إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الخامس: الوضع العسكري لدولة الوحدة:

القسم الخامس: الوضع العسكري لدولة الوحدة

1. إن الإنفاق العسكري، والتسليح (انظر جدول واردات السلاح لدولتي اليمن خلال الفترة من عام 1985م إلى عام 1989م)، قبل الوحدة، لليمن الشمالي واليمن الجنوبي، لا يعدو كونه تَذْكِرَةّ للعنف والضياع. فقد كلا الدولتين الكثير من مواردهما المتواضعة، والمحدودة على شراء الأسلحة، أكثر مما يحتمل اقتصادهما.

2. واستطاعت الجمهورية العربية اليمنية "اليمن الشمالي"، أن تبني قوة عسكرية أكبر، من جمهورية اليمن الديموقراطية "اليمن الجنوبي"، التي كانت دولة اشتراكية. فقد تمكنت الأولى من استغلال تطرف جمهورية اليمن الشعبية الاشتراكية، للحصول على معونة من الدول الغربية.

وقد كان إنفاقها العسكري، يمثل ما بين 7 ـ 13%، من إجمالي الناتج القومي، 22 ـ 39 % من الإنفاق الحكومي.

أما اليمن الجنوبية، فكانت جميع أسلحتها ومعداتها العسكرية، تأتي من الكتلة الشرقية، وكان الإنفاق العسكري فيها يمثل من 14 ـ 21 % من الناتج القومي، و 22 ـ 37% من الإنفاق الحكومي المركزي، ولكن قد يكون الاتحاد السوفيتي قد تحمل معظم تكلفة تشغيل القوات المسلحة لديها.

3. إن معظم هذا الإنفاق العسكري، وواردات السلاح، لم يوظف بأسلوب رشيد، فلم يشكل اليمن الجنوبي قوات نظامية عسكرية فعّالة، وكان معظم قادتها الكبار يهتمون بالسياسة، بدلاً من القيادة العسكرية، وكثيراً ما حصلت على أسلحة، أكثر مما يمكنها استخدامه، وقد عانت كثيراً من الصراعات الداخلية، التي كانت تصل حدتها إلى حرب أهلية.

أما اليمن الشمالي فقد كانت أحسن حالاً، ولكنها لم تتمكن من استيعاب كامل المعدات، التي سبق أن حصلت عليها من الاتحاد السوفيتي، ولم تحصل على معدات كافية، أو تدريب جيد، أو دعم عسكري كاف من الغرب، لبناء قوات مسلحة حديثة.

ومع ذلك، فإن البناء العسكري للدولتين، أوجد في اليمن الموحدة ترسانة من الأسلحة لا بأس بها، حيث بلغ الإنفاق العسكري على التسليح، حوالي 100 مليون دولار عام 1990، و106 مليون دولار عام 1991.

4. لم تدمج القوات المسلحة، في قوة واحدة قبل الحرب، بمعنى أن تكون الوحدات العسكرية مكونة من شماليين وجنوبيين، على حد سواء، أي من وعاء تجنيدي واحد. وإنما جرى الاكتفاء بسحب بعض اللواءات الجنوبية الضاربة، ودفعها إلى المحافظات الشمالية، ووضعها في مناطق شمالي العاصمة صنعاء وشرقها في مناطق جبلية، يصعب الوصول إليها وإمدادها بالمؤن والذخائر.

في حين توجهت ثلاث فرق شمالية إلى الجنوب، ووضعت في مناطق مفتوحة، بالقرب من بعضها، بشكل يجعل طرق إمدادها سهلة، ويتوفر لديها حرية المناورة، والتعاون فيما بينهما.

وقد دفعت الوحدات من كلا الشطرين، إلى الشطر الآخر كاملة، كمظهر من مظاهر الوحدة، في حين أن كلا منهما مضى إلى الآخر، حاملاً معه عقائده العسكرية وتوجهاته، التي تختلف تماماً عن الآخر، ونظراً لوجود وحدة بين الشطرين، فلن توجد ـ من ثم ـ خطوط عسكرية للمواجهة بينهما.

