إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / اتفاقيات السلام العربية ـ الإسرائيلية خلال القرن العشرين





الحدود الأردنية الإسرائيلية
الحدود بين الأردن وفلسطين
قرار تقسيم فلسطين




القدرة الإقتصادية لإسرائيل

المبحث العاشر

المسار السوري – الإسرائيلي

اتسم الموقف على المسار السوري ـ الإسرائيلي، منذ بدء عملية السلام، في مدريد، عام 1991، بسمات خاصة، تمثل أبرزها في التعثر، وافتقار الجانبَين إلى دافع التسوية، وبقاء الموقف العسكري، في الجولان، هو أكثر جهات إسرائيل هدوءاً.

وقد قللت أجهزة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من مبادرة سورية إلى تحضير قواتها لنزاع عسكري، وتزايد إنتاجها لصواريخ أرض/ أرض بعيدة المدى، ونشرها صواريخ مضادة للدبابات في طول حدودها مع إسرائيل، في هضبة الجولان. وأكد نائب وزير الدفاع الأمريكي، "إفرايم سنيه"، أن سورية تبني قدراتها العسكرية، من أجل الوقوف في وجه التفوق العسكري الإسرائيلي. ولا يوجد أيّ دلائل على أنها تنوي الهجوم عليها. وإن كلّ الإجراءات، التي تتخذها، هي في إطار تدعيم دفاعاتها. وتُوْلي إسرائيل هضبة الجولان أهمية إستراتيجية، إذ تبلغ مساحتها الإجمالية 1860 كم2، تحتل إسرائيل منها 1250كم2. وتسيطر الهضبة على المنطقة الإسرائيلية، الشمالية ومنطقة الجليل خاصة. كما تسيطر على السهول السورية، المؤدية إلى دمشق. واستطراداً، فإنها تحقق لمن يسيطر عليها إمكانيات الإنذار المبكر والمراقبة، كما توفر قدرة السيطرة، والتهديد بالنيران لمناطق الكثافة السكانية، والأهداف الحيوية، لأيّ من الجانبَين: السوري والإسرائيلي.

أولاً: الموقف السوري

تتمثل محددات الموقف السوري في الآتي:

1. تحقيق الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجولان، إلى خط الحدود في 4 يونيه 1967؛  على ألا تؤدي ترتيبات الأمن، التي ينطوي عليها أيّ اتفاق مع إسرائيل، إلى خلق وضع، يُهدد أمن سورية؛ فضلاً عن دورها ومكانتها الإقليمية.

2. الخلل الحالي في توازن القوى العسكرية الإستراتيجية، في مصلحة إسرائيل، أمر يحُول دون التوصل إلى اتفاق، يحقق المصالح السورية.

3. ضعف وتراجع فاعلية أوراق الضغط السورية، في ظل المتغيرات: الدولية والإقليمية، المتمثلة في انسحاب سورية من لبنان، وتوتر علاقات البلدَين؛ وسعي حزب الله إلى اضطراب الموقف في لبنان، لمصلحة دمشق. زِدْ على ذلك الضغوط الأمريكية على سورية، واتهامها بالإرهاب، ومساندة المنظمات الإرهابية.

4. الملامح الرئيسية لإستراتيجية سورية للتسوية

أ. تأكيد أن السلام الشامل، والعادل، الذي يحقق الأمن المتوازن، وفقاً لمرجعية مدريد ـ يمثل خياراً إستراتيجياً سورياً.

ب. تسخير حزب الله للضغط داخل لبنان، ولمناهضة كلّ من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية؛ وهو ما حدث خلال حرب لبنان، عام 2006، من خلال تَوَلِّي حزب الله الحرب، بالوكالة عن سورية وإيران.

ج. التحالف مع إيران، في مواجهة إسرائيل، مع دعم مناوئها حزب الله؛ ومحاولة التدخل في لبنان، في إطار تحقيق التوازن في العلاقات السياسية، بما يؤدي إلى إلحاقه بالمسار السوري.

