إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الثاني: الضربات الجوية المتبادلة وإعلان حالة الطوارئ، والقتال في مكيراس، وشمالي عدن

القسم الثاني: الضربات الجوية المتبادلة وإعلان حالة الطوارئ، والقتال في مكيراس، وشمالي عدن

خلال الفترة من 5 مايو إلى 7 مايو 1994

بدأ القتال الشامل، باندلاع المعارك الطاحنة، بين القوات الشمالية والجنوبية، في ثماني محافظات. وانطلقت المعارك من ذمار ليلة 4/5 مايو، في وقت متاخر من الليل، على أثر مواجهة شاملة، بين لواء بأصهيب الجنوبي، ووحدات الحرس الجمهوري، والوحدات المدرعة، والأمن المركزي الشمالية، ثم انتقلت الاشتباكات إلى منطقة بريم "30 كم جنوب ذمار"، بين اللواء الرابع مدفعية الجنوبي، وحشود القوات الشمالية في المنطقة، في الوقت الذي أخذت فيه المعارك خطاً تصاعدياً، وانتشرت إلى بقية المناطق، خاصة عند الحدود الشطرية السابقة.

1. يوم 5 مايو 1994

أ.  انفجرت الأزمة السياسية في اليمن، وبدأ حوار المدافع بين القوات الشمالية والقوات الجنوبية، حيث أغارت طائرات مقاتلة تابعة للقوات الجنوبية، على مطارات العاصمة صنعاء، والحديدة، وتعز بهدف شل فاعليتها، والحيلولة دون استخدامها. كما استهدفت الغارات محيط القصر الرئاسي، والمقر الحكومي، ومبنى قيادة الأركان العامة، ومبنى وزارة الدفاع، ومبنى الإذاعة والتليفزيون. وعقب قصف قصر الرئاسة، شوهد تصاعد أدخنة من محيط القصر، ولم يعرف ما إذا كان الرئيس صالح لا يزال فيه، أم انتقل إلى مكان آخر؟

وشاركت القوات الجوية للطرفين في المعارك، بعد أن بدأت طائرات صنعاء في قصف مطار عدن الدولي، ومطار العند العسكري ومحطة كهرباء الحسوه، وميناء عدن، ومبنى الإذاعة، والتليفزيون، ومصفاه عدن النفطية.

واستمرت الإغارات الجوية المتبادلة، طوال يوم 5 مايو، كما استمرت لليوم التالي، في الوقت الذي أعلنت فيه القيادة الجنوبية عن شل قدرة مطار صنعاء. وقد أغلقت مطارات عدن، وصنعاء، والحديدة، وتعز، وميناء عدن بسبب القتال الضاري.

وفي ذلك اليوم خلت العاصمة صنعاء من المواطنين، وأقفلت جميع محالها التجارية، واستمرت المدفعية المضادة للطائرات تطلق نيرانها بشكل كثيف لحماية أجواء العاصمة، وانقطعت الاتصالات الهاتفية داخل البلاد، خصوصاً مع الشطر الجنوبي، وأعلنت القيادة العسكرية الشمالية، أنها أسقطت خمس مقاتلات جنوبية، بينها اثنتان في منطقة الراحة، واثنتان في مكيراس، وواحدة في رهدة، على الحدود السابقة بين شطري اليمن، بينما تحدثت عدن، عن أن دفاعاتها الجوية، تصدت للطائرات الشمالية المغيرة، وأسقطت أربعاً منها.

ب. بلغ التصعيد العسكري ذروته، عندما توسعت المعارك، لتشمل محافظات صنعاء، وعدن، وأبين، ولحج، وزمار، وأب، وتعز، والبيضاء، واشتركت فيها مختلف الأسلحة، بما فيها القوات البحرية.

ج. اصدر رئيس مجلس الرئاسة اليمني، قراراً جمهورياً، بإعلان حالة الطوارئ، في كل أنحاء الجمهورية، ولمدة ثلاثين يوماً ابتداء من يوم الخميس الموافق 5 مايو 1994، وفي الوقت نفسه أعلنت في عدن حالة التعبئة الكاملة.

د. وترافق التصعيد العسكري، مع تصعيد سياسي، إذ سحب مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الشماليون " حزبي المؤتمر والإصلاح"، ثقته من حكومة حيدر أبو بكر العطاس.

هـ. أعلنت قبائل خولان، أن اللواء الخامس مظلات الجنوبي، المتمركز في منطقة العرقوب، على أراضيها، وفي جوارها، تحت حمايتها. كما أعلنت قبائل أرحب البكيلية حمايتها للواء المشاة الجنوبي، المتمركز في منطقتها، شريطة أن لا يشارك، أي منهما في القتال.

