إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / اتفاقيات السلام العربية ـ الإسرائيلية خلال القرن العشرين





الحدود الأردنية الإسرائيلية
الحدود بين الأردن وفلسطين
قرار تقسيم فلسطين




الفصل الثالث

سابعاً: بدء المفاوضات المباشرة الفلسطينية ـ الإسرائيلية

1. وثيقة شامير إلى وفد التفاوض الفلسطيني (فبراير 1992)

أ. مع بداية عملية التفاوض المباشرة الإسرائيلية ـ الفلسطينية، قدمت حكومة شامير وثيقة تحدد الموقف الإسرائيلي لتصورها للهدف النهائي للحكم الذاتي الفلسطيني بالضفة الغربية وغزة، وأوضحت الوثيقة أنه يجب العمل على بناء الثقة في علاقات إسرائيل مع العرب والفلسطينيين في أراضي الحكم الذاتي، كما حددت الوثيقة أن مصدر صلاحيات الحكم الذاتي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، هو إسرائيل، بمعنى أن الأرض التي تدخل في إطار حكم إداري فلسطيني، هي أراضي تخضع للسلطة الإسرائيلية، وتُعد جزءاً من أراضي إسرائيل.

ب. والملاحظات الرئيسية على الوثيقة تنحصر في الآتي:

(1)  تجاهل حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وإقامة دولة فلسطينية.

(2) خلت الوثيقة من أية إشارة لقرارات الأمم المتحدة.

(3) لم تحدد الوثيقة مفهوماً واضحاً للمرحلة النهائية.

(4) اكتفت الوثيقة بتحديد صلاحيات إدارية تنصرف على النظام الإداري للحكم الذاتي الفلسطيني.

(5) وفي مقابل ذلك تعثرت المفاوضات، لحين إجراء الانتخابات الإسرائيلية، التي فاز فيها حزب العمل برئاسة إسحاق رابين، وكانت رؤيته مختلفة تماماً تجاه عملية السلام.

2. وثيقة رابين إلى وفد التفاوض الإسرائيلي (24 أغسطس 1992)

أ. مع استئناف المفاوضات بعد تولي حزب العمل للسلطة في إسرائيل، قُدمت ورقة عمل عبّرت عن رؤية إسرائيل وتصورها للتسوية مع الفلسطينيين، ونصت على الآتي:

(1) أن طبيعة الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة وغزة هو مجلس إداري فلسطيني، وبالتالي لا يتضمن هيئة تشريعية "برلمان" لها صلاحيات سن القوانين. وإنما هي هيئة إدارية تؤسس بناءً على انتخابات تشريعية عامة تجرى بالضفة وغزة وفقاً لجدول زمني.

(2) تتعلق المجالات التي يمارسها المجلس الإداري بالرياضة، والشباب، والتعليم، والشؤون الدينية، والصحة، والعمل، والضرائب، والصناعة، والزراعة، والمرافق العامة.

(3) إسرائيل هي مصدر الصلاحيات للحكم الذاتي، في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

(4) استمرار سيطرة إسرائيل على مصادر المياه والموارد الطبيعية والأمن العام والنظام العام والسياسة الخارجية والنظام الاقتصادي والمالي.

(5) تطبق القوانين الإسرائيلية على المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وغزة.

ب. الملاحظات الرئيسية على الوثيقة

(1) تجاهلت الوثيقة النص على انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، وإنهاء سلطة الحكم العسكري، والإدارة المدنية المرتبطة به، كما تجاهلت قضية الاستيطان، وكذلك القدس.

(2) تهدف إسرائيل من خلال الوثيقة إلى تحقيق الآتي:

(أ) توفير أقصى متطلبات الأمن الإسرائيلية.

(ب) احتواء سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني.

(ج) الاحتفاظ بالضفة وغزة في نطاق إسرائيل الكبرى.

(د) تحقيق السيطرة على مسائل المياه والموارد الطبيعية.

(هـ) إلغاء القيود على التوسع في بناء المستعمرات لاستيعاب عمليات التهجير التي نشطت في ذلك الوقت.