د. إغفال الاستفزازات العسكرية الإسرائيلية لسورية؛ تجنّباً لأخطار الصدام العسكري بين دمشق وتل أبيب.

هـ. محاولة سورية تحسين علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية؛ من أجل تجنُّب مواجهتها. وفي الوقت نفسه، إعادة العلاقات السورية – العراقية؛ في إطار رفع الضغوط الأمريكية عنها.

5. الخيارات السورية

تحقيق تسوية سلمية لقضية الجولان، يُعد هدفاً إستراتيجياً لسورية. إلا أنه في ظل الأوضاع الداخلية، وكذا الأوضاع: الإقليمية والدولية، فإنه يصعب تحقيق ذلك. ومن ثَم، تبرز عدة من خيارات، أمام القيادة السورية.

أ. الموادَعَة

تحافظ دمشق على الوضع الراهن في الجولان، ولاسيما الهدوء العسكري؛ لتفويت الفرصة على الحكومة الإسرائيلية، أن تستغل الموقف المضطرب، والتفاقم العسكري ضدها؛ فضلاً عما يتيحه هذا الخيار، من إمكانية تحسين العلاقات السورية ـ الأمريكية. وهذا الخيار هو أفضل الخيارات، المتاحة للقيادة السورية.

ب. دعم حزب الله اللبناني

وقد أدى هذا الخيار إلى اندلاع الحرب الإسرائيلية – اللبنانية، في يوليه وأغسطس 2006، حين أدار حزب الله، بالوكالة، حرباً، على إسرائيل، طيلة 33 يوماً. وقد تمخضت هذه الحرب بتزايد الضغوط على سورية؛ على أساس أنها هي التي أمدت الحزب بالأسلحة، التي ضرب بها العمق الإسرائيلي. ناهيك من تمخض قدرة حزب الله على مواجهة الهجوم البري الإسرائيلي.

ج. عملية محدودة أو حرب غير نظامية

يستهدف هذا الخيار استئناف جهود التسوية المعلَّقة، وتنشيط التدخل الدولي فيها. إلا أن هذا الخيار، يبرر لإسرائيل استخدامها القوة العسكرية، في ظل اختلال توازن القوى الإستراتيجي، في المجال العسكري، في مصلحتها. وهو خيار يصعب على سورية اختياره في ظل معطيات الموقف: الداخلي والإقليمي والدولي.

ثانياً: الموقف الإسرائيلي

تتمثل محدداته في الآتي:

1. الأهمية الإستراتيجية لهضبة الجولان، في مجالات الإشراف، والسيطرة، والإنذار المبكر، والموارد المائية، وتوسيع قاعدة الاستيطان الإسرائيلي.

2. انتفاء أيّ ضغوط دولية، أو تهديدات سورية، في المديَين: القريب والمتوسط، تجبر إسرائيل على التخلِّي عن الجولان.  

3. إصدار الكنيست الإسرائيلي، في 14 ديسمبر 1981، قانوناً، يقضى بضم الجولان. كما أصدر قانوناً آخر، في عام 1998، باسم: قانون تحصين الجولان، يقضى بضرورة موافقة ثلثَي أعضائه ـ على الأقل ـ على أيّ اتفاق، في شأن التخلي عن الجولان.

4. حرص القيادة الإسرائيلية على حرمان سورية تسخيرها حزب الله  للضغط على إسرائيل، كي تتخلَّى عن الجولان؛ وتحميل تل أبيب دمشق مسؤولية التفاقم. وهو ما وضح خلال الحرب اللبنانية، في يوليه وأغسطس 2006، حيث تحدد الهدف الرئيسي لإسرائيل بالقضاء على ذلك الحزب. وعندما فشل هذا الحل، استصدرت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية قرار مجلس الأمن، رقم (1701)، بتاريخ 14 أغسطس 2006؛ لعزل الحزب وإبعاده عن الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل، من خلال انتشار قوة اليونيفيل الدولية، والجيش اللبناني، في تلك الحدود.

