إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / القدس (سياسياً... وتاريخياً... ودينياً)




وثيقة الأمان العمري
باب ستنا مريم
قبة الصخرة

مملكتي اليهودية وإسرائيل
إنشاء الوحدات السكنية في المستعمرات
مجسم لقبة الصخرة
مجسماً لمدينة إيليا كابيتولينا
الأطواق الاستيطانية حول القدس
الاستيطان اليهودي
الحفريات حول الحرم الشريف
القدس والنفق ـ الأزمة
القدس والانتداب البريطاني
القدس تحت الاحتلال البريطاني
القدس في الثمانينيات
القدس في التسعينيات
القدس في الخمسينيات
القدس في الستينيات
القدس في السبعينيات
خطة الأمم المتحدة للقدس
فلسطين في عهد سليمان وداود

الأوضاع النهائية في فلسطين
الأراضي المصادرة في القدس
القدس منذ عام 1967
القدس بين عامي 1949-1967
قرار تقسيم فلسطين



بسم الله الرحمن الرحيم

    ورقة الفاتيكان في شأن القدس (مايو 1993)

في مايو 1993، أعد الفاتيكان ورقة، تحمل تصوره في شأن القدس. نَعْرض أبرز موضوعاتها، فيما يلي:

أ. القسم الأول يتحدث عن تقسيم القدس

(1)  الجزء المقدس، داخل الأسوار، بالنسبة إلى الأديان السماوية الثلاثة، ويشمل أماكن العبادة الرئيسية، والأحياء السكنية، التي تطورت حولها.

(2)  الجزء الذي يقع خارج الأسوار، ويمتد في اتجاه الغرب وشمال غرب وجنوب غرب. وهو الجزء الذي لا جدال في كونه إسرائيلياً.

(3) الجزء الذي يقع خارج الأسوار، ويمتد إلى الشرق، شمال شرق وجنوب شرق. وهو الجزء المسمّى القدس الشرقية، على حد تعبير الورقة، والذي ضمه الإسرائيليون بالقوة.

        وتشير الورقة إلى المشكلة الكبرى، وهي الامتداد الإسرائيلي شرق البلدية (القدس الشرقية). وتقول إِن هذه المسألة، ستكون عقبة عند تناول مشكلة حدود الأراضي. وتتحدث الورقة، هنا، عن هذه المسألة، كما لو كانت احتمالاً بعيداً.

        وتتناول الورقة، أيضاً، المشكلة السياسية برمّتها. ونرى أن موقف الفاتيكان منها، هو الموقف نفسه، الذي يراه معظم الدول، وعبر عنه في القرارات المتتابعة للأمم المتحدة، وهو: أن القدس الشرقية العربية، المحتلة عام 1967، تعدّ جزءاً من الأراضي المحتلة. ومن ثم، فإن القانون الأساسي الإسرائيلي، الخاص بالمدينة، يعدّ باطلاً، ويجب إبطال مفعوله وآثاره، على حدّ تعبير قرار مجلس الأمن، الرقم 478، الصادر في 20 أغسطس عام 1980.

        وفي مكان آخر، تشير ورقة الفاتيكان إلى أنه فيما يتصل بالأفكار، فإن الكرسي البابوي، على الرغم من عدم تجاهله للجوانب الأخرى، يأخذ في حسبانه فقط الجزء، الذي يُطلق عليه العالم اسم "المدينة القديمة". فهذا الجزء يعَدّ مقدساً، وله مكانة خاصة في القلوب، لأسباب دينية وتاريخية وسياسية، لدى كل من المسلمين والمسيحيين واليهود. وعلى ذلك، فإن الورقة تنبه، في هذه الملاحظات، إلى أنه حينما ترد كلمة "القدس"، أو كلمتا "المدينة المقدسة" "المدينة"، في أي موقع من الورقة، فإن ذلك يعني القدس الواقعة داخل الأسوار.

        وفي موضع آخر، تقول الورقة إنه بالنسبة إلى القدس "داخل الأسوار"، لا يزال الكرسي البابوي يرى أن هناك عاملين، يجب أخذهما في الحسبان، وهما متصلان بكل تأكيد، وإن كان يمكن النظر إليهما، كل على حدة:

(1)  العامل الأول، وهو عامل جغرافي سياسي، ويتعلق بِمَنْ له السيادة على المدينة.

