إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم السادس: فشل جهود مبعوث الأمين العام، واختتام زيارته دون نتائج ملموسة

القسم السادس: فشل جهود مبعوث الأمين العام، واختتام زيارته دون نتائج ملموسة

الفترة من 8 يونيه إلى 15 يونيه 1994

1. يوم 8 يونيه 1994.

أ. على الرغم من إعلان صنعاء، قبول وقف إطلاق النار، اعتباراً من منتصف ليلة 6 يونيه، إلاّ أن القتال أستمر بصورة متواصلة، خلال الـ48 ساعة الماضية على جميع الجبهات، التي كانت أعنفها المناطق المحيطة بعدن.

ب. دعا السيد حيدر أبو بكر العطاس، رئيس الوزراء في "جمهورية اليمن الديموقراطية"، قبل انتقاله من القاهرة إلى أبو ظبي، إلى إرسال مراقبين دوليين للأشراف على وقف النار. وانتهز العطاس فرصة وجوده في القاهرة، ليعقد أمس مؤتمراً صحفياً، صرّح فيه أن "الـ48 ساعة الماضية شهدت تصعيداً خطيراً، إذ تستخدم القوات الشمالية في هجومها على اليمن الديموقراطية، كل الأسلحة التدميرية، من صواريخ وقذائف مدفعية بعيدة المدى، لقصف الأحياء السكنية، والمنشآت"، وعدّ عدم احترام صنعاء وقف إطلاق النار، يعبر عن "تناقض فاضح في دائرة صنع القرار في اليمن الشمالي، بجميع عناصره العسكرية، والقبلية، والدينية المتطرفة"، مشيراً إلى أن "العدوان العسكري، الذي تقوده حكومة صنعاء، لم يتوقف أصلاً".

وأشار إلى "إصدار فتوى تحرم وقف إطلاق النار، وإباحة قتل أبناء اليمن الديموقراطية، واعتبار كل ممتلكاتها ومحافظتها غنيمة حرب"، وهي فتوى أصدرها من سماهم بـ "أدعياء الدين من أنصاف الدارسين للفقه الإسلامي، بصوت الدكتور عبدالوهاب الديلمي، عضو الهيئة العليا لحزب الإصلاح اليمني".

وأطلق العطاس، على قصف مصافي النفط في عدن "جريمة العصر"، وقال: "إن الرأي العام العربي والدولي أحتقر هذا العمل، الذي يعد جريمة بكل المقاييس".

وأشار إلى "خروج عدد كبير من مواطني الضالع، وردفان، ولحج، والحسوة، والبريقة، وخور مكسّر، وعدن، خارج ديارهم لخوفهم من استخدامهم كدروع بشرية، من قِبل جنود الغزو الشمالي".

وأباح العذر لجنود اليمن الشمالي، "لأنهم تعرضوا لتغرير من الجماعات الإسلامية المتطرفة، التي يمثلها أدعياء الدين، وعلى رأسهم عبدالمجيد الزنداني، وعبدالوهاب الآنسي، وعبد الوهاب الديلمي". وأضاف: "إن قيادة صنعاء لا تزال ترفض الانصياع لقرار مجلس الأمن، ونصائح قادة عرب، كخادم الحرمين الشريفين، جلالة الملك فهد بن عبدالعزيز، عاهل المملكة العربية السعودية، والرئيس المصري، محمد حسني مبارك، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والرئيس السوري، حافظ الأسد".

وأذاع تسجيلاً جاء فيه: "إن القيادة العسكرية في عدن التقطت صوت الرئيس اليمني، علي عبدالله صالح، وهو يصدر أوامره للقوات الشمالية بالتقدم على الجبهات الجنوبية، ومواصلة المعارك وعدم الاعتداد بقرار مجلس الأمن، بوقف إطلاق النار". وشدد على أن "الشمال لن يستطع حسم الموقف عسكرياً لمصلحته، لاعتبارات عدة أهمها الاتساع الجغرافي لليمن الديمقراطي".

وعن الوضع في الجنوب، قال: "العالم يشهد حجم الدمار، وتدمير مزارع البن في الضالع، وردفان، واختفاء قرى بأكملها في مديريات لحج، وشبوة، وأبين، وضواحي الحوطة، وعدن، وتحويل أحياء زنجبار، والحوطة وخور مكسر، ودار سعد، إلى أحياء أشباح".

وجدد العطاس تأكيد أن "مسألة الاعتراف ليست محورية على جدول أعمال حكومته. وإنما القضية الأولى هي وقف إطلاق النار، وحقن الدماء، تمهيداً للجلوس إلى طاولة التفاوض مع الشماليين، للتفاهم على جدول أعمال الحوار"، لكنه نبه إلى أن "الوحدة ذُبحت بالحرب". وعلى الرغم من ذلك، فإنّ "الشعب اليمني في الجنوب لا زال يؤمن بالوحدة، لكن بشكل آخر من أشكالها، وعلى أساس التفاهم والحوار". مشيراً إلى أن "هناك قضايا كثيرة يمكن طرحها على طاولة التفاوض، بعد وقف القتال.