5. الحفاظ على استقرار الموقف الحالي في الجولان، هو أفضل الخيارات المتاحة لإسرائيل.

ثالثاً: مستقبل الصراع

يمكن تقدير مستقبل الصراع، على المسار السوري ـ الإسرائيلي، كالآتي:

1. حرص سورية على استمرار هدوء الموقف العسكري في الجولان، والعمل على إلجام حزب الله عن تأجيج الموقف، وفقاً لما استخلص من الحرب اللبنانية، عام 2006؛ تجنّباً للتعرض لردود فعل عسكرية إسرائيلية، تتذرع بتزويد دمشق الحزب بالأسلحة والصواريخ، التي يطلقها على إسرائيل.

2. محدودية فرص استئناف مباحثات السلام، في المسار السوري – الإسرائيلي، في ظل ادعاء إسرائيل بأن سورية تدعم الإرهاب، وتشجع المنظمات الإرهابية الفلسطينية حزب الله اللبناني.

3. أهمية حدوث تحوُّل في إستراتيجية سورية، في شأن التسوية السياسية لقضية الجولان؛ فتستبدل بمقولة: "ارفض وطالب" شعار: "خذ وطالب".

4. تزايد احتمالات تعرُّض سورية لضغوط: أمريكية وإسرائيلية، في إطار الحملة الأمريكية على الإرهاب؛ وذلك لتليين الموقف السوري (بالبعد عن العراق والتعاون من أجل التهدئة – عدم التدخل في لبنان – التخلِّي عن بعض المطالب، في أيّ تسوية سلمية مستقبلية).

5. ترجيح فرض الولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل، عدة شروط لاستئناف المباحثات السياسية، بين سورية وإسرائيل، في شأن الجولان؛ من خلال وقف صور الدعم السوري كافة، سواء لحزب الله و للمنظمات الفلسطينية، المناوئة لعملية السلام.

رابعاً: محددات اندلاع الحرب

أدى تراجع عملية السلام في الشرق الأوسط، في ظل المتغيرات: الدولية والإقليمية، إلى نشوء أوضاع أمنية شديدة التعقيد، في هذا المسار. والهدوء النسبي الراهن، على حدود وقف إطلاق النار، بين سورية وإسرائيل، لا يمنع انفجار الموقف، فجأة، بين الطرفَين. وبالطبع، هناك محددات أساسية، يمكن أن تؤدي إلى اندلاع هذا الصراع، مثل:

1. لجوء سورية إلى الحرب غير النظامية، ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، داخل الجولان.

2. حصول سورية على أسلحة حديثة، يمكن أن تؤثر في توازن القوى بين الدولتَين، وخاصة مع التعاون السوري – الإيراني الموسع، ومحاولة امتلاك إيران أسلحة نووية.

3. اتفاق أمريكي – إسرائيلي على الإمعان في مواجهة سورية؛ لإبعادها عن التعاون مع إيران، أو منعها من التدخل في كلّ من لبنان والعراق، أو كبحها عن تشجيع الفلسطينيين تشجيعاً مكثفاً، وموسعاً، على تنفيذ عمليات انتحارية، داخل إسرائيل؛ لزعزعة أمنها.

4. نشوب الحرب بين إيران وإسرائيل، إثر اضطلاع إسرائيل، بالوكالة، عن الولايات المتحدة الأمريكية، بضرب المنشآت النووية الإيرانية؛ وهو ما يزعزع المنطقة قاطبة.

خامساً: الفرضيات الممكنة

1. الفرضية الأولى

أ. تعليق عملية السلام، والحفاظ على الهدوء:

(1) الحفاظ على هدوء الموقف العسكري في الجولان، وعلى الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان.

