إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الرابع: تطورات الموقف السياسي والمبادرات الدبلوماسية

القسم الرابع: تطورات الموقف السياسي والمبادرات الدبلوماسية

خلال الفترة من بدء القتال حتى 15 مايو 1994:

مع استمرار تردي الموقف، بين شطري اليمن الموحد، وتصاعد المواجهة بين الطرفين إلى حرب أهلية، في هذه الأجواء، تعود المساعي العربية، والدولية إلى حرارتها، في إطار السعي لوضع حد للصراع، خاصة أن الجانبين، ربما أصبحوا على قناعة، بصعوبة حسم الأمور عسكرياً، وأن أمد الحرب ستطول، وربما تتحول إلى حرب استنزاف بعيدة. لذا فإن قبول الوساطات لإنقاذ اليمن، هو الأقرب، عوضاً عن الخيار العسكري والتدهور.

وتتلخص المبادرات، التي طرحت في الآتي:

1. دعا الرئيس اليمني السابق، علي ناصر محمد، الرئيس علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض، إلى الرحيل عن السلطة، إذا عجزا عن حل الأزمة، الذي تمثل في تنفيذ وثيقة العهد والاتفاق، التي تضمنت إقامة فيدرالية بين شطري اليمن. وحذر من أن الحرب الأهلية يمكن أن تقسم اليمن إلى اكثر من دولة، أو كيان، وليس شطرين فحسب.

2. في 28 أبريل 1994، دخلت الولايات المتحدة الأمريكية، جلسة الوساطة في الأزمة اليمنية، بمبادرة طرحها آرثر هيوز، السفير الأمريكي في صنعاء، بعد اشتعال القتال في منطقة عمران.

3. في 3 مايو 1994، تقدمت مصر بمبادرة، تهدف إلى الفصل بين القوات الشمالية والجنوبية، وسحبها من مواقعها الحالية إلى مسافة مائة كيلو متر، لإبعاد أي احتكاك بين الجيشين تمهيداً لتسوية الأزمة.

وقد وافق الحزب الاشتراكي على هذه المبادرة، في الوقت الذي لم يعلن فيه حزب المؤتمر الشعبي العام، موقفه منها، خاصة أنه رفض مراراً، أي خطوات من شأنها، إبعاد القوات الشمالية عن الجنوبية، أو نقلها من مواقعها الحالية، وهو الخلاف الذي أدى إلى فشل لقاء المصالحة في صلالة، بين الرئيس علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض.

وكان مبعوث الرئيس المصري، إلى اليمن، السفير بدر همام، قد دعا القادة الشماليين والجنوبيين، إلى ضرورة التحلي بالحكمة والتعقل، لتجاوز الأزمة السياسية التي يمر بها اليمن.

وعلى صعيدٍ آخر، أفادت مصادر دبلوماسية عربية، أن سورية، دخلت على خط الوساطات، لتخفيف حدة المواجهة، بين صنعاء وعدن.

4. عاودت جمهورية مصر العربية جهودها، وتقدمت بمبادرة، بالتنسيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة. وكان الرئيس محمد حسني مبارك، والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، قد أجريا اتصالات، مع أطراف الأزمة، وكانوا على وشك دعوة الرئيس اليمني، علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض، إلى قمة رباعية، في القاهرة تجمعهما، مع الرئيس محمد حسني مبارك، والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وعلى الرغم من تراجع الفكرة، نتيجة التداعيات التي نتجت عن القتال الناشب، ورفض صنعاء للوساطة العربية، فإن الدور الذي يمكن أن تلعبه الوساطة المصرية ـ الإماراتية، كان ما يزال متاحاً.

وفي القاهرة دعا الرئيس المصري،نظيره اليمني، غير مرة، إلى العمل على وقف القتال بين الأشقاء، وتجنب المزيد من نزيف الدم، والاعتداءات العشوائية على المنشآت الحيوية والأفراد الآمنين. وأكد أن مصر ستستمر في جهودها، من أجل إنهاء الأزمة.

