إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم السابع: تطورات الموقف السياسي خلال الفترة من 8 يونيه إلى 15 يونيه 1994

القسم السابع: تطورات الموقف السياسي خلال الفترة من 8 يونيه إلى 15 يونيه 1994

1. يوم 8 يونيه 1994

أ. على الرغم من إعلان صنعاء، قبول وقف إطلاق النار، اعتباراً من منتصف ليلة 7 يونيه، إلاّ أن القتال استمر بصورة متواصلة، خلال الساعات الماضية، على جميع الجبهات، وإن كانت بعضها قد شهدت هدوءاً لساعات قليلة.

وسبب استمرار القتال صعوبة غير متوقعة، في طريق مهمة الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، لتقصي الحقائق بشأن الصراع المسلح في اليمن. وطرح المراقبون تساؤلات حول الحاجة إلى مراقبين دوليين، لمتابعة الالتزام بوقف إطلاق النار، وهو اقتراح رحبت به عدن، ورفضته صنعاء.

ب. بدأ مبعوث الأمم المتحدة، الأخضر الإبراهيمي، محادثاته في صنعاء، معلناً أن الأولوية هي "لوقف الاقتتال بين الأخوة"، و"إفساح المجال لاستئناف المفاوضات والحوار". لكن الرئيس اليمني، علي عبدالله صالح أعلن في مؤتمر صحفي عقده ظهر اليوم، رفضه إجراء أي حوار مع الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، علي سالم البيض، قائلاً: "لا حوار مع أولئك الذين قادوا إلى الحرب، وليس أمامهم إلا الاستسلام أو الرحيل عن البلاد".

وفي غضون ذلك، ناقش أعضاء مجلس الأمن، في جلسة مغلقة، الوضع في اليمن، وتدارسوا مشروع بيان، أعلنه رئيس المجلس للشهر الجاري، مندوب سلطنة عُمان السفير سالم الخصيبي، وهو يعبر عن "القلق البالغ إزاء تدهور الوضع، واستمرار القتال الواسع النطاق، في الجمهورية اليمنية".

ج. وفي جنيف، وجه غالي نداء، ثانياً لوقف النار في اليمن، وقال إنه على اتصال مستمر مع السلطات الشمالية، والجنوبية، وأن "الجانبين يقبلان ببعثة تقصي الحقائق، ويثقان في المساعي الحميدة، التي تقوم بها الأمم المتحدة. وأوضح أنه اتصل بعدد من "الدول الصديقة"، لإرسال فرق من رجال الإطفاء، لمكافحة حريق مصفاة عدن، التي تعرضت للقصف نهاية الأسبوع الماضي.

د. حضّ وزير الخارجية المصري، السيد عمرو موسى، صنعاء، من دون أن يسميها، على التزام وقف النار، معتبراً أن استمرار القتال يعني رفض قرار مجلس الأمن الرقم (924). ورأى أن "الالتزام بوقف النار لا يكون بمجرد الكلام، ولا بد من احترامه عملياً". وأن "استمرار إطلاق النار، على رغم القبول الرسمي بوقف القتال، يعني رفض قرار مجلس الأمن".

هـ. استبعدت صنعاء فكرة تدخل أي قوات دولية، للفصل بين القوات المتحاربة. وصرّح وزير الخارجية، محمد باسندوه، أن صنعاء لن تقبل أي وجود أجنبي، ولن تسمح لأي شخص بالمجيء، وفرض الانفصال أو التقسيم في بلادنا، لأننا بلد واحد، وستبقى كذلك.

و. وقد رحبت الولايات المتحدة الأمريكية، بالبيان الصادر عن اجتماع المجلس الوزاري لدول التعاون الخليجي، في حين بدت في صنعاء حالة من عدم الرضا، وإن كان مصدر يمني مسؤول، قد أعرب عن "ارتياح نسبي"، لما صدر عن اجتماع أبها، وفسر مراقبون ذلك بأنه أفضل مما كانوا يتوقعون.

ففي بيان رسمي سبق أن أعلنته المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، كريستين شيل، قالت: "أننا نتفق مع مجلس دول التعاون الخليجي، على أن مشكلة اليمن لا يمكن أن تحل بالقوة المسلحة". وذكر البيان: "إننا ننضم إلى دول مجلس التعاون في الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في اليمن، والالتزام بما نص عليه قرار مجلس الأمن (924)".

