إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الحادي عشر: تطورات الموقف السياسي خلال الفترة من 24 يونيه إلى 7 يوليه 1994

القسم الحادي عشر: تطورات الموقف السياسي خلال الفترة من 24 يونيه إلى 7 يوليه 1994

1. يوم 24 يونيه 1994

أ.  في نيويورك، برز استياء شديد في أوساط مجلس الأمن، والأمانة العامة للأمم المتحدة، من تصعيد صنعاء قصف عدن. وشدد سفراء الدول الخمس، الدائمة العضوية في مجلس الأمن، في اجتماع مع وزير التخطيط، في الجمهورية اليمنية، الدكتور عبدالكريم الإيرياني، على أن قصف القوات الشمالية لعدن، ليس في مصلحة صنعاء، بل قد تترتب عليه إجراءات من مجلس الأمن، وأن ليس من مصلحة صنعاء اعتماد أسلوب الصرب مع البوسنة. وأعرب مجلس الأمن، عن قلقه إزاء استمرار قصف المدنيين في عدن، وتردي الأوضاع في اليمن.

ب. وجهت الولايات المتحدة الأمريكية، أعنف تحذير لصنعاء، في وقت استمر فيه الضغط الشمالي على عدن، خصوصاً على مطارها. وبرز الضغط الأمريكي على صنعاء، في شكل بيان صدر عن وزارة الخارجية، اعتبر استمرار قصف عدن، وللمرة الثانية خلال أسبوع، واستمرار الهجمات على المدينة، بمثابة "خرق" لقرار مجلس الأمن الرقم (924)، وحذر من أن استمرار العمليات العسكرية، "قد يتطلب اهتماماً عاجلاً من مجلس الأمن". وأبلغت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية، السفيرة مادلين أولبرايت، موقف حكومتها إلى الإيرياني، محذرة من اقتحام عدن، وطالبت صنعاء وقف قصفها لعدن فوراً، وسحب منصات إطلاق الصواريخ، وقطع المدفعية، من محيط عدن.

ونقلت مصادر بريطانية، عن السفير البريطاني، سير ديفيد هانيه، قوله للدكتور الإيرياني، إن قصف عدن "يترك انطباعاً، يُسَهِّل المقارنة بين عدن وسراييفو، مشبهاً الصرب بالقوات الشمالية". وأكد هانيه، أن على صنعاء أن تدرك أن هذا الانطباع "ليس في مصلحة الشمال".

ج. صرح زعماء يمنيون معارضون، أنه ما زال بالإمكان التوصل إلى حل وسط، للحفاظ على وحدة اليمن، وأعلنوا، أنه يتعين على الشمال أن يقدم تنازلات، ولكن على الجنوب أن يتخلى عن سعيه إلى الانفصال. وقال تجمع يمني، يغلب عليه قبائل بكيل، إنه يتعين تحقيق وقف لإطلاق النار لإنهاء الحرب، وإلغاء الانفصال. كما صرح أحد زعماء المعارضة، أن الحرب أوجدت شعوراً لدى الجنوبيين، بأن إخوانهم في الشمال، يقفون ضدهم، ولذلك أثر خطير من الآثار الجانبية للحرب، سَيُصَعّبَ من بناء الثقة.

وقال ممثل عمان في الأمم المتحدة، والرئيس الحالي لمجلس الأمن، السيد سالم الخصيبي، ليل الخميس 23 يونيه ـ الجمعة 24 يونيه، أن أعضاء مجلس الأمن، "يأسفون لتردي الوضع في اليمن، وخصوصاً حول عدن".

د. التقى الدكتور الإيرياني سفراء الدول الخمس، دائمي العضوية "الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والصين"، وأكد بعد اللقاء أن السفراء حذرونا من الكارثة، التي تلم بالمدنيين، وعبروا عن قلقهم مما يدور حول عدن، وطالبوا بوقف النار فوراً". وسعى الإيرياني إلى إقناع سفراء الدول الخمس "بأن ما يجري في اليمن يدار من خارجها"، حسب قوله، وأن هناك "أطرافاً خارجية لا تريد للحرب أن تنتهي"، لذلك أن "المشكلة مع الخارج، أصبحت أكثر حدة مما هي بين اليمنيين".

وأبلغ الإيرياني الدول الخمس، أن الأزمة "تطورت، وأصبحت مشكلة تدخل خارجي، ولم تعد مشكلة داخلية". وقال إن لدى صنعاء الاستعداد للتعامل مع الوضع الراهن، على أنه مشكلة بين طرفين يمنيين متنازعين، لكنه شدد على أنه "ليس لأي من الطرفين حق الاستعانة بأطراف أخرى، غير متفق عليها للإشراف على وقف النار".