(2) تكثيف الضغوط على القيادة السورية، من خلال اتهامها بتطوير أسلحة فوق تقليدية، وصواريخ بالستية؛ ودعمها للمنظمات الفلسطينية، المناوئة لعملية السلام، وكذلك لحزب الله اللبناني.

(3) الإمعان في الضغط على سورية؛ لإقناعها بنزع أسلحة حزب الله، في إطار اتفاق، يؤدي إلى بدء المحادثات السورية – الإسرائيلية، في شأن الجولان.

(4) الضغوط الأمريكية على سورية، وبإيحاء من إسرائيل، لمطالبة دمشق بوقف دعمها للمنظمات الفلسطينية، في كلّ من سورية ولبنان، والمدرجة في لائحة المنظمات الإرهابية.

ب. الأهداف السورية

(1) التزام المرجعيات، التي استندت إليها عملية السلام، وفي مقدمتها قرارات الشرعية الدولية.

(2) السعي لإعادة قضية الجولان إلى دائرة الاهتمام: الدولي والإقليمي، من خلال التحرك السياسي المكثف؛ وإبداء حُسن النيات، من أجل حشد التأييد: الدولي والإقليمي، للموقف السوري.

(3) بذل الجهود في تحسين العلاقات بلبنان (إنشاء العلاقات الدبلوماسية – رسم الحدود بين البلدَين)، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي، رقم (1680)، في مايو 2006.

(4) بذل الجهود في تحسين علاقات سورية بالولايات المتحدة الأمريكية، وتجنّب أسباب توترها كافة؛ واستمرار دعم علاقاتها بإيران.

ج. محددات الفرضية الأولى

(1) عدم تعرُّض إسرائيل لتهديدات أو ضغوط، تدعوها للتخلي عن هضبة الجولان، المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية لأمنها.

(2) بقاء الدور الأمريكي في عملية السلام في نطاق محدود، واقتصاره على مساندة الفكر الإسرائيلي على أيّ تسوية مستقبلية؛ مع عدم وجود ضغوط على المصالح الأمريكية، في منطقة الشرق الأوسط، في المدى القريب، تدفعها إلى التحرك نحو إيجاد حلول سلمية، في المسارات المختلفة؛ تنفيذاً للقرارات الدولية.

(3) استمرار حالة الانقسام والخلافات العربية، وتأثير ذلك في أوراق الضغط العربية.

د. الإيجابيات

(1) تحقق هذه الفرضية المصالح والأهداف الإسرائيلية كافة، في المدى القريب، وخاصة في مجالات تحقيق الأمن، والاحتفاظ بالأرض، وتغيير الأُسُس التي ارتكزت عليها عملية السلام.

(2) تعزيز موقف الحكومة الإسرائيلية، داخلياً، من خلال استمرار نجاحها في الضغط على سورية، عبْر الولايات المتحدة الأمريكية؛ ومن ثَم، انتفاء الضغوط على إسرائيل للانسحاب من الجولان.

هـ. السلبيات: استمرار هذا السيناريو، سوف يؤدي دائماً إلى استغلال سورية للمنظمات الفلسطينية، وحزب الله اللبناني؛ من أجل الضغوط على إسرائيل.

2. الفرضية الثانية: الاستئناف الجادّ لعملية السلام

أ. الأهداف الإسرائيلية، في المسار السوري

(1) تعديل خط حدود 4 يونيه 1967؛ لحرمان سورية الوصول إلى شاطئ بحيرة طبريا، بمعنى الوجود الإسرائيلي على شاطئ البحيرة، من جهة الجولان.

(2) التوصل إلى حلول، تؤدي إلى الانسحاب الإسرائيلي من الجولان، خلال 4 – 6 سنوات؛ مع تأجيل بتّ وضع المستوطنات، مدة عشر سنوات.

(3) التطبيع الكامل للعلاقات، بين سورية وإسرائيل، وتبادلهما السفراء؛ والتعاون المشترك بما في ذلك المجالات: الاقتصادية والثقافية.