5. وعلى ضوء تطور الأحداث، تقدمت الحكومة الأمريكية بمقترحات محددة، لإنهاء الأزمة سلميا، وتضمنت المقترحات الآتية :

أ. فصل الوحدات الشمالية والجنوبية لمسافة 70 كيلو متر.

ب. إيقاف أي تحركات عسكرية.

جـ. بذل الجهود لتحسين الاتصالات بين القيادات العسكرية، على مستوى الضباط، في مراكز القيادة العسكرية.

د. التفاوض المباشر بين الرئيس علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض.

هـ. تُتخذ الإجراءات اللازمة من الجانبين، لعودة المسؤولين الجنوبيين إلى صنعاء، للمساهمة في إدارة الحكومة.

وجاء في مطلع المذكرة، أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، تأسف بشدة، وتشعر بالقلق لاندلاع القتال الأخير، بين الوحدات العسكرية الشمالية والجنوبية في عمران، وعبروا عن قلقهم من إعادة انتشار القوات العسكرية، على نطاق واسع، وازدياد الحملات الإعلامية بين الشمال والجنوب. وأن الولايات المتحدة الأمريكية، تدعم بشدة الجهود المبذولة من القادة اليمنيين، والأصدقاء العرب، لتخفيف حدة التوتر. وحضت الحكومة الأمريكية، القيادتين الشمالية والجنوبية، على اتخاذ خطوات لمنع اندلاع المزيد من المعارك.

وشددت المذكرة، على أن كارثة عمران، تؤكد الحاجة الماسة إلى التوصل إلى حل سياسي، لأزمة اليمن الداخلية، في أسرع وقت ممكن. وحذّرت الحكومة الأمريكية، من أن استمرار الفشل في إيجاد حل للخلافات، سيؤدي إلى اندلاع المزيد من العنف، وأن أحداث عمران، تعكس انهياراً في التفكير والانضباط، من أعلى لأسفل.

ودعمت الحكومة الأمريكية بشدة، الاقتراحات المقدمة من قبل الوسيط المصري، لاتخاذ إجراءات بناء الثقة، وفصل القوات، وتنفيذ وثيقة العهد والاتفاق، التي يمكن أن تُسهم في تسوية الأزمة.

6. في 5 مايو 1994، أعربت المملكة العربية السعودية عن أسفها الشديد، لاستمرار القتال بين الأخوة في اليمن الشقيق. وصرّح مصدر مسؤول في الرياض، أن المملكة من منطلق حرصها على مصلحة الأشقاء في اليمن، تناشد الجميع ضبط النفس، ووقف الاقتتال، وتحكيم العقل، والمنطق، ووضع مصلحة اليمن، فوق أي اعتبار آخر، وذلك صيانة لدماء وأرواح أبنائه. كما أن المملكة يحدوها الأمل، في أن تسيطر الروح الإسلامية، والوطنية الصادقة، لوضع حد لهذه الأحداث الدامية، وتدعو الله العلي القدير، أن يجنب اليمن الشقيق كل سوء ومكروه.

7. وفي 7 مايو 1994، ومع اتساع دائرة المعارك، جددت أطراف عربية ودولية، النداءات للطرفين، لوقف الاقتتال، والاحتكام للعقل. فقد اتصل كل من الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، والرئيس السوري، حافظ الأسد، والرئيس الجزائري، الأمين زروال، والرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، والرئيس الليبي، العقيد معمر القذافي، بالرئيس اليمني علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض، وناشدوهم العمل على وقف الاقتتال والاحتكام إلى العقل. كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، الدكتور بطرس غالي، القادة اليمنيين، لضبط النفس، والعمل على حل الأزمة بالطرق السلمية.

