إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الثاني: التطور السياسي والاجتماعي والعسكري في اليمن الجنوبي

 

القسم الثاني: التطور السياسي والاجتماعي والعسكري في اليمن الجنوبي.

1. الموقع الجغرافي (انظر خريطة الجمهورية العربية اليمنية "اليمن الجنوبي")

أ.  اليمن الجنوبي هو المنطقة الواقعة، جنوب غرب الجزيرة العربية، وتشمل أراضي حضرموت، والمهرة المتاخمة لسلطنة عُمَان شرقاً، حتى باب المندب غرباً، وتتكون من ست محافظات، هي، عدن، ولحج، وأبين، وشبوه، وحضرموت، والمهره. ومساحتها حوالي 333 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، ويحدها من الشمال المملكة العربية السعودية واليمن الشمالي، ومن الغرب مضيق باب المندب، ومن الجنوب خليج عدن وبحر العرب، ومن الشرق سلطنة عُمان، ويتبع اليمن الجنوبي عدد من الجزر، أهمها جزيرة سوقطرى، وهي أكبر الجزر اليمنية، وتقع على مسافة 510 كيلومتر من الساحل اليمني في البحر العربي، وتبلغ مساحتها 650 كم2.

ب. إن الأهمية الجيوبوليتيكية[1] لليمن الجنوبي، جلبت المتاعب والحروب لسكان اليمن، منذ فترات ما قبل التاريخ. وقد اجتمعت العوامل الجغرافية، والتاريخية، لتقسيم اليمن الجنوبي إلى ثلاث مناطق، من الناحية الاقتصادية، والاجتماعية، وهي:

(1) حضرموت "منطقة زراعية".

(2) منطقة المرتفعات.

(3) العاصمة عدن "من أهم الموانئ نظراً لموقعها الإستراتيجي، الذي يتحكم في طرق المواصلات البحرية للعالم". وفي أثناء الاحتلال اتخذت بريطانيا منها مركزاً تجارياً وعسكرياً، وغدت قاعد بريطانية عسكرية مهمة، منذ عام 1839م. وفي عام 1936، ألحقت عدن بإدارة المستعمرات في لندن، بعد أن كانت تابعة، لإدارة الهند.

2. تطور حركات التحرير في اليمن الجنوبي ( انظر ملحق التسلسل التاريخي لتطور حركة التحرير في اليمن الجنوبي.)

تطور حركات التحرير قبل جلاء البريطانيين، عن جنوب اليمن:

أ. احتلت القوات البريطانية جزيرة بريم عام 1214هـ، 1799م. وفي عام 1255هـ/1839م احتلت هذه القوات مدينة عدن، بعد مقاومة محلية عنيفة. وأخذت بريطانيا توسّع حدود منطقة استعمارها بشكل تدريجي

ب. في عام 1378هـ /1958م، وبدعم من بريطانيا ومؤازرتها، انضمت ست سلطنات في اتحاد فيما بينها، ثم تتابع انضمام السلطنات والمشيخات والإمارات، وأخيراً انضمت إليه مستعمرة عدن عام 1382هـ/1962م، وسمّي التكوين السياسي الاتحادي، باسم "اتحاد الجنوب العربي".

جـ. تشكلت في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات، بعض الأحزاب والمنظمات المناهضة للاستعمار البريطاني، بدءًا من الجمعية الإسلامية، وانتهاء بحزب الشعب الاشتراكي، "حوالي 8 أحزاب ومنظمات"، وقد فشلت هذه المنظمات في تحقيق برامجها وأهدافها، إلا أن الجامع المشترك لكل هذه المنظمات، هو الإيمان بالكفاح المسلّح، ضد الاستعمار البريطاني.

