إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



مقدمة

مقدمة

       إن التاريخ القديم والحديث لدولة اليمن، غني بكثير من الأحداث التاريخية المهمة، التي تستحق أن نتوقف عندها، لنتأمل حقائقها بالدراسة العميقة المتأنية.

       وباستعراض التاريخ القديم لدولة اليمن قبل الإسلام، نجد أنه لم تكن هناك دولة موحدة، بل تعددت الممالك والدول، وحدثت صراعات دامية وحروب طاحنة بينهما. كما تعرضت لغزوات أتت من العراق، وبلاد فارس، وشرق أفريقيا، واليونان، والرومان، ومن داخل الجزيرة العربية نفسها. وقد أحدثت هذه الغزوات والحملات العسكرية، بالغ الأثر في الاقتصاد اليمني، وأعاقت تطوره، وأدت إلى صراعات داخلية، بين فئات الشعب اليمني. وفي هذه الحقبة التاريخية، كانت هناك دول في الشمال، وأخرى في الجنوب، وكانت هناك محاولات لإقامة تحالفات شبيهه بالاتحاد، وكان هدفها، مطامع السيطرة على مناطق أخرى وتقاسمها، ولذلك انتهت هذه المحاولات بالفشل، بعد أن دبت الخلافات بين هذه الدول، على اقتسام الغنائم. ولذلك نجد أن كل الدول والحكومات التي حكمت اليمن، لا تزيد عن كونها سلطة مركزية، حكمت المناطق التي استطاعت إخضاعها، والسيطرة عليها بالقوة العسكرية المسلحة، وإن كانت ثمة طموحات دائمة لدى الأطراف اليمنية، في إيجاد سلطة مركزية واحدة تحكم البلاد وتوحدها، ولكن هذه الطموحات، كانت تواجهها الكثير من المصاعب، والخلافات القبلية، إضافة إلى تدخل عدد من العوامل الخارجية، التي عرقلت مسيرة التطور التاريخي للشعب اليمني نحو الوحدة، وأعاقته لفترة زمنية طويلة.

       ومن خلال تتبع التطور التاريخي للحياة السياسية، والاجتماعية، وواقع الأحداث، التي مرت بها اليمن، في عصر الخلافة الإسلامية، وأثناء الاحتلال العثماني في الشمال، والاستعمار البريطاني في الجنوب، لم تعرف اليمن نظام الدولة الموحدة، وإن كانت هناك محاولات جادة لتوحيد شطري اليمن، مرة بالسعي للوحدة عن طريق التحالفات بين التنظيمات القائمة، ومرات بالسعي لفرض الوحدة بالقوة المسلحة، خاصة في عهد "عامر بن عبد الوهاب"، وعهد الإمام "يحيى حميد الدين"، وغيرها من المحاولات، التي لم يكتب لها النجاح.

       وقد كانت الوحدة اليمنية هدفاً نبيلاً سعى الشطران لتحقيقه، وأصبحت الوحدة هاجس كافة أبناء الشعب اليمني في الشطرين. وعلى الرغم من صياغة دستور دولة الوحدة عام 1981، إلا أن ذلك لم يدفع إلى بلورة التكامل المنشود، نحو إيجاد صيغة اقتصادية وسياسية واجتماعية موحدة.

       ففي عام 1990، أُعْلِنَتْ الوحدة بين شطري اليمن، وكانت أشبه بالصفقة التجارية، حيث عقدت بين شخصين يمثلان حزبين، وصفها السياسيون بأنها ذروة الارتجال الفردي، حيث انفرد "علي سالم البيض" و"علي عبدالله صالح" باتخاذ قرار الوحدة، ولم تشارك الهيئات السياسية في اتخاذ القرار، بل لم يشارك فيه أي من الأحزاب، وإنما كان إجراء اتخذه زعيما الحزبين. وتفاعلت الأحداث من هذه النقطة، وهذا قلل من الشكل الدستوري، والشرعي، والقانوني للدولة الجديدة. كما كان له تأثيره في الصدى النفسي لدى الرأي العام، وبين أفراد الشعب اليمني. وخلال الفترة الانتقالية، برزت الكثير من المشاكل، التي ما لبثت أن تطورت إلى خلافات، وتدهور الوضع الاقتصادي، وانتشر الفساد الإداري، ثم جاءت الانتخابات وفاز الحزب الاشتراكي في الجنوب، بينما فاز حزبي المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح في الشمال، وثمة مقولة شهيرة في اليمن تقول: إن اليمن الجنوبية أرض بلا شعب، وإن اليمن الشّمالي شعب بلا أرض، وهنا حدث خلل في توازن الدولة، وبرز هذا الخلل في التعديل الدستوري، الذي أقره مجلس النواب في دولة الوحدة، في 5 أغسطس عام 1993. فالتعديلات الدستورية تجاوزت كل ما أتفق عليه، في اتفاق التنسيق نحو الدمج، الذي وقعه كل من: "على عبدالله صالح"، و"علي سالم البيض". وكانت الصفقة الجديدة، بين حزب المؤتمر الشعبي العام، وحزب التجمع اليمني للإصلاح، وهما حليفان دائمان بحكم النشأة والتكوين، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الخلافات، وبدأت تتسم بطابع دموي.

       كان الجيش إحدى المؤسسات المهمة في دولة الوحدة، والتي لم يتم دمجها، وإنما اكتُفي بنشر عدد ثلاث فرق شمالية في الجنوب، ونشر عدد ثلاثة ألوية جنوبية في الشمال، واستطاعت الفرق الشمالية في الجنوب، أن تتحرك وتناور عندما بدأت الاشتباكات، نظراً لطبيعة المناطق التي تتمركز بها، بينما حوصرت الألوية الجنوبية في الشمال بين مناطق جبلية، وإقطاعيات قبلية، تصعب المناورة فيها، أو الوصول إليها، وإمدادها، وبالتالي قطعت طرق إمدادها بالمؤن والذخائر، وتركت لتواجه مصيرها المحتوم. ومع بدء القتال، دخلت الوحدة اليمنية منعطفاً حاداً وخطيراً، واشتعلت الحرب الأهلية، لتكون حرباً شاملة، براً وبحراً وجواً، ليعم الدمار الشطرين الشقيقين، وازدادت ضراوة الحرب بعد إعلان الشطر الجنوبي انفصاله، في يوم 21 مايو 1994، تحت اسم "جمهورية اليمن الديموقراطية". وزادت حدة القتال، وكثّف الشماليون من هجماتهم على المحاور المختلفة، تجاه عدن العاصمة السياسية لليمن الجنوبية، وتم حصارها. ولم تهدأ طبول الحرب، إلاّ بعد سقوط عدن، في 7 يوليه 1994، وتم إعادة فرض الوحدة مرة أخرى بين الشطرين الشقيقين بالقوة الجبرية، بعد أن تركت الحرب آثاراً اقتصادية مدمرة، تثقل كاهل البلاد. وقدرت الخسائر المادية بمليارات الدولارات، إضافة إلى الخسائر البشرية، والمعنوية، التي أوغلت في صدور الشعب اليمني.