إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الحرب الأهلية اللبنانية






مواقع المخيمات الفلسطينية
مواقع المخيمات الفلسطينية
لبنان - التوزيع الطائفي
الجمهورية اللبنانية
تعداد الفلسطينيين بلبنان
جنوب لبنان



المقدمـــة

المقدمة

       شهد لبنان، منذ عام 1975 وحتى عام 1990، حرباً أهلية، كان لها أعمق الأثر في حياته، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي إطار هذا السياق، تعددت أسباب هذه الحرب، بين داخلية وإقليمية، مع عدم إغفال البعد الدولي لهذه الأزمة.

       ويُعدّ لبنان من أكثر أقطار الوطن العربي تعقيداً وتنوعاً، من الناحية الأثنية. فعلى الرغم من أنه أصغرها مساحةً، وأقلّها سكاناً، إلاّ أنه يضم أكبر مجموعة من التكوينات، الطائفية والمذهبية، الموجودة في الوطن العربي. فلبنان لا يعكس أغلبية. إنما هو مجموعة من الأقلّيات الطائفية، يبلغ عدد المعترف به منها سبع عشرة طائفة، لا يمثل أي منها، في الوقت الحاضر، أكثر من ثلث السكان. تشمل ثلاث مجموعات إسلامية، والبقية طوائف مسيحية. هذا غير جماعات أثنية أخـرى، لا تصنف وفق الديانة أو الطائفة، ولها وجود فعلي، وإنْ لم يعترف بها، قانوناً، في الكيان السياسي الرسمي.

       وفي إطار هذه التركيبة السكانية المعقدة، عكس الواقع التاريخي اللبناني، السياسي والاجتماعي، فترات من التعايش والتوتر والصراع، بين معظَم هذه الأقلّيات. وقد تبدت الفواصل القاطعة في هذا التاريخ في صعود إحداها وهبوطها. ويمكِن القول، إن عمليات التعايش والتوتر والصراع، من ناحية، وعمليتَي الصعود والهبوط، من ناحية أخرى، قد تحددت من خلال أربعة عوامل رئيسية، هي:

  1. التوازن الديموجرافي أو السكاني، لكل طائفة.
  2. التكوينات الاجتماعية ـ الاقتصادية، داخل كل طائفة.
  3. القوى الإقليمية المحيطة بلبنان، في المنطقة.
  4. القوى الدولية الكبرى، خارج المنطقة.

وقد تعرض لبنان، خلال القرنين، التاسع عشر والعشرين، لثلاثة صراعات كبرى:

الأول: في الفترة من 1840 إلى 1860.

الثاني: في عام 1958.

الثالث: الحرب الأهلية (1975 ـ 1990).

       ويشتد تشابه الصراعين، الأول والثالث، في العديد من الملامح والديناميات، وفي الحجم النسبي للدمار، المادي والبشري. وفي هذه الصراعات، كان للعوامل الأربعة المذكورة، الدور نفسه، تفاعلاً وتأثيراً.

       ظَلّ لبنان، حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، ولاية تابعة للدولة العثمانية، التي عملت على إثارة الروح الطائفية في البلاد، وهي التي ما زال لبنان يشهد تداعياتها، حتى وقتنا الحالي. وتنفيذاً لهذه السياسية الطائفية، قسم العثمانيون جبل لبنان إلى قسمين. أحدهما مسيحي، في الشمال، والثاني درزي، في الجنوب. ولم تكتفِ الدولة العثمانية بذلك، بل عملت على إشاعة الفتن، التي أدت إلى الصراع الدموي، الذي بلغ ذروته، عام 1860، بتحوّل الاضطرابات الدامية، بين الموارنة والدروز، إلى مذابح، رهيبة، حملت الدول الأوروبية على التدخل، لدى الدولة العثمانية، لحماية المسيحيين، لتنتهي المسألة إلى وضع نظام جديد، وُقِّع عام 1861، في إستانبول. نال، بمقتضاه، جبل لبنان استقلالاً ذاتياً، تحت سيادة الدولة العثمانية. وقد عدِّل هذا النظام، عام 1864، واستمر العمل به حتى دخول الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى. فعطلت هذا النظام السياسي، وأقامت حكماً عسكرياً، يخضع مباشرة لإستانبول.