د. كانت مختلف الظروف الخارجية، والداخلية، تدفع حركة التحرر الوطني اليمنية، نحو إنشاء تنظيم سياسي، يقود النضال التحرري الوطني، ضد الاستعمار البريطاني، فبعد أن فشلت جميع المبادرات السّلمية، الهادفة إلى تحقيق الجلاء المنشود، سعى المناضلون، إلى تكوين تنظيم سياسي، يقود نضال الجماهير، من أجل تحرير البلاد، وكان هذا التنظيم هو جبهة التحرير القومية، بقيادة قحطان الشعبي، التي تأسست بعد مفاوضات طويلة، في صنعاء عام 1963، بين العديد من التيارات السياسية الوطنية. وعُقد مؤتمرها الأول في صنعاء في مايو 1963، وسمي بالمؤتمر الشعبي العام، وقد حددت إحدى وثائق التنظيم، للوصول إلى الغاية المنشودة، أن تعمل الجبهة على:

(1) وحدة العقيدة والرأي.

(2) توفير تنظيم سليم، يحقق وحدة العمل، ويوفر للحركة الثورية، قاعدة شعبية مرتبطة، يسهل تعبئتها، وتحريكها.

(3) الإيمان بالعمل العلمي المخطط، والمدروس، الذي يتفاعل مع الواقع، ويقود إلى الغايات، والأهداف.

وقد شمل نشاط جبهة التحرير القومية، كل مناطق اليمن الجنوبي، كما أصبحت تمثل القطاع الأعظم من الجماهير، وحققت نجاحات عسكرية، والتفت حولها الجماهير، وفي 14 أكتوبر 1963، انطلقت الثورة المسلحة، من جبال ردفان والضالع، المتاخمة للحدود مع الشمال، ضد الوجود البريطاني في الجنوب.

هـ. وفي شهر يناير 1966، قامت قوى الكفاح المسّلح، بتكوين منظمة جديدة، منافسة للجبهة القومية. فشُكلت جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل، بقيادة عبدالقوي مكاوي، وتألفت من حزب الشعب الاشتراكي، ورابطة الجنوب العربي، وهيئة تحرير الجنوب، وقد كانت للجبهة في إحدى المراحل معسكرات للتدريب قرب تعز، واحتضنت الأنظمة العربية هذه المنظمة الجديدة، وقدمت لها كل العون العسكري، والمادي، والإعلامي.

و. ما لبثت قوات التحرير أن خاضت هجوماً مكثفاً، على كل مراكز الجبهة القومية، واحتدم الصراع بين الجبهتين، وراح ضحيته الكثير من المناضلين من الطرفين، واستمر القتال حتى أول أغسطس 1966، ووجهت الجامعة العربية، وإذاعة القاهرة نداءاتها لوقف القتال، ودعتهما إلى الدخول في مفاوضات. فوقعت اتفاقية الإسكندرية، حول توحيد الجبهتين في جبهة موحدة، وتلي ذلك خلافات داخلية واسعة، استمرت حتى 14 أكتوبر 1966، ثم اندلع القتال فجأة بين الجبهتين، وكانت النتيجة لصالح جبهة التحرير القومية، بقيادة قحطان الشعبي، وانطلاقاً من ذلك، اعترفت بريطانيا رسمياً بها، ودعتها لإجراء مفاوضات، في جنيف، ابتداء من 20 نوفمبر 1967، وتحقق الاستقلال في 30 نوفمبر 1967، بعد رحيل القوات البريطانية، وأُعلن عن قيام جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، جمهورية عربية مستقلة.

3. الوضع السياسي في العهد الجمهوري

أ.  انتزعت جماهير الشعب اليمني، تحت قيادة الجبهة القومية، الاستقلال السياسي، بعد رحلة نضال مسلح، دامت أكثر من أربع سنوات. وبوصول الجبهة إلى السلطة، في 30 نوفمبر 1967، استطاعت فرض سيطرتها وبدأت مرحلة الإصلاح والتحرر الاقتصادي، والاجتماعي. وظهر خلاف جديد بين جناح اليمين وسياسته الإصلاحية، وجناح الأغلبية أو اليسار. وقد أدى هذا الخلاف إلى عقد المؤتمر العام الرابع، في الفترة من 8 إلى 12 مارس 1968، وانتهي المؤتمر بتبني أُطروحات اليسار.

وبعد المؤتمر، حدث صراع جديد، بين الأجنحة، وفي 20 مارس قام الجيش بقيادة قحطان الشعبي بانقلاب عسكري، سيطر على الإذاعة ونزلت قواتهم في الشوارع، وقاموا بحملة اعتقالات في أوساط الجبهة القومية، وعناصر وطنية أخرى، واستطاع هذا الجناح السيطرة على السلطة، حتى يونيه 1969.