ويحقق ذلك حماية لهاتين الوحدتين التابعتين لعدن، لأن قدرتهما على القتال كانت محدودة من ناحية، ومن ناحية أخرى كان تعرضهما للخطر كبير للغاية، بحكم بعد مواقعهم، وصعوبة إمدادهم.

و. ويرى مراقبون عسكريون أن ملامح إستراتيجية طرفي القتال، بدأت تتضح، وبرزت مدينة عدن هدفاً للإستراتيجيتين في آن واحد. فخطة قيادة صنعاء، تتضمن إبقاء ثلث القوات الجنوبية في المحافظات الشمالية، لحرمان القيادة الجنوبية من الاستفادة منهم في الدفاع عن عدن، في الوقت الذي احتفظت فيه باللواء الثاني المدرع الشمالي، في معسكر الكبسي بمديرية ردفان، بمحافظة لحج، وبقوات العمالقة "4 ألوية" في محافظة أبين، التي تحدها من الشرق محافظتي شبوة وحضرموت حيث توجد منابع النفط، وتقوم هذه القوات بالدفاع والتمسك بمواقعها، لحين اتصال القوات الشمالية، المتقدمة من الشطر الشمالي، بهم.

في حين تركزت خطة القوات الجنوبية، على إنهاء خطر اللواء الثاني، المتمركز في معسكر الكبسي بردفان، وتصفية قوات العمالقة في أبين، تمهيداً لنقل القتال إلى الحدود الشطرية السابقة، بعد أن حسمت الموقف نهائياً مع وحدات الأمن المركزي، والحرس الجمهوري، والشرطة العسكرية، التي كانت موجودة، قرب منطقة دار سعد، المجاورة لمطار عدن، عندما حاولت ضرب المطار، أثناء القتال الدائر ضد لواء بأصهيب في ذمار.

ز. صرحت مصادر جنوبية بالآتي:

(1) نجح اللواء الأول مدفعية الجنوبي، في الالتحام مع لواء بأصهيب في ذمار، وتضاربت الأنباء بشأن تحركاتهما معاً، إما إلى الشمال نحو صنعاء، وإما إلى الجنوب، لسد منفذ بريم أمام القوات الشمالية، بعد نجاحهم في فك الحصار المفروض على ذمار، من قبل ألوية الحرس الجمهوري، وكتائب الأمن المركزي.

(2) تعرض قوات العمالقة في محافظة أبين، لضربات موجعة من اللواء 30، وكتائب من اللواء الخامس المدرع، والميليشيات الحزبية في لواء مدرم، وقصف من القوات البحرية الجنوبية، ويشير الموقف إلى قرب تصفيتها تماماً، بعد أن أستسلم عدد كبير من أفرادها "يزيد على 500 جندي"، للقوات الجنوبية.

(3) إبادة اللواء الثاني المدرع الشمالي في ردفان، وأن القوات الجنوبية التي تعاملت معه تتجه حالياً لمنطقة الضالع وقعطبة، لدعم اللواء 20 الجنوبي في مكيراس، الذي أصبح في موقف أفضل، بعد التحام اللواء 30 معه هناك. وقد وفرت الطبيعة الجبيلة حماية للقوات الجنوبية، بالإضافة إلى تأييد أبناء القبائل لهم، وهم جميعاً ذو طبيعة قتالية.

(4) استسلام كل وحدات القوات الشمالية في عدن، بعد ساعة واحدة من المعارك معها في منطقة دار سعد، وهي قوات الحرس الجمهوري، والشرطة العسكرية الشّمالية.

(5) إن حسم القتال من جانب القوات الجنوبية، في أبين وردفان، سيمكنها من الانتقال إلى مواقع جديدة في مكيراس، والضالع، وينعقد أمل القيادة الجنوبية على أن يفرض هذا الموقف على القيادة الشمالية، إعادة النظر في إستراتيجيتها، والعودة إلى مائدة الحوار، خاصة إذا فشلت في التقدم نحو عدن.

(6) صرحت المصادر العسكرية الشمالية، بأن اللواء الثاني المدرع الشمالي، دخل معركة طاحنة مع قوات معسكر العند الجنوبي، وأن وضع اللواء بدأ يميل إلى التحسن، بعد تلقيه دعماً شمالياً، من محافظة البيضاء.