ز. وكان عبدالوهاب الروحاني، عضو مجلس النواب اليمني، قد اعتبر ما أعلن في أبها تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لليمن، وقال أنه جاء بقرار مجلس الأمن، الذي دعا إلى "معالجة الأوضاع في الجمهورية اليمنية بطرق سلمية"، وليس إلى تأجيجها. وأعرب النائب اليمني عن استغرابه، من أن مَنْ تبنى استصدار قرار مجلس الأمن الرقم (924)، بشأن الأزمة اليمنية، هم الذين ينتهكونه ويستبقون الأحداث، دون أن ينتظروا ما سيسفر عنه أعمال بعثة تقصي الحقائق الدولية.

ويرى عبدالوهاب الروحاني، أن "إعلان أبها، يبين ـ ما وصفه ـ بالنوايا المبيتة من قبل البعض ضد دولة مستقلة ذات سيادة، ويلمس منه أن هناك إصراراً على تأجيج الحرب في اليمن، وإطالة أمدها"، مشيراً إلى أنه كان يتمنى أن يدرك هؤلاء أن تأجيج الحرب في اليمن، أو المساهمة في إشعالها سيؤثر عليهم، وربما يوسع رقعة هذه الحرب، حتى تصل إلى أراضيهم".

أما عبدالقادر باجمال ـ نائب رئيس الوزراء ـ فقال أن "أياً من هذه الدول، التي اجتمعت في أبها، لو حدث لها ما يحدث في اليمن، ستشعر بالمهانة والغضب الشديد لهذا الموقف"، وأن صنعاء ترى أن "ما صدر في أبها لم يكن مفاجأة بالنسبة لنا، ولكنا نرجو من إخواننا في دول الخليج، أن يعلموا أن هناك شعباً يمنياً أصيلاً، يعرف أهدافه الصحيحة ومصالحه، ولا يستطيع أحد أن يدعي تمثيل إرادته"، موضحاً أن موضوع الإرادة قد حسم في ظروف السّلم، ومن دون أي ضغوط".

 

2. يوم 9 يونيه 1994

أ.  توقف القصف، مع التزام صنعاء وعدن وقف إطلاق النار، بدءاً من الساعة السادسة، مساءاً بالتوقيت المحلي (الثالثة بتوقيت غرينتش). ورحب المبعوث الخاص للأمم المتحدة، السيد الأخضر الإبراهيمي، الذي لا يزال في صنعاء، بقرار وقف النار الذي أعلنه الرئيس علي عبدالله صلح، وقال إن حكومة صنعاء أكدت له استعدادها، للحوار مع الجنوب.

وفي وقت لاحق، أعلنت السلطات في الجنوب، موافقتها على وقف النار، ودعت إلى إجراءات رفع الحصار عن عدن، التي ينتظر أن ينتقل إليها الإبراهيمي خلال الساعات المقبلة. وفي واشنطن رحبت إدارة الرئيس بيل كلينتون، بإعلان الجانبين موافقتهما على وقف النار، بموجب قرار مجلس الأمن الرقم (924).

كذلك، أعربت جمهورية مصر العربية، والجامعة العربية، عن ترحيبهما بقرار الرئيس اليمني وقف إطلاق النار، ودعتا إلى ضرورة "عقد حوار عاجل يضمه، والسيد علي سالم البيض للبحث في مستقبل البلد، وانتشاله من الدمار".

ب. التقى الإبراهيمي في صنعاء الرئيس، علي عبدالله صالح، ووزير خارجيته، السيد محمد سالم باسندوه، ثم اجتمع مع ستة وزراء في الحكومة "وجرى بحث موسع في كيفية تنفيذ القرار الرقم (924)". وبعد اجتماعات مع عدد من البرلمانيين، وقوى التحالف الأخرى في الحكومة، ينوي الإبراهيمي، مغادرة صنعاء، للمضي في مهمة تقصي الحقائق والاتصال، بالأطراف الأخرى المعنية، من دون أن يحدد وجهته. وصرح أنه سيقابل أطرافاً عربية أخرى، في المنطقة.

ج. وفي عدن، أصدر مصدر مسؤول في "مجلس رئاسة جمهورية اليمن الديموقراطية"، بياناً أمس أكد فيه "ترحيب اليمن الديموقراطية بنداء"، الإبراهيمي، وجدد موافقة عدن على الوقف الفوري لإطلاق النار. وأشار البيان إلى أن عدن "تدعو، في الوقت نفسه، إلى رفع الحصار عن مواطنيها الصامدين، وإعادة ضخ المياه، التي قطعت منذ أسبوع عن المدينة، وإيقاف ضربها، وتدمير المنشآت الحيوية فيها، ومنازل المواطنين، والأحياء السكنية، ليشكل ذلك بداية جادة لتنفيذ قرار مجلس الأمن".