(2) أما العامل الثاني، فهو أكثر شمولية، ويتعلق بهوية المدينة وقِيمتها، بكل خصائصها الدينية والتاريخية والحضارية والديموجرافية.

(3)  وهي المرة الأولى، التي يُتناول فيها موضوع القدس، من المنظور السياسي، ثم من المنظور الديني.

    ب. القسم الثاني: يتحدث عن مجموعة الأفكار، التي وصفت بالانطباعات

    لدى الكرسي البابوي اعتقاد راسخ، أن مشكلة القدس، يجب ألاّ تعالج فقط من طريق تحديد من له حق السيادة. فمشكلة القدس، لا بدّ من معالجتها من طريق المفاوضات بين الأطراف المختلفة، لحل مسألة الأراضي. فمن الواضح، بالنسبة إلى الحل الجيوسياسي، الذي يجب أن يصل إليه الجميع، أنه إذا استُبعد طرف واحد، فإن هذا الطرف، سيعارض الحل، وستصبح المدينة المقدسة سبباً للصراع، وعائقاً للسلام، بدلاً من أن تكون أساساً للسلام، وملتقى طرقه.

    ويأخذ الكرسي البابوي في حسبانه، بشكل أساسي، الطابع الفريد، والعالمي، والمقدس، للمدينة. وكلما كانت تتاح له الفرصة للتعبير عن موقفه، كان يوضح أن القدس كل موحد.

(1)  فالقدس، تعَدّ، تاريخياً وثقافياً ودينياً، نسيجاً لا يمكن فصله عن الإطار العالمي للمدينة، أو الطوائف الدينية، التي تقطنها.

(2)  تعَدّ القدس في حد ذاتها أصلاً ثابتاً، وقيمة أساسية لكلٍّ من الديانات الموحدة الثلاث، وذلك من المنظور الديني.

(3)  ينتسب، روحياً، ملايين المؤمنين من الديانات السماوية، من جميع أنحاء العالم، إلى مدينة القدس. ويرى معظمهم القدس جزءاً من تراثهم الديني، على الرغم من أن أغلبهم، لم يزُرْ هذه المدينة.

    أما مشكلة السيادة على الأراضي، فوصفتها ورقة الفاتيكان بأنها مهمة وحساسة. إلا أنها دعت إلى عدها مسألة ثانوية، بل ذهبت إلى القول، بإنه إذا وجدت، بالفعل، حماية لمدينة القدس بالمعنى الذي ورد من قبل، فإن البحث عن حل لمشكلة السيادة، قد يصبح ممكناً، في إطار مبادئ العدالة، ويمكن الوصول إليه باتفاق سلمي. ومن ثم، فإن هناك كثيراً من الحلول الحقيقية، التي يمكن أن تكون مقبولة، وهي تحتاج إلى التجاوب مع ما سبق ذكره في شأن أسلوب تحقيقها (المفاوضات)، وأن تأخذ في حسبانها الضمانات الدولية، التي سبقت الإشارة إليها. غير أن أهم ما أشارت إليه الورقة، هو وصفها "التدويل" بأنه أمر قد عفاه الزمن، ولكنها أشارت إلى السيادة، التي يشترك فيها كيانات دولية، أو وطنية مختلفة، بل ألمحت إلى سيادة كيان وطني واحد على القدس. بيد أنها لا تحدد ذلك الكيان، أهو إسرائيل، كما يذهب إلى ذلك القانون الأساسي، الذي دحضه قرار مجلس الأمن؟ أم فلسطين، كما ذكر قرار منظمة المؤتمر الإسلامي في الدار البيضاء؟ وأشارت الورقة إلى أنه في أي من الحالتين: السيادة المشتركة أو الفردية، فإنه يتعين على من تكون له السيادة، أن يأخذ في الحسبان وجود "نظام أساسي خاص بالقدس".

ج. القسم الثالث: يتحدث عن بعض الاعتبارات، المتصلة بتطبيق هذه الأفكار

(1)  ليس هناك ما يؤكد أن الموقف الإسرائيلي المتشدد، سيحُول دون إجراء مناقشة لتلك الاعتبارات، المتصلة بموضوع الضمانات الدولية.

(2)  إن محاولة تقديم فكرة الحماية للقدس، يجب ألاّ تغضِب الفلسطينيين، أو العرب، أو المسلمين.