ج. ومن كل ما تقدم فقد تعثرت المفاوضات الرسمية مع حكومة العمل كذلك.

3. القناة السرية لمباحثات السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية "أوسلو"

أ. كان لا بد لعملية السلام أن تنطلق في مساراتها بجميع الطرق التي تحقق الوصول إلى نتائج مرضيه للطرفين من أجل انتهاز الفرصة، وتحقيق سلام في منطقة الشرق الأوسط. وقد تبنت حكومة النرويج فكرة إجراء مباحثات سرية "منفصلة عن الاجتماعات الرسمية في مفاوضات السلام العلنية"، من أجل التوصل إلى بداية اتفاق، يضمن استمرار مسيرة السلام، ومن خلال عدة اجتماعات سرية على مستوى وفود إسرائيلية وفلسطينية في أوسلو عاصمة النرويج، تم التوصل إلى اتفاقين:

(1) الأول: يختص بالاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ووقع في أوسلو في العاشر من سبتمبر 1993 من خلال ثلاث خطابات "فلسطيني وإسرائيلي وأمريكي".

(2) الثاني: يختص بإعلان المبادئ لتحقيق السلام، الذي يشمل ـ خطوته الأولى ـ اتفاق غزة - أريحا. وتم توقيعه في واشنطن في 13 سبتمبر 1993، بتأييد أمريكي كامل.

ب. الملاحظات الرئيسية على اتفاق أوسلو

(1) هو اتفاق مبادئ ترك التفاوض للمراحل اللاحقة لتحديد الطرفين، وقد حرص الجانب الإسرائيلي في صياغته، على تنحية أية مرجعية قانونية أو قرارات دوليه، حتى تمتلك إسرائيل الحق في إدارة التفاوض بمنطقها هي، دون الاستفادة إلى أية مرجعيات يستند إليها الفلسطينيون أثناء التفاوض إلا أنه قد وردت إشارة عابرة للقرار رقم 242 في بداية الاتفاق.

(2) بالرغم أن المنظمة قد تخلت عن فقرات من ميثاقها التي تنادى بتدمير إسرائيل، واعترافها الصريح بحقها في الوجود الآمن، إلا أنه في المقابل، لم تسلم إسرائيل بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة ذات سيادة، وتركت مستقبلهم معلقاً، على أن يكون المحك هو سلوك الفلسطينيين طوال الفترة الانتقالية "أي أن مستقبل فلسطين العربية، يتوقف على مدى تكيفها لمقتضيات مستقبل أمن إسرائيل، وعلى دورها في ترسيخ الكيان الإسرائيلي داخل بيئة عربية إسلامية طالما لفظته".

(3) أن الاتفاق يلزم الطرفين بالتفاوض في العديد من النقاط التي طرحت في الاتفاق ذاته، بما يؤدي إلى تمييع الاتفاق، وقد يصل إلى طريق مسدود في المستقبل.

(4) أن الاتفاق أبقى على موضوع السيادة بأسلوب غير محدد، بما يعني ـ في النهاية ـ سيادة إسرائيل وحقها في احتواء السيادة الفلسطينية نفسها.

(5) لم يتضمن الاتفاق نصاً صريحاً بوقف الاستيطان في الأراضي المحتلة، وأرجأ بحث مسألة القدس إلى بدء المفاوضات النهائية ـ بعد ثلاث سنوات.

(6) أن الاتفاق يشير إلى سيادة إسرائيل على مصادر المياه من أجل تقسيمها بين الجانبين، مما يعدّ تنازلاً فلسطينياً عن حقه في مصادره الطبيعية.

