إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / القدس (سياسياً... وتاريخياً... ودينياً)




وثيقة الأمان العمري
باب ستنا مريم
قبة الصخرة

مملكتي اليهودية وإسرائيل
إنشاء الوحدات السكنية في المستعمرات
مجسم لقبة الصخرة
مجسماً لمدينة إيليا كابيتولينا
الأطواق الاستيطانية حول القدس
الاستيطان اليهودي
الحفريات حول الحرم الشريف
القدس والنفق ـ الأزمة
القدس والانتداب البريطاني
القدس تحت الاحتلال البريطاني
القدس في الثمانينيات
القدس في التسعينيات
القدس في الخمسينيات
القدس في الستينيات
القدس في السبعينيات
خطة الأمم المتحدة للقدس
فلسطين في عهد سليمان وداود

الأوضاع النهائية في فلسطين
الأراضي المصادرة في القدس
القدس منذ عام 1967
القدس بين عامي 1949-1967
قرار تقسيم فلسطين



بسم الله الرحمن الرحيم

ثانياً: الفتح الإسلامي لمدينة القدس

    شهدت الشام، قبيل الفتح الإسلامي، حركة بيزنطية ظافرة، قادها الإمبراطور البيزنطي، هرقل (610 ـ 641م) Heraclius، الذي تمكن من تحقيق انتصار كبير على أعدائه الفرس، وعقد معهم معاهدة، استعاد، بمقتضاها، الأقاليم كافة التي سبق أن استولوا عليها، والآثار المقدسة التي سلبوها، خاصة "الصليب المقدس".

    كما شهدت مدينة بيت المقدس ذروة هذا الانتصار، عندما قَدِم هرقل إليها، في ربيع سنة 630م، حيث أعاد وضع الصليب المقدس في مكانه، في "كنيسة الضريح المقدس"، أو "كنيسة القيامة"، وسط فرحة رجال الدين والمسيحيين عامة في المدينة. وكان أول أوامره، بعد الاحتفال، الانتقام من اليهود المقيمين ببيت المقدس، والتنكيل بهم. ويبدو أن هذا الأمر، كان استجابة للشكوى المريرة من جانب سكان المدينة ورجال الدين المسيحي فيها. وتشير المراجع اليهودية إلى أن اليهود، مدوا يد العون للقوات الفارسية الغازية، عند استيلائها على مدينة أورشليم، سنة 614م. ويبدو أنهم أساءوا معاملة المسيحيين خلال هذه الفترة. فقد اتهم المسيحيون اليهود بأنهم كانوا أكثر قسوة من الفرس، أثناء فترة احتلالهم للمدينة، وقاموا بتدمير الكنائس وإحراقها والفتك بالمسيحيين، ما اضطر هرقل إلى أن يتجاهل الأمان، الذي منحه لليهود، ويُطلق رعاياه من المسيحيين، الذين ارتكبوا مذبحة عامة ضد اليهود، شملت جميع أنحاء الأقاليم التابعة للدولة البيزنطية.

    وعلى الرغم من هذا، فإن علاقة الدولة البيزنطية (الرومانية) برعاياها المسيحيين، في الشام ومصر، لم تكن على وفاق وسلام. فقد أراد الإمبراطور هرقل، أن يفرض على رعاياه مذهباً دينياً (وثنياً)، يحسم به الخلاف حول طبيعة السيد المسيح، ما أثار حدّة الخلافات المذهبية بين رعاياه المسيحيين، وقاد إلى مزيد من العسف والاضطهاد ضد المسيحيين في الشام ومصر، لرفضهم اعتناق مذهب الإمبراطور. وفي ظل هذه الظروف، كانت الجيوش الإسلامية تزحف إلى الشام، وتفتح مدنها الكبرى، واحدة تلو الأخرى. وتتوالى هزائم القوات الرومانية، ويفر قادتها أمام الزحف الإسلامي الظافر، حتى اكتمل النصر للمسلمين في الشام، الذي خضع لهم.

    واستمرت الجيوش الإسلامية في حركتها الظافرة في الشام، وتمكن عمرو بن العاص، قائد الحملة الإسلامية على فلسطين، من التقدم بجيوشه لتحقيق هدفه. ويبدو أن عمر بن الخطاب، كان يثق بحُسن قيادة عمرو بن العاص ومقدرته العسكرية. يروي الطبري أن عمرو بن العاص، عندما تقدّم بجيوشه في اتجاه أجنادين، وجد أن الروم قد حشدوا فيها قوات كبيرة، بقيادة خير قادتهم، الأرطبون، الذي جمع إليه قوات غزة وبيسان، كما حشد أعداداً كبيرة من قواته في مدينتَي الرملة وبيت المقدس، على أمل أن يعوق تقدُّم المسلمين إلى المدينة المقدسة. وشعر ابن العاص بأن قوات الروم تفوقه في العدد، وتتميز بالتحصن في قلاعها. فكتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب بالخبر، فلما جاءه كتاب عمرو، قال: "قد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب، فاُنظروا عَمّ تنفرج".