8. وأعلنت جامعة الدول العربية، عن عقد اجتماع طارئ، على مستوى المندوبين الدائمين، لبحث سبل احتواء الأزمة اليمنية، والنظر في اقتراح مصري، بإرسال قوات عربية لوقف المعارك، وفك الاشتباك بين القوات اليمنية.

وصرح الدكتور عصمت عبدالمجيد، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أنه اتفق مع الرئيس علي عبدالله صالح، خلال اتصال هاتفي، على إرسال وفد، على مستوى عال من الجامعة العربية، للمساعدة في منع تصعيد الموقف، ولكن قصف مطار صنعاء الدولي حال دون وصول الوفد، ووجه الدكتور عبدالمجيد، نداء باسم الجامعة العربية، دعا فيه الطرفين وقف تصعيد الاقتتال.

كما أعلنت مصادر خليجية، أن وزراء دول مجلس التعاون الخليجي، الذين سيلتقون في الرياض، سيتناولون بالبحث تطورات الوضع اليمني.

9. وقد قوبلت دعوة الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، بإرسال قوات عربية للفصل بين القوات، بترحيب من جانب الحزب الاشتراكي الجنوبي. ولوحظ أن وسائل الإعلام المصرية الرسمية، ما زالت تصف السيد علي سالم البيض، بأنه نائب الرئيس اليمني، وحيدر أبو بكر العطاس رئيس الوزراء، كما تستخدم عبارات "الشماليين، والشطر الجنوبي".

ومن ناحية أخرى، رفض حزب المؤتمر الشعبي الوساطة العربية، وجاء في تصريح لأمينه العام المساعد، وعضو مجلس الرئاسة اليمني، عبدالعزيز عبدالغني، أن صنعاء ترفض الوساطة الخارجية، لأن ما يحدث شأن داخلي بين الشرعية والمتمردين عليها، كما أننا نرفض بشدة الوساطة التي تعتبر الصراع بين نظامين مختلفين، لأن النظام واحد والبلد واحد، والشرعية موجودة في مجلس النواب، الذي انتخبه الشعب، في 27 أبريل 1993.

10. وفي كلمة للرئيس علي عبدالله صالح، أمام مجلس النواب اليمني، في 6 مايو 1994، أعلن عن استعداده لتقديم مزيد من التضحيات، للحفاظ على الوحدة، والقتال ضد العناصر الانفصالية المتمردة على الشرعية.

وقد لاحظ مراقبون دبلوماسيون، أن طرح ورقة الشرعية، من جانب الرئيس اليمني، جاء متأخراً، كما فقدت فاعليتها، بسبب كشفها من جانب الحزب الاشتراكي في مرحلة سابقة، كما أن قراراته بطرد أعضاء مجلس الرئاسة، وبعض الوزراء، والمسؤولين الجنوبيين، لا تعتبر توجهاً وحدوياً، خاصة بعد تفجر القتال، بدلاً من الحوار بين أطراف الأزمة.

11. وفي 9 مايو 1994، أجرى وزير الخارجية اليمني، محمد سالم باسندوه، اتصالاً هاتفياً بالدكتور عصمت عبدالمجيد، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وأبلغه قرار صنعاء، بقبول وساطة الجامعة العربية، مما أثار دهشة المراقبين، الذين قالوا إن وزير الخارجية اليمني، الذي رفض منذ يومين أي دور للجامعة العربية، لاحتواء الحرب الدائرة بين الشمال والجنوب، معتبراً هذه الحرب شأناً داخلياً، لا دخل للجامعة العربية فيه، عاد والتزم باتخاذ الإجراءات الضرورية، لضمان وصول وفد الجامعة العربية إلى صنعاء.

وفي تصريح لوزير التخطيط اليمني، الدكتور الإيرياني، لتبرير موقف صنعاء، نفى أن يكون كلام وزير الخارجية يعني أن هناك تحولاً في موقف القيادة اليمنية في صنعاء، بعد رفضها الوساطة العربية على لسان الرئيس علي عبدالله صالح، وأكد أن حكومته وافقت على استقبال وفد الجامعة العربية، الذي هو الآن في طريقه إلى صنعاء، للحوار مع القيادة الشرعية والدستورية، وأشار أن الرفض كان للوساطة والحوار، على أساس وجود قيادتين شرعيتين في البلاد.