ج. النقاط الرئيسية في اتفاق أوسلو بإعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل

ويتكون من 17 مادة، وأربعة ملاحق، وجدول زمني للتنفيذ، وقد حدد الاتفاق هدف مفاوضات التسوية من خلال مرحلتين رئيسيتين:

(1) المرحلة الأولى: مرحلة انتقالية

لمدة خمس سنوات تؤدي إلى تسويـة دائمة على أساس قراري مجلس الأمن الرقم 242، والرقم 338، ويتم خلالها تأسيس سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني تحت الإشراف الدولي، ومد ولايتها على الضفة الغربية وغزة بوصفهما وحدة إقليمية واحدة، مع استثناء الموضوعات المؤجلة لمفاوضات الوضع النهائي.

(2) المرحلة الثانية: مفاوضات الوضع الدائم

وتبدأ بعد ثلاث سنوات من قيام سلطة الحكم الذاتي، حيث يتم التفاوض على الوضع الدائم، ويشمل موضوعات "القدس، والمستوطنات، والحدود، والسيادة، واللاجئين الفلسطينيين، والترتيبات الأمنية، والمياه وغيرها".

4. خطوات من أجل بناء الثقة

بتوقيع اتفاق أوسلو، كان لابد من إجراءات على أرض الواقع لتفعيل هذا الاتفاق، وخصوصاً أنه كان يواجه بالعديد من التحديات؛ أولها: من بعض المنظمات الفلسطينية الرافضة لأي اتفاق مع إسرائيل، كذلك من بعض الدول العربية وعلى رأسها سورية، ثم تحديات لاختبار قدرة منظمة التحرير نفسها للسيطرة على الداخل، وقد تمثلت عملية بناء الثقة في ثلاث اتفاقيات تم توقيعها بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وقد أدت مصر دوراً رئيساً في تفعيلها لضمان مسيرة عملية السلام على هذا المسار، وخصوصاً أن التفاوض كان يجري في الوقت نفسه على المسارين الأردني والسوري، وحتى لا تهمل إسرائيل هذا المسار فقد تم توقيع الاتفاقيات الآتية:

أ. وثيقتا اتفاق القاهرة والترتيبات الأمنية على المعابر "9 فبراير 1994".

ب. الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي حول ترتيبات الأمن في الخليل "11 أبريل 1994".

ج. ملخص بروتوكول التعاون الاقتصادي بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل "الأول من مايو 1994".

5. اتفاق الحكم الذاتي الفلسطيني "اتفاق غزة ـ أريحا" 4 مايو 1994

أ. تنفيذاً لاتفاق إعلان مبادئ أوسلو، تم توقيع اتفاق الحكم الذاتي الخاص بقطاع غزة وأريحا في القاهرة، حيث وقعه عن الجانب الإسرائيلي رئيس الوزراء إسحاق رابين، وعن الجانب الفلسطيني الرئيس ياسر عرفات، تحت رعاية الرئيس المصري محمد حسنى مبارك وحضور وزيري خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا الاتحادية.

ب. الملاحظات الرئيسية على الاتفاق:

(1) مثّل هذا الاتفاق خطوة بداية لانسحاب إسرائيلي من أراض فلسطينية محتله "غزة ـ أريحا". ونص على استمرار عملية السلام للانسحاب المتتالي من الأراضي الفلسطينية.

(2) حقق هذا الاتفاق بناء الكيان الفلسطيني، بعد أن ظلت قضية فلسطين في صراع طويل لمدة 46 عاماً متواصلة.

(3) أما سلبيات الاتفاق فهي عديدة أهمها:

(أ) بقاء المستوطنات؛ مما يشكل عقبة مستقبلية في تحقيق السلام.

(ب) بقاء القوات العسكرية الإسرائيلية حول غزة وأريحا، وشرعية تدخلها في حالة عجز السلطة الفلسطينية عن حماية المستوطنات، مما يشكل دافعاً للتدخل العسكري الإسرائيلي تحت أي ذريعة.

(ج) مسؤولية إسرائيل عن الأمن الخارجي والأمن الداخلي للمستوطنات؛ مما يشكل إنقاصاً للسيادة الفلسطينية.

(د) سيطرة إسرائيل على المعابر تقوض حرية الحركة للفلسطينيين إلى الخارج.

