إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / اتفاقيات السلام العربية ـ الإسرائيلية خلال القرن العشرين





الحدود الأردنية الإسرائيلية
الحدود بين الأردن وفلسطين
قرار تقسيم فلسطين




القدرة الإقتصادية لإسرائيل

المبحث الثامن

رحيل عرفات وتأثير ذلك في عملية السلام

مر النظام السياسي الفلسطيني، بعد رحيل عرفات، في نوفمبر 2004، بمرحلة انتقالية حرجة، وربما استثنائية في تاريخ الشعب الفلسطيني؛ اعتراها الكثير من الإشكاليات والتحديات: الداخلية والخارجية. لقد وقف الشعب الفلسطيني خلالها أمام لحظة الحقيقة، التي استدعت مواجهة مسؤوليات غير مسبوقة؛ لتطوير النظام السياسي، على أُسُس ديموقراطية، في إطار ترتيب البيت الفلسطيني، وتعزيز الوحدة الوطنية والوفاق الوطني؛ لتأسيس شرعية وطنية، تراعي المتغيرات والمستجدات، داخل المجتمع الفلسطيني وقواه السياسية؛ وتملك القوة والشرعية، للتعامل مع الاحتلال، والمجتمع الدولي بمدخلاته وضغوطه المختلفة.

أولاً: فوز "محمود عباس" (أبو مازن) بالرئاسة

لقد بعث الفوز الساحق، الذي حققه "محمود عباس" (أبو مازن) في انتخابات يناير 2005، بعد رحيل "ياسر عرفات"، في نوفمبر2004، بعث آمال المجتمع الدولي، أن تُستأنف مفاوضات السلام، وتنتهي أربع سنوات من المواجهات الدامية، بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فالإسرائيليون يريدون وقف الهجمات الفلسطينية. والفلسطينيون يريدون وقف العدوان الإسرائيلي على شعبهم وأرضهم؛ ويدركون أن إدارة الرئيس "بوش" غير مستعدة لممارسة أيّ ضغوط على إسرائيل.

وفى ضوء هذا المتغير، بفوز "أبو مازن"، اتخذت السلطة الفلسطينية عدداً من الإجراءات؛ لمنع أعمال العنف. فبدأت عملية التراجع النسبي لتلك الأعمال، في الأراضي الفلسطينية. بيد أن العديد من العقبات، ما برحت تواجه "أبو مازن".

ثانياً: قمة شرم الشيخ

دعا الرئيس "حسني مبارك" إلى مؤتمر شرم الشيخ، في 8 فبراير 2005، بحضور الملك "عبدالله الثاني"، ملك الأردن؛ ورئيس الوزراء الإسرائيلي، "شارون"؛ ورئيس الوزراء الفلسطيني، "أبو مازن"؛ فضلاً عن حضور الرئيس المصري نفسه. وشجعه على هذه الدعوة اتخاذ السلطة الفلسطينية العديد من الإجراءات؛ لبناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقد قَبِلَت الدعوة الأطراف كافة، بما فيها إسرائيل، التي أيقنت أنه لا يمكن إخضاع الشعب الفلسطيني للاحتلال الدائم.

كانت القمة، كما قال الرئيس "مبارك"، "بداية جديدة، وانطلاقة لبناء الثقة، وإحياء الأمل، وإعادة الحق بشكل كامل للشعب الفلسطيني، بعد طول معاناة".

وقد توصلت القمة إلى الإجراءات التالية؛ لبناء الثقة بين الجانبَين: الفلسطيني والإسرائيلي:

1. البدء، فوراً، بتسليم خمس مدن فلسطينية إلى السلطة الفلسطينية؛ وخروج القوات الإسرائيلية منها، في غضون عدة أسابيع (أريحا- قلقيلية- طولكرم- بيت لحم- رام الله). وتأليف لجنة، تبحث خروج القوات الإسرائيلية من باقي المدن الفلسطينية[1].

2. وقف مطاردة المطلوبين الفلسطينيين، طبقاً لخطة "محمد دحلان"؛ ولكنها لم تنفذ. وتقضي الخطة بأن يسلم المطلوبون سلاحهم إلى السلطة الفلسطينية، ويخضعوا لرقابة الشرطة الفلسطينية المستمرة.

3. عودة المبعدين إلى بيوتهم في الضفة الغربية، سواء الخارج (14مبعداً) و الموجودون في قطاع غزة.

4. الإفراج عن المسجونين والمعتقلين الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية (نحو900 أسير)[2].

ثالثاً: التحرك الدولي

وفي إطار التحرك الدولي، أعلن الرئيس الأمريكي، في خطبته، التي اختص بها حالة الاتحاد، أن إنشاء دولتَين ديموقراطيتَين: إسرائيل وفلسطين، أصبح في متناول اليد. وتعهد تقديم مساعدة للفلسطينيين، قِيمتها 350 مليون دولار؛ لتحقيق هذا الهدف.

