إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم العاشر: انهيار دفاعات الجنوبيين وسقوط عدن والمكلا ومقتل صالح أبو بكر حسينون، وزير النفط الجنوبي، والحاكم العسكري لحضرموت

القسم العاشر: انهيار دفاعات الجنوبيين وسقوط عدن والمكلا ومقتل صالح أبو بكر حسينون، وزير النفط الجنوبي، والحاكم العسكري لحضرموت

الفترة من 24 يونيه إلى 7 يوليه 1994

1. يوم 24 يونيه 1994

أ.  تعرضت عدن لقصف مدفعي وصاروخي شمالي طوال اليوم، طاول مناطقها السكنية، ومطارها. وأفادت القوات الجنوبية، أنها صدت هجمات متكررة للقوات الشمالية المتفوقة عدداً، والتي تحاول سحق ما تعتبره تمرداً جنوبياً، على اليمن الموحدة. ونزحت أعداد كبيرة، من سكان ضاحيتي الشيخ عثمان والمنصورة، إلى حي كريتر، أكبر أحياء "عدن"، باعتباره آمناً نسبياً لوقوعه وسط سلسلة جبال. وكشف مصدر حكومي في صنعاء، أن القوات الشمالية تسعى إلى الاستيلاء على مطار عدن، ومتى تم لها ذلك ستوقف تقدمها، ولن تدخل الأحياء الرئيسية للمدينة.

ب. بلغت حصيلة الخسائر في المدنيين، الناتجة عن قصف مدينة عدن منذ 11 يونيه، وحتى اليوم، كما حصلت عليها وكالة "فرانس برس"، من السلطات اليمنية الجنوبية، حوالي 376 قتيلاً، 861 جريح، جميعهم من المدنيين.

 

2. يوم 25 يونيه 1994

أ.  تجاوبت حكومة الجمهورية اليمنية، بناء على إصرار الدول الكبرى في مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، فأوقفت قصف عدن. وطلبت صنعاء من وزير التخطيط الدكتور عبدالكريم الإيرياني، والمندوب الدائم السفير عبدالله الأشطل، إبلاغ الأمين العام، ومبعوثه الخاص السيد الأخضر الإبراهيمي، والدول الأعضاء في مجلس الأمن، أنها تنوي التقيد بوقف النار إبتداء من منتصف الليل بالتوقيت المحلي، مع وجود الملحقين العسكريين الأمريكي والفرنسي، في جبهة عدن. كذلك، وافقت على فتح الجبهة ليتفقدها المراسلون الصحافيون، وليتأكدوا من سريان وقف النار.

وجاء هذا التطور في وقت تعرضت فيه عدن، لمزيد من القصف من القوات الشمالية. وقال السيد عبدالرحمن الجفري، نائب رئيس مجلس الرئاسة، في "جمهورية اليمن الديموقراطية"، إن ما بين ألف و1200 من سكان عدن، قتلوا في غضون أسبوع واحد من القصف، مشيراً إلى أن "القوات الشمالية ترفض الانصياع للنداءات لوقف النار، وكلما صدر نداء زاد القصف".

ب. تعرضت المحطة الرئيسية للكهرباء والإرسال الإذاعي في عدن، لقصف أدى إلى انقطاع الكهرباء عن المدينة كلها، كما انقطع البث الإذاعي. كذلك، تعرضت أحياء سكنية عدة في المحافظة، إلى قصف بالمدفعية والصواريخ الشمالية.

كما أغارت الطائرات الشمالية على منطقتي الشيخ عثمان، والمنصورة، في ضواحي عدن، وسقطت قذائفها على منازل المواطنين. وشاهد مراسل صحفي طائرة من نوع ميج 21(MIG-21)، تحترق في سماء المدينة. وأكد بيان عسكري جنوبي، إسقاط الطائرة بواسطة الدفاعات الجوية الجنوبية.

وذكر مسؤول طبي، أن "عشرات القتلى والجرحى نقلوا إلى مستشفي الجمهورية، في خورمكسر نتيجة القصف الشمالي.

ج. دارت معارك عنيفة بالدبابات والمدفعية الثقيلة، بين القوات الشمالية والجنوبية، في منطقة بير نعامة غربي عدن. كما تصدت القوات الجنوبية لهجوم شمالي كبير استهدف الاقتراب من عدن من جهة الغرب، وتتعرض عدن لمزيد من الضغط، حيث حشد الشماليون حولها أكثر من 100 دبابة، وآلاف الجنود. وفي تطور بارز نجحت القوات الشمالية التي تسللت، في قطع الطريق الساحلي بالقرب من مدينة الشعب، الذي يربط عدن بمصفاة النفط، التي تبعد عنها 18 كم غرباً.

