إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الثاني: معارك عمران

القسم الثاني: معارك عمران

أعمال قتال الجانبين في منطقة عمران

الفترة من 27 أبريل إلى 30 أبريل 1994

1. يوم 27 أبريل 1994

أ. بعد ساعات قليلة، من حديث الرئيس علي عبدالله صالح، بمناسبة مرور عام، على إجراء أول انتخابات حرة، بعد وحدة الشطرين، الذي شن فيه هجوماً عنيفاً على الحزب الاشتراكي[1]، وطالب نائبه علي سالم البيض، بضرورة احترام الهيئات التشريعية، وتأدية اليمين الدستورية، انفجر الوضع عسكرياً في منطقة عمران.

ب. صرح مصدر مسؤول في وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء، أنه عند الساعة الواحدة والنصف ظهراً، اقتحم ضابط سابق بالقوات المسلحة، يدعى يحيى داحش عليان، وهو عضو في الحزب الاشتراكي، وسبق طرده من القوات المسلحة لقيامه بأعمال تخريبية، تضر بأمن الوطن واستقراره، معسكر عمران، الذي يتمركز فيه كل من اللواء الثالث المدرع الجنوبي، واللواء الأول المدرع الشمالي، بمساندة مجاميع مسلحة، ومستخدماً عشر سيارات مجهزة برشاشات متنوعة. وأطلقوا النيران على أفراد اللواء الأول المدرع "الشمالي"، أثناء تناولهم طعام الغذاء، مما تسبب في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وسقوط عشرات الشهداء والضحايا الأبرياء.

وعندما بدأ جنود اللواء الأول الدفاع عن أنفسهم، ودحر الهجوم المفاجئ على معسكرهم المشترك، تدخلت قوات اللواء الثالث المدرع الجنوبي لمساندة المهاجمين، وأطلقت وابل من قذائف المدفعية، الدبابات، والأسلحة الثقيلة، والمتوسطة، والخفيفة، على مقر قيادة اللواء الأول المدرع الشمالي في المعسكر نفسه، وعلى عنابر سكن الجنود، وعلى المدرعات الواقفة في مرابضها. كما أطلقت دبابات ومدفعية اللواء الثالث (الجنوبي) حمماً من قذائفها على معسكر الأمن المركزي، القريب من معسكر عمران.

وحّمل المصدر مسؤولية ما حدث في عمران، لقوى الردة والانفصال في الحزب الاشتراكي اليمني.

ج. وعلى الجانب الآخر، جاء في بيان لوزارة الدفاع في عدن، قيام الأسرة الحاكمة في صنعاء، تدعمها القوى الأصولية المتطرفة، المتحالفة معها، بتفجير الموقف عسكرياً، في منطقة عمران "60 كم شمال صنعاء"، واتهام القيادة الشمالية، بالإيعاز لقوات الفرقة الأولى المدرعة الشمالية، التي يقودها علي محسن الأحمر، بشن هجوم غادر، على اللواء الثالث المدرع الجنوبي، والمتمركز في عمران منذ إعلان الوحدة في 22 مايو 1990، وقال: "إن المعركة شديدة للغاية ونتائجها مؤسفة"، وأن "الحزب الاشتراكي يحمّل الرئيس علي عبدالله صالح شخصياً، وأفراد أسرته، الذين يحتلون مناصب رفيعة في القوات المسلحة، المسؤولية عن عواقب هذا الهجوم، الذي تزامن مع زيارة اللجنة العسكرية، المكلفة بمنع الاحتكاك بين الشماليين، والجنوبيين، لمعسكر عمران، بمرافقة الملحقين العسكريين الأمريكي والفرنسي. وأضاف المصدر، أن المواجهات التي وقعت في عمران، جاءت بعد قيام رئيس الدولة علي عبدالله صالح، بإلقاء خطاب عنيف أتهم فيه الجنوبيين بالعمل على التقسيم، والذي اعتبرته مصادر الحزب الاشتراكي بياناً للحرب، ضدها.

وأضاف البيان، أن الهجوم يأتي تنفيذاً لخطة الأسرة العسكرية الحاكمة في صنعاء، والرامية إلى جر البلاد إلى حرب أهلية، يكون من نتائجها تعريض وحدة البلاد إلى الخطر، وتمزيقها، مشيراً إلى أن "هذا العمل يأتي أيضاً تتويجاً لسلسة من التفجيرات العسكرية والأمنية، التي دأبت على القيام بها منذ وقت طويل، واستهدفت قيادة الحزب الاشتراكي اليمني وكوادره". وذكر أن "قوات الفرقة الأولى المدرعة الشمالية، رفضت السماح للجنة العسكرية اليمنية المشتركة، بالنزول إلى المنطقة، لتقصي الحقائق، بل عمدت إلى منع أعضاء اللجنة من الاقتراب من المنطقة".