وفي المستوى الأوروبي، سخَّر رئيس الوزراء البريطاني "توني بلير"، نتائج مؤتمر شرم الشيخ للدعوة إلى مؤتمر، يدعم الإصلاحات الفلسطينية. فعقد في لندن، في بداية مارس 2005. واستغرق يوماً واحداً. وشاركت فيه 23 دولة، في مستوى رؤساء الوزراء ووزراء الخارجية. وحضره رؤساء أو مندوبون عن 30 منظمة عالمية وإقليمية. وقد تمخض بنتائج مهمة، لدعم السلطة الفلسطينية؛ وهو ما شكل خطوة أساسية في إطار تنفيذ "خريطة الطريق". كما حث إسرائيل على الوفاء بالتزاماتها تجاه الفلسطينيين. وأعلن المؤتمرون التزامهم حل النزاع، عبر التفاوض المباشر في إنشاء دولة فلسطينية، تعيش، في سلام، مع جارتها، إسرائيل. وتعهدت الدول المانحة تحويل مليار ومائتي مليون دولار للسلطة الفلسطينية، خلال عام 2005.

أمّا في المستوى الإسرائيلي، فقد أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي على تنفيذ خطة الفصل أحدي الجانب، الذي تباركه واشنطن؛ والإسراع ببناء الجدار العازل، وإخلاء مستوطنات قطاع غزة، قبل نهاية عام 2005.

رابعاً: إعلان القاهرة (15-17 مارس 2005)

اختتم، في القاهرة، حوار الفصائل الفلسطينية باتفاق على تثبيت الهدنة الحالية، حتى نهاية عام 2005. وأكد الإعلان استمرار الحوار في شأن قضايا البيت الفلسطيني. وصدر البيان الختامي في ست نقاط، شددت على التمسك بالثوابت الوطنية؛ وحق المقاومة؛ والاتفاق على برنامج عمل، على مدار عام 2005، يرتكز على التزام الهدنة، في مقابل التزام إسرائيل وقف العدوان، وإطلاق الأسرى.

وقد لاحظت الجرائد العربية، أن إعلان القاهرة، أعاد تأكيد أن منظمة التحرير الفلسطينية، هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. وطبقاً للمصادر، التي تابعت عمل اللجنة، التي صاغت إعلان القاهرة، فإن مسألة التهدئة، المنصوص "عليها في الإعلان، كانت أمراً متفقاً عليه، قبل أن تحضر وفود الفصائل إلى العاصمة المصرية"، كما تقول جريدة "الحياة". إلا أن البعض، وخصوصاً "حماس" و"الجهاد"، كان راغباً في تحديد سقف زمني لهذه التهدئة، لا يتجاوز ثلاثة أشهر؛ وهو ما رفضته بقية الفصائل. ثم عادت وقبلته، حين وضعت لجنة الصياغة، في النص الختامي، أن التزام التهدئة، يأتي في إطار برنامج عمل للعام 2005؛ ومن ثَم، فإنه يُعَدّ حلاً وسطاً بين هدنة مفتوحة، وطويلة الأمد ، وشرط السقف الزمني، الذي يقتضي المراجعة.

خامساً: العلاقات الأمريكية ـ الفلسطينية

الزيارة الأولى لواشنطن، في 26 مايو 2005، تمكَّن رئيس السلطة الفلسطينية من إعادة القضية الفلسطينية، مجدداً، إلى البيت الأبيض، حيث كانت الإدارة الأمريكية، برئاسة "جورج بوش"، قد حمَّلت الجانب الفلسطيني مسؤولية كلّ ما يجري، من عنف وإرهاب، على الأراضي الفلسطينية؛ ومن ثَم اعتمدت الرأي الإسرائيلي، القائل بعدم وجود شريك فلسطيني في السلام.

سرعان ما زعزع "أبو مازن"، الرؤية الأمريكية، أثناء تلك الزيارة، التي استهدفت دعم العلاقات الأمريكية ـ الفلسطينية. وعلى الرغم من جهود اللوبي الصهيوني؛ و"شارون" نفسه، في إفشال الزيارة، ودفع الإدارة الأمريكية إلى التنكُّر للزائر، فإن الأخير، تمكن، عبْر رؤية عقلانية، من انتزاع مواقف إيجابية من تلك الإدارة الأمريكية، تمثلت في مساعدات اقتصادية مباشرة للسلطة الوطنية؛ أو تصريحات أمريكية مباشرة، تعرب عن وقف توسيع المستعمرات، وضرورة تفكيك غير القانوني منها، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى حدود ما قبل 28 سبتمبر 2000.