(4) التعاون في مجال تنمية الموارد المائية، وضمان حصة لإسرائيل من مياه الجولان.

(5) الفصل بين المحور السوري والمحور اللبناني؛ بمعنى تجزئة المسارات، خلال التفاوض.

(6) وقف الدعم السوري للمقاومة: اللبنانية والفلسطينية.

(7) تجنُّب بحث قضية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل؛ ما يتيح لإسرائيل الاحتفاظ بترسانتها النووية.

ب. الأهداف السورية

الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجولان، إلى حدود 4 يونيه 1967؛ مع قبول ترتيبات أمنية متبادلة، والحفاظ على موارد المياه السورية، وإزالة المستوطنات اليهودية من الهضبة. ناهيك من الاستجابة للجهود: الدولية والإقليمية، الرامية إلى دفع عملية السلام؛ لتأكيد التزام دمشق عملية السلام. وتجنيب القوات المسلحة السورية أخطار التورط في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، وخاصة في ضوء الخلل في موازين القوى العسكرية الإستراتيجية، ببُعْدَيها: التقليدي وفوق التقليدي، في مصلحة تل أبيب.

ج. المحددات الأساسية

(1) الخلل في توازن القوى الإستراتيجية، بين الأطراف المباشرة في الصراع، في مصلحة إسرائيل، وذلك في ضوء تأييد أمريكي للدولة العبرية، والحفاظ على تفوقها.

(2) تورُّع الأطراف العربية من الحرب؛ للعديد من الأسباب، أبرزها الخلل في التوازن الإستراتيجي العسكري، بين العرب وإسرائيل؛ وغياب الاتفاق العربي؛ واستمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل؛ وعجز الدول العربية من حشد إمكانياتها: السياسية والاقتصادية حشداً، يعزز موقفها التفاوضي، ويدعو الولايات المتحدة الأمريكية لموازنة موقفها من أطراف الصراع.

د. الإيجابيات: تأجيل إسرائيل بت القضايا الخلافية، بينها وبين سورية، فترة زمنية طويلة، تتيح لها الاستمرار في انتهاج سياسات فرض الأمر الواقع.

هـ. السلبيات: عدم قدرة الاتفاقيات المنقوصة على تحقيق الاستقرار بين الدولتَين؛ مع صعوبة التطبيع، في ظل تلك الاتفاقيات.

3. الفرضية الثالثة: انفجار الصراع

أ. الأهداف الإسرائيلية

(1) الاحتفاظ بالأوضاع الراهنة في الجولان، في ضوء ما تشكله من أهمية إستراتيجية للحدود الإسرائيلية الأمنية.

(2) السعي إلى تقليص القدرات العسكرية السورية، وخاصة في مجال أسلحة الردع؛ والحدّ من التأثير السوري في الداخل اللبناني.

ب. الأهداف السورية

(1) التزام سورية تهدئة الموقف العسكري في الجولان؛ لحرمان إسرائيل فرصة الخيار العسكري.

(2) الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع إيران، لا تؤثر في جهود تحسين الصورة السورية، في المستوى الدولي؛ مع الاستخدام السوري الحَذِر لورقة حزب الله اللبناني.

ج. اتهام سورية

تحميل سورية مسؤولية حرب لبنان، يوليه وأغسطس 2006؛ من خلال دعمها لحزب الله، في حربه، بالوكالة، عنها وعن إيران. وتأكيد دعمها وتشجيعها المنظمات الإرهابية، في فلسطين، على استهداف إسرائيل.

4. الفرضيات الفرعية

أ. الفرضية الفرعية الأولى: غارات جوية إسرائيلية على بعض الأهداف السورية، في منطقة القنيطرة (وهي الفرضية الأكثر احتمالاً، في المدى: القريب والمتوسط) كالآتي:

(1) المحددات والدوافع: ضرب حزب الله أهدافاً في إسرائيل؛ ردّاً على استهدافها إياه، مع مناطق اللاجئين الفلسطينيين؛ إثر تنفيذ الحزب عمليات في شمالي إسرائيل.

