إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم السادس: تطورات الموقف السياسي والمبادرات الدبلوماسية

القسم السادس: تطورات الموقف السياسي والمبادرات الدبلوماسية

خلال الفترة من 16 مايو إلى 23 مايو 1994:

1. استمرت الاتصالات بين زعماء عرب، للبحث عن مخرج لاحتواء الوضع في اليمن، حيث تلقى خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز، اتصالاً هاتفياً من كل من الرئيس علي عبدالله صالح، والرئيس محمد حسني مبارك. كما استقبل في مكتبة في الديوان الملكي، وزير النفط اليمني، صالح أبو بكر حسينون، الذي سلمه رسالة من نائب رئيس مجلس الرياسة اليمني، علي سالم البيض، كما تلقى رسالة من الرئيس علي صالح، نقلها الدكتور الإيراني وزير التخطيط اليمني.

2. كما بحث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في اتصال هاتفي مع الأمير سلطان بن عبدالعزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع والطيران السعودي، الأوضاع المتأزمة في اليمن.

كذلك التقى السيد سيف بن مكتوم المنصوري، سفير الإمارات في صنعاء، الشيخ عبدالله الأحمر، وتبادلا وجهات النظر بشأن الوضع المتأزم في اليمن.

وكان الشيخ زايد بن سلطان، قد حمّل الرئيس اليمني صالح، مسؤولية استمرار الحرب في اليمن، حيث أبلغ الرئيس اليمني صراحة في اتصال هاتفي بينهم، أنه يأسف لعدم استجابة الرئيس اليمني للنداءات المتكررة بوقف القتال. وقد لاحظ المراقبون بوادر موقف الإمارات في الاهتمام الملحوظ بزيارة صالح بن حسينون، مندوب البيض، مقارنة بالفتور في استقبال باسندوه وزير الخارجية اليمني، ومبعوث الرئيس صالح. وقد أكد باسندوه، وزير الخارجية في مقابلة مع مندوب جريدة الشرق الأوسط في أبو ظبي، أن صنعاء لن تقبل وقف النار، وأشار إلى أن مفهوم الوساطة العربية في النزاع اليمني، ليس موضوعياً.

3. في 16 مايو 1994، تلقى الرئيس مبارك، اتصالاً من الرئيس صالح، بشأن مستجدات الأزمة، حذّر خلالها الرئيس المصري، من تحول القتال في اليمن، إلى حرب بلا نهاية.

4. عاد إلى القاهرة ليلة الاثنين 16 مايو 1994، وفد الجامعة العربية، الذي كان قد التقى الرئيس اليمني، وأجرى رئيس الوفد اللواء محمد سعيد بيرقدار، اتصالاً هاتفياً بالأمين العام للجامعة العربية، الدكتور عصمت عبدالمجيد، الموجود في دمشق، وأطلعه على نتائج مهمته، وسط مشاعر استياء من موقف قيادة صنعاء، من دور الجامعة والوساطات العربية. وصرح بيرقدار، أن علي صالح، يشترط لوقف القتال الاعتراف بالشرعية الدستورية، لدولة الوحدة اليمنية، وتسليم المتسببين في الأحداث للمحاكمة، وعلى رأسهم علي سالم البيض، أو مغادرتهم إلى أي دولة عربية، أو أجنبية. كما صرح بأن المسؤولين في اليمن الشمالي يرفضون أي مبادرة عربية، وصرح مصدر مسؤول في الجامعة، أن الوفد لقي صعوبات في مقابلة الرئيس اليمني، الذي استقبله بعد أربعة أيام من وصوله إلى صنعاء.

5. أعلنت روسيا فشل جهودها لوقف القتال، وصرح مسؤول في وزارة الخارجية الروسية، أن نداءاتها لحقن الدماء لم تؤد إلى نتيجة، وأعرب عن أسفه لإخفاق مهمة الجامعة العربية.

6. استقبل الشيخ جابر الأحمد الصباح، وزير النفط اليمني صالح بن حسينون، ودعا الشيخ جابر إلى، وقف الاقتتال فوراً، والجلوس إلى طاولة المفاوضات، وأعلن مشدداً على رفض الكويت، استخدام القوة في حل الخلافات.

