إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الثاني: تطور الأزمة والاعتكاف الثالث للبيض، والدعوة إلى الفيدرالية

القسم الثاني: تطور الأزمة والاعتكاف الثالث للبيض، والدعوة إلى الفيدرالية

الفترة من أغسطس 1993 حتى نوفمبر 1993

1. في 2 أغسطس 1993

حازت حكومة العطاس على ثقة مجلس النواب، بعد اتفاق الأحزاب الثلاثة على التعديلات الدستورية، فيما يتعلق بالقضايا الثلاث موضع الخلاف. وتحدد موعد إقرار التعديلات قبل يوم 4 أكتوبر 1993 وهو الموعد النهائي لانتخاب أعضاء مجلس الرئاسة، وشددت التعديلات على انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب، وأن تكون المنافسة بين شخصين على الأقل.

2. في 11 أغسطس 1993

عاد الخلاف مرة أخرى بشأن التعديلات الدستورية. وأعلن الحزب الاشتراكي، عبر ممثليه في الاجتماع المشترك، أن وثيقة مشروع التعديلات، ليست هي المتفق عليها، وأن الحزب غير موافق على هذه التعديلات، ولم يوقع عليها، وأنها أحيلت إلى مجلس النواب من دون علم المكتب السياسي للحزب.

وفي مواجهة ما حدث، أعلن حزبي المؤتمر، والتجمع للإصلاح، وقوفهم أمام تراجع الحزب الاشتراكي، واتفقوا على أنهم سيدفعون، من خلال كتلتيهما النيابيتين، بترشيحات لمجلس الرئاسة، بغية انتخاب مجلس جديد، قبل الرابع من أكتوبر 1993، وخلال ذلك طُرحت فكرة ترشيح علي ناصر محمد، الرئيس السابق لليمن الجنوبي، والموجود بدمشق، لعضوية مجلس الرئاسة.

3. في 19 أغسطس 1993

أ.  وقع الاعتكاف الثالث لنائب الرئيس اليمني، علي سالم البيض، في عدن، بعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية في رحلة علاج. وكان الاعتكاف هذه المرة، تعبيراً عن الشعور بالغبن، حيث لم يحصل الشطر الجنوبي، ما يوازي إسهامه في الوحدة، وكذلك كرد فعل لما اعتبره تهميشاً لدوره كشريك رئيسي في صنع الوحدة، وتقليصاً لصلاحياته.

ب. شهدت العاصمة اليمنية صنعاء، إعلان مولد التكتل الوطني للمعارضة، السابق الاتفاق على تشكيله، من خمسة أحزاب معارضة، هي: حزب رابطة أبناء اليمن، وحزب الحق، وحزب التجمع الوحدوي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، واتحاد القوى الشعبية. وأصدر التكتل، بياناً عرض فيه الأهداف العامة للتكتل.

ج. أدلى علي سالم البيض، بحديث إلى "إذاعة الشرق" في باريس، قال فيه: "إن الوحدة كانت حدثاً تاريخياً في نضال الشعب اليمني، وشعبنا يتفاعل مع هذا الحدث، ويتمسك بهذه الوحدة، ولا شك أن هناك مشاكل كبيرة تعترضها، ولكن علينا نحن أن نبني المؤسسات الديموقراطية لحمايتها، وهناك الآن استعدادات للانتخابات المحلية، كخطوة جديدة على طريق الديموقراطية الطويل"، وأكد "أن التعديلات التي نطالب بها (الحزب الاشتراكي)، لا تعنينا وإنما تعني الشعب، وكل الأحزاب، وبالتالي فهي مطروحة للهيئات، فإذا كانت هذه التعديلات ستأتي بالإصلاح الديمقراطي، فأهلاً وسهلاً، أما إذا كانت لحل شيء آني وعابر، فنحن لا نقبل بها، والحزب الاشتراكي، لا يهمه شكل الرئاسة ولا الرئاسة، ويهمه فقط الإصلاحات الديموقراطية"، ونفى وجود خلافات إيديولوجية، في صفوف الائتلاف الحاكم.

د. محضر اتفاق أحزاب الائتلاف اليمني:

تنفيذاً لاتفاق الائتلاف الثلاثي، عُقدت اجتماعات عدة للقيادات العليا للأحزاب المؤتلفة، لمناقشة قضايا الاختلاف في التعديل الدستوري، وتوصلت في النهاية إلى الآتي:

(1) الاتفاق على الصيغة الدستورية لمشروع التعديلات، التي تعكس الأهداف والمبادئ والاعتبارات، التي أقرّ مجلس النواب، مبدأ التعديل في ضوئها.

(2) التزاماً بالشرعية الدستورية، وترسيخاً للممارسة الديموقراطية، حيث إن الإقرار النهائي للتعديلات الدستورية، أمر يخص مجلس النواب وفقاً للدستور، تم الاتفاق بين الأطراف المؤتلفة، على التنسيق البرلماني بين الكتل البرلمانية، بما يكفل إنجاح الإصلاحات الدستورية، الذي يعتبر ضرورة وطنية تقتضيها المصلحة الوطنية العليا، وفي ضوء ذلك، تلتزم قيادة كل طرف، بتبني مشروع الإصلاحات الدستورية، كل مع كتله البرلمانية، وعقد اجتماع معها لشرحها، وتكوين القناعة بها، إلى جانب التنسيق بين الكتل البرلمانية الثلاث، وبقية أعضاء مجلس النواب، وتوسيع قاعدة المشاركة في مناقشة التعديلات، وتوضيحها، وإجراء الحوار حولها مع الأحزاب، والتنظيمات السياسية الأخرى، والمنظمات الجماهيرية والشخصيات المستقلة.

(3) الاتفاق على تشكيل لجنة لرعاية الائتلاف، من قيادات الأحزاب المؤتلفة، وتتكون من رؤساء الأحزاب الثلاثة، وأربعة أعضاء قياديين عن كل حزب.

5. في 15 سبتمبر 1993

اجتمعت لجنة تمثل الأحزاب المؤتلفة في الحكم، للتشاور في التعديلات الدستورية. وطرح الحزب الاشتراكي تعديلاً جديداً، بخصوص شكل رئاسة الدولة، على أساس انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه في قائمة واحدة، أو يعين الرئيس نائباً له، بعد أن يكون قد سماه قبل الانتخابات، وفي هذه الحالة، تكون لنائب الرئيس صلاحيات الرئيس حتى نهاية ولايته، في حال فراغ المنصب، لأي سبب من الأسباب. أما فيما يخص الحكم المحلي، فطرح الاشتراكي ضرورة تحديد موعد لانتخاب المحافظين، في نص دستوري.