2. في 28 أبريل 1994

أ.  اتسعت "الحرب اليمنية"، وأنذرت بالتفتت الشامل، حيث عكست الاشتباكات العنيفة، التي جرت بين الجانبين، بالقرب من العاصمة اليمنية صنعاء، شكوكاً حول الاحتمالات الباقية، لإنقاذ الوحدة بين الشطرين. ذلك أن الجانبين يتصرفان كما لو كانا لا يزالان دولتين منفصلتين، بينهما عداء. وقد تحدثت مصادر جنوبية، عن حصول قوات جنوبية، على تأييد القبائل المحلية في الشطر الشمالي، في إشارة واضحة إلى قبائل "بكيل"، التي تسعى إلى منافسة قبائل "حاشد"، الممسكة بالسلطة، في الشمال، وهو ما يسبب خطراً يتجاوز التشطير، إلى التفتيت، الذي لا يبدو أن الشطر الجنوبي سيكون بمنأى عنه.

واتفقت مصادر حزب المؤتمر العام في صنعاء، مع المصادر الجنوبية، والمصادر المحايدة على الآتي:

(1) استؤنفت الاشتباكات في منطقو عمران، عند الساعة الثالثة فجر الخميس 28 أبريل 1994، واستخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة، من الدبابات، والمدفعية.

(2) تدور معارك طاحنة بين قوات اللواء الثالث المدرع الجنوبي، المرابط في منطقة عمران، وبين قوات اللواء الأول المدرع الشمالي، الذي تسانده قوات من الفرقة الأولى المدرعة، التي وصلت لتوهها من صنعاء.

(3) قطعت قبائل بكيل الطريق على وصول الإمدادات، والتعزيزات الشمالية، المتوجهة إلى منطقة الاشتباك، وأن أنصار الرئيس صالح، أغضبهم بالفعل، ما يصفونه بالجهود، التي يبذلها الحزب الاشتراكي لاستمالة قبائل بكيل الشمالية.

(4) وحتى يوم 28 أبريل، خلفت معارك عمران، عدداً غير محدد من الضحايا والخسائر. فقد قدرتها بعض المصادر بأكثر من مائة قتيل و200 جريح، في حين قدرت مصادر جنوبية عدد القتلى بنحو مائتين. وأفادت مصادر دبلوماسية عربية، أن عدد القتلى لا يقل عن 120، بينهم 20 مدنياً، وعدد الجرحى أكثر من مائتين، ووقع الكثير من الجنود الجنوبيين في الأسر. بينما تسببت الاشتباكات في تدمير عدد من المنشئات المدنية، المجاورة لمنطقة المعارك.

ب. وفي إطار المساعي الدبلوماسية، أوفد الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، السفير بدر همام، مساعد وزير الخارجية، إلى اليمن، لنقل رسالتين خاصتين منه، إلى كل من الرئيس علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض، للعمل على إيقاف القتال، ومنع تدهور الموقف.

كما دعا الشيخ زايد بن سلطان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى بذل كل جهد ممكن لاحتواء المواجهة المسلحة بين أبناء الشعب الواحد، وطالب بضبط النفس والتحلي بالصبر، والامتناع عن اللجوء إلى العنف لحل الأزمة القائمة.

وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية للوساطة، بمبادرة طرحها، آرثر هيوز، السفير الأمريكي في صنعاء، تتضمن ثلاث نقاط هي:

(1) وقف إطلاق النيران، بين اللواء الثالث المدرع الجنوبي والقوات الشمالية.

(2) وقف أي هجوم من أي طرف ضد الطرف الآخر "ويشمل ذلك كافة مناطق اليمن".

(3) وقف أي استفزازات متبادلة.

وقد أعلن الحزب الاشتراكي، وحزب المؤتمر، موافقتهما على المبادرة.

