إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الثالث: تطورات الموقف السياسي

القسم الثالث: تطورات الموقف السياسي

خلال الفترة من 24 مايو إلى 31 مايو

1. أخذت المواقف الدولية إزاء إعلان الانفصال من جانب القيادة الجنوبية، خمس أشكال مختلفة كالآتي:

أ. التزمت الـ185 دولة، الأعضاء في الأمم المتحدة، الصمت. فاليمن من وجهة نظرهم، ليس قوة رئيسية على الساحة الدولية، وتستطيع معظم دول العالم تجاهل ما يجري فيها. إلاّ أن الموقف الأمريكي، كرر الدعوة إلى وقف القتال فوراً، واستئناف الحوار السياسي، وأكد أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة، كما يجب ألاّ يقرر مستقبل اليمن أثناء احتدام المعارك.

ب. انحياز العراق والأردن، إلى الشمال:

أدان العراق بشدة، إعلان زعيم الحزب الاشتراكي اليمني، السيد علي سالم البيض "جمهورية اليمن الديموقراطية". وأفادت وكالة الأنباء العراقية، أن الرئيس العراقي صدام حسين، بعث برسالة إلى علي عبدالله صالح، بمناسبة الذكرى الرابعة للوحدة اليمنية، التي صادفت أول من أمس، "تمنى فيها لمجلس الرئاسة اليمني، النجاح في حماية وحدة اليمن، والحفاظ على أمنه وسلامته والتغلب على الصعوبات". ونقلت الوكالة عن وزير الخارجية العراقي، السيد محمد سعيد الصحاف، أن "العراق يؤكد تأييده التام وحدة اليمن الشقيق أرضاً وشعباً، ويؤيد السلطة الشرعية والدستورية، بزعامة الرئيس علي عبدالله صالح". وأضاف الصحاف: أن العراق "تدين بشدة العمل الانفصالي البغيض، الذي اقدم عليه البيض ومجموعته".

ج. أعربت دول عديدة، منها ليبيا، وإيران، والسودان، عن أسفها لما حدث، لكنها لم تستنكر المبادرة الانفصالية الجنوبية، وعلى الرغم من انحياز هذه الدول إلى جانب الشمال، نوعاً ما، فإنها ليست مستعدة، على ما يبدو، لتحمل مجازفات نيابة عنه.

ففي يوم 24، أعربت إيران عن أسفها لتقسيم اليمن، وأعربت عن أملها أن يتبع المسؤولون حلولاً سياسية، لإنقاذ المكاسب التي حققتها بلدهم.

د. أعلنت بضع دول رئيسية، منها مصر، أنها لا تعتزم الاعتراف بالجنوب. إلاّ أنها لم تستبعد هذا الاعتراف تماماً، وتركز هذه الدول اهتمامها حالياً على مطلب "وقف إطلاق النار فوراً، ودون قيد أو شرط"، الذي رفضه الشمال حتى الآن، إلاّ أن دول هذه الفئة، قد تعيد النظر في سياستها الحالية، إذا ما استمرت الحرب.

وفي القاهرة، قال وزير الخارجية السيد عمرو موسى، إن الوحدة اليمنية تمت بمنطق معين منذ أربع سنوات، واستمرار الحرب لا يمكن أن يكرسها، مؤكداً في مؤتمر صحفي عقده ظهر أمس، أن بلاده لن تقف متفرجة إزاء ما يحدث في اليمن، والاتصالات مستمرة مع مختلف المسؤولين اليمنيين، في الشمال والجنوب، لوقف إطلاق النار، ورفض الاشتباكات، ومحاولة بناء حوار. ووصف موسى الوضع الحالي في اليمن، بأنه "مأسوي ومشين"، وأدان استخدام السلاح لفرض الوحدة، مشيراً إلى أن الوحدة هدف قومي، إلا أن تنفيذها لا يتم بالقوة وعلى شلالات دماء.

وفي الرباط، وفي أول رد فعل علني على المعارك المحتدمة في اليمن، أعرب الحسن الثاني، عن أمله في إعادة توحيد "صفوف الشعب اليمني الشقيق، كي يستطيع مواصلة مسيرته الحضارية، وإنجاز عمله الدؤوب لما فيه خيره، وخير الأمة العربية والإسلامية، التي يجب أن تحتل المكانة، التي تستحقها بين الأمم".

هـ. اعترفت جمهورية أرض الصومال الانفصالية بدولة اليمن الجنوبي، إلاّ أن اعترافها يمكن تجاهله لكونه عديم الأهمية.

و. كما اعترفت دولة الإمارات العربية المتحدة، بصورة ضمنية، بالجنوب دولة مستقلة، إلاّ أن هذا الاعتراف الضمني، لم يتم عبر القنوات الدبلوماسية المتعارف عليها، بل ركزت دولة الإمارات اهتمامها علي حقيقة، أن علي عبدالله صالح، وعلي سالم البيض، لاعبان رئيسيان في اللعبة اليمنية، ويجب، معاملتهما بالتساوي.

