إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الأول: فشل المصالحة، وتصعيد المواجهات الإعلامية، والعسكرية

القسم الأول: فشل المصالحة، وتصعيد المواجهات الإعلامية، والعسكرية

(الفترة من 21 فبراير إلى 30 مارس 1994)

عام:

بعد أقل من 24 ساعة على توقيع الأطراف اليمنية، وثيقة العهد والاتفاق، في العاصمة الأردنية، في 20 فبراير 1994، شهدت محافظة أبين الجنوبية شمال شرقي عدن، تطوراً عسكريا مثيراً. فقد انطلقت مجموعة عسكرية "نحو 150 جندياً"، من لواء العمالقة أحد أكبر الألوية العسكرية المدرعة الشمالية. وحاصرت عدداً من المؤسسات، والمراكز الحكومية، بالمحافظة ،عقب ورود معلومات تفيد بتغيير المحافظ، وهو من أبناء الشمال، بآخر من الجنوب. وطلبت من المواطنين التزام الهدوء، والبقاء في منازلهم. وقد قوبل تحرك المجموعة العسكرية الشمالية، بتحركات مضادة من وحدات عسكرية مدرعة جنوبية، استقدمت من مناطق مختلفة. وحدث صدام محدود بين الجانبين، أسفر عن مقتل عدد غير محدد رسمياً من الجنود، وجرح عدد آخر من المدنيين.

أوفد وزير الدفاع، "العميد هيثم طاهر"، لجنة عسكرية برئاسة نائب رئيس الأركان، لمحاصرة الموقف. واستطاعت تهدئة الموقف نسبياً، بعد يومين من الأحداث، إلا أن معالم التحركات العسكرية، وتدعيم القوات ظلت مستمرة. وفي الوقت نفسه، زادت حدة المواجهات الإعلامية والاتهامات، بين المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح، اللذين يمثلان سلطة محافظات الشمال الفعلية، من جانب، وبين الحزب الاشتراكي، الذي يسيطر على مقاليد الأوضاع عملياً في الحافظات الجنوبية، من جانب آخر. كما تصاعدت حدة المواجهات العسكرية، مما أدى إلى امتداد الاشتباكات إلى محافظة لحج الجنوبية، ثم انتقل إلى الشطر الشمالي، الأمر الذي عبر عن مدى التدهور، الذي قادت إليه تطورات الأزمة.

وقد تطورت الأحداث كما يلي:

1. في يوم 21 فبراير 1994، اشتعلت أحداث أبين، باشتباك بين وحدات تابعة للواء العمالقة الشمالي، وأخرى جنوبية، راح ضحيتها خمسة قتلى، و20 جريحاً، وحاصرت وحدات مدرعة من لواء العمالقة بلدة زنجبار، عاصمة محافظة أبين.

وقد أدى ذلك، إلى تحرك وحدات جنوبية، من منطقة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، إلى منطقة أبين، لتعزيز القوات الجنوبية في محافظة أبين، لمواجهة لواء العمالقة الشمالي.

2. في 22 فبراير 1994، قصفت القوات الشمالية بلدة موديا قرب مدينة زنجبار، وزادت حدة التوتر، بعد رفض لواء العمالقة الانصياع لقرار اللجنة العسكرية اليمنية، القاضي بعودة وحداته إلى ثكناتها، وقامت قوات منه، بنصب كمين على الطريق الرئيسي بين زنجبار وعدن، أدى إلى مقتل 15 جندياً، وإصابة عشرين آخرين، واستيلاء قوات العمالقة على سبع دبابات جنوبية، وأسر أطقمها، في حين أسرت القوات الجنوبية 3 جنود شماليين. وصرح الحزب الاشتراكي، أن قوات من الحرس الجمهوري الشمالي، والمتمركز في محافظة أب الشمالية، احتلت منطقة شخب في محافظة لحج الجنوبية، كما أفادت بعض المصادر، عن قيام اللواء الثاني المدرع الشمالي، والمتمركز في منطقة ردفان بمحافة لحج، بإنشاء نقطتين عسكريتين على الطرق المؤدية إلى عدن، لعزل ردفان مسقط رأس وزير الدفاع، ومنطقة يافع، ومنع وصول أي تعزيزات أو إمدادات إليهما.

وسادت أجواء التوتر، خصوصاً محافظتي أبين، ولحج، ولزم السكان منازلهم، وأقفلت الدوائر الحكومية، والمؤسسات العامة والخاصة، والمدارس أبوابها.

وفي نفس الوقت، تحركت عناصر من وحدات جنوبية، من مناطق مختلفة في الشطر الجنوبي، إلى منطقة أبين لتعزيز قواتها في المنطقة. وقد ساهم الملحقين العسكريين، في السفارتين الأمريكية والفرنسية في صنعاء، في جهود اللجنة العسكرية، المكلفة بتطويق الأحداث، في عودة الهدوء النسبي إلى أبين، وذلك وسط تبادل الاتهامات بين الشطرين عن مسؤولية إشعال الموقف، وكانت تلك الأحداث نذيراً، بفشل المصالحة.

وبعد فشل المصالحة، قام كل من علي سالم البيض، الأمين العام للحزب الاشتراكي، وسالم صالح محمد، الأمين العام المساعد، وكلاهما عضو في مجلس الرئاسة اليمني، بزيارات لدول مجلس التعاون الخليجي، وفسرت هذه الزيارات بأنها رسالة رمزية موجهة إلى أطراف العملية السياسية، وبالتحديد حزب المؤتمر الشعبي العام، وحزب التجمع اليمني للإصلاح، حول قدرة مسؤولي الحزب الاشتراكي، على ممارسة أدوار سياسة، تخص اليمن ككل على الرغم من مناخ الأزمة السياسية.

