إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الديوانيات الكويتية، ودورها السياسي




الديوانية حديثا
الديوانية قديما
ديوانية البابطين
ديوانية الرعيل الأول





الديوانية في الكويت

الديوانية في الكويت

          وجدت الديوانية، التي انتقلت مع الأسر المهاجرة من قلب شبه الجزيرة العربية وقطاعها الشرقي إلى الكويت، صدى وعمقاً أكبر لدى المجتمع الكويتي. وربما كان لاعتماد البلاد على الغوص وتجارة اللؤلؤ أثر في ذلك. إذ يحتاج الناس لتحديد مكان يلتقون فيه للحديث عن المراكب القادمة والمغادرة، ومعرفة أخبار من غادر الكويت ومن قدم إليها من التجار براً أو بحراً، كما أن العائدين من رحلات الغوص بحاجة للجلوس مع أقاربهم وجيرانهم للاطمئنان على أحوالهم ومعرفة أخبارهم.

          والكويت تصغير لكلمة كوت وهو اسم حصن صغير بناه زعيم بني خالد في الأحساء محمد بن عريعر في أواخر القرن الحادي عشر الهجري، على الشاطئ الشمالي الغربي للخليج العربي. كان ذلك الحصن الصغير نواة المدينة التي أخذت تنمو وتنشط حتى أصبحت مركزاً من مراكز الاستقرار والتجارة على الخليج العربي. وقد نقلت القبائل العربية المهاجرة من قلب شبه الجزيرة العربية وسواحلها الشرقية إلى الكويت معها الكثير من التقاليد والعادات ومنها الديوانية التي كان لها موقع خاص في المنزل الكويتي القديم، ولها أهمية خاصة لدى الكويتيين في العصر الحاضر.

          صفة الديوانية في البيوت الكويتية القديمة لا تختلف كثيراً عن ما كان موجوداً في قلب شبه الجزيرة العربية ونطاقها الشرقي في الأحساء. فهي غرفة مخصصة للرجال تطل على الفناء الخاص بمدخل الرجال ومجهزة بأدوات إعداد القهوة إلا أنها لا توجد في كل المنازل بل اقتصر وجودها في الغالب على منازل أسر الموسرين والأسر الكبيرة. ويتصدر المجلس في الديوانية صاحبها أو كبير الأسرة الذي يكون مجلسه عادة بجوار مكان إعداد القهوة بينما يجلس الباقون على الجانبين ويتجاذبون أطراف الحديث الذي لا يحكمه إلا توجه صاحب المجلس وهيبته ونوعية الحضور وصلاتهم الاجتماعية.

          لئن فقدت الديوانية اسمها وبقي دورها وتصميمها المعماري وأجزائها الداخلية في البيوت في نجد وشرق شبه الجزيرة العربية، فإن الديوانية في الكويت احتفظت باسمها ولكن مع تغير كبير في تصميمها وتجهيزاتها الداخلية. إذ أنه مع النهضة العمرانية الحديثة وامتداد الكويت وتوسعها وتغير الطراز المعماري للبيوت من المنازل الشعبية المتلاصقة إلى البيوت الواسعة بأفنيتها وحدائقها ومداخلها المتعددة؛ نقلت الأسرة الكويتية الديوانية معها إلى المنزل الجديد ولكن بشكل أكبر وأوسع بل ربما استقلت الديوانية عن المنزل تماماً بفنائها وملحقاتها. وقد اختفى مكان إعداد القهوة من صدر المجلس في الديوانية ووجد غرفة صغيرة ملحقة بالديوانية مجهزة بالأواني اللازمة لإعداد القهوة والشاي. كما ألحق بها دورة مياه خاصة وربما ألحق بها مكتبة، وأصبح لجهاز التلفاز موقعه المميز في الديوانية. وأصبحت الديوانيات لا تعرف بأسماء الأشخاص بل بأسماء الأسر الكبيرة، وترمز إلى المكانة الاجتماعية للأسرة. وأصبح للكثير من الديوانيات مواعيد تفتح فيها أبوابها لاستقبال الرواد، وربما دعي الناس لمناقشة موضوع محدد سلفاً. ومن الديوانيات ما يفتح أبوابه بعد صلاة الفجر و هذه غالباً لكبار السن، وغالبها يفتح أبوابه بعد صلاة العشاء. (انظر ملحق أسماء بعض الديوانيات القديمة).

          لقد ازداد عدد الديوانيات في الكويت بشكل كبير وتنافس الناس أفراداً وأسراً وقبائل في افتتاح ديوانياتهم الخاصة وتنشيطها، كل في محيطه، ومجاله، وحسب قدراته، ونفوذه. وليس من المجاز القول بأن ما يدور في الديوانيات المختلفة يعكس الرأي العام الكويتي بقدر كبير من الدقة. ويمكن القول إن الديوانية أصبحت المحرك والمؤشر المرجعي للكثير من القرارات.

          رغم أن النقاش في الديوانيات عموماً يتقلب من يوم لأخر تبعاً لأحداث الساعة واهتمامات المجتمع والحضور في الديوانية؛ إلا أن مستوى النقاش وأسلوب الطرح وتوجهاته يحكمه المستوى الثقافي للحضور وعلى رأسهم صاحب الديوانية. ومن الممكن تصنيف الديوانيات الكويتية إلى سبعة أصناف:

1.   ديوانيات الاقتصاد والتجارة: وهذه الديوانيات روادها عادة من المفكرين الاقتصاديين ومن كبار التجار. ولأصحاب هذه الديوانيات وما يدور فيها من نقاشات تأثير كبير على الكثير من القرارات الصادرة من الحكومة أو من مجلس الأمة.

2.   الديوانيات السياسية: وتناقش فيها القضايا السياسية محلياً وإقليمياً وعالمياً. وتختلف توجهات هذا النوع من الديوانيات تجاه الحكومة بين مؤيد ومعارض. وبعض هذه الديوانيات لأعضاء مجلس الأمة، وبعضها لأعضاء في الحكومة. وروادها غالباً من المفكرين السياسيين والمهتمين بالأمور السياسية.

3.   ديوانيات الفكر والثقافة: وتطرح فيها قضايا علمية وفكرية وثقافية. وأصحابها غالباً من المفكرين والأدباء الذي يديرون الندوات ويقيمون المحاضرات ويستضيفون المحاضرين من الشخصيات الأدبية والفكرية المرموقة في ديوانياتهم. وهذه الديوانيات عادة تكون الدعوة لأنشطتها عامة ويكون نشاطها أسبوعياً.

4.   الديوانيات الموالية أو المؤيدة للحكومة: ويقوم عليها بعض المحسوبين على الحكومة وتوجه نقاشاتها دائماً لتأييد القرار الحكومي وتبريره.

5.   الديوانيات المختصة: وهذه الديوانيات تخصص لأصحاب حرفة معينة مثل صيادي الأسماك، وديوانيات شعراء النبط.

6.   ديوانيات الرعيل الأول: والهدف منها إحياء التراث ورعاية كبار السن، وإيجاد متنفس مألوف لهم.

7.   الديوانيات الترفيهية: وهذا الصنف من الديوانيات رواده غالباً من اليافعين الشباب، الذين يلتقون لتمضية الوقت والسمر. وقد تدور فيها نقاشات هامشية حول بعض الموضوعات العامة أو الشؤون الرياضية.