إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / اتفاقيات السلام العربية ـ الإسرائيلية خلال القرن العشرين





الحدود الأردنية الإسرائيلية
الحدود بين الأردن وفلسطين
قرار تقسيم فلسطين




الفصل الثالث

المبحث السادس

قمة كامب ديفيد الثانية 11 يوليه 2000 وما بعدها

أولاً: قمة كامب ديفيد الثانية

أدت المفاوضات الثنائية الفلسطينية ـ الإسرائيلية، التي سبقت قمة كامب ديفيد الثانية، إلى تحقيق تفاهمات محدودة بين مفاوضي عرفات وباراك حول الموضوعات الرئيسية للحل النهائي التي تضمنت قضايا: "القدس، واللاجئين، والمستوطنات، والسيادة، والحدود". وظلت مشكلة السيادة على القدس القديمة قائمة، حيث تركت هذه المسألة للمعالجة المباشرة بين عرفات وباراك.

وقرر الرئيس الأمريكي بيل كلينتون عقد القمة النهائية بين باراك وعرفات بهدف التوصل إلى اتفاق للحل النهائي وكان الموقف السعودي ـ المصري تجاه قضية السيادة على القدس الشرقية أثر مباشر في موقف عرفات الذي قدم في السابق تنازلات عديدة، ولكنه لم يستطع في كامب ديفيد أن يخوض في طريق تقديم التنازلات بسبب الموقف العربي والموقف الفلسطيني الداخلي.

أما في الموقف الإسرائيلي فلم يكن إيهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي على استعداد لتقديم أي استحقاق يتعلق بقضية السيادة على القدس، فقد بدأ ضعيفاً أمام ائتلافه الحكومي، الذي اتجه نحو إسقاطه، بعد أن أبدى ليونة تجاه قضايا الحل النهائي، كما أن لاءات باراك الخمس التي ذهب بها إلى مفاوضات كامب ديفيد الثانية، بقيت كما هي أثناء المفاوضات مقابل مقترحات شكلية.

1. الموقف الأمريكي الأولي للتفاوض "قبل المؤتمر"

اعتمد الموقف الأمريكي الأولى على الفكرة الإسرائيلية القديمة والمسماة بنظرية "المركز والدائرة والمحيط بمدينة القدس". وتعتمد تلك النظرية على تقسيم القدس إلى ثلاث مناطق: الأولى تسمى المركز وتشمل ما بداخل السور بالبلدة القديمة للقدس، والثانية تشمل الدائرة وتتمثل في الأحياء القريبة من البلدة القديمة وتقع على بعد كيلو متر واحد، والثالثة تسمى المحيط وهي المناطق العربية داخل بلدية القدس مثل مناطق "شعفاط وبيت حنانيا والعيسوية"، ويعرض فيها الإسرائيليون حكماً ذاتياً موسعاً في منطقة المحيط، بينما تظل السيادة الإسرائيلية الكاملة على المركز والدائرة مع منح الفلسطينيين ما يسمى بسيادة وظيفية فقط، إضافة إلى ممر للحرم القدسي "المسجد الأقصى".

وبالرغم من أن الموقف الأمريكي بنى مقترحه على الرأي الإسرائيلي بالتقسيم للمناطق الثلاث المذكورة، إلا أنه يضيف منح السيادة الكاملة للجانب الفلسطيني على المحيط، ونوعاً من الحكم الذاتي الموسع في الدائرة وإدارة محلية أو بلدية في المركز، أي يؤيد في النهاية عدم وجود سيادة سياسية فلسطينية على القدس.

ويرفض الفلسطينيون هذا المقترح من منظور ثلاث مسائل:

أ. أنها لا تحقق السيادة الفلسطينية الكاملة على القدس الشرقية والبلدة القديمة وهي لب الصراع.

