إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الثامن: تضييق الحصار حول عدن، استعداداً لاقتحامها

القسم الثامن: تضييق الحصار حول عدن، استعداداً لاقتحامها

الفترة من 16 يونيه، إلى 23 يونيه 1994.

1. يوم 16 يونيه 1994

أ.  في الوقت، الذي يسابق فيه الأخضر الإبراهيمي، الزمن، لتجنب ما وصفه بمأساة كبرى ستحل باليمن، إذا لم يتوقف القتال، أعلن العقيد عبدربه منصور هادي، وزير الدفاع اليمني، أن صنعاء مصرة على دخول عدن، وأكد أن القيادة في الشمال تبحث كيفية اقتحام المدينة، دون أن يمس سكانها ضرر. وأكد أن الجنوبيين تلقوا أسلحة حديثة، إلاّ أن قواته ستستكمل إغلاق الطرق، والمداخل المؤدية إلى عدن، والمكلا، لمنع تسرب الأسلحة. وأن القيادة العسكرية اليمنية، بصدد دراسة دخول قواتها إلى عدن، لأن القوات الجنوبية تقاوم، من داخل الأحياء السكنية لمدينة عدن. لذا يجري الآن التفكير في أساليب للقضاء على القوات الجنوبية، دون إلحاق أي أذى بالمواطنين.

ب. تعرضت مدينة عدن إلى قصف عنيف، تسبب في مقتل 18 شخصاً، إلا أن "وزير الخارجية" الجنوبي عبدالله الأصنج قال إن العدد 47. وقال "رئيس الوزراء" الجنوبي، حيدر أبو بكر العطاس، إن القيادة الشمالية تريد تدمير عدن، وترّكز القصف على ضاحية الشيخ عثمان. وذكر مسؤولون جنوبيون، أن طائرتين شماليتين قصفتا ضاحية معاشيق في كريتر، جنوبي عدن، التي توجد بها منازل للبيض ومسؤولين آخرين، والتي انتقل إليها أخيراً عبدالرحمن الجفري. وقال مسؤولون في مطار عدن أن قذيفة سقطت على مخزن خالٍ يقع شمالي المطار، مما أدى إلى اندلاع حريق لفترة وجيزة، كما هاجمت طائرات حربية المطار. وسقطت قذائف على منطقة مدينة الشعب السكنية، التي تقع على بعد بضعة كيلومترات شمال غربي عدن.

ونقلت الأخبار عن "وزير الخارجية" الجنوبي، عبدالله الأصنج، أن صنعاء تسلمت مؤخراً شحنة من مقاتلات "سوخوى" الروسية الصنع، بتمويل إيراني. وأن صنعاء "تحصل على مشاركة وجدانية ومالية من حركة إسلامية مسيسة، تتمركز في إيران والسودان". وأتهم الجنوبيون، عدة مرات، منظمة "الجهاد الإسلامي" بالوقوف إلى جانب صنعاء.

وكان مستغرباً أن يأتي هذا التطور، في وقت وافق فيه الرئيس علي عبدالله صالح، للسيد الأخضر الإبراهيمي، على وقف فوري للنار، وعلى توسيع اللجنة العسكرية المشتركة.

ج. صرح مسؤول في وزارة الدفاع في عدن بالآتي:

(1) تمكنت القوات الجنوبية بمساندة القوات الجوية والمدفعية، في محور الوهط ـ صبر، في لحج، من التقدم خمسة كيلومترات. وقد أصبح الموقف خطيراً في محور صبر ـ طور الباحة بجبهة لحج، إذ أكد الشهود مقتل مئات من الجنود الشماليين، خصوصاً أن الجنود الذين كانوا يحاولون اختراق الدفاعات الجنوبية، "صبيان مغرر بهم"، لا يجيدون حتى الرماية بالبنادق المسلحين بها، ويتقدمون بلا وعي، ويحملون في جيوبهم فتوى مطبوعة بالكمبيوتر، باسم علماء الأمة، تبيح لهم قتل النساء والأطفال والشيوخ، والاستيلاء على غنائمهم، في دار الحرب والكُفر.