وقد أثارت هذه الزيارات تفسيرات عدة ومتناقضة، وتركزت تفسيرات مسؤولي الحزب لزيارة سالم صالح محمد، بأنها جزء من عملية ضغط سياسي، يمارسها الحزب الاشتراكي، على شريكه في الحكم. وأنها تهدف إلى تطبيع علاقات اليمن بدولة الكويت، ودول الخليج العربي الأخرى، وأنها خطوة على طريق الانفصال، وأن مسؤولي الحزب الاشتراكي، يستطلعون آراء قوى إقليمية رئيسية، في مثل هذا الاحتمال، وهي بمثابة دليل ملموس على وجود علاقات خفية، وقوية، بين الحزب الاشتراكي، وبين بعض هذه الدول الخليجية.

واعتبر وزير الخارجية اليمني، محمد سالم باسندوه، أن التحركات التي يقوم بها مسؤولون يمنيون جنوبيون في منطقة الخليج، تتم بصورة فردية من دون معرفة رئاسة الدولة، ووزارة الخارجية، بما ينم عن وجود توجه حاد نحو الانفصال. ونقلت صحيفة "السياسة"الكويتية عن باسندوه قوله: "إن هذه التحركات تأتي استكمالاً لسياسة الانفصال، غير المعلن، التي جرت ممارستها منذ أواخر أغسطس الماضي، وأن اليمن يعتز بعلاقاته مع دول الخليج العربية، ويأمل أن تدرك هذه الدول، أهمية عدم السّماح لأي طرف يمني، في جرها إلى الانحياز إليه.

وقد كشفت مصادر سياسية يمنية، أن الرئيس اليمني الجنوبي السابق، علي ناصر محمد، الموجود آنذاك في عمان، رفض دعوة حزب المؤتمر الشعبي العام، وحزب التجمع اليمني للإصلاح، إلى تأليف حكومة جديدة برئاسته، ورد عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي، يحيى الشامي الموجود أيضاً في عمان، أنه "إذا صح هذا النبأ فعلى الآخرين تحمل مسؤولية مثل هذه الخطوة، (يذكر أن ناصر محمد غادر عدن في أكتوبر 1987، مع 14 من أنصاره، بعدما حكم عليهم بالإعدام، ولجأ إلى اليمن الشمالية، ومنها إلى دمشق.

وفي الوقت نفسه، أعلن علي سالم البيض، رفضه مجدداً العودة إلى صنعاء، مشترطاً تنفيذ البند الأول من الاتفاقية، الخاصة باعتقال مرتكبي الاغتيالات السياسية، التي استهدفت مسؤولي الحزب الاشتراكي وعناصره.

وفي وسط هذه الأحداث، صّرح سالم صالح محمد، لوكالة أنباء الإمارات، أن وحدة اليمن قد تنهار، إذا لم تسرع الأطراف المتنازعة قريباً، في تنفيذ وثيقة "العهد والاتفاق"، وأضاف، إذا لم تعالج الأمور على أساس من العدالة، وإعطاء الحقوق لأصحابها، فسنجد أنفسنا في وضع آخر، وما نخشاه هو أن يتحول اليمن إلى أكثر من شطرين، وليس شمالاً وجنوباً، كما كان الوضع السابق، لأن المتغيرات فرضت واقعاً جديداً في العلاقات، وفَهْمِ الناس، ولفت إلى أن اتفاق المصالحة سيبقى في الأدراج، ما لم يتم إيجاد آلية جديدة لتنفيذه.

3. في 24 فبراير 1994

أ. ذكرت مصادر صنعاء وعدن، أن التوتر انتقل من الجنوب إلى الشمال، حيث طوّقت قوات شمالية، وحدات جنوبية مرابطة في منطقتي، عمران(60 كم شمال غربي صنعاء)، وذمار (100 كم جنوبي العاصمة)، "مما أوجد توتراً شديداً في هاتين المنطقتين"، وأصبح الوضع ينذر جدياً بالانفجار.

وأكد مسؤول جنوبي محلي، أنه على الرغم من توقف الاشتباك، بين القوات النظامية، فإن حوادث جديدة سجلت بين الميليشيات هذه المرة، بعد أن سلحتها الأحزاب السياسية، قبل بضعة أيام. وأشار إلى أن هذه الميليشيات، تابعة للحزب الاشتراكي اليمني، وحزب المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح، وأن ميليشيا الإصلاح، مدعّمة بشكل خاص بمقاتلين من تنظيم الجهاد الإسلامي، الذي يتخذ من جبل المراكشة شمال محافظة أبين مقراً له. وقالت مصادر سياسية في عدن، إن القوات الجنوبية أسرت ما يتراوح، بين 80 و90 شخصاً من "الأفغان العرب"، لوقوفهم إلى جانب القوات الشّمالية في أبين. وأشارت المصادر الجنوبية، أن الأسرى، اعترفوا بالحصول على أوامر مباشرة، من قيادات سياسية، لأحد الأحزاب الدينية الكبرى، المشاركة في السلطة.