 

3. يوم 26 يونيه 1994

أ.  انهارت هدنة جديدة في الحرب، بعد 20 دقيقة فقط من الإيقاف. وشهدت مواقع القتال حول عدن تصعيداً، اقتربت معه المعارك من وسط المدينة. وشنت القوات اليمنية الشّمالية، هجوماً برياً جديداً غرب عدن، ووجهت نيران مدفعيتها، إلى أحياء آهلة في المدينة. وأشار مسؤول جنوبي، أن صنعاء تدفع بأعداد ضخمة من الجنود، في بير أحمد. أما على الجبهات الأخرى، "فإننا نجبرهم على البقاء في مواقعهم". ووصلت بعض الوحدات الشمالية، إلى الطريق الساحلي الرئيسي، الذي يربط المدينة بعدن الصغرى، التي فيها المصفاة الوحيدة لتكرير النفط في الجنوب، ومحطة عدن الرئيسية لتوليد الكهرباء. وصرح المسؤول الجنوبي عبدالرحمن الجفري: "إنهم يندفعون ونحن نردهم على أعقابهم، القتال عنيف للغاية الآن" وأوضح أن القوات الشمالية، باتت الآن على مسافة كيلو مترين، إلى الشمال من قاعدة جنوبية للصواريخ في بير أحمد.

ب. ويتلخص الموقف في الآتي:

(1) تبادل طرفا النزاع الاتهامات بشأن خرق وقف النار. ورفضت عدن عرضاً شمالياً في شأن تكليف اللجنة العسكرية المشتركة، الإشراف على وقف النار لضمان تثبيته. وتعرضت المدينة لقصف صاروخي شمالي، وقصفت طائرة شمالية خزانات مياه حيوية في المدينة.

وفي بيان لمسؤول جنوبي ذكر: "إنه جرى انتهاك وقف النار مباشرة من جانب صنعاء، إذ أمر الرئيس علي عبدالله صالح، بتحرك عدد من المدرعات والآليات وحاملات الصواريخ، عبر الأراضي الصحراوية، في اتجاه مدينة الشعب، في محاولة من جانبه لتثبيت خطوط متقدمة للقوات الشمالية".

(2) اندلعت معارك ضارية على الجبهات المحيطة بعدن، بين القوات اليمنية الشمالية والجنوبية، بعد خرق وقف إطلاق النار. وسُمع في عدن الدّوي الناجم عن التراشق بالمدفعية على جبهات القتال، بدءاً من الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت عدن. وقد اشتركت سفن البحرية الجنوبية، في قصف القوات البرية الشمالية.

(3) قتل سبعة مدنيين في قصف صاروخي شمالي على عدن، منهم أربعة في مدرسة تؤوي نازحين. كما قتل ثلاثة مدنيين آخرين، عندما سقطت صواريخ كاتيوشا (Katyusha)، على مبنى يتألف من ثلاثة طوابق، في منطقة التواهي قرب ميناء عدن. كما أصيب عشرون شخصاً بجروح.

(4) تمكنت القوات الشمالية في حركة التفاف السبت 25 يونيه، من قطع الطريق الرئيسي بين عدن، وعدن الصغرى، التي تقع على بعد نحو 16 كم من المدينة، وبها مصفاة النفط الوحيدة في الجنوب، ومحطة كهرباء عدن. وقطعت الطريق لمدة ثلاث ساعات، قبل أن تتمكن القوات الجنوبية من ردها على أعقابها.

