة والأكراد في العراق، لهم نفس الأهداف في الحكم الذاتي، مع خلاف رئيسي، وهو أن الأكراد يريدون الاستقلال بإقليم كردستان، بينما الشيعة يريدون التقسيم الفيدرالي، في نطاق سيطرة شيعية على أرجاء الدولة.

2. وجهة النظر الأمريكية

اضطرت إلى غزو العراق في نطاق الحرب على الإرهاب... بمعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى عراق موحد له إدارة ترتبط بالولايات المتحدة الأمريكية، وتحقق مصالحها، وتكون هذه الإدارة مقبولة إسلامياً وعربياً.

على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية دعمت الأكراد، واتخذت إجراءات عسكرية لتأمينهم من بطش النظام البعثى السابق، من خلال قرار حظر الطيران العراقي (أبريل 1991) وبرغم أن وزيرة الخارجية الأمريكية إبان زيارتها للمنطقة في بداية شهر أكتوبر2006، تعمدت زيارة منطقة كردستان العراق، واستقبلت استقبالاً حافلاً، أراد به زعماء الأكراد التعبير عن العلاقة الأمريكية – الكردية.

وانحسرت المباحثات في هذه الزيارة على المصالحة العراقية وأهمية الدور الكردي في تفعيلها كذلك عن النفط وتوزيع الثروات، وكأن وزيرة الخارجية الأمريكية كانت تلمح بأن كردستان العراق لابد أن تظل في نطاق الدولة العراقية.

واستقبل مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان بترحاب شديد أثناء زيارته للولايات المتحدة في صيف 2006، وأستقبله الرئيس بوش في البيت الأبيض، بما يشير إلى عمق العلاقات الأمريكية - الكردية، وتوجه الولايات المتحدة إلى أن يكون للأكراد دور في عملية استقرار العراق.

وأعلن الرئيس جلال طالباني، في السياق نفسه، أن الولايات المتحدة الأمريكية يمكنها إقامة قاعدتين عسكريتين في إقليم كردستان ضمن إستراتيجيتها القادمة في الشرق الأوسط، وأن الأكراد يرحبون بذلك.

إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تميل إلى التشجيع على بناء دولة كردية داخل نطاق كردستان العراق، أو انفصال أكراد العراق عن مركزية الدولة من خلال حكم فيدرالي غير مسيطر عليه، وذلك للأسباب الآتية:

أ. أن العراق تعمه الفوضى في الوقت الحالي، وأي إعلان على هذا النمط سيؤدى إلى تفاقم الموقف وقد يؤدى إلى حرب أهلية، يزيد تورط الولايات المتحدة فيها.

ب. أن النظام في العراق لم يتحدد بصورة مطلقه برغم وجود دستور (مختلف عليه)، وبرغم وجود حكومة منتخبة (غير قادرة على السيطرة على ربوع البلاد)، وهو ما يتطلب تحقيق استقرار الأمن قبل السعي في أي إجراء تنظيم إداري للدولة، والذي يتطلب استقرارا بدرجة كبيرة.

ج. أن تركيا ـ أحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية ـ لا تقبل بناء دولة كردية في العراق؛ لأن ذلك من شأنه اشتعال الموقف على أرض كردستان تركيا للحصول على نفس الحقوق، والشروع في التوحد مع كردستان العراق. وسوف يقوم أكراد إيران بالدور نفسه، وهو ما يؤثر على بناء الخريطة السياسية للشرق الأوسط الجديد الذي تسعى الولايات المتحدة لبنائه، والذي يكون فيه الاستقرار والديموقراطية أساساً لتحقيق المصالح الأمريكية.

من هنا كان إعلان الرئيس الأمريكي بوش مراراً أنه ضد تقسيم العراق، وأن العراق لابد أن يتحد بكل فئاته، وأعراقه تحت حكم ديموقراطي مدعم من الولايات المتحدة الأمريكية

يدرك الرئيس بوش، أن الإدارة الأمريكية أخطأت بالتعامل مع العراقيين منذ الغزو، وحتى صياغة الدستور من واقع تقسيم عرقي، وهو الذي أدى إلى تفاقم المشكلة والتي أدت بدورها إلى تورط القوات الأمريكية العاملة في  العراق في معارك كان يمكن تجنبها، لو حافظت الولايات المتحدة على الوحدة الوطنية منذ اللحظة الأولى، ولم تستجب لمطالب أقطاب المعارضة العراقية، الذين سعوا إلى الحصول على مميزات عرقية داخل العراق، ومن ثَم، تفاقمت المسألة لما وصلت إليه حالياً.