(2) الإيجابيات: تأكيد قدرة الردع الإسرائيلية، بأقل قدر ممكن من الخسائر، وحرمان سورية استخدام ورقة حزب الله اللبناني في الضغط على إسرائيل.

(3) السلبيات: احتمالات محدودة للتدخل السوري، ضد العمليات الجوية الإسرائيلية.

ب. الفرضية الفرعية الثانية: غارات جوية إسرائيلية على أهداف، في العمق السوري.

(1) المحددات والدوافع: تعرُّض إسرائيل لهجمات المقاومة (قصف صاروخي)، وادعاء إسرائيل بتطوير سورية قدرات فوق تقليدية، أو تطويرها صواريخ بالستية.

(2) الإيجابيات: تدمير بعض الأهداف المهمة: الحيوية والإستراتيجية، داخل سورية؛ ما يؤدي إلى إحراج القيادة السورية، وإضعاف قدرتها على فرض السيطرة داخلياً.

(3) السلبيات: تبرير ردّ سورية، باستخدام القوة العسكرية؛ إضافة إلى إمكانية تهيئة الظروف لإحباط جهود التسوية لقضية الجولان، في إطار الشرعية الدولية؛ ما قد يترتب عليه من تخلي دمشق عن الجولان، وإمكان توسيع دائرة الإرهاب في المنطقة.

ج. الفرضية الفرعية الثالثة: تنفيذ عملية شاملة، أو محدودة، ضد القوات السورية في الجولان (الفرضية الأسوأ).

(1) المحددات والدوافع: استفحال أعمال المقاومة ضد إسرائيل، انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، أو داخل هضبة الجولان.

(2) الإيجابيات: تدمير جزئي للقدرات العسكرية السورية.

(3) السلبيات: دفع الرأي العام الإسرائيلي إلى تكرار تجربة التورط العسكري في لبنان؛ مع احتمال ردّ سورية، باستخدام أسلحة الردع؛ واحتمالات الدعم: العربي والإيراني، لدمشق؛ ويمكن أن يسفر عن ذلك توسيع دائرة المواجهة.

سادساً: المسار اللبناني ـ الإسرائيلي

التطورات المستقبلية للصراع في لبنان

1. الفاعليات

أ. في المستوى اللبناني: قوى 14 مارس المتحالفة مع الحكومة؛ وقوى المعارضة، المؤلفة من حزب الله، وأمل، وبعض الطوائف: الشيعية والمسيحية المارونية (بقيادة ميشيل عون)، والجماعات التي تدعمها سورية والرئيس اللبناني، أميل لحود.

ب. في المستوى العربي: جامعة الدول العربية، سورية، المملكة العربية السعودية، مصر.

ج. في المستوى الإقليمي: إيران، إسرائيل.

د. في المستوى الدولي: الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة الأمريكية، الأمم المتحدة.

2. فرضيات المستقبل: هناك ثلاث فرضيات رئيسية لمستقبل لبنان، في منطقة الشرق الأوسط، وفي ضوء الصراع العربي ـ الإسرائيلي. وتتمثل في:

أ. الفرضية الأولى: تحقيق السلام الوطني في لبنان، وانتفاء مسببات الصراع مع إسرائيل: وهى الفرضية الأبعد احتمالاً، في الوقت الراهن. ويتطلب تحقيقها الآتي:

(1) الاتفاق بين الطوائف اللبنانية على حدّ أدنى من التوافق الوطني، ونبذ الخلافات؛ وتأليف حكومة وحدة وطنية، تدير أمور البلاد، بما يوافق متطلبات المرحلة.

(2) انتخاب رئيس جديد للدولة، يتسم بالحياد، ويعمل لمصلحة لبنان أولاً، ولا يخضع لضغوط خارجية، تحيد به عن مساره الوطني.