وقال المصدر، "إننا نلفت انتباه المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، إلى أن أكثر من سبعمائة ألف شخص، يتعرضون في الحاضر إلى محاولات تدمير واسعة النطاق، على يد القوات الشمالية المهاجمة، بعد أن ضُربت المنشآت الحيوية، كالمصفاة، ومصادر مياه الشرب، وأجزاء واسعة من الأحياء الشعبية، ومخازن الأغذية"، وأن ذلك كله "تم بعد قرار مجلس الأمن، القاضي بالوقف الفوري لإطلاق النار، والبدء في التفاوض".

وجددت عدن دعوتها إلى إرسال مراقبين دوليين، أو نشر قوات للفصل بين القوات المتحاربة.

كما صرح الجفري، نائب رئيس مجلس الرئاسة، أن الرئيس علي عبدالله صالح، يعزز هجومه على عدن، في الوقت الذي يستقبل فيه مبعوث الأمم المتحدة في صنعاء، وأضاف أن علي عبدالله صالح، لن يوافق أبداً على وقف النار.

د. وفي نيويورك، تحدثت الأوساط العربية، عن رسالة وجهتها الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جميع المعنيين بالأزمة اليمنية، حذرت فيه ضمنياً صنعاء، بأن وقف النيران سيمنع الآخرين من الاعتراف بانفصال اليمن الجنوبية، وأن استمرار القتال يزيد من احتمالات هذا الاعتراف.

ووجهت في الوقت ذاته إلى دول المنطقة، رسالة فحواها أن "الانفصال يقلل فرص الحل، ويعمق الخلافات بين اليمن وجيرانه"، وأن مواقف كبيرة كمسألة الانفصال "لا تؤخذ في غمار الحرب".

هـ. وطلبت الحكومة اليمنية من الأمم المتحدة توجيه نداء دولي لإرسال مساعدات عاجلة، ونقلت مصادر دبلوماسية عن مسؤولين يمنيين أن 2.5 مليون شخص تأثروا نتيجة الحرب.

وأكدت الحكومة أن 1.5 مليون شخص يحتاجون إلى الغذاء والمأوى، وأن مليون شخص غالبيتهم من المزارعين، لن يتمكنوا من جمع محاصيلهم، ويحتاجون للمساعدة.

 

3. يوم 10 يونيه 1994

أ.  في الوقت الذي تبادل فيه الجانبان، الشمالي والجنوبي، القصف المدفعي والجوي، وصل الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة، إلى جدة اليوم قادماً من صنعاء، عبر عمان، حيث أعلن في تصريح مقتضب أن لقاءه بالرئيس اليمني علي عبدالله صالح، وأعضاء مجلس النواب اليمني، أول من أمس كان لقاء إيجابياً ومثمراً.          وأنه متوجه إلى المملكة العربية السعودية، للقاء المسؤولين السعوديين، وترتيب إجراءات اللقاء مع علي سام البيض، رئيس مجلس الرئاسة في اليمن الجنوبي، الذي لم يتسنى له الالتقاء به خلال زيارته لليمن، بسبب حدة المعارك الدائرة حول عدن، وهو اللقاء الذي قال عنه عبدالله الأصنج، وزير الخارجية الجنوبي، في أبو ظبي أمس، إنه يتوقع أن يعقد في مدينة المكلا.

وأعرب المبعوث الدولي عن خيبة أمله، لعدم ثبات وقف إطلاق النار ـ الذي أعلنت عنه صنعاء، وقبلته عدن، وتبادلا من بعده الاتهامات بخرقه ـ وقال: "نحن مصرون على مواصلة المطالبة، بأن يثبت وقف إطلاق النار".

وأعرب الإبراهيمي عن أمله في أن ينتهي الوضع بالحوار، الذي أعلن المسؤولون في اليمن القبول به، مشيراً إلى أنه سيواصل الاتصالات لتمهيد الظروف، التي ستؤدي إلى استئناف الحوار بين الأشقاء.