    أصدر الخليفة عمر أوامره إلى قواد الجيوش في الشام، بالتحرك إلى قيسارية والرملة وبيت المقدس، في فلسطين، حتى يخففوا الضغط العسكري من جانب الروم، ويشغلوهم عن عمرو بن العاص، الذي كان هدفه، في هذه المرحلة، فتح الطريق إلى بيت المقدس. وتمكن معاوية بن أبي سفيان من شغل أهل قيسارية عن عمرو، وتتابعت الإمدادات من كل جهة، حتى تمكن المسلمون من الاستيلاء على أجنادين، وفر القائد، الأرطبون، بفلول قواته الرومانية، إلى بيت المقدس، سنة 15هـ/636م.

    حاصرت الجيوش الإسلامية مدينة بيت المقدس، وقد حصنتها القوات الرومانية بقيادة الأرطبون، ونصبت المنجنيقات على أسوارها، ما صعّب مهمة المسلمين في الاستيلاء على المدينة واقتحامها. فكتب عمرو بن العاص إلى الخليفة عمر، يعلل عدم تمكنه من اقتحام بيت المقدس، وجاء في كتابه: "إني أعالج عدواً شديداً".

    وكعادة المسلمين، قبل الاشتباك في القتال مع أهل البلاد التي يحاصرونها، كانوا يعرضون عليهم التفاوض حول أمور ثلاثة، ليختار المحاصَرون منها واحداً، وهي: الدخول في الإسلام، أو دفع الجزية، أو القتال. وتروي المصادر أن أبا عبيدة بن الجراح، قائد جيوش المسلمين في الشام، وجّه كتاباً إلى أهل بيت المقدس، يحمل هذا المعنى، جاء فيه: "إنّا ندعوكم إلى شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، فإن شهدتم بذلك، حَرُمت علينا دماؤكم وأموالكم، وكنتم إخواننا في ديننا. وإن أبيتم، فأقروا لنا بإعطاء الجزية عن يد، وأنتم صاغرون. وإن أبيتم، سرتُ إليكم بقوم هم أشدُ حباً للموت منكم للحياة، ثم لا أرجع عنكم ـ إن شاء الله ـ حتى أقتل مُقاتلِيكم، وأسبي ذراريكم".

    لم يستجب القادة العسكريون، داخل مدينة بيت المقدس المحاصرة، لما عرضه عليهم المسلمون. ولعلهم كانوا يأملون تحقيق النصر على جيوش المسلمين. وجرت بعض المناوشات بين الجانبين، ثم الاحتماء بأسوار المدينة. ومع شدة الحصار، الذي دام ما يقرب من أربعة أشهر، أدرك المحاصَرون صعوبة موقفهم، وأنه لا سبيل أمامهم إلا التفاوض مع المسلمين.

    كان التفاوض مع المسلمين هو رغبة أهل بيت المقدس من النصارى، وهم معظم سكان المدينة، في ذلك الوقت. أما العناصر الرومية العسكرية، فإِنهم إن كانوا قد اضطروا تحت ضغط الحصار إلى الإذعان لمبدأ التفاوض، وعقد الصلح مع المسلمين، إلا أنهم ما كانوا ليعترفوا بالهزيمة بسهولة. فقائد الحامية العسكرية الروماني، عندما وضح له استحالة الاستمرار في المقاومة، والصمود للحصار الإسلامي، هرب مع قادتِه من بيت المقدس، ولجأ إلى مصر، ويبدو أنهم تسللوا، خلسة، من منافذ يعرفونها، بعيداً عن رقابة المسلمين، على أمل الاستمرار في التصدي للزحف الإسلامي الظافر في معركة أخرى، كانوا يتوقعونها في مصر. ومن ثم، فإن أهل بيت المقدس الذين كان يمثلهم البطريرك النصراني، سفرونيوس Sophronius[5]، اشترطوا لتسليم مدينتهم للمسلمين، أن يكون الخليفة عمر بن الخطاب هو المُؤمِّن لهم، والذي يمنحهم العهد ويوقّع العقد.

    وكتب عمرو بن العاص إلى الخليفة في المدينة، موضحاً مطالب أهل بيت المقدس، والموقف العسكري حول المدينة. فاجتمع الخليفة بمستشاريه من كبار الصحابة، وعرض عليهم كتاب عمرو بن العاص، ومطالب أهل بيت المقدس، بضرورة قدوم الخليفة بنفسه إلى مدينتهم، لتسليمها له. وكان هناك رأي عارض فكرة خروج الخليفة من عاصمته. أما الرأي الأخر، فكان يؤيد خروج الخليفة بنفسه إلى بيت المقدس، استجابة لدعوة أهلها، وكان يمثله علي بن أبي طالب، الذي رأى في هذا الإجراء حسماً للنزاع حول المدينة، وحقناً للدماء، التي قد تُهدر من جانب المسلمين. ومن ثم، قرر عمر بن الخطاب المسير إلى بيت المقدس. وقبل خروجه من المدينة المنوّرة، عاصمة الخلافة، كتب إلى أمراء الأجناد في الشام، يستخلف كُلاً منهم على عمله، ويدعوهم إلى الاجتماع به في الجابية[6]، في يوم حدده لهم. وفي طريقه إلى الجابية، التقاه بعض اليهود، وتنبأوا له بالنصر، وأنّ فتح بيت المقدس سوف يتم على يديه. ولعل هذه كانت أمنيتهم، ليس حباً للمسلمين، بل كراهة وبُغضاً للروم والنصارى في القدس، لما نال اليهود من قتل وتشريد على أيديهم.