6. في 16 سبتمبر 1993

زار علي سالم البيض، محافظة أبين، وألقى خطاباً جاء فيه: إن المشروع الحضاري لدولة الوحدة لم يتحقق، ودعا في كلمته، إلى المكاشفة العلنية، والصدق في عمل القيادة السياسية، بدل المراوغة والضحك على الجماهير. وقد دعا حزب المؤتمر الشعبي، إلى اتخاذ موقف حاسم وسريع، من خطابات نائب الرئيس علي سالم البيض.

كما عُقدت عدة اجتماعات في صنعاء، ضمت عدداً من أعضاء مجلس النواب، والشخصيات العامة، تمهيداً لقيام تجمع سياسي جديد، تحت اسم "التجمع اليمني للإنقاذ"، ويستهدف البحث عن الوسائل الكفيلة لإخراج البلاد من الأزمة السياسية.

7. في 6 أكتوبر 1993

كشفت زيارة السلطان العماني، قابوس بن سعيد، لليمن، التي انتهت قبل يوم واحد من موعدها، عمق الخلاف القائم بين الحزبين الحاكمين، المؤتمر الشعبي بقيادة علي عبدالله صالح، والحزب الاشتراكي، بقيادة نائب الرئيس علي سالم البيض. وقد كان مقرراً أن يزور السلطان قابوس، عدن، العاصمة الاقتصادية لليمن، حيث يعتكف البيض. لكن إشكالات سياسية وبروتوكولية، حالت دون إتمام الزيارة، وتركز الإشكال الأول حول إخراج الزيارة، إذ كان البرنامج الرسمي، ينص على أن يزور السلطان قابوس، عدن ثم يعود إلى صنعاء، ليغادر منها إلى بلاده، لكن ارتؤي بعد مداولات، أن يعلن عن توقفه في عدن، في طريق عودته إلى مسقط. وظهر إشكال جديد عندما أصرّ البيض، على إجراء استقبال رسمي كبير للسلطان، فرفض الجانب العماني، الذي احتج على أنه لا يمكن استقبال السلطان رسمياً، مرتين في بلد واحد. وبعد حل هذه النقطة، وقبيل وصول قابوس، وردت في صنعاء معلومات تفيد، أن صور صالح التي علقت في شوارع عدن، بمناسبة الزيارة، انتزعت، وحلت بدلاً منها صور البيض، فقرر السلطان قابوس اختصار زيارته، والعودة إلى بلاده. وظل الخلاف كما هو بين صالح والبيض حول التعديلات الدستورية، وتقاسم السلطة بين الحزبين الممثلين للشمال والجنوب.

8. في 11 أكتوبر 1993

انتخب مجلس النواب اليمني، مجلس الرئاسة الجديد في البلاد، المؤلف من خمسة أعضاء، بينهم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، ونائبه السيد علي سالم البيض، وعضو حزب الإصلاح، الشيخ عبدالمجيد الزنداني، والأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي، عبدالعزيز عبدالغني، والأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي، سالم صالح محمد.

9. في 13 أكتوبر 1993

أجل مجلس النواب اليمني، جلسة أداء أعضاء مجلس الرئاسة اليمين الدستورية، بسبب استمرار الأزمة السياسية القائمة بين الحزبين الرئيسيين، المؤتمر الشعبي العام، بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح، والاشتراكي، بقيادة نائب الرئيس علي سالم البيض، ومواصلة الأخير اعتكافه في عدن.

10. في 14 أكتوبر 1993

أكّد نائب رئيس مجلس الرئاسة، السيد علي سالم البيض، أنه لن يحضر إلى صنعاء لأداء اليمين الدستورية، فيما جابت سيارات تابعة للحزب الاشتراكي، في 13 و 14 أكتوبر 1993، شوارع عدن ومدن الجنوب الرئيسية، وهي تحمل مكبرات للصوت تبث أناشيد ثورية جنوبية قديمة. وفي مقابلة مع صحيفة "صوت العمال العدنية"، الناطقة باسم الحزب الاشتراكي، نقلتها وكالة "فرانس برس"، برر البيض رفضه حضور الجلسة، بقوله "إن صنعاء تشكل ترسانة أسلحة، واستمرار هذا الوضع يعني إبقاءنا مقيدين، وأن نتقاتل في ما بيننا". وشدد على أنه "لا يريد الذهاب إلى صنعاء لأداء اليمين، وليمارس الكذب على الناس مرة ثانية وصرح أنه غير قادر على تحمل المسؤولية، في ظل الأوضاع الراهنة، التي لم ولن تمكنه من عمل شيء، منذ اليوم الأول للوحدة".

11. في 16 أكتوبر 1993

أ. أدى أربعة من أعضاء مجلس الرئاسة اليمني الخمسة، اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، في غياب النائب السابق لرئيس الجمهورية، علي سالم البيض، الذي قاطع الجلسة احتجاجاً. وجدد أعضاء مجلس الرئاسة الحاضرون، انتخاب الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، رئيساً لمجلس الرئاسة، في حين فقد البيض تلقائياً منصب نائب الرئيس، الذي لا ينص عليه الدستور الحالي، والذي كان أسند إليه بموجب اتفاق الوحدة الانتقالي.

ب. بعث النائب السابق لرئيس الجمهورية، علي سالم البيض، المعتكف في عدن منذ 19 أغسطس الماضي، رسالة إلى مجلس النواب اليمني، يعتذر فيها عن عدم حضوره. وقال البيض في رسالته التي تليت أمام النواب، إن "الجميع يعرف الأسباب، التي دعت إلى عدم حضوري". وفي مقابلة نشرتها صحيفة "الشرق الأوسط"، أشار البيض، إلى أنه سيواصل اعتكافه في عدن، لأن لا فائدة للحوار مع صنعاء. وقال "أنا مضطر للجوء إلى الاعتكاف، لأن الحوار لم يعد ينفع، وحتى الاتفاقات المكتوبة لم تنفذ، وأنا لا أستطيع أن أكون شكلاً في الرئاسة أو أجلس للزينة والمجاملة".

12. في 18 أكتوبر 1993

نقلت صحيفة "يمن تايمس"، عن نائب رئيس مجلس الرئاسة، والأمين العام للحزب الاشتراكي، السيد علي سالم البيض، أنه لن يعود عن اعتكافه، ما لم يأخذ الرئيس صالح برنامجه الإصلاحي في الاعتبار. وينص هذا البرنامج، المكون من 18 نقطة، على إقامة لا مركزية إدارية ومالية، ونقل السلطات إلى المحافظات، ومنحها صلاحيات واسعة، واتخاذ خطوات عملية لتصحيح أوضاع القضاء، وفرض قيود على الإنفاق الحكومي، ومكافحة الفساد، والرشوة، والتسيب الإداري، والأمني، وإخراج الثكنات العسكرية من المدن وخصوصاً من صنعاء.