هـ. وفي دمشق عرض وفد الحزب الاشتراكي، برئاسة الأمين العام المساعد، السيد سالم صالح محمد، على الرئيس السوري، حافظ الأسد، "أفكار" القادة الجنوبيبن لحل المشكلة اليمنية، ووقف النار، وذلك خلال اللقاء، الذي جرى في قصر الروضة، بين الأسد والوفد اليمني، في إطار الزيارة، التي استمرت يومين، أجرى خلالها سالم صالح، محادثات مع مسؤولين سوريين ويمنيين، لم يكن من ضمنهم الرئيس اليمني السابق، علي ناصر محمد.

2. يومي 25، 26 يونيه 1994

أ. استمرت القوات الشمالية في قصف المناطق السكنية بمدينة عدن، على الرغم من النداءات، التي تطالب بوقف إطلاق النار فوراً.

ففي نيويورك، أصدر الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، بياناً عن لقاء الدكتور بطرس غالي بالإيرياني، بحضور الإبراهيمي، جاء فيه أن "الأمين العام عبر للوزير، عن قلقه العميق من أنباء ازدياد عدد الضحايا في عدن، لا سيما في الـ48 ساعة الماضية". وشدد الأمين العام، على "ضرورة أن تعلن صنعاء وقف النار فوراً، وأن توقف قصفها لمدينة عدن كلياً، كي يتمكن السيد الإبراهيمي من المضي بمهماته، ووضع آلية للإشراف على وقف النار". وزاد البيان أن الوزير الإيرياني "وعد بنقل الطلب إلى السطات في صنعاء، على أن يعود برد إلى الأمين العام، في غضون ساعات".

ب. ألمح وفد "جمهورية اليمن الديموقراطية"، الذي يضم رئيس الوزراء، السيد حيدر أبو بكر العطاس، ووزير الخارجية، السيد عبدالله الأصنج، إلى استعداد الجنوب لبدء الحوار مع الشمال، دون شروط مسبقة.

ج. في مسقط دعا السلطان قابوس بن سعيد، الفرقاء اليمنيين، إلى وقف الاقتتال، واللجوء إلى الحوار لتفادي مزيد من القتال والدمار. وجاءت هذه الدعوة، خلال استقبال السلطان قابوس، السيد عبدالعزيز عبدالغني، عضو مجلس الرئاسة اليمني، الذي نقل إليه رسالة من الرئيس علي عبدالله صالح، تتعلق بالأوضاع في اليمن. وعبر السلطان قابوس، "عن حرصه الشديد على وقف الاقتتال، بين الأشقاء في اليمن، وضرورة عودة الأطراف المتنازعة إلى الحوار، لتسوية الخلافات، ووضع حد للحرب، بما يضمن الأمن، والاستقرار للشعب اليمني".

د. وفي نيويورك، استمرت اتصالات نشطة تمهيداً لاجتماع المجلس، للاستماع إلى تقرير الإبراهيمي الأسبوع المقبل. وأعربت عدن عن أسفها لـ "التأخير غير المبرر"، في تقديم تقرير المبعوث الخاص للأمم المتحدة، السيد الأخضر الإبراهيمي، إلى الأمين العام للمنظمة الدولية، بطرس غالي.

هـ. أعد سفراء الدول الخمس دائمي العضوية، مسودة مشروع قرار بشأن اليمن، وركزت على آلية للإشراف على وقف النار، تؤسسها أطراف إقليمية، مع استعداد مجلس الأمن، لاتخاذ قرارات تدعم هذه الآلية.

وتكرر المسّودة الدعوة لوقف تصدير الأسلحة إلى الأطراف المتنازعة، وتؤكد مجدداً أن "الخلافات السياسية، لا يمكن حلها باستخدام القوة العسكرية". وتحض الأمين العام ومبعوثه الخاص، السيد الأخضر الإبراهيمي، على النظر في "الوسائل المناسبة"، لإقامة الحوار السياسي بين الأطراف "بلا شروط مسبقة"، مما يشكل توسيعاً للمهمة، التي أوكلها مجلس الأمن إليها، وعدم حصرها في بعثة تقصي الحقائق فقط.

وتطلب مسودة القرار من الأمين العام، الدكتور بطرس غالي، تقديم تقرير إلى مجلس الأمن، بشأن تنفيذ القرار في أقرب وقت مكن، على ألاّ يتعدى ذلك 20 يوماً بعد تبني القرار.

