إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الخامس: تطورات الموقف السياسي خلال الفترة من الأول من يونيه إلى 7 يونيه 1994

القسم الخامس: تطورات الموقف السياسي خلال الفترة من الأول من يونيه إلى 7 يونيه 1994

1. في 1 يونيه 1994

أ.  في نيويورك، عقد مجلس الأمن في 31 مايو، أولى جلساته الرسمية المغلقة، لبحث الأزمة اليمنية، تلبية لطلب المملكة العربية السعودية، وعمان، والبحرين، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والكويت، ومصر. واستكمل سفير المملكة العربية السعودية لدى واشنطن، سمو الأمير بندر بند سلطان، لقاءاته بكامل أعضاء مجلس الأمن، واجتمع في الأمم المتحدة مع سفراء الدول العشر، غير الدائمة العضوية في المجلس، ليحضها على تبني مشروع قرار يدعو إلى وقف النار، ويؤكد أنه "لا يمكن حل الخلافات السياسية، باستخدام القوة، أو المقاومة المسلحة".

وانتقل الخلاف من صنعاء وعدن إلى نيويورك، بتوجه وفدين منفصلين، للقاء رئيس مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، أحدهما برئاسة عضو مجلس الرئاسة السيد عبدالعزيز عبدالغني، والآخر برئاسة السيد عبدالعزيز الدالي، مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الاشتراكي. وأكد الوفد الأول، ضرورة تأكيد وحدة اليمن، ودعا الثاني إلى الاعتراف بانفصال الجنوب. كما تمثل الخلاف في تظاهرتين أمام الأمم المتحدة، إحداهما تدعو المجموعة الدولية، إلى الإصرار على استمرار وحدة اليمن وإدانة التمرد، والأخرى تحض الأمم المتحدة على الاعتراف بـ "الجمهورية الديموقراطية اليمنية"، وترفض استخدام الوحدة والشرعية، ذريعة لتحقيق مكاسب عسكرية لمصلحة الشمال.

وداخل مبنى الأمم المتحدة، زاد التحرك الديبلوماسي والسياسي، مع تناول مجلس الأمن الأزمة اليمنية رسمياً. وقالت مصادر خليجية، إن الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس تدعم مشروع القرار، الذي قدمته المملكة العربية السعودية، وعُمان رسمياً الأسبوع الماضي. لكن المصادر اليمنية، قالت إن بعض هذه الدول تصر على تعديلات على مشروع القرار، لجهة تأكيد "وحدة" اليمن، وسلامة أراضيه.

وتضاربت التقارير، عن مواقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن، من التعديلات التي سعى الوفد اليمني إلى إدخالها على مشروع القرار، وهي: ذكر "الجمهورية اليمنية" و"حكومة اليمن" في مشروع القرار، بدلاً عن الإشارة إلى "أطراف النزاع"، وذلك كي لا يتم وضع الحكومة اليمنية، على قدم المساواة مع الآخرين؛ وأن يتضمن القرار إشارة واضحة إلى "احترام وحدة اليمن"، وسلامة أراضيها، والديموقراطية"، ثم "التعريف الواضح لمهام بعثة تقصي الحقائق، التي سيوفدها الأمين العام إلى المنطقة، حسب نص مشروع القرار، "من أجل تقويم إمكان تجدد الحوار بين الأطراف، وبذل مزيد من الجهود، من جانب الأطراف لحل خلافاتهما".

وقالت مصادر خليجية رفيعة المستوى، إن الدول التي تبنت تقديم مشروع القرار، تصر على عدم إدخال تعديل يؤكد ضرورة استمرار وحدة اليمن، وذلك "لأن مثل هذا التعديل قد يبعث برسالة خاطئة إلى الشمال". وقالت هذه المصادر إنها لا علم لها، بأي تعديل بشأن هذا الاتَجاه، ولم تتسلم أية تعديلات على مشروع قرارها، منذ تقديمه رسمياً إلى مجلس الأمن. وأفادت أنه، إضافة إلى الدول الخمس الدائمة العضوية، أعربت ثماني من الدول العشر غير دائمة العضوية في المجلس، عن تأييدها لمشروع القرار، كما هو، وأن البرازيل ونيوزيلندا فقط، أعربتا لسمو الأمير بندر، خلال الاجتماع، عن عدم توفر التعليمات لديهما بعد.

وشدد سمو الأمير بندر خلال اللقاء، على أن استمرار الوضع في اليمن، يشكل تهديداً لاستقرار المنطقة، وأنّ على مجلس الأمن أن يطالب بوقف القتال، لأن تدفق اللاجئين إلى الدول المجاورة، يشكل تهديداً لاستقرار المنطقة، حسب الطرح السعودي، إلى جانب انعكاس الوضع الاقتصادي لليمن، واستقرارها، على الدول المجاورة.

وبموازاة التحرك السعودي، مع أعضاء مجلس الأمن، تحرك مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله الأشطل، وعقد سلسلة اجتماعات مع أعضاء المجلس، عارضاً موقف صنعاء، القائل إن طرح الأزمة اليمنية في المجلس، يشكل تدخلاً في الشؤون الداخلية.

وحشدت المملكة العربية السعودية، دعم مصر، والدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، باستثناء قطر، للقيام بحملة لدى أعضاء مجلس الأمن، لحضه على تبني قراره، بأسرع وقت ممكن.