 

4. يوم 27 يونيه 1994

أ.  أغارت ثلاث طائرات شمالية، على مصفاة النفط في عدن، كما ألحقت قنابل إحدى الطائرات، أضراراً بخطي أنابيب. وتدل الغارة على إصرار صنعاء على زيادة الضغط العسكري على المدينة، بعد أن نجحت القوات الشمالية في قطع الطريق الساحلي، عند محطة الحسوة الكهربائية، ومباني الإذاعة، على بعد 10 كيلومترات غرباً، من وسط المدينة. وكانت حصيلة معارك يوم 27 يونيه 1994، 13 قتيلاً، و124 جريحاً، في صفوف الجنود الجنوبيين، خلال المعارك، على محاور القتال المحيطة بالمدينة، خاصة محور مدينة الشعب. وقد شاركت إحدى قطع البحرية الجنوبية في خليج عدن، في قصف تجمعات القوات الشمالية الزاحفة نحو المدينة، في محاولة لتخفيف الضغط على الجبهات، حيث لم يستطع الجنوبيون وقف التقدم الشمالي، مما يجعل قلب عدن على بعد 3 كيلومترات، من مرمى الرشاشات الثقيلة؛ كما استمر الطيران الحربي الجنوبي، في القيام بطلعات متتالية باتجاه الجبهات. وقد شوهدت سيارات تحمل مكبرات للصوت، تدعو المواطنين إلى حمل السلاح لحماية عدن.

ب. وعلى الرغم من تصاعد الضغط الشمالي واستمراره حول عدن، إلاّ أن القوات الجنوبية استطاعت إعادة فتح الطريق بين عدن والمصفاة، الواقعة في منطقة البريقة. ولم يحل اشتداد المعارك حول عدن، التي عكست رغبة شمالية في تحقيق مكاسب على الأراضي، من الإعلان في مجلس الأمن، عن اتفاق في شأن آلية لوقف النار.

ج. وفي إشارة واضحة إلى رغبة الإدارة الأمريكية، في احتواء الوضع اليمني، صرح مصدر مصرفي، أن واشنطن بحثت مع شركات النفط الأمريكية العاملة في اليمن، عدم دفع أي عائدات إلى أي من الأطراف اليمنية، وتحويل العائدات إلى حساب خاص في الخارج، باسم "اليمن"، على أن يفرج عن العائدات بعد التوصل إلى حل للأزمة، التي تمر فيها البلاد. وتعكس هذه التوجهات اهتمام واشنطن بعدم إطالة أمد الحرب، عن طريق عدم تمكين الطرف الشمالي خاصة، من الحصول على أموال تمكنه من شراء أسلحة.

د. وفي عدن، زاد الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني سوءاً، نتيجة استمرار الحصار الشمالي، وتدني الخدمات الصحية والتموينية، واستمرار القصف المدفعي والصاروخي، على الأحياء السكنية، وسقوط مئات القتلى والجرحى.

وقال مدير مستشفى الجمهورية في عدن، إن "القتلى والجرحى من الأطفال والنساء، في تزايد مستمر، نتيجة القصف اليومي، الذي تتعرض له المدينة، من قبل القوات الشمالية"، وأشار إلى "وجود ظواهر مرضية خطيرة بين السكان، بسبب انتشار الأوبئة، وبدء موسم الرياح التي تنقل روائح الجثث الملقاة في جبهات القتال، القريبة من عدن. وتسبب ذلك في ظهور أمراض خطيرة تهدد السكان، في ظل غياب الأدوية والعلاجات اللازمة في مستشفيات عدن.

ومنذ 11 (حزيران) يونيه الجاري، أدى القصف على عدن وضواحيها، إلى مقتل 409 وجرح نحو ألف آخرين في صفوف المدنيين، حسب حصيلة أعدتها وكالة "فرانس برس"، استناداً إلى مصادر رسمية وطبية.

هـ. وعلى جبهة شبوة:

تدور معارك شرسة حول مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، شمال شرقي عدن. وتوشك القوات الجنوبية من السيطرة على المدينة، التي استولى عليها الجيش الشمالي منذ فترة. وحاولت القوات الشمالية التقدم باتجاه مدينة المكلا، في حضرموت، لكنها أوقفت في ميفع، على بعد 70 كم غرب المدينة.

 

5. يوم 28 يونيه 1994

أ.  تزداد الضغوط العسكرية الشمالية على عدن، في محاولة عزل بعض المنشآت الحيوية، والسيطرة عليها. وأفاد مراسل وكالة "فرانس برس"، أن القوات الشمالية حققت اختراقا جديداً، ليل 27 ـ 28 الاثنين والثلاثاء، في شمالي عدن، وأن معارك عنيفة تدور في بير ناصر، التي تبعد 20 كم شمالي عدن.