(2) تعرض مطار عدن، وبعض الأحياء السكنية في المدينة، خلال الساعات الأولى من صباح اليوم، لأعنف قصف مدفعي شمالي.؟ وامتد القصف إلى الميناء، وارتفع عدد ضحايا حي الشيخ عثمان إلى 25 قتيلاً، و30 جريحاً، وتدمير منزلين تدميراً كاملاً، واشتعلت النيران في مصنع للنسيج، وفي أنحاء أخرى بالمدينة، ما دفع السكان إلى الهروب إلى الشوارع مذعورين، يبحثون عن ملاجئ.

(3) أحدث قصف ميناء عدن، فزعاً لدى مئات الرعايا الأجانب والصحفيين والجرحى، الذين كانوا في الميناء، في انتظار إحدى السفن لنقلهم إلى ميناء جيبوتي، واستهدف القصف منع السفينة من الاقتراب من رصيف نقل المسافرين، غير أن البحرية الجنوبية كثفت قصفها المضاد، على مواقع مدفعية القوات الشمالية.

(4) وفي لقاء مع عدد من ممثلي القبائل في حضرموت، أمس، أشاد رئيس مجلس الرئاسة في "جمهورية اليمن الديموقراطية"، السيد علي سالم البيض، بـ "الصمود البطولي لمواطني عدن، وأبناء القوات المسلحة، والأمن، في مختلف جبهات القتال". وأكد البيض، الموجود حالياً في المكلا، أن "القوة في الإنسان وليست في السلاح" وقال: "نحن نعيش الآن مرحلة أخرى فرضت علينا بعد 25 سنة من الاستقلال"، وأضاف: "إننا نناضل مرة أخرى من أجل الاستقلال، ونمنع امتداد ابتزاز أفراد عصابة آل الأحمر إلى هذه المناطق، لأنهم يرتكبون الجرائم والفساد". وقال: "لقد ذهبنا إلى صنعاء باختيارنا طوعاً، من أجل يمن جديد موحد، وديموقراطي، ووجدنا أن المتنفذين في صنعاء لا يستوعبون هذا، ولا يستطيعون مواكبة متغيرات الوحدة، وجدنا أنفسنا انتقلنا من دولة لها نظام وقانون، إلى دولة الغاب وإلى عقلية الإمام".

وأوضح زعيم الحزب الاشتراكي اليمني "أن الإعلان عن قيام الجمهورية الجديدة في الجنوب جاء بعد ثلاثة أسابيع من الحرب، لكي يدافع المواطنون عن جمهوريتهم وسيادتها، وأكد أن "الشمال فرض الحرب على الجنوب، لكنه لن يستطيع أن يفرض الاستسلام".

2. يوم 17 يونيه 1994

أ.  في الوقت الذي استمر فيه قصف القوات اليمنية الشمالية لعدن اليوم، وإعلان وزير التخطيط اليمني الشمالي، عبدالكريم الإيرياني، عزم الحكومة الشمالية على دخول عدن. وجهت واشنطن تحذيراً شديد اللهجة لصنعاء، من مغبة استمرار القصف لعدن، أو شن هجوم لاقتحامها. وقال بيان أصدرته الخارجية الأمريكية مساء أمس: أن الولايات المتحدة الأمريكية قلقة بشكل بالغ، من استمرار قصف مدينة عدن، وما يتردد من تقارير تفيد تعزيز الحشود العسكرية للقوات الشمالية، من أجل القيام بهجوم محتمل على المدينة".

وأضاف البيان: "لقد أعطت الجمهورية اليمنية ضمانات متكررة، بأنها لن تفرض حصاراً على عدن، أو تحاول الاستيلاء عليها بالقوة". وكرر البيان الأمريكي الدعوة للتقيد بوقف فوري للنار، ودعم المبادرة، التي يقوم بها الأخضر الإبراهيمي، لبدء المفاوضات بين الجانبين.