وما زالت صنعاء تجدد رفضها تدخل مجلس الأمن، ومناقشته القتال الدائر في اليمن، وصرّح عبدالعزيز عبدالغني، رئيس وفد اليمن، إلى الصحافيين، أن صنعاء لم تُسْتَشَر في طرح قضية اليمن على مجلس الأمن، وطالب الأشقاء والأصدقاء بأن يتعاملوا مع جمهورية اليمن، بموجب قواعد القانون الدولي، التي تحترم سيادة كل بلد، وألا يتدخل أي بلد في شؤون البلد الآخر.

ب. في اليوم ذاته، دعا رئيس مجلس النواب اليمني، رئيس التجمع اليمني للإصلاح، الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، دول عدم الانحياز إلى عدم الاعتراف بـ"جمهورية اليمن الديموقراطية". والتعامل مع ما يجري في اليمن باعتباره شأناً داخلياً، وذلك في رسالة بعث بها إلى وزير الخارجية المصري، السيد عمرو موسى، الذي يرأس اجتماعاً لدول عدم الانحياز.

ج. وفي إطار تنسيق المواقف العربية، بشأن مناقشة القضية في مجلس الأمن، استقبل الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، سمو الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، الذي صرح، عقب المقابلة، بأنه نقل إلى الرئيس مبارك رسالة من خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز، وقال: "إننا نؤيد أي قرار يصدر عن مجلس الأمن، بوقف القتال في اليمن. ونأمل بأن يلقى هذا القرار صداه في اليمن". وأضاف: "أن المشاورات مستمرة بين الرئيس مبارك والملك فهد في كل القضايا، التي يمر بها العالم العربي وبطبيعة الحال منها اليمن.

كما عقد سمو الأمير بندر بن سلطان، سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن، ومندوبها الدائم في الأمم المتحدة، اجتماعين:

الأول: مع المندوبين الدائمين لدول مجلس التعاون الخليجي، لدى المنظمة الدولية.

الثاني: مع ممثلي الدول العشر غير دائمة العضوية في مجلس الأمن، للتشاور حول موقف موحد بشأن طرح الأزمة اليمنية، أمام المجلس.

د. تتهم شخصيات يمنية وطنية، قيادة صنعاء، بعرقلة وقف النار، ورفض المبادرة الأخيرة المتضمنة أربع نقاط. وفي دمشق تسلم السيد محمد عبده شطفه، رداً من القيادة الشمالية على المقترحات، التي نقلها العيني وأبو شوارب إلى رئيس مجلس الرئاسة، علي عبدالله صالح، ورئيس مجلس النواب الشيخ عبدالله الأحمر. وأوضح شطفه أن "الحوار"، الذي دار بينه وبين كل من العيني وأبو شوارب، تضمن النقاط الآتية:

(1) وقف فوري لإطلاق النار، من دون شروط مسبقة.

(2) فك الاشتباك بين القوات الشمالية، والقوات الجنوبية، وانسحاب القوات الشمالية، لمسافة تراوح بين 80 و100 كم.

(3) تجميد كل القرارات المتخذة، التي أُعلنت منذ 4 مايو 1994.

(4) بدء الحوار السياسي بين الجنوبيين والشماليين، من دون شروط مسبقة للتوصل، إلى حل سياسي للأزمة.

وأضاف شطفه، سفير اليمن في سورية، الذي أوقفته صنعاء أخيراً، أنه تلقى أمس رداً من القيادة في صنعاء، نقله العيني وأبو شوارب، بعد اتصالاتهما مع رئيس مجلس الرئاسة، والشيخ عبدالله الأحمر، ووزير الداخلية العميد يحيى المتوكل، موضحاً أن رد صنعاء تضمن أربع نقاط هي:

(1) وقف إطلاق النار.

(2) إلغاء القرارات كلها، بما فيها قرارات عزل القادة الجنوبيين وملاحقتهم.

(3) الحوار، "ولكن ليس على أساس وثيقة العهد والاتفاق"، الموقعة في عمان.

(4) وضع جدول للحوار السياسي القيادي، بعد أول لقاء يتم بين القياديين، في عدن وصنعاء.

هـ. وتشير تقديرات المصادر الدولية، إلى أن "الاحتياطيات الإستراتيجية" من الأغذية في شطري اليمن، لا تكفي لأكثر من تسعة أسابيع. ولم يعد لدى الحكومة في صنعاء من احتياطيات النقد الأجنبي، إلاّ ما يكفي لاستيراد احتياجات ستة أسابيع فقط.

وقد أدى اندلاع الحرب في اليمن، إلى وقف خطوط ائتمان، كان صندوق النقد الدولي يوشك أن يقدمها إلى صنعاء. وقالت المصادر إن استمرار الحرب ينذر بزيادة عدد اللاجئين، إلى نحو 600 ألف شخص، ويدفع بهم للنزوح إلى الدول المجاورة. ومن ثم يجتهد سالم بن محمد الخصيبي "مندوب عمان الدائم في الأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، في طرح القضية كأولوية، للتوصل إلى قرار بوقف إطلاق النار، على الفور.

و. وفي الأول من يونيه، استمرت المشاورات في مجلس الأمن لليوم الثاني، بشأن قرار وقف إطلاق النار. وصرح عبدالعزيز عبدالغني، أن موقف صنعاء، هو "أن هذه قضية داخلية لا ينبغي طرحها في مجلس الأمن، وجئت خصيصاً من صنعاء"، للتأكيد لمجلس الأمن "أن هذا الموضوع شأن داخلي". و"من حيث المبدأ لسنا راغبين في انعقاد المجلس، إنما ليس في قدرتنا أن نملي على مجلس الأمن ماذا يفعل. وكنا نفضل ألاّ يتناول المجلس هذا الموضوع، إنما، وهو ينظر الآن فيه، فإن مسؤوليتنا تقتضي طرح وجهة نظرنا على الأعضاء، لنتفاهم معهم على صيغة مشروع القرار".