(هـ) سيطرة إسرائيل على المياه الإقليمية، ومطل الصيد البحري المحدد بخمسة كيلومترات فقط يؤثر على الاقتصاد الفلسطيني.

6. اتفاقيات مكملة لاتفاق الحكم الذاتي الفلسطيني

بتوقيع اتفاق "غزة ـ أريحا" كانت هناك ثقة متبادلة في إمكان استمرار مسيرة السلام بمباركة أمريكية كاملة، ومعاونة مصرية قريبة، من أجل إحلال السلام الكامل والشامل في المنطقة، وقد تم توقيع اتفاقيتين في هذا المجال:

أ. الاتفاق الاقتصادي الفلسطيني ـ الإسرائيلي "يوليه 1994"، الذي حدّد العديد من الأسس للتبادل التجاري ونشاط العمالة الفلسطينية، ونشاط البنوك الفلسطينية أو البنوك المشتركة في الأرض المحتلة.

ب. اتفاق القاهرة التمهيدي لنقل الصلاحيات المدنية في الضفة "29 أغسطس 1994"، وقد اشتمل على مادة للتعريفات الخاصة بنقل السلطة، ومادة عن إجراءات المرحلة التحضيرية لنقل السلطة من الحكم العسكري، الإسرائيلي إلى السلطة المدنية الفلسطينية، ومواد تتعلق بإجراءات نقل السلطة في مجالات التعليم والثقافة والصحة، والشؤون الاجتماعية والسياحة والضرائب وغيرها. وكلا الاتفاقين مكملان لاتفاق المبادئ.

7. الاتفاقية المرحلية حول الضفة الغربية وقطاع غزة "28 سبتمبر 1995"

أ. جرت مباحثات هذا الاتفاق في مدينة طابا الحدودية المصرية، وتم توقيعه في واشنطن، لذلك أطلق عليه اتفاق طابا "أوسلو-2"، ويهدف الاتفاق لبدء تنفيذ المرحلة الثانية من إعلان المبادئ، الذي يتكامل مع قضايا إعادة انتشار القوات الإسرائيلية خارج المدن والقرى في الضفة الغربية، وإجراء الانتخابات التشريعية، والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ويعدّ هذا الاتفاق مقدمة مهمة لدفع تنفيذ الاتفاق إلى مراحل أكثر أهمية في مسيرة السلام الفلسطيني الإسرائيلي.

ب. الملاحظات الرئيسية على الاتفاق

(1) يشكل الاتفاق دفعه للأمام في مجال تحقيق السلام الفلسطيني الإسرائيلي.

(2) يؤكد الاتفاق على الدور المصري في دفع مسيرة السلام من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل.

8. المتغيرات في أعقاب مؤتمر طابا

كانت هناك عدة متغيرات رئيسية في أعقاب توقيع اتفاق طابا عام 1995، أثرت على مسيرة السلام الفلسطيني الإسرائيلي، أهمها:

أ. المتغير الأول: مصرع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في الرابع من نوفمبر 1995 على يد متطرف إسرائيلي يقاوم عملية السلام، وتعدّ وفاة إسحاق رابين خسارة كبيرة لعملية السلام على مساراتها المختلفة؛ نظراً لأنه كان يؤمن بالسلام، علاوة على أنه من جيل مؤسسي الدولة، الذين تثق فيهم الجماهير الإسرائيلية، ولديهم القدرة على التحرك في التوجهات المختلفة بتأييد شعبي.

ب. المتغير الثاني: عقد مؤتمر شرم الشيخ "قمة صانعي السلام" في 13 مارس 1996، بحضور رؤساء أو ممثلي رؤساء ثلاثين دولة في مقدمتهم رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وفرنسا، ورؤساء وزراء إنجلترا، وألمانيا، وغيرهم من أجل اتخاذ العديد من القرارات في مواجهة الإرهاب التي تسببت فيه إسرائيل نفسها، نتيجة العدوان على اللبنانيين، وقد شملت القرارات التي أقرها المؤتمر، دفع مسار السلام الفلسطيني الإسرائيلي، وقد أعقبت هذا المؤتمر تطورات أخرى أهمها؛ مذبحة قانا في لبنان، التي شوهت الصورة الإسرائيلية، وأحبطت جهود السلام، وخصوصاً بعد توقف المباحثات على المسار السوري ـ الإسرائيلي والمسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