ج. تعرض النائب الأول لرئيس الوزراء، الدكتور حسن مكي، وهو من المؤيدين البارزين للرئيس اليمني، لمحاولة اغتيال، عندما أطلق مسلحون النار عليه، لدى خروجه من اجتماع للجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام، عندما اعترضت سيارته، سيارتان، أعاقت إحداهما سيره، وأطلقت الأخرى النيران، فأصيب برصاصتين، ونقل إلى المستشفي، لكن ثلاثة من مرافقيه قتلوا فوراً. وفي وقت لاحق، قالت وزارة الداخلية اليمنية، في بيان لها، أنه قُبِضَ على خمسة مسلحين، يشتبه بأنهم اشتركوا في محاولة اغتيال مكي. وقال البيان، أنه يجري استجواب الأشخاص الخمسة، الذين لم تُذكر أسماءهم. وسارع الحزب الاشتراكي اليمني إلى استنكار هذا الاعتداء، الذي هو الأول في استهداف شخصية بارزة في صنعاء، منذ نحو سنة. بعد محاولة اغتيال الدكتور أحمد الصبحي، الأمين العام لحزب المؤتمر، بعد الوحدة مباشرة. وذكرت مصادر مطلعة أن محاولة اغتيال مكي، جاءت في أعقاب مشادة، بينه، وبين الشيخ ناجي عبدالعزيز الشائف، أحد مشايخ قبائل بكيل[2].

3. يوم 29 أبريل 1994.

أ.  تناقضت الأنباء حول تقويم المعارك الدائرة، بين القوات الشمالية والجنوبية، ولكنها اتفقت جميعها، على أن فرصة اللواء الثالث المدرع الجنوبي كانت أفضل في البداية. ولكن كلاً من الطرفين، ركز على تدمير مخازن ذخيرة الطرف الآخر، فحرم اللواء الثالث من ميزة قتالية، بينما شكلت وحدات الحرس الجمهوري، والألوية الأخرى التابعة للفرقة الأولى المدرعة الشمالية، والتعزيزات التي دفعت إلى المنطقة من صنعاء، دعماً قوياً للقوات الشمالية، مما مكنها من التفوق، في نهاية المعركة، بعد يومين من القتال العنيف. كما شاركت القوات الشمالية، مجموعات قبلية من رجال قبيلة حاشد، الموالية لحزب المؤتمر الشعبي العام، وحزب التجمع للإصلاح، في مطاردة عناصر القوات الجنوبية، اللذين هربوا إلى جبال عيال سريح، وطلبوا حماية قبائل بكيل المؤيدة لهم. وفرض الشماليون حصاراً على ساحة المعركة، بعد ما انضم إليهم الدعم، الذي دفع من صنعاء.

ب. تجدد القتال بين الطرفين في عمران، وجاء في بيان لوزارة الدفاع اليمنية، التي تتخذ عدن، في الجنوب مقراً لها، أن "الأعمال الإجرامية"، في عمران تجددت، ضد اللواء الثالث المدرع الجنوبي حين هوجم، في موقع جديد، كان قد انسحب إليه "تكتيكيا" في وقت سابق. ودعت القيادة العسكرية الجنوبية إلى وضع حد لكل العمليات القتالية، وناشدت المعنيين، وجمعيات الهلال الأحمر العربية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، رفع الحصار، والمساعدة في إجلاء الجرحى والقتلى، وتوصيل المواد الطبية. وحذّرت من أن عدم فصل القوات سريعاً، سيؤدي إلى مزيد من المعارك.

ج. أُذيع بيان لحزب المؤتمر الشعبي العام ورد فيه، أن هناك حملات مطاردة وتفتيش واسعة تجري، للقبض على العقيد سيف البقري، قائد اللواء الثالث، والعقيد يحيى داحش، رئيس أركانه، والعميد مجاهد القهالي[3].، عضو مجلس النواب، لتقديمهم للمحاكمة العسكرية. وأكد البيان، أن العقيد البقري وأعوانه، مازالوا موجودين في منطقة الأحداث، وانهم لجأو إلى بعض القبائل.

د. صرح مسؤول في الحزب الاشتراكي، أن اللواء الثالث المدرع، تعرض لمذبحة دموية، وتصفية جسدية، لم يشهدها اليمن من قبل. وأكد على أن شخصيات سياسية وعسكرية، من القوى المُنفذة في حزبي المؤتمر، والإصلاح، أشرفت على العمليات لتصفية اللواء الجنوبي، ومطاردة من تبقى من رجاله في الجبال المجاورة ومناطق القبائل التي أيدته، بعد وصول التعزيزات من صنعاء.