7. وفي واشنطن أجرى مساعد وزير الخارجية الأمريكي، لشؤون الشرق الأوسط، روبرت بليترو، محادثات مع العطاس، وسفير اليمن لدى الولايات المتحدة الأمريكية، محسن العيني، تناولت النزاع في اليمن. وأكد بلليترو، الدعوة الأمريكية لإنهاء القتال، وتفادي سقوط ضحايا بين اليمنيين، والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تعمل على تأمين حماية اللاجئين الصوماليين في مخيم الكود، بعد مقتل المئات منهم بنيران المتقاتلين.

وأعلن مصدر مسؤول في الخارجية الأمريكية، أن العطاس أبلغ المسؤولين الأمريكيين الذين التقاهم، المخاطر التي ستترتب على استيلاء القوات الشمالية الموالية للرئيس اليمني علي عبدالله صالح، على المحافظات الجنوبية. وأكد أن بلاده ستصبح موئلا لتصدير الإرهابيين والمتطرفين، كما أنه حصل على وعد من بلليترو، بأن الولايات المتحدة الأمريكية، ستجدد دعمها للمساعي الرامية إلى تسوية النزاع سلمياً.

8. أما عن الاتصالات التي يجريها موفدو صنعاء في عواصم عربية، فإن الهدف منها، منع تأييد الدول العربية لعدن، وحرمان القيادة الجنوبية، من إجراء أي اتصالات خارجية، وعدم تدويل الأزمة، وكسب الوقت لحسم الصراع مع القيادة الجنوبية عسكرياً.

9. وفي يوم 17 مايو 1994، وردت أنباء عن خلافٍ حادٍ، برز بين الرئيس علي عبدالله صالح، والقيادات العسكرية الشمالية، بسبب تعيين العقيد عبد ربه منصور هادي ـ أحد أنصار الرئيس اليمني الجنوبي السابق، علي ناصر محمد، لتولي منصب وزير الدفاع. وتؤكد المصادر أن العقيد علي محسن الأحمر ـ الأخ غير الشقيق للرئيس صالح ـ رفض هذا القرار، وأن عدداً من القادة العسكريين الشماليين، اعتبروا أن قتالهم يدور مع القوات النظامية الجنوبية، ومن ثمّ فإنهم لن يقبلوا بأن يتولى مسؤولية القوات الشمالية ضابط جنوبي، مهما كانت مواقفه السياسية المعارضة للقادة الجنوبيين.

10. أعلن الحزب الاشتراكي اليمني، وخمسة أحزاب أخرى، منها ثلاثة شمالية، "التنظيم الوحدوي الناصري، وحزب الحق، واتحاد القوى الشعبية، وحزبين جنوبيين هما التجمع الوحدوي اليمني، ورابطة أبناء اليمن، مبادرة جديدة لوقف النار وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وأكد الحزب الاشتراكي أن "اتفاق المبادئ لإنقاذ الوطن" ينص على ما يلي:

أ. الوقف الفوري لكل العمليات الحربية.

ب. إلغاء كل مؤسسات السلطة القائمة، لعجزها عن حل الأزمة ومنع الكارثة.

ج. الإسراع في تشكيل حكومة إنقاذ وطني، تتولى إخراج البلاد من الهوة السحيقة.

د. تقوم حكومة الإنقاذ، بتطبيق وثيقة العهد والاتفاق، التي حازت على الإجماع الوطني، الذي لم يسبق له مثيل في حياة شعبنا.

هـ. تقوم حكومة الإنقاذ، بالتحقيق، لكشف المتسببين في جريمة الاقتتال، وتقديمهم للمحاكمة.

و. الوقوف ضد أي طرف، يرفض هذه المبادرة، التي تهدف إلى إنقاذ شعبنا، وبلادنا، ووضع حد لهذا الدمار.

وسبق للجنة الحوار من خارج الائتلاف، في 30 نيسان (أبريل) الماضي إعلان مبادرتها، التي تلخصت في إلغاء مؤسسات السلطة القائمة، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وكان ذلك بعد أحداث عمران، التي قادت إلى هذه الكارثة الشاملة.