(3)  تُسَلِّم الورقة بأن القدس، حالياً، تحت سيطرة قوات الأمن الإسرائيلية. ولذا، فإن فكرة الحماية الدولية، تبدو شبه نظرية. ولكن الفاتيكان يتمسك بإثارة الموضوع، على الرغم من ذلك.

        وتوضح ورقة التوصل إلى حلول حقيقية، حتى لو كانت هي المحافظة على هوية مدينة القدس، وهو الحد الأدنى، يُعَدّ أمراً خطيراً. فكما هو واضح، فإن مرور الوقت، لا ينطوي إلا على تغيير هوية المدينة (تهويد). وهنا، يبدو واضحاً أن ما يقلق الفاتيكان، هو ما يقلق الدول الإسلامية، مع الفارق في التعامل مع القضية، والحلول المقترحة لها.

4. موقف الكنائس المسيحية في القدس

أ. اجتمع في بيروت، في الفترة من 6 إلى 10 مايو 1970، (400) مندوب، من سبع وثلاثين دولة، يمثلون طوائف المسيحيين، من كاثوليك وأرثوذكس وبروتستانت، في ندوة تحت اسم "الندوة العالمية للمسيحية"، اختتمت أعمالها بإصدار بيان، أطلقت عليه اسم "نداء بيروت". جاء فيه: "إن التفسير السياسي الصهيوني لنصوص الكتاب المقدس، يتعارض مع المسيحية. وإن التفسير يؤدي إلى إضفاء الشرعية، من طريق الكتاب المقدس، على المظالم الجسيمة، التي تعرض لها الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، والتي لا يسَع الضمير العالمي سوى الاحتجاج عليها". ثم دعا المسيحيين في العالم إلى مساندة الشعب الفلسطيني، في مقاومته ونضاله ضد أطماع الصهيونية.

ب. في رسالة موجهة إلى الفاتيكان. طالب مطران القدس في المنفى، المطران كابوتشي، بأن "تقوم في فلسطين دولتان مستقلتان، فلسطينية وعبرية. على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين. والقدس الغربية عاصمة لدولة إسرائيل. وإذا تعذر ذلك، فالمطلوب تنفيذ البند الثاني من القرار 181، أي تدويل مدينة القدس كلها".

        وفي كلمة أخرى، يقول المطران كابوتشي: "إنه إذا تعذّر إلغاء الضم الإسرائيلي، وتحرير القدس، فإن أهون الشرَّين، هو تدويل القدس، بشقّيها، الشرقي والغربي، وجعلها مدينة مفتوحة".

        وهذا الموقف، يقترب، جزئياً، من الموقف الفلسطيني الرسمي، الذي أعلنه فيصل الحسيني، في 13 مايو 1995، والداعي إلى جعل القـدس عاصمة لدولتين. وهو ما أوضحه ياسـر عرفات، في 2 نوفمبر 1995، حين قال: "إن العنصر الأساسي في عملية السلام، هو مستقبل المدينة المقدسة".

        وتحظى هذه المواقف بغطاء دولي آخر، تمثله كنائس الولايات المتحدة الأمريكية، ومجلس الكنائس العالمي.

ج. في 26 سبتمبر 1994، دعا بيان المؤتمر الرابع لمجلس بطاركة الشرق، الكاثوليك، إلى إيجاد وضع خاص للقدس، المدينة الفريدة، يمكنه أن يحتوي النزاعات السياسية، والمتطلبات الأمنية.

د. في 23 نوفمبر 1994، عقد رؤساء الكنائس المسيحية في القدس، اجتماعاً دينياً رسمياً، للنظر في وضع المدينة المقدسة، وفي أوضاع المسيحية فيها. وفي نهاية الاجتماع، أصدروا بياناً، حددوا فيه "المطالب الشرعية للمسيحية في القدس". وهي: حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة، وحرية العبادة، وحرية الزيارة، والتنقل والإقامة، والحفاظ على حقوق الملكية والرعاية والعبادة، التي اكتسبتها كنائس القدس، وفق نظام "الستاتوكو". ودعا البيان إلى إقامة "وضع خاص، قانوني وسياسي، لمدينة القدس. يشارك فيه ممثلون من الديانات الثلاث، إلى جانب القوى السياسية المحلية، ويضمنه المجتمع الدولي".