ب. ذكر بيان عسكري جنوبي، أن القصف على عدن، ترافق مع هجمات برية، شنتها القوات الشمالية، على جبهات المدينة، وأن القوات الجنوبية نجحت في صدّها. وشنت طائرات عسكرية جنوبية من نوع ميج (MIG)، عشرين غارة على القوات الشمالية. وفتحت السلطات الجنوبية الباب أمام سكان عدن، للتطوع للدفاع عن المدينة. وفي شمال شرقي عدن استمرت المعارك في محافظة شبوة، حيث قتل خلال الثماني والأربعين ساعة الأخيرة، خمسون جندياً شمالياً، وأصيب ثمانون آخرون بجروح، وفق ما أكده متحدث عسكري جنوبي. وقال المتحدث نفسه إن المقاومة الشعبية، شنت هجمات على القوات الشمالية في محافظة لحج، "وكبدت العدو خسائر فادحة".

ج. أغارت مقاتلات جنوبية على مدينتي تعز، والحديدة، الشماليتين، في أول رد فعل عسكري جنوبي على قصف القوات الشمالية المستمر على مدينة عدن. كما قصفت المدفعية الجنوبية مواقع شمالية، تتمركز في محافظة لحج، إلى الشمال من عدن.

د. مع استمرار المعارك على جبهة عدن، التي تشهد أعنف أنواع القصف، منذ اندلاع القتال في اليمن، صدر مساء أمس تحذير عن القيادة الشمالية، يحذر المواطنين في عدن من عدم الوجود والاقتراب من مطار عدن، ومعسكر بدر، ومقر العمليات العسكرية الجنوبية في التواهي، والمقار الحزبية والحكومية في عدن.

ويشير هذا التحذير، إلى أن القوات الحكومية الشمالية، ستعمل على قصف هذه المناطق. كما يأتي التحذير أيضاً في إطار الحرب النفسية، التي يخوضها الطرفان المتحاربان، بهدف إضعاف معنويات الجيش الاشتراكي الجنوبي، ومعنويات مواطني مدينة عدن.

ويعتقد مراقبون عسكريون غربيون، أن القوات الحكومية، تتبع أسلوب التقدم التدريجي باتجاه عدن، للاستيلاء عليها تدريجياً، وذلك ليس بسبب عنف المقاومة الجنوبية الشرسة فحسب، بل بسبب الضغوط السياسية، التي تمارسها بعض الدول العربية والأجنبية على صنعاء من أجل عدم اقتحام عدن أيضاً.

هـ. تجمّع أمس عشرات الشبان، لاستلام السّلاح والذخيرة في مراكز التطوع الثلاثة في عدن، حيث يستطيع الحزب الاشتراكي، أن يجند أعداداً تصل إلى ثلاثين ألف مقاتل.

وقال مسؤول في أحد المراكز، لوكالة "فرانس برس" إنه تلقى تعليمات بتسليم السلاح إلى كل مواطن، تجاوز الثامنة عشرة، باستثناء الإسلاميين الاصوليين، الذي تتتهمهم السلطات اليمنية الجنوبية بأنهم وراء تفجير عدد،، من السيارات المفخخة في عدن.

 

3. يوم 18 يونيه 1994

أ.  واصلت القوات اليمنية الشمالية، قصف مدينة عدن اعتباراً من ليلة 17 / 18 يونيه، على الرغم من التحذيرات الأمريكية. وقال بيان رسمي صدر في المدينة، أن عشرين شخصاً قد قتلوا، وجرح عشرات الأشخاص، في قصف على ثلاث مناطق سكنية، مما أدى إلى زيادة العدد الإجمالي للقتلى في ثلاثة أيام من القصف، إلى 80 شخصاً.

كما تشير التقارير الواردة من اليمن، إلى اشتداد المعارك في شبوة وعلى طريق المكلا عاصمة حضرموت.

وقال عضو مجلس الرئاسة الجنوبية، سلمان ناصر، إن القوات الشمالية قصفت أحياء دار سعد، والشيخ عثمان، والتواهى، بصواريخ كاتيوشا (Katyusha)، وبالمدفعية من عيار 130 ملليمتراً، ومعظم الضحايا من النساء والأطفال. وقالت وكالة "رويتر"، إن القوات الشمالية تحتشد في الجبهات، وتدعم بتعزيزات من صنعاء، للهجوم على عدن، وأن الجنوبيين مستعدون لذلك".