ج. المتغير الثالث: صعود حزب الليكود برياسة بنيامين نتانياهو إلى الحكم في إسرائيل في مايو1996، مما أضعف جهود إسرائيل تجاه السلام، وأدى إلى تباطؤ المسار الفلسطيني الإسرائيلي، وبالتالي لم تنفذ العديد من القرارات السابق الاتفاق عليها في مؤتمر طابا، بل إن القوات الإسرائيلية عاودت حصار مدن الضفة الغربية وغزة.

وقد أدت تلك المتغيرات، وغيرها، إلى عقبة في مسار السلام، احتاجت إلى جهود أمريكية ومصرية مكثفة للنهوض بها.

9. الاتفاق حول الوجود الدولي المؤقت في مدينة الخليل: "9 مايو 1996"

يعدّ هذا الاتفاق مكملاً للاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي حول ترتيبات الأمن في الخليل "11 أبريل 1994"، وذلك للنظر في الوجود الدولي المؤقت، وأهمية تمديده لفترة انتقالية أخرى.

10. المتغيرات في أعقاب تولي نتانياهو السلطة "يونيه 1996"

أ. منذ أن تولت حكومة الليكود برئاسة بنيامين نتانياهو الحكم، وقد ضمت مجموعة من المتشددين والمتطرفين، بدأت تبرز ملامح رؤية هذه الحكومة تجاه عملية السلام، تتلخص في الآتي:

(1) استبدال مبدأ الأرض مقابل السلام، الذي أقر في مؤتمر مدريد، بمبدأ الأمن والسلام لإسرائيل.

(2) عدم الاعتراف باتفاق أوسلو، ومن ثم محاولة تجميد أوضاع الحكم الذاتي الفلسطيني، واستبداله بمفهوم الحكم الإداري في إطار إسرائيل الكبرى، بما في ذلك تجميد ما يسمى بالاتفاق النهائي.

(3) توسيع دائرة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، وخصوصاً في مدينة القدس الغربية، حيث ترى حكومة الليكود أنه الحل الوحيد لعزل المدينة عن المناطق الفلسطينية.

(4) تبنى مجموعة من اللاءات هي:

(أ) لا لقيام دولة فلسطينية.

(ب) لا للتنازل عن الجولان.

(ج) لا لتقسيم القدس.

ب. وقد أدى ذلك فقد الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، علاوة على تشجيع الحكومة الإسرائيلية للمتطرفين من اليهود في الاعتداء على المقدسات الإسلامية في القدس، وكان أهمها افتتاح نفق بطول 491 متراً أسفل الحائط الغربي من المسجد الأقصى، وامتداده إلى الشمال بمسافة 90 متراً أسفل المسجد مباشرة "أسفل قبة الصخرة". وقد أدى ذلك إلى تفجر الموقف الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة يوم 24 سبتمبر 1996ولعدة أيام متتالية في شبه انتفاضة جديدة؛ مما أدى إلى تحرك الولايات المتحدة الأمريكية، ودعوة الرئيس كلينتون لعقد اجتماع رئاسي خماسي يحضره رئيس الوزراء الإسرائيلي، والرئيس عرفات، والملك حسين عاهل الأردن، والرئيس المصري محمد حسنى مبارك، الذي اعتذر عن الحضور، إدراكاً منه بأن المؤتمر لن ينجز شيئاً نظراً لعدم التحضير الجيد له.

ج. وقد تحطمت نتائج هذه القمة نتيجة للصلف الإسرائيلي، وعدم الوفاء بالتعهد في تنفيذ القرارات، مع استمرار الخلافات على القضايا الرئيسة، وترك الأمر لجهود المنسق الأمريكي "دنيس روس" في محاولة لتقريب وجهات النظر دون أي نتيجة.