وقد أكد "بوش"، خلال المؤتمر الصحفي مع "أبو مازن"، النقاط التالية:

1. التزام بلاده مشروع "خريطة الطريق"؛ لتحقيق السلام في الشرق الأوسط؛ على أساس أنها الوسيلة الوحيدة لتجسيد صورة الدولتَيْن اللتَيْن تعيشان جنباً إلى جنب، في سلام.

2. العمل، بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، لتجسيد رؤية دولة فلسطينية مستقلة، حرة، وديموقراطية.

3. الوعد بدعم الشعب الفلسطيني بمجموعة من المساعدات المالية المباشرة. وتحديد سلسلة من المبادئ، لمواصلة مسيرة السلام؛ ومن بينها مطالبة إسرائيل بإخلاء النقاط الاستيطانية غير القانونية، ووقف البناء في المستوطنات، بما في ذلك تلك التي تبنى في محيط القدس. وضرورة الدعوة إلى اتخاذ خطوات، من شأنها تحسين حياة الفلسطينيين، وخاصة ما يتعلق منها بالجانب الإنساني.

4. تأكيد ضرورة أن يراعي بناء الجدار الفاصل حياة الفلسطينيين، وأن يكون لأغراض أمنية، وليس سياسية.

أمّا "أبو مازن"، فقد طالب بوقف بناء الجدار الفاصل، والأنشطة الاستيطانية؛ استجابة لما نصت عليه "خريطة الطريق". كما أكد أن الديموقراطية الفلسطينية، لا يمكنها الازدهار تحت الاحتلال الإسرائيلي، وفي غياب الحرية. كذلك أكد أهمية الدور، الذي يمكن أن تضطلع به الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل تحقيق السلام في المنطقة.

سادساً: الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة

شهدت نهاية أغسطس 2005، انسحاب إسرائيل الكلي، من جانب واحد، من قطاع غزة، بعد تفكيك مستوطناته، البالغة (21) مستوطنة، وإخلائها من المستوطنين، وتفكيك معسكرات الجيش الإسرائيلي فيها. واتخذت القوات الإسرائيلية مواقع لها، موازية للحدود مع القطاع. كما وافقت الحكومة الإسرائيلية على أن تنشر مصر (750) جندياً، من قوات حرس الحدود، في حدودها مع القطاع. وفُتح معبر رفح الحدودي، بين القطاع ومصر، بعد تطويره، وتزويده بمراقبين، بناء على اتفاق فلسطيني- إسرائيلي؛ من أجل ضمان مراقبة إسرائيلية لحركة المعبر، من خلال أجهزة التصوير التليفزيونية. كما انسحبت إسرائيل من أربع مستوطنات، في شمالي الضفة الغربية، بعد تفكيكها، وإخلائها من مستوطنيها.

وفي إطار هذا الانسحاب الأحدي الجانب، الذي نجح الإسرائيليون في تزيينه إعلامياً، وبطريقة جيدة، في الصعيد الدولي، ثارت الخلافات داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل. ففي 7 أغسطس 2005، استقال "بنيامين نتنياهو" من وزارة المالية؛ احتجاجاً على خطة الانسحاب، قُبَيْل تنفيذها. وكان رئيس الوزراء، "ارئيل شارون"، قد استبعد، في 7 يناير 2005، وزراء حزب "شينوي" من الائتلاف، بسبب تصويتهم ضد مشروع الموازنة، عند مناقشته في الكنيست. واتفق مع حزبَي "العمل" و"يهود التوراة" على دخول الائتلاف. وعين زعيم حزب "العمل"، "شيمون بيريز" نائباً له. كما ساءت شعبية "شارون" داخل تكتل "الليكود" حيث بات يواجه تياراً مناهضاً له؛  بسبب خطة الانسحاب.

وعلى أثر فوز "عمير بيريتس" بزعامة حزب "العمل"، في نوفمبر 2005، وإزاحته "شيمون بيريز" عن تلك الزعامة؛ واقتراب موعد انتخابات كتلة "الليكود"، شعر "شارون"، أن خسارته زعامة التكتل، لمصلحة منافسه التقليدي، "نتنياهو"، هو أمر واقع، لا محالة؛ فبادر إلى الاستقالة من زعامة الحزب، ليؤلف حزباً جديداً، أطلق عليه اسم: "كاديما"؛ وهي تعني "قُدماً". وانضم إلى الحزب الوليد عدد من الوزراء، وأعضاء الكنيست، الموالين له؛ فضلاً عن أعضاء من أحزاب أخرى، من بينهم "شيمون بيريز". وعلل "شارون" خطوته بالقول، إنه كوّن حزباً وسطاً، بين تطرف "الليكود" اليميني و"العمل" اليساري؛ سيكون قادراً على تحقيق أمن الدولة واستقرارها، وصنع سلام مباشر مع الفلسطينيين. واتفق مع الزعيم الجديد لحزب "العمل" على إجراء انتخابات مبكرة، في مارس 2006. ودعا "شارون" الرئيس الإسرائيلي، "موشيه كاتساف"، إلى حل الكنيست، قبل ذلك الموعد؛ والدعوة لانتخابات مبكرة.

