إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الحرب الأهلية اللبنانية






مواقع المخيمات الفلسطينية
مواقع المخيمات الفلسطينية
لبنان - التوزيع الطائفي
الجمهورية اللبنانية
تعداد الفلسطينيين بلبنان
جنوب لبنان



المبحث الثاني

المبحث الثاني

مؤتمر الحوار اللبناني (1984)

       انعقد مؤتمر الحوار اللبناني في جنيف، في 31 أكتوبر حتى 4 نوفمبر 1983، ثم استؤنف في لوزان، في 12 مارس واستمرت حتى 20 مارس 1984. وعلى عكس حوار جنيف، الذي تميز بعدم الفاعلية، كان حوار لوزان أكثر إيجابية، لعدة أسباب، تتعلق بتطورات الوضع، الداخلي والإقليمي والدولي.

       وكان أهم تطور شهده لبنان، في الأسابيع الأولى من عام 1984، هو تحقيق الميليشيات الإسلامية (الدرزية والشيعية) انتصارات واضحة، كفلت لها سيطرة ميدانية على القسم الغربي من بيروت. وواكب ذلك انقسام الجيش اللبناني، في بيروت، وانسحاب فرقتَين من القتال، وانضمام عدد منهما إلى ميليشيا "أمل" الشيعية. وعُدَّ هذا التطور دليلاً على قرب انهيار سلطة الجميل. فبدأ الحديث عن البديل.

       وعلى أثر القرار الأمريكي، سحب مشاة البحرية الأمريكية (المارينزMarines)من لبنان، في فبراير 1984، ونقلهم إلى السفن والبوارج الأمريكية، بالقرب من الساحل اللبناني، تفاقم مأزق الرئيس اللبناني، الذي أدرك أنه لا مفر من التعامل مع قوى المعارضة اللبنانية وحلفائها (سورية)، من دون اعتماد على دعم أمريكي، بعد أن تراجع الرئيس الأمريكي، ريجان، إثر نسف مقر قيادة (المارينز) في لبنان، في 23 أكتوبر 1983 عمّا كان قد أعلنه: "إننا لا نسمح لقوى الشر، أن تخرجنا من تلك المنطقة من العالم، التي لنا فيها مصالح حيوية".

       هكذا، وجد أمين الجميل نفسه وحيداً في قصر "بعبدا"، يواجه مصيره، والمصير اللبناني المجهول، بعد أن هجره الذين راهن عليهم، إلى السفن الراسية أمام الساحل. وإزاء هذا التطور، كان على الرئيس اللبناني، أن يعيد ترتيب أوراقه، على الصعيد الإقليمي، كمقدمة ضرورية لإنجاح الحوار الداخلي، الذي دعا إلى استئنافه، مؤكداً، للمرة الأولى، أن "كل شيء مطروح للتفاوض". وبدأ بخطوَتَين، بالتنسيق مع الدبلوماسية السعودية:

أ. زيارة دمشق، في آخر فبراير 1984، وعقد لقاء قمة مع الرئيس السوري، حافظ الأسد، بحث، خلاله، جميع القضايا اللبنانية.

ب. إلغاء الرئيس الجميل اتفاق 17 مايو، اللبناني ـ الإسرائيلي، استرضاءً لسورية. وصدر بيان رسمي بذلك من مجلس الوزراء اللبناني، في 5 مارس 1984 (انظر ملحق بيان مجلس الوزراء اللبناني بإلغاء الاتفاق اللبناني - الإسرائيلي). وقرر المجلس، في الوقت عينه، استئناف مؤتمر المصالحة الوطنية اللبنانية، في لوزان، في 12 مارس 1984[1].

وبذلك، نجح الرئيس الجميل في التمهيد لمؤتمر حوار وطني، كان أوفر حظاً من سابقه، الذي عقد في جنيف، في أكتوبر 1983، على الرغم من أن أطراف المؤتمَرَين، كانوا هم أنفسهم: الرئيس أمين الجميل، ووالده الشيخ بيار الجميل، والرئيسان السابقان كميل شمعون، وسليمان فرنجية، ورئيسا الوزراء السابقان، صائب سلام، ورشيد كرامي، ورئيس مجلس النواب الأسبق، عادل عسيران، والزعيم الشيعي، نبيه بري، رئيس حركة "أمل"، والزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي. ولذلك، كان تركيب مؤتمر الحوار الوطني الثاني، أهم مواطن ضعفه، لغياب ممثلي ثلاث طوائف مهمة، هي الروم الكاثوليك والروم الأرثوذكس والأرمن. وهي تمثل ما لا يقلّ عن نصف مليون لبناني. كما كان لها 11 نائباً في مجلس النواب (من أصل 99 نائباً). والملاحظ أن المشروعات، التي طرحت في مؤتمر الحوار في لوزان، لم تخرج، في مجملها، عما طُرح قبلها. فورقة العمل المشتركة، لبري وجنبلاط، انطلقت من العلمنة. وأهم ما تضمنته:

أ. انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب، مباشرة، لا داخل مجلس النواب، كما هو معمول به الآن.

ب. النواب لا يُنتخَبون على أساس طائفي، بل على أساس التمثيل النسبي.

ج. استحداث مجلس شيوخ، يُنتخَب أعضاؤه على أساس طائفي، تحقيقاً للتوازن مع مجلس النواب.

د. انتخاب رئيس الوزراء من قِبل مجلس النواب.

هـ. إلغاء الطائفية السياسية، على كل الأصعدة.

و. إقرار مبدأ الاستفتاء الشعبي.

ز. إعادة النظر في قوانين الجيش، وفي تركيبته.

بينما قدمت "الجبهة اللبنانية"، عبْر قطبَيها، بيار الجميل وكميل شمعون، مشروعاً، يدعو، صراحة، إلى تحويل لبنان إلى جمهورية اتحادية، تضم أربع مناطق.

أما الرئيس أمين الجميل، فقد قدم ورقة عمل موسّعة للإصلاح السياسي. عكست اتجاه الإصلاح المحدود، أو غير الجذري. وقال إنها نتيجة جهد لجنة، تشكلت بعد مؤتمر جنيف، ووَفَّقت بين مختلف مطالب الإصلاح.

 



[1]  يلاحظ أن الجميل، لم يعلن إلغاء الاتفاقية خلال وجوده في دمشق، مفضلاً إسناد هذه المهمة إلى المؤسسات الدستورية اللبنانية. متجنّباً بذلك، الهجوم المتوقع على إلغاء اتفاق 17 مايو.