ب. وعلى الجانب الآخر، قالت مصادر عسكرية في صنعاء، إن لواء الوحدة الجنوبي، نصب كميناً لعدد من جنود لواء "العمالقة" الشمالي، بينما كانوا في طريقهم لاستعادة جثة أحد زملائهم، ممن قتل في الاشتباك، من مستشفى في محافظة أبين. وأشارت المصادر إلى تحركات جديدة لقوات جنوبية، في محافظة لحج في الجنوب، وقالت إن دبابات ومدافع هاوتزر (Howitzer)، تحركت من معسكر العند في لحج، إلى مناطق حدودية سابقة بين شطري اليمن، بهدف تطويق اللواء الثاني المدرع الشمالي، الذي يتمركز في منطقة الملاح في لحج، وقالت المصادر إن رئيس الأركان العقيد علي محمد صالح، لا يزال يحاول إقناع لواء "الوحدة"، العودة إلى مواقعه، في محافظة حضرموت الجنوبية.

ج. بعث سكان أبين الجنوبية، رسالة إلى الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، نقلت نصها إذاعة صنعاء، طالبوه فيها بأن ينهض بمسؤولياته، إزاء الوضع الخطير في أبين، الناجم عن الاستفزازات الوحشية، وقتل المدنيين. وقالت الرسالة إن معظم مدن وقرى المحافظة، لا تزال محاطة بأشد العتاد فتكاً وتدميراً، وقالت الرسالة إن شعب أبين، يرفض أن تصبح محوراً للصراع، الذي لا يخدم الأمة والشعب، ويطالب بانسحاب جميع القوات القادمة حديثاً.

4. بدأت تحركات عربية في محاولة لاحتواء التدهور العسكري، والسيطرة عليه، ولا سيما من قبل الأردن، وسلطنة عمان بغية عدم تحوله إلى مواجهه مفتوحة، بين الأطراف اليمنية. وأخذ التحرك الأردني العماني، شكل إرسال مراقبين عسكريين للمشاركة في مراقبة ما يسمى بخطوط التماس، بين قوات الطرفين، مع نظرائهم اليمنيين. وكانت اللجنة تضم عشرة عسكريين أردنيين، وأحد عشر عسكرياً عمانياً. والتقت اللجنة بالرئيس صالح في صنعاء، والبيض في عدن.

ومرد التحرك العماني، إلى التخوف من تطور الأزمة اليمنية إلى حالة حرب أهلية، تثير لها الكثير من المشكلات، التي هي في غنى عنها، أما التحرك الأردني، فمرده شعور الأردن بالمسؤولية النسبية، نظراً لفشل المصالحة التي بادر بها الملك حسين، بين الرئيس علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض.

إن أحداث المواجهة العسكرية، التي شهدتها محافظة أبين، وما رافقها من تداعيات مباشرة، سياسياً وعسكرياً، على النحو المشار إليه، لا تنفصل عن فشل لقاء المصالحة، الذي حدث في عمان، في اليوم التالي للتوقيع على "وثيقة العهد والاتفاق". ومن ناحية أخرى، فإن هذا التدهور العسكري، يمكن النظر إليه كمؤشر، إلى أن التوقيع الرسمي على الوثيقة، لم يكن كافياً للبدء في حل الأزمة السياسية، وأن الأزمة امتدت إلى جوانب عديدة، وأن جهود المصالحة، التي بذلها العاهل الأردني، الملك حسين، للجمع بين الرئيس اليمني ونائبه، لم تكن مثمرة بالصورة، التي توقعها الملك، لأنه على الرغم من اللقاء، الذي تم بين الرئيس ونائبه، فإن الطرفين لم يستطيعا تجاوز فجوة عدم الثقة بينهما.

5. في 27 فبراير 1994

أ.  أكد بيان أصدرته وزارة الدفاع اليمنية في عدن، مقتل 12 جندياً، وجرح نحو 3 آخرين، في هجوم شنته وحدات من الجيش الشمالي، على لواء جنوبي متمركز في شمال البلاد. وقال البيان إن الهجوم تحول إلى معركة قاسية، لا تزال متواصلة، وأن وحدات مدرعة من الفرقة الأولى الشمالية، تدعمها عناصر مسلحة من قبائل حاشد هاجمت بالمدفعية الثقيلة، اللواء الخامس المشاة الخفيف الجنوبي، في حرف سفيان، على مسافة 50 كيلو متراً شمالي صنعاء، بعد أن عجزت عن تغيير قيادته، الموالية للقيادة الجنوبية في عدن. وحمّل البيان القيادات العسكرية المتطرفة، المسيطرة على مراكز القرار في حزب المؤتمر الشعبي العام، المسؤولية الكاملة عن هذه التصرفات، التي تنذر باندلاع حرب أهلية في كل مناطق اليمن. وقد كان ذلك الهجوم بداية لتصفية القوات الجنوبية، المتمركزة في الشطر الشمالي.

ب. نقلت إذاعة صنعاء، عن متحدث باسم حزب المؤتمر الشعبي العام، قوله، إن الحزب الاشتراكي يواصل تعزيزاته العسكرية، وحشد القوات، استعداداً للحرب، حيث حشد قواته المدعمة بأسلحة ثقيلة، بالقرب من الحدود القديمة، وأن قواته تستعد للالتفاف على مدينة قعطبة الإستراتيجية، واحتلالها، تمهيداً لاقتحام مدينة أب في شمال اليمن. وذكر أن الحزب الاشتراكي، أرسل عدداً من المدافع والعربات المدرعة من صنع روسي، وناقلات جند وأطقماً عسكرية، إلى منطقتي العوايل، والشعب، بمديرية الضالع. كما أرسل عدداً من الدبابات والمدافع، إلى منطقتي شعب الخنق وجحاف. كما وزع الجمعة الماضي، أكثر من ثلاثة آلاف قطعة سلاح على أفراد الميليشيات التابعة له، في العوايل والشعب. وأعلن أيضاً أن طائرات مقاتلة، اشتراها الحزب الاشتراكي من بلغاريا، هبطت خلال الأيام الماضية في مطاري عدن والريان في جنوبي البلاد.