ثم جاءت مبادرة الحزب الاشتراكي اليمني في 12 أيار (مايو) الجاري لتعبّر بانسجامها مع مبادرة التكتل الوطني للمعارضة، عن قبوله واستجابته لها، وثم فإن أي خروج أو رفض لهذه المبادرات، يعتبر خروجاً على الاجتماع الوطني.

وقال السيد علي سالم البيض، الذي أعلن الاتفاق في مؤتمر صحافي عقده في عدن، مساء الأحد15 مايو 1994، إن "توقيع اتفاق مبادئ الإنقاذ الوطني يمثل الصرخة العالية الوطنية، التي تنبعث من الموقف الوطني الشجاع، وبروح ديموقراطية وبثقة في النفس، لمواصلة بناء البلاد، بروح ديموقراطية سلمية، ويمثل خطوة تاريخية، فاليمنيون لم يقبلوا بأن تسكت أصواتهم عندما ارتفعت أصوات المدافع".

ورأى أن "الكارثة فرضتها على اليمن شلة صغيرة في صنعاء"، منتقداً "نظرية الاستعلاء".

وكرر أن "الحزب الاشتراكي اليمني، قدم باستمرار مبادرات سياسية، تستهدف إنقاذ الوطن، والحفاظ على الوحدة اليمنية، لكن الطرف الآخر (المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح)، ما زال ويا للأسف، يتعامل مع هذه المبادرات في شكل غير مسؤول، وفي تصرفاته ما ينم عن عدم تقدير المسؤولية، عن الحفاظ على أرواح الناس والوحدة".

11. وفي يوم 18 مايو 1994

أصدرت ست شخصيات يمنية نداء لوقف الحرب في اليمن هو الثاني منذ اندلاع القتال، في الرابع من الشهر الجاري، وأكدت أن "ما يجري من اقتتال بين أبناء القوات المسلحة اليمنية، أنزل خسائر فادحة بالأرواح، والممتلكات، والمنشآت، والمرافق العامة، وتجاوز عدد القتلى والجرحى، ثلاثين ألف شخص في جبهات القتال، وعشرة آلاف قتيل وجريح مدني".

ووقع النداء اللواء عبدالله قائد جزيلان، وعبدالله الأصنج، والعميد عبدالله عبدالعالم، وعبدالله درويش أحمد، والشيخ محمد علي العبيدي، والقاضي محمد عبدالهادي العجيل، الذين ناشدوا الملوك والرؤساء العرب، "أن يردعوا الجانب اليمني الذي يرفض السّلام، ووقف الحرب، ويصر على الاقتتال، ليحل الموت والدمار بأبناء الشعب اليمني العربي المسلم وشددو على أن استمرار الحرب يعني إلحاق المزيد من الكوارث والمآسي باليمن وأهله، ويمهد لاقتتال أهلي يلحق اليمن بالصومال".

واعتبروا "أن الأمة العربية في خطر، واليمن يتعرض نتيجة استمرار الحرب للتمزق والخراب الشاملين، وشعب اليمن يغرق في برك من الدماء، والحرب المتأججة هي قمة الخيانة والتآمر على الشعب والوطن".

وطالبوا بـ "موقف عربي يفرض السلام، وحمّلوا الرئيس اليمني، ونائبه، ورئيس مجلس النواب، مسؤولية ما لحق، وما سيلحق باليمن من كوارث متلاحقة، وفتنة أهلية، لا مخرج منها ولا نجاة، إذا لم يتوقف القتال".

وأكدوا "أن إهدار دماء الشعب اليمني، وأمواله في الشهر الحرام، يضع دعاة الحرب أمام الله، وواجبهم العودة بسرعة إلى جادة الصواب، وإفساح مجال أمام عقلاء الأمة العربية، للتوفيق بين الأطراف المتقاتلة، والقبول من دون شروط، بدور وساطة للجامعة العربية، وبمساع حميدة للرئيس المصري حسني مبارك، والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات".