ج. تعرضت عدن، لقصف مدفعي وجوي شمالي، استهدف المطار، ومنطقة دار سعد السكنية، على مسافة 15 كم شمال عدن، وارتفعت حصيلة القتلى، من القصف، إلى عدد 27 قتيلاً، و 45 جريحاً من المدنيين. وقال ضباط جنوبيون، إن القوات الشمالية حاولت ليل الثلاثاء والأربعاء 7 و 8 يونيه 1994، قطع الطريق بين العاصمة الجنوبية، ومنطقة عدن الصغرى، حيث مصفاة النفط الوحيدة، عندما هاجمت مدينة الشعب الواقعة بين المنطقتين، والتي تضم محطة لتوليد الكهرباء، ولكن أمكن صد الهجوم الشمالي، الذي انطلق من بلدة الوهط، ولم ينجح في إصابة أي من المصفاة، أو محطة الكهرباء بأضرار، لكن الشماليين تمكنوا من التقدم مسافة خمسة كيلومترات، في اتجاه عاصمة الجنوب. وجاء في بيان جنوبي، أن القوات الموالية للحزب الاشتراكي، تمكنت من صد الهجمات الشمالية على مختلف الجبهات، وكبدتها خسائر كبيرة في المعدات، والأرواح، شملت إسقاط أربع طائرات، وتدمير 30 دبابة، وتسع عربات صاروخية، وخمسة أطقم رشاشات ثقيلة.

من جانب آخر، أكد أحد القادة العسكريين الجنوبيين، إن " الطائرات والصواريخ الجنوبية قصفت أول من أمس مصفاة صافر الشمالية، في محافظة مأرب، وميناء الحديدة، ومنطقة المخا"، وكانت "الإصابات مركزة وبليغة".

ولوحظ أن كلاً من الجانبين اليمنيين، يلقي مسؤولية استئناف القتال على الطرف الآخر، وأشار مصدر جنوبي إلى أن الهجوم الجوي على مأرب، تم قبل موعد سريان وقف النار المنفرد، الذي حددته صنعاء.

د. واتفقت بيانات جميع الأطراف، على أن القوات الجنوبية صدت جميع محاولات القوات الشمالية، لاختراق دفاعاتها، نحو عدن، وحضرموت. وأنها ما زالت تسيطر على الموقف هناك. في حين شهدت بعض مناطق الضالع، وشبوة، ولحج، عمليات فدائية جنوبية، ضد القوات الشمالية، مما دفع عدداً كبيراً من المواطنين اليمنيين، إلى طرح تساؤلات حول جدوى استمرار الحرب، واتخاذ مواقف معارضة لها، خاصة بعد أن ترك تدهور الأوضاع الاقتصادية، أثره على الحياة اليومية للمواطنين، في العاصمتين الشمالية والجنوبية. وتمثل ذلك في الانخفاض الكبير في قيمة الريال اليمني مقابل الدولار، وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، إلى أكثر من ضعف أسعارها قبل بدء الحرب، إضافة إلى تفاقم شدة القتال، بصورة أصبحت تنذر بدمار شامل، وأحقاد اجتماعية يرى بعض المراقبين أنه "أصبح من الصعب معالجة آثارها، على مدى سنوات طويلة".

وطبقاً لتقارير محايدة، استؤنف القتال ببادرة من صنعاء، التي كانت قد أعلنت وقف إطلاق النار من جانب واحد، مما يعني أن الشمال أعلن قبوله قرار مجلس الأمن بالقول فقط، أما بالفعل فقد خالفه. ويضيف المحللون أنه من الواضح، أن قادة صنعاء، يرغبون في اتباع إستراتيجية، تستهدف الحصول على مكاسب عسكرية، بعد اقتناعهم بخسارة الحرب الدبلوماسية، غير أنه من غير المحتمل أن تسقط عدن في يد الشمال، بالسهولة والسرعة اللتين تتمناهما قيادة صنعاء. ذلك أن تكلفة المعارك، في ما يتعلق بالخسائر البشرية والمادية، ستكون باهظة.

من جانبه أوضح عبد القادر باجمال، نائب رئيس الوزراء، أن "هناك عدداً من المنضوين تحت ألوية القوات الشمالية، سيرفضون وقف إطلاق النار ضد القوات الجنوبية، لأن المسألة بالنسبة لهم تعدت كونها "حرب وحدة" إلى "حرب ثأر". وقال "هناك من يقاتل في صفوفنا ممن لهم قتلى بسبب أحداث يناير (كانون الثاني) في الجنوب، وهؤلاء يرون أن لهم ثأراً يتعين عليهم أخذه. يضاف إلى هؤلاء بعض العسكريين، الذين قد يصرون على مواصلة الحرب حتى التخلص من آخر جندي جنوبي، بصرف النظر عن قرار صنعاء".

2. يوم 9 يونيه 1994

أ.  واصلت القوات الشمالية والجنوبية، القتال والتراشق بالمدفعية. وتساقطت القذائف داخل عدن، وحولها بمعدل قذيفة واحدة في الدقيقة. وشنت طائرات شمالية غارتين على منطقة مطار عدن، وقد تدخلت الدفاعات الأرضية الجنوبية في الغارة الأولى، التي شنتها أربع طائرات. وذكر شهود عيان أنه تم إسقاط طائرتين. وبعد نصف ساعة شنت طائرات شمالية غارة ثانية على المنطقة نفسها، ولم تُعرف الأضرار. وأعلن عبدالرحمن الجفرى، نائب رئيس جمهورية اليمن الجنوبية، عن توقف العمل في مصفاة نفط عدن، بسبب خطر نشوب المزيد من الحرائق، بعد الغارات الشمالية المتكررة.