وترددت تساؤلات عديدة في الأوساط الدبلوماسية، العربية والأجنبية، حول قرار صنعاء المفاجئ، بقبول وساطة الجامعة العربية، وفسرهّ بعض المراقبين، بأنه ربما كان يعبر عن تفهم جديد، لصعوبة حسم الأزمة اليمنية عسكرياً، وفي الوقت نفسه، لتفادي العزلة العربية، والاتهامات، التي توجه إلى قيادة صنعاء، بصلف القوة.

وسرعان، عاد وزير الخارجية اليمني، ونفى ما سبق أن أعلنه عن قبول صنعاء، استقبال وفد جامعة الدول العربية، للتوسط في الأزمة اليمنية. واعترض على الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية في القاهرة، وقال إن ما يجري في اليمن شأن داخلي، وليس نزاعاً بين دولتين. وهاجم باسندوه القائم بأعمال مندوب اليمن لدى جامعة الدول العربية، شاهر محمد سيف، "جنوبي"، لتقديمه طلب إرسال قوات حفظ سلام عربية، من دون موافقة من مجلس الوزراء اليمني.

ومع استمرار المواجهات العسكرية، رفضت صنعاء تدخل الجامعة العربية، مصرة على التصدي للحفنة المتمردة. وادعت أن ما يحدث في اليمن، ليس صراعاً على السلطة، ولا هو صراع بين الشمال والجنوب، ولا هي حرب أهلية بين الجيش الشمالي والجيش الجنوبي، إنما هي حرب يمنية تدور بين قوات تدافع عن الشرعية الدستورية، وقوات تدافع عن مصالح بعض قادة الحزب الاشتراكي الانفصاليين المتمردين، الخارجين على القانون، الذين يرفضون الانضواء تحت لواء الشرعية والدستورية، ويسعون إلى تمزيق الوطن، وإجهاض الوحدة والديموقراطية، والعودة إلى زمن التشطير.

ورفض الرئيس علي صالح، دعوات الدول العربية والأجنبية لوقف النار، كما رفض أي تدخل خارجي، ورفض فكرة إرسال قوات عربية لفصل القوات في اليمن.

كما أعلن عبدالعزيز عبدالغني، الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي، في مؤتمر صحفي، عن قرب انتهاء الحرب ضد القوى الانفصالية المتمردة، وأكد أن الوساطات الخارجية لن تنفع.

12. وفي 10 مايو 1994

دعا وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، الطرفين المتحاربين في اليمن، إلى وقف القتال، وإيجاد حل سلمي عن طريق الحوار لمشكلات بلدهما، يحقق حقن الدماء، والاحتكام إلى لغة العقل والمنطق، ووضع مصلحة اليمن وشعبه فوق كل اعتبار. كما جاء في كلمة الأمير سعود الفيصل، في افتتاح اجتماع المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي، تعبيراً عن القلق البالغ، من التطورات الجارية في اليمن.

وقد رفضت صنعاء، مشروع وساطة كانت القيادة الفلسطينية عرضتها يوم 9 مايو، لوقف الحرب في اليمن، في حين رحب بها نائب الرئيس اليمني علي سالم البيض.

13. وفي زيارة لصنعاء والبحرين، قام بها مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأوسط، روبرت بلليترو، التقى خلالها الرئيس صالح، ونائبه البيض، وصرح أن احتمالات الحرب لا تبشر بخير، لأن الموقف كتاب ذو فصول كثيرة، واعتبر أن الحرب تنطوي على أخطار هائلة على الاستقرار الإقليمي في منطقة الخليج برمتها، وعلى المصالح الأمريكية في اليمن، وفي شبه الجزيرة العربية، وحدد الأخطار في استمرار سقوط الضحايا الأبرياء، وتعاظم الخسائر البشرية، وتدفق سيل اللاجئين اليمنيين على الدول المجاورة، وكذا بحث الطرفين عن مزيد من الأسلحة من مصادر مختلفة، مما يوفر فرصة للحكومات، التي تسعى إلى إشعال الاضطرابات وعدم الاستقرار. "وفي ذلك إشارة ضمنية إلى العراق".