12. وفي يوم 19 مايو حمّل الرئيس حسني مبارك، رئيس مجلس الرئاسة اليمني علي عبدالله صالح، مسؤولية اندلاع القتال في اليمن. وبذلك يتفق مبارك مع رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي جدد موقفه بتحميل صالح مسؤولية استمرار القتال. ويؤكد المراقبون، أن موقف الشيخ زايد، بشأن تحميل علي صالح مسؤولية استمرار الحرب، سيكون مؤثراً في بلورة موقف خليجي موحد، في التعامل مع الرافضين لوقف الحرب في اليمن.

وقد صرح الرئيس مبارك في مؤتمر صحافي، عقد مع وزير الخارجية الأمريكي وارن كريستوفر، أن القتال لن يحل المشكلة، بل سيخلف الكثير من الضغينة، حتى لو انتهت الحرب، وأكد أن استخدام القوة ليس نوعاً من الوحدة، ولكنه نوع من الاحتلال لأن استمرار الوحدة تحتاج إلى رغبة الطرفين.

كما صرح مصدر رسمي رفيع المستوى، بأن مصر لن تستمر في وساطة أو مساعٍ حميدة، في ظل شروط يضعها الرئيس صالح، لوقف النار، وشدد على "أن مصر لا تتفق مع القيادة في صنعاء، في اعتبارها نائب الرئيس البيض متمرداً". وقال "لا بد من وقف النار من دون شروط، والحوار بين الطرفين، وليس من حق طرف استخدام القوة، وإنكار استخدامها على الطرف الآخر".

وأضاف أن الاحتمالات المطروحة، الآن، هي "استمرار القتال، حتى الوصول إلى مرحلة لا غالب ولا مغلوب، مما يفرض على الشمال قبول الحوار"، أو "إعلان الانفصال من جانب الجنوب، ويصبح مطلق الحرية والحق في استدعاء من يستدعيه أو يطلب مساعدة من يساعده".

13. كما أجرى البيض من مقر قيادته في عدن، اتصالات هاتفية مع الرؤساء العرب، وأطلعهم على آخر التطورات العسكرية، وفي الوقت نفسه دعا الحزب الاشتراكي لتشكيل مجلس للإنقاذ الوطني، بسبب وجود فراغ دستوري في البلاد، وعدم شرعية المؤسسات القائمة. على أن يوجه جهوده لإيقاف الحرب.

وكان الحزب الاشتراكي، الذي دعا في أكثر من مناسبة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني، قرر مع خمسة من أحزاب تكتل المعارضة الوطنية مساء الاثنين 16 مايو/ الثلاثاء 17 مايو الماضي، تشكيل مجلس للإنقاذ الوطني.

وفي الإطار نفسه أعلن رئيس اللجنة التنفيذية لـ "التجمع اليمني الوطني"، السيد عبدالقوي حسن مكاوي، تأييده تشكيل "حكومة الإنقاذ الوطني".

14. وفي صنعاء، أطلع الرئيس صالح، الملك حسين، في اتصال هاتفي، الأوضاع الجارية في اليمن، في ضوء ما تحرزه القوات الشمالية، من انتصارات في دحر قوات التمرد.

وأكدت مصادر قريبة من الرئيس صالح، مطالبته بتسليم ثمانية من قادة المكتب السياسي للحزب الاشتراكي، شرطاً لوقف النار، أو خروجهم من البلاد سريعاً، وعلى رأسهم علي سالم البيض، ومعه حيدر العطاس، وصالح بن حسينون، وياسين سعيد نعمان، وهيثم قاسم طاهر، وصالح عبيد أحمد وقاسم يحيى، وصالح منصر السبيلي، ومثنى عسكر. واستبعد الرئيس من هذا الشرط السيد سالم صالح، محمد الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي، وأربعة عشر آخرين من أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي، أبرزهم جار الله عمر وزير الثقافة، وأنيس حسن يحيى رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي، وفضل محسن وزير الثروة السمكية، ومحمد سعيد عبدالله وزير الإسكان، وأحمد علي السلامي وزير الكهرباء. وأبلغ الرئيس صالح مبعوثي الأمين العام لجامعة الدول العربية، بهذا الشرط، أثناء استقباله لهم، قبل مغادرتهم صنعاء إلى القاهرة، قبل ثلاثة أيام.