وتم الاتفاق على القرار، على الرغم من أن مجلس الأمن تلقى رسالة من مندوب الجمهورية اليمنية لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله الأشطل، اعتبرت أن طلب انعقاد المجلس لبحث الوضع في اليمن، الذي تقدمت به دول مجلس التعاون، ومصر، "تدخل في الشؤون الداخلية للجمهورية اليمنية، يتنافي مع المادة الثانية من الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة".

وأشار القرار في الفقرات التمهيدية، إلى أن المجلس تصرف بموجب المادة 34 من الميثاق، واعتبر أن "استمرار الوضع، قد يعرض السلم والاستقرار في المنطقة إلى الخطر". وعبر عن تقديره لجهود الجامعة العربية، ومجلس التعاون، والدول المجاورة، وغيرها من الدول المعنية، الرامية إلى المساهمة في حل سلمي للنزاع، وضمان "الأمن والاستقرار".

ز. وبعد الاتفاق على صيغة القرار، أصدر مجلس الأمن مساء الأول من يونيه 1994، قراره الرقم (924) (انظر ملحق نص قرار مجلس الأمن الرقم 924، لعام 1994 الصادر في 1 يونيه 1994م.)، الذي منتظراً، بشأن الحرب اليمنية، طالب فيه بوقف فوري لإطلاق النار، وحث على وقف توريد الأسلحة إلى طرفي الصراع، ودعاهما إلى العودة إلى المفاوضات، لحل الخلافات بالوسائل السلمية، بعد أن أكد أنه لا يمكن حل الخلافات السياسية باستخدام القوة. وكلف الأمين العام للأمم المتحدة إرسال بعثة لتقصي الحقائق إلى المنطقة، في أقرب وقت ممكن، وتقديم تقرير إلى المجلس عن الحالة، في وقت مناسب.

جاء ذلك في ختام يومين من المشاورات المكثفة. وطالبت قطر بالتأكيد على أهمية أن يتمشى القرار مع "الشرعية والوحدة اليمنية"، بما يتفق مع ما أصرت عليه صنعاء. ولكن الوفد القطري في المنظمة الدولية، أثار دهشة الجميع، عندما طلب في اللحظات الأخيرة حذف كل إشارة إلى الوحدة، من نص المشروع.

وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة، إن هذا التراجع في موقف صنعاء، في أعقاب تشددها في معارضة طرح القضية أمام مجلس الأمن، أو تدويلها باعتبارها ـ من وجهة نظرها ـ "شأناً داخلياً لا يقبل هذا التدخل السافر"، كما عبرت عنه تصريحات عبدالوهاب الآنسي "نائب رئيس الوزراء، والأمين العام للتجمع اليمني للإصلاح"، يعني توجهاً جديداً لقبول الانفصال، الذي أصبح أمراً واقعاً، ولكن تحت مظلة مجلس الأمن. وجدير بالذكر أن الدول العربية التي طرحت القضية أمام المجلس، لم تتطرق إلى الوحدة، وإنما فقط إلى وقف إطلاق النار.

وفي أول رد فعل من جانب اليمن الديموقراطية (الجنوبية)، صرّح المهندس حيدر أبو بكر العطاس "رئيس الوزراء المكلف"، أن "اليمن الديموقراطية تقبل تنفيذ القرار، الذي اتخذه مجلس الأمن بكل فقراته، وستعمل من جانبها على اتخاذ كافة التدابير اللازمة للتقيد بنصوصه، وتجدها فرصة مناسبة للتعبير عن شكرها لأمين عام الأمم المتحدة، الدكتور بطرس غالي، ورئيس وأعضاء مجلس الأمن، والدول التي تقدمت بمشروع القرار إلى المجلس، على الحرص الذي أبدوه لوقف الحرب حقناً للدماء، وصوناً للممتلكات، وتهيئة الأجواء والظروف المناسبة لحوار أخوي للهيئات بين شطري اليمن، وصولاً إلى حلول سلمية، وثابتة، للأزمة السياسية الراهنة، التي تعيشها اليمن، وخدمة للمصالح العليا للشعب اليمني، وصوناً للحياة، وخدمة للاستقرار في المنطقة".

وأكد الدكتور عبدالعزيز الدالي، مبعوث قيادة عدن إلى الأمم المتحدة، أنه سّلم الدكتور غالي، النص الرسمي لوثيقة إعلان جمهورية اليمن الديمقراطي، وحصل من الأمين العام للأمم المتحدة على وعد بدراستها. وصرّح سمو الأمير بندر بن سطان، عقب صدور القرار، أن "هناك أناساً يفقدون حياتهم كل يوم، ونحن نرى أنّ الهدف، الذي يجب أن تكون له الأولوية، هو وقف إطلاق النار، فلدينا أهتمام أساسي بالشعب اليمني، وتحقيق الاستقرار في الخليج، وإنقاذ حياة الناس، ثم نتطرق بعد ذلك إلى المشكلات الأخرى".