سابعاً: الاجتماع الأمريكي ـ الفلسطيني

بعد أشهر على اجتماع مايو 2005، اجتمع "بوش" و"أبو مازن"، ثانية، في واشنطن، في أكتوبر 2005. وفي المؤتمر الصحفي، الذي عقداه، بعد جلسة من المباحثات، حدَّد أولهما. ملامح سياسته عملية السلام في الشرق الأوسط. وحاول طمأنة الفلسطينيين بإمكان إنشاء دولتهم المستقلة؛ على الرغم من تراجعه عن الموعد، الذي سبق أن أعلنه، قبْل نهاية ولايته، لإنشاء هذه الدولة في أواخر عام 2008، ومن قبْل في عام 2005، ثم تأجيل ذلك إلى عام 2009، أيْ بعد نهاية ولايته الثانية. وطالب إسرائيل بمطالب تقليدية: وقف بناء المستوطنات، ورفع المعاناة عن الفلسطينيين، وإزالة ما أسماه: البؤر الاستيطانية غير المرخص بها. وأكد أن تحقيق السلام، يتطلب تضامن جهود كلّ الأطراف المعنية. كما دعا السلطة الفلسطينية إلى رفض ما أسماه: الإرهاب، والمبادرة إلى محاربته. واسترضى "بوش" الفلسطينيين، بترديد انتقاده على إسرائيل سياساتها في الأراضي المحتلة. وقال إن عليها ألاَّ تتخذ أيّ أنشطة تناقض التزامات "خريطة الطريق". وشدد على ضرورة السعي الدؤوب في بناء الاقتصاد الفلسطيني؛ مناشداً الدول العربية دعم هذا الاقتصاد.

أمّا أبو مازن، فقد أكد ضرورة مواصلة الإبقاء على النافذة، التي خلفها الانسحاب الإسرائيلي من غزة، مفتوحة؛ للمساعدة على اتخاذ خطوات تالية إلى سلام دائم. وأعلن ضرورة تنفيذ تفاهمات شرم الشيخ؛ فضلاً عن إيقاف الأنشطة الاستيطانية، ومعها الجدار العازل؛ وسحب القوات الإسرائيلية إلى حيث كانت قبْل 28 سبتمبر 2000. كما بيَّن أن الانتخابات الفلسطينية، التي ستجرى في المرحلة المقبِلة، مع بداية عام 2006، ستكون أول انتخابات، منذ عشر سنوات، يختار فيها الشعب الفلسطيني ممثليه؛ ويجسد الشعار، الذي بنى عليه برنامجه السياسي، وهو: سلطة واحدة. وقانون واحد. وتعددية سياسية.

ثامناً: تَدارُك فوز "حماس"

فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، التي أجريت في 25 يناير 2006؛ وشارك فيها نحو 80 % من الناخبين الفلسطينيين؛ وحصولها على 74 مقعداً، أيْ نحو 56 % من إجمالي مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، البالغة 132 مقعداً؛ واقتصار منظمة "فتح" على 45 مقعداً من مقاعد المجلس ـ كلّ ذلك دفع بالمسألة الفلسطينية إلى صدارة القضايا السياسية، التي يُوْلِيها النظام العالمي الجديد اهتمامه.

وأثار فوز "حماس" الاستفهام عن أهليتها لتولي الحكم، ومدى قبول هذه الولاية، دولياً وإقليمياً وعربياً. ولم تكن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في حاجة إلى التوضيح، إذ كانت قد أعلنتا، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، أنها منظمة إرهابية. واشترط عليها الرئيس الأمريكي "بوش"، أربعة شروط، لدعم رئاستها لحكومة فلسطينية، وهي: أن تُغير برنامجها السياسي، وتُبَدِّل أسلوب تفكيرها، وتفكك جناحها العسكري، وتعدِّل موقفها من إسرائيل. وجهر بأن رؤيته لإنشاء دولة فلسطينية، لن تتحقق، إذا أصرت "حماس" على نيتها في تدمير دولة إسرائيل.

كما أن السكرتير العام للأمم المتحدة "كوفي أنان"، أكد في بيان، أعلنه في نهاية يناير 2006، "أنه يتعين على "حماس"، أن تنبذ العنف، وتعترف بإسرائيل، إذا كانت ستشارك في حكومة فلسطينية". وهَّدد بأن المعونات الخارجية، لن تستمر ما لم تتخلّ الحركة الفلسطينية عن العنف والعمليات الانتحارية؛ وتلتزم بالاتفاقيات السابقة، بما فيها"خريطة الطريق". كما منحت اللجنة الرباعية الدولية "حماس" مدة 3 أشهر، لتنفيذ مقررات اللجنة، والتي أعلنها "كوفي أنان".