ب. وفي صنعاء، أعطت الأوساط اليمنية الرسمية، أهمية خاصة لزيارة مبعوث الأمم المتحدة، السيد الأخضر الإبراهيمي لجدة، ومحادثاته التي سيجريها مع كبار المسؤولين السعوديين، في إطار مهمته، التي كلفه بها الأمين العام للأمم المتحدة، بطرس غالي، وفق قرار مجلس الأمن الرقم (924).

وكشفت هذه الأوساط، أن صنعاء اتفقت مع مبعوث الأمم المتحدة، على ضرورة أن تلعب السعودية دوراً مهماً في حل الأزمة اليمنية، نظراً إلى الوضع الخاص لعلاقات السعودية مع اليمن، وللثقل السياسي للمملكة العربية السعودية في المنطقة. وأن الرئيس علي عبدالله صالح، "رحب بذهاب الإبراهيمي إلى المملكة العربية السعودية، من أجل التشاور مع كبار المسؤولين فيها حول وسائل حل الأزمة في شكل كامل، وليس الاكتفاء بوقف إطلاق النار فقط".

ج. ولم تكشف بعد صنعاء، عن الشروط أو الأسس، التي وضعتها، لمواصلة الحوار مع الجنوبيين. لكن بعض المصادر في صنعاء، ألمحت إلى أن الرئيس علي عبدالله صالح، قد يكون وضع شرط إلغاء قرار الانفصال في المقدمة، وأنه ربما أبدى بعض المرونة في ما يتعلق ببقية الشروط، ليفتح المجال أمام الإبراهيمي، ويتيح له إمكانية القيام بدور الوسيط.

د. وبينما يعتقد الجنوبيون، أن لا مجال أبداً للعودة إلى التفاهم والوحدة مع الشمال، بعد أن أصبحت الفجوة كبيرة نفسياً، وسياسياً، وعسكرياً. قالت مصادر مسؤولة في صنعاء، إن الشماليين يرون إذا كان هناك من حوار، فمع "البعض" في الجنوب، وليس مع "الكل"، بالنسبة للحزب الاشتراكي. وإذا لم تنجح الجهود المبذولة، لإيجاد حل سياسي وصيغة اتحادية، فإن الحل العسكري هو الخيار الوحيد.

 

4. يوم 11 يونيه 1994

أ.  استمر "وقف إطلاق النار"، في اليمن هشاً ومتقطعاً، وخُرِقَ مجدداً بعد ظهر اليوم، عندما قصفت القوات الشمالية مدينة عدن، فيما اشتعلت الجبهات المحيطة بها. وظلت عدن تعيش فيه دون مياه أو كهرباء لليوم الثالث، مما اضطر الناس إلى إعادة حفر الآبار القديمة. واحتدم النقاش، بين صنعاء وعدن، بشأن آلية مراقبة وقف النار، إذ كان الرئيس علي عبدالله صالح، أقترح تكليف لجنة عسكرية مشتركة لهذه المهمة، لكن بياناً يمنياً جنوبياً رفض الاقتراح، ودعا إلى إرسال مراقبين دوليين.

وفي غضون ذلك، واصل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، اتصالاته في جدة.فاستقبله خادم الحرمين الشريفين، كما ذكر أنه التقى شخصيات يمنية جنوبية. وصرح المبعوث الدولي، بأنه ينوي التوجه إلى جنوب اليمن، في اليومين المقبلين. ونقلت "رويتر" قوله إنه قد يتوجه إلى ميناء المكلا حيث يقيم الزعيم الجنوبي علي سالم البيض. وجدد الإبراهيمي دعوته إلى التزام وقف النار قائلاً: "هذه مسألة خطيرة، هناك أرواح تضيع". ونحن نريد أن يصمد وقف إطلاق النار، حتى يمكن أن نبدأ الحديث عن الحوار.

ب. وفي جدة صرحت مصادر خليجية، أن الإبراهيمي بسط أمام جلالة الملك فهد، تطورات الأوضاع المأسوية، على الساحة اليمنية، طبقاً لمشاهداته ولقاءاته مع المسؤولين في صنعاء، واجتماعه مع الرئيس علي عبدالله صالح. كما شرح الإبراهيمي تصوراته للمرحلة التي بلغتها وساطته. وكذلك أكد خادم الحرمين الشريفين موقف المملكة العربية السعودية، الداعي إلى ضرورة الإيقاف الفوري لإطلاق النار، تخفيفاً لمعاناة الشعب اليمني، وحرص السعودية على حل الأزمة بالطرق السلمية.