وأكد أنه تحدث مع رئيس الوزراء، حيدر العطاس، الذي يعالج في الولايات المتحدة الأمريكية، وجدد تأكيده، أنه لا يوجد "حل عسكري"، وطالب أطراف النزاع العودة إلى الحوار السياسي، وعدّه الحل الوحيد للأزمة، وقدم إلى القادة اليمنيين، مقترحات أمريكية لحل النزاع، من بينها فصل الوحدات الشمالية والجنوبية، وإنهاء إعادة انتشار القوات.

وفي انتقاد ضمني لموقف الرئيس صالح، ذكر بلليترو: أن الرئيس صالح أخبره أن الأمور في اليمن تجاوزت مرحلة الدعوة للوساطات، التي تنادي بوقف الاقتتال، وأضاف بلليترو أن الآراء بينه وبين صالح لم تتوافق.

وانسجاماً مع المساعي الديبلوماسية الحميدة، والجهود العربية والدولية رحب الحزب الاشتراكي بجهود وقف الاقتتال، ليجنب اليمن وشعبه دمار الحرب الأهلية.

14. يوم 11 مايو 1994

ومع تصاعد حدة القتال، كثفت صنعاء، وعدن اتصالاتهما العربية، لشرح موقف كل منهما في الحرب الدائرة في اليمن. فبينما أرسلت صنعاء الشيخ عبدالله الأحمر رئيس مجلس النواب، والدكتور عبدالكريم الإيرياني وزير التخطيط إلى الرياض، ومحمد سالم باسندوه وزير الخارجية إلى القاهرة، أرسلت عدن صالح أبو بكر بن حسينون، وزير النفط، إلى أبو ظبي، ومنها إلى القاهرة، حاملاً رسائل من علي سالم البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي، ونائب الرئيس اليمني.

15. وفي الرياض، جدد خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز، موقف بلاده من الأزمة، مؤكداً أهمية ضبط النفس. وأبلغ الوفد اليمني لدى استقباله له، ضرورة وقف الاقتتال ونبذ لغة السلاح، واللجوء إلى الحوار المباشر، لحل أي إشكالات بين الجانبين، وأوضح أن مصلحة اليمن، وقف القتال وإنقاذ أرواح أبناء الشعب اليمني الشقيق.

16. وفي أجواء، تصاعد القتال، عادت المساعي العربية السياسية، باتفاق رئيسا مصر، ودولة الإمارات، وبالتنسيق مع المملكة العربية السعودية، على تكثيف الجهود لوقف القتال، خاصة أن الدول الثلاث، أصبحت في اليومين الأخيرين، مركزاً لاتصالات مكثفة بأطراف الأزمة اليمنية. وكانت نتيجة الاتصالات بين الدول الثلاث، أن صاغت الإمارات العربية المتحدة مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار في اليمن، تتضمن ثلاثة بنود:

أ. وقف فوري لإطلاق النار في جميع النقاط، مع سحب القوات إلى مواقع تمنع حدوث أي احتكاك بينها، يؤثر على المساعي السياسية، التي قد تبذل لإيجاد مخرج للأزمة اليمنية.

ب. التراجع عن كل القرارات، التي اتخذت في أعقاب القتال، والتي طالت إقالة القيادات الجنوبية اليمنية.

ج. البدء بحوار سياسي أساسه "وثيقة العهد والاتفاق"، التي يتمسك بها طرفا الأزمة.