       بيد أنه بأفول الإمبراطورية العثمانية، على أثر انتهاء الحرب العالمية الأولى، واحتلال الجيوش الفرنسية لبنان، عام 1918، انتهى الوجود العثماني، ليحل محله الانتداب الفرنسي، الذي قرره مؤتمر سان ريمو، عام 1920. غير أنه لم يرتدِ الثوب القانوني الدولي، إلاّ بموجب قرار عصبة الأمم، عام 1923، الذي نصت مادته الأولى على أن تضع الدولة المنتدبة، بالاتفاق مع السلطات المحلية، خلال ثلاث سنوات، نظاماً أساسياً، يأخذ في الحسبان حقوق الأهالي ومصالحهم ورغباتهم، ويؤمّن تقدمهم.

       ولا يخفى، أن الدستور اللبناني، الذي صيغ في 23 مايو 1926، كان من وضع السلطة الأجنبية الفرنسية. ولم يغيّر من هذا الواقع، تعديله، في تواريخ لاحقة؛ "فهو مجرد تعديل لبعض مواده، أريد به مسايرة الوضع الجديد للبلاد، دون المساس بكيان الدستور نفسه، الذي أريد الإبقاء عليه، وعدم التخلص منه كلية".

       ولم يسلم لبنان من التدخلات الأجنبية، بعد إعلان استقلاله عن فرنسا، خاصة مع استمرار الطائفية والصراعات الدولية، التي تبدت في العديد من الأحداث، من أهمها أزمة 1958، إلى أن تفجرت الشرارة الأولى للحرب الأهلية الأخيرة، عام 1975، فاتحة الباب على مصراعَيه، أمام الصراعات، الداخلية والإقليمية والدولية، في لبنان، إذ أسهم المناخ السائد، آنذاك، على كافة هذه الأصعدة، في تأجيج حدّة هذا الصراع. ففي أعقاب حرب أكتوبر عام 1973، وبعد توقيع اتفاقات فك الاشتباك، بين إسرائيل وكلٍّ من مصر وسورية، كان هناك اتجاه للتوصل إلى تسوية سلمية، عبْر مؤتمر جنيف والأمم المتحدة. إلاّ أن التوازن، الذي كان قائماً بين العرب وإسرائيل، وقتئذٍ، وإن لم يكُن في مصلحة العرب بصورة تامة ـ لم يكُن مقبولاً من إسرائيل، خاصة في ظِل ثورة النفط، وازدياد عناصر القوة العربية، والتضامن النسبي بين الأقطار العربية، وازدياد دور المقاومة الفلسطينية على الأرض اللبنانية. وكان لبنان مرشحاً، آنئذٍ، بحكم توافر الخبرات الاقتصادية لدى أبنائه، لتأدية دور اقتصادي مهم في المنطقة.

       ومن ثَمّ، كان على إسرائيل أن تلعب دوراً في تعديل ميزان القوى، تعديلاً، يقترب، بموجبه، من الحالة التي تراها ملائمة لأهدافها ومصالحها. وهكذا، كان لا بد لها، أن تتجه نحو إجهاض كافة عناصر القوة العربية. فبادر وزير الدفاع الإسرائيلي، آنئذٍ، إلى التصريح بأن إسرائيل، ستردّ على المقاومة، المنطلقة من الأراضي اللبنانية، من خلال عمل ينبع من داخل لبنان. وجاء ردها، بالفعل، من خلال الدور الذي لعبته في إشعال الحرب الأهلية اللبنانية، وساعدها عليه الأوضاع الداخلية اللبنانية.