هـ. في 6 مارس 1995، وجّه قادة الكنائس الأمريكية، رسالة إلى الرئيس بيل كلينتون، طالبوه فيها بأن تضع إدارته قضية القدس في موقع رئيسي من أولويات عملها، وأن تستخدم نفوذها، لمنع حل هذه القضية من طريق فرض سياسة الأمر الواقع على الأرض. ودعا البيان إلى أن تكون القدس أحد موضوعات التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، للوصول إلى اتفاق حولها، وأن يكون لممثلي الديانات الثلاث دور في صياغة الحل النهائي. وقد انتقد قادة الكنائس الأمريكية إسرائيل بشدة، لأنها تقوم بخلق أمر واقع، لتعطيل إمكانية التفاوض الفعلي، مستقبلاً، وذلك من خلال مصادرة الأراضي، والضم ونزع الملكيات، وقمع الحريات.

        ويُذكِّر البيان الإدارة الأمريكية بأن إسرائيل تسعى إلى تأسيس القدس الكبرى، كعاصمة أبدية موحدة، وأن هذا يخلّ ويتعارض مع السياسة الأمريكية الأساسية، المبيّنة في القرار 242، الذي يرى في القدس الشرقية جزءاً من الأراضي المحتلة. وقد حمل كونراد رايزر، الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي World Council of Churches، هذا الموقف، في زيارة خاصة إلى غزة والأراضي المحتلة، حيث دعا الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، إلى ضرورة التفاوض حول مستقبل المدينة والسيادة عليها، وليس حول حق الوصول إلى الأماكن المقدسة فقط.

و. في كلمة له أمام ندوة القدس الدولية، مدينة السلام، التي نظمتها جامعة الدول العربية في القاهرة من 12 ـ 14 مارس 1995، دعا البابا شنودة إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة، تكون القدس عاصمتها.

ز. أكد بيان المؤتمر الخامس لمجلس بطاركة الشرق، الكاثوليك، في 11 سبتمبر 1995، أن القدس، تمثل القلب لجميع كنائسنا وللشعوب العربية قاطبة، وللديانات الثلاث الموحِّدة، وللشعب الفلسطيني، إلى جانب الشعب الإسرائيلي. فلا يحق لأحد أن يهيمن عليها، بل إن جميع مواطنيها متساوون في السيادة والحقوق والواجبات.

ح. كما دعت الأمانة العامة لمجلس الكنائس العالمي، إِثر اجتماع اللجنة المركزية للمجلس (جنيف 16 - 22 سبتمبر 1995)، إلى أن يَأخذ أي قرار، حول مستقبل القدس، في حسبانه حقوق الكنائس المعنية مباشرة، وخصوصاً الأرثوذكسية، الشرقية والغربية. وطالبت بأن يكون تقرير الوضع النهائي للقدس، في الإطار العام للتسوية السلمية للصراع في الشرق الأوسط، داعية، إلى وضع نظام سياسي وقانوني خاص للقدس، يُرْضي الطموحات القومية لجميع سكانها، ويحظى بدعم وتعهد وضمانات دولية.

ط. وقد لخص البطريرك ميشيل صباح الموقف الراهن للكنائس المسيحية في القدس، حول مستقبل المدينة، في النقاط التالية:

(1)  في القدس مقومات خمسة: شعبان، فلسطيني وإسرائيلي، وثلاث ديانات.

(2)  جميع العلاقات بين هذه المقومات الخمسة تبنى على مبدأ المساواة بين المواطنين، لا على مبدأ الحماية من طرف شعب، أو ديانة، تجاه شعب آخر، أو ديانة أخرى.

(3)  القدس عاصمة فريدة في العالم، تقتضي وضعاً فريداً، ونظاماً خاصاً.

(4)  القدس عاصمة للشعبين، الفلسطيني والإسرائيلي، ولدولتيهما.

(5)  القدس مدينة مفتوحة، فوق الحروب والنزاعات، مدينة سلام نهائي ودائم، لا مدينة متنازع عليها.

    وأخيراً، فقد برر الفاتيكان اعترافه بإسرائيل، بأنه نابع من الحرص على الأماكن المقدسة، وعلى حرية الوصول إليها، وعلى ضرورة تثبيت وجود الكنيسة الكاثوليكية في الأراضي المقدسة، وعلى أهمية توسيع التمثيل، أثناء المفاوضات (ما يعني وجود الفاتيكان كأحد أطرافها). وقد أشار البطريرك الأرثوذكسي أغناطيوس الرابع (مؤتمر بيروت) إلى أن الفاتيكان دولة مثل بقية الدول، وحين يأتي وقت، يُحدد فيه من يُسيطر على القدس، سيكون الفاتيكان حاضراً، بينما تكون الكنائس الشرقية غير حاضرة، لأنها ليس لديها دولة.