    وعندما اقترب الخليفة عمر بن الخطاب من "الجابية"، خرج المسلمون لاستقباله، وخرج إليه أبو عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وخالد بن الوليد. ولم يكن عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة في استقباله، لأنهما كانا على حصار بيت المقدس.

    وبعث أبو عبيدة إلى أهل بيت المقدس يعلمهم بحضور أمير المؤمنين، حتى يخرجوا للقائه. فخرج من المدينة البطريرك سفرونيوس في جماعة من عظماء النصارى، ومعه الرهبان والقساوسة والأساقفة، وقد حمل البطريرك بين يديه صليباً، لا يخرجونه إلا في يوم عيدهم. وقال لأهل بيت المقدس، بعد أن تأكد من شخص الخليفة: "انزلوا إليه، اعقدوا معه الأمان والذمة، هذا، والله، صاحب محمد بن عبدالله.

    وهكذا، يمكن القول، إن رجال الدين المسيحي في بيت المقدس، كانوا يسيطرون على مجريات الأمور في المدينة. وكان بيدهم سلطة التفاوض، وعقد الصلح مع المسلمين، لا سيما بعد فرار قادة الرومان، من العسكريين، إلى مصر، بعد أن أيقنوا الهزيمة. وضاقت أنفسهم بشدة الحصار، وهذا ما كان يشعر به أهل المدينة. ففي رواية لصاحب فتوح الشـام، يتضـح مدى تطلع أهل بيت المقدس إلى التخلص من قسوة الحصار، والحصول على الصلح والأمان. إذ ما كادوا يسمعون كلام البطريرك سفرونيوس، حتى نزلوا مسرعين، وكانت أنفسهم قد ضاقت من الحصار، ففتحوا الأبواب، وخرجوا إلى عمرَ، يسألونه العهد والميثاق والذمة، ويقرون بالجزية.

    وهكذا، استجاب الخليفة عمر لمطالب أهل القدس، في طلب الصلح والأمان. ومع أن شروط الصلح، لا تختلف كثيراً عمّا سبق أن تعهد به المسلمون لأهل البلاد المفتوحة، إلا أن عمر بن الخطاب أعطاهم صكاً بالأمان، سمِّى بـ "الأمان العمري"، والذي شهد عليه خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبدالرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان. وكان ذلك سنة 15هـ (636م). وفيما يلي نصه:

    "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبدالله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها. أنه لا تُسكن كنائسهم، ولا تُهدم، ولا ينقص منها، ولا من حيِّزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية، كما يُعطي أهل المدائن. وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم، فإنه آمن على نفسه وماله، حتى يبلغوا أمنهم. ومن أقام منهم، فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن أحب من أهل ايلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم. فمن شاء منهم قعد، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن شاء سار مع الروم. ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء، حتى يحصد حصادهم. وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطَوا الذي عليهم من الجزية".

    وقد شهد على ذلك خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبدالرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان. (اُنظر صورة وثيقة الأمان العمري)

    بعد أن قدَّم الخليفة عمر صورة حقيقية لسماحة الإسلام، من خلال اتفاقه مع أهل إيلياء، مضى إلى بيت المقدس، حتى دخل كنيسة القيامة. ولما حان وقت الصلاة، قال للبطريرك: " أريد الصلاة. فأشار عليه البطريرك (سفرونيوس) أن يصلى داخل الكنيسة. ولكن عمر، خشى أن يتخذ المسلمون صَلاته داخل الكنيسة سبباً ليضعوا أيديهم عليها. ولذا، صلى على مقربة منها. وقيل إن ذلك كان سبباً كافياً لطمأنة البطريرك وكان ذلك سنة (15 هـ / 636م).

    ثم زار عمر مكان الصخرة، ولاحظ أن الأقذار، قد تجمعت عليها، فراح يزيل التراب عنها بكفَّيه وتبعه الصحابة، وأمر ببناء المسجد عليها. وبقي في القدس حيث صلّى فيها الجمعة مع الصحابة، ثم غادرها إلى المدينة المنوّرة.