ولمّا كانت دولة الإمارات، إحدى دول مجلس التعاون الخليجي، الذي بين دوله اتفاقات رسمية، بشأن تنسيق سياساتها العربية والخارجية، فإن موقفها ربما يعكس أيضاً، مشاعر بقية دول المجلس تجاه القضية.

وجاء اعتراف دولة الإمارات، في سياق مكالمة هاتفية بين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والسيد علي سالم البيض، الذي وصفته "وكالة أنباء الإمارات" الرسمية بـ "فخامة الرئيس"، في إشارة واضحة إلى أنه رئيس جمهورية اليمن الديموقراطية الجديدة.

ولفت المراقبون النظر، إلى أن عبارة "فخامة الرئيس علي سالم البيض"، تكررت ثلاث مرات في البيان، الذي بثته الوكالة الرسمية، عن الاتصال الذي جرى بين الشيخ زايد والبيض.

وتقول مصادر سياسية، إن البيض، الذي أعلن قيام جمهورية اليمن الديموقراطية، أطلع الشيخ زايد على هذه الخطوة، قبل إعلانها في 21 (أيار) مايو 1994، الجاري.

وأشار المراقبون، إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة، لم تصدر بياناً رسمياً، تعترف فيه بجمهورية اليمن الديموقراطية، وعاصمتها عدن. ولكن هذه الخطوة باتت مسألة وقت، بعدما بدأت أبو ظبي تتعامل مع البيض، باعتباره رئيساً للجمهورية، إذ كانت تطلق عليه في إطار دولة الوحدة "سابقا"، صفة نائب الرئيس اليمني.

وكانت أبو ظبي قد أعطت إشارات قوية، منذ أكثر من عشرة أيام، إلى توجهها الجديد بانتقادها المباشر، وبالاسم، الرئيس علي عبدالله صالح. فقد حَمَّلَتْه مسؤولية استمرار القتال، وعدم الاستجابة لنداءات الشيخ زايد، والقادة العرب الآخرين، لوقف الحرب، وتحكيم العقل والحوار.

وقد أرسل الرئيس علي عبدالله صالح، الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب اليمني، ورئيس التجمع اليمني للاصلاح، وشيخ قبائل حاشد، إلى أبو ظبي، في محاولة لاحتواء توجه دولة الإمارات العربية المتحدة، للاعتراف الرسمي بجمهورية اليمن الديموقراطية. وقالت مصادر دبلوماسية في أبوظبي أن فشل لقاء الشيخ عبدالله الأحمر مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، قد يسرع بخطوات اعتراف رسمي بالدولة الجنوبية في اليمن، وأن زيارة الأحمر كانت هي "الورقة الأخيرة من جانب صنعاء، لترطيب أجواء العلاقات مع أبوظبي، التي أعلنت صراحة مسؤولية علي عبدالله صالح، عن استمرار القتال".

وأشار المراقبون الدبلوماسيون، إلى أن "ما فشل فيه الأحمر، الذي يتمتع بعلاقة شخصية قوية مع الشيخ زايد، ويمثل ثقلاً في المنطقة، لا يمكن أن ينجح فيه شخص أخر". وقد عكست تصريحات الأحمر ـ عقب اللقاء ـ ضيقه الشديد من إطلاق صفة "الرئيس"، على علي سالم البيض، فقال "هذه كلمة كبيرة جداً في حق اليمن". وعلى الرغم من انتقاده الضمني للإمارات، قال الشيخ عبدالله في مؤتمره الصحافي، "لا أعتقد أن أي دولة عربية أو صديقة، ستقدم على الاعتراف بقرار الانفصال".

وأكد الشيخ الأحمر، أن الحسم العسكري "هو الخيار الأخير للمحافظة على وحدة اليمن". وقال إن "اليمن لا يرفض الوساطة من أجل وقف الحرب، شريطة أن تتم في إطار الشرعية". ونفي ما تردد عن احتمال عقد لقاء بين الرئيس علي عبدالله صالح، والزعيم الجنوبي علي سالم البيض، وقال "لا يصح أن يتم لقاء بين الرئيس ومتمرد".

ورفض الأحمر تدخل مجلس الأمن في الصراع اليمني، وقال "ما دخل مجلس الأمن في قضية داخلية". وكانت مصادر صنعاء، تعلق أمالاً كبيرة على زيارة الأحمر لأبوظبي، في تحييد دور الإمارات، إذا لم يتسن كسب موقفها إلى جانب صنعاء، لعرقلة الاعتراف الدولي باليمن الديموقراطية.

ز. أعلن مصدر رسمي في الجزائر، أن الرئيس الأمين زروال، دعا إلى وقف إطلاق النار في اليمن، خلال اتصال هاتفي أجراه بالرئيس اليمني علي عبدالله صالح.

ودعا زروال، باسم اتحاد المغرب العربي (الجزائر وتونس والمغرب وليبيا وموريتانيا)،الذي ترأسه الجزائر، إلى "وقف النار بين أبناء اليمن، حفاظاً على وحدة هذا البلد الشقيق".