ج. ذكرت مصادر نفطية في دبي، أن الحزب الاشتراكي أرسل طابوراً من الدبابات، والمدافع بعيدة المدى، وصواريخ أرض ـ جو، إلى منطقة قريبة من بلدة عتق، عاصمة محافظة شبوة البترولية، على بعد حوالي 160 كيلو متراً شمال شرقي عدن. وأن شاحنات، مملوكة للشيخ أحمد فريد العلاقي، الذي يتخذ من عمان مقراً له، نقلت العتاد العسكري إلى المنطقة. وكانت عائلة العلاقي حكمت محافظة حضرموت الجنوبية، حتى الاستقلال عن بريطانيا في العام 1967.

6. محاولة السيطرة على الموقف:

أ. في إطار الجهود المبذولة للسيطرة على التدهور العسكري، أعلن مصدر يمني رسمي، أن اللجنة العسكرية الأردنية ـ العمانية، وبمساهمة جدية من السفير الأمريكي، والملحق العسكري الفرنسي في صنعاء، أفلحت في صياغة اتفاق هدنة بين الطرفين المتقاتلين، ليلة 26/27 فبراير، وُوضع خطة تحرك من خمس نقاط، ترمي إلى إزالة التوتر في البلاد. وقال إن اللجنة اقترحت، أولاً، على القوات الشمالية والجنوبية "العودة إلى مواقعها السابقة"، قبل اشتباكات الأسبوع الماضي، في محافظة أبين الجنوبية. ودعت الطرفين، إلى "إعادة كل المعدات، التي تم الاستيلاء عليها، وإطلاق سراح العسكريين المحتجزين، لدى أي طرف. وكذلك، "إزالة الحواجز والنقاط العسكرية المستحدثة"، و"وقف الحملات الإعلامية"، وحظر "أي تحرك عسكري إلاّ بأمر من اللجنة المشتركة". وحددت اللجنة برنامجاً زمنياً وآلية لتنفيذ النقاط الخمس.

وقد رافق ذلك تأكيدات أمريكية، بضرورة الاستمرار في الحوار السياسي، بغية استكمال تنفيذ ما جاء في الوثيقة، مع التحذير من أن يمتد القتال والأعمال العسكرية، إلى المحافظات النفطية الثلاث، وهي حضرموت، وشبوة، من محافظات الجنوب سابقاً، ومأرب، من محافظات الشمال. وجسّد هذا الموقف، دور عنصر النفط، في بلورة الموقف الأمريكي، الغربي عامة، من الأزمة اليمنية. والمعروف أن هناك أكثر من أربعين شركة أمريكية، وأوروبية، ويابانية، تعمل في مجال اكتشاف النفط وصناعته وتصديره.

وإلى جانب الاهتمام بالاعتبارات الاقتصادية، كان هناك اهتمام أمريكي، وأوربي، بالعملية الديموقراطية في اليمن الموحد، ويرجع ذلك إلى أنها تحدث في بيئة قبليه، ويمكن أن تمثل نموذجاً عند نجاحها، لباقي المجتمعات الأخرى في الجزيرة العربية.

ب. وقد بثت إذاعة عدن أن الولايات المتحدة الأمريكية، ناشدت القيادة السياسية اليمنية، اتخاذ إجراءات لوقف التصعيد العسكري في البلاد، ودعتها إلى المضي قدماً في البدء بتنفيذ وثيقة العهد والاتفاق، تعزيزاً للثقة بين مختلف الأطراف. وقالت إن هذه الدعوة تضمنتها رسالة من الإدارة الأمريكية، سلمها السفير الأمريكي في اليمن آرثر هيوز، إلى البيض في لقاء عقد بعدن.

ج. وقد أعلن رئيس اللجنة العسكرية اليمنية المشتركة، أن الرئيس علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض، وافقا على هدنة بدأت في الساعة الثالثة من بعد ظهر 27 فبراير 1994، وأن فصل القوات سيبدأ يوم الاثنين 28 فبراير 1994، وقال إنه بدءًا من صباح اليوم، ستعود كل الوحدات من دون استثناء، إلى ثكناتها، وأشار إلى أن مراقبين عسكريين سيتمركزون في النقاط الساخنة، للفصل بين القوات، وتسهيل عودتها إلى الثكنات.

د. على الرغم من التدهور العسكري، فقد بُذلت جهود، لكي تجتمع لجنة الحوار للقوى السياسية اليمنية، للعمل على وضع برنامج زمني لتنفيذ وثيقة "العهد والاتفاق". والدلالة المباشرة لهذه الجهود، أن هناك ما يشبه صراعاً مكتوماً بين جهود السياسيين من جهة، وجهود بعض العسكريين، من جهة أخرى. فالسياسيون يعملون على التمسك بالوثيقة، وتطبيقها، وإبعاد شبح المواجهة العسكرية، المحدودة أو واسعة المدى. أما العسكريون، أو على الأقل بعضهم، خاصة المسؤولون منهم في الجيش الشمالي، على وجه التحديد، فهم الأكثر ميلاً إلى تفجير الموقف، وتعطيل العمل بالاتفاقية، وإثارة الشكوك حول جدوى الحوار السياسي.