3. وجهة نظر الإتحاد الأوروبي

نشأت خلافات بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين الدول المؤثرة في الإتحاد الأوربي نتيجة لرفضها شن الحرب على العراق عام 2003، كما حدث تصدع داخل الإتحاد الأوروبي نفسه بتأييد جماعة ومشاركتها في الحرب على العراق في مواجهة مجموعة الرفض، وحتى لا ينفرط عقد التحالف الأوروبي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإبقاءً على المصالح الأوروبية مع الولايات المتحدة الأمريكية، فقد آثرت دول الرفض الوقوف بما يشبه الحياد فيما يجرى داخل العراق، خاصة مع تصاعد المقاومة، وتورط الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في مواجهتها، وانطلاقاً من ذلك ينظر الاتحاد الأوروبي إلى مسألة الأكراد من ثلاثة إتجاهات مختلفة وهى:

الأول: حقوق الإنسان ورفع الظلم الذي ألم بالأكراد خلال العقود السابقة.

الثاني: استمرار الأكراد داخل النظام العراقي، ورفض تقسيم العراق، لأن ذلك سوف يؤدى إلى بروز مشكلات عديدة، تؤدى بدورها إلى تغيير الخريطة السياسية للمنطقة.

الثالث: الوقوف إلى جوار تركيا العضو في حلف الناتو، ودرأ التهديدات عنها، فيما لو اشتعلت المسألة الكردية في غير صالحها.

4. وجهتي نظر روسيا الاتحادية والصين

تتطابق تقريباً مع وجهة نظر الإتحاد الأوروبي.

5. وجهة نظر تركيا بوصفها دولة إقليمية ذات اهتمامات بالقضية الكردية

أ. تدرك تركيا خطورة الوضع في شمال العراق، وأن وقوع حرب أهلية في العراق من شأنه أن يساعد الأكراد العراقيين على تحقيق الاستقلال من جهة، ودفعهم لمزيد من التعاون والارتباط الوثيق مع كل القوى الأجنبية، مثل الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا.

ب. كما تدرك تركيا ضرورة الاستعداد للتعامل مع التقسيم المحتمل للعراق، وتوسعة المشروع المعروف باسم المشروع "B"، وبما يتطلب انتهاج سياسة متوازنة بشأن أكراد العراق، وإقليم كردستان التركي، وتدرك أن التصادم بين مصالح الأكراد والتركمان في العراق ليس في صالح تركيا، وأن التوافق بينهما يعد لصالحها، حتى تتمكن من جذب هاتين الفئتين إليها بعد أن تقرب بينهما، إلا أن بعض الجماعات السياسية في تركيا تتعمد تضخيم الاختلافات بين الأكراد والتركمان، من أجل تحقيق مصالح فئوية ذاتية داخلية.

ج. وفقاً لتقرير المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية في لندن أن تركيا قد فشلت، حتى الآن، وأخفقت في توفيق سياساتها مع الأوضاع السريعة والمتواترة، والمتغيرة بقوة في شمال العراق، وأنه بدون أن تقوم الحكومة التركية بتغيير حقيقي في سياساتها على المدى القريب – العاجل، فسوف تواجه أنقره مشكلات ضخمة تنبع جذورها من شمال العراق.

ويجب ألاّ تنظر تركيا إلى وجود كردستان مستقلة في شمال العراق على أنه تهديد لأمنها القومي، بل العكس هو الصحيح، حيث يمكن استثمار ذلك في حصر منافع ومصالح عديدة لتركيا، فأسوأ سيناريو لتركيا لا يتمثل في اندلاع حرب أهلية عراقية، على نحو أكبر مما هو قائم الآن؛ لأنه من الممكن أن تنشب حرب أهلية شاملة تتجاوز الإطار الجغرافي الجنوبي القائم حالياً في العراق، وهو ما يشكل خطراً على مصالح تركيا في حالة انضمام حزب العمال الكردستاني لِهذه الحرب.