د. حرص نتانياهو على توسيع دائرة القدس تحت مسمى "القدس الكبرى" فضمت إليها ساحة جديدة من الأراضي بلغت 11% من مساحة الضفة الغربية، وبموجب هذا المخطط، يزيد عدد الإسرائيليين في القدس الشرقية بمقدار 70 ألف مستوطن، مع إقامة 30 ألف وحدة سكنية، معظمها في منطقة جبل أبو غنيم.

11. البروتوكول التنفيذي لإعادة الانتشار الإسرائيلي في مدينة الخليل:"17 يناير 1997"

أ. أمام تعنت حكومة الليكود، تقوضت مسيرة السلام برمتها، إلى الدرجة، التي أجمع المحللون فيها، إلى إمكانية عدم التزام هذه الحكومة باتفاقيات السلام الموقعة مع مصر والأردن، وقد أدى موقف الليكود برمته إلى عزل إسرائيل دولياً، وبما أدى إلى تحرك الولايات المتحدة الأمريكية وضغوطها من أجل إعادة مسيرة السلام على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي إلى سابق عهده من الحركة.

ب. بعد عدة أشهر من المفاوضات الشاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبجهود أمريكية مكثفة، وبتنسيق مصري قريب ومستمر، تمكن الطرفان من التغلب على معظم الصعاب لتنفيذ بروتوكول إعادة انتشار القوات الإسرائيلية في مدينة الخليل، حيث وقّع الجانبان على الاتفاق في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء 15 يناير 1997، في مدينة الخليل، واستكمالاً للاتفاق فقد تم التوقيع النهائي في 17 يناير 1997، الذي أدى إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من 13% من الأراضي المحتلة "منها 3% محميات طبيعية لا يتم البناء فيها"، مع إعادة ربط هذا الانتشار بالإجراءات الأمنية التي يتعهد الجانب الفلسطيني بمراعاتها.

ج. الملاحظات الرئيسية على الاتفاق

(1) يعدّ هذا الاتفاق نقطة إلى الأمام في مسيرة السلام، وقد رحبت دول العالم بالتوصل إليه، وحرضت على ضمانات تنفيذه بالكامل.

(2) حصلت إسرائيل على العديد من المساعدات الأمريكية، وخصوصاً في مجال التكنولوجيا والتسليح في مقابل هذا الاتفاق.

(3) تم تنفيذ بعض بنود الاتفاق دون البعض الآخر، ولكن من خلال معاناة الفلسطينيين من عدم التزام الإسرائيليين بما اتفق عليه.

12. اتفاق "واي ريفر" بين الفلسطينيين والإسرائيليين: "23 أكتوبر 1998"

أ. حتى نقف على الوضع السائد في مسار السلام خلال هذه المرحلة، يمكن استعراض بعض الكلمات التي سجلت في حفل توقيع هذا الاتفاق حتى يمكن فهم مضمونها:

(1) ورد ي كلمة الرئيس كلينتون: "أنه بعد 18 شهرا[1] من سوء التفاهم، وعدم الثقة والفشل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أصبح الجانبان مرة أخرى شركاء في عملية السلام، وأن الرئيس عرفات والمجلس الوطني الفلسطيني مطالبون بالتأكيد على تنفيذ الالتزامات ومساندتهم لعملية السلام".

(2) أكد بنيامين نتانياهو في كلمته: "أن الاتفاق سيجعل العالم أكثر سعادة للأطفال الفلسطينيين والإسرائيليين على السواء، وليس لصالح أحد على حساب الآخر"، وأشار إلى أن الطريق لا يزال في بدايته نحو تسوية دائمة. وقال: "إننا اليوم نتمتع بقدر أكبر من الأمن للمرة الأولى منذ اتفاق أوسلو، وسوف يشارك شركاؤنا الفلسطينيون في محاربة الإرهاب".

(3) أما الرئيس عرفات، فقد أشاد بجهود الرئيس مبارك، والملك حسين، والرئيس كلينتون، التي أدت إلى التوصل لهذا الاتفاق.