13. في 19 أكتوبر 1993

طرح التكتل الوطني للمعارضة اليمنية، مشروعاً من 16 بنداً (17): يوضح بنود مشروع التكتل الوطني للمعارضة اليمنية لمعالجة الأزمة السياسية.')، هُدِفَ منه معالجة الأزمة السياسية الخطيرة التي تشهدها اليمن. ووصف المشروع، بأنه المعالجة الحقيقية، التي تمنع استمرار الأزمة السياسية وتكرارها، وتنزع الفتيل القابل لتفجيرها.

14. في 23 أكتوبر 1993

صرحت مصادر أمنية، تنتمي إلى الحزب الاشتراكي اليمني، أن "الجهاز الأمني الخاص بحراسة أعضاء قيادة الاشتراكي، كشف مخططاً، أُعد بعناية كبيرة، يستهدف التصفية الجسدية لعدد من قادة الحزب وكوادره، في مقدمهم علي سالم البيض، نائب رئيس مجلس الرئاسة، والأمين العام للحزب الاشتراكي، وسالم صالح محمد، عضو مجلس الرئاسة، والأمين العام المساعد للاشتراكي، والعميد هيثم قاسم طاهر، وزير الدفاع وعضو المكتب السياسي للحزب"، وتوقع أن "يمتد المخطط، إلى اغتيال عناصر قيادية، في المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح، وذلك بهدف إيجاد فتنة بين أحزاب الائتلاف الثلاثة، تؤدي إلى تمزيق الائتلاف، وإدخال البلاد في صراعات سياسية، ودموية، تحول اليمن إلى صومال آخر". وقد نفى وزير الداخلية اليمني، السيد يحي المتوكل، ما جاء في هذا التصريح.

15. في 26 أكتوبر 1993

أكد نائب الرئيس اليمني، والأمين العام للحزب الاشتراكي، السيد علي سالم البيض، المعتكف في عدن منذ 19 أغسطس الماضي، بسبب خلافه مع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، على طريقة إدارة البلاد، أنه لن يعود عن اعتكافه، في الوقت الحاضر.

وكرر البيض، في مقابلة مع صحيفة "الأهرام"، المصرية، نشرتها صحيفة "عدن" اليمنية الناطقة باسم الحزب الاشتراكي، تمسكه بشروطه للعودة عن اعتكافه، وقال "لن اذهب إلى صنعاء، فأنا لا يمكن أن أؤدي يميناً، تضاف إلى يميني الأولى".

ويأخذ البيض وحزبه علي الرئيس، علي عبدالله صالح، والمقربين منه، وضع يدهم على أجهزة الدولة، والعجز عن إجراء إصلاحات جذرية، يطالب بها صندوق النقد الدولي، لإخراج اليمن من التردي الاقتصادي.

16. في 29 أكتوبر 1993

أ. حذر الأمين العام للحزب الاشتراكي، علي سالم البيض، من أن وحدة اليمن "في خطر، إذا لم نُقِمْ دولتها، ونعطها مضمونها الوطني والديموقراطيً، وشدد البيض على "أن لا أمن في دولة الوحدة"، محذراً من أن الوضع صعب، إلى درجة قد لا تعود معه البلاد حتى إلى كيانين، إذ إن الجنوب وحده، كان يتألف من 22 مشيخة وسلطنة، وأن وحدة دولة الجنوب، كانت وحدة على طريق توحيد اليمن كله". واتهم البيض "أن من في يده الآلية في السلطة، يحول دون اتخاذ إجراءات"، وأضاف أنه يؤدي اليمين الدستورية "إذا رأى إمكانية لجدولة زمنية (للنقاط الـ18 التي طرحها)، لإجراءات عملية، واستعداداً للتغيير في العقلية".

ب. أفاد مصدر أمني في عدن، أن اثنين من أبناء علي سالم البيض، هما نايف (24 عاماً)، الذي أنهى دراسته طياراً مدنياً، ونيوف (22 عاماً) الذي يدرس الحقوق في جامعة عدن، تعرضا لوابل كثيف من الرصاص، لدى خروجهما مع ابن خالتهما كامل عبدالحامد (23 عاماً)، من منزل أحد أصدقائهم، في حي المنصورة، الساعة الواحدة والنصف، فجر الجمعة 29 أكتوبر 1993. وأضاف أن نايف ونيوف انبطحا أرضاً، خلف بعض السيارات، لدى سماعهما إطلاق الرصاص، في حين قُتل كامل فوراً بعد إصابته بأكثر من ثلاثين طلقة في رأسه، وأنحاء جسمه. وأكد مصدر مسؤول في الحزب الاشتراكي، أن ثمة "دوافع سياسية"، وراء محاولة الاغتيال، التي اعتبرها "رسالة موجهة إلى البيض، بسبب صلابة موقفه"، في الخلاف مع الرئيس صالح، على برنامج الإصلاح السياسي والاقتصادي.

17. في 31 أكتوبر 1993

اتهم الأمين العام للحزب الاشتراكي، علي سالم البيض، "عناصر في الحكم" بمحاولة الاغتيال الفاشلة، التي تعرض لها نجلاه، فجر الجمعة 29 أكتوبر 1993، وأكد أن هذا الحادث، لن يثنيه عن مطالبه الثمانية عشر، التي اشترط تحقيقها للعودة عن اعتكافه السياسي. ونقل ناطق تعليقاً باسم البيض، على حادث اغتيال ابن شقيقته، ومحاولة اغتيال نجليه نايف ونيوف، جاء فيه أنه "فوجئ بتدهور الموقف إلى هذا الحد". وقال "إن عناصر في الحكم، خططت ما حدث ودبرته، و"أن هذا يزيد احتمالات فشل الوحدة، إذا استمرت الأوضاع الراهنة كما هي".

وتحولت مراسم تشييع ابن شقيقة الأمين العام للحزب الاشتراكي، علي سالم البيض، إلى تظاهرة شعبية في عدن، شارك فيها نحو مائة ألف شخص، دعماً للزعيم الاشتراكي. ورفع المتظاهرون أعلام الحزب الاشتراكي، وصوراً للبيض، ورددوا شعارات معادية لـ "أعداء الحزب الاشتراكي"، وغاب عن المراسم، التي حضرها البيض، أي مسؤول رفيع المستوى، من حزبي المؤتمر الشعبي، والتجمع اليمني للإصلاح، وكان المؤتمر الشعبي وجه برقية تعزية، في حين لم يقدم التجمع للإصلاح التعازي.