ولذا، قررت لجنة الحوار الوطني، التي تضم الأحزاب السياسية في اليمن، والتي أعدت الوثيقة، تأليف ثلاث لجان متابعة، تعمل على إنهاء التوتر. وأصدرت ليل الجمعة ـ السبت ، 25 ـ 26 فبراير 1994، بياناً قالت فيه إن اللجنة الفرعية الأولى، ستكلف بالمسائل العسكرية السياسية، من مراقبة تحركات القوات العسكرية، وإعادة الوحدات إلى ثكنها، في حين تختص الثانية، بالمسائل الأمنية، لتجنيب السّكان المدنيين، أي اشتباكات محتملة. وتتولى الثالثة، المسائل الإعلامية. وستكون مهام اللجان، وقف التصعيد العسكري، والحملات الإعلامية المتبادلة، بين الأحزاب الرئيسية.

7. في 28 فبراير 1994:

أ.  اتجهت الأوضاع في اليمن، في اتجاه تهدئة الموقف، عقب الاشتباكات الدامية، بين الوحدات الشّمالية، والجنوبية، حيث حصلت اللجنة العسكرية الأردنية العُمانية، على موافقة الرئيس علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض، على سلسلة إجراءات تهدف إلى إزالة التوتر، الذي تصاعد مؤخراً. وأكد متحدث باسم اللجنة العسكرية، أنها حصلت على دعم وتأييد القادة السياسيين، في صنعاء وعدن، لخطة عمل من خمس نقاط، تشمل إعادة جميع القوات إلى مواقعها السابقة، والإفراج عن المحتجزين لدى كل طرف، وإزالة الحواجز والنقاط العسكرية المستحدثة، ووقف الحملات الإعلامية، ومنع أي تحركات عسكرية جديدة. وتمثل الموافقة على التفويض، أول عمل مشترك بين الرئيس اليمني ونائبه، منذ خلافهما، الذي جر اليمن، إلى أسوأ أزمة سياسية ، واقتصادية، وعسكرية، منذ الوحدة في العام 1990.

ب. وفي اليوم نفسه، عاد القتال مرة أخرى، حيث صرح ناطق عسكري باسم الشطر الجنوبي لليمن، أن معركة دارت بين وحدات من جيشي الشطرين، متمركزة حول مدينة مودية، الواقعة في محافظة أبين الجنوبية. وقال إن القتال، الذي انفجر بين الجانبين في أبين قبل نحو أسبوع، تجدد حين فتح أفراد من لواء العمالقة الشمالي، النار على وحدات جنوبية. وأضاف أن القوات الشمالية، استخدمت راجمات صواريخ الكاتيوشا (Katyusha)، والدبابات، والمدفعية، وغيرها من الأسلحة المتوسطة والخفيفة، في هجومها الوحشي، الذي ترافق مع هجوم عسكري آخر، استهدف المدن، والقرى، والبلدان، في مودية، حيث قصفت وحدات عسكرية من لواء العمالقة السكان الآمنين.

ونفي ناطق باسم وزارة الدفاع في صنعاء، أن يكون لواء شمالي شنّ هجوماً على موقع للقوات الجنوبية، في محافظة أبين الجنوبية. وأتهم الناطق القوات، التي تخضع للقوى المسيطرة في الحزب الاشتراكي، بحشد قواتها في منطقة مودية، والبدء بإطلاق النار، من مختلف أنواع الأسلحة، على مواطني المنطقة الجنوبية.

8. وفي 29 فبراير 1994 (قتال شمالي ـ شمالي)

صرح مسؤول كبير في قبائل بكيل، أن ستة من أفراد هذه القبائل قتلوا، وأن 20 آخرين أصيبوا بجروح، في اشتباكات وقعت في شمال البلاد، بين عناصر مسلحة من بكيل، ووحدات عسكرية شمالية، وأوضح أن المواجهات بدأت، عقب مساندة سكان حرف سفيان، في أراضي بكيل على مسافة 50 كيلومتراً شمال صنعاء، جنود لواء المشاة الخامس الجنوبي، الذين تعرض معسكرهم لهجوم من الفرقة الأولى المدرعة الشمالية. وتعتبر قبائل بكيل قريبة من الحزب الاشتراكي. وقال المسؤول أن "التوتر كان لا يزال قائماً اليوم في منطقة حرف سفيان.

أحداث شهر مارس 1994.

9. في الأول من مارس 1994

نقل تليفزيون صنعاء، عن النائب الأول لرئيس الوزراء، حسن محمد مكي، عضو المؤتمر الشعبي العام، رفضه الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء في عدن، متعللاً بأسباب سياسية، وإجرائية، واقترح عقد الجلسة في صنعاء. ولفت إلى أن ثمة خلافات بين أحزاب الائتلاف الحاكم، على جدول الأعمال المقترح. وطالب باجتماع لزعماء الائتلاف أولاً، لحل المشاكل. وقال مكي، الذي لم يحدد نقاط الخلاف، في رسالة بعث بها إلى العطاس، إن الظروف الراهنة في عدن، لا تسمح بعقد جلسة لمجلس الوزراء، واقترح بديلاَ لذلك، عقد الجلسة في صنعاء، لمناقشة خطة اعتقال المشتبه في تورطهم في الاغتيالات السياسية. وقد "كان من المتفق عليه انعقاد جلسات مجلس الرئاسة في صنعاء، وجلسات مجلس الوزراء في عدن".