ب. أفادت آخر التقارير العسكرية الشمالية، أن القوات الحكومية "تتقدم باتجاه مدينة المكلا، عاصمة حضرموت شرق البلاد، حيث وصلت إلى منطقة حجر ميفع، وتمكنت من تدمير القوات، التي خرجت لمواجهتها في هذه المناطق"، فيما تم ليلة أمس تدمير لواء عباس، التابع للحزب الاشتراكي، الذي كان قائده قد أعلن في وقت سابق، انضمام هذا اللواء إلى القوات الحكومية، لكن أركان حربه اغتاله، وأعلن تمرده، فبدأ القتال مع القوات الحكومية في منطقة العبر في محافظة حضرموت، وهي المنطقة التي أحكمت القوات الحكومية السيطرة عليها، بعد انتهاء القتال مع لواء عباس. وتشير هذه المعلومات إلى أن القوات الحكومية "دمرت كل المواقع العسكرية حول مدينة عدن، واستولت عليها، فيما أعلنت جموع كبيرة من هذه القوات انضمامها إلى القوات الحكومية، وقامت بتسليم عتادها العسكري من دون قتال".

كما صرح مصدر عسكري شمالي، أن قوات صنعاء تحكم سيطرتها على المناطق المحيطة بعدن، بعد أن قطعت مصادر المياه في منطقة بئر ناصر. وأسقطت طائرة شمالية قذيفة في منطقة المعاشيق، مقر إقامته علي سالم البيض، وأخرى في منطقة التواهي، بالقرب من مدرسة إعدادية.

ج. وفي أول سابقة من نوعها، تعرضت ناقلة نفط صغيرة بنمية لهجوم جوي، خلال وجودها في المياه الدولية، قبالة سواحل عدن. وأعلنت شركة لويدز للتأمين، أن الناقلة، التي تبلغ حمولتها 3300 طن، سقطت عليها قنبلتان، ألقتهما مقاتلة مجهولة أثناء رسوها، ولم تصب القنبلتان هدفهما، إذ سقطت إحداهما على بعد 200 متر من السفينة، وسقطت الأخرى على مسافة مماثلة خلف السفينة.

د. وعلى صعيد القتال حول عدن، قالت مصادر جنوبية إن القصف العشوائي الشمالي بالمدفعية، والطائرات، استمر على مناطق البريقة وجزيرة العمال، حيث دمرت بعض المنازل، وقتلت أسرة بأكملها. ولكنها أكدت أن الصمود مستمر في المدينة، على الرغم من الانقطاع الجزئي في الكهرباء، وصعوبة الحصول على المياه". وتعرضت منطقة البريقة، التيتقع فيها مصفاة عدن، لثلاث غارات جوية شمالية. وراح أكثر من 50 شخصاً ضحايا، لقصف في منطقة دار سعد شمال عدن. وكذلك، قُتل عدد من الجنود والضباط الجنوبيين، في معركة دير النّعام.        

كما أعلن المصدر نفسه، أن الميليشيات الشعبية، التي تسللت وراء الخطوط الشمالية في منطقة الضالع، قتلت العقيد الركن عبدالله حيدر السّمحاني، قائد لواء حمزة، العامل في منطقة الضالع.

هـ. استمرت المعارك في محافظة شبوة على المحورين، الشمالي على مداخل وادي حضرموت، والساحلي قرب رأس بلحاف، وسط بيانات متناقضة من الجانبين. ولكن القوات الجنوبية ظلت تؤكد استمرارها في الصمود، لدعم الموقف الدولي تجاه اليمن الديموقراطية، حتى تتمخض زيارة الإبراهيمي، عن نتائج لتعزيز موقعها.

و. وفي مؤتمر صحافي، عقده الرئيس علي عبدالله صالح، صّرح أن القوات الشرعية استولت على سبعة مدافع ذاتية الحركة حديثة، اشتراها الانفصاليون أخيراً، إضافة إلى 400 دبابة، و500 مدفع، و300 مدرعة، وكميات كبيرة من العتاد الحربي والذخائر. وأعلن في المؤتمر الصحفي: "معلوماتنا تؤكد أن هناك عقوداً جديدة لشراء طائرات، من نوع ميج 29، ودبابات (T82)، وصواريخ تكتيكية، أبرمتها قيادة الحزب الاشتراكي الانفصالية مع كوريا، بتمويل نعرف مصادره، لكننا نقول بالمناسبة، أن مصير هذه الأسلحة الجديدة، سيكون نفس مصير الأسلحة السابقة، ونتمنى أن لا يكرر الممولون نفس الخطأ مرة ثانية، لأن الانفصاليين لن يكونوا قادرين على استخدامها، وإذا كان لديهم المزيد من المال، فيمكن استخدامه في مشروعات تنموية، يستفيد منها الشعب اليمني، الذي سيقدر ذلك جيداً، ويكون ممتناً لهم".