ب. أنها تعزل التجمعات السكانية الفلسطينية عن مركز القدس، وهو ما تهدف إليه إسرائيل من تفريغ المركز أو قلب المدينة، ومن ثم إحداث تفوق في الميزان السكاني لمصلحتهم.

ج. منح الأحياء البعيدة نوعاً ما في القدس "المحيط" إضافة إلى وجود 165 ألف مستوطن يهودي، في القدس "المركز والدائرة" يكفل لهم التفوق السكاني بعد أن كان صفراً في عام 1967، وبهذا يصبح لليهود أغلبية في القدس الشرقية.

2. الموقف الأمريكي في كامب ديفيد "أثناء المؤتمر"

جاءت الأفكار والمقترحات الأمريكية في كامب ديفيد حلولاً وسطاً وافق عليها الجانب الإسرائيلي من حيث المبدأ؛ لأنها تقترب وتتفق مع أفكاره التفاوضية، وتتلخص هذه المقترحات في الآتي:

أ. القدس: تقسيم القدس إلى أربع مناطق جغرافية كالآتي:

(1) الأولى: الأحياء اليهودية في شرق المدينة داخل الأسوار وخارجها، تضم لإسرائيل وتكون تحت سيادتها.

(2) الثانية: الأحياء الفلسطينية خارج الأسوار تكون تحت السيادة الفلسطينية، وتضم لإسرائيل وتكون تحت سيادتها.

(3) الثالثة: الأحياء المختلفة في شرقي المدينة بفعل الاستيطان اليهودي فيها، وهذه تكون تحت السيادة المشتركة.

(4) الرابعة: البلدة القديمة تكون تحت السيادة المشتركة، أو تبقى في وضعها الحالي مدة من الزمن، على أن يعود الطرفان للتفاوض بشأنها لاحقاً. على أن يسمح بإدارة فلسطينية "عربية ـ إسلامية ـ مسيحية" للأماكن المقدسة بالبلدة القديمة من القدس.

ب. الدولة الفلسطينية

تعترف إسرائيل بالدولة الفلسطينية على 95% من أراضي الضفة الغربية و100% من قطاع غزة على أن يؤجر قسم منها لإسرائيل لمدة ما بين 10 - 15 سنة وتكون هذه الدولة منزوعة السلاح، وتوضع فوق جبال السامرة محطات إنذار إسرائيلية، ويحظر دخول جيش أجنبي إليها، وفي حالة حدوث خطر كهذا تنتشر القوات الإسرائيلية على طول نهر الأردن، ويتاح للطائرات الإسرائيلية استعمال المجال الجوي الفلسطيني.

ج. المعابر الأمنية

نظام شبكة طرق جديدة تكون معابر آمنة، مثل إقامة طريق فلسطيني يوصل الدولة الفلسطينية بالقدس بحرية دون أي احتكاك مع الإسرائيليين، وتكون بعض أجزائه جسوراً وأنفاقاً، ومعبراً آخر يصل غزة بالضفة الغربية ويكون جسراً هوائياً لا يطأ المارون عليه الأرض الإسرائيلية، وطريق التفافي يشق الضفة الغربية على طولها، ليضمن حرية التنقل الفلسطينية بحرية وبلا حواجز، وطريق آخر للمستعمرات اليهودية يضمن حرية التنقل ويحقق أمن المستوطنين اليهود.

د. اللاجئون

تعترف إسرائيل بمأساة اللاجئين الفلسطينيين الناجمة عن الحرب، وتأسف لذلك، ويمكن أن تستوعب في أراضيها بضع عشرات الألوف منهم في إطار جمع شمل العائلات، على أن تستوعب الدولة الفلسطينية نصف مليون منهم "لا تشمل النازحين عام 1967، البالغ عددهم ـ طبقاً للإحصائيات الإسرائيلية ـ 350 ألف فلسطيني"، ويقام جهاز لتعويض اللاجئين وتوطينهم يكون لإسرائيل دور في تمويله.