15. إعلان جمهورية اليمن الديموقراطية، وموقف بعض الدول من الانفصال :

أ. في 21 مايو 1994، أعلن عن انفصال الشطر الجنوبي، وقيام دولة جمهورية اليمن الديموقراطية، وعاصمتها عدن.

ب. وفي يوم 22 مايو أعلن في عدن، تشكيل مجلس رئاسة لجمهورية اليمن الديموقراطية، من خمسة أعضاء، في مقدمتهم رئيس المجلس علي سالم البيض، زعيم الحزب الاشتراكي، وعبدالرحمن الجفري، رئيس رابطة أبناء اليمن، الذي عين نائباً للرئيس، وعبدالقوي مكاوي رئيس التحالف اليمني الوحدوي الوطني، والذي كان رئيساً لوزراء اليمن الجنوبي عام 1965، والموجود في الإسكندرية في مصر، وانتقل إلى عدن للانضمام للمجلس، وسليمان ناصر مسعود، المقيم بعدن، والذي ينحدر من محافظة أبين، وهو من أنصار علي ناصر محمد، الذي يعيش في دمشق، والعضو الخامس هو سالم صالح محمد، الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي.

ج. كما أعلن عن تشكيل الجمعية المؤقتة للإنقاذ الوطني، من 111 عضو من النواب الجنوبيين في البرلمان الموحد، والتي شكلت بموجب وثيقة إعلان جمهورية اليمن الديموقراطية، وانتخب لرئاستها، أنيس حسن يحيى.

د. كما تقرر تشكيل الحكومة الجنوبية برئاسة المهندس حيدر العطاس، الموجود في أمريكا، وأعلن أنه سيعود قريباً لتشكيل الحكومة. وشهدت عدن تظاهره كبيرة، تأييداً لإعلان الجمهورية، واستنكاراً للقصف الصاروخي الشمالي للمدينة.

هـ. وكشف مصدر مسؤول في عدن أن قادة الحزب الاشتراكي، عرضوا قيام دولتهم المنفصلة، على العديد من الرؤساء العرب، وتشاوروا مع بعض الدول الأوربية، ولمسوا تأييداً لقيام الدولة الجديدة، مما دفع بهم إلى إعلانها في ذكرى الوحدة اليمنية، وتوقع العطاس، أن تحظى جمهورية اليمن الديموقراطية، باعتراف دول عربية وأجنبية، منها مصر ودول الخليج، وسورية.

وأفادت أنباء عدن، أن البيض والقيادات في الجنوب، أجروا اتصالات عربية ودولية مكثفة، لبلورة الوضع الجديد، كمخرج يوقف نزف الدم، بعد أن فشلت الجهود كافة لوقفها بالحوار.

وتوقعت تلك الأنباء توارد اعترافات الدول "بالدولة الوليدة"، رغم أن الرئيس اليمني الشمالي اعتبر أي اعتراف تدخلا بالشؤون الداخلية لليمن. وأشارت أن فشل الحوار مراراً قد يبرر الصيغة الجديدة، إذ لا يمكن فرض الوحدة بالقوة.

و. وباستثناء الأردن وليبيا، اللذين عارضا الانفصال، التزمت الدول العربية الأخرى موقف التريث من الجمهورية الجديدة. واستمرت الاتصالات على غير مستوى، ويتلخص موقف الدول والتنظيمات السياسية في الآتي:

(1) في صنعاء، دعا علي صالح، البيض إلى "تسليم نفسه إلى أقرب قسم للشرطة" وتعهد ضمان محاكمة عادلة له، بتهمة "الخيانة الوطنية في أعقاب إعلانه الانفصال، ووصف علي صالح، في خطاب ألقاه أمام جموع المصلين عقب صلاة عيد الأضحى المبارك، البيض بأنه "معتوه، ومريض بانفصام الشخصية، واتهمه بالخيانة، هو ومن معه من أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني، ووصفهم بأنهم "شرذمة لا يمثلون سوى أنفسهم، وأكد الرئيس صالح في خطابه، والذي جاء أيضاً بمناسبة الذكرى الرابعة لإعلان الوحدة اليمنية، أن الوحدة "باقية وأن الشعب اليمني وقواته المسلحة سيدافعون عن الوحدة اليمنية، وسيحافظون عليها مهما كان الثمن. وكان علي صالح رأس اجتماعاً مشتركاً لمجلس الرئاسة، وهيئة رئاسة مجلس النواب، ومجلس الوزراء، مساء أمس، وأصدر الاجتماع بياناً أكد فيه "تصدي الشعب، والقوات المسلحة اليمنية، والمؤسسات الدستورية، بحزم لكل أعمال التآمر، التي تحاول المساس بوحدة البلاد، أو الانحراف بخيارها الديمقراطي. ووصف البيان إعلان الانفصال بأنه "خيانة عظمى، لا يمكن أن تمر من دون أن يلقي مرتكبها ما يستحقه من عقاب رادع". وناشد البيان الأقطار العربية، والإسلامية، والدول الأجنبية، "عدم الاستمرار في تعاملها مع عصابة التمرد والانفصال في الحزب الاشتراكي". واعتبر أن أي تعامل أياً كان نوعه من أي جهة مع البيض يعتبر عملاً معادياً للشعب اليمني، وتدخلاً سافراً، ومرفوضاً، في الشؤون الداخلية للجمهورية اليمنية. وللسلطات الدستورية في البلاد الحق في التعامل معه بالأسلوب المناسب".

واجتمع وزير خارجية اليمن محمد سالم باسندوه بالسفير الروسي، وبسفراء الدول العربية، والإسلامية، في صنعاء، وطلب نقل وجهة نظر صنعاء في الوضع، محذراً من أي موقف يؤيد الانفصال.

(2) ورغم توارد أخبار عن اعتراف روسيا بالدولة الجديدة في اليمن الجنوبي، إلا أن السفير الروسي في صنعاء، أكد استمرار بلاده في تأييد وحدة اليمن. وأن موقف الاعتراف سيعلن من موسكو مباشرة، وربما اتخذ قرار بذلك وينتظر إعلانه رسمياً.

(3) ونددت ثلاث أحزاب معارضة، كانت تعتبر على علاقة تحالف مع الحزب الاشتراكي أثناء الأزمة السياسية، بإعلان الانفصال، هي التجمع اليمني الوحدوي الناصري، بقيادة السيد عمر الجاوي، الذي وصف قرار الانفصال بأنه "خطر وكارثة وطنية، وحماقة غير متوقعة من الحزب الاشتراكي" والتنظيم الوحدوي الناصري، وحزب الحق.

(4) وتطرق خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز، وولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس الحرس الوطني، الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، في كلمة وجهت أمس إلى حجاج بيت الله الحرام، إلى الأحداث الدامية في اليمن وأكدا "أن السعودية تشعر بأسف بالغ، لتدهور الأوضاع هناك وعبرنا عن موقفنا الصريح الأخوي الواضح هذا، في 5 أيار (مايو) 1994 إذ ناشدنا أطراف النزاع تحكيم العقل، والمنطق، ووضع مصلحة اليمن وشعبه في مقدم الأولويات. قلنا هذا، ونؤكده باستمرار، لأن أمن اليمن واستقرار الأوضاع، فيه يهمنا قبل غيرنا، ومن مصلحتنا أن تكون الأمور مستتبة فيه". وأكد مجدداً أن "الواقعية في التفكير، والتفاهم بين الأطراف، كفيلان بجلب دواعي الأمن، والاستقرار" إلى اليمن وتجنيبه "الحروب الخطرة، والتدمير الشامل".