10. في 3 مارس 1994

أعلن العميد مجاهد أبو شوارب، نائب رئيس الوزراء اليمني، والزعيم القبلي، والشيخ سنان أبو لحوم، رئيس ائتلاف المعارضة، انسحابهما من لجنة الحوار الوطني، التي أعدت وثيقة العهد والاتفاق، لأن البلاد في طريقها إلى الانفصال. وجاء في بيان مشترك صدر في صنعاء، "أنه تأكد لدينا، بما لا يدع مجالاً للشك، أن المسار المخطط يسير بالبلاد نحو الانفصال، الذي لا يمكن أن يتم إلا بعد قتال مرير، نبرأ إلى الله أن نسهم أو نشارك أو نوجد بطريقة أو بأخرى في هذا المجال المخزي". وقال أبو شوارب، وهو ضابط سابق في الجيش، وأبو لحوم، وهو زعيم قبائل بكيل، "أنهما بذلا جهوداً متواصلة لتحقيق الحد الأدنى من التفاهم، مع من يجرون البلاد إلى الدمار والخراب، ولم نجد ويا للأسف والمرارة والحزن، إلا الأكاذيب، وصدمنا بصخور جامدة لا ترى إلا مصالحها الذاتية، ولا تؤمن بهذا الشعب الصابر". وأضاف أنه "حين لم يكن في أيدينا، ما يمنع هؤلاء من مسارهم الخطير، فقد قررنا براءة ذمتنا أمام الله وأمام شعبنا، وأن نضع ما حدث، وما اقتنعنا به، أمام شعبنا، ليكون على بينة من أمره، لأننا لم نلطخ أيدينا بالدماء البريئة". وناشدا القوات المسلحة اليمنية، عدم الانسياق في أي عمل يؤدي إلى سفك دماء أبائهم، وإخوتهم، وأبنائهم، من أجل مصالح أشخاص أو أحزاب.

11. في 4 مارس 1994

توجه إلى صنعاء وفد من جامعة الدول العربية، حاملاً رسالتين، إلى الرئيس علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض، تتضمنان رؤية الجامعة لتطورات الموقف في اليمن، ودعوتهما إلى ضبط النفس، والعمل على تدارك الأمور. وأبدت الجامعة استعدادها للمشاركة والإسهام بكل ما يمكن، للمحافظة على وحدة اليمن، ودعت إلى ضرورة التنسيق.

12. في 5 مارس 1994

أ. أكد الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، "أننا لن نسمح بالفتنة والاقتتال بين أبناء شعبنا"، داعياً إلى الوقوف في وجه قوى الانفصال. وقال في كلمته، التي ألقاها في الجامع الكبير في صنعاء إثر صلاة الجمعة، إن "الوحدة مصانة، ولا تفريط فيها أبداً مهما كان الثمن، وأن شعبنا سيقف بحزم مع الوحدة، والديموقراطية، ووثيقة العهد والاتفاق. كما سيقف ضد مثيري الفتنة، والنعرات الطائفية، أو المذهبية، أو العنصرية، أو القبلية، وسيقف ضد كل قوى الردة والانفصال..... "نحن واثقون أن شعبنا، الذي تغلب على الكثير من التحديات عبر تاريخه، سيتجاوز هذا الامتحان، وسينتصر لإرادته في الوحدة، والديموقراطية، والسّلام، والتقدم".

ب. توفي عبدالله السلال، أول رئيس لجمهورية اليمن الشمالية سابقاً، عن 75 عاماً إثر نوبة قلبية. وكان قد حاول أخيراً إصلاح ذات البين، بين الرئيس علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض، وشارك في لجنة الحوار الوطني، التي أعدت اتفاق المصالحة، وحضر توقيعه في عمان، وأعلن مجلس الرئاسة الحداد الوطني في البلاد، مدة ثلاثة أيام.

13. في 6 مارس 1994

أ.  حمّل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، القوات المسلحة الجنوبية، تبعة الاشتباكات، واتهمها بتحريك وحدات عسكرية، لتطويق قوات شمالية متمركزة في مناطق جنوبية. وشنّ هجوماً ضارياً على رئيس الوزراء الاشتراكي، حيدر أبو بكر العطاس، لتعمده عرقلة مشاريع التنمية، في الشطر الجنوبي، لئلا يشعر المواطنون بالآثار الإيجابية للوحدة. وقال إن جهود التنمية توقفت، منذ تحقيق الوحدة عام 1990، لتخبط السياسات، وعدم القدرة على بناء مؤسسات، ووضع خطة شاملة للتنمية. ورأى أن حكومة العطاس لا تعرف حتى أبجدية عملية التنمية، وأنها لا تعرف سوى المؤامرات، والتضليل، وبثّ بذور الفرقة.

ب. شهدت الجامعات في شطري البلد اعتصامات، شارك فيها الأساتذة والطلاب، وأُعلن عن تأليف "تجمع للدفاع عن وحدة اليمن"، بمبادرة من مجموعة من الأساتذة الجامعيين. وأطلق على التجمع اسم "المقاومة الشعبية"، وهو يضم مئات الشخصيات السياسية، ومحامين، وأطباء، وأساتذة جامعيين، وقادة عسكريين. وأنشئ هذا التجمع بمبادرة من أساتذة جامعيين في كلية العلوم السياسية في صنعاء، وشعاره رفض العنف ورفض التقسيم، وتطبيق وثيقة عمان. وقال مصدر إن التجمع يريد العمل مع الطلاب، ورجال الدين، لتنظيم "مقاومة شعبية لمواجهة احتمالات الحرب" في البلاد. وطالبوا بالعصيان المدني الذي من دونه لن تقف الكارثة، وطالب البيان القوات المسلحة بعصيان الأوامر لتلافي الاقتتال.