ثم أضاف "نعرف جيداً أن قرار مجلس الأمن الرقم (924)، قد اتُخذ مجاملة للدول التي تبنته، وأن هناك بعض الدول الأعضاء في المجلس، لم تكن مقتنعة به، لكننا رضينا به، على الرغم من قناعتنا أنه جاء تعبيراً عن تدخل سافر في الشؤون اليمنية، حيث إننا ما زلنا نرى أن الحرب الدائرة هي شأن داخلي، ليست بين دولتين كما يحاول البعض أن يطرح، لكنها بين قوات حكومية شرعية، وقوات تسيرها مجموعة من المتمردين".

ونفي الرئيس اليمني، أن تكون صنعاء، قد خرقت وقف إطلاق النار، أو أنها تتحدى الشرعية الدولية ـ كما يردد البعض ـ وقال إن الحكومة اليمنية على استعداد للتعامل بإيجابية مع ما يصدر من مجلس الأمن الدولي. ورداً على سؤال حول رد فعل صنعاء على أية محاولات لإرسال قوات دولية إلى اليمن، للفصل بين القوات المتحاربة، قال "إن هذه المحاولات ستقابل بالرفض التام، وأية قوات سترسل ستقابل أيضاً بالرفض التام، وسيكون مصيرها مثلما حدث في الصومال".

ز. وفي نيويورك، قال مصدر أمريكي في الأمم المتحدة إنه "لن تكون هناك ثقة أمريكية أو دولية في أي إعلان أو قبول لوقف إطلاق النار من جانب صنعاء". وأن "إعلان صنعاء كان هدنة لالتقاط الأنفاس".

وذكر المصدر، أن "الاتصالات ظلت مستمرة بين واشنطن وصنعاء، وحاولت صنعاء إفهامها أن قواتها تعرضت للقصف، فاضطرت للرد عليه دفاعاً عن النفس، ولكن الأمريكيين يرون أن ذلك غير صحيح، لأنهم يراقبون التطورات، ويعلمون حقيقة الأمور".

ح. أعلن مدير محطة بئر ناصر، في تصريح إلى وكالة فرانس برس أمس، أن توزيع المياه في عدن لن يستأنف قبل شهر على أقل تقدير، بسبب الأضرار التي لحقت بالمحطة نتيجة القصف، خلال الأيام الأربعة الأخيرة، الذي تسبب في توقف ضخ المياه، من 45 بئراً في المحطة. وعلى كلٍ فإن فرق الصيانة تعمل لإعادة تشغيل سبع آبار "أي ما يكاد يكفي لتلبية ثلث احتياجات سكان عدن، إذا لم تُصَبْ المحطة بأضرار أخرى".

3. يوم 10 يونيه 1994

أ.  رحب طرفا الحرب اليمنية، والمجتمع الدولي، بقرار وقف إطلاق النار، الذي أعلنه الرئيس علي عبد الله صالح، للمرة الثالثة أمس ليسري اعتباراً من الساعة السادسة مساء أمس. ولكن أزمة الثقة، التي تراكمت خلال سنوات الوحدة الأربع، أدت إلى ردود أفعال فورية متفاوتة، شكك بعضها في مصداقية القرار. وأشار إلى الحاجة لبعض الوقت، للتأكد من صحة نوايا الطرفين .

وقد جاء أن إعلان صنعاء وقف إطلاق النار، أثناء لقاء الرئيس اليمني مع المبعوث الدولي الخضر الإبراهيمي أمس، في صنعاء.

وعبر الدكتور عبدالعزيز الدالي، مبعوث الرئيس الجنوبي علي سالم البيض، عن تحفظه على إعلان وقف إطلاق النار، وقال "سمعنا كثيراً عن مثل ذلك، ولكن الشيء الطيب هو وجود الأخ الأخضر الإبراهيمي، لأنه إذا لم تكن هناك مصداقية في التعامل مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، لم تعد هناك مصداقية".

ب. تعرضت عدن لقصف مدفعي عنيف، أسفر عن سقوط سبعة قتلى، بينهم عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، يحيى عبدالقوي، واثنين وعشرين جريحاً، وفق حصيلة تم استقاؤها من مستشفي الجمهورية في عدن. وأُعلن في عدن عن مقتل عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي، قائد علي صلاح، مسؤول منظمة الحزب في محافظة لحج الجنوبية شمال غربي عدن.

ج. وفي محور الساحل، في محافظة حضرموت شرق عدن، أكد مصدر مسؤول في قيادة المحور أن "أمير تنظيم الجهاد الإسلامي في اليمن، يسلم باراسين أبو مهدي، لقي مصرعه أول أمس في المعركة، التي دارت بين القوات الجنوبية والشمالية، التي حاولت التسلل إلى محافظة حضرموت من شبوة".

وقال المصدر إن "باراسين، هو أحد قادة ما يعرف بتنظيم الجهاد في اليمن، وهو من المتهمين في الاغتيالات والتفجيرات الإرهابية، التي شهدتها عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية خلال الأعوام السابقة". وكان باراسين أقام معسكراً في منطقة كود العوالق في شبوة، ضم عدداً من مقاتلي الجماعات الأصولية من بلدان عربية مختلفة.