5. ويعود هذا الوضع، إلى ظروف قيام الوحدة بين شطري اليمن، حيث استحوذت أوضاع القوات المسلحة، على الأسبقية الأولى، في الترتيب للوحدة، إلاّ أن هذا الاهتمام، لم ينعكس في صورة اتفاقات دقيقة وشاملة، لأوضاع تلك القوات، عقب استكمال الوحدة. واقتصرت الاتفاقيات الفعلية، التي توصل إليها الطرفان، الشمالي والجنوبي، بشأن القوات المسلحة، على تنفيذ صيغة لتبادل الوحدات، بما يساعد على إلغاء خطر تلك القوات على الوحدة بين الشطرين، والحيلولة دون عودة الصراع المسلح. وتحركت القوات المتبادلة بالفعل، في 20 مايو 1990، أي قبل إعلان الوحدة بيومين، إلى مناطق تمركزها الجديدة، وجاءت مناطق التمركز، في الأغلب، في محافظات ما كان يسمى بـ (الأطراف)، أي المناطق الواقعة قرب الحدود الشطرية السابقة.

وقد كان من المفترض، أن تمثل عملية تبادل الوحدات، خطوة أولية، على طريق توحيد القوات المسلحة، بين الشطرين. فقد كان من المقرر، بموجب اتفاقات الوحدة، أن يجري توحيد الجيشين، وذلك في إطار توحيد الوزارات، والمؤسسات الحكومية، بين الشطرين، إلاّ أن التوحيد، اقتصر، حتى فترة ما قبل اندلاع الصراع المسلح، على الأجهزة، والإدارات القيادية، في وزارة الدفاع، والقيادات المرتبطة بها ارتباطاً مباشراً. وقد أفرزت هذه الوضعية الغريبة عدداً من الصعوبات، والمعوقات السياسية والفنية. فمن الناحية السياسية، امتنعت القيادة السياسية، في دولة الوحدة، عن استخدام سلطاتها الدستورية، في تنفيذ خطط دمج القوات المسلحة، التي تقدمت بها وزارة الدفاع. وتشير بعض التحليلات، إلى أن هذا الامتناع، كان عائداً إلى أن عملية الدمج والتوحيد، كانت ستؤدي إلى حرمان بعض العناصر العسكرية النافذة، لا سيما تلك المنتمية، إلى بيت الأحمر في الشمال، من مواصلة السيطرة على القوات المسلحة الشمالية، علاوة على إمكانية افتضاح التجاوزات، والاختلاسات العديدة، التي يتردد حدوثها، في صفوف تلك القوات.

أما من الناحية الفنية، فقد كانت عملية التوحيد، بحد ذاتها، شديدة التعقيد، من حيث اتساع نطاق الإجراءات، التي كان يتوجب القيام بها، لاستكمال هذه العملية. ذلك لأنها كانت تقتضي، إعادة تنظيم القوات أولاً، لضمان تحقيق التماثل، في التنظيم والتشكيل بين قوات الشطرين، إضافة إلى أن عملية التوحيد، كانت تجابه إشكالية الانتماء الحزبي، داخل القوات المسلحة، التي كانت تؤثر بالضرورة، على حياد المؤسسة العسكرية، في الخلافات السياسية، وعلى الرغم من أن قانوني الأحزاب، وخدمة الدفاع الوطني، اللذين صدرا في أكتوبر 1991، حاولا تحريم الحزبية، في أوساط الأمن والقوات المسلحة، إلاّ أنه لم يكن لهما تأثير فعّال، سواء في تنفيذ الهدف المباشر، الرامي إلى أبعاد المؤسسة العسكرية عن حلبة التفاعلات السياسية، أو في دفع عملية التوحيد، وإعادة التنظيم، في صفوف القوات المسلحة.