2. وفي حديث إلى وكالة رويتر، صرح وزير التخطيط اليمني السيد عبدالكريم الإيرياني، أنه لا يتوقع "أي تدخل أجنبي، في القتال الدائر في اليمن، لكنه أكد أن طائرات من نوع توبولوف (Tupolev)، من أوروبا الشرقية، تحمل كل منها دبابتين. تهبط في مطار الريان في المنطقة الشرقية، التي تسيطر عليها القوات الجنوبية اليمنية، وأضاف أن سفينة حربية تحمل قطع مدفعية، ومعدات عسكرية، للجنوبيين، ترسو قبالة ميناء المكلا، عاصمة محافظة حضرموت.

وينظر اليمنيون الشماليون، بعين الشك إلى بريطانيا، التي كانت حتى عام 1967، تحكم عدن، وبقية مناطق اليمن الجنوبي، من خلال اتفاقات حماية.

ومن النظريات التآمرية، التي تتردد، أن لندن تخطط لتوطين عشرات الآلاف من الصينيين من هونج كونج في عدن، وإحياء الوضع الذي كانت المدينة تحظى به قبل الاستقلال، كميناء دولي ومركز تجاري.

3. وأفاد مصدر دبلوماسي مصري من القاهرة، أن الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت اتصالات مع جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، في مساعٍ لوقف إطلاق النار، وإقامة حوار بين طرفي النزاع في اليمن. وأضاف أن هذه "الدول العربية الثلاث، قادرة على تأمين حوار غير مباشر بين اليمنيين الشماليين والجنوبيين، وأنها قامت بمساعي وساطة، منذ بداية الأزمة في اليمن".

وذكر أن هذه الوساطة تهدف إلى "المحافظة على وحدة اليمن، دون استخدام القوة"، وألمح إلى أن الدول المعنية بهذه الوساطة، ستطلب من الشماليين الموافقة على وقف إطلاق النار، مقابل إلغاء الجنوبيين إعلان استقلالهم من جانب واحد. واعتبر المصدر أنه "من الممكن التوصل إلى وقف إطلاق النار".

كما بعث خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز، برسالة إلى الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، نقلها سمو الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، وذلك في إطار المشاورات المستمرة بين الزعيمين العربيين. وقال سمو الأمير سعود الفيصل عقب لقائه مع الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، في القاهرة "ناقشنا كل أمور المنطقة العربية، وبطبيعة الحال منها اليمن".

4. تتواصل المواجهات في سفارات اليمن في الخارج، بين السفراء وباقي أعضاء البعثة، بعد الإجراءات، التي اتخذتها صنعاء، بإبعاد السفراء الجنوبيين وتعيين شماليين مكانهم. فقد صدرت قرارات بتغيير ثلاثة سفراء جنوبيين، هم سفراء فرنسا، ودمشق، والقاهرة.

وفي جيبوتي منع ثلاثة مسلحين، السفير اليمني، عبده قاسم ناجي (جنوبي)، من دخول مكتبه لممارسة مهامه. بينما سمحوا لبقية أعضاء السفارة بأداء عملهم بشكل طبيعي.

وأتهم السفير مسؤولاً سابقاً في جهاز أمن السفارة، بأنه يقود المسلحين الذين حضروا خصيصاً من صنعاء. وندد قاسم بهذا الإجراء الذي وصفه بأنه ينتهك الاتفاقات الدولية، والقواعد البروتوكولية.

وفي القاهرة أغلق السفير اليمني، عبدالجليل الغيلان "جنوبي" مقر السفارة، وبرر قراره بالحرص على عدم حدوث احتكاكات بين الدبلوماسيين، والطلاب الوافدين على السفارة من الشماليين والجنوبيين، مما قد يسبب مشاكل مع الحكومة المصرية. وجاء قرار السفير بعد صدور قرار من سالم باسندوه بإعفائه من منصبه، واستدعائه إلى صنعاء.

5. وقالت مصادر مطلعة في صنعاء، إن قرار الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، تعيين ثلاثة أعضاء جدد في الحكومة ـ بدلاً من وزراء ينتمون للحزب الاشتراكي ـ وهم عبد القادر باجمال، نائباً لرئيس الوزراء، بدلاً من محمد حيدر مسدوس، وفيصل عثمان بن شملان، وزيراً للنفط والثروة المعدنية، بدلاً من صالح أبو بكر بن حسينون، واحمد مساعد حسين، وزيراً للنقل، بدلاً من صالح عبيد أحمد. إضافة إلى قرار تعيين محافظين جديدين، لمحافظتي لحج وشبوة، جاءا ليؤكدا مضي صنعاء قدماً، في إحكام سيطرتها على الحكومة المركزية، ومحافظات أبين وشبوة ولحج (الجنوبية)، بعيداً عن نفوذ قيادات الحزب الاشتراكي. والمحافظون الجدد هم: أحمد علي محسن محافظاً لشبوة، في المنصب الذي كان يشغله درهم نعمان، ومنافساً لأحمد بن فريد الصريمة العولقي، الذي عينه علي سالم البيض في بداية الأسبوع الماضي، وعبدالله عوض بامطرف، محافظاً للحج، خلفاً لصالح الأعجم.