4. يوم 11 يونيه 1994

أ.  يبدو الوضع في اليمن وكأنه يسير، في طريقين متوازيين:

* الطريق الأول:

طريق الحرب، التي لم تتوقف بعد، على الرغم من محاولتي وقف إطلاق النار، الذي مازال كل طرف يتهم الآخر بانتهاكه.

* الطريق الثاني:

طريق الجهود الدولية والعربية المكثفة، لوقف القتال كمحور أساسي، للتوصل إلى حلٍ سلمي للأزمة.

ب. ففي يوم 11 يونيه 1994، استؤنفت المعارك العنيفة، بعد هدوء دام ساعات، على أثر الإعلان عن وقف إطلاق النار "ليل الجمعة ـ السبت 10 ـ 11 يونيه 1994". وجاء التصعيد العسكري بعد قليل من إعلان الرئيس اليمني، التزام القوات الشمالية بشكل تام بالهدنة. ونقلت إذاعة صنعاء، عن الرئيس علي عبدالله صالح، قوله، أمام جنود في معسكر قرب الحدود مع اليمن الجنوبي، القوات الجنوبية تواصل انتهاك وقف إطلاق النار، وتحدي القرار الدولي الرقم (924)، وأكد أنه إذا لم تتوقف هذه القوات عن "انتهاكه وخرقه، فإن قوات الوحدة والشرعية ستجبرها على احترامه". وجدد الرئيس علي عبدالله صالح، إتهامه الجنوبيين التعمد في تخريب المنشآت الحيوية في الجنوب، ومن بينها مصفاة عدن، ومحطة توليد الكهرباء في الحسوه، بهدف خلق ظروف تبرر إرسال قوات دولية للفصل بين المتحاربين، وهو ما ترفضه صنعاء بشدة.

وأعلن مصدر رسمي في صنعاء، أن طائرات شمالية هاجمت مطار المكلا، وألحقت خسائر فادحة بمنشآته، وبطائرات جنوبية جاثمة فيه. لكن متحدثاً جنوبياً أكد أن المطار، "لم يصب بأية أضرار، وما يزال يعمل". وتحدث المراسلون الأجانب، عن وقوع معارك برية، هي الأعنف منذ بدء الحرب في اليومين الماضيين، خلال تقدم القوات الشمالية باتجاه المكلا. وأعلن عبدالرحمن الجفري، أن طائرات شمالية أغارت مرتين على مصفاة عدن، فيما أعلن عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي سيف صائل، أن محطة توليد الكهرباء، التي تغذي عدن بالطاقة، أصيبت بقذائف عدة، مما أدى إلى تقنين الكهرباء.

ج. أفاد نائب رئيس الوزراء اليمني، عبدالقادر باجمال، أن القوات الشمالية أصبحت على بعد 25 كيلومتراً من المكلا، التي أصبحت في مرمى مدفعية القوات الشمالية. لكنه قال إن المكلا، وهي مسقط رأسه، تعد "موقعاً خاصاً" نظراً لتراثها المعماري. وأضاف "إننا نريد تجنب المزيد من الدمار". وأشار إلى أن نائبين من سكان المكلا، يتوليان توجيه تقدم القوات الشمالية باتجاه المدينة، وأكد "ما من خطوط حمر" وأضاف، "يخطئ من يظن أنه لا يمكننا السيطرة على عدن"، التي وصلت القوات الشمالية على بعد عشرين كيلومتراً منها. ونفي مصدر عسكري جنوبي مسؤول في عدن، نفياً قاطعاً ما أعلنته صنعاء، عن وصول قواتها إلى مسافة 25 كيلو متراً من مدينة المكلا. وأفاد مصدر لوكالة "فرانس برس"، أن طلائع القوات الشمالية، وصلت إلى منطقة جبلية تبعد 55 كم غربي المكلا، وتشرف على بلدة بروم الساحلية القريبة منها.

صرح صحافيون أجانب في عدن، أنهم شاهدو القذائف تسقط على منطقة خور مكسّر، وحول مطار عدن، صباح أمس بمعدل قذيفة كل دقيقتين. وقالت مصادر عسكرية في عدن، إن القوات الشمالية حاولت التقدم باتجاه عدن في جميع الجبهات، ولكن القوات الجنوبية، تصدت لها، وأجبرتها على التراجع. وأكدت المصادر أن الطيران الجنوبي، أستأنف أمس طلعاته الجوية، لتعقب مصادر المدفعية الشمالية بعيدة المدى، التي تطلق قذائفها باتجاه أحياء عدن.

وكانت عدن قد تعرّضت ظهر أمس لقصف متقطع، بينما شهدت خطوط التماس، تبادلاً عنيفاً للقصف المدفعي، وتقول تقارير إن منطقة دار سعد في ضواحي عدن، تعرضت أمس لقصف عشوائي من المدفعية الشمالية، التي يعتقد أنها تحتمي وراء المنازل في محافظة لحج، على بعد 25 كم. وأفاد مصدر مسؤول في مستشفي الجمهورية في عدن، أن ثلاثة مدنيين قتلوا، وجرح 15 آخرون، نتيجة القصف، الذي استهدف أمس مدينة عدن، والمناطق المجاورة لها.