ج. وفي القاهرة استقبل الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، سمو الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، الذي صرح بعد اللقاء "أن جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية حريصتان على وقف القتال في المقام الأول". ووصف ما يحدث في اليمن بأنه "ظرف دقيق، خصوصاً أن للأمم المتحدة الآن مبعوثاً يقوم بدور مهم، وهو شخصية مرموقة تحوز على ثقة الجميع"، مشيراً إلى أن "الجميع يؤازرون جهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار". و"إننا جميعاً نسخّر قدراتنا وطاقانا لإنجاح عملية وقف إطلاق النار في اليمن، لأن وقف القتال هناك، في مصلحة الجميع، واستمراره يسيء للجميع في أن واحد. وفي ما يتعلق بموقف مجلس التعاون الخليجي من الأزمة، أشار سمو الأمير سعود الفيصل، إلى البيان الذي أصدره المجلس وقال: "موقف المجلس وأضح، وهو أن استمرار القتال، سيضطر دول المجلس إلى اتخاذ خطوات ضد الطرف، الذي يرفض وقف إطلاق النار"، وقال: "لنترك الفرصة لمبعوث الأمم المتحدة، لبذل جهوده في هذا الصدد".

5. يوم 12 يونيه 1994

صنعاء تطلب حواراً لخمسة أيام، دون تدخل طرف ثالث.

أ.  وصل مبعوث الأمم المتحدة السيد الأخضر الإبراهيمي، إلى المكلا، عاصمة محافظة حضرموت مساء اليوم، للاجتماع مع رئيس مجلس الرئاسة في "جمهورية اليمن الديموقراطية"، علي سالم البيض، وقادة اليمن الجنوبي، فيما أعلن نائب رئيس الوزراء اليمني عبدالقادر باجمال في صنعاء، أن حكومة الجمهورية اليمنية طرحت مبادرة جديدة للحوار، مع "قيادات الطرف الآخر في الحزب الاشتراكي، المؤمنين بالشرعية الدستورية وبالوحدة، ووحدة الجيش والأرض اليمنية"، على أساس أن يتم الحوار في صنعاء لمدة خمسة أيام، من دون تدخل طرف ثالث. وأوضح باجمال أن الحوار لا يشمل البيض، و15 من قادة الجنوب، صدرت بحقهم مذكرات توقيف. وجاء إعلان المبادرة، التي تضمنت "جدولاً" زمنياً للحوار، رفضاً لأي وساطة سياسية.

وقالت مصادر مطلعة في مسقط، إن "الشروط الصعبة"، التي وضعها الرئيس علي عبدالله صالح للحوار، "لا تقدم أسساً مقبولة لتسهيل مهمة الإبراهيمي". ولفتت المصادر النظر إلى أن فشل جهود وقف النار، "سيفتح الباب أمام خطوات سياسية خليجية، تشمل اعترافاً بجمهورية اليمن الديموقراطية". وأشارت إلى إمكان طلب الجنوب في هذه الحال، مساعدة عسكرية عربية.

ويرى المراقبون أن مبادرة صنعاء الجديدة، لن تكون مقبولة من جانب القيادة الجنوبية، لأنها لا تمثل تحركاً نحو مطالبهم الأساسية، وأن توقيت إعلانها ربما يستهدف التأثير على مهمة الإبراهيمي في المكلا.

ب. وزار سمو الأمير سعود الفيصل، دمشق في إطار حرص المملكة العربية السعودية، على وقف نزيف الحرب في اليمن. ويتوقع أن يكون سمو الأمير سعود الفيصل، قد حمل معه تصورات بشأن إجراءات خطط للعمل خلال المرحلة المقبلة، على أساس المشاورات، التي جرت بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماع أبها.

ج. نفت المملكة العربية السعودية بشدة، ما ورد في تصريحات وزير التخطيط اليمني، عبدالكريم الإيرياني، عن تورطها في النزاع اليمني، وتزويدها الجنوبيين أسلحة، وأكدت أن مثل هذه المزاعم، مختلقة جملة وتفصيلاً.

وجاء في تصريح أدلى به مصدر سعودي مسؤول إلى وكالة الأنباء السعودية، ليل الأحد 12 يونيه 1994، ما يلي: "ذكرت كل من وكالتي الأنباء الفرنسية وأسوشيتدبرس في نشراتهما السبت 11 يونيه 1994، أن وزير التخطيط اليمني، عبدالكريم الإيرياني، صرّح إلى وكالة الأنباء الفرنسية، أن المملكة العربية السعودية باتت طرفاً في النزاع اليمني وأنها تزود الجنوبيين بكميات من الأسلحة".