(5) وفي عمان، أكدت مصادر أردنية رسمية أمس، أن الأردن لن يعترف بانفصال اليمن الجنوبي كدولة مستقلة، من دون وجود إجماع عربي على ذلك، من خلال مؤسسة الجامعة العربية، وقال المصدر المسؤول أن بلاده ترفض الانفصال من حيث المبدأ، وتعترف بالشرعية، التي تحققت من خلال استفتاء شعبي، أدى إلى الوحدة، التي باركها العالم العربي بما فيه الأردن. وأضاف أن الأردن يعتبر أن الوحدة، التي جاءت نتيجة إجماع وطني وشعبي، يجب ألا تقوض من دون إرادة شعبية، تستند إلى مبدأ الإجماع الديمقراطي. وأكد أن القرارات التي تتخذ في شأن الوحدة اليمنية أو الانفصال، "يجب ألا تتخذ من جانب واحد". وأوضح أن الأردن "لن يغير موقفه من تأييد الوحدة، لمجرد وجود خلافات بين القيادات السياسية المختلفة". وشدد على أن "لدينا اقتناعاً، بأن الشعب اليمني يريد الوحدة على رغم الخلافات بين الزعماء، الذين يغلبون مصالحهم السياسية على المصالح العليا للشعب اليمني".

(6) وفي القاهرة، لزمت الخارجية المصرية الصمت إزاء إعلان قيام دولة مستقلة في جنوب اليمن، فيما توقع عضو المكتب السياسي في الحزب الاشتراكي اليمني، الدكتور عبدالعزيز الدالي، الموجود في القاهرة، أن تعترف غالبية الدول العربية بجمهورية اليمن الديموقراطية. وصرح الدالي أن الانفصال بين شطري اليمن "بدأ فعلياً منذ بدء العمليات العسكرية، مطلع الشهر الجاري ". واعتبر أن قرار إعلان دولة مستقلة في جنوب اليمن، جاء محصلة للواقع الذي فرضه "الرئيس اليمني" علي عبدالله صالح.

(7) وواصل الدكتور عصمت عبدالمجيد اتصالاته مع عدد من وزراء الخارجية العرب لإطلاعهم على نتائج مهمة وفد الجامعة إلى صنعاء والوقوف على أرضية التحرك العربي بعد قرار الانفصال.

ويدور في القاهرة صراع آخر بين الديبلوماسيين اليمنيين أنفسهم، من الشمال والجنوب، في سفارة اليمن، ومندوبيها لدى الجامعة العربية، بشأن تنظيم التمثيل الديبلوماسي لليمن. وكان تمثيل دولة الوحدة، اشترط أن يكون سفير اليمن لدى القاهرة من الجنوب، ومندوبها الدائم في الجامعة من الشمال.

(8) ودعت الولايات المتحدة الأمريكية في بيان أصدرته وزارة الخارجية، أطراف النزاع اليمني إلى إعلان وقف نار دائم، والبدء بمحادثات للمصالحة السياسية وتجنب نقل الحرب إلى عدن أو مراكز سكانية أخرى. أو تعريض المدنيين اليمنيين أينما كانوا إلى خطر.

ورحب الناطق باسم وزارة الخارجية مايك ماكوري، بإعلان صنعاء وقف النار لمدة ثلاثة أيام بمناسبة عيد الأضحى، ووصفه بأنه "خطوة أولى جيدة لوضع حد للنزاع، الذي يلف اليمن وللمصالحة بين كل الأطراف".

ويوضح هذا التصريح، الذي حدثت بعده تطورات عسكرية في ميدان القتال، وبعد إعلان القادة الجنوبيين من طرف واحد انفصالهم عن دولة الوحدة، أن الولايات المتحدة تعارض استمرار الحرب، حتى إذا كان الهدف منها الحفاظ على اليمن دولة موحدة. وحض ماكوري الأطراف على استئناف الحوار السياسي، بهدف إنهاء الانقسامات التي حلت باليمن منذ (آب) أغسطس من العام الماضي. واعتبرت الولايات المتحدة أن الوحدة اليمنية، ليست هدفاً ينبغي السعي إلى تحقيقه بقوة السلاح. وجاء في البيان أن "الحلول العسكرية ليست الجواب لمشاكل اليمن، ولن تحقق الوحدة المفروضة بالقوة، السلام لليمن". وحضت قادة اليمن، أن يغتنموا هذه الفرصة، للبدء بإعادة بناء يمن ديمقراطي موحد، تحترم فيه حقوق كل المواطنين.