5. يوم 12 يونيه 1994

أ.  في الوقت الذي كان المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، يستعد فيه للذهاب إلى المكلا "عاصمة محافظة حضرموت"، للالتقاء مع القيادة الجنوبية، أنهار وقف رابع لإطلاق النار في اليمن ظهر أمس. واتهمت عدن القيادة الشمالية بخرقه، في حين قالت صنعاء، إن الجنوبيين رفضوا وقف إطلاق النار، عندما أصروا على عدم تنفيذه، إلاّ في ظل وجود مراقبين دوليين للإشراف عليه.

وكانت القيادة الشمالية في صنعاء، قد أعلنت وقف القتال مساء أول من أمس، اعتباراً من منتصف الليل. وقال مراقبون إن قصف عدن توقف عند ذلك الوقت، وإن ظل متقطعاً على جميع المحاور الأخرى، غير أن الطائرات الشمالية عادت إلى شن غارة على مصفاة عدن، ومحطة كهرباء الحسوة، صباح أمس، وبعدها اندلع قصف عنيف اعتباراً من الساعة الحادية عشرة صباحاً على جميع الجبهات، بما فيها قصف العاصمة الجنوبية نفسها.

ب. وكانت أبرز ملامح القتال في اليمن أمس، سقوط قذائف المدفعية الشمالية على مناطق المعلا، وكريترَ بعدن. وقالت المصادر إن إحدى القذائف سقطت على جبل شمسان قرب المعلا، وهدمت أحد المنازل فوق رؤوس الأسرة التي تسكنه. إضافة إلى تحرك رتل من الدبابات الشمالية، من ناحية الرجاع، قرب الصبيحة في محافظة لحج، على مسافة 80 كم شمال عدن، وتكثيف قصفها العشوائي على المناطق السكنية هناك.

ج. وأعلن محافظ شبوة أحمد فريد الصريمة، في تصريح لتليفزيون عدن، أن القوات الجنوبية، تساندها قبائل شبوة، "تمكنت بعد معارك عنيفة، من استعادة السيطرة على 90 في المائة من المحافظة". وأن القوات الجنوبية "تنظف حالياً جيوباً للمقاومة حول عتق"، كبرى مدن شبوة. وكان الشماليون قد سيطروا في نهاية (أيار) مايو الماضي على عتق، التي توجد فيها قاعدة عسكرية ضخمة. واعترف الجنوبييون ضمناً، بتقدم الشماليين في هذه المنطقة.

وتؤكد المعلومات العسكرية أن القوات الجنوبية، تقاتل حالياً معركة، بأسلوب وتكتيك جديدين في الصحراء، لاستدراج القوات الشمالية إلى مناطق القتال المكشوفة، التي تجهلها هذه القوات، ثم يجري تدميرها.

6. يوم 13 يونيه 1994

أ.  سقط وقف النار المؤقت الذي أعلنته صنعاء، عندما تجدد القصف قرابة الساعة السادسة، صباح 13 يونيه 1994، بالتوقيت المحلي، بعد هدوء قصير. وكان مفترضاً، أن يستمر وقف النار ثلاث ساعات من السادسة حتى التاسعة، "لاختبار مدى التزام الجانبين به". وترددت أصداء القصف العنيف على جبهات القتال، حول عدن. وجاء في بيان جنوبي أن القوات الشمالية تستخدم الأسلحة الثقيلة في الهجوم، على قرى في منطقة الشعيب، على مسافة نحو 100 كم شمال العاصمة الجنوبية. وأعلنت صنعاء أن طائراتها قصفت مطار المكلا، وألحقت به أضراراً فادحة، واعتبرت عدن هذا الإعلان، محاولة من الشمال لمنع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، السيد الأخضر الإبراهيمي، من زيارة المكلا.

ب. وطوال يوم أمس استمرت الاشتباكات على جميع الجبهات في الحرب اليمنية، وتواصل قصف مدينة عدن بواسطة المدفعية الشمالية، بمعدل قذيفتين في الدقيقة الواحدة. كما قُصف مطار عدن، وتعذر دخول سفينة تابعة للصليب الأحمر ـ عليها شحنة من المعدات الطبية ـ إلى الميناء. وكررت الطائرات الشمالية محاولة قصف مطار الريان، في الساعة الحادية عشرة والنصف قبل الظهر. وأفادت المصادر الجنوبية، أن انقطاع الماء والكهرباء عن عدن، استمر طوال يوم أمس، وأن الغارات تكررت صباح أمس، وأن طائرتين شماليتين أُسقطتا فوق مناطق قريبة من المدينة.

ج. وورد في بيان للجنة الدولية للصليب الأحمر، أن سفينة دولية تحمل 2.5 طن من المساعدات الطبية، دخلت مرفأ عدن، وأن مئات الجرحى، وبشكل خاص من الجنود، نقلوا إلى مستشفيات عدن المكتظة. ويحاول العاملون في المستشفي، تقديم العلاج إلى هؤلاء الجرحى، رغم النقص في المعدات الطبية والأدوية اللازمة.

وتقدّر صنعاء، أن الذين هجروا منازلهم، هرباً من المعارك، يراوح عددهم من 400 إلى 500 ألف شخص، على الأقل. وكان المتحدث باسم الأمم المتحدة في صنعاء نجيب فريجي، أشار إلى أن حوالي مليون مهجر، يحتاجون إلى مساعدة طارئة.