والواقع أن المقترح الأمريكي فيما يتعلق بالقدس، يؤدي إلى احتفاظ إسرائيل بالسيادة العليا على القدس مع توسيع حدودها داخل الضفة الغربية، بعد ضم المستوطنات الإسرائيلية إليها، مع إعطاء حقوق مدنية وبلدية ودينية تتعلق بالسكان لا بالأرض في شرقي القدس والبلدة القديمة، وهو ما يعني ممارسة الفلسطينيين حكماً ذاتياً، وإدارة مدنية على المناطق الفلسطينية بالقدس الشرقية، بينما تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية والسيادة، مع إدارة مدنية فلسطينية للسيطرة على قرى وضواحي القدس الشرقية وضواحيها "شمالها وجنوبها" مثل "وادي جوز ـ الطور ـ أبو طور ـ جبل موكبر ـ عسويا" مقابل ضم إسرائيل المستوطنات شرقي القدس مثل "معاليه أدوميم، وجفعات زئيف" وغيرها إلى القدس لتصبح تحت السيادة الإسرائيلية.

3. الموقف الإسرائيلي في كامب ديفيد "أثناء المؤتمر"، ويتلخص في الآتي:

أ. حكم بعض الأحياء الفلسطينية في القدس حكماً ذاتياً واسعاً مع تبادل لأراضى تضم مستوطنات في الضفة الغربية مثل مستوطنات "معاليه أدوميم، وجفعات زئيف" إلى القدس، مقابل ضم بعض الأراضي الخاضعة لإسرائيل إلى الدولة الفلسطينية المقبلة.

ب. تقدم إسرائيل إلى الفلسطينيين ممراً آمناً إلى الأماكن الإسلامية المقدسة في مدينة القدس القديمة.

4. الموقف الفلسطيني في كامب ديفيد "خلال المؤتمر"

نفي الجانب الفلسطيني أنه تلقى اقتراحات أمريكية حول القدس، وأن الموقف الأمريكي قبل المؤتمر أكد للجانب الفلسطيني على قرارات الشرعية الدولية، وأن القدس أرض محتلة ينطبق عليها كل ما ينطبق على الأراضي الفلسطينية، وأكد الجانب الفلسطيني أنه لن يقبل في المفاوضات أقل من عودة سيادته على القدس الشرقية، كما أن قضية القدس قضية دولية، ومن ثم لا يمكن التفريط في الحقوق العربية والإسلامية والمسيحية فيها.

أ. فشل قمة كامب ديفيد الثانية

كانت مشكلة القدس هي المحك الأساسي في فشل مفاوضات كامب ديفيد، ويمكن تحديد أسباب فشل هذه القمة في الآتي:

(1) إصرار الطرف الإسرائيلي للحصول على إقرار فلسطيني بإنهاء الصراع بينهما.

(2) إن الحل النهائي المطروح لن يكون حلاً نهائياً بالمعنى الحقيقي، إذ ستستمر المفاوضات حول القضايا المعلقة مثل "اللاجئين، والقدس، والمستوطنات، والحدود" كما أن معظم المشكلات التي لم تحل ستكون لها تداعياتها السلبية بين الجانبين.

(3) أن مشكلة القدس كانت العقبة الأساسية أمام عملية التسوية، كما أن تقطيع أوصال الدولة الفلسطينية لا يهيئ للدولة الجديدة، أي نوع من الاستقرار السياسي والاقتصادي أو الأمني على أراضيها.

(4) إن قمة كامب ديفيد تركت جانباً كل القرارات الدولية، وانطلقت من مقترحات ومبادئ "أمريكية- إسرائيلية".

ثانياً: المقترحات الأمريكية للتسوية النهائية (23 ديسمبر 2000)

نتيجة لتصاعد الانتفاضة، وزيادة الصلف الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، طرحت الإدارة الأمريكية مقترحات جديدة للحل النهائي، حيث يتكون المقترح من تمهيد ومادتين، وتعنى المادة الأولى بترسيخ السلام، والأخرى بالمبادئ العامة لاتفاق الإطار المطروح، وتترك للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي التفاوض في المستقبل حول تفاصيل الاتفاق وشروطه وضوابطه ومواعيده، ويستند المبدأ الرئيسي فيها على النص الصريح على إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والاعتراف بانتهاء مطالب الطرفين تجاه بعضهما البعض.