    ومنذ ذلك التاريخ، أصبحت مدينة بيت المقدس من أملاك الدولة الإسلامية الناشئة. وكانت تابعة في إدارتها، طبقاً للتقسيم الإداري، لجند فلسطين[7]. وجعل عمر علقمة بن حكيم على نصف فلسطين، وأسكنه الرملة[8]. وجعل علقمة بن مجزر على نصفها الآخر، وأسكنه بيت المقدس. وبذلك، يُعد علقمة بن مجزر هذا، أول والٍ على بيت المقدس، من قِبل الخلافة الإسلامية. وفي سنة 21هـ / 641م، ضُمت القدس إلى الشام، وخضعت لحكم معاوية بن أبي سفيان، الذي كان والياً على الشام[9].

    وفي عهد عبدالملك بن مروان، أُنشئت قبة الصخرة (اُنظر صورة قبة الصخرة)، وهي بناء من الحجر فوق الصخرة المقدسة، يقع وسط بيت المقدس. وقد شرع عبدالملك بن مروان في تشييده سنة 66هـ / 685م، ثم أعاد بناء المسجد الأقصى، وهما من أعظم آثار بني أُمَية في فلسطين. وتشير مصادر التاريخ الأموي إلى أن عبدالملك بن مروان، كان يثق بالنصارى إلى درجة أنه استخدمهم في المسجد الأقصى، وسمح لهم بتوارث الخدمة فيه. وإذا كان عبدالملك بن مروان قد بنى المسجدين، المعروفين بمسجد الصخرة والمسجد الأقصى، إلا أن إطلاق اسم المسجد الأقصى على الجزء، الذي عليه السور والأبواب، هو الذي كان معروفاً عند رحلة الإسراء والمعراج.

    وحينما خضعت القدس للعباسيين، في عام 750م، عُني العباسيون بالمسجد الأقصى، واستخدموا في وظائف إدارته كثيراً من غير المسلمين. وتشير مصادر العصر العباسي إلى أن هارون الرشيد، عامل النصارى معاملة كريمة، وسمح للإمبراطور شارلمان Charlemagne بترميم الكنائس، وبناء كنيسة العذراء. ولعل العلاقة بين شارلمان وهارون الرشيد، قد توطدت إلى درجة أنه تعهد بحماية الحجاج المسيحيين، الذين يفدون لزيارة القدس. وكان شارلمان يبعث، كل عام، وفداً إلى القدس، يحمل الهدايا إلى الخليفة، والأموال لفقراء المسلمين. وفي إحدى الزيارات، قدّم الوفد مفاتيح كنيسة القيامة والقبر المقدس، تعبيراً عن التسامح الديني، الذي تجسدت أسمى معانيه في سلوك كثير من حكام القدس.

    وقد استمر الاهتمام بالمدينة المقدسة في العصر العباسي، وأعاد الخلفاء العباسيون بناء ما هدمته الزلازل من المسجد الأقصى وقبة الصخرة. كما رمّم المأمون قبة الصخرة، سنة (216هـ/ 831م)، وأثبت ذلك في نقش محفور على أطباق البرونز، الملصقة فوق الأبواب الأربعة العليا الخارجية للقبة. وذُكر في النقش اسم الخليفة المعتصم أخي المأمون.

ثالثاً: الحروب الصليبية

    عندما دخلت المدينة المقدسة تحت الحكم الفاطمي، رمّم الفاطميون المسجد الأقصى وأسوار قبة الصخرة. وفي أواخر العصر الفاطمي، تعرضت المدينة المقدسة لمحنة الاحتلال الصليبي (492هـ/ 1099م)، الذي أساء إلى الأماكن الإسلامية، وأنشأ مملكة بيت المقدس اللاتينية. وقد قَدِم الصليبيون من غربي أوروبا، في أواخر القرن الخامس الهجري ـ الحادي عشر للميلاد، واتجهت حملتهم الأولى نحو القدس، ليقتحموها سنة 1099م، ويعملوا السيف فيمن صادفوه من المسلمين، بل ذبحوا داخل المسجد الأقصى وحده، زهاء سبعين ألف مسلم، حتى إن أحد كتابهم تباهى بأن خيول الصليبيين، خاضت حتى رُكَبها في دماء المسلمين.

    قُدّرَ للقدس أن تقضي نحواً من تسعين عاماً تحت حكم الصليبيين، حتى حررها القائد العربي، صلاح الدين الأيوبي، عقب موقعة حطين، سنة 1187م. وطوال هذه المدة، كانت المدينة شبه مغلقة في وجه النشاط الإسلامي، بعد أن اتخذ الصليبيون من المسجد الأقصى، مقراً لحكومتهم، واتخذ بعض الرهبان الفرسان، وبخاصة فرقة الداوية، من ذلك المكان المقدس مقراً لهم واسطبلاً لخيولهم. وقد نكل الصليبيون بأهل بيت المقدس، الذي ظل تحت وطأتهم زهاء قرن من الزمان. فقتلوا منهم خلقاً كثيراً، وكانوا لا يطلقون أسيراً إلا بفدية، وانتهكوا محارم المدينة، ولم يحفظوا جميل المسلمين، الذين صانوا آثار أهل الكتاب صيانتهم آثارهم.