و. وبدأ مجلس الأمن اليوم 26 يونيه، جلسات مغلقة للتشاور بشأن موضوع اليمن، وعناصر مشروع قرار الدول الخمس. وكانت هذه الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، قررت أن تبادر بطرح مشروع قرار في مجلس الأمن، لئلا تعتبره صنعاء تحركاً ضدها، كما حدث عندما طرحت دول عربية مشروع القرار في الجولة الأولى.

وحسب مسودة مشروع القرار، يؤكد مجلس الأمن مجدداً، في فقراته التمهيدية، القرار الرقم (924)، ويعبر عن دعمه الشديد لدعوة الأمين العام، إلى وقف قصف عدن فوراً، وبشكل كامل. ويعبر المجلس عن استيائه البالغ من عدم تنفيذ وقف النار فعلاً، على الرغم من تكرار التعهدات بذلك من الطرفين، كما يؤكد أهمية التنفيذ الفعلي لوقف النار. كذلك، يعبر عن قلقه البالغ من "الوضع القائم في الجمهورية اليمنية، وبالذات تدهور الحالة الإنسانية في البلاد". ويبدي "جزعه للتقارير التي تفيد بأن الأسلحة والمعدات الحربية، لا تزال تتوفر للأطراف المتنازعة".

وتتضمن مسودة مشروع القرار ثماني فقرات عاجلة، هي:

(1) يعيد تكرار الدعوة إلى وقف النار الفوري.

(2) يطلب إلى الأمين العام ومبعوثه الخاص، الاستمرار في المحادثات مع جميع المعنيين، بهدف تنفيذ وقف نار دائم، وعقد محادثات فورية، هادفة إلى إنشاء الأطراف آلية إقليمية مقبولة للطرفين، تراقب وقف النار وتمنع انتهاكه.

(3) استعداد مجلس الأمن لاتخاذ قرارات سريعة، بشأن أي توصيات يقدمها الأمين العام، ذات علاقة بالفقرة الثانية أعلاه، إذا برزت الحاجة.

(4) يكرر دعوته للوقف الفوري لتوفير الأسلحة، والمعدات العسكرية الأخرى، إلى المتنازعين.

(5) يكرر مجدداً أن الخلافات السياسية، لا يمكن حلها عبر استخدام القوة العسكرية. ويأسف بشدة لفشل جميع المعنيين، في استئناف الحوار السياسي، ويحضهم على القيام بذلك فوراً، بلا شروط مسبقة، بما يسمح بحل سلمي لخلافاتهم، وإعادة استتباب السلام والاستقرار. ويطلب إلى الأمين العام ومبعوثه، تحديد الوسائل المناسبة لتسهيل تحقيق هذه الأهداف.

(6) يعبر عن قلقه العميق، من الوضع غير الإنساني الناتج عن النزاع، ويطلب من الأمين العام استخدام كل الموارد المتوفرة لديه، بما فيها وكالات الأمم المتحدة المعنية، لمعالجة حاجات المتأثرين بالنزاع فوراً، لا سيما سكان عدن والمشردين.

(7) يطلب من الأمين العام أن يرفع تقريراً إلى مجلس الأمن، بشأن تنفيذ هذا القرار في أقرب وقت ممكن، على ألا يتعدى ذلك 20 يوماً على تبني القرار.

(8) يقرر إبقاء المسألة قيد النظر الناشط.

3. يوم 27 يونيه 1994

أ.  كررت إدارة الرئيس بيل كلينتون اليوم، دعوتها القوات اليمنية الشمالية، إلى وقف هجماتها على عدن، خصوصاً بعد تجدد القتال العنيف، حول عاصمة الجنوب، أمس الأحد. وأعرب مسؤول في وزارة الخارجية، عن قلق الإدارة من الأنباء التي تحدثت عن احتمال شن القوات الشمالية هجوماً برياً، ومن تجدد القصف أحياء المدينة، وسقوط العديد من الضحايا بين المدنيين. وأبدى انزعاج الإدارة الشديد، من فشل الجهود لتأمين وقف النار، "الأمر الذي يظهر تجاهلاً لروح قرار مجلس الأمن الرقم (924)، ومضمونه". وشدد على القول إن الولايات المتحدة الأمريكية، تؤيد كلياً جهود الأمم المتحدة لحل الأزمة اليمنية سلماً. وقال إن الأولوية المطلوبة، هي تأمين وقف فوري وحقيقي للنار، على أن يتبع ذلك استئناف الحوار السياسي لإيجاد حل سلمي للمشكلة.