وكانت ثمة حالة تأهب في عدد من الدول الأوروبية، وفي باكستان، للإسهام في وحدات مراقبين دوليين، للمحافظة على وقف إطلاق النار في اليمن، والتأكد من نية صنعاء، وعدن، في التعاون لتسهيل مهمتهم، وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لإرسالهم.

وقال جيمس روبن، الناطق الرسمي باسم البعثة الأمريكية في الأمم المتحدة، إن "واشنطن، تؤيد قراراً من مجلس الأمن، يضع حداً لسفك الدماء اليمنية البريئة، ويَحث جميع الأطراف على اللجوء إلى الحوار الدبلوماسي". وشدد على أن "الولايات المتحدة الأمريكية تدعم التحرك الإقليمي، بشأن وقف القتال في اليمن".

ح. قالت مصادر سياسية مطلعة في القاهرة إن مشاورات عربية ـ يمنية، تجري حالياً للاتفاق على صيغة لاستئناف الحوار اليمني، برعاية عربية، في حال التوصل إلى اتفاق لوقف القتال، والفصل بين القوات اليمنية. وأضاف المصدر أن تقدم مصر، وخمس دول خليجية، بطلب إلى مجلس الأمن لبحث الأزمة اليمنية، يرجع إلى الحرص على تجنب تداعيات استمرار القتال، والمخاطر التي تهدد دول الجوار، وكذلك منطقة حوض البحر الأحمر. وأُعتبر، تبني هذه الدول، لقرار مجلس الأمن، بمثابة دعم سياسي خليجي كبير لجنوب اليمن، لكن المصادر الخليجية المعنية، عدته دعماً لوقف الاقتتال، وسفك الدماء في اليمن.

2. يوما 2، 3 يونيه 1994

أ. صدر قرار في عدن بتشكيل حكومة جمهورية اليمن الديموقراطية، برئاسة حيدر العطاس (انظر ملحق القرار الجمهوري الرقم 1 بتشكيل حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية، برئاسة حيدر العطاس، في 2 يونيه 1994م.) وتتكون من ثلاثين وزيراً.

ب. بدأت، بالفعل، ترتيبات وقف إطلاق النار. وأعلن الدكتور بطرس غالي، "الأمين العام للمنظمة الدولية"، في نيويورك، تعيين الأخضر الإبراهيمي "وزير الخارجية الجزائري الأسبق"، رئيساً لبعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، موفداً عن الأمين العام، ليغادر إلى اليمن على الفور، ويقدم تقريراً عن الأوضاع في اليمن، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، مع بداية الأسبوع المقبل.

ج. رحّب مجلس الوزراء اليمني في صنعاء بالقرار، الذي أصدره مجلس الأمن، حول الحرب الدائرة في اليمن، دون أن يلتزم بوقف النار. وجاء في الخبر، الذي بثته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، حول الاجتماع الطارئ، الذي عقده مجلس الوزراء اليمني صباح أمس، أن "المجلس عبر عن تقديره للقرار، الذي استند إلى نصوص ميثاق الأمم المتحدة، وفي مقدمتها سيادة واستقلال الجمهورية اليمنية، ووحدة أراضيها".

وقال عبدالقادر باجمال "نائب رئيس الوزراء اليمني"، أن الحكومة لا تستطيع وحدها وقف إطلاق النار، رغم ترحيبها بقرار مجلس الأمن، وأنّ عليها أن تراعي دستور البلاد، والعودة إلى التشاور مع البرلمان الشرعي، لدولة الوحدة.

ومن ناحية أخرى، قال الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر "رئيس مجلس النواب"، إن الحرب تكاد تكون محسومة لصالح الشرعية.

د. وفي القاهرة أعربت مصر عن تأييدها لقرار مجلس الأمن، بوقف القتال في اليمن. وقال وزير الخارجية السيد عمرو موسى: "إن هذا القرار يتعاطى مع وضع مأسوي خاص، بشعب يقاتل بعضه بعضاً، في الشمال والجنوب. وهذه مسألة غير مقبولة. لذلك كانت مصر من الدول المحركة للقرار، لأنه ليس من المقبول الحديث عن الوحدة، باستخدام القوة".

هـ. ولم يَحُلْ صدور قرار مجلس الأمن، الداعي إلى وقف النار، دون استمرار المعارك في اليمن، وقالت مصادر عسكرية إن حدة القتال زادت، في المناطق المحيطة بعدن.

و. تعقد في مدينة أبها، جنوب المملكة العربية السعودية، يومي السبت والأحد 4، 5 يونيه 1994، اجتماعات الدورة العادية الحادية والخمسين، لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، وسط مؤشرات، تؤكد أن الوضع في اليمن، سيتصدر جدول أعمال اللقاء الذي يرأسه وزير الخارجية السعودي، سمو الأمير سعود الفيصل، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية، لمجلس التعاون الخليجي.

ويأتي اللقاء الوزاري الخليجي، ضمن الاجتماعات الدورية للوزراء، لكن تطورات الأوضاع في الجارة الجنوبية لدول المجلس، تأخذ حيزاً كبيراً في هذا اللقاء. خصوصاً أنه سينعقد في أعقاب إصدار مجلس الأمن، قراراً عن الوضع في اليمن، يستند إلى مشروع القرار الخليجي ـ المصري، ويدعو إلى وقف النار فوراً، وفرض حظر على إرسال الأسلحة إلى اليمن، وإرسال بعثة لتقصي الحقائق، والدعوة إلى استئناف الحوار السياسي، وتأكيد عدم فرض حل الأزمة بالقوة.