وقد أكد الشيخ زايد، في اتصالات هاتفية، مع كل من الرئيس علي صالح، ونائبه علي سالم البيض، استعداد الإمارات لمواصلة وساطتها، ومساعيها الخيرة، شرط وقف إطلاق النار فوراً، وناشدهم أن يتقوا الله في اليمن وأبنائه، وتحكيم العقل بدل تحكيم السلاح.

17. يوم 12 مايو 1994، أبدى الأردن استعداده لاستئناف مساعي الوساطة، بين أطراف النزاع في اليمن، بعد أن كانت قد توقفت قبل اندلاع النزاع المسلح، واشترط أن تقبل كافة الأطراف بذلك. وقالت المصادر التي أشارت إلى ذلك، أن هذا الاتجاه ظهر خلال استقبال العاهل الأردني الملك حسين لوزير خارجية اليمن محمد باسندوه، كمبعوث للرئيس اليمني علي عبدالله صالح، ونقلت المصادر عن الديوان الملكي، أن باسندوه نقل رسالة من صالح إلى الملك حسين، وأطلعه على آخر التطورات في الحرب اليمنية. إضافة إلى أنه نقل إليه مضمون محادثاته مع المسؤولين المصريين في القاهرة.

ونقلت المصادر، أن باسندوه، تمنى على الملك حسين تجديد جهود الوساطة، خاصة أن توقيع "وثيقة العهد والاتفاق" جرى في عمان، وبإشراف الأردن.

وكان الأردن قد رفض في وقت سابق، وقبل اندلاع المعارك، القيام بمهمة الوساطة، لأنه اعتبر انفجار النزاع المسلح، طعنة لجهوده الدبلوماسية، والسياسية، وأن إطلاق النار، يعتبر في نظر الأردن، موجهاً إلى "الوثيقة"، التي وقعت من قبل كافة الأطراف في اليمن. وعلى الرغم من ذلك قالت مصادر موثوقة أن وفدا برلمانياً وشعبياً أردنياً، يستعد الآن للسفر إلى اليمن، للقيام بالوساطة، وقد يغادر عمان في الأسبوع المقبل، ويضم نواباً في الحركة الإسلامية، والقوى الوطنية، وبعض الشخصيات السياسية.

وفي موسكو، أكدت الحكومة الروسية، في بيان أصدرته، استعدادها للمساهمة في جهود الوساطة، لتسوية النزاع اليمني.

18. يوم 13 مايو 1994 صرح ولي العهد الكويتي، ورئيس مجلس الوزراء، الشيخ سعد العبدالله الصباح، أن الكويت لا تتأخر عن أي مسعى، يهدف إلى حل الخلافات في الدول العربية.

وفي اليوم نفسه، طرح الحزب الاشتراكي اليمني، مبادرة من ثماني نقاط لوقف القتال (انظر ملحق مضمون مبادرة الحزب الاشتراكي اليمني في 14 مايو 1994 .)، تضمنت اقتراحاً بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، لإزالة آثار الحرب، ووضع أسس إعادة الحياة لطبيعتها.

وكانت الأحزاب والقوى الوطنية اليمنية غير مشاركة في الائتلاف الحاكم، قد طالبت من موقع تمثيلها في لجنة الحوار، تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة، ولكن حزبي المؤتمر الشعبي، والتجمع للإصلاح رفضا ذلك.

وأعلنت صنعاء، رفضها مبادرة النقاط الثماني، التي طرحها الحزب الاشتراكي. وأكد ناطق رسمي في صنعاء لوكالة فرانس برس، أن اقتراح الحزب الاشتراكي، لوقف إطلاق النار، الذي ورد في المبادرة لا يحمل أي جديد. وأكد على شروط صنعاء لوقف النار، وهي أن يُسلّم البيض، وهيثم، وجميع الانفصاليين، أنفسهم لمحاكمتهم، أو مغادرتهم البلاد. وأعلن، أن لا حاجة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني، لأن هناك حكومة شرعية في البلد.