وتتضمن المقترحات الأمريكية الآتي:

1. الأرض: انسحاب إسرائيل من 94% من أراضى الضفة الغربية ومن كل قطاع غزة على أن يضم إلى شريط غزة بديل للأراضي المقتطعة من الضفة ( 6% من المساحة المتبقية)، مع عمل ترتيبات خاصة لممرات آمنة ودائمة، و بقاء حوالي 80% من المستوطنين اليهود داخل الأراضي الفلسطينية.

2. الأمن: باستثناء تعديلات قد تطلبتها عملية ضم المستوطنات، سيكون الخط الأخضر هو الحدود الغربية للدولة الفلسطينية، وأن الأمر سيستند على وجود قوة دولية لا يمكن أن تغادر إلا بموافقة من الطرفين، وتتولى القوة الدولية مراقبة تنفيذ الاتفاقيات، وسيكون أمام إسرائيل ثلاث سنوات لتنفيذ الاتفاق، مع إحلال تدريجي للقوات الدولية.

وفي نهاية الفترة تبقى القوات الإسرائيلية في مواقع محددة في سهل الأردن لثلاث سنوات أخرى تحت إشراف القوة الدولية، وتحتفظ إسرائيل بثلاث محطات إنذار مبكر بالضفة الغربية لمدة عشر سنوات، كما تنص الخطة على أن تحتفظ إسرائيل بمخازن للطوارئ في عدد من النقاط بسهل الأردن؛ تحسباً لأي خطر من تجاه الشرق، كما يدعو المقترح الأمريكي إلى أن تكون الدولة الفلسطينية غير مسلحة.

3. القدس: يشير المقترح الأمريكي في هذا الشأن إلى تحكم إسرائيل في الجزء اليهودي، بما في ذلك الحائط الغربي، وممر في الجزء الأرمني يؤدي إلى بوابة يافا ثم إلى الحائط، ويستعيد الفلسطينيون السيادة على المناطق المسلمة والمسيحية وجزء من الحي الأرمني، كما يدعو المقترح إلى سيادة إسرائيل على جبل الزيتون ومدينة داود، كذلك تتواجد قوة أمن دولية للمساعدة في الإشراف على النظام بالمدينة وعلى منطقة الحرم.

والواقع أن ما جاء بالمقترح الأمريكي، خاصة الفقرة التي تقول: "إن اعتراف الفلسطينيين بالحقوق الدينية والتاريخية والعاطفية لإسرائيل بمنطقة المسجد الأقصى"، هي عبارة مطاطة تتيح لإسرائيل حرية التصرف في إطار هذا الاعتراف.

4. قبة الصخرة: ينص المقترح الأمريكي "أن تكون السيطرة على سطح قبة الصخرة للفلسطينيين وأن تكون المنطقة التي تحتها ـ التي يزعم اليهود أن بها بقايا المقبرتين الأولى والثانية[1] ـ ذات وضع خاص، فيما يتعلق بحقوق اليهود في هذا الموقع، وتضمن المقترح الأمريكي بديلين كالآتي:

الأول: أن تحصل إسرائيل على السيادة تحت حرم القدس "جبل الهيكل" كما تسميه إسرائيل.

الثاني: أن تتولى هيئة دولية يتم تشكيلها لمسألة السيادة، ويتم تقييد أعمال التنقيب الإسرائيلية تحت الجبل.

5. اللاجئون: توصي الولايات المتحدة الأمريكية بتوطين اللاجئين في الدولة الفلسطينية بالمناطق التي ستصبح تحت سيطرة الفلسطينيين، أو في دولة مضيفة، أو في طرف ثالث، أو داخل إسرائيل بما يتمشى مع السياسة الإسرائيلية.