ب. والحقيقة أن إسرائيل كانت قد قبضت مقدماً قيمة هذا الاتفاق، في شكل اتفاق تعاون إستراتيجي أمريكي/ إسرائيلي، علاوة على مساعدات اقتصادية ضخمة.

ج. دعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاتفاق برمته في منتصف أكتوبر من أجل العمل على تحديد خطوات لتسهيل تنفيذ الاتفاق الانتقالي حول الضفة وغزة الموقع في 28 سبتمبر 1995 "اتفاق طابا".

كما دعت إلى تنفيذ العديد من الاتفاقيات ذات الصلة وأهمها اتفاق الوضع النهائي، والتفاوض لاستعادة الأراضي الفلسطينية، والتفاوض من أجل القدس واللاجئين، وتقرير مصير الشعب الفلسطيني، وغيرها من المسائل المعقدة.

د. تميز الاتفاق بعدة سمات أهمها

(1) ابتداع الجانب الإسرائيلي لمبدأ الأرض مقابل الأمن "عوضاً عن مبدأ الأرض مقابل السلام".

(2) إقرار مبدأ التبادلية في الحاجات الأمنية، لمعالجة مخاوف إسرائيل الأمنية، بصورة اضطر الجانب الفلسطيني معها للقبول بنوعية من الرقابة الأمريكية على تنفيذ التزاماته الأمنية.

(3) أرفق بالمذكرة جدول زمني يحدد توقيت التزامات كل طرف خطوة بخطوة، كما أرفق كذلك خطاب أمريكي، يعيد الالتزام الأمريكي بضمان أمن إسرائيل.

هـ. إجراءات تنفيذ الاتفاق

(1) حرص الجانب الفلسطيني بتنفيذ تعهداته كاملة، وقد أعلن الجانب الأمريكي ذلك صراحة، دون أن يهتم الجانب الإسرائيلي بذلك.

(2) اجتمع المجلس الوطني الفلسطيني "مرة ثانية" بحضور الرئيس الأمريكي كلينتون يوم 14 ديسمبر 1998، وأعلن إلغاء مواد الميثاق الفلسطيني، التي لا تتمشى مع مذكرة "واي ريفر-1".

(3) اتفق الطرفان على استئناف مفاوضات الوضع النهائي خلال أسرع وقت ممكن، والتوصل لاتفاق قبل الرابع من مايو1999.

و. تطورت الأحداث ولم يتمكن نتانياهو من الصمود أو الإقدام على خوض مباحثات الحل النهائي، وتم الإعلان عن انتخابات مبكرة، أدت إلى سقوطه وإنهاء مرحلة حكمه "التي استمرت سنتين"، وفاز حزب العمل برئاسة إيهود باراك في انتخابات مايو 1999، وتولى مسؤولية الحكم في إسرائيل، انطلاقاً من تأييد شعبي جارف لاستمرار مسيرة السلام، التي أعلنها في برنامجه الانتخابي، وأتى باراك، والجميع يتصورون أنه يحمل ميراث إسحاق رابين، بفهمه الكامل لحتمية السلام.

13. اتفاق شرم الشيخ "واي ريفر – 2" (4 سبتمبر 1999)

أ. مع وصول حزب العمل إلى الحكم، وتوجهه نحو السلام، كان لابد من تأكيد العديد من النقاط في اتفاق "واي ريفر-1"، التي لم تنفذها حكومة الليكود السابقة، ومن هنا، وبجهود مصرية مكثفة، أمكن عقد مؤتمر شرم الشيخ برعاية مصرية وتأييد أمريكي، وحضره الرئيس عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي "باراك" من أجل توقيع اتفاق يحدد خطوات الحل النهائي، وقد جاء هذا الاجتماع بعد ثلاثة شهور فقط من تولي "باراك" السلطة.