    وفي الحقيقة، ظل الصليبيون في الشام، حتى أواخر القرن الثالث عشر للميلاد، على اتصال قوي بالمراكز الأولى لانطلاق الحركة الصليبية في غربي أوروبا، وعلى رأسها البابوية. وكلهم يتطلعون إلى استرداد مدينة بيت المقدس، بوصفها مدينة المسيح، ومركز الكنيسة الأم. ولا شك أن هذا الوضع شكل خطراً جسيماً، هدّد الكيان الإسلامي في القدس، إذ بات المسلمون يحيون فيها حياة قلقة، مهدَّدين بضربة مفاجئة، تحل بهم من جانب الصليبيين.

    وقد استمرت الحروب الصليبية، بعد ذلك، مسيرتها تنتقل من دور إلى آخر، تهدأ حيناً وتثور أحياناً. وبطرد آخر العناصر الصليبية من بلاد الشام، في نهاية القرن الثالث عشر للميلاد، انتهت المرحلة الأولى من مراحل الحركة الصليبية، لتبدأ مرحلة ثانية من مراحلها، استغرقت القرنين الرابع عشر والخامس عشر للميلاد. وقد اتصفت المرحلة الثانية بطابعها البحري، في حوض البحر المتوسط، فتحولت هجمات الغرب المسيحي على المسلمين إلى غارات بحرية على موانئ شمالي أفريقيا والشام، تستهدف تحطيم قوى المسلمين، لاسترداد بيت المقدس من أيديهم.

رابعاً: العصر الأيوبي

    حرر صلاح الدين الأيوبي القدس من الصليبيين (583هـ/ 1187م)، وحصّن أبراجها، وقوّى أسوارها. كما عمد إلى المسجد الأقصى وقبة الصخرة، فجدد عمارتهما. وأضاف صلاح الدين الأيوبي إلى القدس أبنية جديدة، هي مدرسة "الشافعية" ورباط "الصوفية" و"الخانقاه الصلاحية" و"البيمارستان الصالحي". ومع كل ما حققه صلاح الدين من نصر ساحق على الصليبيين في حطين، قَبِل صلح الرملة، (588هـ/ 1192م)، حقناً للدماء، بل أطلق سراح اليتامى والشيوخ والأرامل من الصليبيين، دون دفع الفدية، لا بل منحهم مساعدات مالية من ماله الخاص.

    ومما يسترعي النظر أيضاً، أنه اكتفي بأن أخذ فدية رمزية، قدرها عشرة دنانير من بطريرك بيت المقدس، وتركه يغادر المدينة، حاملاً ما استطاع حمله من الذهب والفضة، ومن خلفه العربات تحمل النفائس التي كانت في الكنيسة. وقد رفض صلاح الدين الأيوبي أن يتعرض لما حمله البطريرك، وقال: "لا أغدر به". وفي نهاية العصر الأيوبي، تفاقم الصراع بين الأيوبيين أنفسهم، إلى درجة أنْ استنجد بعضهم بالصليبيين، لنصرتهم على بعضهم الآخر. وانقسمت البلاد إلى دويلات صغيرة، ما أغرى الصليبيين بالهجوم على مصر. ويروي أحد المؤرخين المعاصرين، ابن واصل، أن الحملة الصليبية الخامسة (614هـ/1217م)، كانت تستهدف مصر لكونها الدعامة الأساسية، ما يسهل مهمة احتلال القدس، وكل ساحل بلاد الشام.

    وإذا كانت مصر، هذه المرة، هدفاً صليبياً مباشراً، فإنها أوقعت الجيش الصليبي بأجمعه، تقريباً، بين أسرى وقتلى. وكان من بين الأسرى، الملك لويس التاسع Louis IX نفسه، الذي سيق مكبلاً بالأغلال إلى المنصورة، حيث سُجن في دار القاضي ابن لقمان.

    وقد توفي صلاح الدين بعد أن استرد بيت المقدس بنحو خمس سنوات، تاركاً على أرض الشام بقايا صليبية راسخة الجذور، تتمثل في إمارتين صليبيتين، هما إمارة أنطاكية وإمارة طرابلس، فضلاً عن مملكة بيت المقدس الصليبية، التي اتخذت من عكا مقراً جديداً لها، محتفظة باسمها الصوري، عسى أن تعود إلى مقرها السابق، الذي طردت منه. يضاف إلى ذلك عدد من الحصون والموانئ والمواقع والضياع المتناثرة، التي ظلت بأيدي الصليبيين بمقتضي صلح الرملة سنة 1192م.