ب. ويسعى الإبراهيمي مع الطرفين، إلى الاتفاق مسبقاً على آلية الإشراف على وقف النار، وعلى تحديد موعد بدء الحوار السياسي، ومكان انعقاده، قبل رفع توصياته إلى مجلس الأمن. وتقرر عقد اجتماع بين الإيرياني والعطاس، في نيويورك، لتوقيع الاتفاق إذا نجحت جهود الإبراهيمي في ترتيب الآلية، وموعد بدء اللقاءات السياسية، ومكانها.

جـ. بدأ مجلس الأمن اليوم جلسات مغلقة للتشاور في موضوع اليمن، وعناصر مشروع قرار الدول الخمس. وينتظر المجلس نتائج جهود الإبراهيمي، بشأن اتفاق الطرفين مسبقاً، على الآلية والحوار السياسي، قبل تقديم تقريره رسمياً إلى مجلس الأمن. واستعد المجلس في الوقت ذاته، لإدخال عناصر جديدة على مشروع القرار، في ضوء تقرير الإبراهيمي.

وقالت مصادر يمنية شمالية، إن لدى الجمهورية اليمنية اقتراحاً، بأن يختار كل من الطرفين ثلاث دول، تشارك في آلية تثبيت وقف النار، تحت إشراف اللواء سعيد بيرقدار، الأمين المساعد للشؤون العسكرية في الجامعة العربية، على أن يكون بيرقدار مرتبطاً بالسيد الإبراهيمي.

4. يوم 28 يونيه 1994

أ.  عُقد اليوم في نيويورك اجتماع هو الأول من نوعه على هذا المستوى، منذ اندلاع الحرب، بين مسؤولين شمالي وجنوبي. ومثل الشمال في الاجتماع الذي رتبه السيد الأخضر الإبراهيمي، الدكتور عبدالكريم الإيرياني وزير التخطيط والتنمية في اليمن الشمالي، بينما مثل الجنوب حيدر العطاس، رئيس وزراء اليمن الجنوبي.

وصرح العطاس، بأن اللقاء مع الإيرياني والإبراهيمي، "سيكون محصوراً في مناقشة مسألة وقف النار، وآلية مراقبة تنفيذ وقف النار، والفصل بين القوات، وتحديد مكان المفاوضات وموعدها".

ووصف العطاس اللقاء بأنه "بداية" ويشكل "خطوة أولى"، وأعرب عن اعتقاده بأن الأخوة في صنعاء، يماطلون لإضاعة الوقت أمام مجلس الأمن". ولم يستبعد العطاس عقد لقاء آخر مع الإيرياني، وقال إن ذلك عائد إلى "جهود"الإبراهيمي.

وقال الدكتور الإيرياني إن الاجتماع مع العطاس والإبراهيمي، "ليس فاشلاً. لكنني أقول إن هناك محاولة لاستغلال أعمال مشروعة، لأغراض غير مشروعة".

ب. وفي عدن انتقدت "جمهورية اليمن الديموقراطية"، في نداء بثته وسائل الإعلام الرسمية أمس، بطء التحرك الدولي لوقف الحرب اليمنية، واكتفاء الأمم المتحدة بإجراء مشاورات. ودعا النداء إلى إنقاذ عدن، الواقعة تحت ضغط القوات الشمالية المتزايد. وقال "لا يحرك العالم المتحضر ساكناً، ويكتفي بمشاورات حيال ما يقوم به نظام صنعاء الدموي، وقواته، من قصف وحشي، وأعمال قمع، ضد جمهورية اليمن الديموقراطية، دون أن يقيم وزناً لقرارات الأمم المتحدة".

وأكد مجدداً تصميم الجنوبيين على "الدفاع عن أراضيهم، ومقاومة الاحتلال الهمجي". ودعا دول العالم إلى "الوقوف مع شعب اليمن وإنقاذ مدينة عدن"، التي يشدد الشماليون الحصار العسكري عليها، منذ أيام.

ج. وصدر تقرير الإبراهيمي، الذي رفعه الدكتور بطرس غالي إلى مجلس الأمن، أثناء انعقاد جلسة مشاورات للمجلس اليوم، وجاء فيه أن "هناك توافقاً في الآراء مفاده :

(1) وقف النار ضروري وعاجل.

(2) وجود آلية للإشراف على وقف إطلاق النار، أمر ضروري أيضاً. وبالفعل، وافق الطرفان أصلاً، على بعض جوانب هذه الآلية، كأن تكون في شكل لجنة مشتركة، تضم عدداً من الضباط من الجانبين، ويشارك فيها ممثلون من الأردن وعمان، فضلاً عن الملحقين العسكريين لفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، في صنعاء. غير أنه ما زالت هناك خلافات بين الجانبين، تتعلق بتمثيل البلدان الأخرى.