18. في 1 نوفمبر 1993

اعتبر الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، أن بعض النقاط التي يطرحها الحزب الاشتراكي اليمني، "تمثل مطالب هامشية وغير حقيقية، وهي تأتي فقط، في إطار المماحكات السياسية، بين الأحزاب وحذر من أنه " إذا لزم الأمر لإيضاح بعض الحقائق، فإننا سنوضحها بالأدلة والوثائق، وفي الوقت المناسب". واعتبر أن "من المبالغة القول إن الوحدة في خطر".

وفي الوقت نفسه قال البيض: "نحن صابرون منذ أكثر من ثلاث سنوات، من أجل الاستقرار، نحن نتصرف بمسؤولية، ولن نعرض الوحدة للخطر"، وأضاف "إن اليمن لن يقع في الفخ، الذي يريده له أعداء الوحدة".

وكان البيض يرد على أقوال نسبتها إليه صحيفة "الأهرام" المصرية، مفادها أن اليمن الجنوبي سيحمل السلاح، "إذا أراد المسؤولون في صنعاء إعادة الهيمنة مرة أخرى". وأكد البيض أن هذه الأقوال "مدسوسة" وهي " تآمر على وحدة اليمن".

وكرر البيض نداءه إلى أجهزة الأمن اليمنية، "للقبض على مرتكبي الجرائم، بداية من مقتل الحريبي، إلى آخر عمل إجرامي ضد نجليه". وأضاف البيض " إن الوقت قد حان للدخول في إجراءات ملموسة، ولن يُسْتتب الأمن والاستقرار، إلا بإلقاء القبض على مرتكبي الجرائم". وأوضح أنّ على الحكومة بعد ذلك، أن تعالج مشاكل اليمنيين طبقاً للنقاط الـ18 التي طرحناها، أي برنامج الإصلاح الذي قدمه سالم البيض، والذي ينص على اللامركزية الاقتصادية، ويرهن البيض عودته إلى صنعاء، بالموافقة على هذا البرنامج.

وأكد البيض أن الجيش لم يتوحد، ولو أن هناك موقفاً ونية صادقة فسيتوحد، ولكن يبدو أن النية غير واردة، وأن وجود جيشين لا يشكل خطراً على البلاد.

19. في 5 نوفمبر 1993

أ. اتهم الحزب الاشتراكي اليمني الرئيس علي عبد الله صالح، بأنه لم يقبل تقويم نتائج الانتخابات العامة "لصالح الوحدة حتى الآن". وقدم الحزب مشروعاً من ثلاث نقاط لمعالجة الأزمة، يتمثل في ما يأتي:

(1) إزالة الأعمال التي أضرت بالوحدة، خصوصاً إلغاء المؤسسة العسكرية والاقتصادية، وإصدار عملة تحل محل الدينار والـريـال، ووقف "الممارسات والأعمال التأديبية"، ضد المنتمين إلى الحزب الاشتراكي اليمني.

(2) إحداث تعديلات دستورية، لضمان إزالة مخاوف الضم، والانفصال، وتحديد وظائف مجالس الحكم المحلي، والمجلس الاستشاري، والمجلس الوطني، وتأكيد مبدأ الفصل بين السلطات، واعتماد نظام القائمة النسبية في الانتخابات، والأخذ بالنظام الرئاسي.

(3) استعادة هيبة الدولة، بإيجاد الأمن، والقبض على المتهمين في الاغتيالات والتفجيرات، ومعالجة قضايا الثأر القبلي، وتطبيق اللامركزية، والتقيد بموازنة الدولة، ووضع خطة للتنمية والاستثمار.

ب. أوضح مصدر سياسي يمني بارز، أن خطوة حاسمة، في اتجاه تجميد الأزمة عند حدود معينة، اتخذت بعد تشكيل لجنة عسكرية تضم العميد يحيى المتوكل، وزير الداخلية، من حزب المؤتمر، والعميد هيثم قاسم طاهر، وزير الدفاع، من الحزب الاشتراكي، بهدف إعادة الأوضاع إلى طبيعتها، بعدما ظهرت نقاط عسكرية في أماكن لم يكن يفترض أن تظهر فيها، خصوصاً على طول الطريق البرية الممتدة من صنعاء إلى عدن. وقال المصدر: "إن الهدف الأساسي للجنة، هو إعادة الوضع إلى ما كان عليه، قبل اندلاع الأزمة السياسية، التي ظهرت إلى العلن، مع اعتكاف سالم البيض في عدن".

ج. أعلن علي سالم البيض، استعداده للحوار مع الرئيس علي عبد الله صالح، لإنهاء الأزمة السياسية. وقال البيض " إنّ حزبه يرحب ببحث أي نقاط من شأنها، أن تسهم في حل قضايا الشعب الوطنية، والانتقال إلى خطوات عملية ملموسة، تعطي الأمل للخروج من الدوامة، ومسلسل المتاعب، والمغالطات، التي لا تمت للحوار والسياسة بصلة". وأضاف البيض "إن الحوار هو الطرح للقضايا، والوصول إلى القاسم المشترك فيها، وبدء التنفيذ". داعياً الشعب اليمني إلى "الالتفاف صفاً واحداً ، لنقول نعم لدولة النظام والقانون، ولا للفوضى والإرهاب"، وتطرق البيض إلى محاولة اغتيال نجليه قائلاً: "لا خوف على الوحدة، إلاّ من استمرار الفوضى".

20. في 7 نوفمبر 1993

بدأت لجنة برلمانية يمنية خاصة، محادثات مع مسؤولين سياسيين وعسكريين، سعياً إلى إخراج البلاد من الأزمة السياسية، التي أصابت المؤسسات الحاكمة بالشلل. وقالت صحيفة "الثورة" الرسمية، إن اللجنة النيابية، ستلتقي رئيس الوزراء اليمني، حيدر أبو بكر العطاس، ووزير الدفاع، هيثم قاسم طاهر، ووزير الداخلية، يحيى محمد المتوكل، ووزير الإعلام، حسن اللوزي، ورئيس هيئة أركان القوات المسلحة، العميد عبد الملك البستاني. وأوضحت أن محادثات اللجنة، التي ألفها مجلس النواب اليمني، ستتناول إزالة النقاط، وكل المظاهر العسكرية المستحدثة، ووقف المهاترات الإعلامية، والتصريحات الصحافية، تجنباً لكل ما من شأنه تصعيد الأزمة". وحذر المجلس في بيان أصدره، من أن أي محاولة تمس وحدة البلاد، ستعتبر خيانة عظمى، مشيراً إلى أنه ينبغي إبعاد القوات المسلحة، وقوى الأمن، عن الصراعات السياسية، والولاءات الحزبية، وأعلن أنه في حال " انعقاد دائم" إلى حين تسوية الأزمة.