       وقد أدى إشعال هذه الحرب، إلى توجيه ضربة إلى أحد مراكز التحضر العربي المتميزة، والقادرة على التعامل مع معطيات العصر الحديث. كما أنه أدى إلى خلق مشكلة جديدة، على المستوى العربي، تتعلق بكيفية معالجة الوضع في لبنان، خاصة أن للبنان أهميته، بالنسبة إلى سورية، إحدى دول المواجَهة الرئيسية مع إسرائيل. ومن ثَمّ، فقد سعت إسرائيل، من خلال إشعال الحرب الأهلية اللبنانية، إلى خلخلة في عناصر القوة العربية، لإضعافها، بقدر الإمكان. وتابعت خطواتها، بعد ذلك، باحتلال جنوبي لبنان، والسيطرة على مياهه، وإنشاء ما يسمى "جيش لبنان الجنوبي"، الموالي لها.

التعريف بأهمية الموقع الإستراتيجي للبنان

       يتمتع لبنان بأهمية موقعه، في شرق البحر الأبيض المتوسط. وتحدّه سورية من الشمال والشرق، وفلسطين من الجنوب، والبحر الأبيض المتوسط من الغرب. وتقدر مساحته بحوالي عشرة آلاف وأربعمائة كم2. ويناهز عدد سكانه ثلاثة ملايين نسمة، وهم يزدادون بمعدل 2%، سنوياً، ومعظمهم يعيشون في المدن.

       وكان لهذا الموقع دور فاعل في تحديد مسار الحرب الأهلية اللبنانية، من خلال تدخّل أطراف إقليمية فيه، إلى جانب أثر التضاريس في تحديد مناطق تركّز الأطراف الداخلية للنزاع. ويتميز لبنان بالتضاريس المتجمعة على شكل سلسلتين من الجبال. تفصل الشرقية منهما بين لبنان وسورية. أمّا سلسلة الجبال الغربية، فتظهر على طول لبنان، حتى منطقة النبطية، شمال نهر الليطاني. وبين هاتين السلسلتين، يمتد غور انهدامي، مشكلاً سهل البقاع، حيث يجري نهر الليطاني، من الشمال إلى الجنوب، حتى منطقة مرجعيون، ثم يتجه إلى الغرب، ليصب في البحر الأبيض المتوسط، شمال صور. وتبرز في السلسلة الشرقية عدة مرتفعات، أهمها جبل الشيخ (2814م)، وطلعة موسى، المشرفة على بعلبك (2622م). وتبرز في السلسلة الغربية القرنة السوداء (3088 م)، وجبل صنين (2628 م) وجبل الكنيسة (2032م)، وجبل الباروك (2200م).

       وتخترق لبنان محاور طولية، وأخرى عرضية. وهي محاور محدودة، بسبب التضاريس والعوارض الطبيعية. وهي المسالك، التي لا بدّ للقوات البرية أن تسلكها، في دخولها إلى لبنان. وأهم المحاور، تلك التي تبدأ من الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية، وتتجه إلى الشمال، وهي:

أولاً، محور رأس الناقورة ـ صور ـ صيدا ـ بيروت. وهو يحاذي الساحل. وتقلّ فيه المرتفعات والتضاريس، وتقطن فيه نسبة سكانية عالية. وتمكِن حمايته من البحر.

ثانياً، محور بنت جبيل ـ النبطية ـ جزين ـ الباروك ـ حمانا. وهو يمتد عبْر مرتفعات سلسلة الجبال الغربية، حيث تكثر الغابات.

ثالثاً، محور الخالصة ـ مرجعيون ـ القرعون ـ رياق.

رابعاً، محور حاصبيا ـ راشيا الوادي ـ مجدل عنجر.

المحوران الثالث والرابع، يسيران في سهل البقاع، وعلى السفوح المتقابلة للسلسلتين، الشرقية والغربية.

أمّا أهم المحاور الأخرى، فهي ثلاثة: محور: شتوره ـ ضهر البيدر ـ بيروت. ومحور: القرعون ـ جزين ـ صيدا. ومحور: جونيه ـ فاريا ـ بعلبك ـ زحلة. ويُعَدّ نهر الليطاني مانعاً طبيعياً، ضد عبور الآليات في المنطقة، التي تمتد بين القرعون وصور، على البحر، إذ تنحدر أودية عميقة حول النهر، ويصعب عبوره إلاّ على الجسور المنشأة عليه.