3. يوما 4، 5 يونيه 1994

أ.  توقعت مصادر مطّلعة، أن يصدر مجلس الرئاسة، الذي يرأسه الفريق علي عبدالله صالح، قراراً بوقف النار، في موعد محدد اليوم، أو غداً الأحد، في أقصى تقدير.

إلاّ أن وزير الإعلام اليمني، حسن أحمد اللوزي، صرح بأن وقفاً لإطلاق النار "ممكن"، لكن حكومة صنعاء تنتظر زيارة بعثة تقصي الحقائق من الأمم المتحدة، برئاسة الأخضر الإبراهيمي، قبل الدخول في مفاوضات رسمية، من أجل وضع حد للقتال. وأضاف: أننا ننتظر اللجنة، ثم نقرر مع من يُمكننا أن نتكلم".

ب. أكد عضو مجلس الرئاسة، عبدالعزيز عبدالغني، أن "القرار السياسي لوقف النار أُتخذ، وأن الخطوة التالية، تتناول القيادة العليا للقوات المسلحة"، في ما وصفه بأنه "عملية إجرائية". وعدّ إعلان تشكيل حكومة في عدن، "عملاً تخريبياً، وخطوة إضافية على صعيد تفاقم الوضع". وقال إن هذا الإعلان، "يشكل خرقاً لقرار مجلس الأمن، والمطلوب الآن الاتفاق حول قرار المجلس ووقف النار". وزاد أن "الجمهورية اليمنية، هي التي لديها الشرعية والسيطرة على كل الأراضي".

ج. في حين صرح مبعوث السيد علي سالم البيض، "الدكتور عبدالعزيز الدالي"، أن "الأولوية الآن هي، لتحديد موعد لوقف النار".

وشدد الدالي، بدوره، على أن الجهود التي يبذلها في الأمم المتحدة، تصب في خانة "إيقاف القتال، ونزيف الدم". وأن ما يسعى إليه في اتصالاته بأعضاء مجلس الأمن، والأمانة العامة، هو "تأكيد ضرورة تحديد موعد حاسم لوقف النار، وتحديد موعد وصول الإبراهيمي"، إلى المنطقة.

د. وفي القاهرة، اعترض وزير الخارجية اليمني، السيد محمد سالم باسندوه، على إغفال قرار وزراء خارجية عدم الانحياز، في شأن اليمن، تأكيد الوحدة اليمنية، وانسحب من الجلسة الختامية، قبل رفعها. وألقى كلمة خلال الجلسة نفسها قال فيها: "إن السماح بذبح وحدة اليمن، يعتبر بداية لذبح وحدات أخرى، في مؤتمرات مقبلة".

وأبدى استعداد بلاده، الالتزام بقرار مجلس الأمن، الذي يدعو إلى وقف النار في اليمن، وقبول أي وساطة من شأنها إنهاء الأزمة اليمنية، في إطار الحفاظ على وحدة اليمن.

وأيد وزراء خارجية دول عدم الانحياز، في قرارهم الخاص باليمن، الجهود المبذولة في سبيل المساهمة في حل الصراع اليمني، بالوسائل السلمية، واستئناف الحوار بين الأطراف اليمنية، لإقرار السلم والاستقرار هناك.

وأكدوا تأييدهم لقرار مجلس الأمن الرقم (924)، بما يتضمنه من وقف فوري للقتال، والإمدادات بالأسلحة، التي قد تساهم في استمرار القتال، وإيفاد بعثة لتقصي الحقائق إلى المنطقة في أقرب وقت ممكن، للمعاونة في استئناف الحوار، بين الأطراف المتصارعة في اليمن. وشدد القرار على نبذ حل الخلافات السياسية باستخدام القوة، وحض الأطراف على إعادة السلم والاستقرار، وصون مصالح الشعب اليمني، الأمر الذي سينعكس إيجابياً على صون الاستقرار في المنطقة بأسرها. وانتقد مصدر دبلوماسي يمني شمالي في القاهرة، قرار المؤتمر الوزاري لحركة عدم الانحياز، في شأن اليمن، معتبراً أنه "مجرد صدى لقرار مجلس الأمن الرقم 924".

وأكد المصدر نفسه، أن من حق الشرعية اليمنية بسط سيطرتها على كل التراب اليمني، ولا ينبغي التعامل مع هذا الأمر، وفق نهج التعامل مع أزمة احتلال العراق للأراضي الكويتية. ولفت النظر إلى "أن تشكيل ما يسمى حكومة الجنوب، يكشف عن أن زعيم الحزب الاشتراكي، علي سالم البيض، الخارج على الشرعية، وضع مقدرات الجنوب في أيدي الآخرين".

هـ. وفي أول تصريح له عقب تعيينه نائباً لرئيس الوزراء، ووزيراً للخارجية في "جمهورية اليمن الديموقراطية"، صرح السّيد عبدالله الأصنج، بأنه سيتوجه خلال أيام إلى نيويورك، لمتابعة تطورات الحرب في اليمن، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن. وأنه سيلتقي الأمين العام للأمم المتحدة، وممثلي الدول الصديقة. وأنّ أولوياته كوزير للخارجية، "هي تعزيز الاتصالات مع مصر، ودول مجلس التعاون الخليجي، وكل الدول العربية، لمناشدتها مواصلة الاهتمام بالتطورات في اليمن، خصوصاً وأن الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس اليمن الشمالي، يبدو وكأنه يراوغ في مسألة التزام قرار مجلس الأمن". وأكد أنه سيقوم بأول جولة له بعد تعيينه، إلى عدد من الدول العربية والخليجية، وقال إنه بعث ببرقيات إلى وزراء مجلس التعاون الخليجي الذي سيجتمعون في مدينة أبها السعودية اليوم، ناشدهم فيها سرعة الاعتراف باليمن الديمقراطية، واتهم القوات الشمالية بتلقي أوامر بتدمير القرى والمنشآت على رؤوس من فيها. وقال إنه بعث ببرقية مماثلة إلى الرئيس المصري حسني مبارك بهذا الشأن أيضاً.