ب. وفي 22 يونيه عام 1969، استطاع يسار الجبهة القومية، بدعم من الجماهير الشعبية، وجيش التحرير الشعبي، والفدائيين، الوصول إلى السلطة، ووضع قحطان الشعبي تحت الإقامة الجبرية، وتولى السلطة سالم رُبَيّع علي، وتولى رئاسة الوزراء محمد علي هيثم، ثم علي ناصر محمد، الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع أيضاً. وبدأت حركة إصلاحات سياسية، واجتماعية، واقتصادية جديدة، وتم وضع الدستور، وتشكيل مجلس الشعب. وفي 2 يونيه 1972، انعقد المؤتمر الخامس للحزب بعد أن عمق مفهوم الاشتراكية والديموقراطية، وأصبحت بذلك الماركسية اللينينية، أيديولوجية ليسار الجبهة القومية، والحزب الاشتراكي فيما بعد.

جـ. وفي 26 يونيه عام 1978، قامت حركة انقلابية، ضد الرئيس سالم ربيع وجماعته، وتركزت السلطة، في يد عبدالفتاح إسماعيل، الأمين العام للجبهة القومية، رئيساً للدولة الجديدة، وتولى علي ناصر محمد رئاسة الحكومة. وفي 14 أكتوبر من العام نفسه، عقد المؤتمر الأول في العهد الاشتراكي الجديد، الذي انتهى بإعلان تأسيس الحزب الاشتراكي، كما عدل الدستور في 31 أكتوبر من العام نفسه، وقام النظام الجديد بتقديم الدعم العسكري لإثيوبيا في حربها ضد الصومال، في إقليم أوجادين.

د. وفي عام 1980، جرت خلافات حزبية انتهت بإبعاد عبدالفتاح إسماعيل، إلى موسكو، وتولى الرئاسة علي ناصر محمد، الذي وقّع اتفاقية تعاون مع ليبيا واثيوبيا، في العام نفسه، وفي عام 1982، وقّعت اتفاقية حدودية مع سلطنة عُمان، لتنهي بذلك 15 عاماً من القطيعة، بين الدولتين.

إلاّ أن الأمور في اليمن الجنوبي ظلت مضطربة، مما أثر على الوضع الاقتصادي في البلاد، واتفق المتشددون، على إحضار عبدالفتاح إسماعيل من موسكو. وفي فبراير عام 1985، نجحوا في إعادته من المنفى، بعد عزل علي ناصر محمد، وفي يناير عام 1986م، حدث صراع بين فريق إسماعيل، وفريق علي ناصر، أدى إلى حرب أهلية، انتصرت فيها قوات إسماعيل، وقاست عدن من دمار شديد، وقتل حوالي عشرة آلاف مدني، وتم إجلاء (4500) أجنبي، وهرب علي ناصر إلى إثيوبيا، ثم استقر في سورية فيما بعد. وفي العام نفسه جرت تصفيات دموية، في صراع على الحكم في عدن، قُتل فيها عبدالفتاح إسماعيل، ونجح على أثر ذلك علي سالم البيض، ومجموعته أبو بكر العطاس، وسالم صالح محمد، في تولي مقاليد الحكم في عدن.

4. التطور الاجتماعي وتأثيره على نظام الحكم

أ. لم يكن للطائفية وجود في المجتمع اليمني الجنوبي، نظراً لأن جميع من به، شافعيون من أهل السنة. وكانوا على خصومة دائمة مع الأئمة الشيعيين، في اليمن الشمالي. أما تطوره اجتماعياً، فقد كان مختلفاً كذلك، ويرجع الاختلاف إلى خبرة الجنوبيين، التي أمضت 180 عاماً مع الاستعمار البريطاني، مما أدى إلى تكوين منطقة مدنية كبيرة في عدن، إضافة إلى فرض نفوذ الدولة المركزية على القبائل، في المنطقة الخلفية للساحل. وقد أسفر الضعف القبلي، وكذا توجهات القيادة السياسية، نحو توسيع المنطقة المدنية الحديثة في عدن، إلى وجود سلطة حاكمة، تعتمد على نظام الحزب الواحد، تفرض حكمها بالقوة، والذي أصبح بعد ازدياد نجاحه، يشدد قبضته بعنف على المجتمع.