ب. في وقت اشتد الحصار فيه على عدن، التي يعيش أهلها من دون ماء وكهرباء، وفي ظروف، قال مواطنون عنها، إنها أسوأ من تلك التي مروا فيها خلال أحداث 13 (كانون الثاني) يناير 1986، عقد أمس في نيويورك، اجتماع بين الدكتور عبدالكريم الإيرياني والمهندس حيدر العطاس، لمناقشة مسألة وقف النار، وآلية مراقبة تنفيذ وقف النار، والفصل بين القوات، وتحديد مكان المفاوضات وموعدها".

ج. استعرت المعارك حول مدينة عدن وسجلت القوات الشمالية اختراقاً جديداً في شمال المدينة، بعد معارك عنيفة دارت في قرية صبر بالقرب من بير ناصر، حيث توجد محطة الضخ الوحيدة للمدينة، وقد وصل القصف على القرية إلى 1000 قذيفة.

وقال مصدر في "وزارة الدفاع" في عدن، إن قوات "جمهورية اليمن الديموقراطية" أسقطت "طائرة معادية حاولت، مع طائرات أخرى، قصف مصافي عدن، لتكرير النفط".

وفي الوقت نفسه، استمرت المعارك العنيفة في الضاحية الغربية، لكبرى المدن الجنوبية حيث أسفرت عمليات القصف الشمالية، عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 56 بجروح، كما جرى تبادل للقصف المدفعي، بين القوات الجنوبية والشمالية حول مدينة الشعب، على بعد 10 كم غربي وسط عدن.

 

6. يوم 29 يونيه 1994

أ.  تعرضت عدن وجوارها إلى قصف عنيف، وأشارت التقارير إلى تقدم جديد للقوات الشمالية، نجحت خلاله في السيطرة على المنطقة، التي توجد فيها محطة المياه، وأجهزة الإرسال الإذاعي، ومجمع عسكري. وقال بيان عسكري جنوبي إن معارك شرسة تدور حول الطرق المؤدية إلى عدن، وذكر مسؤولون عسكريون، أن ست طائرات حربية شمالية، أغارت على المصفاة، فأشعلت النيران في ثلاثة مستودعات وقود فارغة، وقد أسقطت ثلاث طائرات. وقال شهود عيان، إن وابلا من القذائف الصاروخية، أشعل النيران في ثلاثة مباني في حي الشيخ عثمان، والمبنى الذي يضم مقر وزارة الخارجية للدولة في عدن. وأعلن مستشفى عدن عن سقوط سبعة قتلى، في القصف الذي تعرضت له عدن. إضافة إلى ما يزيد عن 12 قتيلاً في القصف، الذي استهدف المناطق السكنية ليل 28 ـ 29 يونيه.

ب. صرح السيد عبدالرحمن الجفري، نائب رئيس مجلس الرئاسة في "جمهورية اليمن الديموقراطية"، أن المدينة تعرضت لأسوأ قصف منذ بداية الحرب. واعترف بأن القوات الشمالية دخلت مدينة الشعب، وهي إحدى ضواحي عدن، لكنه أكد نية الصمود في مواجهة "الطغيان"، معتبراً أن الرئيس علي عبدالله صالح، يريد "فرض الوحدة، بقطع الماء عن الناس"، مشيراً إلى أن الماء يُعد أكبر المشاكل، التي تعاني منها عدن حالياً.

ج. أبلغت صنعاء مبعوث الأمين العام، السيد الأخضر الإبراهيمي، بتحديد اليوم الخميس 30 يونيه، موعداً جديداً "لبدء وقف النار لمدة 48 ساعة على الأقل، من أجل السماح لباخرتين تابعتين للصليب الأحمر محملتين أدوية، ومواد إغاثة بدخول ميناء عدن،ولتشغيل المياه والكهرباء في المدينة، رفعاً للمعاناة".

 

7. يوم 30 يونيه 1994

أ.  توقف القتال داخل مدينة عدن وحولها، في وقت مبكر من صباح يوم 30 يونيه 1994، في إطار هدنة رتبتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لإتاحة المجال أمام فرق الصيانة لإصلاح الآبار، التي تزود المدينة بالمياه، ودخول المعونات الإنسانية لميناء عدن.

ب. أصدر مجلس الأمن القرار الرقم (931)(انظر ملحق نص قرار مجلس الأمن الرقم 931 لعام 1994 الصادر في 29 يونيه 1994م.)، ويقضي بالدعوة إلى وقف النار فوراً، وإبعاد الأسلحة الثقيلة، في أماكن تجعل عدن خارج مرماها.