و. مع استمرار القتال، قال سمو الأمير سعود الفيصل ، في كلمته يوم 4 يونيه التي افتتح بها دورة المجلس الوزاري، لمجلس التعاون الخليجي في مدينة أبها السعودية، إن "استمرار القتال ستكون له مضاعفات على دول مجلس التعاون الخليجي"، وأن ذلك سيؤدي إلى "ضرورة اتخاذ دوله إجراءات تجاه هذا الوضع"، بعد أن أخذت الأمور منحنى خطيراً، على رغم كل الجهود والوساطات، حتى بلغت مرحلة الصدام المسلح بين الأخوة الأشقاء، إلى صراع مرير، تعتصر له القلوب". وأكد سمو الأمير سعود الفيصل، أنه "لا بد وأن يصدر عن المجلس الوزاري ما يؤكد أن استمرار القتال ليس مقبولاً لدينا، أياً كان السبب والمصدر"، وعرض سموه، مساعي المملكة ودول مجلس التعاون، في سبيل تجنيب اليمن ويلات الحرب والاقتتال، منذ بداية الحرب. وأشار إلى المبادرة الشخصية للملك فهد بن عبدالعزيز، التي دعى فيها طرفي النزاع إلى وقف الاقتتال، والاستجابة التي أبداها الأخوة اليمنيون، غير أنهم عادوا إلى العمليات العسكرية بعد قليل.

ز. وذكر مصدر خليجي مسؤول، أن دول مجلس التعاون الخليجي، ليست حريصة على وقف إطلاق النار فحسب، بل على إيجاد حل سلمي للأزمة، وفق البنود التي دعا إليها قرار مجلس الأمن، بتأكيده ضرورة الحوار، بين الأطراف المعنية أيضاً".

وأكد المصدر، "أنه في حال عدم تجاوب الحكومة اليمنية، مع ما هدف إليه قرار مجلس الأمن، من ضرورة الحوار مع الطرف الآخر، فإن ذلك سيعّرض صنعاء لمزيد من الضغوط السياسية، التي سيكون من بينها اعتراف المجتمع الدولي، أو بعض الدول، بجمهورية اليمن الديموقراطية". وأشار المصدر إلى أن "المجتمع الدولي في انتظار نتائج مهمة، من مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، السيد الأخضر الإبراهيمي. وأشار مصدر دبلوماسي خليجي آخر إلى ضرورة "معالجة الواقع القائم حالياً في اليمن، الذي يتمثل في وجود طرف جنوبي رافض للوحدة مع الشمال، ويتعرض لعمليات عسكرية من قبل الشمال، لفرض الوحدة عليه بالقوة، وأنه إذا أريد إعادة الوحدة بين جنوب اليمن، وشماله، فإن ذلك يجب أن يتم بالحوار، الذي دعا إليه مجلس الأمن، لأن اللجوء إلى فرض الوحدة بالقوة، يسبب الاقتتال الذي تؤثر تطوراته على دول المنطقة".

طغت تطورات الأزمة اليمنية، على جدول أعمال الاجتماع الحادي والخمسين، لوزراء خارجية دول مجلس التعاون، الذي سيعرضون فيه إلى تطورات الوضع في الخليج، وعملية السلام في الشرق الأوسط، وغيرها من القضايا.

ح. ذكرت مصادر دبلوماسية غربية، في معرض الإشارة إلى قرار مجلس الأمن الرقم (924)،. "أن هذه الوثيقة تمثل الخطوة الأولى"، وأن "مجموعة من العقوبات الزجرية الشديدة"، يمكن أن تفرض على المتحاربين في اليمن، إن لم يلتزموا وقف إطلاق النار، خلال الأسبوعين القادمين.

وقال أحد المحللين "إذا رفض أي من الطرفين وقف إطلاق النار، فإنه سيعرض نفسه لاتهام تحدي الأسرة الدولية، ولن يكون أمام مجلس الأمن من خيار، سوى التفكير في عقوبات رادعة". وأضاف "أن صنعاء اتخذت موقفاً انتقائياً من القرار الرقم (924). ولكن القرار ليس قائمة طعام، فأما أن يُقبل كله أو يُرفض كله".

وتتضمن التدابير العقابية المحتملة، تجميد الأرصدة في البنوك الأجنبية، وفرض حظر تجاري، وإلغاء تسهيلات الائتمان التفضيلية، ووقف الرحلات الجوية، والسحب الكامل للفنيين الأجانب، الذين يمثل وجودهم شرطاً حيوياً لاستمرار صناعة النفط اليمنية.

كانت هناك دلائل تشير، إلى أن القادة العسكريين في الشمال، أقنعوا حكومة صنعاء باتباع تكتيكات تسويف ومماطلة، إزاء القرار الرقم (924)، حتى يتسنى لهم الاستيلاء على مواقع جديدة أفضل، خاصة حول عدن. وكان الهدف قبول صنعاء وقف إطلاق النار، وقواتها في المواقع نفسها، التي تتزامن مع مجيء مراقبي الأمم المتحدة.

