إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / اتفاقيات السلام العربية ـ الإسرائيلية خلال القرن العشرين





الحدود الأردنية الإسرائيلية
الحدود بين الأردن وفلسطين
قرار تقسيم فلسطين




اتفاقيات السلام العربية ـ الإسرائيلية خلال القرن العشرين

مقدمة

لم يكن الصراع العربي الإسرائيلي ـ على مدى تاريخه ـ مجرد صراع بين قوتين أو طرفين، ولكنه كان ـ ولا يزال ـ صراعاً حضارياً بما ينطوي عليه من جوانب متعددة سياسياً واقتصاديا وعسكرياً واجتماعيا. وهذا ما أدى إلى تعقيد الصراع وتشابكه، وتنوع اتجاهات الدول التي تديره، وانتقاله من صراع محلى، ليأخذ وضعه الإقليمي ووضعه العالمي انعكاسا من أيديولوجية أطراف الصراع، وأهمية المنطقة محل الصراع، وكونها مدخلاً إستراتيجياً لمصالح الدول الكبرى.

وعلى مدى الثلاثة والخمسين عاماً المنصرمة، كان الصراع العربي الإسرائيلي، يحتل أحد مراكز الصدارة في القضايا العالمية، ويشغل حيزاً مهماً في اهتمامات الدول الكبرى، ولم يكن هذا الصراع قاصراً على النزاع حول أرض فلسطين فحسب، بل كان يدور حول أطماع إسرائيل التوسعية، وحرصها على العمل على عدم استقرار المنطقة، وعدوانها المستمر على جاراتها العربيات، والدعم المطلق التي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية لها، بما يساعدها على استمرار العدوان.

وكان نصر أكتوبر 1973 "الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة" نقطة التحول في هذا الصراع، حيث أدى إلى إحداث التوازن بين العرب وإسرائيل، وأيقنت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية منذ ذلك الوقت، أن استمرار سياسة العدوان لن تؤدى إلى استقرار إسرائيل أو ضمان أمنها، في الوقت نفسه أيقن العرب، أن شعار إزالة إسرائيل من الوجود ليس بالمفهوم الصحيح، ولن تحققه القدرات العربية الحالية.

واستغلالاً للنصر، وتمشياً مع المتغيرات العالمية والإقليمية، كان هناك توجّه في المفهوم العربي والإسرائيلي - في وقت واحد - لمحاولة إيجاد صيغة حضارية لإمكان العيش في سلام، وداخل حدود آمنة، مع عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى. ومن هنا بدأت عملية السلام في المنطقة. أولاً بين مصر وإسرائيل حيث تم توقيع معاهدة سلام في مارس 1979 لتنهي سنوات طويلة من الصراع الدموي بينهما.

كان يمكن أن تمتد عملية السلام - وقتها - إلى أطراف أخرى، ولكن وبرغم المساعي والجهود المصرية، فقد تباعدت الدول العربية عن مصر نفسها، ولم تستوعب الرؤية المصرية لاستثمار نتائج حرب أكتوبر، واقتناص فرص السلام بأسلوب جماعي، قبل أن تضع إسرائيل العراقيل، من أجل إحراز مكاسب مضاعفة على حساب العرب.

وفي بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين الميلادي وفي ضوء ما شهدته الساحتين الإقليمية والعالمية من متغيرات جذرية، كان أهمها الغزو العراقي للكويت عام 1990، ثم التطور الرئيسي على المستوى العالمي بانتهاء الحرب الباردة، وبداية تفكك الاتحاد السوفيتي السابق نهاية عام 1991.

فقد بدأت المسيرة السلمية مرة أخرى بانعقاد مؤتمر مدريد للسلام في نهاية أكتوبر1991، من منطلق الحرص الأمريكي على استقرار المنطقة، وإيجاد أوضاع جديدة بها تتمشى مع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في قيادتها للنظام العالمي الجديد، وتحقق آمال العرب وتطلعاتهم في حل القضية الفلسطينية واستعادة الأراضي المحتلة.

وفي أعقاب المؤتمر تلاقت الأطراف العربية من دول الطوق[1] في مفاوضات ثنائية مع إسرائيل كان من نتائجها: توقيع اتفاق غزة ـ أريحا في 13 سبتمبر1993، ثم توقيع اتفاق الحكم الذاتي للفلسطينيين في مايو 1994، ثم توقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في أكتوبر1994. بينما توقفت المباحثات على المسار السوري ـ اللبناني مع إسرائيل نتيجة اختلافات وأحداث، وفقدان الثقة بين الجانبين.

وبرغم توقيع اتفاقيات السلام، إلا أن الصلف الإسرائيلي، دائماً ما يفرغ مضمون الثقة في النوايا الإسرائيلية، وبما يؤثر في عملية التطبيع أو دفع مسيرة السلام للانطلاق إلى آفاق أبعد مما تم سابقاً، ويأتي ذلك من سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وخصوصاً حكومات الليكود، وعدم تفهم متطرفيها للمتغيرات الدولية والإقليمية، وأهمية السلام لإسرائيل نفسها.. كذلك يأتي من ضعف القيادات الموجودة حالياً في إسرائيل، نتيجة رحيل القيادات التاريخية، وآخرها قيادة إسحاق رابين التي كانت تلقى احتراماً وثقة من الشعب الإسرائيلي، تمكنها من اتخاذ القرار.

أما على المستوى الدولي، فيأتي موقف الولايات المتحدة الأمريكية وإصرارها على الكيل بمكيالين في علاقاتها بين العرب وإسرائيل، مما يدعو الحكومات الإسرائيلية إلى التشدد، والحصول على أجر لكل خطوة من خطوات السلام، وهذا كفيل بتعثر عملية السلام برمتها، وقد انعكس كل ذلك على عملية السلام مع بداية الألفية الثالثة، حيث توقف التطبيع، واشتعلت الانتفاضة الفلسطينية، وأصبحت المنطقة بالكامل على سطح صفيح ساخن.



[1] دول الطوق: عبارة استحدثت خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين الميلادي، ويُقصد بها الدول العربية المحيطة بإسرائيل، وهي مصر، والأردن، وسورية، ولبنان، والفلسطينيين. وهذه العبارة تستخدم عربياً فقط، وليس لها أي استخدامات قانونية أو دولية.