يدعو الاقتراح إلى أن تعترف إسرائيل بمعاناة الشعب الفلسطيني نتيجة حرب عام 1948، وأن تشترك في الجهود الدولية لإعادة تأهيل الفلسطينيين، ويحدد الاتفاق النهائي أسلوب تنفيذ هذا الحق بطريقه تتوافق مع الحل القائم على أساس دولتين. والمواقع الخمس المحتملة للاجئين هي "دولة فلسطين، ومناطق من إسرائيل تنتقل إلى فلسطين ضم تبادل الأراضي، وإعادة التوطين في الدولة المضيفة، وإعادة التوطين في دولة ثالثة، والتوطين داخل إسرائيل".

6. إنهاء الصراع: يتم الإعلان عن إنهاء الصراع وأي دعاوى حول إسرائيل، ويدعو المقترح إسرائيل كذلك إلى إطلاق سراح كل المسجونين الأمنيين.

ثالثاً: التحفظات الفلسطينية على المقترحات الأمريكية

تقدم الجانب الفلسطيني ببعض التحفظات إلى الجانب الأمريكي شملت على الآتي:

1. غموض المقترحات الأمريكية بشأن السيادة على الحرم الشريف.

2. عدم وجود خريطة واضحة لربط المناطق التي ستقام عليها الدولة الفلسطينية، خاصة في القدس الشرقية، وأن يكون هناك تواصل سكاني وجغرافي للضفة الغربية وقطاع غزة.

3. أن المقترح تجاهل حق عودة اللاجئين.

4. المطالبة بأن تكون الدولة الفلسطينية محدودة التسلح وليست منزوعة التسلح.

5. تقسيم مدينة القدس إلى عاصمتين على أساس سكاني طبقاً للوضع الراهن أو تدويل المدينة.

6. عدم الموافقة على حجم المستوطنات الإسرائيلية التي ستبقى داخل الضفة الغربية.

7. أن يكون هناك تواصل جغرافي سكاني للضفة الغربية وللضفة مع قطاع غزة.

رابعاً: التحفظات الإسرائيلية على المقترحات الأمريكية

قدمت إسرائيل مذكرة إلى الرئيس الأمريكي كلينتون تضمنت عدداً من التحفظات على المقترح الأمريكي تلخصت في الآتي:

1. تؤكد إسرائيل عدم استعدادها لنقل سيادة القدس الشرقية أو جزء منها إلى الفلسطينيين.

2. تعارض إسرائيل عودة اللاجئين إلى داخل الخط الأخضر وتقترح استيعابهم داخل الدولة الفلسطينية أو توطينهم في مكان إقامتهم الحالية، ويمكن لأسباب إنسانية استيعاب بعض اللاجئين.

3. مد فترة بقاء القوات الإسرائيلية وتوسيع عرض المنطقة الأمنية في غور الأردن، مع إقامة مخازن طوارئ ومحطات إنذار مبكر بالضفة والسماح لسلاح الجو الإسرائيلي بحرية التحليق سمائها.

4. الحفاظ على ثلاث كتل استيطانية إسرائيلية واسعة تستوعب 80% من المستوطنين.

5. ألا تبرم الدولة الفلسطينية اتفاقات عسكرية وألا تمتلك أسلحة هجومية.

6. أن هذا الاتفاق يحل محل القرارات الدولية وينهي الصراع بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

خامساً: انتفاضة الأقصى وتأثيرها على عملية السلام

جاءت الانتفاضة الفلسطينية في أواخر سبتمبر 2000 نتيجة مباشرة للإحباط وعدم الثقة اللذين أصابا الشعب الفلسطيني في ضوء المراوغة الإسرائيلية ونتيجة مباشرة لفشل المباحثات النهائية، وبالرغم من توقيع نحو عشر اتفاقيات بين إسرائيل والفلسطينيين منذ أوسلو عام 1993، إلا أنها لم تستطع أن تحقق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث إن المشكلات المهمة لم تناقش في تلك الاتفاقيات وهي "القدس، والحدود، والدولة الفلسطينية، والمستوطنات، واللاجئين، والمياه، والأوضاع الاقتصادية وغيرها".