ج. انهارت هدنة اليومين، التي وافقت عليها صنعاء وعدن، وكان مقرراً أن تدخل حيز التنفيذ صباح اليوم، حيث شنت طائرات شمالية غارات على عدن، فيما تعرضت ضواحي المدينة لقصف مدفعي كثيف، بعد ساعات على صدور قرار مجلس الأمن الرقم (931)، الذي يطالب بوقف النار فوراً. وأغار الطيران الجنوبي للمرة الأولى، منذ اندلاع الحرب اليمنية، على منشآت حقل مأرب النفطي، بعد يوم شهد أعنف معارك الحرب الدائرة في اليمن. وأفادت وكالة "فرانس برس"، أن انفجارين قويين هزّا أحياء شمال عدن صباح اليوم، بعد هدوء استمر ساعتين.ووصلت القوات اليمنية الشمالية أمس، إلى مشارف ضواحي عدن حاضرة الجنوب اليمني، إلاّ أنها لم تدخلها بعد. وأن القوات الجنوبية لا تزال تسيطر بشكل كامل على ضواحي عدن.

وكانت القوات الجنوبية منتشرة، حتى مشارف الأحياء السكنية في المنصورة (غرب عدن) ودار سعد (شمالاً). وكانت القوات الشمالية قد وصلت إلى أقل، من خمسة كيلومترات، وكيلومترين، من هاتين الضاحيتين اللتين تبعدان 8، 14 كم عن وسط المدينة.

وسُمع دوي الانفجاران بوضوح وسط عدن، التي تحاصرها القوات الشمالية. وذكر مصدر في "مستشفى الجمهورية"، أن الانفجارين الناجمين عن قصف الطائرات الشمالية، أديا إلى سقوط ضحايا.

 

8. الأول من يوليه 1994

أ.  مع بداية شهر (تموز) يوليو 1994، تجدد القتال على جبهات مدينة عدن المحاصرة، من قبل القوات الشمالية. وقال بيان عسكري جنوبي، إنه "للمرة الثامنة" خرقت القوات الشمالية، وقف إطلاق النار، وقصفت أحياء سكنية، وحاولت التقدم باتجاه عدن. وأكد أن القوات الجنوبية تتصدى للهجمات. وقالت مصادر عسكرية جنوبية، إن القوات الشمالية، تحاول التقدم نحو دار سعد، الواقعة على بعد عشرة كيلومترات من وسط عدن، وسقطت قذيفة على مدرسة في منطقة كريتر، في وسط المدينة، مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص، وجرح 35 آخرين. وذكر مصدر حكومي شمالي، أن قواتهم عزلت لواء جنوبي، شمال شرقي عدن، والتفت حول خط دفاعي رئيسي، على الطريق الساحلي الشرقي. وقال المصدر إن قواتهم، سيطرت على أرض توفر لها رؤية مباشرة لمطار عدن، الذي أصبح مغلقاً. فعلياً، بسبب استهدافه من المدفعية الشمالية. وأكد المصدر الشمالي أن "الجبهة الجنوبية تتمزق إلى جيوب ووحدات منفصلة".

ب. مع ازدياد الضغط الشمالي على عدن، ازداد وضع المدينة حرجاً بسبب انقطاع الماء والكهرباء. وتبين أن الغارة التي شنتها طائرات جنوبية على مأرب، أدت إلى توقف تدفق النفط من آبار تلك المنطقة الشمالية. وأتهم الدكتور عبدالكريم الإيرياني وزير التخطيط اليمني، القوات الجنوبية باستخدام طائرات ميج ـ 29 (MIG-29)، في قصف مأرب. وتلقى الوزير اليمني أمس تحذيراً من الإدارة الأمريكية، التي دعت، إلى وقف قصف عدن، وعدم اقتحامها.

وفي نيويورك شدد روبرت بلليترو، مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، عند لقائه الدكتور الإيرياني، لدى اجتماعهما أمس في واشنطن، على أن صنعاء تتحمل "مسؤولية خاصة"، لقصفها عدن، لأنها الطرف الشرعي المسؤول عن المواطنين.