ب. ورأي بعض المراقبين، أن الحكومة اليمنية في صنعاء، تجد نفسها أمام تحد سياسي كبير على الصعيد الدولي، بعد التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الجنوبي، عبدالله الصنج، بتقديم طلب لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، لاستصدار قرار بفرض عقوبات على الطرف الرافض لوقف القتال.

وكان متحدث شمالي، قد رد على تحذيرات وزارة الخارجية الأمريكية، بأن صنعاء ستؤجل الدخول إلى مدينة عدن، إذا وجدت حلاً سياسياً مناسباً، يقوم على أساس إنهاء الانفصال. وإلاّ فإن صنعاء ستجد نفسها ملزمة، بتأدية مسؤوليتها الدستورية، لإنهاء التمرد بالطريقة المناسبة لها، وفي أي مكان من الأرض اليمنية.

وفي تطور بارز، نفت صنعاء، أن تكون تعهدت للولايات المتحدة الأمريكية، عدم اقتحام عدن. وذهب مسؤول كبير في المؤتمر الشعبي العام، إلى حد اعتبار بيان صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية، بمثابة "تدخل سافر ومرفوض في الشؤون الداخلي،ة للجمهورية اليمنية".

ج. تصر مجموعة قوية من داخل القيادة الجنوبية، على ضرورة شن عمليات جديدة داخل منطقة عتق، وفي محيطها، لقطع الطريق على القوات الشمالية، قبل الاتفاق على وقف إطلاق النار.

ويقوم الطرفان بجلب إمدادات جديدة، بما في ذلك العديد من رجال القبائل المقاتلين، إلى مسرح العمليات ومناطق الاشتباكات الرئيسية، في كل من لحج وأبين وشبوة.

ويبدو أن الإستراتيجية الشمالية، ترمي إلى قطع الجنوب إلى نصفين، عدن في الغرب والمكلا في الشرق. أما الجنوب، من جهته، فيأمل في احتواء القوات الشمالية في شبوة من الخلف، ومن ثم احتلال بعض الأراضي العالية، على طول الحدود الشمالية ـ الجنوبية.

وكان مسؤول عسكري جنوبي قد أكد، أن القوات الجنوبية حركت 17 ألف مقاتل، لاستعادة مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة الغنية بالنفط، التي استولى عليها الشماليون نهاية الشهر الماضي.

4. يوم 19 يونيه 1994

أ.  لليوم العاشر على التوالي، تعرضت مدينة عدن، لقصف مدفعي وصاروخي مكثف، من جانب القوات الشمالية. وقد بدأ القصف منذ الحادية عشرة مساء أمس، وأصاب أحد الصواريخ منطقة سكنية في جوار مطار عدن، في خورمكسر.

وذكر بيان عسكري، أن مدينة عدن تعرضت لقصف بصواريخ أرض/ أرض، عندما أطلقت القوات الشمالية ثلاثة صواريخ باتجاه المدينة، فتصدت لها الدفاعات الجوية الجنوبية وفجرت أثنين منها في الجو، فيما سقط الثالث في منطقة سكنية قرب المطار؛ فأحدث إصابات كبيرة بين السكان، حيث قتل أكثر من 5 أشخاص، وجرح 15 آخرون، إصابات بعضهم خطيرة.

وقال البيان: "إن وزارة الدفاع لجمهورية اليمن الديموقراطية، التي تحلت، وما زالت، بضبط النفس، لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ما يتعرض له شعب الجنوب، خصوصاً عدن، من قتل وتدمير من جانب عصابة بيت الأحمر، ورئيسها علي عبدالله صالح".

ب. شن الطيران الحربي الجنوبي صباح وظهر اليوم، "هجمات مكثفة على مواقع شمالية في جبهات لحج وأبين". وأوضح بيان عسكري: "أن الهجمات الجوية، حققت أهدافها في قصف تعزيزات شمالية، لدعم القوات في جبهات لحج وأبين".

وصرّح مصدر عسكري مسؤول في عدن، أن وزير الدفاع الجنوبي، العميد ركن هيثم قاسم طاهر، أمر بترقية الطيارين، الذين قاموا بطلعات اليوم، إلى رتبة نقيب "لتحقيقهم الأهداف بشكل مباشر". كما أصدر الرئيس الجنوبي علي سالم البيض، قراراً عين بموجبه العقيد الركن عمر علي العطاس، رئيساً لهيئة الأركان العامة، لجيش "جمهورة اليمن الديموقراطية".