21. في 9 نوفمبر 1993

حذر نائب الرئيس اليمني علي سالم البيض، من أن الوحدة والديموقراطية تتداعيان في اليمن. ودعا إلى مبادرة لإزالة العقبات، واتهم في كلمة أمام اللجنة المركزية، للحزب الاشتراكي اليمني، الذي يتزعمه، قوى لم يذكرها بالاسم، بمحاولة استغلال القوات المسلحة، وأجهزة الأمن، لتحقيق مصالحها الخاصة. كما اتهم دوائر لم يحددها، بالتلاعب بالعملة اليمنية. وقال "إن هذه الأفاعيل الشيطانية" مرفوضة تماماً. وأكد استعداد حزبه "للبحث عن حلول ومخارج للأزمة في اليمن، ودعا إلى حوار ديموقراطي، سواء في صف الائتلاف الحكومي، أو مع تكتل المعارضة، أو مع اليمنيين الذين باتوا معنيين بالوضع الحالي، والعمل باستمرار لاستبعاد الضغط غير المشروع".

وفي إشارة إلى الرئيس علي عبد الله صالح، قال البيض: "إن الذين يعملون على تكريس إلغاء الآخرين، هم الذين يعرضون الوحدة للخطر، ولم يعد مقبولاً، أن يلغي طرف طرفاً آخر، ولن نقبل بهذا، وأن الحزب الاشتراكي اليمني، ظل طوال هذه المدة، يقبل بمرارة الاغتيالات، وأعمال العنف، والإرهاب، التي واجهته، وكان دائماً يدفن شهداءه، وهو يقول لن ننجرّ إلى الفخ".

22. أحداث يومي 10، 11 نوفمبر 1993

أ. أفادت مصادر رسمية في صنعاء، أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، أبلغ نائبه علي سالم البيض، أن كل نقاط الخلاف قابلة للنقاش، شرط عدم التخلي عن الوحدة، أو الإضرار بالديموقراطية، وأنه ينبغي الامتناع عن أعمال العنف بكل أشكاله، سواء بالفعل أو بالتلميح، كونها ثوابت لا يمكن التخلي عنها.

وأفادت الوكالة اليمنية للأنباء "سبأ"، أن الرئيس اليمني أمر بإزالة نقاط التفتيش التي أقامها الجيش منذ تفجير الأزمة، استجابة لمطالب الحزب الاشتراكي، وقالت إن مجلس النواب اليمني، طلب من صالح منع تحرك القوات المسلحة من موقع إلى آخر،" لتهدئة الأوضاع" الناجمة عن النزاع، بين قادة الشمال وقادة الجنوب. وذكرت أن مجلس النواب، الذي رصد تحركات عسكرية أخيراً، تمكن من "إزالة" الظواهر العسكرية المستحدثة، التي أقامها الجيش في المنطقة الوسطى.

ب. أكدت مصادر يمنية موثوق بها، أن تحركات عسكرية سجلت في الأيام الأخيرة في اليمن، في إطار الأزمة التي تشهدها البلاد. وقالت إن قوات جنوبية متمركزة في عمران، شمالي صنعاء، تراجعت نحو جنوب البلاد، في حين سُجل انتشار واسع لنحو عشرة آلاف جندي من القوات الشمالية، في منطقتي تعز، وإب، على طريق عدن ـ صنعاء، وأن تعزيزات عسكرية من الطرفين، أرسلت إلى منطقة قعطبة، التي كانت نقطة عبور بين شطري البلاد الشمالي والجنوبي، قبل توحيدهما في أيار 1990. وتحدثت مصادر عن حركة نزوح لمواطنين من أصول جنوبية، من الشمال، شملت عدداً كبيراً من المدرسين، والموظفين، الذين انتقلوا بحراً إلى عدن، والمناطق الجنوبية، تحسباً لأي تطورات.

ج. اتهم الحزب الاشتراكي اليمني قوى شمالية، لم يذكرها بالاسم، أنها تعتبر الوحدة، التي تحققت قبل ثلاث سنوات، بين اليمن الشمالية المحافظة، واليمن الجنوبية الماركسية، مجرد انضمام الجنوب إلى الوطن الأم، دونما حاجة إلى تغيير في الشمال. ولاحظ أن هذه القوى ترفض الاعتراف بالواقع الجديد، للجمهورية اليمنية الموحدة، وتتمسك بأدوات الجمهورية العربية اليمنية (الشمالية سابقاً)، في إدارة النظام الجديد، وتعمل على تصفية الأدوات الأخرى، التي نشأت في الجنوب قبل الوحدة، وذكر أنه في المرحلة الانتقالية لتحقيق الوحدة، دأب حزب المؤتمر على ترويج فلسفته على أنها الصحيحة، وعلى الجنوبيين أن يقبلوها كما هي، ورافقت ذلك حملة اغتيالات، استهدفت أعضاء في الحزب الاشتراكي، كان آخرهم أبناء البيض. وتحدث عن استخدام أموال حكومية في الانتخابات العامة، التي أجريت في (نيسان) أبريل الماضي، لضمان الأكثرية في مجلس النواب الجديد.

وفي أول رد فعل للمؤتمر الشعبي العام، على البيان الاشتراكي، أكد عضو اللجنة العامة للمكتب السياسي لحزب المؤتمر، عبد السلام العنسي أن "المؤتمر الشعبي يأسف أشد الأسف، لهذه التطورات السلبية لتداعيات الأزمة السياسية اليمنية الراهنة، معتبراً أن البيان الصادر عن الحزب الاشتراكي، ساهم عن عمد في صب الزيت على النار، لتأجيج الأزمة، والوصول بها إلى طريق مسدود، وقال "إن البيان يشكل أعنف تصعيد يقوم به الحزب الاشتراكي، منذ بداية الأزمة، وجاء مخيباً لآمال الناس، وتوقعات المراقبين السياسيين، في انفراج الأزمة، وحلها، خصوصاً بعد توجه أعضاء مجلس الوزراء إلى عدن، بناء على طلب المهندس حيدر أبو بكر العطاس. وأضاف "لقد بات من الواضح، أن إستراتيجية الحزب الاشتراكي، في تعامله مع الأزمة السياسية، التي افتعلت منذ عودة الأخ البيض إلى عدن من رحلته العلاجية في الخارج، كانت ترمي إلى شل فعالية مجلس الرئاسة ودوره، وتعطيل نشاط الحكومة، والإيماء بأن أي متغيرات تعني هيمنة شطر على آخر، والالتفاف على شرعية مجلس النواب، والخوف من فقدان الامتيازات، التي يحظى بها الاشتراكيون تحت مختلف الحجج، والعمل على إملاء شروط، لضمان البقاء في السلطة مع كل مرحلة..".