    وقد زاد من حدة الخطر، أن خلفاء صلاح الدين، من سلاطين وملوك بني أيوب، غلّبوا مصالحهم الخاصة، على المصلحة العامة للأمة الإسلامية، فانغمسوا في الخلافات والصراعات، حتى تحول الأمر إلى حروب طاحنة بينهم. وفي ذلك الجو، المشحون بالعداوات والأحقاد، لم يتردد بعض ملوك بني أيوب في طلب المساعدة من القوى الصليبية، في الشرق والغرب، على خصومه من أهل بيته. بل إن بعضهم عرض على الصليبيين تنازله لهم عن بيت المقدس، مقابل ما يقدمونه إليه من مساعدات.

    وعلى عهد الملك الكامل بن صلاح الدين، عقد المسلمون مع الإمبراطور الألماني فردريك الثاني Frederick II، الهدنة المشهورة، عام 1228م، لمدة عشر سنوات، التي اتفق، بمقتضاها، أن يتسلم  الإمبراطور مدينة القدس، وبيت لحم، وشريطاً من الأرض يصل بين عكا والقدس، عدا الحرم القدسي، وما فيه من مساجد، فيبقى في أيدي المسلمين، وتكون سائر قرى القدس للمسلمين. وبوفاة الكامل، استولى ابنه الملك الصالح نجم الدين أيوب على القدس، واستقرت من بعده في أيدي سلاطين المماليك.

    ولعل استرداد الصليبيين هيمنتهم على بيت المقدس، من طريق المفاوضات والاتصالات السياسية، يعطينا فكرة عن حالة التذبذب والقلق، التي عاشها المسلمون داخل المدينة، في النصف الأول من القرن الثالث عشر للميلاد. وعلى الرغم من أن المسلمين استردوها فيما بعد (1244م)، إلا أن هذا لا يغيّر من الصورة الشاحبة، التي عاشتها مدينة بيت المقدس في تلك الحقبة.

خامساً: العصر المملوكي

    كان قيام دولة سلاطين المماليك سنة 1250م، إيذاناً بدخول مدينة بيت المقدس مرحلة جديدة من تاريخها. وهي مرحلة تتصف بالأمن والاستقرار؛ وهما الدعامتان الأساسيتان لأي نشاط حضاري. ومن المعروف أن غالبية المماليك الأوائل، الذين قامت على أكتافهم دولة سلاطين المماليك، كانوا مماليك لبني أيوب. وقد أجمعت المصادر على أن المماليك البحرية، الذين أقاموا دولة المماليك الأولى في مصر والشام، يُنسبون إلى أستاذهم الصالح نجم الدين أيوب، وهو السلطان قبل الأخير من سلاطين بني أيوب.

    وفي العصر المملوكي، ووفقاً لرواية ابن حجر القلقشندي، وعلى وجه التحديد عام 777هـ / 1375م، في زمن السلطان الأشرف شعبان بن حسين، أصبحت القدس إدارة مستقلة بذاتها، بعد أن كانت تابعة لدمشق. ولعل السلطان الأشرف، أدرك أهمية بيت المقدس، بحكم مكانتها، الدينية والتاريخية. ونظراً إلى الأطماع الصليبية فيها، ونظراً إلى تعدد ديانات سكانها، وتنوع جنسياتهم، ولِمَا لها من مكانة خاصة لدى الأوروبيين، اختير لإدارتها الأمير شهاب الدين. وتشير المصادر إلى أن الرجل، كان صاحب همة وعدل، وعلم وكان موضع احترام سكان بيت المقدس وتقديرهم.

    ويصعب فهْم قرار المماليك بجعل القدس ذات إدارة مستقلة، تابعة مباشرة للسلطان في القاهرة، إلا في ضوء طبيعة الصراع الإسلامي ـ المسيحي، خلال تلك الفترة من العصور الوسطى. فقد راحت الدول الأوروبية تتسابق إلى إحياء مشروع الحروب الصليبية، والإعلان صراحة عن نيتها احتلال القدس، على أساس أن ذلك هدفاً دينياً وسياسياً مشتركاً. ويمكن القول إنه، منذ ذلك الوقت ـ أواخر القرن الثالث عشر للميلاد ـ أخذت بلاد الشام بوجه عام، ومدينة القدس بوجه خاص، تشعر بالأمن والطمأنينة، بعد قرنين كاملين من القلق والخوف.

    وإضافة إلى ما تميّز به الدور الثاني من أدوار الحركة الصليبية، في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، من مميزات أخرى، مثل نشاط التيار الصليبي في الأندلس، فإن هذا الدور تميّز أيضاً بظهور عدد كبير من دعاة الحروب الصليبية، ونعني بهم أصحاب المشروعات، الذين وضع كل منهم مشروعاً، يعبّر عن وجهة نظره في تحديد أنجع الوسائل لضرب المسلمين، واسترداد بيت المقدس من أيديهم. وبدراسة هذه المشروعات، التي قدمها أصحابها إلى البابوية، أو إلى كبار الملوك والحكام في الغرب الأوروبي، يتضح أنها تكاد تُجمع كلها على أن تكون نقطة البدء في التحرك الصليبي، هي إضعاف دولة سلاطين المماليك وإسقاطها. ولكن الأخيرة تصدت للخطر الصليبي، في مرحلته الثانية، بثبات وعزم وشجاعة، وبذلك، أثبتت قدرتها على حماية كيان المسلمين، على الأقل في شرق حوض البحر المتوسط. وكان أن أحست مدينة بيت المقدس بالأمن والسلام في ظل المماليك، خاصة أنهم دأبوا على دعم حاميتها وتقوية أسوارها وأبراجها وقلعتها، كلما لاح نذير خطر من بعيد أو قريب.