6. تسلمت الأمانة العامة للجامعة العربية، طلباً من علي سالم البيض بانضمام جمهورية اليمن الديموقراطية إلى الجامعة العربية، كدولة مستقلة، بعد أن اتصل مسؤول يمني جنوبي هاتفياً بمسؤولي الأمانة العامة للجامعة في منازلهم، وطلب منهم تكليف موظف بالجامعة، بتسلم المذكرة، التي حالت عطلة عيد الأضحى المبارك، دون ترتيب أية إجراءات رسمية بشأنها.

بينما أفادت مصادر يمنية جنوبية، أن خطوة تعيين سفير لجمهورية اليمن الديموقراطية في القاهرة، أو مندوب دائم لها في الجامعة العربية، ستأتي بعد الاعترافات العربية والدولية، بالدولة الجديدة.

7. ناشد أبناء جنوب اليمن، المقيمون في دول مجلس التعاون الخليجي، الدكتور بطرس غالي، الأمين العام للأمم المتحدة، بذل أقصى الجهود لتحقيق اجتماع دولي، فوري حاسم، لإيقاف الحرب الوحشية في اليمن.

8. وعلى صعيد محاولات الحل السلمي، قالت المصادر، إن هناك ثلاثة خطوط متوازية للجهود الدبلوماسية: الأول تضطلع به شخصيات يمنية، والثاني تقوده مصر، بتأييد عدد من الدول العربية، وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، أما الخط الثالث فيعتمد على جهود الأمم المتحدة، عند عرض القضية اليمنية أمام مجلس الأمن، إذا ما أصدر المجلس قراراً ملزماً بالوقُف الفوري لإطلاق النار، وقرر فرض عقوبات على الطرف، الذي يرفض التنفيذ.

وظلت القيادة الشمالية في صنعاء، تبذل جهدها، لإبعاد القضية عن قاعة اجتماعات مجلس الأمن، لتفادي وضع حل للازمة بالأساليب الدبلوماسية، وإن كانت تتعرض لضغوط كبيرة من شركات النفط الأجنبية، التي تلوح بتجميد عملها، إذا لم يتحقق وقف فوري لإطلاق النار.

9. وفي تطور مفاجئ، نسبت مصادر يمنية مطلعة بالقاهرة، إلى وزير الخارجية اليمني، محمد سالم باسندوه، أنه اتصل مع عضو مجلس الرئاسة اليمني سالم صالح (جنوبي) في لندن، وعرض عليه إبلاغ الرئيس الجنوبي علي سالم البيض، عرضاً بضرورة وقف القتال، وعقد لقاء بين وفدين يمثلان الطرفين في لندن، أو باريس، لتكون هذه الخطوة في إطار المشروع الوحدوي، ولكن بشرط تراجع علي سالم البيض، عن قرار إعلان جمهورية اليمن الديموقراطية.

وأعلنت مصادر يمنية، أن الشمال شكل لجنة تضم كل من الدكتور عبدالكريم الأيرياني، وزير التخطيط، وعبد الوهاب الأنسى، نائب رئيس الوزراء، ويحيى المتوكل، وزير الداخلية. وكشف الدكتور الإيرياني، أن هناك اتصالات مع قيادات "وحدوية ومعتدلة" في الحزب الاشتراكي اليمني، منها السيد سالم صالح محمد، الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي، وعضو مجلس الرئاسة في صنعاء، وعدن، والدكتور ياسين سعيد نعمان، رئيس هيئة سكرتارية الحزب، ومحمد سلمان، عضو اللجنة المركزية، ووزير الإسكان اليمني السابق. كما أن هناك اتصال مع طرف ثالث، يتوسط في الأزمة، ممثلاً بالعميد مجاهد أبو شوارب، نائب رئيس الوزراء اليمني، (الموجود حالياً في باريس)، والدكتور عبدالملك المخلافي، الأمين العام للحزب الناصري الوحدوي.

ورحب الدكتور الإيرياني بالحوار مع "القيادات الوحدوية المعتدلة في الحزب الاشتراكي"، على أساس شرطين رئيسيين، هما أن تجري في إطار وحدوي، وفي ظل الاعتراف بالشرعية الدستورية.

10. ولم تستبعد مصادر واشنطن، إن تنتقل الجهود الدبلوماسية إلى الأمم المتحدة، "إذ يجري التحضير لاجتماع لمجلس الأمن، بهدف العمل من أجل وقف النار، ومنع إرسال الأسلحة إلى الجانبين". وقالت هذه المصادر أن تحرك المجلس قد يتم على أساس أن استمرار الحرب في اليمن، يهدد الأمن، والسلام، إقليمياً، ودولياً. وفهم أيضاً، أن جهوداً تبذل حالياً نحو تحرك أمريكي، يهدف إلى منع الأطراف الخارجية، من لعب دور، سواء الاعتراف بالانفصال، أو بأمور أخرى، لأنّ ذلك قد يزيد، من تعقيد الأمور وتصعيدها.