هـ. استمرت الحشود الشمالية، في منطقة عمران، لمواجهة احتمالات تَفَجُّر انتفاضة من جانب قبائل عيال سريح، الذين يتضمن تسليحهم حوالي 30 دبابة، من مدرعات اللواء الثالث.

وفي محاولة لوقف إطلاق النيران، شُكلت لجنة عسكرية محايدة، تضم ممثلين أمريكيين وفرنسيين، لتهدئة الموقف المتوتر بين طرفي القتال.

4. يوم 30 أبريل 1994.

أ.  أكد متحدث عسكري جنوبي في عدن، أنه عقب هدوء، لم يستمر سوى ساعات، بعد توقف القتال في عمران، استؤنف القتال في الساعة الواحدة والنصف صباح اليوم، في هجمات شرسة، شنها لواءان من الحرس الجمهوري، ولواء أمن مركزي، ولواء العروبة، الذي نُقل من صعده، على جناح السرعة، لتعزيز قدرات القوات الشمالية في عمران، إلى جانب بعض القبائل المساندة لها، بهدف إبادة من تبقى من أفراد اللواء المدرع الجنوبي، التي لجأت إلى الجبال. وأكد المتحدث، أن الوحدات الجنوبية، تدعمها قبائل بكيل، وأهالي منطقة عمران، تتصدى للهجوم ببسالة. ثم خفت حدة الهجوم نسبياً، بعد أن سقط عدد غير محدد، من الجرحى والقتلى.

ب. أفادت المصادر نفسها، أن قيادة اللواء الثالث المدرع الجنوبي، استعادت الاتصال، مع وزارة الدفاع في عدن، على الرغم من أن اللواء الثلث يتعرض لحصار شديد، من جميع الجهات، وقُطِعَ عنه خطوط الإمداد بالمؤن، والذخائر، والأدوية.

5. الموقف العام في مسرح العمليات، في نهاية يوم 30 أبريل 1994

أ.  ملأت الشارع اليمني مخاوف، بشأن اندلاع الحرب الشاملة، وسط تضارب الأنباء والتصريحات. وأعلن عدد من المصادر المطلعة، أن أطراف الأزمة، اتخذوا قراراً بالحرب، في ظل استنفار عسكري، وقبلي، واسع.

ب. وفي إطار الاستعدادات العسكرية، التي كانت تنبئ بانفجار الموقف، إلى حرب شاملة بين الطرفين، أشارت توقعات المصادر العسكرية لطرفي الأزمة، والمراقبين، بأن الساعات المقبلة، ستشهد انفجاراً للموقف العسكري، بشكل متفاقم.

وتتلخص مظاهر وشواهد التصعيد العسكري، في الآتي:

(1) فشل اللجنة العسكرية المشتركة، التي زارت مناطق المواجهة، في وضع حد للتوتر ووقف الحشود، وفرض قرار بانسحاب القوات والحشود إلى معسكراتها الأصلية، ووقف وصول التعزيزات من صنعاء.

(2) نقل الرئيس علي عبدالله صالح، دوامه اليومي، من مبنى الرئاسة، إلى مركز العمليات العسكرية، في القيادة العامة للقوات المسلحة، وأشرافه شخصياً، على التحركات في كافة جبهات المواجهة.

(3) استمرار إغلاق منافذ الحدود الشطرية السابقة.

(4) إخلاء مطار عدن، من الطائرات المدنية، ونقلها إلى مطار الّريان بمحافظة حضرموت، تحسباً لأي هجوم عليه، من قوات الأمن المركزي الشمالية، المتمركزة في معسكر مجاور للمطار.

(5) رفع درجة استعداد وحدات المدفعية المضادة للطائرات، التي تؤمّن مطار صنعاء، ومقر رئاسة الجمهورية، إلى حالة التأهب القصوى.

(6) رفض القيادة العسكرية الشمالية، فك الحصار عن الألوية الجنوبية المتمركزة في الشطر الشمالي، وما تبقى من اللواء الثالث المدرع الجنوبي، في منطقة عمران.

(7) استعداد بعض القيادات اليمنية الموجودة بالخارج للعودة، إذ صرح الشيخ سنان أبو لحوم، زعيم اتحاد القوى الشعبية، أنه سيصل إلى صنعاء، قادماً من القاهرة، وذلك عقب تلقيه اتصالين هاتفيين من كلٍ من الرئيس علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض.