ط. ذكرت مصادر ديبلوماسية مصرية أن "القاهرة تتابع تطورات الأحداث في اليمن، وأنباء القتال المستمر فيه، على رغم صدور قرار مجلس الأمن الرقم (924). واعتبرت مواصلة القتال "انتهاكاً للقرار". وقالت إن "على من يتمسك بالحرب طريقاً لفرض أفكاره، ومواقفه، بالقوة أن يتحمل العواقب"، لكنها رفضت توجيه اتهام مباشر، لأي طرف بالمسؤولية.

وأوضحت المصادر نفسها، "أن مصر على اتصال وتنسيق مع المملكة العربية السعودية، بانتظار نتائج اجتماعات وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، لدرس الموقف وتحديد اتجاهات التحرك" لأن "إشعال الحرب في اليمن، وتداعياتها، سيؤثر على منطقة شبه الجزيرة العربية".

ي. بعث الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور عصمت عبدالمجيد، رسالة، إلى رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، ورئيس مجلس النواب اليمني، الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، أكد فيها "ضرورة وقف العمليات العسكرية فوراً، وتنفيذ قرار مجلس الأمن في هذا الشأن".

4. يوما 6، 7 يونيه 1994

أ.  أكدت خمس من دول مجلس التعاون الخليجي، أن الوحدة "التي رحبت دول المجلس بقيامها "لا يمكن أن تستمر إلاّ بتراضي الطرفين". واعترفت دول الخليج العربية، باستثناء قطر، بوجود "أمر واقع متمثل بأن أحد الطرفين أعلن عودته إلى وضعه السابق، وقيام جمهورية اليمن الديموقراطية".

وأشار بيان صحفي صدر عن اجتماعات المجلس الوزاري الخليجي، التي انتهت بعد ظهر يوم 5 يونيه في أبها، إلى أنه أمام هذا الأمر الواقع لا يمكن للطرفين اللذين اتفقا على الوحدة التعامل في إطارها "إلاّ بالطرق والوسائل السلمية".

وحذّرت دول مجلس التعاون، في بيانها، من أن استمرار القتال في اليمن، الذي لا بد "أن يكون له مضاعفات ليس على اليمن وحده، وإنما على دول المجلس، سيؤدي بها إلى اتخاذ المواقف المناسبة تجاه الطرف الذي لا يلتزم وقف إطلاق النار، وإلى التشاور مع الأطراف العربية، والدولية، حول الإجراءات اللازم اتخاذها في مجلس الأمن، تجاه هذا الوضع المتفاقم.

ورأت أوساط خليجية في هذا التصريح، تلويحاً بأن دول مجلس التعاون، إذا فشلت جهود مبعوث الأمم المتحدة "الأخضر الإبراهيمي" في اليمن، ستلجأ، بالتشاور مع الأطراف العربية والدولية، إلى استصدار قرار جديد من مجلس الأمن، وفقاً للمادة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة، التي ستلزم أطراف الأزمة اليمنية بالامتثال للقرار (924).

وترى دول الخليج "أن الجانب الشمالي غير ملتزم قرار مجلس الأمن الرقم (924)، الذي يدعو، أول ما يدعو، إلى وقف إطلاق النار، والحكومة اليمنية لم تعلن حتى الآن قرارها بوقف إطلاق النار، بل تعمل قواتها على تصعيد الضغط العسكري على عدن، وسفك مزيد من الدماء هناك"، خاصة أن وقف إطلاق النار "ليس مرتبطاً بمهمة مبعوث الأمم المتحدة، وإنما هو أمر يجب أن يتم قبل أي خطوة أخرى، حسب ما ورد في القرار.

ب. وفي صنعاء صرح قائد عسكري شمالي ذو رتبه عالية، إنه يخشى أن يقوض القرار السياسي ـ الذي قد تتخذه صنعاء ـ بتضحيات القوات المسلحة اليمنية، التي قدمتها على مدى الأسابيع الخمسة الماضية، وأن يعود بالجيش اليمني إلى الخلف". و"أنه لا يجوز أن تعتقد القيادة السياسية، أنها وحدها صاحبة القرار النهائي في حسم الخلاف"، وإذا كانت هناك أية نوايا لمواصلة، ما يقولون عليه الحوار السياسي، فَلِم، إذاً، دفعوا البلاد إلى ما وصلت إليه؟ و"حتى لو قررت القيادة السياسية أن الحل سيكون بالتفاوض، وقبلت وقف العمليات العسكرية، فإن الضباط والجنود قد لا يقبلون ذلك بسهولة، خاصة وقد فعلوا كل ما فعلوه، وعانوا كل هذه المعاناة، التي ما زالت حتى اليوم في مظاهرها العديدة، التي من أبرزها درجة الحرارة المرتفعة جداً في هذه المنطقة".

ج. أبلغت حكومة صنعاء الأمين العام للأمم المتحدة أن "سريان وقف النار" بناء على قرار مجلس الأمن الرقم (924)، سيبدأ "في جبهة القتال في الساعة الثانية عشرة من ليل 6 ـ 7 يونيه 1994، بالتوقيت المحلي. (الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش).