رابعاًً: من المنظور الإسلامي

    لم تكن مدينة بيت المقدس مجهولة لدى عرب شبه الجزيرة العربية، خاصة عرب الحجاز في العصر الجاهلي. فالمدينة كانت سوقاً تجارية نشطة، يؤمها التجار والحجاج من جنسيات مختلفة، ومنهم التجار العرب في رحلاتهم التجارية إلى الشام وفلسطين ومصر. كما كانت تحتضن أعداداً كبيرة من الحجاج، في مناسبات دينية مختلفة، معظمهم من اليهود والنصارى. ما جعل التجار يحرصون على استغلال هذه الفرصة، في ممارسة النشاط التجاري، وتبادل السلع، كما كان الحال في مكة، في ذلك الوقت.

    ومن الأمثلة على ذلك، ما رواه "ابن عبدالحكم"، أن عمرو بن العاص، قدِم بيت المقدس، قبل الإسلام، للتجارة، في نفر من قريش. كما أن عبدالله بن أبي بكر الصديق، كان قد قدِم بيت المقدس، هو الآخر، في تجارة، قبل الفتح الإسلامي للمدينة. وكان بيت المقدس، في ذلك الوقت، محطة تجارية لها أهميتها الاقتصادية، بالنسبة إلى التجار العرب القادمين من الحجاز، إذ لم تكن المدينة ذات جذب ديني لتجار "وثنيين"، فلم يكن هؤلاء التجار يزورونها، قبل الإسلام، لأسباب دينية.

    وعندما بزغ نور الإسلام في مكة المكرمة، كان ذكر بيت المقدس يأتي مرتبطاً بأحداث مهمة في تاريخ الدعوة الإسلامية، وبالرسول ـ e. ومن أهم هذه الأحداث، معجزة الإسراء والمعراج، التي أسري فيها برسول الله ـ e ـ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعُرِج به إلى السماوات السبع. وجاء ذكر ذلك في قوله تعالى: ]سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير[ (الإسراء: الآية 1).

1. العهد الإلهي من المنظور الإسلامي

    ]وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ[ (البقرة: الآية 124).

    ويبين القرآن، أن عهد الله لإبراهيم وذريته، لا ينال من خيره الظالمون. وكان عهد الله لبني إسرائيل، وتحقيق ما فيه من خيرات، مرتبطاً، أولاً وأخيراً، بصدق وفائهم به:

     ]وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمْ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمْ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمْ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبيل[ (المائدة: الآية 12)

    ]لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ(70) وَحَسِبُوا أَلا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ[ (المائدة: الآيتان 70-71).

     ]فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين[ (المائدة: الآية 13).

    ومن المتفق عليه، والمقرر نصاً وعقلاً، أن اللعنة حين تنزل بالإسرائيليين، فإنها لا تلحق إلا بالظالمين منهم، وهي تفرق بين خيارهم وشرارهم، إذ إنهم ليسوا في ميزان الحق سواء.

    ]لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ[ (آل عمران: الآيات 113-115).

    ومن البديهي، أن من ينكث العهدَ العظيم، عهد الله، لا بد أن تصيبه اللعنة والبوار. فهذا ما تقرره الكتب المقدسة جميعاً، وتتفق عليه كل الاتفاق.

قال تعالى: ]وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ[ (آل عمران: الآية 81).

    وهكذا، طبق الله تعالى هذا الميثاق تطبيقاً عملياً في المسجد الأقصى، وفي ليلة الإسراء والمعراج، حيث حشر الله لرسوله ـ e ـ جميع الأنبياء والمرسلين السابقين، ليقتدوا به وليصلّوا خلف خاتم الأنبياء والمرسلين، إعلاناً لعالمية الإسلام، ووحدة الشرائع في الدعوة إلى الحق، كما قال سبحانه: ]آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ[ (البقرة: الآية 285).