وقال المصدر: "نحن لا نستغرب صدور مثل هذه المزاعم، والافتراءات المختلقة، جملة وتفصيلاً، من عبدالكريم الإيرياني، المعروف بمواقفه العدائية للمملكة من قديم، وليست هذه أول مرة يتجنى فيها الإيرياني على الحقيقة، بل صدرت عنه تصريحات وتلميحات مماثلة مرات عدة خلال الأسابيع الماضية".

واختتم المصدر السعودي تصريحه قائلاً: "تجدر الإشارة إلى أن الصورة التي نقلها لخادم الحرمين الشريفين السيد الأخضر الإبراهيمي، من الرئيس علي عبدالله صالح تختلف تماماً في روحها ومضمونها عن تصريحات الإيرياني، الذي لولا حرصنا على إيضاح واقعة للرأي العام لما أعرناه أي اهتمام".

6. يوم 13 يونيه 1994

لقاء السيد الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، السيد علي سالم البيض.

أ. اجتمع الأخضر الإبراهيمي، مع القادة الجنوبيين في منزل علي سالم البيض في المكلا، في حضور المهندس حيدر أبو بكر العطاس ـ رئيس وزراء اليمن الديموقراطية ـ وعبد الله الأصنج وزير الخارجية، ومحسن بن فريد نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط.

وقال محسن بن فريد أن الإبراهيمي التقى أمس ممثلي الأحزاب، والتنظيمات السياسية، والعلماء، واجتمع مع العطاس والأصنج، وأكد لهم أن "مهمته الأساسية هي الاستماع إلى وجهة نظر القيادة الجنوبية، في إطار عملية تقصي الحقائق". وتلقى مذكرة مفصلة حول الموقف الجنوبي.

واعتبر بن فريد استمرار القتال في اليمن، على الرغم من زيارة الإبراهيمي، "يمثل محاولة من جانب صنعاء لاستخدام المعارك وسيلة للحصول على مزيد من الأراضي، في المحافظات الجنوبية، مع استمرار إعلان مبادرات وقف القتال، لتضليل الرأي العام الأجنبي، وفرض الأمر الواقع"، ودعا إلى "صدور قرارات أكثر قوة، لإجبارها على وقف القتال".

وذكر المسؤول الجنوبي، أن قادة اليمن الديموقراطية، طرحوا في لقاءاتهم مع الإبراهيمي ـ ضرورة إرسال مراقبين دوليين "للإشراف على وقف إطلاق النار وتثبيته". وقال إنه "لا بد من وجود طرف ثالث للتأكد من الجهة التي تخرق القرار.

ب. وعبرّت صنعاء عن رفضها وجود أي قوات أجنبية في اليمن، وعن استعدادها تكليف اللجنة العسكرية، الإشراف على تثبيت وقف النار، في رسالة من حكومة الجمهورية اليمنية إلى الأمين العام للأمم المتحدة. وكلفت المندوب الدائم، السفير عبدالله الأشطل، "تقديم مبادرة جديدة" إلى الأمين العام، تنطلق من تعليمات أصدرها الرئيس علي عبدالله صالح، "بتكليف أعضاء اللجنة العسكرية اليمنية، التي سبق تشكيلها بقرار من رئيس مجلس الرئاسة، أن تتولى الإشراف على تثبيت وقف إطلاق النار". وكان يفترض أن تعقد اللجنة العسكرية أول اجتماع لها في مكان محدد، أسمه جعول، يقع بين قرية صبر ودار سعد، السبت الماضي، إلاّ أن انهيار وقف النار حال دون عقد الاجتماع.

وأفادت المصادر المطلعة، أن مسألة إنشاء "آلية" للإشراف على وقف النار، قد تحتل الأولوية في جهود الإبراهيمي، و"الديبلوماسية المكوكية"، التي يمارسها بين صنعاء والمكلا.

7. يوم 14 يونيه 1994

أ.  اختتم المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي زيارته إلى اليمن أمس، ولقاءاته مع طرفي الحرب هناك، دون أن يتمكن من زيارة مدينة عدن، بسبب استمرار القصف الشمالي عليها. وغادر المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، في طريقه إلى تونس، للاجتماع مع الدكتور بطرس غالي الأمين العام للأمم المتحدة، وإعداد تقريره بشأن حقيقة ما يجري في اليمن.

