إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الأول: الفكرة العامة لخطة عمليات المرحلة

القسم الأول: الفكرة العامة لخطة عمليات المرحلة

  1. فور الانتهاء من تصفية جيوب القوات الجنوبية، الموجودة في الشمال، عمدت القيادة الشمالية، إلى البدء في تنفيذ عملية هجوم واسع النطاق، انطلاقاً من قواعد ذمار، وبريم، ومكيراس، وأبين. واستفادت القيادة الشمالية في هذا الصدد، من أن وحداتها المذكورة الموجودة في الجنوب، قد قاومت بعنف، بل، وامتلكت القدرة على القيام ببعض المبادرات الهجومية، واستطاعت الاحتماء بالمناطق السكنية القريبة من مناطق تمركزها. وعلى هذا الأساس، تمثل الهدف الرئيسي، للقيادة الشمالية، في هذه المرحلة في تحقيق الالتحام، بين قواتها المندفعة من الشمال، مع قواتها الموجودة أصلاً في الجنوب. وقامت في هذا الإطار بدفع تعزيزات مكثفة إلى قوات العمالقة، بمحافظة أبين، مستفيدة في ذلك من ضعف المجهود العسكري الجنوبي، في المناطق الشطرية، التي تربط بين محافظتي البيضاء الشمالية، وأبين الجنوبية. ومن ناحية أخرى، ظلت قوات اللواء الثاني المدرع الشمالية، الموجودة في مديرية ردفان الجنوبية، تقاوم بضراوة، إلى أن تمكنت القيادة الشمالية، من تعزيزه بوحدات عديدة، عبر محافظتي أب، وتعز، الشماليتين، القريبتين من مناطق تمركز اللواء المذكور. وخلال استكمال عملية التعزيز هذه، ظلت القيادة الشمالية، تردد أنها نجحت في الاستيلاء على مطار العند، الواقع في وسط محافظة لحج، على مسافة 50 كيلو مترا شمال عدن، وكان هذا الإعلان بمثابة محاولة للخداع، ولفت الأنظار عن المعارك التي تخوضها قوات العمالقة في محافظة أبين، وأيضاً للإيهام، بأن زحف القوات الشمالية، مستمر في اتجاه عدن. وفي ظل هذا الوضع، اضطرت قيادة الحزب الاشتراكي، إلى إعلان التعبئة العامة، في محافظات جنوب اليمن، منذ السادس من مايو. كما أعادت إحياء ما يعرف بالدائرة العامة للتعبئة العليا والاحتياط، وأوكلت إليها، مهمة تنسيق عمليات التعبئة العامة للاحتياط البشري، والمادي، في جميع المحافظات، بالتعاون مع المنظمات الجماهيرية، والقطاع العام، والمختلط، والمؤسسات والمرافق الحكومية، لضمان تنفيذ المهام الموكولة إليها. وعلى الرغم من أن القيادة الجنوبية، أفلحت في تحقيق تفوق عددي، في مواجهة قوات العمالقة، (خمسة ألوية جنوبية في مواجهة أربعة ألوية شمالية)، إلاّ أن نجاح الشماليين في الالتحام مع قوات العمالقة، أتاح لها، تغيير معادلة التوازن لصالحها، تسليحاً، وإدارياً وبشرياً، مما جعل النشاط العسكري الجنوبي في مواجهتها، غير فعّال، سوى في إرباك تلك القوات، ومنعها من التجمع والانطلاق، في هجمات واسعة النطاق.
  2. وفي 11 مايو 1994، حاولت القوات الشمالية، التقدم عبر محور جديد، في منطقة باب المندب، إلاّ أن القوات الجنوبية، أفلحت في وقف تقدم الشماليين. وعلى الرغم من ترديد القيادة الجنوبية، وقتذاك، أنها نجحت، في وقف تقدم الشماليين، وتدمير قوات العمالقة الشمالية، فإن تطورات الصراع المسلح، ظلت تُظهر أن قوات العمالقة مازالت متماسكة وفعالة، بل إن منطقة زنجبار، التي تتمركز فيها تلك القوات، كانت بمثابة الساحة الرئيسية، والمنطقة الوحيدة، التي شهدت مواجهات نظامية واسعة النطاق، طيلة الأسبوع الأول للعمليات، إلاّ أن القوات الجنوبية، أفلحت في 13 مايو، في تحقيق انتصار جزئي، ضد قوات العمالقة، وطردتها من مدينة زنجبار، وأجبرتها على التراجع نحو الشمال الشرقي، مع الاستمرار في مطاردتها، والاستعانة في هذا الشأن بقبائل شبوة، التي دخلت الحرب إلى جانب القيادة الجنوبية.