14. في 7 مارس 1994:

أ.  اعتبر رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية، في حزب المؤتمر الشعبي العام، عبدالملك منصور، في حديث لصحيفة "السفير" اللبنانية، أن الانفصال بين الشمال والجنوب آت، إن لم يكن قائماً بالفعل، ما لم يتوافر الحل السياسي، ورأى أن تصلب الحزب الاشتراكي، وخروجه على وثيقة العهد والاتفاق، كانا السبب في إعاقة إنجاح التسوية السياسية.

15. في 8 مارس 1994

أ.  عزّزت القوات الشمالية والجنوبية، مواقعهما في مناطق مختلفة من اليمن، تحسباً لمواجهات جديدة، على الرغم من تنامي حركة شعبية في المدن الكبرى، تعارض توسيع العنف المسلح. ونشرت صحيفة "يمن تايمز" خريطتين تظهران نقاط التجمع العسكري، القادرة، في أي لحظة، على قدح شرارة نزاع مسلح واسع، مع استمرار غياب التسوية السياسية للأزمة، التي تهدد البلاد. وكانت وحدات من الجيشين، الشمالي والجنوبي، تنتشر في منطقتي عمران ومأرب، شمالي صنعاء وشرقيها.

وأشارت الصحيفة إلى انتشار وحدات أخرى، جاهزة للصدام، في منطقة ذمار جنوبي العاصمة، وفي منطقة حريب في وسط المدينة، وفي قعطبة شرقي مدينة أب، وفي مكيراس قرب لودر، على مسافة 200 كيلومتر، شمال شرقي عدن. وتحدثت عن انتشار كثيف للقوات قرب عدن، ومحافظة أبين.

وقالت مصادر مطلعة إن الطرفين، تمكنا في الأسابيع الأخيرة، من الحصول على معدات عسكرية جديدة من الخارج. وروي شهود عيان أن طائرات نقل عسكرية، تفرغ بانتظام معدات في مطاري صنعاء وعدن، من غير أن يتسنى تحديد محتويات هذه الشحنات أو مصدرها.

ب. اتهم قائد لواء "العمالقة" الشمالي العقيد علي الجايفي، الحزب الاشتراكي بالسعي للانفصال. وقال إن قوات جنوبية موالية للحزب الاشتراكي، حاولت طرد لواء العمالقة من قاعدته الجنوبية، ولأنه أصبح عقبة أمام تحقيق نية الحزب الاشتراكي، إعلان الانفصال عن الوحدة اليمنية.

من جهة أخرى، اتهم قائد عسكري جنوبي، هو العقيد سالم السعدي، من قوات الميليشيا الشعبية في أبين، جنود لواء العمالقة، بإقامة نقاط تفتيش، وعرقلة إمدادات الذخيرة العادية، وغيرها من الإمدادات إلى القوات الجنوبية، وقال إن لواء العمالقة، يريد أن تظل له اليد العليا في التوازن العسكري.

16 . يوم 9 مارس 1994

أ. وصل الرئيس علي عبدالله صالح إلى مصر، في أول زيارة له إلى مصر، منذ أزمة الخليج. وبعد محادثات استمرت أكثر من أربع ساعات، قال رئيس اليمن في مؤتمر صحفي، إن الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، يبذل جهوداً بين الطرفين المتنازعين في اليمن، لحل المشاكل بالطرق السلمية.

ب. حذّر نائب الرئيس اليمني، علي سالم البيض، من استخدام القوة في الأزمة الراهنة في اليمن، وقال إن ذلك سيوجه ضربة إلى وحدة البلاد.

وقال بيان للحزب الاشتراكي اليمني، إن حادثاً، وقع يوم الخميس الماضي 3 مارس 1994، في بريم في محافظة أب، راح ضحيته عضو الحزب عبدالله محمد الرويعني، في سوق البلدة، مشيراً إلى قتل خمسة مدنيين من رواد السوق في الحادثة. وكذلك قال البيان إن عضواً آخر، هو عبدالكريم صالح علوان، قتل في اليوم نفسه في منطقة سدة، التي تقع في محافظة أب.

ج. قالت مصادر سياسية إن وفداً من الجامعة العربية، غادر صنعاء، بعد محادثات حول إمكانية المساعدة في نزع فتيل الموقف العسكري المتأزم. وأن من بين الموضوعات التي نوقشت، تشكيل قوة تابعة للجامعة العربية، للفصل بين القوات الشّمالية والجنوبية.

17. في4 مارس 1994

أعلن ناطق باسم حزب المؤتمر الشعبي العام، أن حاكم منطقة شبوة، في جنوب شرقي البلاد، العقيد درهم عبده نعمان، ومدير الأمن فيها، العقيد أحمد علي محسن، وهما شماليان، تلقيا أمراً من القائد العسكري الجنوبي. ومسؤول الحزب الاشتراكي في المنطقة، بترك مركزي عملهما، والعودة إلى صنعاء، وقال إن وحدات مدرعة تابعة للجيش الجنوبي، طوقت مقر الحاكم ومبنى إدارة الأمن، وأغلقت مداخل مدينة عتق، عاصمة المنطقة، بعدما رفض المسؤولان الانصياع للأمر، وأشار إلى أن الحزب طالب بفك الطوق عن المقرين، وحذر الاشتراكيين من القيام بأعمال استفزازية.