2. أهمية مدينة القدس

    سميت المدينة بيت المقدس، لأنه لم يُعبد فيها صنم قط. وترجع فكرة حرمة بيت المقدس وفضله، في نظر المسلمين، إلى أن الإسلام هو ختام الرسالات السماوية، التي جاء بها الأنبياء جميعاً، وأنه إقرار بقداسة هذه البقعة، ومشتمل في رسالته على تلك المقدسات ومرتبطاتها جميعاً. وقد رأى الإسلام أنه وَرِث، من جملة ما ورث، مدينة القدس، التي عدّها مقدسة لديه أيضاً، لقدسيتها لدى النصارى، ويبرز ذلكَ، بوضوح، في توجه النبي ـ e.

    وقد أكد الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ هذه المنزلة حين قال: ]لا تُشَد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى[. فالمسجد الأقصى هو مسرى رسول الله ـ e ـ وأولى القبلتين، وثالث الحرمين.

    وبسبب هذا الجانب الديني المهم، أصبح للقدس، في قلوب المسلمين، هذه المكانة الرفيعة.

    فبيت المقدس من المساجد الثلاثة، التي هي أفضل بقاع الأرض، عند المسلمين، وهي مكة والمدينة وبيت المقدس. وجاء في الأثر أنه قال: بيت المقدس، بنَته الأنبياء، وعمرته الأنبياء، ما فيه موضع إلا وقد صلّى فيه نبي.

    أما الحادثة الأخرى، التي ربطت بين بيت المقدس وذكريات وأحداث جليلة عند المسلمين، فهي تحويل القِبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، إذ كان المسلمون، في أول الأمر، يتخذون من بيت المقدس قِبلة، يتوجهون إليها في صَلاتهم، وكان رسول الله ـ e يتمنى أن تكون قِبلة المسلمين إلى الكعبة، حتى نزل الوحيُ عليه في شعبان، بعد مضي ثمانية عشر شهراً من مَقِدمه إلى المدينة، يأمره بتحويل القِبلة إلى مكة، وذلك في قوله تعالى: ]قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ[ (سورة البقرة: الآية 144).

    وقد أغضب هذا الأمر اليهود، الذين كانوا يقيمون بالمدينة وما حولها، ورأوا فيه تقليلاً من شأن بيت المقدس، مركز ديانتهم ومقدساتهم، وازداد حقدهم على الإسلام والمسلمين. فيروي ابن سعد: "وكان اليهود قد أعجبهم إذ يُصلّي قِبل بيت المقدس، فلما ولّى وجهه قِبَل البيت، أنكروا ذلك".

    وهناك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، التي تؤكد مدى أهمية القدس عند المسلمين، منها:

أ.  قال الرسول ـ e عن بيت المقدس: ]أَرْضُ الْمَنْشَرِ وَالْمَحْشَرِ ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ فَإِنَّ صَلاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ[ (ابن ماجة 1397، أحمد 26343).

ب. وقد روي عن أبي الدرداء، عن النبي ـ e ـ أنه قال: ]فضلت الصلاة في المسجد الحرام على غيره بمائة ألف مرة، وفي مسجد بيت المقدس بخمسمائة صلاة[ (البخاري 1116).

ج. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ]لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ؟. قَالَ: "بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ[ (أحمد 21286).

د. قال رسول الله ـ e ـ ]لا تقوم الساعة حتى يسوق الله ـ عز وجل ـ خيار عباده إلى بيت المقدس فيسكنهم إياه[.

هـ. قال رسول الله ـ e ـ ]من أراد أن ينظر إلى بقعة من بقاع الجنة، فلينظر إلى بيت المقدس[.

و. عن علي بن أبي طالب ـ t قال: وسط الأرضين أرض بيت المقدس، وأرفع الأرض كلها إلى السماء بيت المقدس.

    كما يزيد من تعظيم مدينة القدس، كجزء مهم من التاريخ والتراث الإسلامي، منذ فتحها عام (15هـ / 636م)، دخول خليفة المسلمين، عمر بن الخطاب ـ رضي الله ـ عنه المدينة، سلماً دون قتال، هو وعددٌ من الصحابة. كما زارها عدد من أئمة المسلمين، فضلاً عن وجود العديد من دور العبادة والآثار الإسلامية فيها.