ب. ولقد كان للتغيرات الاجتماعية، درجة أهمية التغيرات السياسية نفسها في عدن، وكان ذلك بسبب الازدهار الاقتصادي بميناء عدن. فكثير من العمال القادمين من داخل اليمن، تجمعوا حول الكيانات الاقتصادية، مثل معامل تكرير البترول البريطانية، إذ كانت نسبة العمالة اليمنية في عدن، في هذه الفترة 18%، من إجمالي نسبة السكان في اليمن الجنوبية. وكان هؤلاء العمال، بعيدين عن التأثيرات القبلية، وعرضة للاتجاهات الفكرية في المدينة، لذا كان من السهل قيادتهم بواسطة زعماء العمال، الذين لديهم ميول سياسية. كما حدث بعض الانفتاح على العالم الخارجي، حيث افتُتحت محطة التليفزيون في عدن في سبتمبر 1964، كما انخرطت المرأة اليمنية الجنوبية في ميدان العمل والتعليم، والدفاع عن الوطن. حيث بلغ عدد النساء العاملات في عدن، 1281 من مجموع 64 ألف، وذلك في عام 1965.

5. الوضع الاجتماعي بعد الاستقلال

أ. لم يكن للقبائل تأثير يذكر في اليمن الجنوبي، عكس ما هو عليه في اليمن الشمالي. ومع ذلك فقد استُغلت القبائل من قبل النظام، في المراحل الأولى للاستقلال، من أجل تثبيت النظام القائم، كما أن السلاطين وشيوخ القبائل، جعلوا من الحروب، والخلافات القبلية، وسيلة للاستيلاء على الأراضي الزراعية الخصبة، وتعزيز نفوذهم المادي والسياسي، وأياً ما كانت طبيعة النفوذ، والولاء القبلي، واختلافه من منطقة إلى أخرى، فإنه لا يزال حقيقة ملموسة في المجتمع اليمني المعاصر.

فإذا كانت القبيلة، قد عبرت عن نفسها بصورة باهتة، في مرحلة ما بعد استقلال الجنوب، إلا أن التكتلات القبلية ظهرت بشكل مقيت في المرحلة اللاحقة، وبعد مرحلة طويلة من العمل الحزبي، والالتزام بالفكر الاشتراكي. وكانت المحصلة النهائية، وجود مجتمع قبلي ماركسي شيوعي، ارتبطت فيه الإيديولوجية بالروابط القبلية.

ب. منذ عام 1969 فصاعداً، لم تشهد الحياة الاجتماعية في اليمن الجنوبي، أي نوع من الاستقرار السياسي، أو الاجتماعي، بسبب التنافس المرير، الذي حدث بين الفصائل المختلفة لجبهة التحرير الوطنية.

جـ. من الصعب تلخيص التغيرات الاجتماعية والسياسية في اليمن الجنوبي، في هذه الفترة، خاصة، تلك التي حدثت في علاقات جمهورية اليمن الديموقراطية، مع سلطنة عُمان، عندما ساندت الثورة الشيوعية في إقليم ظفار العُماني. وانعكست هذه المساندة، على الأوضاع الداخلية في اليمن الديمقراطي، حيث كانت النتيجة تآمراً مستمرا،ً وعنيفاً، دائراً بين ثلاثة من القادة، هم: سالم رُبَيّع علي، ودكتور عبدالفتاح إسماعيل، وعلي ناصر محمد. واستمر هذا الصراع، ما يقرب من العشرين عاماً، حتى وصول علي سالم البيض للسلطة، وبداية مسيرة الوحدة بين الشطرين.