    ولم يكن الخطر الصليبي الغربي هو الخطر الوحيد، الذي هدّد القدس واستهدفها، في صدر دولة سلاطين المماليك، والذي تطلب من هؤلاء السلاطين قدراً كبيراً من اليقظة والحيطة والاستعداد.

    وإنما ظهر أيضاً خطر المغول، مواكباً لقيام دولة سلاطين المماليك. فقد اجتاح المغول بلاد الشام من الشمال إلى الجنوب (1259 - 1260). وإن كان قطز، سلطان المماليك، نجح في إنزال الهزيمة بالمغول في عين جالوت، (على مقربة من القدس)، سنة 658هـ /1260م، الأمر الذي ترتب عليه طرد المغول شرقاً إلى ما وراء نهر الفرات، فليس معنى ذلك أن الخطر المغولي على بلاد الشام قد توقف أو انتهي، إذ استمر مغول فارس والعراق، حتى بعد أن أخذوا يتخلون عن وثنيتهم، ويدخلون تدريجياً في الإسلام، في أواخر القرن الرابع عشر للميلاد، يعبُرون الفرات من جهة الشمال، عند بلدة البيرة، للنفاذ إلى الشام، مما تطلب من سلاطين المماليك يقظة مستمرة. ومهما تعددت أهداف المغول من غزواتهم لبلاد الشام، فان القدس ظلت هدفاً أساسياً لتلك الغزوات، سواء في مرحلة وثنيتهم، أو بعد دخولهم في الإسلام.

    ففي مرحلة الوثنية، كان الاتصال مباشراً بين المغول والعالم المسيحي، خاصة البابوية في الغرب ودولة أرمينيا الصغرى في الشرق. ومن الواضح أن البابوية والقوى المسيحية في غربي أوروبا، رأت في المغول، في تلك المرحلة، مادة خاماً، يسهل تشكيلها وجذبها إلى دائرة الكنيسة، واستخدامها في فرض حصار على المسلمين. فيسهل، بمساعدة المغول، استرداد بيت المقدس. ومن ناحية أخرى، فإن المصادر المعاصرة، تُجْمِع على أن حملة هولاكو على الشام، خُطط لها مع هيتوم الأول ملك أرمينيا الصغرى، الذي اتفق مع هولاكو على الزحف معه إلى القدس، ليُخلص الأرض المقدسة من المسلمين، ويسلمها للمسيحيين، وذلك طبقاً لما ذكره حرفياً هايتون Hayto ، أحد المؤرخين الأرمن المعاصرين.

    دأب مغول العراق وفارس على ذلك، إذ دخلوا في الإسلام، منذ أواخر القرن السابع الهجري ـ الثالث عشر للميلاد، حين بدأوا يسعون إلى فرض نوع من الهيمنة والوصاية على المقدسات الإسلامية (اُنظر ملحق دور العبادة والآثار الإسلامية في القدس)، وأقربها إليهم بيت المقدس، لتحقيق مكانة أو زعامة لأنفسهم على العالم الإسلامي.

    ولكن سلاطين المماليك، وقفوا من المغول، في الحالتين، موقفاً صلباً. ودأبوا على التصدي لهم ودفعهم عن بلاد الشام والقدس. ولم ينسَ المسلمون ما فعله المغول بديار المسلمين وخلافتهم، عندما اجتاحوها في القرن السابع الهجري ـ الثالث عشر للميلاد.

    وبدافع الإحساس بمكانة القدس، والحرص على سلامتها وحمايتها، دأب سلاطين المماليك على دعم سور المدينة، وإصلاح ما قد يتعرض له بعض أجزائه من خلل أو تصدع، وتقوية الأبراج، والإشراف على الأبواب، وتحصين القلعة. وبذلك، أحس أهل القدس، بعد سنين طويلة (أي منذ استرداد صلاح الدين المدينة سنة 1187م)، بالأمن والسلام.

1. اعتنى الظاهر بيبرس بعمارة المسجد الأقصى وقبة الصخرة. وبنى فيها خاناً، للسبيل سنة 662هـ/ 1263م، وطاحونة وفرناً.

2. عَمّر المنصور قلاوون، المسجد الأقصى، وبنى الرباط المنصوري في المدينة المقدسة.

3. في سنة 695هـ / 1296م، جدد السلطان العادل، كتبغا المنصوري، عمارة السور الشرقي لبيت المقدس، وجدد فصوص قبة الصخرة.