وأدلى مصدر مسؤول في مجلس الرئاسة الجنوبي، بتصريح قال فيه: "على رغم نداءات العالم إلى حكام صنعاء، بوقف إطلاق النار، والكف عن قصف المنشآت الحيوية والأحياء السكنية، فقد واصل نظام صنعاء، طوال أمس واليوم، قصفه وأعماله الهجومية، وتحرك للهجوم على كل الجبهات". وأضاف المصدر أن "القوات المسلحة الجنوبية، تصدت لهذا الهجوم، وألحقت خسائر فادحة في صفوف القوات الشمالية.

ج. من جهة أخرى أوضح بيان عسكري جنوبي، أن القوات الجنوبية تحقق تقدماً ملحوظاً، في كل جبهات القتال، خصوصاً جبهتي أبين، وشبوة شرقي عدن. وقال البيان: "إن تحرير محافظة شبوة أصبح وشيكاً، إذ حررت القوات الجنوبية كل مناطق المحافظة، باستثناء منطقة عتق"، حيث يوجد مطار المحافظة، وفي لحج أوضح البيان أن "معارك اليوم مكنت القوات الجنوبية، بمساندة الطلعات الجوية، من التقدم عشرين كيلومتراً شمالاً، واستطاعت إبعاد الشماليين عن المناطق المحتلة، في الحوطة وصبر".

وأشار البيان إلى "معارك بالسلاح الأبيض شهدتها منطقتا الضالع، وردفان، في لحج، بين المقاومة الشعبية والقوات الشمالية"، مؤكداً أن "المقاومة الشعبية، تمكنت من إبعاد قوات صنعاء عن بعض المناطق في الضالع، باتجاه قعطبة شمالاً. كما تمكنت المقاومة الشعبية في ردفان، من تحطيم ثلاث دبابات، وقتل عشرة جنود شماليين".

د. أكدت مصادر شمالية مجدداً، أن القوات الحكومية تحكم سيطرتها على "أكبر مساحة من أراضي محافظة حضرموت، وأنها تواصل الزحف على جبهتين: الأولى ساحلية باتجاه مدينة المكلا، حيث تمكنت من الوصول إلى بلدة بروم على بعد 25 كم من مدينة المكلا، فيما واصلت الجبهة الأخرى تقدمها شمالاً إلى ضواحي مدينة شبام، في طريقها إلى مدينة سيئوت ثاني مدن محافظة حضرموت". وقالت إن هذا الزحف لن يتوقف، حتى تحكم القوات الحكومية سيطرتها على الأراضي اليمنية، وفرض هيمنة السلطة الشرعية عليها، والتحكم بمداخل البلاد البرية، والبحرية، والجوية، ومطاردة الانفصاليين والمتمردين على الوحدة والشرعية الدستورية".

5. يوم 20 يونيه 1994

أ.  على الصعيد الميداني، تبادلت صنعاء وعدن الاتهامات بشأن القصف، الذي تعرضت له المدينتان. وأفادت بيانات عسكرية شمالية، عن سقوط 17 قتيلاً و33 جريحاً، في غارة جوية نفذتها طائرات جنوبية، استهدفت محطة توليد الطاقة، على مشارف مدينة المخا، رداً على قصف الطائرات الشمالية لمطار عدن يوم 16 يونيه 1994، الذي نتج عنه إصابة القاعدة الجوية الرئيسية، واشتعال حريق كبير بها، كما تسبب في وقوع 16 قتيلاً، 62 جريحاً.

ب. تواصل القصف الصاروخي والمدفعي على مدينة عدن، حيث قصف حي الشيخ عثمان، وحي القاهرة، وحي كريتر، وسوق المدينة، في الضاحية الشمالية بصواريخ الكاتيوشا (Katyusha)، مما تسبب في إصابة عدد من المباني، وانهيارها على سكانها، وأسفر عن ذلك مقتل 30 شخصاً على الأقل، وإصابة 62 آخرين، أغلبهم من المدنيين. في الوقت الذي استمر فيه القتال حول المدينة، حيث أعلنت مصادر عسكرية في عدن، أن القوات الجنوبية صدت هجوماً واسعاً للقوات الشمالية، بعد أن شنت أعنف الضربات العسكرية ضد القوات الشمالية المحاصرة لعدن، والتي شاركت فيها المقاتلات، والمدفعية وقطع البحرية.