  3. في 14 مايو 1994، نجحت القوات الشمالية، بدورها، في الاستيلاء على مدينة الضالع، عاصمة مديرية ردفان، التي تبعد حوالي 100 كيلومتر شمالي عدن، فيما هو بداية لتصعيد جديد، في مسار الصراع المسلح. فقد عمدت القوات الشمالية، عقب ذلك، إلى تكثيف هجماتها على محوري " الضالع ـ قعطبة، وكرش ـ العند "، وذلك لتحقيق تقدم نحو قاعدة العند الإستراتيجية، والتي كانت القوات الجنوبية قد انسحبت إليها، عقب انسحابها من مدينة الضالع، وفي هذين المحورين وقعت أكثر المعارك ضراوة في الصراع المسلح. فقد بدأت القوات الجنوبية في شن عمليات فدائية، وحرب عصابات، ضد القوات الشمالية، في منطقة الضالع الجنوبية، في الوقت الذي نفذت فيه القوات الشمالية هجمات بالغة الضراوة، على هذين المحورين، انطلاقاً من أن الاستيلاء على قاعدة العند، سوف يؤدى إلى فتح الطريق إلى عدن. كما اهتمت القوات الشمالية، بمواصلة التقدم عبر ثلاثة محاور أخرى، هي كرش ـ الراهدة، خزر ـ باب المندب، بيحان ـ شبوة، وذلك في محاولة لتشتيت جهود القوات الجنوبية، بما يتيح للقوات الشمالية الاختراق، على أحد الطرق الثلاثة، المؤدية إلى عدن. وألقت القيادة الشمالية، بكامل احتياطياتها، من الأفراد والمعدات، في موجات بشرية متوالية، على جميع تلك المحاور، لا سيما محور الضالع ـ العند.
  4. وقد استكملت القوات الشمالية جهودها، بعد ذلك، بتكثيف أعمال القصف، على دفاعات ضد القوات الجنوبية، في جبهة الضالع ـ العند، واستطاعت تحقيق تقدم تدريجي، في اتجاه قاعدة العند الجوية الإستراتيجية. كما حاولت، تحقيق تقدم على باقي المحاور، للالتفاف حول عدن. من جميع الجهات. وأدت المعارك، التي جرت على هذه المحاور، خلال الأسبوعين الثالث والرابع للعمليات، إلى سقوط آلاف القتلى، والجرحى، في صفوف القوات الشمالية، لا سيما وأن القوات الجنوبية، استبسلت بدرجة ملحوظة، وكثّفت نيرانها، من خلال القصف الصاروخي، والمدفعي، والجوي، ضد كافة مواقع القوات الشمالية. وقد واصلت القيادة الشمالية، خلال تلك الفترة، الحرب الدعائية ضد الجنوبيين، حيث رددت مراراً، أنها نجحت في اقتحام قاعدة العند، في الوقت الذي لم تكن قد اقتربت فيه من القاعدة أصلا. ومن بين جميع محاور القتال، كانت النجاحات الشمالية، الأكثر بروزاً، هى تلك التي تحققت في محور شبوة، وتحديداً في اتجاه مدينة عتق. وواصلت تلك القوات، عقب ذلك التقدم التدريجي، في اتجاه قاعدة العند، حيث أفلحت، أولاً في التقدم إلى الناحية الشمالية للقاعدة، التي يفصلها واد جبلي، عن المعسكر الرئيسي في القاعدة. وظلت القوات الجنوبية تقاوم بشراسة، على الرغم من الاختلال الكاسح، في ميزان القوى في غير صالحها. ولم يستطع الشماليون، الاستيلاء على القاعدة، إلاّ بعد حوالي أسبوعين، من القتال العنيف، بل إن بعض التقارير، تذهب إلى أن القوات الجنوبية، هي التي انسحبت انسحاباً تكتيكياً من القاعدة، بغرض إجبار القوات الشمالية، على تخصيص أعداد ضخمة، من القوات للدفاع عن المنطقة، التي تم إخلاؤها، وحرمان باقي محاور القتال، من هذه القوات.
  5. وفي 20 مايو 1994، أعلن الرئيس على عبدالله صالح، هدنة لمدة ثلاثة أيام، بمناسبة عيد الأضحى المبارك، استجابة لمساعي بعض الرؤساء العرب، إلا أنه في مساء اليوم نفسه، شهد الصراع بين شطري اليمن، تحولاً نوعياً، بالغ الأهمية، مع إعلان الزعيم الجنوبي على سالم البيض، إقامة دولة اليمن الديموقراطية في الجنوب. كما ترافق هذا الإعلان، مع قيام البيض، بنقل مقر القيادة إلى حضرموت، في شرق البلاد، فيما استهدف إقامة خط دفاعي جديد، علاوة على أن حضرموت كانت تمثل قاعدة ملائمة، لإقامة حكومة انفصالية جديدة عن الجمهورية اليمنية. إضافة إلى ذلك، أن حضرموت كانت توصف بأنها الجائزة الكبرى الحقيقية، في الحرب اليمنية، وذلك لما تتمتع به من ثروة نفطية، وإمكانات زراعية، وثروة سمكية، إضافة إلى ما يتوافر لها، من مزايا جيوستراتيجية. وفي ظل هذا الوضع، نجحت القوات الجنوبية في وقف تقدم القوات الشمالية، على الجبهات الرئيسية في شمال لحج، و أبين، و خزر، ولكنها لم تستطع، تصفية القوات الشمالية، التي كانت متمركزة على أراضيها منذ الوحدة، بل على العكس من ذلك، ازدادت فاعلية تلك القوات عقب حصولها على إمدادات، وتعزيزات جديدة من صنعاء. وفي الثالث والعشرين من مايو، استؤنف قتال واسع النطاق مجدداً، وتمكنت القوات الشمالية، من تحقيق تقدم في محافظة شبوة، لقطع الطريق بين عدن في الغرب، وحضرموت في الشرق. وأكدت القيادة الجنوبية، من جانبها، أن تقدم الشماليين، كان ناتجاً عن تراجعها، تراجعاً تكتيكياً، أمام الكثافة العددية للقوات الشمالية.