وكان الموقف الإسرائيلي، في ضوء ما تشهده الحملة الانتخابية، أشد حزماً. ورفع حزب "كاديما"، شعاراً، بعنوان: "فلنكن أقوياء في وجه "حماس"، كما أوقفت إسرائيل تحويل المقررات الجمركية إلى السلطة الفلسطينية؛ من أجل إحراج الحركة الفلسطينية.

وفي المستوى الفلسطيني، اعترفت منظمة "فتح" بهزيمتها في الانتخابات؛ بل طالبت بمعاقبة قادة المنظمة أنفسهم عبْر الشارع الفلسطيني. وأعلن "أبو مازن" بعد اجتماعه مع الرئيس "مبارك"، في القاهرة، أن تكليف "حماس" تأليف الحكومة الفلسطينية الجديدة، رهن باستحداثها ثلاثة مقومات: "نبذ العنف - الاعتراف بإسرائيل - واحترام اتفاقيات السلام السابقة بين الفلسطينيين وإسرائيل". ولكنها رفضت هذه الشروط؛ وأعلنت استعدادها لعقد هدنة مع إسرائيل، مدة عشر سنوات.

تاسعاً: الانتخابات الإسرائيلية

أكسب الانتخابات الإسرائيلية، في 28 مارس 2006، أهميتها  الخاصة عاملان مهمان: أَوَّلهما، تحولات النظام السياسي الإسرائيلي؛ وظهور قوى حزبية جديدة، ممثلة في حزب "كاديما" الذي طرح رؤية، ما عهدتها كتلتا اليمين واليسار، إذ يسعى إلى سياسات عملية، تستند إلى قاعدة جماهيرية مهمة. أمّا العامل الثاني، فهو تولي "حماس" الحكومة الفلسطينية، والتي تمتلك هي كذلك رؤية مغايرة لرؤية "فتح".

وبعد نجاح حزب "كاديما"، عُهد إليه بتأليف الحكومة. فأصبح قادراً على ترجمة رؤيته بمنهج الفصل والانسحاب أحدي الجانب. على ما يعنيه من إغفال لمشاورة الفلسطينيين في حدود الانسحاب وخطوطه. ولا ريب أن "حماس"، لن تقبل إلا القرارَين الدوليَّين: (242)، (338)، اللذَين ينصان على الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود ما قبل 5 يونيه 1967. وهو أمر سيؤدي، حتماً، إلى تعليق عملية السلام، الذي تتمناه إسرائيل؛ لتستكمل بناء الجدار العازل، وبناء مستوطناتها، والتوسع في ضم الأراضي الفلسطينية؛ فيمسي ذلك أمراً واقعاً.

عاشراً: أزمة النظام السياسي الفلسطيني

مرت العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية بمرحلة حرجة، نجمت عن تأليف حزب "كاديما" الحكومة الإسرائيلية، وتَوَلِّي "حماس" الحكومة الفلسطينية؛ ولكلّ منهما برنامجه السياسي المناقض للآخر. فتطرح أُوْلاهما الانسحاب أحدي الجانب من الضفة الغربية؛ وترك أقلّ مساحة من الأراضي للفلسطينيين؛ وتقسيم الحدود تقسيماً، يتمشى مع أهدافها، ضم معظم أراضي الضفة المذكورة إلى إسرائيل، فيحتويها الجدار الأمني؛ وتحصل على موافقات وضمانات أمريكية. أمّا الحكومة الفلسطينية، فإنها تعود بالقضية إلى بداياتها، مطالبة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وتطلب تل أبيب من حكومة "حماس" الاعتراف بإسرائيل، والاتفاقيات السابقة؛ والتخلي عن المقاومة، أولاً، وقبْل أيّ اتصالات أو مفاوضات. كما حرضت الإدارة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، والمجتمع الدولي، على دعم سياستها في هذا الاتجاه؛ باتخاذ العديد من الإجراءات الصارمة، لابتزاز الحكومة الفلسطينية. ومن ثَم، تصاعدت المواجهة، بعد تنفيذ إسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكية، وبمشاركة دولية، خطة مشتركة لزيادة الضغوط: السياسية والاقتصادية، وحجب الأموال عن حكومة "حماس"؛ ووضع العراقيل أمام الحياة المعيشية للشعب الفلسطيني؛ لمعاقبته بخياره الديموقراطي؛ وفى الوقت نفسه، ممارسة الضغوط على الحكومة الفلسطينية؛ لتغيير منهجها أو إسقاطها؛ الأمر الذي خلق أزمة معقدة داخل النظام الفلسطيني.