وفي نيويورك، أجرى سمو الأمير بندر بن سلطان، سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن، اتصالاً بسفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن، خصوصاً الدول ذات العضوية الدائمة، بهدف تحريك المجلس لإيجاد حل سلمي للأزمة اليمنية، ينطلق من اتفاق على وقف النار، ووساطة دولية.

وعُلِمّ أن الولايات المتحدة الأمريكية، أعدت مشروع بيان لرئيس مجلس الأمن، يتضمن في بدايته دعوة إلى وقف النار، وتأكيد "ضرورة عدم فرض تسوية للأزمة بالقوة".

ومن بين الأفكار المطروحة في مجلس الأمن، أن يتبنى المجلس قراراً، يتضمن دعوة إلى وقف العمليات الحربية. وعُلِمّ أن جهوداً تبذل في هذا الاتجاه، تشارك فيها الولايات المتحدة الأمريكية، وسلطنة عُمَان العضو العربي في مجلس الأمن، والمملكة العربية السعودية.

وسلم سمو الأمير بندر، ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن، مسودة مشروع قرار، يتضمن النقاط الآتية:

أ. الدعوة إلى وقف النار.

ب. فرض حظر على إرسال الأسلحة إلى اليمن.

ج. إرسال بعثة لتقصي الحقائق في غضون 24 ساعة.

د. يقدم الأمين العام إلى مجلس الأمن، تقريراً عن مهمة البعثة في غضون أسبوعي.

هـ. الدعوة إلى استئناف الحوار الوطني في اليمين، وتأكيد عدم جواز فرض حلٍ بالقوة، للأزمة اليمنية.

وقالت مصادر غربية، إن سفير المملكة العربية السعودية، أوضح أن ذلك يعني عدم فرض الانفصال بالقوة، كما يجب عدم فرض الوحدة بالقوة.

وقامت الولايات المتحدة الأمريكية، بإدخال بعض التعديلات على مسودة مشروع القرار، التي سلمها سمو الأمير بندر، إلى سفراء الدول الخمس. وأكد بعض السفراء الغربيين، الأعضاء في مجلس الأمن، للسفير اليمني، أن هناك إمكانية لإيجاد لغة في مشروع القرار، تعالج مصادر قلق صنعاء، التي عبرت عن معارضتها لطرح الأزمة اليمنية في المجلس. وأشارت المصادر إلى أن البيان الذي أصدره الطرف الجنوبي، عند إعلان الانفصال، أكد في البند الثاني منه على "وحدة" اليمن، ولمّحت إلى إمكانية الاستفادة من ذلك، بصورة أو أخرى، في مشروع القرار. وشددت هذه المصادر على ضرورة، توصل الأطراف العربية ذاتها، إلى معالجة كيفية ذكر "الوحدة" في مشروع القرار.

11. وفي 28 مايو 1994، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، الدكتور بطرس غالي، بعد لقائه الأمير بندر بن سلطان، سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن، أن الاتصالات جارية لاستصدار قرار من مجلس الأمن، لفرض وقف إطلاق النار في اليمن، وإيفاد بعثة لتقصي الحقائق، تلعب دور الوسيط، ويستوجب ذلك موافقة كلٍ من عدن وصنعاء.

وقد تلقى الدكتور غالي اتصالاً هاتفياً، من الدكتور عصمت عبدالمجيد، أيد خلاله الدكتور غالي ضرورة التنسيق بين الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية في هذا الشأن.

كما أجرى الأمين العام للأمم المتحدة، اتصالات مع الدكتور حيدر العطاس، وعبد الله الأشطل، سفير اليمن لدى الأمم المتحد، والسيد محمد سالم باسندوه، وزير الخارجية اليمني، وشخصيات أخرى، في إطار الجهود، التي يبذلها لإيجاد مخرج يوقف سفك الدماء في اليمن. وفي نيويورك، عُلِمَ، أن مندوب عمان، السفير سالم الخصيبي، بذل جهوداً ناجحة في ترتيب لقاء بين سمو الأمير بندر بن سلطان، والسفير اليمني عبدالله الأشطل، للبحث في المبادرة السعودية. واعتبرت المصادر عقد اللقاء مفيداً، قبل طرح الأزمة اليمنية في مجلس الأمن، حتى يصدر القرار بموافقة جميع الأطراف.

وفي هذه الأثناء، اتفقت الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، على ثلاث نقاط مهمة يشملها قرار مجلس الأمن، وهي:

  • رفض استخدام القوة لفرض الوحدة، أو دعم الانفصال.
  • استمرار الحرب من شأنه أن يهدد السلام، والأمن الدوليين، ولا يمكن اعتبار الحرب مسألة داخلية.
  • ضرورة فرض حظر على إرسال الأسلحة للطرفين المتحاربين.