ووصل المبعوث الدولي، وبرفقته المهندس حيدر العطاس، وعدد من قادة اليمن الجنوبي اليوم، إلى أبو ظبي حيث أطلع الشيخ زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، عن نتائج محادثاته في اليمن والجهود التي يبذلها لإنهاء الأزمة، وأكدت مصادر دبلوماسية أن العطاس، يتخذ الآن من أبو ظبي مقراً للتحرك السياسي، وإجراء الاتصالات مع الأطراف العربية والدولية المعنية بالأزمة.

ب. وفي حين قال الإبراهيمي، لدى وصوله إلى أبو ظبي "أوقفوا الحرب، دعونا نزور الناس الذين خرجوا للترحيب بنا في عدن"، حيث قال مراقبون أن مدينة عدن شهدت ظهر أمس 13 يونيه، مسيرة شارك فيها مئات النساء والأطفال والشيوخ ترحيباً بزيارة السيد الأخضر الإبراهيمي، بعد أن أعلنت السلطات في عدن، أن الإبراهيمي سيصل إلى المدينة في العاشرة صباحاً، وأعدت مسيرة انطلقت من ساحة العروض بمدينة خورمكسر إلى المطار. غير أن مسؤولاً حكومياً قال لاحقاً، أن "الإبراهيمي قرر الاكتفاء بزيارة المكلا، ولقاء القادة الجنوبيين فيها، دون زيارة عدن"، الأمر الذي أدى إلى خيبة أمل لدى المتظاهرين، الذين حملوا صوراً للرئيس الجنوبي علي سالم البيض، وشعارات تندد بالحرب، وتطلب بضرورة إيقافها تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الرقم(924).

ج. وفي صنعاء صرح رئيس مجلس الرئاسة اليمني علي عبدالله صالح: "إننا نسعى إلى التفاهم مع جيراننا، وأن جيراننا خصوصاً المملكة العربية السعودية، هم الأقرب إلينا، وبالإمكان أن نصل بمساعدتهم وتعاونهم، إلى حل مرضٍ للأزمة اليمنية".

كما علم أن وفداً برلمانيا،ً يضم ممثلين عن قطاعات شعبية وسياسية، يجري اتصالات، تمهيداً لزيارة المملكة العربية السعودية، خلال الأيام القليلة المقبلة، ويتوقع أن يرأس هذا الوفد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب، فيما يستعد وفد آخر للقيام بجولة في بقية دول مجلس التعاون الخليجي.

د. في غضون ذلك، وردت أنباء أمس عن تعرض عدن لمزيد من الضغوط العسكرية. وأعلن الأخضر الإبراهيمي أمس في أبو ظبي، أنه يبحث مع القادة اليمنيين في حل وسط، يقضي بمشاركة مراقبين أجانب، في الإشراف على وقف إطلاق النار في اليمن. وأوضح الإبراهيمي، أن الإشراف على وقف إطلاق النار، يمكن أن تقوم به "لجنة مشتركة يمنية، بمشاركة مراقبين أجانب".

وكانت الحكومة اليمنية أبلغت أمس السيد الإبراهيمي، أن وجود مراقبين دوليين لوقف إطلاق النار بين القوات الحكومية والانفصاليين، لا يمكن طرحه قيد البحث دولياً، كما يطالب الانفصاليون في الحزب الاشتراكي. وأن وجود مراقبين دوليين قائم في إطار اللجنة العسكرية اليمنية المشتركة، التي أوكلت إليها مهمات إيقاف التداعيات العسكرية إبان الأزمة السياسية، قبل اندلاع المعارك في البلاد. وكانت اللجنة تضم إلى جانب القادة العسكريين اليمنيين، ضباطاً من الأردن وعمان، إلى جانب الملحقين العسكريين في سفارتي، الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في صنعاء.

هـ. أعلنت جمهورية اليمن الديموقراطية، في عدن أمس الاثنين 13 يونيه، صدور مرسوم بتشكيل مجلس دفاع وطني، برئاسة علي سالم البيض، ويضم أعضاء مجلس الرئاسة الأربعة، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان الجنوبي، ووزراء الدفاع، والخارجية والداخلية، والأمن، والمال، والثقافة، والإعلام، ورئيس هيئة الأركان العامة.