هذا وقد مر النظام السياسي الفلسطيني، منذ تولِّي "حماس"، بمرحلة صعبة، ومتطلبات متعددة، من الداخل؛ لعبور الأزمة، وخاصة ما يتعلق بإصلاح النظام السياسي، وتحقيق الوحدة الوطنية والإصلاح الإداري، ومعالجة الفساد والفوضى الأمنية. وناهيك مروره بأزمة قيادة، ولا سيما في محال توزُّع مؤسسة الرئاسة والحكومة الصلاحيات والمسؤوليات، واختلاف برامجهما السياسية، وعدم القدرة على التوصل إلى إستراتيجية موحدة. وتكمن الأزمة الكبرى في انفراد "حماس" بالحكومة؛ مع أن الحركة، لا تمثل جميع القوى السياسية؛ كما أن جميع الحلول المطروحة على الحكومة، ليس فيها مصلحة للحركة؛ بل تستبعدها من الحل؛ بسبب محاصرتها داخلياً وخارجياً؛ ولو أمكنها التغلب على الحصار الداخلي، فإن الحصار الخارجي هو الأشد قسوة على الحكومة والشعب الفلسطينيّين.

حادي عشر: التنسيق بين حكومة "أولمرت" والإدارة الأمريكية

في يونيه 2006، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، "إيهود أولمرت"، الولايات المتحدة الأمريكية؛ لتنسيق مواقف الطرفَين، وعرض خطط إسرائيل، في المرحلة المقبلة. ولخص "أولمرت" لقاءه الرئيس "بوش" بقوله: "خرجت بانطباعات إيجابية قوية... أنا سعيد بهذا اللقاء". ووصف جولته في الولايات المتحدة الأمريكية بأنها ناجحة؛ وهذا صحيح؛ لأنها أدت إلى تثبيت الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل، وتأسيس علاقات شخصية إيجابية بين الزائر والمزور.

كان أهم ما ركز فيه "أولمرت"، هو الخروج بمكاسب حقيقية، وتسويق خطته للانسحاب أحدي الجانب من الضفة الغربية، وضم الكتل الاستيطانية الكبيرة إلى إسرائيل، والتي أطلق عليها اسم: "خطة الانطواء". وتعتمد هذه الخطة، كما تذكر المصادر الإسرائيلية، على تجميع المستوطنين في عدة كتل استيطانية، تحاط بالسور، وترسم حولها الحدود الدائمة.

ومن أهم الشؤون المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والتي ناقشها الرجلان، ما يلي:

1. المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية

أكد "أولمرت"، على أن مسألة البؤر الاستيطانية، غير القانونية في المباحثات، لم تناقش. ونوَّه بالدعم الأمريكي لتنفيذ خطة فك الارتباط، في قطاع غزة؛ مشيراً إلى ضرورة توافر هذا الدعم للخطوة المستقبلية، التي تخططها حكومة إسرائيل. ويرى "بوش"، أن عملية تجميع المستوطنات، تُعَدّ خطوة إيجابية إذا لم تتمكن المفاوضات من التوصل إلى حل.

2. القضية الفلسطينية

لقد أكد "بوش" الشروط الثلاثة، المُشْتَرَطَة على الحكومة الفلسطينية، برئاسة "حماس"؛ وهي: الاعتراف بإسرائيل، والتنصل من الإرهاب، والاعتراف بالاتفاقيات الموقعة. ولَفَتَ إلى أن الطريق الأفضل للوصول إلى السلام، هو المفاوضات. وامتدح خطة ضيفه، بأنها امتداد لخطة فك الارتباط.

وحظي "أولمرت" بترحيب الكونجرس الأمريكي الحار، وموافقته الضمنية على مخططاته كافة. كما قاد رئيس الوزراء الإسرائيلي حملة على "حماس"، من خلال اتهامها بالإرهاب، ومعاداة السامية، وتَعَهُّدها إبادة إسرائيل. وأشار إلى تعرُّض الدولة العبرية، خلال السنوات الست الأخيرة، لأكثر من 20 ألف محاولة لتنفيذ عمليات تفجير، استهدفت مواطنيها المدنيين. ونوَّه بأن من بين ضحايا هذا الإرهاب مواطنين أمريكيين. وأكد إسرائيل لن تخضع للإرهاب.

ثاني عشر: اِطِّراد العنف

اطرَّدت العمليات الإسرائيلية، في الفترة من يونيه وحتى نهاية ديسمبر 2006، وخاصة بعد اختطاف المقاومة الفلسطينية الجندي الإسرائيلي، "جلعاد شليط"، ورَهْنها إطلاقه بتسريح الأسرى الفلسطينيين. ومن ثَم، نفذت إسرائيل عدة اجتياحات للأراضي الفلسطينية، ولا سيما قطاع غزة، الذي اختصه الطيران والمدفعية الإسرائيليان بغارات، دمرت بنيته التحتية.