وقد رحّب الرئيس صالح بجهود الولايات المتحدة الأمريكية، إلاّ أنه رفض وساطة الأمم المتحدة وجهودها، على أساس أن الأزمة اليمينية مسألة داخلية.

وقد رفض الخبراء، والدبلوماسيون الغربيون، موقف صنعاء، الذي ينكر على الأمم المتحدة حق التدخل في الحرب.

وقد كان يقلق صنعاء، أن تدخل الأمم المتحدة في الأزمة، من شأنه أن يولِّد جواً للاعتراف بالأمر الواقع، والحكومة الانفصالية في الجنوب. كما أن قرار الأمم المتحدة، فرض حظر على الأسلحة إلى الجانبين قد يضر الشمال أكثر من الجنوب، الذي لديه كميات أكبر من الأسلحة، حصل عليها من الاتحاد السوفيتي سابقاً، وبما أن الجنوب يخوض معركة دفاعية، فإنه لا يتطلب سلاحاً وعتاداً حربياً، بالكميات التي يحتاجها الشمال، للاستمرار بشن الهجوم على عدة جبهات، في وقت واحد.

12. وفي يوم 29 مايو 1994، استمرت الضغوط السياسية على صنعاء، مما أدى إلى تجميد الوضع العسكري، وخففت صنعاء من معارضتها لتدخل الأمم المتحدة، بعد أن تلقت وعداً من دول، من بينها الدول الدائمة العضوية، بمساندتها للحفاظ على دولة الوحدة، وسيادتها وسلامة أراضيها.

وفي الأمم المتحدة تقدمت المملكة العربية السعودية، والبحرين وعُمان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والكويت، ومصر، بطلب انعقاد جلسة رسمية لمجلس الأمن، للبحث "في الوضع القائم في اليمن، وما أسفر عنه من خسائر فادحة في أرواح المدنيين". وسلّم مندوب المملكة العربية السعودية السفير جعفر اللقاني، ومندوب عمان السفير سالم الخصيبي (العضو العربي في المجلس) الرسالة الرسمية إلى رئيس مجلس الأمن، مع مسودة لمشروع قرار منقح، لا ينطوي على فرض حظر أسلحة على اليمن.

وتشمل مسودة مشروع القرار، التي قدمتها الدول الداعية إلى عقد الجلسة، على الآتي:

أولاً: يدعو مجلس الأمن جميع أطراف النزاع، إلى الوقف الفوري للنار، واستئناف الحوار السياسي.

ثانياً: يحض المجلس جميع الأطراف، على الوقف الفوري لشحنات الأسلحة، وغيرها من المواد، التي من شأنها أن تساهم في استمرار النزاع.

ثالثاً: يذّكر المجلس الأطراف في اليمن، أن خلافاتها السياسية لا يمكن حلها عبر استخدام القوة، أو عبر المقاومة المسلحة، وهو يحض هذه الأطراف على العودة فوراً إلى المفاوضات، التي من شأنها أن تسمح بحل سلمي لخلافاتها، ولاستعادة السلام والاستقرار في اليمن.

رابعاً: يطلب مجلس الأمن من الأمين العام، إرسال بعثة لتقصي الحقائق في أقرب وقت، تسمح به الظروف، حالما يتوقف النزاع المسلح، وذلك بهدف تقويم احتمالات استئناف الحوار بين الأطراف، وتشجيعها على حل خلافاتها.

خامساً: يطلب إلى الأمين العام أن يرفع تقريراً بشأن الوضع في اليمن، في الوقت الملائم، على ألاّ يتعدى أسبوعاً، بعد انتهاء بعثة تقصي الحقائق، من مهامها.

سادساً: يقرر المجلس الاستمرار، في معالجة هذه المسألة بهمة ونشاط.

وفي الفقرات التمهيدية، يشير مشروع القرار، إلى جهود مختلف المنظمات الإقليمية، بما فيها جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي.

وفي صنعاء، بدا أن الضغوط السياسية مستمرة على القيادة اليمنية، في الوقت الذي تستمر ففيه الاتصالات، والمشاورات، في مجلس الأمن، بشأن صدور قرار، أو بيان، عن المجلس يدعو إلى وقف النار، ووقف تصدير السلاح إلى الطرفين المتحاربين في اليمن، وإرسال لجنة لتقصي الحقائق. وتترافق المشاورات مع اتصالات عربية، تجري بين أبوظبي، والقاهرة، والرياض، من أجل تهدئة الأوضاع، ووقف إطلاق النار. وتابعت صنعاء بقلق، ما يجري على السّاحة السّياسية، ولتخفيف الضغط عليها، تحاول فتح قنوات الحوار مع "الأطراف الوحدوية والمعتدلة في الحزب الاشتراكي". وفي الوقت نفسه، أصدر مجلس النواب اليمني، في جلسته المنعقدة في 28 مايو 1994، برئاسة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، بياناً ببطلان إعلان الانفصال (انظر ملحق النص الكامل لبيان مجلس النواب اليمني ببطلان إعلان الإنفصال.).