ب. وتأتى أهمية هذه الاتفاقية لتوضيح العديد من النقاط في اتفاقية "واي ريفر-1"، وتنفيذها طبقاً للنصوص الواردة بها، حيث إن القوات الإسرائيلية لم تلتزم بالانسحاب إلا من أراضي المرحلة الأولى فقط "بنسبة 2% مما نصت عليه الاتفاقية المحدد لها 13.1%"، وبالتالي كان لا بد من التفاوض مع باراك على المرحلتين التاليتين.

ج. كذلك فإن تاريخ الرابع من مايو 1999 الذي حدده مسار أوسلو، ليكون نهاية لتطبيق المرحلة الانتقالية يعدّ ـ بهذه الاتفاقية ـ تاريخاً لنهاية المفاوضات حول الحل النهائي، بينما هذه المفاوضات لم تبدأ أساساً، هذا إلى جانب أن إسرائيل دأبت على تأجيل تنفيذ بنود اتفاقيات المرحلة، بحيث تكدست هذه الاستحقاقات، وأضرت بمسيرة السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

14. القمة الثلاثية في أوسلو (2 نوفمبر 1999)

أ. عقدت هذه القمة بدعوة من الحكومة النرويجية لإحياء العديد من المناسبات السابقة، مثل المناسبة الخاصة بتوقيع اتفاق أوسلو عام1993، كذلك ذكرى تقاسم جائزة نوبل للسلام بين عرفات وإسحاق رابين وشيمون بيريز في الأول من نوفمبر1994، علاوة على الذكرى الرابعة لاغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين.

ب. في تبادل الكلمات بمناسبة الاحتفال، أكد باراك على الالتزام باتفاق شرم الشيخ الأخير وأكد أنه وشريكه عرفات سيسعيان للتغلب على كل الصعوبات، وسيصلان إلى الأهداف المشتركة، كما أشاد بالفهم العميق لرابين بضرورة تحقيق السلام.

ج. أما الرئيس كلينتون، فقد أعلن، في مؤتمر صحفي، عن أمله في أن يمنح المؤتمر إيهود باراك والرئيس عرفات طاقة متجددة للتوصل إلى تسوية نهائية ضمن إطار عملية السلام في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، أكد الرئيس عرفات على التزامه بتحقيق السلام والتعاون من أجل ذلك.

د. قرارات مؤتمر القمة بين عرفات وباراك وكلينتون (2 نوفمبر 1999)

(1) اتفق الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي على ضرورة مواصلة الاتصالات والمحادثات من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي.

(2) وضع الجانبان جدولاً زمنياً طموحاً للتوصل إلى إطار عمل في فبراير عام 2000، في خطوة للتوصل إلى اتفاق نهائي بحلول سبتمبر عام 2000، على أن تبدأ المحادثات الثنائية في الثامن من نوفمبر 1999، في رام الله بالضفة الغربية.

(3) تعهد الزعماء الثلاثة بالالتزام بالجدول الزمني الخاص بالاتفاق النهائي المنتظر، والمتعلق بالقضايا الصعبة وهي: "مستقبل القدس، وقضية اللاجئين الفلسطينيين، والمستوطنات اليهودية، والحدود، والمياه".

(4) اتفق باراك والرئيس عرفات للعمل بجد ولتفادى التعليقات والتصريحات والتصرفات التي قد تسبب صعوبات ضخمة للطرف الآخر خلال الأيام المائة القادمة، وأن تستمر الاتصالات واللقاءات بينهما لدفع عملية التفاوض، وأن تعقد قمة ثلاثية أخرى في أوائل فبراير 2000.

هـ. الملاحظات الرئيسية على الاتفاق

(1) رغم أن الاتفاقات جاءت بصورة عامة، إلا أنها أكدت الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

(2) اتخذ باراك العديد من الخطوات المهمة، أهمها إيقاف بناء المستوطنات، والبدء في مباحثات الحل النهائي، ويسجل لباراك شجاعته بالخوض في تلك المسائل الشائكة التي سبق أن هرب منها رؤساء وزراء إسرائيل السابقين.


 



[1] يقصد الفترة من توقيع بروتوكول الخليل، حتى توقيع هذا الاتفاق.