إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم السادس: تفاقم الأزمة الاقتصادية

القسم السادس: تفاقم الأزمة الاقتصادية

ارتكز نجاح الوحدة اقتصادياً، على ما ينتجه الاقتصاد المندمج، من وفورات اقتصادية كبيرة، ومن ثم فقد ارتبط نجاح تحقيق الوحدة، بتزايد الطموحات الاقتصادية، التي تحطمت على صخرة الأزمة الاقتصادية، حيث تدهورت الأوضاع الاقتصادية، للأسباب التالية:

  1. أدت الأزمة السّياسية في اليمن الموحد، إلى تفاقم التدهور في الاقتصاد اليمني، حتى تعذر على الحكومة، الاتفاق على وضع ميزانية الدولة الموحدة، للسنة الثانية على التوالي، إذ أصيبت ميزانية عام 1993، بعجز بلغ 35.3 % "وفقاً للأرقام الرسمية"، وقد أدى هذا التدهور في معدلات الأداء الاقتصادي لدولة الوحدة، إلى ازدياد مشاكل الشطرين، التي كانوا يعانون منها قبل الوحدة، وأهمها تراجع معدلات النمو في الدخل القومي، وانخفاض حصيلة الدولة من العملات الأجنبية. فقد ورثت دولة الوحدة قطاعاً عاماً، يتميز بالأداء الهزيل، واعتماد معظم مؤسساته على الدعم الحكومي، والاحتكار. إلاّ أن دولة الوحدة، لم تلتفت بسرعة إلى الاهتمام بمعالجة تلك الاختلالات الاقتصادية، وانشغلت بالنزاعات الشخصية على السلطة والنفوذ. وإذا كان الجنوبيون قد عانوا من الشّح الاشتراكي، فإذا بهم يواجهون بصدمة الرأسمالية الشمالية، فأحسوا انهم ليسوا المستفيدين من الوحدة، وطالبوا بنصيب متوازن لهم، مما دفع الرئاسة إلى خوض مواجهة مع الشعب، الذي يطالب بالإسراع في إتمام مشروعات البنية الأساسية، التي تحتاج لسنين طويلة.
  2. إن ظهور خريطة نفطية جديدة، بفعل أعمال التنقيب، التي تمت خلال سنوات الوحدة، جعلت كل طرف يعيد النظر في حساباته الوحدوية. فمن المعروف أن ثروة النفط، تتركز في محافظتي حضرموت وشبوة، ويتم تصدير حوالي 150 ـ 170 ألف برميل يومياً، تدر حوالي 600 ـ 700 مليون دولار في العام. وقد طالب المؤتمر الشعبي بتخصيص جزء من موارد النفط، في حدود 10%، بحيث تكون خارج الموازنة العامة للدولة، وتخصص لمصاريف الرئيس، وهو ما كان محلاً للرفض، من القوى الأخرى.

وهكذا كانت المشاكل الاقتصادية مسؤولة، إلى حد كبير، عن تعميق الخلافات بين الشمال والجنوب، وإحساس الجنوبيين بأن الموارد الشحيحة تهدر، وأن الجنوب، بما فيه من ميناء عدن وثرة نفطية ضخمة، لا يحصل على نصيبه العادل، من هذه الموارد.