    فبعد أن تسلم زعماء بيت المقدس الأمان العُمَري، قام الخليفة عمر خطيباً في المسلمين، فأشاد بالنصر العظيم، الذي حققه المسلمون في هذا اليوم المبارك بفضل الله ـ سبحانه وتعالى ـ وتأييده لعباده المخلصين. وحضرت الصلاة، فطلب عمر من بلال مؤذن الرسول ـ eـ؛ وكان حاضراً، أن يؤذن للصلاة، فقال بلال: "يا أمير المؤمنين أما والله، ما أردت أن أؤذن لأحد بعد رسول الله ـ e ـ ولكن سأطيعك اليوم، إذا أمرتني، بهذه الصلاة وحدها". فلما أذّن بلال، وسمعته الصحابة ذكروا نبيهم ـ e ـ فبكوا بكاءً شديداً، وكان يوماً مشهوداً، احتفالاً بفتح المسلمين بيت المقدس.

    وعندما دخل عمر بيت المقدس، سأل عن الصخرة المقدسة، فأُري مكانها، فأمر بتنظيفها، وبنى عليها مسجداً، على طريق البداوة، حسب تعبير ابن خلدون، أي بنى مسجداً بسيطاً في بنائه ومظهره. ويبدو أنه كان من الخشب، وخط فيه محراباً. وبقى عمر في المدينة أيام عدة، حتى صلّى فيها الجمعة مع أصحابه، ثم غادرها إلى المدينة المنورة. وقد أقيم، بعد ذلك، وفي المكان نفسه، المسجد المسمي، "مسجد عمر"، الذي يُعد أحد المعالم الإسلامية في القدس.

    وقد استمرت المكانة العالية للقدس في نفوس المسلمين، إذ أوقف الخليفة عثمان بن عفان عيناً، في سلوان، على الفقراء، وصارت تحت حكم الأمويين، في عهد معاوية بن أبي سفيان، عام 41 هـ، الذي اهتم بأن تكون بيعته فيها. وبنى الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان مسجدَي الأقصى وقبة الصخرة. وأقام بمدينة القدس، ودفن فيها عدد من الصحابة، منهم: عبادة بن الصامت، أول قاض لمدينة القدس، الذي عينه الخليفة عمر بن الخطاب، وأبو ريحانة الأزدي، وإبراهيم بن أبي عقيلة، وشداد بن أوس، وعبدالله بن أم حرام الأنصاري.

    كما زارها عدد كبير من الصحابة، سواء أثناء فترة الفتح الإسلامي أو بعدها، مثل عمر بن الخطاب، وأبي عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعبدالرحمن بن رباح. وكذلك زارها الخليفة العباسي المنصور، مرتين، الأولى عام 141هـ / 758م، والثانية عام 154 هـ / 771م، وأعاد بناء المسجد الأقصى، بعد تهدمه من جراء زلزال.

    وأنشأ المسلمون مسجداً على ربوة جبل صهيون، يسمى مقام النبي داود ـ u ـ ويقول بعض المؤرخين: إن قبره في هذا المكان بالفعل. وبصفة عامة، لم يمر على المدينة فترة من الفترات، إلا أقام المسلمون فيها بناءً جديداً، وأصلحوا بناءً قديماً. كما أنهم اتخذوا من المسجدين الكبيرين، وساحة الحرم، مكاناً لدراسة علوم الدين، فضلاً عن زيارة الكثيرين من حجاج بيت الله، في ذهابهم وإيابهم، إلى بيت المقدس.

    وقد انعكست مظاهر الاهتمام بالمدينة المقدسة في تسجيل جميع المناطق الأثرية فيها، وإصدار العديد من الكتب والمقالات عنها، وكذلك خوض غمار الحروب دفاعاً عنها، ابتداءً من الحروب الصليبية، التي استمرت حوالي قرنين.

    نَخْلُص من ذلك إلى أن اهتمام المسلمين بها، أساساً، يعود إلى:

أ. أنها مسرى الرسول ـ e ومنها عرج إلى السماء، وأنها بقعة مباركة، كما ورد في القرآن الكريم، في سورة الإسراء، وفي بعض الأحاديث النبوية الشريفة.

ب. أنها أولى القِبلتين وثالث الحرمين.

ج. أن العديد من الأنبياء عاشوا فيها، بداية من سيدنا إبراهيم إلى سيدنا عيسى، عليهم جميعهم السلام.

د. أنها عاصمة فلسطين.




[1] بيت عنيا: قرية في ضواحي القدس.

[2] بيلاطس: القائد الروماني الذي استحثه اليهود، قتل المسيح ـ u ـ، ثم ما لبثوا أن تنصلوا من التخطيط للجريمة، وحملوه المسؤولية كاملة.