6. القوات المسلحة ودورها في الحياة السياسية في الجنوب

أ. بدأت السلطات البريطانية، في الجنوب، تكوين وحدات من الجيش، في مستعمرة عدن، منذ عام 1928. كما شُكل حرس قبلي، لدعم السلاطين والأمراء، في مناطقهم، وكذلك تكون حرس حكومي، لمرافقة الضباط البريطانيين وحمايتهم، أثناء تحركاتهم، بين الإمارات والسلطنات، ووحدات نظامية أخرى، مثل جيش لحج، وحضرموت. وقد شاركت هذه الوحدات، بجانب القوات البريطانية، في قمع الانتفاضات، والنزاع بين القبائل. كما استُخدمت في النزاع بين بريطانيا، ونظام الإمامة في اليمن الشمالي، حول مسألة الحدود ومناطق النفوذ.

ب. عقب قيام الاتحاد، بين سلطنات الجنوب، وإماراته، عملت السلطات البريطانية، على تجميع الوحدات، التي تكوّن منها جيش اتحاد الجنوب العربي. وأدى قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر في الشمال، وانطلاقة الكفاح المسلح في الجنوب، إلى دفع السلطات البريطانية إلى الإسراع في استكمال بناء هذا الجيش، وأغدقت عليه الأموال، والمزايا والامتيازات، الأمر الذي جعل النظام الجديد، يواجه مشكلة خطيرة، منذ اليوم الأول للاستقلال، حيث وجد نفسه أمام جيش ناتج عن تركة استعمارية، سُخر له الجانب الأساسي، من ميزانية الدولة. فقد بلغت ميزانية الجيش عام 1967، حوالي 14 مليون ريال يمني من الميزانية العامة، في بلد كان في أَمَسِّ الحاجة إلى التطور الاقتصادي. وإدراكاً لهذه المشكلة الخطيرة، التي تهدد مستقبل الدولة، والنظام، طالب يسار الجبهة القومية، بضرورة تصفية هذا الجيش، وإعادة بناء جيش وفق أسس جديدة.

ج. بعد أن نجح يسار الجبهة القومية في انتزاع السلطة، في 22 يونيه 1969، بدأت الحركة، في تصحيح الأخطاء، التي قام بها اليمينيون، مبتدئة بالمجال العسكري، حيث صفي الجيش من العناصر الانقلابية. وأصبح جهاز الدفاع الوطني، يتكون بعد الحركة التصحيحية، من الجيش الشعبي، والشرطة الشعبية، والمليشيات المرتبطة بالنظام الحاكم، التي تستمد جذورها من الجماهير الكادحة، التي قدمت التضحية، وخاضت النضال المسلح، ليس من أجل إعلان الاستقلال فحسب، بل لمواصلة التحولات اللاحقة كذلك.

د. أكد الحزب الاشتراكي اليمني، على أهمية تحويل المؤسسات العسكرية، من أداة لقمع الشعب، إلى أداة للدفاع عن مكاسب الثورة، وتطوير هذه المؤسسات، وتحويلها إلى قوة تحمي الثورة بأمانة، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالجماهير، وتشترك بفاعلية في الإنتاج، وفي الحياة السياسية، والاجتماعية. وانطلاقاً من هذه السياسة، لم تقتصر مهمة الجيش على الدفاع عن الوطن فحسب، بل والمساهمة في بنائه. ولذا نراه يشارك في الأعمال الزراعية، والإنشائية، بجانب العمال والفلاحين، في مختلف مواقع العمل، خاصة خلال المرحلة التي تلت 22 يونيه 1969.

أما فيما يتعلق بالمليشيات الشعبية، فقد كونت عام 1971م، وتعتبر أكثر ارتباطاً بالحزب، وكانت الأهداف الرئيسية، من وراء تكوين هذه المليشيات هي:

(1) الوقوف أمام أي محاولة انقلابية، تُقْدِم عليها عناصر مغامِرة، في القوات المسلحة.

(2) أن تتمكن القوى الأساسية، المستفيدة من الثورة، من أن تدافع عنها، وتحمي مكاسبها.

(3) أن تعطي أهمية قصوى للتركيب الطبقي، والتثقيف الأيديولوجي، والتوعية السياسية للقوات المسلحة، لكي تضطلع بالدور الجديد، وجعلها تحت قيادة الحزب وإشرافه.



[1]  جيوبوليتك: كلمة تتكون من مقطعين، الأولى (جيو) ويعني جغرافيا، والثانية (بولتيك) وتعني سياسة، ويعني ذلك (الجغرافيا السياسية).