19. وفي يوم 14 مايو 1994، اجتمع مسؤولون في وزار الخارجية الأمريكية في واشنطن، مع محسن العيني، السفير اليمني هناك، وعبروا عن قلقهم من تفاقم القتال، بين طرفي القوات المسلحة اليمنية.

20. أعلن السيد عمرو موسى وزير الخارجية المصري، أنه على الرغم من أن بعض الأخوة في اليمن، يرون أن ما يجري هو مجرد تمرد، فإن الرأي العالمي كله يتفق على أن ما يجري هو صدام عسكري واضح وصريح.

وقال الوزير المصري، إنه مع الاعتراف بالرأي الذي يرى أن أحداث اليمن موضوع داخلي، إلا أنه في الواقع موضوع عربي، لأنه إذا وصلت أوضاع داخلية معينة، إلى مرحلة صدام عسكري، بالمعنى المعروف بالصدام العسكري، فلا بد من مساهمة لوقف هذا الصدام، وعدم ترك الأمور تتفاقم.

وقال عمرو موسى، إن مسألة الوحدة تتعلق بقرار يمني، واستمرارها هو شأن يمني داخلي، يتفق عليه الجميع، شعباً وقادة. أما ما يهم العرب فهو وقف الاشتباك اليمني ـ اليمني، وبدء الحوار.

ورداً على سؤال عن الأنباء، التي ترددت عن مشاركة جنود سودانيين، وعراقيين، في الحرب اليمنية، قال إنه ليست هناك معلومات مؤكدة بهذا الشكل، ولكن هناك بعض الكلام، عن وجود مجموعات عائدة من أفغانستان تعمل لأهداف معينة، في بعض أنحاء اليمن، وإن هذه المسألة موضوعة تحت المراقبة الشديدة، من جانب كثير من الدول العربية.

وفي لندن حض وزير الخارجية المصري طرفي النزاع اليمني، في تصريح صحفي، عقب اجتماعه مع رئيس الوزراء البريطاني، جون ميجور، على وقف القتال وبدء الحوار، للتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع.

21. وفي حين أكد مراقبون محايدون، أن القوات الشمالية، هي التي بدأت الحرب الدائرة في اليمن الآن، قال باسندوه أن جولته العربية تستهدف "شرح كيفية بدء القتال، ومن الذي بدأه؟ وكيف أن الأزمة السياسية في اليمن، كانت مقدمة لما يجري الآن، وأنه أريد من وراء افتعال الأزمة، تحقيق الانفصال سلمياً، ولما تعذر ذلك، لجأ المتمردون إلى استخدام الورقة العسكرية".

وجدد صالح أبو بكر بن حسينون، وزير النفط اليمني، المعزول، مبعوث علي سالم البيض ترحيب القيادة الجنوبية بكل المبادرات العربية والدولية من أجل وقف النزيف الدموي في اليمن.

كما أجرى عدد من الشخصيات السياسية اليمنية في الخارج، مشاورات لتشكيل لجنة، تكون مرجعية لاحتواء المصادمات العسكرية، ووقف الحرب، والضغط على القيادة السياسية في صنعاء، للتخلي عن خيار الحرب.

وتوقعت مصادر سياسية يمنية، أن يشارك في هذه اللجنة، كل من القاضي عبدالرحمن الإيرياني، وأحمد محمد نعمان، ومجاهد أبو شوارب، وعبدالله الاصنج، ومطهر الإيرياني، وعبدالقوي مكاوي، والرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد، وسفير اليمن في الأمم المتحدة، عبدالله الأشطل.

ونتيجة لرفض صنعاء المبادرات العربية، والدولية، لحل الأزمة، ووقف الاقتتال، استبعد الدكتور عصمت عبدالمجيد، الأمين العام لجامعة الدول العربية، عقد قمة عربية لبحث الأوضاع في اليمن في الوقت الراهن، ولكنه وصف الوضع في اليمن، بأنه خطير ومؤلم.