2. وفي يوم 6 مايو

أ.  استمرت اليمن غارقة في حربها المدمرة، وتحدثت صنعاء عن زيادة ضغطها العسكري على عدن، وأن قواتها خرجت من قواعدها، وتتجمع في اتجاهات مختلفة، تتمثل في ذمار، وبريم، ومكيراس، والبيضاء للزحف على عدن لإسقاطها.

ب. بدأ الطرفان في استخدام صواريخ أرض/ أرض، من نوع سكود ـ ب (SCUD-B)، وتردد أن عدن استخدمتها لقصف أهداف في صنعاء، منها مقر قصر الرئاسة، ومقر الإذاعة والتليفزيون، ومقر رئاسة الأركان.

وأثار القصف الصاروخي، الذي يفتقر إلى دقة التصويب، جدلاً حول استخدامه، وأنه يمكن أن يحدث خسائر بشرية واسعة في المدنيين في صنعاء، ولكن مصادر جنوبية، صرحت أن استخدامه محدود، والهدف منه، تحقيق ضربة معنوية، وأن ذلك كان رداً على قصف عدن بالطائرات الشمالية، وتعرض مطار عدن الدولي لثالث ضربة قوية من الطيران الشمالي. وصرّح مصدر شمالي، أن الجنوب أطلق 13 صواريخ سكود، على صنعاء، منذ بدء القتال، في حين ذكر مصدر آخر، أن عدن أطلقت ما لا يقل عن 16 صاروخ سكود في اتجاه صنعاء.

وقال الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، الذي وقع على اتفاق الصفقة وقت ذاك، مع الزعيم السوفييتي الراحل ليونيد بريجنيف، أن الأخير قال له وهو يضحك: "نحن نسلمكم هذه الصواريخ لكي تخيفوا بها الآخرين، وليس لاستخدامها"، مشيراً بذلك إلى أنها المرة الأولى التي تستخدم فيها عدن، الصواريخ بعيدة المدى في مواجهه عسكرية.

ج. تحدثت مصادر المؤتمر الشعبي العام، عن مهاجمة طلبة كلية الشرطة، لمقر الحزب الاشتراكي في صنعاء، والاستيلاء عليه، وتدميره، بعد مصادرة أطنان من الأسلحة، وخمسون صاروخاً كانت مخبأة في المقر، الذي كان يحميه 800 جندي، وقد سيطر رجال الأمن في صنعاء، على 36 مركزاً للحزب الاشتراكي، تبين أنها مخازن أسلحة.

د. تحدثت مصادر دبلوماسية غربية، في صنعاء، عن خطة، لإجلاء الجاليات الأجنبية، التي يعمل معظمها في القطاع النفطي، في صنعاء، وعدن، وبقية المدن اليمنية، وأعلنت فرنسا أن سفناً حربية فرنسية، بدأت إجلاء الرعايا الغربيين من ميناء عدن، وتواصلت عمليات إجلاء الرعايا الأجانب، من اليمن، إلى دبي، وجيبوتي، والرياض، وبعض الموانئ، والمطارات الخليجية، والأفريقية، القريبة من صنعاء وعدن، ومن بين الدول المستمرة في ترحيل رعاياها، مصر، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، وبريطانيا، والهند، وغيرها، إضافة إلى موظفي الأمم المتحدة.

هـ. ذكر مراسل وكالة فرانس برس، أن توتراً شديداً يسود العاصمة اليمنية صنعاء، بعد الغارات التي شنتها طائرات جنوبية على دار الرئاسة، ومبنى الإذاعة والتليفزيون، والمطار، في وقت سجلت فيه تحركات عسكرية ضخمة في اتجاه الجنوب.

و. نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن إذاعة صنعاء، أن القوات الشمالية صدت هجمات الجنوبيين في العاصمة صنعاء وحولها، ودمّرت 4 دبابات جنوبية، وأسقطت إحدى طائرات عدن. وأنها تتصدى للغارات الجوية الجنوبية على صنعاء، وتعز، والحديدة، ومارب، والتي تستهدف المنشآت الحيوية والإستراتيجية.

ز. وفي تطور بارز، أعلنت صنعاء، إقالة العميد هيثم قاسم طاهر، وزير الدفاع "جنوبي"، وإحالته للمحاكمة، كما قرر مجلس الرئاسة، إقالة وزير النفط والثروة المعدنية، صالح أبو بكر حسينون، ومحافظ عدن، صالح منصر السييلي، كما اتُخذ قرار بإقالة نائب الرئيس، علي سالم البيض، وقد رفض البيض قرار إقالته وأكد أنه يستمد شرعيته من الشعب.