(8) صّرحت مصادر عسكرية في صنعاء، بأن القوات الجوية الجنوبية، تستعد لتوجيه ضربة خاطفة، ضد لواءين شماليين متمركزين في الجنوب، هما: لواء العمالقة المتمركز في أبين، واللواء المدرع في معسكر الكبس، بمحافظة لحج.

(9) تشير بعض المعلومات، في كل من صنعاء وعدن، عن تورط القيادات العسكرية، المقربة من الرئيس علي عبدالله صالح، وقيادة حزب التجمع اليمني للإصلاح، في تأجيج الوضع العسكري، وتوسيع نطاق القتال، خاصة أشقاء الرئيس اليمني، وإخوته غير الأشقاء، المسيطرين على وحدات المدرعات، والحرس الجمهوري، والأمن المركزي، وذلك بهدف إيجاد مخرج من الأزمة، ويؤكد ذلك، التحركات العسكرية الواسعة، منذ اندلاع القتال في عمران.

ج. توتر الموقف وتصعيده في كافة مناطق المواجهة (انظر خريطة المناطق القابلة للانفجار العسكري في أول مايو 1994) كالآتي:

(1) في محافظة زمار:

(أ) رفع درجة استعداد لواء بأصهيب الجنوبي، المتمركز في ذمار، إلى حالة التأهب القصوى، وانتشار قواته في المواقع المجاورة والقريبة من معسكره، تحسباً لأي هجوم عليه من القوات الشمالية المحتشدة حوله.

(ب) حشدت القيادة العسكرية الشمالية، حجماً كبيراً من قواتها حول منطقة ذمار، حيث حركت كتيبتين من لواء المجد، من مواقعهم في مدينة باجل، بمحافظة الحديدة، في اتجاه ذمار، وانضمت إليهم، قوات من الحرس الجمهوري، وقوات الأمن المركز، كما عززوا تسليح قواتهم، بدعمهم بدبابات من لواء حمزة المتمركز في محافظة أب، ومن اللواء 56 المدرع المتمركز في منطقة دراع.

وقد احتلت عناصر من القوات الشمالية، منطقة عنس، غرب ذمار. كما احتل لواء الحرس الجمهوري، ولواء الأمن المركزي، المناطق الشمالية والشرقية، وبذلك حاصرت القوات الشمالية لواء بأصهيب الجنوبي في زمار. وهكذا أصبحت ذمار، من أخطر المناطق اليمنية، المرشحة للانفجار العسكري، نظراً لتزايد الحشود فيها، وارتفاع حده التوتر.

(2) في محافظة أبين "شرق عدن":

(أ) نقلت القيادة العسكرية في صنعاء، كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، إلى معسكر العمالقة في أبين، بواسطة طائرات عمودية، بعد تعذر وصولها براً، لتمركز قوات جنوبية حول طرق الإمداد، شمال المحافظة.

وكَدَّست قيادة لواء العمالقة، الأسلحة والذخائر، في منطقتي زنجبار، ولودر، في إطار خطة لإحكام السيطرة، على محافظة أبين، وتركيز الطوق العسكري من الشرق على العاصمة عدن.

(ب) أفادت مصادر عسكرية جنوبية، أن قوات كبيرة من لواء العمالقة، المعزز بوحدات عسكرية مختلفة، بدأت في الانتشار بكامل أسلحتها الثقيلة، على طول وعرض زنجبار، ومدينة لودر القريبتين من عدن، إلى جانب فتح مراكز قيادة ثابتة، ومتنقلة، في عدد من المناطق الإستراتيجية في أبين، كما حفروا خنادق في شرق زنجبار.

وأكدت المصادر نفسها، أن الوضع في محافظة أبين بعد انتشار قوات لواء العمالقة، أصبح مهيأً للانفجار.

(3) في محافظة لحج "شمال عدن":

وصلت تعزيزات عسكرية كبيرة، شملت صواريخ مضادة للدبابات، ومضادة للطائرات، إلى اللواء الثاني المدرع الشمالي، المتمركز في معسكر الكبسي، في مديرية ردفان، التابعة لمحافظة لحج.

كما انتشر اللواء الثاني في المناطق المحيطة بمعسكره. وفي المقابل، حرّكت القيادة العسكرية الجنوبية، دباباتها المتمركزة في معسكر العند، وحاصرت منطقة معسكر اللواء الثاني المدرع الشمالي في ردفان، كما اتخذ السكان المحليون، المسلحون بقذائف صاروخية ورشاشات، مواقع، أمام مواجهة المعسكر، وفي الجبال المحيطة.