و. حدد مساعد وزير الخارجية الأمريكي، لشؤون الشرق الأوسط، السفير روبرت بلليترو، سياسة إدارة الرئيس بيل كلينتون، تجاه الأزمة اليمنية. وأعلن "معارضة الولايات المتحدة الأمريكية، فرض الوحدة بالقوة، مثل معارضتها إعلان الانفصال وسط الحرب، وتأييدها تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم (924)، الداعي إلى وقف النار، ومعاودة الحوار، ووقف تدفق الأسلحة من الخارج، ودعمهما مهمة السيد الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، وإنشاء لجنة عسكرية مشتركة بين الشمال والجنوب، معززة بوجودٍ من خارج الأمم المتحدة، وفي إطار عربي وإسلامي".

8. يوم 15 يونيه 1994

أ.  حث الرئيس اليمني، دول الخليج، على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليمن، وعلى التعاون الإيجابي في المنطقة. وقد استقبل الرئيس صالح سفراء دول مجلس التعاون الخليجي في صنعاء، وحمّلهم رسائل إلى حكوماتهم، وأكد لهم أن ما يجري في اليمن شأن داخلي، ينبغي عدم التورط فيه من قِبل أي جهة، ضماناً لعدم إطالة أمد الصراع، وحقناً لسفك المزيد من الدماء اليمنية.

ب. تدور مشاورات مكثفة في أروقة الأمم المتحدة، وعدد من العواصم العربية والدولية، حول عقد جلسة ثانية لمجلس الأمن، بشأن الحرب اليمنية، بعد أن فشلت خمس محاولات لوقف إطلاق النار، واستمرار رفض صنعاء لنشر قوات مراقبين دوليين في اليمن، للإسهام في تحديد الطرف المسؤول عن خرق إيقاف إطلاق النار.

وفي الوقت الذي أعلن فيه الدكتور بطرس غالي، الأمين العام للأمم المتحدة، في بيان أصدره، أنه "يأسف لعدم سريان وقف إطلاق النار، الذي دعا إليه مجلس الأمن في القرار الرقم (924)، الصادر في أول يونيه (حزيران) 1994، رغم التأكيدات المتكررة من كلا الطرفين بأنهما سيقبلانه، ويستأنفان الحوار بهدف تسوية خلافاتهما بالوسائل السلمية"، صرح الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الدولي، أنه "يبحث مع القادة اليمنيين مشروع تسوية، يقضي بمشاركة مراقبين أجانب، في الإشراف على وقف إطلاق النار".

أيدت القيادة الجنوبية هذا الاقتراح، وقدمت مذكرة إلى الإبراهيمي حول مشروعها الخاص بذلك، واقترحت مشاركة حوالي 100 ـ 150 ضابطاً، يمثلون الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وبعض الدول العربية، مثل سورية، ومصر، والأردن، وسلطنة عمان، إضافة إلى ضباط يمنيين، بينما قالت مصادر رسمية في صنعاء، أنها أبلغت الإبراهيمي موافقتها على إحياء اللجنة العسكرية المشتركة، للإشراف على وقف إطلاق النار وتثبيته. وأن صنعاء لن توافق على مبدأ استقدام المراقبين الدوليين بصفة مطلقة، إلاّ أنها تقبل إعادة تشكيل اللجنة العسكرية المشتركة.

وقال المصدر الشمالي إن اقتراح القادة الجنوبيين، تشكيل فريق المراقبين الدوليين من ممثلين عن منظمة الوحدة الأفريقية، ودول اتحاد المغرب العربي، والمجموعة الأوروبية، والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، على أن يعمل تحت علم الأمم المتحدة، يستهدف تمييع الموضوع، وتكريس مفهوم كيانين منفصلين. كما أكد قبول القيادة الشمالية مبدأ الحوار المباشر مع الجنوبيين في القاهرة، أو في الأمم المتحدة، قبل أن يرفع الإبراهيمي تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بشأن الاتصالات، التي أجراها مع القادة اليمنيين في صنعاء والمكلا.

وترى مصادر عدن أن شروط صنعاء، تستهدف تأخير إعادة طرح القضية أمام مجلس الأمن، في الوقت الذي تضغط فيه عدن لعقد ومجلس الأمن جلسته الثانية بشأن اليمن، في حدود نهاية الأسبوع الحالي.

وترى القيادة الجنوبية، أن الشماليين يهدفون من وراء ذلك، إلى توفير الوقت الكافي أمام قواتهم، التي تحاول إسقاط عدن والوصول إلى المكلا.