وفى الوقت نفسه، استشرت الاشتباكات، بين حركتَي "حماس" و"فتح"؛ حتى إنها طاولت رأس أُوْلاهما، رئيس الوزراء الفلسطيني، "إسماعيل هنية" بعد عبوره معبر رفح، عند عودته من زيارة خارجية، في 14 ديسمبر 2006. وقد أدى هذا الاقتتال إلى تفاقم معاناة الشعب الفلسطيني، وتراجع القضية الفلسطينية وعملية السلام، وإعطاء إسرائيل الذريعة لتزعم افتقاد الشريك الفلسطيني القادر على صنع السلام.

ثالث عشر: ضرورة عملية السلام

زارت القاهرة وزيرة الخارجية الأمريكية، "كوندوليزا رايس". وواكب هذه الزيارة استفحال الوضع المتردي في الأراضي الفلسطينية، واستعار الاقتتال الفلسطيني؛ حتى إن الأمر بات ينذر بعواقب مخْطِرَة؛ ما لم تنشط الجهود: الدولية والإقليمية، لاستعادة الهدوء، والعودة إلى التفاوض والحوار؛ والمسارعة إلى صياغة جديدة لمبادرة، تقود إلى تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتسوي النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي تسوية شاملة. فعجلت الوزيرة الأمريكية إلى الاجتماع، في 3 أكتوبر 2006، في العاصمة المصرية، مع وزراء خارجية ثماني دول عربية، هي: مصر والأردن ودول مجلس التعاون العربي الخليجي الست؛ عسى أن يتداركوا هذه الأزمة. كما رأت "رايس" ضرورة دعم الرئيس الفلسطيني، "محمود عباس"، دعماً قوياً؛ ليتمكَّن من المضي قُدُماً في رؤيته المعتدلة للتوصل إلى تسوية مع إسرائيل.

أمّا الطرح العربي، في اجتماع القاهرة، فقد رأى أن "خريطة الطريق" تحْمل هي نفسها عوامل ضعفها. وأحد تلك العوامل، أن مراحلها متراكبة، ينتهي بعضها إلى بعض؛ بمعنى أنه إذا اتخذ طرف إجراء، فالمتصور أن على الطرف الآخر، أن يتخذ إجراءً تابعاً. ومن ثَم، فلو توقف طرف، فسيتوقف الطرف الآخر.

رابع عشر: الموقف الإسرائيلي من السلام

لا ريب أن إسرائيل هي السبب الرئيسي، والمباشر، لكلّ ما يحدث في الأراضي الفلسطينية. فهي لو كانت جادّة في قبول السلام الحقيقي، لَمَا أصرت على المستحيلات واللاءات، التي تستفز مرجعيات التفاوض، فتضطرها إلى خلْق الصعاب الحقيقية، وإفساد حلم السلام على شعوب المنطقة، والذي يصعب الانحلام عنه، في غيبة من التخيير الضروري، بين استمرار احتلال أراضي الغير، من ناحية؛ أو الحصول على السلام، وضمان الأمن والاستقرار، من ناحية أخرى.

وما برحت إسرائيل تعلن، من آن إلى آخر، اجتياحاً عسكرياً لقطاع غزة، متذرعة باستمرار اختطاف الجندي الإسرائيلي؛ إضافة أن قطاع غزة، يحصل على أسلحة، بكميات وافرة، تهدد أمن إسرائيل؛ فضلاً عن كتائب القسام، ما زالت تطلق صواريخها على المستوطنات الإسرائيلية، شمالي القطاع الآنف. كما تبرر إسرائيل عدوانها بأن اتفاقاً، أُبرم بين "حماس" وإيران، في 10 أكتوبر 2006، خلال زيارة وزير الداخلية الفلسطيني، "سعيد صيام" لطهران، تدعم بموجبه ثانيتهما أُوْلاهما، في قطاع غزة، بنوعيات متطورة من الأسلحة.

كما أعلن "إيهود أولمرت" توقف الترتيبات كافة للقاء مع "أبو مازن". وفي الوقت نفسه، أعلن "علموس جلعاد"، المسؤول في وزارة الدفاع، أن الجيش الإسرائيلي، يكثف هجماته: البرية والجوية، في قطاع غزة؛ من أجل منع إطلاق الصواريخ وتهريب الأسلحة. وأكد أن حركة "حماس"، تمثل تهديداً لأمن إسرائيل. ناهيك بتكرار إسرائيل اقتحام مدينتَي رام الله ونابلس، حيث تعتقل وتقتل مَن تطلق عليهم: النشطاء الفلسطينيين المناوئين لإسرائيل.