13. في 31 مايو 1994

أ.  أرسلت صنعاء وفداً رفيع المستوى، للمشاركة في مناقشات الأزمة في مجلس الأمن للأزمة اليمنية، بعد فشلها في إبعاد القضية عن المحافل الدولية. وأصبحت صنعاء تخشى عزلة دولية، ويضم الوفد كلاً من: عضو مجلس الرئاسة السيد عبدالعزيز عبد الغني، ووزير العدل السيد عبدالله أحمد غانم، والمستشار القانوني حسين الجيشي. ولم يشارك وزير الخارجية السيد محمد سالم باسندوه، في مناقشات مجلس الأمن لأنه كان سيحضر مؤتمر دول عدم الانحياز، في القاهرة.

كما عُلم أن الكتور عبدالعزيز الدالي، وزير الخارجية الجنوبي السابق، ورئيس دائرة العلاقات الخارجية، في سكرتارية الحزب الاشتراكي، سيصل إلى نيويورك. كما أن المهندس حيدر أبو بكر العطاس، رئيس الوزراء المكلف في اليمن الديمقراطي، سيغادر الدوحة إلى نيويورك أيضاً. بعد أن يلتقي أمير قطر، الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني.

وقالت بعض المصادر، أنه من المتوقع أن يدعو رئيس المجلس لهذه الدورة، السفير سالم بن محمد الخصيبي، المندوب العماني الدائم في مجلس الأمن، ممثلين عن شمال اليمن وجنوبه، لشرح موقف الطرفين أثناء المناقشة، قبل الانتقال إلى جلسة مغلقة لإصدار القرار.

وفي نيويورك، أكد مصدر دبلوماسي أن الموقف القطري، تجاه مشروع القرار المقدم لمجلس الأمن، شهد تراجعاً، بعد ورود أخبار تفيد تحفظ دولة قطر، تجاه مشروع القرار المقدم أصلاً، على أساس أن الوضع في اليمن، يمكن أن تتم تسويته في إطار جامعة الدول العربية، باعتباره "نزاعاً داخلياً".

ب. وفي نفس الوقت الذي كان مجلس الأمن يستعد فيه، بدا أن هناك تقدماً، في الوساطات الجارية، بواسطة أطراف يمنيين، إذ ذكرت مصادر عربية مطلعة، أن الجنوبيين بدأوا يتقبلون فكرة التوصل إلى حل للمشكلة، على المبادئ الثلاثة التي طرحها محسن العيني، سفير اليمن في واشنطن، وهي: وقف إطلاق النار، وإلغاء قرار الانفصال، وبدء الحوار.

وأضافت هذه المصادر، أن السفير اليمني في دمشق، السيد محمد شطفة، نقل إلى العميد مجاهد أبو شوارب، وعبدالله الأشطل، موافقة الزعيم الجنوبي علي سالم البيض، على وقف النار، وفك الاشتباكات بين الجيشين لمسافة 70 أو 80 كيلو متراً (وفي ذلك تطور، إذ كانت عدن تصر على انسحاب القوات، إلى الحدود الشمالية السابقة)، و"تجميد" كل القرارات، التي صدرت بعد 4 مايو1994، بما فيها قرار الانفصال، وبدء الحوار على أساس وثيقة العهد والاتفاق. ونقل أبو شوارب والأشطل هذا الموقف، إلى صنعاء وعدن.

وفُهم أن المفاوضات تدور حالياً حول التفاصيل، وأن الشّماليين يريدون عدم الربط، بين وقف النار وبين فض الاشتباك، ذلك أن الفصل بين القوات لا يمكن أن ينفذ فوراً، إذ يحتاج إلى آلية ووقت للتنفيذ. واقترحوا البدء أولاً بوقف النار، ثم الفصل بين القوات، وعندئذ يجري البحث في مسافة الفصل، سواء كانت 20 كيلو متراً، أو 70 كيلو متراً، حسب المناطق الجغرافية. وفهم أيضاً أن الشماليين يعارضون استعمال كلمة "تجميد" قرار الانفصال، ويصرون على كلمة "إلغاء" القرارات، بما فيها قرار الانفصال، "فالتجميد لا يفيد، كونه قائماً عملياً، وهو غير كاف".

ج. كما استمرت صنعاء في تجديد رفضها تدخل مجلس الأمن، في قضية القتال الدائر في اليمن. واعتبرت مناقشات مجلس الأمن، مخالفة لميثاق الأمم المتحدة، ويشكل سابقة خطيرة.