وقد وضح من المفاوضات النهائية في كامب ديفيد "يوليه 2000" أنها سوف تؤدي إلى طريق مليء بالمشكلات أمام الدولة الفلسطينية، بل سوف تؤدي إلى ضياع القدس وأن تصبح القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل.

وفي ضوء تصاعد الانتفاضة، من الواضح أن اتفاقيات أوسلو قد خيم عليها الظلام، وأن الحكومة الإسرائيلية، برئاسة شارون، قد تراجعت تماماً عن عملية السلام، كذلك فإن العنف الذي مارسته الحكومة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني قد كشف وبشكل لا يدع الشك، حب الانتقام من جانب الإسرائيليين ضد الشعب الفلسطيني الأعزل من خلال استخدام الصواريخ والدبابات والطائرات في مواجهة الحجارة، وهو ما يدل على أنها تتعامل مع الانتفاضة على أساس حالة حرب صريحة، ومن ثم تستخدم أقصى ما لديها من قوة عسكرية بهدف القتل العمد للفلسطينيين.

وهكذا أثبتت الوقائع، أنه بالرغم من تأكيد العرب والفلسطينيين مراراً على أنهم قد اختاروا السلام خياراً استراتيجياً مع إسرائيل، فإن الحكومة الإسرائيلية قد اختارت طريق التصعيد العسكري والتراجع عن عملية السلام. ومن ثم فقد أدت التصرفات العدوانية الإسرائيلية إلى زيادة الأمور تعقيداً وإلى دفن عملية السلام، فأحداث الانتفاضة ورد فعل الآلة العسكرية عليها، قد جعلت التوصل لاتفاق سلام أمراً مستحيلاً، إلا إذا تراجعت إسرائيل عن أهدافها.

سادساً: تقرير لجنة ميتشيل (مارس 2001)

في ضوء تصاعد الانتفاضة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، شكلت لجنة دولية برئاسة السيناتور الأمريكي السابق جورج ميشيل، وبعد زيارتها لإسرائيل والأراضي الفلسطينية توصلت اللجنة إلى العديد من المقترحات التي جاءت بتقريرها وتتلخص في الآتي:

1. وقف جميع أنشطة بناء المستوطنات الإسرائيلية بالأراضي المحتلة، من أجل إعادة بناء الثقة إلى الشعب الفلسطيني، على أن يشمل هذا التجميد عدم إقامة أية مستوطنات جديدة، أو توسيع مستوطنات قائمة.

2. إيقاف أعمال العنف من الجانبين بصفة فورية والتعاون الأمني والعودة إلى طاولة المفاوضات.

وكرد فعل على هذا التقرير، رفضت إسرائيل تجميد عملية الاستيطان بحجة أنها تقوم بتوسيع المستوطنات القائمة لمواجهة الزيادة السكانية الطبيعية، وهو أمر يُفرغ المبادرة من مضمونها، كما أن إسرائيل تحاول استغلال تقرير لجنة ميتشيل للعمل على إنهاء انتفاضة الأقصى دون تقديم مقابل سياسي.

سابعاً: المبادرة المصرية ـ الأردنية (أبريل 2001)

ارتكزت المبادرة المصرية الأردنية من أجل إيقاف أعمال العنف بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وبدء المفاوضات بينهما، على أساس متوازن؛ حيث طالبت بتنفيذ استحقاقات المرحلة الانتقالية ووقف السياسات الإسرائيلية العدوانية، حتى يتوقف العنف الدائر في المنطقة، تمهيداً لاستئناف مفاوضات المرحلة النهائية. ولكن إسرائيل تهرّبت من تنفيذ هذه المبادرة وأوصلتها إلى طريق مسدود.