د. تشعر تركيا بالخطر المتزايد بسبب أن شمال العراق قد بات ملاذاً لتجمع بعض الجماعات التي ساهمت بقوة في الأنشطة الإجرامية والسياسية الأخيرة التي ارتكبتها جماعة "اتابيلر"، وهى الجرائم التي نشأت وانتشرت في شمال العراق.

هـ. لذلك، فإن الموقف الرسمي التركي هو الرفض القاطع لإقامة دولة كردية في إقليم كردستان العراق، وهو ما صرح به وزير الخارجية التركية عبد الله جول في 5 نوفمبر 2006، حيث حذر كل من الرئيس العراقي جلال طالباني، ورئيس إقليم كردستان مسعود برزاني، من التمادي في أحلام إقامة دولة كردية شمال العراق، لأن مصيرهما سيصبح مثل مصير "سلوبودان ميلوسوفيتش" في يوغوسلافيا، وذكر جول في حديث لصحيفة "حريت" التركية (عدد 4 نوفمبر 2006)، أن طالباني وبرزاني على حافة خطأ تاريخي يقوم على ثلاثة أوهام هي :"إنشاء دولة كردية شمال العراق – تغيير الوضع الديموجرافي لمدينة كركوك- تقديم الدعم والحماية لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية"، وذلك اعتماداً على الوجود الأمريكي في العراق الآن، والذي سوف يزول إن آجلاً أو عاجلاً، بينما الجمهورية التركية باقية إلى الأبد.

6. وجهة النظر الإيرانية

تتطابق وجهة النظر الإيرانية مع وجهة النظر التركية في عدم السماح بإقامة دولة مستقلة على أرض كردستان العراق، لأنها ستثير قلاقل في إقليم كردستان الإيراني، فيعاوِدُ الأكراد الإيرانيون ثوراتهم من أجل الحصول على وضع مشابه لوضع أكراد العراق، أو تحقيق آمالهم في بناء دولة كردستان المتحدة على الأراضي الكردية التاريخية، وهو ما لن تسمح به الحكومة الإيرانية، ما يؤدي إلى تصاعد القلاقل التي تقود إلى عدم الاستقرار الداخلي.

7. وجهة النظر العربية

تقدر جميع الدول العربية خطورة الوضع وتعتمد استراتيجية موحدة، تعمل جامعة الدول العربية على تنفيذها، وهى تتحدد في الآتي:

أ. الرفض البات لتقسيم العراق، وأن تستظل كل الطوائف العراقية تحت مظلة العلم العراقي، ولهم جميع حقوق المواطنة (وبذلك ترفض إقامة دولة كردية تحت أي مسمى).

ب. تتخوف الدول العربية من مشروع الفيدرالية، وترى أنه سوف يعمق الطائفية، وستكون له نتائج وخيمة على المدى البعيد، أقلها التقسيم، وأشدها الصراع المسلح لامتلاك ثروات العراق.

ج. ترى الدول العربية، أن الأكراد ليسوا بمفردهم الذين لاقوا الاضطهاد على يد النظام السابق، ولكن هذا النظام كان ديكتاتورياً في مواجهة الجميع، ولذا فعلى الأكراد أن يسعوا إلى التآزر مع باقي الطوائف من أجل عراق جديد يتمتع بالديموقراطية وينطلق نحو المستقبل.

د. وأخيراً فإن الدول العربية، والخليجية منها خاصة، إلى جانب دول الجوار العراقي كلهم يرون أن الوضع النهائي للعراق لن يقتصر تأثيره على علاقات الجوار والوضع الإستراتيجي في دول الخليج فقط، ولكنه سوف يؤثر بشدة على الأمن القومي العربي بكل مجالاته.



[1] وتقدر أعداد البشمركة بعدة آلاف ولا تزيد عن ستة آلاف، مسلحين بالأسلحة الخفيفة والهاونات ويتدربون أساساً على القتال الجبلي.