23. في 12 نوفمبر 1993

تعهدت القوات المسلحة اليمنية، الوقوف على الحياد في الأزمة السياسية الراهنة، فيما توقع رئيس مجلس النواب اليمني، عبدالله الأحمر، عودة نائب الرئيس اليمني علي سالم البيض إلى صنعاء قريباً. ووصفت صحيفة "26 سبتمبر"، الناطقة باسم القوات المسلحة، الأنباء عن انتشار الجيش في أنحاء مختلفة في البلاد، بأنها "ملفقة ولا أساس لها ". وأكدت أن جميع رجال القوات المسلحة، ملتزمون الحياد التام في الأزمة السياسية، الناجمة عن خلاف الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ونائبه. وقالت صحيفة " الثورة" الرسمية، إن الموقف الأميركي، الذي دعا إلى حل سياسي للأزمة، اسْتُقْبِل بارتياح بالغ وتقدير عميق، في الدوائر الشعبية والرسمية اليمنية. وجاء في افتتاحية الصحيفة، أن أهم جانب من الناحية السياسية في الموقف الأميركي، هو وقوفه إلى جانب الوحدة، وتدعيم الديموقراطية والاستقرار السياسي.

24. في 13 نوفمبر 1993

أفادت مصادر سياسية موثوقة في صنعاء، أن العميد مجاهد أبو شوارب، نائب رئيس مجلس الوزراء، توجه إلى عدن، حاملاً مبادرة جديدة، في إطار محاولته الرامية إلى تطويق الأزمة السياسية في البلاد. وتتلخص المبادرة في اقتراح لعقد لقاء مباشر، بين رئيس مجلس الرئاسة، علي عبدالله صالح، والأمين العام للحزب الاشتراكي، علي سالم البيض. وأفادت المصادر نفسها، أن علي صالح قبل مقترحات أبو شوارب، وأبدى استعداداً كاملاً للقاء البيض.

25. في 14 نوفمبر 1993

أ. عقدت الحكومة اليمنية جلسة استثنائية في عدن، وشكلت لجنة برئاسة رئيس الوزراء، حيدر أبو بكر العطاس، لتهيئة الظروف الملائمة لمعاودة الحوار بين الرئيس ونائبه، ومتابعة تطورات الأزمة السياسية الراهنة، والعمل على إزالة كل آثارها ومظاهرها. ودعت الحكومة إلى "إزالة الترسانات العسكرية غير الضرورية، لضمان الأمن في المدن الكبرى، وهو أحد شروط علي سالم البيض للعودة إلى صنعاء. وكلفت وزير الدفاع، العميد هيثم قاسم طاهر، تأليف لجنة لإزالة نقاط التفتيش، التي أقيمت أخيراً، وإعادة الوحدات العسكرية بأسلحتها، إلى مواقعها الأساسية قبل الأزمة، ومنع أي تعزيزات عسكرية جديدة، وشدد المجلس على وزير الداخلية والمدعي العام، مواصلة التحقيق مع المتهمين في الاغتيالات الأخيرة، واعتقال الفارين.

ب. وصلت مديرة مكتب شبه الجزيرة العربية، في وزارة الخارجية الأمريكية، مارجريت دين، إلى صنعاء، للعمل على إقناع المسؤولين اليمنيين، بضرورة حل الأزمة السياسية، بين الشماليين والجنوبيين. وصرّح ناطق باسم السفارة الأمريكية، أن دين ستلتقي مسؤولين، وسياسيين يمنيين، من كل الأحزاب، وأوضحت أن واشنطن لا تقوم بوساطة لحل الأزمة، وأن الزيارة مقررة منذ وقت طويل. وأضاف، أن الديبلوماسية الأميركية ستناقش الأزمة، وكررت تأييد الولايات المتحدة الأمريكية لوحدة اليمن، والديموقراطية، والاقتصاد الحر. وذكرت المصادر الديبلوماسية، أن ديبلوماسيين أميركيين، أجروا اتصالات مع صالح في صنعاء، والبيض في عدن، في شأن الأزمة، ودعوا إلى ضبط النفس، والحوار، لتجنب أي نوع من العنف.

26. في 15 نوفمبر 1993

ذكرت صحيفة "السفير" اللبنانية، أن مصادر سياسية يمنية قالت، إنه تمت مصادرة ست سيارات، محملة بقذائف صاروخية، وذخائر دبابات، متوجهة من صنعاء، في طريقها إلى مناطق مختلفة، من محافظة البيضاء في الجنوب، لتسليمها إلى لواء العمالقة الموالي للرئيس، والمتمركز في مدينة رداع. وقد قبض على السيارات المذكورة في مدينة رداع، من قبل لواء باصهيب الجنوبي، ويدور خلاف حول تسليم حمولة تلك السيارات، ويطالب فريق بتسليمها لقيادة الحرس الجمهوري، التابعة للرئيس صالح، بينما يطالب آخرون، بتسليمها إلى اللجنة المشكلة من قبل مجلس الوزراء. وأشارت المصادر، إلى أن تنقل هذه الشاحنات، يأتي مخالفاً لطبيعة التوجيهات، والأوامر الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء، ووزارة الدفاع، بعدم تحريك الأسلحة، والمعدات، والقوى البشرية.

27. في 16 نوفمبر 1993

أ. أعلن وزير الخارجية اليمني محمد سالم باسندوه، بعد محادثات أجراها مع الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة، أن الأزمة السياسية في اليمن، في طريقها إلى الحل. وقال "إن الأزمة هي الثمن الذي كان علينا سداده، في مقابل اختيارنا النهج الديموقراطي".

ب. أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني، حيدر أبو بكر العطاس، أن "حكومته لا تستطيع العمل في ظل استمرار أجواء الأزمة السياسية، بين الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض"، وأضاف أنه "سيطلع البرلمان على ما بذلته الحكومة من جهود لإنهاء الأزمة، وقال إن "الحكومة خسرت كثيراً بسبب الأزمة واستمرارها، بشكل يهدد وحدة البلاد، ومسيرتها الديموقراطية، مؤكداً أن "هناك بوادر طبية ومشجعة لحلها". ودعا الجميع إلى "حوار وطني مسؤول، من شأنه الحفاظ على الوحدة والديموقراطية، وتجنيب البلاد كارثة الانفصال أو الانقسام".