ومن ثم وضح أن إسرائيل أصبحت تدمر كل محاولات تهدف إلى تحقيق السلام، برفضها التمشي مع منطق التحرك الإيجابي الداعم لعملية السلام، حيث تتعامل مع المبادرات والتقارير المطروحة من خلال سياسة الانتقاء، ومن ثم إجهاض أي محاولات السلام.

ثامناً: الانتفاضة والمؤشرات داخل إسرائيل

تشير كل المؤشرات من داخل إسرائيل إلى تنام ملحوظ للتيار الذي يريد أن يسترجع أضواء سنوات الصراع والحروب والكراهية، وأن يوقف نهائياً دوران عملية السلام، دون إدراك لما يمكن أن يترتب على ذلك من مخاطر في ظل إحساس متعاظم بغرور القوة وأوهام التفوق وضمان الحماية الأمريكية.

ومن الواضح أن هذا التيار الذي ينمو في ظل حكومة شارون، ما هو إلا استنساخ جديد لتغطية قديمة تروج بأن السلام ليس في مصلحة إسرائيل، وإنما مصلحتها في أن ظل في حالة استنفار دائم، وأن تظل أيادي جنودها على الزناد إلى الأبد.

تاسعاً: مقترحات شارون للتفاوض مع الفلسطينيين

يرى إرئيل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي عدم البدء بالتفاوض مع السلطة الوطنية الفلسطينيين إلا بعد توقف الانتفاضة تماماً، وهو يعلم مسبقاً أنه من الصعب وقف انتفاضة الشعب الفلسطيني ومن ثم تجميد أي تفاوض مستقبلي، ويقترح شارون الآتي:

1. الدولة الفلسطينية: أن تقوم الدولة الفلسطينية على 42% من أراضى الضفة الغربية وعلى مراحل، مع ضم باقي الأراضي لإسرائيل، وأن يتم تحقيق التواصل بين الكنتونات الفلسطينية من خلال حفر نفق يربط بين رام الله ونابلس.

2. القدس: بقاء القدس الموحدة عاصمة أبدية للدولة العبرية، وعدم التباحث بشأنها.

3. الأمن:

أ. الحفاظ على وادي الأردن، وكذلك المناطق الأمنية الحيوية، خاضعة للسيادة الإسرائيلية.|

ب. أن تكون الدولة الفلسطينية المقترحة منزوعة السلاح.

4. المستوطنات: الإبقاء على كافة المستوطنات الإسرائيلية، واستمرار توسيعها لاستيعاب التزايد في السكان.

5. اللاجئون: عدم مناقشة أي اقتراح يتناول حق اللاجئين في العودة إلى الأراضي الإسرائيلية.

6. المعابر: الاحتفاظ بالمنافذ والمعابر تحت السيطرة الإسرائيلية من أجل تحقيق أمن إسرائيل.

وهكذا فمن الواضح أن مسيرة السلام قد توقفت تماماً في ظل حكومة شارون، وأن أعمال العنف ستستمر بين الطرفين، طالما لا توجد أية فعاليات للجانب الأمريكي أو الأوروبي للتدخل لإنهاء هذا الصراع بإرسال قوات دولية للفصل بين الطرفين، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة الأمريكية، بل تستخدم حق الفيتو "النقض" في مجلس الأمن لإحباط أي قرار بشأنه.



[1] يُقصد بها المرحلة الأولى من هيكل سليمان الأول عام 690 ق.م، أو قبل ذلك بقليل، ثم تنتهي بسقوط المملكة الجنوبية عام 586 ق. م. أما المرحلة الثانية للهيكل فتبدأ في عام 516 ق.م مع عودة اليهود من بابل، حيث تم إعادة تشييد الهيكل، وتنتهي بتحطيم تيتوس له عام 70م