  1. عجز حكومة الوحدة عن تمويل مشروع التكامل الاقتصادي، لعدم توافر الاستثمارات اللازمة، نتيجة المشاكل، التي برزت خلال الفترة الانتقالية، وأدت إلى ضياع الميزة الابتدائية من الوحدة، التي كان من الممكن أن تحل المشاكل الاقتصادية للدولتين.
  2. كان اقتصاد اليمن الجنوبي، مُدَمْراً نتيجة للحرب الأهلية التي وقعت خلال عام 1986، وعدم خبرته في السيطرة على اقتصاديات السوق. وكان اقتصادها ينمو بمعدل 2 ـ 3 % فقط، منذ منتصف السبعينات، والنتيجة أن النمو الاقتصادي، انخفض بشدة إلى مادون معدل النمو السكاني، الذي كان يزيد عن 3%.
  3. بدأ مستوى المعيشة ينخفض باستمرار، وأصبح اليمن الموحد من الدول ذوات أعلى نسبة دين إلى نصيب الفرد في الشرق الأوسط. فقد واجه بدءاَ من عام 1992، صعوبات اقتصادية هائلة، نتيجة لأزمة الخليج الثانية 1990 ـ 1991، التي كبحت عملية البناء الاقتصادي في اليمن الموحد. وتجلى ذلك في ارتفاع حاد في أسعار السلع بلغت أكثر من 400 %، وفي الارتفاع الكبير للغاية في أسعار العملات الأجنبية، مقابل العملة الوطنية، فضلاً عن اعتماد اليمن على الخارج، في سد معظم حاجاته الغذائية مما يفتح الباب، للتأثير على التجربة من القوى الخارجية.
  4. وصلت البطالة نحو مليونين من اليمنيين، وهو رقم كبير، قياساً إلى عدد السكان. وكان وراء تضخم هذه الموجه، اليمنيون المهاجرون من المملكة العربية السعودية عام 1990، (تشير التقديرات إلى أن عددهم يراوح ما بين 800 ألف إلى مليون شخص) واللاجئون اليمنيون الوافدون من شرق إفريقيا، وخصوصاً من الصومال هرباً من الحرب.
  5. توقفت التحويلات المالية، التي كانت تمثل دعماً مهماً للاقتصاد اليمني، من العاملين بالخارج، في الوقت الذي أوقفت فيه دول الخليج العربي، كل أشكال المعونة المالية لليمن، رداً على تأييد صنعاء للعراق، في حرب الخليج الثانية. وبدت عدن كأنها الضحية الاقتصادية لعملية التوحيد، على الرغم من معاودة مصفاتها النفطية لنشاطها أواخر عام 1991.
  6. يضاف إلى ذلك، الأعباء، التي فرضها تخلف البنية التقليدية للمجتمع اليمني، ولا سيما في الشمال، على الوضع الاقتصادي المتفاقم (هناك نحو 20 ألف يمني ينتمون إلى قبائل يمنية، يتقاضون رواتب شهرية من الجيش اليمني، ولا يؤدون أي عمل).
  7. وفي شهر ديسمبر 1993، تدهورت قيمة العملة اليمنية، من حوالي 52 ريالاً مقابل الدولار، إلى أكثر من 65 ريالاً مقابل الدولار، ثم تحسنت قليلاً، ثم عادت للتدهور مرة أخرى.
  8. قدمت اليمن للأمم المتحدة، فاتورة قيمتها 1.6 مليار دولار، نصيبها في الآثار الناتجة عن حرب الخليج الثانية، ولكنها لم تحظ بتأييد. وقد بدأت تواجه مستقبلاً، يحتمل ألا يسمح له بعودة العمال اليمنيين، إلى المملكة العربية السعودية.
  9. تُوَفر الحقول النفطية، المكتشفة حديثاً، في مأرب، وشبوة، إنتاجاً جيداً، وأصبح النفط أمل اليمن الوحيد في التطور الاقتصادي، وكان النفط قد اكتشف في حوض مأرب عام 1984، في الشّطر الشمالي، وبدأ التصدير عام 1987، وبحلول عام 1992، كان احتياطي النفط اليمني المؤكد، أكثر من 4 مليارات برميل، واحتياطي الغاز 7000 مليار قدم مكعب.

وفرت الحقول النفطية المكتشفة، الكثير من الوظائف لأبناء الشعب اليمني. كما وفرت جزء من العملة الصعبة، التي تحتاجها البلاد، في المبادلات التجارية، ولكن ذلك لم يسهم أبداً في تخفيف الديون المتراكمة على اليمن، التي بلغت نحو 8 مليار دولار، أي ما يعادل دخلها القومي تقريباً "والذي يصل إلى 7.122 مليار دولار"، بينما تبلغ أقساط الديون سنوياً 900 مليون دولار، الأمر الذي اقتضى طلب إعادة جدولة الديون.

  1. تسبب الاعتماد على النفط، في خلق مشكلات جديدة لليمن الموحد. فلقد أدى التنقيب عن النفط في المناطق الحدودية، بين اليمن بشطريه، ودول الجوار، إلى صدامات مع المملكة العربية السعودية، وسلطنة عُمان، حول حقوق الحفر في مناطق الحدود، في أواخر الثمانينات. واستمرت الصدامات مع المملكة العربية السعودية، بينما تمكن الشطر الجنوبي، من الاتفاق على تسوية الخلافات مع سلطنة عُمان. وقد أرسلت المملكة العربية السعودية، خطابات إلى ست شركات نفط في اليمن، ادعت فيها أن 12 من 20 امتيازاً، منحتها اليمن لشركات النفط تعمل في منطقة متنازع عليها، وأن السعودية تؤكد حقوقها. وقد أثر ذلك في عمليات الاستكشاف لشركات النفط البريطانية (BP)، وشركة فيليبس.
  2. وحاولت الحكومة اتخاذ بعض التدابير، لمواجهة تفاقم الأزمة الاقتصادية، ومن ذلك، فرضها إجراءات صارمة للتقشف، منها تخفيض عدد سفارتها في الخارج، وإلغاء تعاقداتها مع عشرات الآلاف من المدرسين العرب، وإحلال اليمنيين العائدين محلهم، وتقليل الإنفاق الحكومي، الناشئ عن تضخم الجهاز الإداري، الذي يضم 82.000 موظف في محافظات الشمال، و 270.000 موظف مدني في محافظات الجنوب. وتشير الأرقام إلى أن العجز في الأجور والمرتبات وصل إلى 53 %، من إجمالي العجز العام، الذي بلغ 15 بليون ريال في ميزانية الدولة. وعلى الرغم من ذلك، كانت المشاكل الاقتصادية، من أهم العوامل المؤثرة على تجربة الوحدة اليمنية.