وأعلنت الحكومة أيضاً أن 60 ألف طالب، لا تتجاوز أعمار معظمهم الثانية عشر عاماً، محتجزون في مدارس في المناطق الريفية، منذ مطلع مايو الماضي، ويعانون من نقص في الأغذية، ومياه الشرب والخدمات الأساسية.

كما تضررت قطاعات أخرى، مثل المزارع، وأنظمة الري، والآبار، ومحطات توليد الكهرباء، ومحطات ضخ المياه، وأنظمة صرف المياه المستعملة.

د. من جهة أخرى، أكد مراسل "فرانس برس"، أمس، أن طلائع القوات الشمالية، باتت على مسافة 55 كم من المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، التي تبعد 700 كم شرق عدن، حيث يتحصن علي سالم البيض. وهذه هي المرة الأولى، التي يؤكد فيها مراسلون صحفيون دخول القوات الشمالية إلى محافظة حضرموت، منذ بدء القتال قبل خمسة أسابيع.

7. يوم 14 يونيه 1994

أ.  تواصلت المعارك بين القوات الشمالية والجنوبية، في محيط عدن، التي تعرضت مساء اليوم نفسه، إلى قصف شمالي. وأفاد مراسل "وكالة الصحافة الفرنسية"، أن قذائف أطلقتها القوات الشمالية، سقطت في مناطق مختلفة من المدينة. وكثف الطيران الجنوبي غاراته، انطلاقاً من مطار عدن، على الجبهة التي استقرت منذ أكثر من أسبوع، على مسافة ما بين 20 و30كم من محيط المدينة الجنوبية.

ب. وقد صرّح عسكريون شماليون، "أن المعارك استمرت طوال أمس، في مختلف محاور القتال المحيطة بمدينة عدن، وفي محور بئر علي، "بروم" والتي تبعد حوالي 35 كم غرب مدينة المكلا، أن قواتهم تقدمت نحو مدينة بروم، بعد معارك عنيفة خاضتها بالمدفعية، وصواريخ الكاتيوشا (Katyusha)، مع القوات الجنوبية في منطقة ميفعة، تمكنت خلالها من إجبار القوات الجنوبية على التقهقر إلى الوراء. وأكدوا إصرار صنعاء على مواصلة التقدم نحو مدينة المكلا، حيث أصبحت القوات الشمالية على بعد 23 كم منها فقط.

وأفادت المصادر، أن استمرار القتال أدى إلى خسائر عالية، على جميع الجبهات، بعد أن اشتدت المقاومة الجنوبية للوجود الشمالي، في مناطق الضالع، وردفان، في محافظة لحج. وأدى قصف عدن إلى مقتل ستة مدنيين ليلة أمس، وإصابة 28 آخرين، عندما تهدمت خمسة منازل فوق سكانها في حي المنصورة، إضافة إلى 22 جريحاً عسكرياً. وصرح مصدر طبي في مستشفى الجمهورية في عدن اليوم، أن عدد الجرحى، الذين وصلوا إلى المستشفى، خلال اليومين الماضيين، يزيد على 300 جريح، فيما بلغ عدد القتلى من المواطنين والأطفال، نحو 50 قتيلاً.

كذلك، احتدم قتال شرس، في محافظة أبين، من جانب القوات الجنوبية، ضد وحدات العمالقة واللواء 56 الشمالي، إضافة إلى ما نقلته مصادر عدن، من صد محاولة تقدم شمالية جديدة في اتجاه خرز ـ طور الباحة، واستمرار المعارك على جبهة صبر المجاورة.

وتناقضت الأنباء حول وجود القوات الشمالية، في المرتفعات المجاورة لقرية بروم، على مسافة 35 كم من المكلا، ولم تر المصادر الجنوبية أي خطر من ذلك. وأضافت مصادر جنوبية أن مجموعات شمالية تسللت إلى هناك، بينما أكدت مصادر أخرى أن القتال على الجبهة الشرقية يدور في منطقة بئر علي، التي تبعد عن بروم حوالي 100 كم.

ج. وصرّح مراقبون اقتصاديون في صنعاء، أنه "يتعين على الحكومة أن تدرك أن الاقتصاد اليمني، لا يستطيع تحمل أعباء حرب طويلة الأمد، وهو أمر لا يمكن أن يساعد صنعاء، والشعب اليمني، على الصمود طويلاً".

وأدى استمرار الحرب، إلى تدهور قيمة الريال اليمني إلى 100 مقابل الدولار، وارتفاع أسعار السلع الأساسية. فوصل سعر الكيلو جرام من السكر إلى 60 ريالاً (مقابل 16 قبل 9 أشهر)، كما ازداد سعر الكيلو جرام من الأرز من 12 ريالاً إلى 40 ريالاً في الفترة نفسها، وسعر كيلو جرام القمح من 4 ريالات إلى 10 ريالاً. وحذر الاقتصاديون من تفاقم الأزمة الاقتصادية، وزيادة نسبة البطالة، بعد أن دخلت الحرب أسبوعها السابع دون حسم.