(3) إيجاد حل توافقي لقوى حزب الله المسلحة، واندماج الحزب في النظام السياسي للبنان.

(4) نجاح القوى المختلفة في إحادة كلّ من سورية وإيران عن التدخل في لبنان.

(5) توقف إسرائيل عن تهديداتها للبنان، وإنهائها لاحتلال مزارع شبعا.

(6) نجاح القوات الدولية في تحقيق أمن الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.

(7) حصول لبنان على دعم اقتصادي ملائم، من أجل إعادة بناء ما هدمه في العدوان الإسرائيلي على لبنان، في يوليه وأغسطس 2006.

ومن أجل تحقيق هذه الفرضية، هناك جهود تبذلها جامعة الدول العربية، ومصر، والمملكة العربية السعودية، والسودان (بصفتها رئيسة القمة العربية الحالية). ولكن هذه الجهود، تتصادم مع الحقائق الآتية:

(1) تشدد حزب الله، وتزعّمه للمعارضة، وسعيه إلى تحقيق السيطرة على لبنان؛ استناداً إلى الشعبية التي حظي بها، نتيجة لتصديه لإسرائيل، في عدوانها السابق.

(2) اشتداد الضغوط: الإيرانية والسورية، على قوى لبنانية؛ ودعم إيران وسورية المطلق لحزب الله، من أجل السيطرة على ربوع لبنان؛ لأهداف تتعلق بمصالح الدولتَين، وليس مصالح لبنان.

(3) استمرار إسرائيل في تهديداتها وتحدياتها لأمن لبنان؛ حتى إنها صادمت قوات حفظ السلام، "اليونيفيل" في الجنوب اللبناني.

(4) دعم الولايات المتحدة الأمريكية المطلق لإسرائيل، وضعف تأثيرها في كل من سورية وإيران؛ نتيجة لتطورات الأحداث، سواء في داخلها (هزيمة الحزب الجمهوري في الانتخابات)، أو ما أسفر عن لجنة "بيكر – هاملتون"، والتي أوصت بأن تسعى واشنطن إلى حلول جذرية للصراعات في الشرق الأوسط.

(5) الموافقة على تأليف محكمة دولية، لمحاكمة المتهمين بمقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، هي ما يَحُوْل دون الاتفاق الوطني في لبنان؛ إذ إن هذه الموافقة، ستؤدي إلى محاكمة العديد، من كبار المسؤولين: اللبنانيين والسوريين، والذين لم تعلن أسماؤهم، حتى الآن.

ب. الفرضية الثانية: تفاقم الصراع، وتصادم المصالح

هي فرضية محتملة، إلى حدّ كبير؛ نتيجة لتعدد الانتماءات، واختلاف المصالح لدول أجنبية، تحاول تحقيقها من خلال لبنان؛ وبما قد يؤدي إلى استفحال الصراع فيه. وأهم السلبيات، التي قد تؤدي إلى هذا التفاقم:

(1) أن كلاًّ من إيران وسورية، تتوارى خلف استشراء الصراع اللبناني وتدويله، وتهديد إسرائيل؛ لتبعد الأنظار عنها، وتشغل النظام العالمي الجديد عن حشد تحالف دولي ضدها.

(2) أن إسرائيل، في سبيل تأكيد أمنها، في القطاع الشمالي، فإنها تضغط بكلّ قوة، لتقليص قدرات حزب الله، الذي يمثل تهديداً مستمراً لأمن مستعمراتها الشمالية، والمتفلت من أيّ سيطرة مركزية.

(3) أن للمملكة العربية السعودية تأثيراً كبيراً في أحداث لبنان؛ تأسيساً على اتفاق الطائف، الذي وقع على أرضها، عام 1989، مختتماً حرباً أهلية، دامت 15 عاماً في لبنان؛ فضلاً عن استثماراتها الوافرة في هذا البلد.