6. يوم 21 يونيه 1994

أ.  اشتد القتال في اليمن يوم 21 يونيه 1994، بين القوات الشمالية والجنوبية، عقب وصول المساعي السياسية لوقف النار إلى طريق مسدود. وصد الجنوبيون محاولات عدة لاختراق جبهة عدن، وحاولوا شن غارات جوية على منشآت نفطية شمالية. وأفاد دبلوماسيون غربيون في صنعاء، أن طائرتين حربيتين ألقتا قنابل على حقل نفطي في الصحراء قرب مدينة مأرب على مسافة مائة كيلو متر شرق صنعاء لكنها لم تنفجر، إلاّ أن ناطقاً باسم شركة "هانت" قال في مكالمة هاتفية، إن الغارة لم توقع سوى أضرار بسيطة.

وصدت القوات الجنوبية محاولة اختراق واسعة للقوات الشمالية، حيث دفعت القيادة الشمالية بخمسة ألوية، وتعزيزات عسكرية كبيرة للجبهة، بهدف اقتحام الخطوط الدفاعية على طول الجبهات المحيطة بعدن، مما تسبب في مقتل 19، وجرح 91، من الجنوبيين. وأعلن عضو مجلس الرئاسة "لجمهورية اليمن الديموقراطية"، سليمان ناصر مسعود،أن "قوات الرئيس اليمني على عبدالله صالح، شنت أربع عمليات اقتحام، منذ 20 يونيه 1994، لكنها كلها باءت بالفشل". وكانت أصداء المعارك تسمع في عدن، إذ حدث تراشق مدفعي عنيف على محاور القتال، التي لم تهدأ منذ ثلاثة أيام. وجاء في بيان عسكري جنوبي، أن المقاتلين الجنوبيين، وقدامى المحاربين في حرب الستينات، قتلوا 20 جندياً شمالياً، في معركة دارت خلف خطوط القوات الشمالية. وصرّح ناطق عسكري جنوبي، أن القوات الشمالية أطلقت صاروخين أرض/ أرض على عدن، اعترضت الدفاعات الأرضية أحدهما، بينما سقط الثاني في البحر.

ب. نقلت مصادر في الأمم المتحدة عن صنعاء، تحذيرها من أن جيشها سيدخل عدن، إذا حصل اعتراف دولي بالانفصال.

ج. صرحت مصادر جنوبية بالآتي:

(1) تعرضت عدن لقصف بصواريخ كاتيوشا، تسبب في إصابة منطقتي الشيخ عثمان، والمنصورة، المكتظتين بالسكان، مما أدى إلى مقتل عشرة مواطنين، وجرح ثلاثة آخرين.

(2) واصلت القوات الشمالية حصارها، حول عدن، وصرّح الزعيم الجنوبي علي سالم البيض، أن القوات، التي تشارك في حصار عدن قوامها 15 لواء شمالياً، منهم لواء احتياطي من الحرس الجمهوري، وحاولت القوات الشمالية اختراق الدفاعات الجنوبية من اتجاه لحج، إلاّ أن القوات الجنوبية تمكنت من صد الهجوم، وأحدثت بها خسائر، وفي المحور الشرقي في أبين، حاولت القوات الشمالية التقدم في اتجاه دوفس، "35 كم شرق عدن"، وتمكنت القوات الجنوبية من التصدي لها، بمساندة القوات الجوية.

7. يوم 22 يونيه 1994

أ. أفادت مصادر عسكرية جنوبية بالمعلومات التالية :

(1) بلغت حصيلة الخسائر، في أقل من أسبوع في عمليات القصف، التي تقوم بها القوات الشمالية على مدينة عدن وضواحيها 200 قتيل، و700 جريح.