وفي غضون ذلك، طالب مواطنو محافظة لحج، تدخل اللجنة العسكرية المشتركة، لوقف التحرشات والاستفزازات، التي يواصلها اللواء المدرع الشمالي ضد أبناء المنطقة.

وقد أشارت مصادر صنعاء، أن معسكر الكبسي، يعتبر من أكثر المناطق القابلة للانفجار.

د. تبادل الاتهامات:

في الوقت الذي هدأت فيه حرب الدبابات، بين طرفي النزاع في اليمن، اعتباراً من الأول من أبريل 1994، اشتعلت حرب من نوع آخر، هي حرب الكلمات، التي وصلت إلى مرحلة مريرة، لم يسبق لها مثيل. وبدأت الاتهامات تتخذ طابعاً شخصياً، وأعرب المراقبون، وعدد من المثقفين، عن قلقهم من تصاعد الحملات الإعلامية المتبادلة، التي تزيد الفجوة اتساعاً بين الجانبين.

وعَدَّ المراقبون، تبادل الاتهامات الأَخيرة، بعد اندلاع المعارك في عمران، بأنها، إعلان للقطيعة الكاملة، بين الرئيس علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض، لما حملته من عبارات، تنم عن أن طريق العودة إلى صنعاء، في ظل وجود الرئيس علي عبدالله صالح في الحكم، أصبح مستحيلاً.

هـ. المساعي الدبلوماسية:

وصلت جميع المساعي إلى طريق مسدود. وقد عّبر المراقبون، عن عدم تفاؤلهم، بشأن الوساطة المصرية لحل الأزمة، وأن أي حل سياسي بوساطة عربية، قد لا يكون ناجحاً، لأن القادة اليمنيين، يرفضون ما يفرض عليهم، من خلال الوساطات، خاصة إذا ما تعارضت مع مطالبهم ونواياهم.

وأشارت عدة مصادر، أن أطرافاً عربية ودولية، بذلت جهوداً مكثفة، للوساطة بين الرئيس اليمني ونائبه، كما دخلت سورية على خط الوساطات، لتخفيف حدة المواجهة بين صنعاء وعدن، غير أن جهود الوساطة لم تنجح في منع المصادمات العسكرية، ومازالت قوات الطرفين في أقصى درجات الاستعداد القتالي، ويتربص كل منهما بالآخر، وأن الوضع في طريقه إلى التدهور، وجر البلاد إلى حرب أهلية.

واعتبرت المصادر الدبلوماسية، أن الجولات المكوكية بين صنعاء وعدن، التي يقوم بها السفير بدر همام، مبعوث الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، هي نقطة الأمل الأخيرة.

 



[1]  دعا الرئيس، علي عبدالله صالح، في خطابه، أبناء الشعب اليمني، الوقوف بالمرصاد لكل القوى المعادية للوحدة والعناصر الانفصالية، وردد قائلاً: ` إن شعبنا اليمني سيضع حداً لأولئك، الذين يتسكعون على أبواب بعض العواصم، ليستلموا مالاً مدنساً من أجل إجهاض الوحدة`. كما أتهمهم بأنهم يتسلمون ثمن الأزمة، لشراء البنادق والأسلحة، وإيداع الأموال المتبقية في حسابات خاصة في البنوك الخارجية، لمصلحة عناصر وشخصيات تسعى من أجل الانفصال.

[2]  تشير أصابع الاتهام إلى بعض رجال الشيخ ناجي الشائف، أنهم مسؤولون عن المحاولة الفاشلة، في أعقاب نقاش حاد واتهامات متبادلة بين الدكتور مكي والشيخ الشائف، أثناء اجتماع اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر، برئاسة عبدالعزيز عبدالغني الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر، والذي خرج منه قبل نهايته، الشيخ الشائف غاضباً. حيث كان النقاش يدور حول أعمال القتال بمنطقة عمران.

[3]  العميد مجاهد القهالي: عضو مجلس النواب، وهو معارض بارز للرئيس علي عبدالله صالح، منذ أيام حكم الرئيس السابق إبراهيم الحمدي، ويعد من أبرز القيادات الشمالية، المتحالفة مع الحزب الاشتراكي، وهو يحظى بتأييد واسع في أوساط قبائل عيال سريح التي ينتمي إليها، وعيال يزيد البكيلية في منطقة عمران.