ونقل تليفزيون صنعاء، أن نائب رئيس الوزراء السيد عبدالوهاب الآنسي، التقى سفراء دول الاتحاد الأوروبي، وأكد أن طرح قضية الحرب في اليمن على مجلس الأمن، "سيعرض دولاً كثيرة للتدخل في شؤونها الداخلية، خصوصاً الدول التي تعاني مشكلات داخلية، أخطر من مشكلات اليمن". وحذر من أن "آثار هذه السابقة، لن تقتصر على اليمن، بل ستؤثر في دول أخرى". وعبّر عن أمله في أن يؤجل مجلس الأمن مناقشاته. ولكن مصادر رفيعة المستوى في الحزب الاشتراكي، قالت إن ذلك ليس سوى مناورة جديدة من جانب القيادة الشمالية، لتأخير اجتماع مجلس الأمن بشأن اليمن، الذي يعتبر نوعاً من الاعتراف الضمني بالدولة الجنوبية. وطالب الآنسي، الأمم المتحدة، إلى حث دول الجوار على عدم التدخل في شؤون اليمن الداخلية.

وقد رفض الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن، مطالب كلٍ من صنعاء وعدن، بشأن اتخاذ موقف محدد حول مستقبل اليمن، سواء بشأن رغبة صنعاء رفض انفصال الجنوب، أو دعوة عدن إلى للاعتراف الدولي بها.

وأكد دبلوماسي فرنسي، أن مجلس الأمن "لن ينجر إلى جوهر الصراع في هذه المرحلة"، وأضاف "ما نسعى لتحقيقه هو وقف إطلاق النار بين طرفين متقاتلين، ولن نعلق على شرعية أي طرف، لأن القتال يجب أن يتوقف، وبعد ذلك يمكنهم أن يطلبوا منا النظر في الأمور الأخرى".

وكانت صنعاء قد ناشدت عدداً من الحكومات العربية "سراً"، إرجاء الاجتماع بضعة أيام، لإعطاء فرصة للحوار مع الأخوة الوحدويين في الحزب الاشتراكي، لكن المصادر الدبلوماسية قالت إن أي مبادرة يمنية، أو عربية، ستأتي مكملة لقرار مجلس الأمن.

ونقل تليفزيون صنعاء، عن وزير الخارجية السيد محمد سالم باسندوه، أن أي مناقشة يجريها مجلس الأمن للوضع في اليمن، "تعتبر تدخلاً في شؤون اليمن الداخلية، وسابقة خطيرة في تاريخ المجلس". وكان باسندوه، يتحدث أول من أمس في القاهرة، حيث التقى الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، ووزير خارجيته، السيد عمرو موسى، والأمين العام للجامعة العربية، الدكتور عصمت عبدالمجيد. وأكد باسندوه، معارضة صنعاء، أي تدخل من قبل مجلس الأمن.

د. أعرب الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت، عن موقف بلاده المبدئي والثابت، "الذي يدعو إلى علاج المشكلات بمنطق المصلحة الوطنية، عن طريق الحوار الأخوي، بعيداً عن أسلوب استخدام القوة، لأن ذلك سيزيد الخلاف، ويعقد المشكلات". كما أعرب خلال استقباله العطاس، عن خشيته من أن " النزاع في اليمن، ستكون له انعكاسات سيئة على الوضع العربي بوجه عام". وهذا أمر يؤرق الكويت، ويؤرق جميع القادة والمسؤولين، لا سيما أن الأمة العربية في حاجة ماسة إلى لمّ شملها، وتجميع فرقتها، وصولاً إلى إعادة هيبتها وفاعليتها". وكان العطاس، الذي وصل إلى الكويت، ممثلاً للسيد علي سالم البيض، عرض على الشيخ جابر، تطورات النزاع في اليمن، وسير المعارك هناك، وتفاصيل أخرى في شأن هذا الموضوع.

وقال العطاس في مؤتمر صحفي، عقُد مساء 29 مايو 1994، أن لديه " ثقة كبيرة، في الكويت كنصير للحق ولجنوب اليمن، في الحرب التي يشنها عليه الشمال"، مشيراً إلى أن هذه الحرب " تُنفَذ بالروح نفسها التي شنت فيها الحرب الغادرة على الكويت".

وأوضح أن عدن ترحب بإجراء مفاوضات مع الشمال، لإيجاد وسائل لإنهاء القتال، واتهم صنعاء، بتلقي الدعم من العراق، وتحدث عن معلومات " تؤكد وجود مخزون للأسلحة العراقية لدى الشمال، وخبراء عراقيين، وعناصر سودانية، وطيارين إريتريين، يشاركون في القتال مع الشمال، ووقوع أسرى من هؤلاء في قبضة القوات الجنوبية". وأعرب العطاس عن "أسفه لما تعرضت له الكويت على يد الغزاة العراقيين".، وقال "لو حدث الغزو قبل وحدة الشطرين، لكان موقف الجنوب رافضاً ومعارضاً للغزو". وشبَّه مطالبات العراق بالكويت، بمطالبات صنعاء بالجنوب، إذ يعتبر "الشماليون الوحدة، مجرد إلحاق للجنوب بالشمال، ويستخدمون اللهجة نفسها (العراقية) مطالبين بعودة الفرع إلى الأصل".