كما صّرحت صنعاء بأن عدداً من الضباط والجنود الوحدويين، في الوحدات التي تخضع للحزب الاشتراكي، انضموا إلى الجيش الشمالي، وهم أفراد لواء المدفعية في ياريم، وأفراد الحراسة الخاصة بعلي سالم البيض، في معسكر خوراف، وأفراد كتيبة شرطة عسكرية.

كما أعلن المصدر نفسه، عن القبض على العقيد جواد مثنى، قائد لواء بأصهيب الجنوبي، "أخ غير شقيق لوزير الدفاع"، ورئيس أركان اللواء.

ح. وصرحت مصادر جنوبية، عن قدوم طائرة مقاتلة من اتجاه البحر حوالي الساعة 3.30، قصفت مطار عدن الدولي، وأحدثت به أضرار بالغة، إلاّ أن الدفاعات الجوية، أسقطتها، قرب مصفاة عدن، واتضح أن الطيار، إريتري الجنسية.

3. وفي يوم 7 مايو 1994،

أ.  دخلت الحرب يومها الثالث، ودارت معارك عنيفة بين وحدات شمالية وجنوبية، في محافظة لحج شمال عدن، وأعلن مسؤول عسكري في صنعاء، أن أربعة ألوية شمالية تخوض مواجهات مع القوات الجنوبية، في منطقة العلم، "على بعد نحو 20 كم شمال عدن". وأن الوحدات الشمالية أسقطت سبع طائرات للقوات اليمنية الجنوبية. كما أسقطت قوات اللواء الثاني المدرع الشمالي، أربع طائرات أخرى بمنطقة الراحة، في محافظة لحج، بعد أن التحمت مع لوائين جنوبيين، ووحدات معسكر العند. كما واصلت قوات العمالقة، في أبين تصديها الباسل الشجاع للهجوم العدواني الشرس، حيث تصدت لهجوم مكثف وشديد في البر والبحر والجو. وذكر أيضاً أن وحدات من اللواء الثامن صاعقة، واللواء السادس والخمسين،وألوية الوحدة المتمركزة، في محافظتي مأرب ومكيراس، تمكنت من الالتحام مع قوات العمالقة في محافظة أبين، لتجتمع تلك القوات، وتشكل معاً قوة ضاربة، وأعلن عن انضمام عددٍ من الضباط والجنود الجنوبيين، إلى القوات الشمالية. كما أكد وزير الخارجية اليمني محمد سالم باسندوه، أن القوات الشمالية أسقطت 12 طائرة جنوبية.

وقالت وكالة الأنباء سبأ، أن قوات لواء العمالقة، أسقطت أربع طائرات في منطقة "أبين، ودمرت أربع دبابات، وأربع عربات مدرعة، تابعة لقوى الانفصال في الحزب الاشتراكي اليمني"

ب. وذكرت مصادر محايدة، أن معركة كبيرة تدور في منطقة مكيراس، التي تتحكم في طرق الإمداد إلى أبين، من جهة الشمال، وأن هدف القوات الجنوبية، التي دفعت إلى تلك المنطقة ثلاثة ألوية، "إغلاق طرق الإمداد على قوات العمالقة".

وقد نجح الشماليون، بالفعل، في الاستيلاء على أجزاء كبيرة من منطقة مكيراس[1]، التي كان يدافع عنها اللواء 22 الجنوبي. وتشكل سيطرتهم على هذه المنطقة الإستراتيجية، سرعة الاتصال بقواتهم في أبين، إلاّ أنه استمرت الاشتباكات بين الطرفين، للاستيلاء على مرتفعات جبل ثراء، التي تؤمّن الطريق إلى عدن.

وبعد معركة مكيراس، بدأت القيادة الشمالية تدفع العديد من ألويتها وقواتها، إلى محافظة أبين جنوباً، ومحافظة شبوة في اتجاه الشمال الشرقي، عن طريق بلدة لودر الجنوبية، وذلك بعد الاستيلاء على مثلث النقبة الإستراتيجي، الذي تلتقي عنده ثلاثة طرق.



[1]  يذكر أن: `العميد عبد ربه منصور هادي`، لعب دوراً رئيسياً في سقوط مكيراس بدون مقاومة، ولم تستغرق معركتها أكثر من 4 ساعات، وهو أحد أهم القادة العسكريين الجنوبيين، أثناء حكم الرئيس السابق علي ناصر، وهو من أبناء محافظة أبين، وقد عين وزيراً للدفاع بعد معركة مكيراس.