4. أما السلطان الناصر محمد بن قلاوون، فقد طلى القبتين بالذهب (قبة الصخرة / قبة المسجد الأقصى). وبنى قناة للسبيل عند بركة السلطان خارج القدس. وركب الرخام في صدر المسجد الأقصى. وجدّد السور القِبلي والقناطر على الدرجتين الشماليتين بصحن الصخرة. وجدد باب القطانين. إضافة إلى أعمال أخرى جديدة وعديدة.

5. في سنة 769هـ / 1369م، بنى السلطان الأشرف شعبان المنارة، التي عند باب الأقباط، وجدّد الأبواب الخشبية للمسجد الأقصى، وجدّد عمارة القناطر، التي كانت على الدرجة الغربية في صحن الصخرة.

6. أما السلطان برقوق، فقد بنى، سنة 789هـ/ 1387م، دكة للمؤذنين داخل قبة الصخرة، وجدد القيسارية في القدس، سنة 802هـ / 1398م، ونقش ذلك على لوحة، ألصقها على باب الصخرة.

7. وقد اهتم الأشرف قايتباي بأوقاف المسجد الأقصى. وأهدى إليه المصحف الشريف الكبير، سنة 830هـ / 1426م، وعيّن فيه القراء. وبنى المدرسة الأشرفية بجوار باب السلسلة. وكذلك أقام قناة العروب فوصلت المياه إلى القدس.

8. أما قانصوه الغوري، فقد ألف عدة مظالم بالقدس، وأصدر بها مرسوماً، في سنة 919هـ / 1513م، ونقشه على لوحة في المسجد الأقصى.




[1] كنعان: كثر ترديدها في أسفار العهد القديم، لتدل على معنيَين مختلفَين: الأول هو المنطقة الساحلية، التي سميت، فيما بعد، فينيقيا، وسمِّي وسكانها الفينقيين. أما الثاني، فهو، بوجه عام، المنطقة الواقعة غرب نهر الأردن، ومستوطنوها من الشعوب، قبل ظهور اليهود، وقد صار هذا المعنى، الأكثر شيوعاً.

[2] يشوع: اسمه الأصلي هوشع، وهو خليفة النبي موسى.

[3] الآراميون: آرام اسم مدينة أو ولاية أو دويلة تقع على الجزء الجنوبي لنهر دجلة. ويرجح أن هؤلاء الآراميين، كانوا عرباً رُحلاً، تسللوا العراق القديم، وأقاموا به مدناً ودويلات، حتى استطاع قائد من أصل آرامي، أن يستولى على الحكم.

[4] جوف سورية: هو إقليم كان يشمل شمالي فلسطين وجنوبي سورية، ويحده شمالاً جبل الشيخ، وشرقاً نهر الأردن، وغرباً البحر المتوسط.

[5] ورد اسم بطريرك القدس بإملاءات مختلفة منها: سفرنيوس - صفروينس ...

[6] الجابية : قرية من أعمال دمشق من ناحية الجولان، قرب مرج الصفر، تقع قريباً من تل يسمونه تل الجابية، ويقال لها جابية الجولان. اُنظر عبدالمؤمن بن عبدالحق البغدادي، "مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع"، بيروت، 1955، ج 1، ص 304 - 305.

[7] يروي البلاذري، أن هناك خلافاً حول تسمية الأجناد، من حيث التقسيم الجغرافي والمدلول. فقال بعضهم: سمى المسلمون فلسطين جنداً، لأنه جمع كورا، وكذلك دمشق والأردن، وكذلك حمص وقنسرين. وقال بعضهم سميت كل ناحية، لها جند يقبضون رواتبهم بها، جنداً. وذكروا أن الجزيرة كانت تابعة لقنسرين، فجنده عبدالملك بن مروان، أي جعلها مستقلة، فصار جنودها يأخذون رواتبهم من خراجها. ومن هنا، جاء في الأصل تدوين الدواوين، في عهد عمر بن الخطاب، إذ يلاحظ، في رواية لابن سعد، الارتباط بين تجنيد الجند وتدوين الدواوين، بهدف منح الجند أعطياتهم.

[8] يروي ياقوت بن سعد أبو عبدالله الحموي، "معجم البلدان"، بيروت، 1995: أن الرملة مدينة عظيمة بفلسطين، وكانت دار ملك داود ولسليمان، ولما ولي الوليد بن عبدالملك، وولى أخاه سليمان جند فلسطين، نزل اللد، ثم الرملة ومصرها مما يوحي بأن الرملة، كانت معروفة، قبل الفتح الإسلامي، بهذا الاسم. وهي ما زالت موجودة حتى الآن.

[9] لما مات عبدالرحمن بن علقمة الكناني، وكان عاملاً على فلسطين، ضم عمله إلى معاوية 21هـ / 641م ، ثم أصبح حاكماً مطلقاً على الشام ومصر والعراق والحجاز. وبويع بالخلافة 41هـ / 661م.