18. الفترة من 18 ـ 30 مارس 1994

اتسمت هذه الفترة بالهدوء النسبي، بعد نجاح اللجنة العسكرية اليمنية ـ الأردنية ـ العمانية، في السيطرة إلى حد ما، على المواجهة العسكرية، والتقليل من حدة التوتر. فيما عدا بعض الأحداث التالية:

أ. استمرار تبادل التصريحات العدائية، والاتهامات، والانتقادات بين الطرفين.

ب. مطالبة حزب المؤتمر الشعبي العام، بإقالة حيدر أبو بكر العطاس.

ج. دعا وزير الخارجية اليمني محمد سالم باسندوه، خلال اجتماعه بسفراء الدول العربية، والإسلامية، والغربية، المعتمدين في اليمن، الدول إلى التعامل مع وزارة الخارجية، باعتبارها القناة الرئيسية للاتصال باليمن، في محاولة للحد من اتصالات علي سالم البيض، والزعماء الجنوبيين الآخرين بالخارج.

د . وقف رواتب الدبلوماسيين، اللذين ينتمون للشطر الجنوبي، في سفارة اليمن، ببيروت‏.

هـ. في 22 مارس 1994، تعرضت مقاتلة جنوبية لإطلاق نار تحذيري، من قبل لواء العمالقة الشمالي، المتمركز في أبين.

و. مواصلة عاهل الأردن، الملك حسين، محادثاته مع السلطان قابوس، في محاولة لمعالجة الوضع في اليمن،في حين أعربت صنعاء عن رغبتها في وساطة مصرية، لأنها ستحظى بدعم دول مجلس التعاون الخليجي. وفي 23 مارس 1994، أُعلن في القاهرة عن وساطة مصرية، تبدأ بزيارة السفير بدر همام لليمن مساعد وزير الخارجية المصري، لإجراء اتصالات بالطرفين المتنازعين.

ز. في 24 مارس 1994، وصل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، إلى سورية في زيارة مفاجئة على إثر تسلمه رسالة من الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، في إطار وساطة مصرية لحل الأزمة.

ح. وفي 25 مارس 1994، تلقى علي سالم البيض، رسالة من الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، سلمها له السفير بدر همام، مساعد وزير الخارجية المصري، بشأن تنفيذ وثيقة العهد والاتفاق.

ط. في 26 مارس 1994، انفجرت الأحداث في محافظة شبوة الجنوبية، بسبب عودة أحمد مساعد حسين، أحد رجال الرئيس السابق علي ناصر، ومعه أطقم شمالية. كما جرت في اليوم نفسه، مواجهات بين قوات العمالقة (أربع ألوية شمالية، ومعها وحدات من الأمن المركزي)، ضد وحدات من اللواء 30 الجنوبي، ومعه بعض الميليشيات الشعبية.

ي. في 28 مارس 1994، تغيب أعضاء مجلس الرئاسة الجنوبية، عن اجتماع عقدته الرئاسة اليمنية في صنعاء، قال مصدر شمالي، إن تخلف سالم صالح محمد، أحد أعضاء مجلس الرئاسة الجنوبي، والأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي، عن الحضور دون عذر، يخالف قرارات لجنة الحوار، حيث إن حضوره كان سيشكل خطوة أولى لتطبيع الوضع، حتى يؤدي علي سالم البيض اليمين الدستورية أمام البرلمان. وأوضح المصدر، أن عدم حضور سالم صالح محمد، يدخل في إطار محاولات الحزب الاشتراكي التهرب، من تنفيذ وثيقة العهد والاتفاق، معتبراً أن تغيب سالم صالح محمد، سبب صدمة في الشارع اليمني.

ك. وفي 29 مارس 1994، أتهم الحزب الاشتراكي اليمني، منافسه ونده في التحالف الحاكم، حزب المؤتمر الشعبي العام، بنشر أسلحة محظورة، وحض أعضاء اللجنة على التحقيق، مع أولئك المسؤولين، عن شراء أسلحة محظورة وجلبها إلى البلاد، وشدد على ضرورة الوقوف بحزم، في وجه الفئات التي تسعى إلى تفجير الموقف عسكرياً. كما أتهم الحزب الاشتراكي، حزب المؤتمر الشعبي باغتيال أحد أعضاء الحزب الاشتراكي في صنعاء. وجاء الاتهام الجديد بعد مقاطعة الحزب الاشتراكي، نهار الاثنين 28 مارس 1994، اجتماعاً لمجلس الرئاسة اليمني في صنعاء، في ضربة جديدة للآمال في حل الأزمة، التي تعصف بالبلاد.

ل. وفي 30 مارس 1994، اتهمت مصادر في وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء، عناصر من الحزب الاشتراكي، بإبرام صفقات ضخمة لشراء أسلحة، من ضمنها أسلحة الدّمار الشامل، من دول في أوروبا الشرقية، وإبرام عقد شراء صواريخ بعيدة المدى، رغماً عن إرادة وزارة الدفاع في صنعاء، مستخدمة إيرادات النفط من حقول مسيلة في حضرموت. وأكدت أن "العقيد علي الحدي، عضو الحزب الاشتراكي، ومدير التسليح في وزارة الدفاع، موجود حالياً في دولة أوربية شرقية، لإبرام عقد لشراء صواريخ بعيدة المدى، من دون موافقة وزارة الدفاع في صنعاء".