وطرأ عامل مهم على الوضع السياسي الداخلي في إسرائيل، وخاصة بعد أن زعزعت حرب لبنان، في يوليه 2006، مكانة "أولمرت" في ذلك الداخل. وتمثل العامل الطارئ في انضمام الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل: حزب "إسرائيل بيتتا"و"يهدوت هتوراه"، إلى الحكومة الإسرائيلية. (يضم الائتلاف الحاكم، حالياً، 67 نائباً، من أربع كتل نيابية، هي: "كديما" 29 نائباً، و"العمل" 19 نائباًن و"شاس" 12 نائباً، والمتقاعدين 7 نواب). يعني ذلك أن قرارات هذه الحكومة، ستكون في مصلحة التطرف، بعيداً عن عملية السلام.

خامس عشر: زيارة "أولمرت" للولايات المتحدة الأمريكية (نوفمبر2006)

سُخِّرت مباحثات رئيس الوزراء الإسرائيلي، "إيهود أولمرت" مع الرئيس الأمريكي، "بوش"، في واشنطن، لمناقشة ثلاث قضايا رئيسية، هي: قضية الشرق الأوسط – إيران – العراق. ففي شأن أُوْلاها، عرض "أولمرت" رؤيته لأسلوب حل القضية الفلسطينية، في إطار "خريطة الطريق"؛ فاشترط على الحكومة الفلسطينية الاعتراف بإسرائيل، والتزام الاتفاقات الموقعة مع السلطة الفلسطينية؛ علاوة على تهدئة الأوضاع، وإيقاف الإرهاب الفلسطيني ـ حسب قوله ـ. وقد جاءت زيارة "أولمرت" لواشنطن، بعد أيام من فوز الديموقراطيين في الانتخابات البرلمانية.

أمّا السلطة الفلسطينية، فقد أعلنت، أن استخدام الفيتو الأمريكي، في مجلس الأمن؛ للحيلولة دون التنديد بجرائم إسرائيل الوحشية، في قطاع غزة بعامة، ومذبحة "بيت حانون" بخاصة ـ يشجع تل أبيب على مواصلة عمليات قتل الفلسطينيين.

سادس عشر: التناحر الفلسطيني

أَذْكَى رئيس السلطة الفلسطينية، "أبو مازن"، الخلاف بينه وبين رئيس الوزراء الفلسطيني "إسماعيل هنية" (ممثلاً لحركة "حماس")، إذ دعا، في خطبة، في رام الله، بالضفة الغربية، في 16 ديسمبر 2006، إلى إجراء انتخابات مبكرة: رئاسية وتشريعية. وهي الدعوة التي رفضتها "حماس". ورأت فيها دعوة إلى حرب أهلية. ودعت أنصارها للنزول إلى الشوارع، في قطاع غزة والضفة الغربية؛ للتعبير عن رفضهم إياها. وسرعان ما اشتبك مسلحون، ينتمون إلى حركتَي "حماس" و"فتح"؛ ما أدى إلى سقوط 19 شخصاً، بين قتيل وجريح. وهو أمر، ينذر باستفحال الموقف؛ ما يقضي على عملية السلام، ويدخل الفلسطينيين في دوامة من العنف، بعيداً عن القضية الأساسية. وأكد "أبو مازن"، أن الموقف صعب جداً، وأن الشعب الفلسطيني، تحوَّل من مناضلين إلى متسولين؛ وأن المكاسب الفلسطينية، قد تراجعت؛ بل أصبح هناك انهيار في القِيم الاجتماعية.

وسارع الأمين العام لجامعة الدول العربية، "عمرو موسى"، إلى تأكيد أن الحوار الفلسطيني، والوحدة الوطنية أمران مهمان لوضع الحركة السياسية: العربية والدولية، ولإحياء عملية السلام. وأشار إلى أن قرار المجلس الوزاري العربي، كسر الحصار، قرار جماعي، يجاهر بأن العرب، لن يشتركوا في تجويع الشعب الفلسطيني، أو إحراج السلطة. وعلق على رفض إسرائيل عقد المؤتمر الدولي للسلام، الذي اقترحه الجانب الأوروبي، بقوله إن السياسة الإسرائيلية، لا تريد أيّ تحريك، سواء كان مؤتمراً دولياً للسلام، أمْ اقتراحاً آخر. والمهم أن يتحرك العالم، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، من أجل تحريك عملية السلام.

وهكذا ينتهي عام 2006، من دون أيّ تقدم في مسيرة السلام، ليس في المستوى الفلسطيني فحسب؛ وإنما في المسارات الأخرى كافة: السورية واللبنانية. ومن ثَم، عُلِّقَت عملية السلام، وتوقف كلّ تحرك إيجابي للمجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي.



[1] انسحبت إسرائيل من أريحا وطولكرم. ولم تنسحب من باقي المدن؛ لا، بل اقتحمت مدينة طولكرم، بعد عملية نتانيا، في 13 يوليه 2005.

[2] يناهز عدد المعتقلين الفلسطينيين 10 آلاف أسير.