د. وفي واشنطن، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً، عن الأزمة اليمنية، أعلنت فيه، تأييدها لبيان دول مجلس التعاون الخليجي، الذي دعا الجانبين اليمنيين إلى التنفيذ الفوري لقرار مجلس الأمن الرقم (924). وحض البيان كل الأطراف في اليمن، على التقيد بدعوة الدول العربية، والمجموعة الدولية، إلى وقف القتال، والبدء بعملية التفاوض والمصالحة". وأكد البيان، أن الولايات المتحدة الأمريكية، تقف مع الجهود الهادفة، إلى التوصل إلى عملية مفاوضات سلمية، والمصالحة بين الجانبين الشمالي والجنوبي. وتدعو الطرفين إلى تسهيل مهمة بعثة الأمين العام للأمم المتحدة لتقصي الحقائق، في اليمن.

هـ. جاء في الجلسة، التي عقدها مجلس الوزراء السعودي، يوم الأثنين6 يونيه 1994، ترحيب المملكة العربية السعودية بالبيان الختامي للمجلس الوزاري، لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأشادت "بالأسلوب المتزن"، الذي حاول المجلس من خلاله معالجة الوضع الراهن في اليمن. وأعربت السعودية عن أسفها لما آلت إليه الأمور في اليمن "رغم الجهود التي تبذل لوقف إطلاق النار وحقن الدماء".

و. وصل الأخضر الإبراهيمي إلى صنعاء، بعد توقف في جنيف، حيث وضع اللمسات الأخيرة لخططه مع الأمين العام للأمم المتحدة، الدكتور بطرس غالي. ومع بداية وساطة الأمم المتحدة، تواصلت الوساطات الدبلوماسية الأخرى، وراء الكواليس. إذ أعلن عن ارتباط الولايات المتحدة الأمريكية، في محادثات مع الطرفين في اليمن. وحين يتفق الطرفان على صيغة للمفاوضات، سيمكن جمعهما سوياً في محادثات تعُقد في واشنطن.

ز. وصل العطاس إلى أبو ظبي، في إطار جولة يزور خلالها عدداً من الدول العربية، وجري محادثات مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات. وقالت مصادر دبلوماسية، ترافق العطاس في جولته، إنه سيطلب من الدول، التي يزورها، دعماً سياسياً لموقف عدن في الأزمة اليمنية. وتطوير موقفها في إطار عدم استجابة صنعاء لقرار مجلس الأمن الرقم (924)، الخاص بالأزمة اليمنية. وأكدت هذه المصادر، أن عدن تعلق أملاً كبيراً على اعتراف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بـ "جمهورية اليمن الديموقراطية"، التي أعلنتها عدن في 21 (أيار) مايو الماضي. وأعربت هذه المصادر عن ارتياحها إلى بيان دول مجلس التعاون، في ختام اجتماع وزراء الخارجية الأحد الماضي، في مدينة أبها. ورأت فيه اعترافاً ضمنياً بجمهورية اليمن الديموقراطية.

وأضافت هذه المصادر، أن تطوير هذا الموقف، إلى الاعتراف المعلن بدولة جنوب اليمن، سيقود إلى اعتراف دولي متسارع، ويؤدي إلى الضغوط على صنعاء لوقف القتال. وذكرت المصادر اليمنية، أن تحرك العطاس في جولته العربية الثانية، جاء بهدف شرح أبعاد الأزمة اليمنية، والتعهدات والمخاطر، التي تواجه الشعب اليمني والمنطقة ككل، من جراء استمرار صنعاء في مخططها الهادف إلى الاستيلاء على عدن، وبسط سيطرتها بالقوة المسلحة، على الأجزاء الجنوبية من اليمن.

وفي الوقت نفسه، شكك نائب رئيس مجلس الرئاسة، في جمهورية اليمن الديموقراطية"، السيد عبدالرحمن الجفري، بجدية صنعاء في إعلانها وقف النار. ورأى أن "استمرار الشماليين في التصعيد وقصف البلدان، والمواقع الجنوبية، يثبت أن حكام صنعاء يريدون فرض الوحدة بالقوة وبحمام من الدم". وحذر المجتمع الدولي من "خداع" الشماليين، ودعاه إلى "التحرك لجعل صنعاء توافق فعلاً على قرار مجلس الأمن الرقم 924"، الذي ينص على وقف النار فوراً.

وصرح عبدالله الأصنج، نائب رئيس الوزراء، ووزير خارجية جمهورية اليمن الديموقراطية، أن عدن تؤكد مجدداً، موافقتها غير المشروطة، على الالتزام بقرار مجلس الأمن الرقم 924، وأكد على أهمية الالتزام بوقف النار، ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، إرسال مراقبين دوليين، لضمان عدم خرق وقف النار.

ح. وفي صنعاء، استدعى باسندوه سفراء المملكة العربية السعودية، والبحرين، والكويت، وسلطنة عُمان ودولة الإمارات، وهي الدول الخليجية التي قدمت إلى مجلس الأمن مشروع قرار وقف النار، وسلمهم احتجاجاً على البيان، الذي أصدره وزراء خارجية دول الخليج، وجاء فيه "أنه لا يمكن الحفاظ على الوحدة اليمنية بالقوة".

ط. أعرب الدكتور عصمت عبدالمجيد، الأمين العام للجامعة العربية، عن "الأسف الشديد لعدم وقف إطلاق النار في اليمن". وأكد ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن ووقف الحرب فوراً وإتاحة الفرصة للحوار، للحفاظ على دماء الشعب.