8. يوم 15 يونيه 1994

أ.  اشتدت حدة المعارك على الجبهات حول عدن، ووقع تبادل عنيف للقصف المدفعي، بين القوات الشمالية والجنوبية، خصوصاً على الجبهة الشمالية، حيث شن الشماليون هجوماً، وتقدموا حوالي كيلومتر جنوبي قرية صبر، على بعد 20 كم شمالي عدن. وردت القوات الجنوبية بقصف مدفعي كثيف، وبراجمات الصواريخ، لوقف تقدم القوات الشمالية، في محاولة لمنع سقوط بير ناصر، على بعد كيلو مترين إلى الجنوب، حيث توجد محطة الضخ التي تزود عدن بمياه الشرب. وضاعفت المقاتلات الجنوبية، خصوصاً من نوع سوخوي 7 (SU-7)، طلعاتها من مطار عدن، مستهدفة جبهة خرز، غربي عدن، حيث يسعى الشماليون إلى تعزيز مواقعهم. وأعلن مسؤول جنوبي أن القوات الشمالية أطلقت ثلاثة صواريخ مساء اليوم نفسه على عدن، وإلى غير ذلك "امتدت المعارك على طول الساحل الفاصل بين عدن ومدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، وتبادلت قوات الطرفين قصفاً عنيفاً بمدافع الدبابات، والمدافع، والصواريخ، في جبهة تبعد أربعة كيلومترات من بلدة ميفع، ونحو 60 كيلومتراً غربي المكلا.

ب. وذكر شهود عيان، أن قذائف من المدفعية الشمالية، سقطت بشكل عشوائي، بصورة متقطعة خلال النهار على ضواحي دار سعد، والمنصورة، والشيخ عثمان.

وتدفع صنعاء حشوداً عسكرية مكثفة، مما يشير إلى عدم رغبتها في وقف القتال بشكل نهائي، وربما كان نذيراً بالإعداد لعمل عسكري واسع لاقتحام عدن، قبل أن يرفع الإبراهيمي تقريره. وأضافت المصادر الجنوبية، أن القوات البشرية التي تدفع بها القيادة الشمالية، تضم مئات من أبناء محافظات تعز، وأب، الذين يدرسون في المعاهد العلمية، دون تدريب عسكري كاف، وأن كثيرين قتلوا في معارك الأمس على محوري والوهط ـ رجاع، والوهط ـ بئر أحمد.

ج. وفي صنعاء أفادت مصادر مطّلعة، أن الذي يقود جبهة حضرموت، هو وزير النقل، العميد أحمد مساعد حسين، وهو ينتمي إلى محافظة شبوة، وكان وزير الأمن في عهد علي ناصر، فيما يقود جبهة عدن العميد عبدربه منصور هادي وزير الدفاع، وهو من أبين. أما الذي يقود جبهة أبين فهو العقيد أحمد عبدالله الحسني، قائد البحرية، وكان قائداً للبحرية في الجنوب أيام علي ناصر. ويعمل تحت قيادة هؤلاء 11 لواء من أبناء المحافظات الجنوبية، والشرقية، هم الذين يخوضون القتال بشراسة وإصرار ضد العناصر الانفصالية. وهؤلاء يقفون في الصفوف الأولى للقوات المسلحة.

وفي عدن، صرح عسكريون جنوبيون من جبهة قتال أبين، أن "قتالاً شديداً دار على محاور القتال في أبين، بين القوات الجنوبية، التي تساندها المقاتلات الجوية، وقوات العمالقة الشمالية، التي عُززت أخيراً بقوات إضافية من اللواء التاسع".

وصرح مصدر أمني جنوبي، أن "عدن أصبحت تستقبل يومياً القصف المدفعي من القوات الشمالية، المرابطة في منقطة صبر، في محافظة لحج، ومن عناصر جهادية تستخدم مدافع الهاون تختبئ ليلاً في الأحياء والمزارع في منطقة دار سعد، عند مشارف عدن". وقال إنّ "الأجهزة الأمنية تساندها وحدات من الميليشيات، تمكنت في اليومين الماضيين، من القبض على 200 من عناصر "الجهاد"، وتلاحق حالياً أعداداً كبيرة من هؤلاء، استطاعوا التسلل إلى المدينة، مع مجموعات المواطنين النازحين من صبر، والوهط، والحوطة، والضالع في محافظة لحج". والذين يزيد عددهم على 50 ألف معظمهم يسكنون في المدارس، ورياض الأطفال، التي أغلقت بسبب الحرب، ومنهم من تمكن من السكن في منازل المسؤولين، الذين هربوا إلى صنعاء قبل اندلاع القتال

د. صرحت مصادر عسكرية يمنية أن مهندسي طيران روس، وصلوا إلى صنعاء في الآونة الأخيرة، للأشراف على تجهيز سرب من الطائرات القاذفة المقاتلة، من نوع سوخوي (SUKHOI). وتؤكد المعلومات أن العقيد محمد صالح الأحمر ـ الأخ غير الشقيق للرئيس اليمني ـ وقائد القوات الجوية، والدفاع الجوي، كان وراء توجيه الدعوة الرسمية باسم الجمهورية اليمنية للمهندسين الروس الخمسة.

وكانت عدن قد اتهمت دولاً، لم تُسَمِها، بتمويل صفقة أسلحة ضخمة، من بينها طائرات سوخوي، لحساب صنعاء، ويجري توريدها من ترسانة الاتحاد السوفيتي السابق، في جمهورية أوزبكستان.