28. في 17 نوفمبر 1993

توقعت مصادر سياسية في صنعاء، تفاقم الأزمة السياسية بين شمال اليمن وجنوبه، بعد الهجوم المسلح على منزل ابن نائب الرئيس اليمني عدنان البيض، مما عزز شكوك نائب الرئيس اليمني، وزعيم الحزب الاشتراكي اليمني، علي سالم البيض، حيال مسؤولي الشمال، وخصوصاً الرئيس علي عبدالله صالح، وحزبه المؤتمر الشعبي العام.

29. في 18 نوفمبر 1993

أ.  قدم الحزب الاشتراكي اليمني، أربعة اقتراحات، "توصلاً إلى إنهاء الأزمة السياسية" في البلاد. وأعلن مسؤول رفيع في الحزب الاشتراكي، أنه ينبغي أن يسبق الحوار "إعادة الوحدات العسكرية إلى مواقعها، قبل نشوب الأزمة، ومنع أي تعزيزات عسكرية بشرية ومادية". وأضاف أن الحزب طالب "بتوسع آلية الحوار، باشتراك أوسع للقوى السياسية والتنظيمات النقابية، والمهنية، والشخصيات الوطنية في الائتلاف الحاكم". واقترح الحزب أيضاً، "البحث في الأسباب والخلفيات للأزمة السياسية، التي رافقت الوحدة منذ قيامها، في 22 (أيار) مايو 1990، وتفاقمت أخيراً بشكل أثار قلقلاً جدياً على مستقبل البلاد، الأمر الذي يحتم علينا جميعاً العمل على إيجاد الحلول والمعالجات، التي تؤمن مستقبل الوحدة، وتعزز مسيرة الديموقراطية". وأوضح ضرورة "توصل الحوار إلى الاتفاق على وثيقة وطنية شاملة، تتضمن الحلول والمعالجات، مع إجراءات عملية للتنفيذ، يوقعها أمناء المؤتمر الشعبي العام، والحزب الاشتراكي، والتجمع اليمني للإصلاح، وقادة القوى والمنظمات، والشخصيات المشاركة في الحوار".

ب. أفادت مصادر موثوق بها في صنعاء، وعدن، أن وحدات عسكرية من الجنوب، غادرت ثكنها، بعد ظهر الأربعاء 17 نوفمبر 1993، متوجهة نحو الشمال، وقالت إن عدداً "من الدبابات والمدافع" الثقيلة وكتيبة صواريخ، من معسكّري صلاح الدين، والعند، شوهدت متجهة نحو الشمال، لتعزيز الوحدات الجنوبية في مناطق الأطراف" أي الخط الفاصل بين شطري البلاد.

وتحدثت عن اشتباك وقع يوم 17 نوفمبر 1993، بين القوات الجنوبية، التي انتشرت في المنطقة والأهالي، مما دفع وزير الدفاع العميد هيثم قاسم طاهر، إلى التوجه إلى المنطقة، لتهدئة الأوضاع. وذكرت المصادر أن الحكومة ألفت أخيراً لجنة عسكرية، برئاسة مساعد رئيس الأركان، العقيد علي محمد صلاح، لمعالجة الأوضاع العسكرية الناجمة عن الأزمة، وقد توجهت إلى المنطقة التي توقفت فيها الدبابات، سعياً إلى إعادتها إلى ثكنها. وقد أثارت هذه التحركات قلقاً شديداً في الأوساط السياسية والعسكرية، في صنعاء.

30. في 19 نوفمبر 1993

نشرت صحيفة "22 مايو" الأسبوعية، اقتراحاً للمؤتمر الشعبي العام، يتعلق بالآلية الخاصة بالحوار للخروج من الأزمة. وتضمنت المبادرة، التي نقلها العميد مجاهد أبو شوارب، نائب رئيس الوزراء، ثلاث آليات للحوار:

أ. الخيار الأول:

يتمثل في عقد جلسة مشتركة لمجلس الرئاسة، ومجلس الوزراء اللذين يضمان أعضاء من المؤتمر، والاشتراكي، والتجمع اليمني للإصلاح، للبحث في مطالب الطرفين، والاتفاق على موقف موحد، في شأن الإصلاح الاقتصادي والسياسي، وعلى جدول زمني لتنفيذه.

ب. الخيار الثاني:

عقد اجتماع لأجهزة صنع القرار السياسي، لأحزاب الائتلاف الثلاثة، للاتفاق على المسائل نفسها.

ج. الخيار الثالث:

الاحتكام إلى الآلية الشرعية، بإحالة المسألة برمتها، إلى مجلس النواب، ليقرر ما يراه فيها.

31. في 20 نوفمبر 1993

قالت مصادر سياسية عربية في صنعاء، إن اجتماعاً عقد في دمشق يوم 19 نوفمبر 1993، بين الرئيس اليمني السابق، علي ناصر محمد، ووزير الخارجية اليمني، محمد سالم باسندوه، وذلك في إطار الجهود المبذولة لتسوية الأزمة اليمنية. وقالت إن الاجتماع يأتي بعدما التقى علي ناصر، عبدالله غانم، وزير العدل اليمني، الذي زار دمشق أخيراً، وهو ينتمي إلى حزب المؤتمر الشعبي العام. وصرح ناصر محمد، الذي أطيح به، في (كانون الثاني) يناير 1986، أن محادثاته مع المسؤولين اليمنيين، تناولت سبل إنهاء الأزمة، وأكد لهم استعداده للوساطة لنزع فتيل الأزمة، وبدء حوار سياسي، لإخراج البلاد من الطريق المسدود.

32. يوم 21 نوفمبر 1993

أ.  أوردت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن واشنطن أبدت قلقها لاستمرار الأزمة السياسية في اليمن، نتيجة الخلاف المستفحل، بين الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض. وقالت إن السفير الأميركي في صنعاء، أرثر هيوز، نقل إلى الرئيس اليمني، رسالة من الإدارة الأميركية، تضمنت "قلق الولايات المتحدة لاستمرار الخلافات السياسية، وتأثيرها على الاستقرار في البلاد، وحّذرت من أن "أي فشل لتجربة الوحدة والديموقراطية في اليمن، ستكون لها نتائج وأبعاد سلبية على المنطقة، وخصوصاً على الشعب اليمني".