(2) صدت القوات الجنوبية في الأيام الأخيرة، 12 محاولة للقوات الشمالية، للتقدم نحو عدن.

(3) سقوط ثمانية صواريخ كاتيوشا، على منطقة مطار عدن، لكنها لم تصب المدرج.

(4) إسقاط طائرة ميج 21 (MIG-21) شمالية، وتدمير عشر دبابات، على جبهة عدن.

(5) وعلى جبهة شبوة، تمكنت القوات الجنوبية من تدمير نحو عشر آليات عسكرية، مزودة بمدافع خفيفة، وخمس أخرى تحمل صواريخ كاتيوشا، واستولت على شاحنتين محملتين بذخائر.

ب. صرحت مصادر صحفية بالآتي :

(1) اعترف محافظ أبين، العقيد علي الشيخ عمر، بأن القوات الحكومية تقصف عدن من عدة محاور، وأن بعض الأخطاء، التي تحدث من جراء القصف، تلحق الضرر بالمدنيين.

(2) استمر القصف المدفعي الشمالي بالأمس على مدينة عدن، وسقطت قذائف المدفعية على منطقتي الميناء، وقاعدة عدن الجوية. إلاّ أن، شهود عيان، قالوا إن الطائرات الحربية الجنوبية، لا تزال تقلع من مطار عدن، لتقصف القوات الشمالية.

(3) ما زالت القوات الشمالية تشن هجومها، حتى بعد ظهر أمس، على الجبهات الثلاث المحيطة بعدن وهي:

ـ جبهة أبين "على مسافة 25 كم شرق عدن".

ـ جبهة صبر "20 كم شمال عدن".

ـ جبهة بير أحمد "20 كم شمال غرب عدن"

ج. نقل تليفزيون عدن، عن ناطق عسكري جنوبي، أن القوات الجنوبية تصدت للقوات الشمالية المعادية، على كافة المحاور، ودمرت لها ثمانية دبابات، وطاقمين دفاع جوي وخمسة عربات قتال مدرعة، وأحدثت خسائر بها تقدر بمئات القتلى والجرحى. أما الخسائر الجنوبية على جبهات عدن أمس، كانت 16 قتيل، و 71 جريح، طبقاً لما صرحت به مصادر المستشفيات.

د. وفي عدن كشفت تقارير عسكرية، أن خمسة آلاف، من عناصر تنظيم "الجهاد"، ومن بينهم أجانب ينتمون إلى ما يسمى بتنظيم "الأفغان العرب"، وصلوا إلى ميناء الحديدة، ونقلت هذه العناصر إلى الخطوط الأمامية للقوات الشمالية المحاصرة لعدن.

7.  يوم 23 يونيه 1994

تعرضت كل المناطق السكنية في مدينة عدن، لقصف مدفعي عنيف، فيما بدا أنه محاولة من الشماليين، لإسقاط عاصمة عدن سريعاً، استباقاً لأي تطورات دبلوماسية وشيكة. وكانت حصيلة ضحايا القصف 30 قتيلاً، و138 جريحاً.

وتبذل قوات صنعاء، على الجبهة الشمالية لعدن، محاولات متكررة للسيطرة على بئر ناصر، حيث توجد محطة لضخ المياه، كما تحاول، في الوقت نفسه، الاستيلاء على محطة الحسوة لتوليد الكهرباء، وهي إحدى ثلاث محطات تغذي عدن ومحيطها بالطاقة.

وناشد مسؤولون في عدن، السكان، التبرع بالدم لمساعدة عشرات الجرحى، الذين يرقد بعضهم في ممرات المستشفي المزدحمة. وفر بعض الناس إلى مغارات جبلية، هرباً من القصف الذي تتعرض له أجزاء من عدن؛ ولجأ آخرون إلى مدارس، بعد أن دمرت منازلهم. وحث بيان وقعه كبار المسؤولين في حكومة عدن، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على بذل محاولات عاجلة لوقف الحرب. وطلب البيان من المجتمع الدولي، أيضاً، معونات غذائية وطبية عاجلة لسكان جنوب اليمن، والمساعدة في إصلاح محطات الكهرباء ومياه الشرب، التي أصيبت بأضرار من جراء القصف الشمالي.