وأعلن الأمين العام، قلقه من تدهور الوضع في عدن وجوارها، خصوصاً منطقة بئر ناصر حيث الظروف الإنسانية مأسوية، وتنذر بخطر كبير. وأن "المنطقة تعاني من افتقار كامل للماء، وغيره من الاحتياجات، والخدمات الإنسانية الأساسية". وناشد الأمين العام "مرة أخرى الطرفين، التوقف فوراً عن الأعمال العدائية، واحترام اتفاق وقف النار، الذي وقعاه أول من أمس في موسكو[1]، وصادق عليه مجلس الأمن في بيان رسمي.

وقالت مصادر يمنية شمالية إن الإيرياني "أبلغ بلليترو عن استخدام طائرات ميج ـ 29، لا يمتلكها اليمن جنوباً أو شمالاً، في قصف مصفاة مأرب.

 

9. يوم 2 يوليه 1994

أ.  اشتد الضغط الشمالي على عدن، التي باتت كل أحيائها تحت رحمة صواريخ الكاتيوشا (Katyusha)، التي تطلقها القوات الشمالية، المحاصرة للمدينة، وصرح السيد عبدالرحمن الجفري نائب رئيس مجلس الرئاسة، في "جمهورية اليمن الديموقراطية"، أن الأوامر الصادرة من صنعاء، تدعو إلى "القصف بشكل متعمد على المدنيين". ولم ينف الجفري حصول الجنوبيين على طائرات ميج ـ 29 (MIG-29)، كما لم يؤكد ذلك، لكنه أضاف" "في حال حصولنا على طائرات ميج ـ 29، فإني أقول إننا حصلنا عليها، من حيث يأتي علي عبدالله صالح بمئات الدبابات. إنه يحصل على الدبابات من دون حساب.

وفي عدن تعرض حي خورمكسر طوال اليوم، لأعنف قصف شمالي بصواريخ الكاتيوشا، كما أصابت ثلاثة صواريخ جانباً من مطار عدن. وبدأ القصف الشمالي عند الساعة السادسة صباحاً (بالتوقيت المحلي)، فدب الرعب في سكان المدينة الذين خرجوا إلى الشوارع بعد احتراق عدد من المنازل وشوهدت سيارات الإطفاء والإسعاف، تهرع إلى مواقع الحرائق.

وذكر مدير مستشفى الجمهورية أن "القصف الشمالي على خورمكسر، أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة عشرة آخرين". وأن "استمرار القطاع المياه عن عدن، زاد من الحالات المرضية، التي تصل يومياً إلى المستشفى".

ب. وقد وجه مجلس الرئاسة في عدن، نداء ملحاً إلى المجتمع الدولي، من أجل إنقاذ عدن، التي تحترق.

وجاء في النداء، الذي بثه تلفزيون عدن، أن "العالم مُطالب اليوم، أن يرى ويسمع كيف تُدمّر الأحياء السكنية في عدن، مثل حي عمر المختار، ودار سعد، والمنصورة، وغيرها، التي تحترق الآن، والقرارات الدولية تُنتهك".

وأضاف البيان أن "العالم لا يزال يناشد الطرفين بوقف النار"، وأن "على العالم أن يقف ويُحاكم حكّام صنعاء كمجرمي حرب"، وقال البيان أيضاً إن "نظام صنعاء يدّعي موافقته على قرار مجلس الأمن، وفي الوقت نفسه، يخرق كل القيم والشرائع".

ج. قالت مصادر المستشفيات في عدن، إن عدد ضحايا قذيفة شمالية، سقطت على مدرسة في المدينة، تأوي نازحين، أمس الجمعة، أرتفع إلى 17 قتيلاً و 45 جريحاً.

ووصلت الأوضاع المعيشية في عدن، إلى حال من التأزم والخطورة، بسبب استمرار القصف على المدينة المحاصرة، والمعارك على مشارفها.

وحذّر مندوب الصليب الأحمر، في عدن، إيف داكور، من أن "الوضع خطير جداً في عدن، وقد يصبح مأسوياً اليوم، "إذا لم يقم الفنيون بإصلاح محطة ضخ المياه في بئر ناصر". وأضاف "إنها مسألة حياة أو موت، فنحن لا نتحدث عن ماء للاغتسال، بل للشرب".

ويضطر العدنيون إلى شرب مياه أحد الآبار الارتوازية الـ 44 في المدينة، مع أن درجة الملوحة فيها، سببت حالات عدة من الالتهاب المعوي والتسمم.

 


 



[1]  سيرد التفصيل في القسم الحادي عشر المتعلق بتطورات الموقف السياسي خلال الفترة من 24 يونيه إلى 7 يوليه 1994.