ب. أصدرت "جبهة المعارضة المتحدة"، التي تضم أحزاب المعارضة الصغيرة في اليمن، بعد اجتماعها بالرئيس اليمني ليلاً، بياناً قالت فيه: إن الرئيس صالح مستعد للقاء نائبه علي سالم البيض، في منطقة وسط، تقع بين صنعاء عاصمة الشمال، وعدن عاصمة الجنوب، وأنه وافق على إجراء "حوار وطني" لمناقشة الأزمة. وتوقعت الجبهة عقده في مدينة مكيراس، الواقعة على الحدود بين شطري اليمن. ورد الحزب الاشتراكي على مبادرة الرئيس اليمني، مقترحاً إجراء حوار "موسع" لحل الأزمة، بمشاركة النقابات، واتحادات مهنية، وشخصيات سياسية، وأن يوقع زعماء الائتلاف الثلاثة، في ختام الحوار اتفاقاً يكون ملزماً لجميع المشاركين.

ج. تحدثت أنباء يمنية، عن اتخاذ قوات تابعة للشطر الجنوبي، مواقع دفاعية لها في التلال المحيطة بمرفأ عدن، وقالت مصادر عسكرية في عدن،، إن القوات وضعت في حالة تأهب قصوى، وانتشرت على التلال، تحسباً لهجوم محتمل تشُنه القوات اليمنية الشمالية. وكانت سلطات الشمال، قد سحبت اللواء المدرع الثاني الشمالي من الجنوب، بعد أن حاول التحرك من منطقة تمركزه.

33. في 23 نوفمبر 1993

أ.  أفاد مسؤول في حزب المؤتمر الشعبي العام، أن الحزب وافق على اقتراح الحزب الاشتراكي اليمني، توسيع قاعدة الحوار الوطني، الرامي إلى تسوية الأزمة، التي تهدد وحدة البلاد. وأوضح أن الحزب، اقترح أن ينضم إلى مساعي التسوية، نحو 60 شخصية نقابية، وسياسية، من شمال البلاد، وجنوبها، بينها رئيس اليمن الجنوبية السابق علي ناصر محمد، وأول رئيس لليمن الشمالية، المشير عبدالله السلال.

ب. أوردت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، أن السلطات اليمنية أصدرت بطاقات شخصية "موحدة"، للمرة الأولى منذ توحيد البلاد. وقال وزير الداخلية اليمني، إن "عملية إصدار البطاقات الشخصية الموحدة، تعُد خطوة من الخطوات الإيجابية، في استكمال اللبنات الوحدوية.

34. في 25 نوفمبر 1993

لمّح عضو مجلس الرئاسة اليمني، نائب رئيس الحزب الاشتراكي اليمني، سالم صالح محمد، للمرة الأولى، إلى احتمال انهيار الوحدة اليمنية، وقال إن الانفصال إلى مناطق تتمتع بحكم ذاتي في إطار فيدرالية أو كونفيدرالية، قد يسوي الفوضى السياسية في البلاد. واعتبر أن الانفصال سيكون حتمياً، إذا لم تستجب صنعاء لمقترحات عدن، الخاصة بالإصلاحات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. وقال: "إننا نؤمن بحل مثل هذه المشاكل عبر الحوار، لا نريد أن نلغي أحداً، ولا أن يلغينا أحد" وانتقد هيمنة الشمال على الاقتصاد اليمني، وكذلك المساعي لفرض قوانين إسلامية، مشيراً إلى أن هذا الأمر أثبت وجود فوارق ذهنية في اليمن.

35. في 27 نوفمبر 1993

أ. أعلن مصدر رسمي يمني، أن الحكومة البريطانية، وجهت إلى الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، رسالة تتعلق بالأزمة السياسية في اليمن، موضحاً أن بريطانيا تؤيد تسوية الخلاف بالتفاوض. وأضاف أن مساعد وكيل الخارجية البريطانية، مارك اليوت، الذي يزور صنعاء، سلّم الرسالة إلى رئيس الوزراء، حيدر أبو بكر العطاس.

ب. رَدّ عبدالعزيز عبدالغني، عضو مجلس الرئاسة، والأمين العام المساعد لحزب المؤتمر، بعنف، على دعوة الحزب الاشتراكي اليمني، إلى البحث عن صيغة فيدرالية تكون بديلاً للوحدة الاندماجية.

36. في يومي 28، 29 نوفمبر 1993

أ. أعلن مصدر رسمي في صنعاء، تأجيل مؤتمر "الحوار الوطني"، بين الأحزاب والقوى السياسية في اليمن، إلى "أجل غير مسمى". لحين استيضاح الآراء السابق إعلانها، بشأن الفيدرالية.

ب. كرر عضو مجلس الرئاسة اليمني، والأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي، سالم صالح محمد، دعوته إلى إقامة "نظام فيدرالي"، وتقسيم البلاد إلى أقاليم، تتمتع بصلاحيات التنمية والأمن الداخلي"، في تراجع واضح عن خيار الوحدة الاندماجية، المطبق منذ (أيار) مايو 1990، وقال إن الحزب الاشتراكي، مع "تطبيق الفيدرالية، لكنه يرفض أي حلول انفصالية خارج إطار الوحدة، كما يرفض الكونفدرالية، التي تحتفظ فيها الدول الأعضاء بسيادتها الكاملة. ورأى أن في الإمكان، "الاستفادة من تجارب الشعوب الأخرى، كتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، أو باكستان، أو الولايات المتحدة". وأوضح أن الحزب يرمي إلى "توسيع مشاركة الشعب، في السلطة والحكم، تعزيزاً للديموقراطية، وهو يرى ذلك من خلال إعادة تنظيم البلاد إدارياً، إلى ثلاثة أو أربعة أقاليم، بحيث يتمتع كل إقليم بالصلاحيات المتعلقة بشؤون التنمية، والأمن الداخلي، في إطار الدولة الموحدة، وفي ظل وجود حكومة واحدة لليمن كلها"، ويشمل هذا التنظيم "توزيع الثروة بشكل عادل، وكذلك السكان، والجغرافيا، والمنافذ البحرية، ليكون هناك تنافس بين هذه الأقاليم على بناء البلاد وتطويرها".

وقد صرح بعض المراقبين بأنه كان لافتاً للنظر، دعوة الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي، إلى نظام فيدرالي، بين ثلاثة أو أربعة أقاليم، بما يعني أنه تراجع عن حدود التشطير السابق، مما يظهر ما وصلت إليه التجربة الحالية للوحدة من أخطاء، قد لا تنحصر أخطارها، في العودة لحالة التشطير السابقة، ولكنها قد تصل إلى أبعد من ذلك، لتطول وحدة كل شطر، ويتحول اليمن، إلى أكثر من دولة أو كيان.