(4) أن الولايات المتحدة الأمريكية، تؤيد الرؤية الإسرائيلية؛ وكذلك فهي ترى أن حزب الله منظمة إرهابية، لا بدّ من مواجهتها.

(5) أن فرنسا – ذات الصلات العميقة بلبنان، والمشتركة في قوات "اليونيفيل"، تحاول دعم الحكومة اللبنانية الحالية، وترفض استمرار القوات العسكرية لحزب الله؛ إلا أنها ما برحت على الحياد، حتى الآن، في "المشكلة اللبنانية- اللبنانية"؛ بعكس موقفها من إسرائيل، إذ رأت أن تحليق الطيران الإسرائيلي فوق قواتها مساس بالأمن والكرامة الفرنسيَّين.

واشتداد الصراع، قد يبدأ بإحدى الصور الآتية، ثم ينتشر بعدها، ليمثل تهديداً للأمن الوطني اللبناني، ويعكس تأثيراته في الأمن القومي العربي:

(1) صدام بين الجيش اللبناني وقوات حزب الله، يتسع، وينتشر، ليشمل الساحة اللبنانية برمّتها.

(2) صدام بين قوى 14 مارس وقوات المعارضة، ينتشر، ليتحول إلى حرب أهلية.

(3) عدوان إسرائيلي على حزب الله، من خلال انتهاز فرصة الصراع الداخلي في لبنان؛ ومن أجل تقليص قدرة الحزب.

(4) مبادرة حزب الله، مدفوعاً من قوى خارجية، إلى تأجيج الصراع مع إسرائيل؛ لإثبات قدرته على المواجهة، والحصول على شعبية، تدعم هيمنته؛ ما يؤدي إلى تجدد الحرب مع إسرائيل.

(5) حدوث تغير حادّ، في مستوى أزمة الشرق الأوسط، سواء بضرب إسرائيل منشآت إيران النووية، أو ضربها معسكرات الفلسطينيين في سورية؛ وردّ الدولتَين عليها، من خلال القوى المنتمية إليهما في لبنان.

ج. الفرضية الثالثة: لا حسم

هي الفرضية الأكثر احتمالاً، إذ تتفق الأطراف، ضمناً، على عدم اللجوء إلى الصدام، بقدر الإمكان، وعدم إشعال حرب أهلية في لبنان، أو السماح لإسرائيل بمعاودة العدوان. وإن كان ذلك الاتفاق الضمني، يحقق عدم تفاقم الصراع بأسلوب محدد؛ إلا أن سلبياته، تضر بأمن لبنان واستقراره؛ إذ إن الفوضى المنظمة، تؤثر بشدة في الاقتصاد اللبناني، بكلّ أشكاله؛ وتؤدي إلى هوة في الثقة ما بين الأطياف، قد يتولد من خلالها كراهية، ينجم عنها العنف المتواصل، الذي ربما لا ينتشر إلى حدّ الحرب الأهلية. وتتأسس هذه الفرضية على:

(1) بقاء الوضع الراهن – داخلياً - على ما هو عليه، من إضراب، واعتصام، وحصار للحكومة، وولاء رئيس الدولة لسورية، وتكاثر الاغتيالات السياسية، والتهديدات الإسرائيلية للبنان.

(2) عجز جامعة الدول العربية عن إيجاد حلول جذرية للمشكلة، واللجوء إلى إجراءات محدودة، تؤجِّل تفاقم الموقف (وقد وضح ذلك من خلال تحرك أمين عام الجامعة، عمرو موسى؛ وتوجهه إلى بيروت، في ديسمبر2006).

(3) عدم لجوء سورية وإيران إلى تشديد الموقف، واتخاذهما إجراءات لبقائه على ما هو عليه؛ وهو ما يُعَدّ في مصلحتها.

(4) تقليص الدور الأمريكي في حل الأزمة، أو عقد صفقات مع إيران أو سورية، تقضي بالاسترخاء في لبنان، مقابل مواقف محددة لمصلحة أيّ منهما في العراق.