(3) عندما يصبح وقف إطلاق النار فعالاً، ينبغي إعادة بدء الحوار بمساعدة الأمين العام ومبعوثه الخاص، في مكان يتم الاتفاق عليه".

وشدد الأمين العام على أن "المهمة العاجلة، التي تنتظرنا، هي أن نضع حداً للقتال، وأن نبدأ في توفير المعونة العاجلة للشعب، الذي يحتاج إليها بشدة، لا سيما سكان مدينة عدن.

وشدد تقرير الأمين العام على ضرورة، تأكيد النداء الوارد في القرار الرقم (924)، "في ما يتصل بتزويد الطرفين المتحاربين بالأسلحة". وقال إن "المخزونات الهائلة من الأسلحة، المتوفرة أصلاً لدى الطرفين، سببت أضراراً كافية، ومما لا شك فيه أنه يمكن استخدام الموارد التي يمتلكها اليمن، أو يمكنه الحصول عليها استخداماً أفضل".

ووصف التقرير الحرب في اليمن، بأنها "حرب حقيقية، مع كل العواقب الوخيمة للحرب في كل مكان: الضحايا، ومعاناة الأبرياء، وتدمير الهياكل الأساسية، والممتلكات العامة والخاصة".

5. يوم 29 يونيه 1994

أ.  التقى وزير الخارجية الروسي اندرية كوزيريف، وفدين يمنيين برئاسة السيدين محمد سالم باسندوه، وزير الخارجية اليمني، وسالم صالح محمد، عضو مجلس الرئاسة في "جمهورية اليمن الديموقراطية". وعُقد لقاء شمالي ـ جنوبي، برعاية وزير الخارجية الروسي، الذي أعلن استعداد بلاده لإرسال ضابط إلى اليمن، للمشاركة في لجنة الإشراف على وقف النار.

وذكر نائب المدير العام لدائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في وزارة الخارجية الروسية أن الوفدين وصلا إلى موسكو لإطلاع القياد الروسية على الوضع في اليمن.

وأشار إلى أن كلا الجانبين، مهتم بالحصول على تأييد موسكو، عشية اجتماع مجلس الأمن، الذي ينتظر أن يصدر قراراً جديداً في شأن الوضع في اليمن. وأكد المسؤول الروسي أن بلاده، تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتنفيذ القرار الرقم (924)، على أن يبدأ، بعد ذلك، البحث في مستقبل اليمن. وعلى الأطراف اليمنية أن تقرر ما إذا كان البلد سيبقى موحداً، أو يصبح كونفدرالياً، أو يتخذ صيغة أخرى".

ب. أبلغت صنعاء الأمم المتحدة، أنها وافقت على وقف جديد للنار، ابتداء من اليوم، ولمدة 48 ساعة. ورحبت القاهرة، التي تحركت أمس في اتجاه صنعاء، باستضافة طرفي النزاع اليمني. وبعث الرئيس حسني مبارك برسالة إلى الرئيس، علي عبدالله صالح، نقلها إليه السفير بدر همام.

ج. وفي نيويورك، أستعد مجلس الأمن، لتبني قرار جديد بشأن اليمن، يندد بشدة قتل المدنيين والدمار الناتج عن استمرار الهجوم العسكري على عدن.

وأصرت الدول غير المنحازة، على أن توضع الآلية تحت إشراف دولي، لكن المصادر الأمريكية أكدت إصرار واشنطن، على رفض وضع الآلية تحت إشراف الأمم المتحدة، في هذا المنعطف. وقالت إن اللغة الواردة في مشروع القرار بصيغته الأخيرة، هي التي ستطرح للتصويت. وأشارت إلى أن المجلس يعتبر، بموجب الصيغة المطروحة، أنه من الأفضل أن تكون آلية وقف النار إقليمية، وليست دولية.

وحض المسؤول الأمريكي، المسؤولين الشماليين والجنوبيين، على المضي في البحث المباشر في تفاصيل آلية الإشراف على وقف النار، في إشارة إلى المحادثات التي بدأها في نيويورك أمس، الدكتور عبد الكريم الإيرياني، وزير التخطيط والتنمية في الجمهورية اليمنية، والمهندس حيدر أبو بكر العطاس، رئيس الوزراء في "جمهورية اليمن الديموقراطية".

د. بعث وزير خارجية المملكة العربية السعودية، سمو الأمير سعود الفيصل، برسالة إلى الأمين العام الدكتور بطرس غالي، أعرب فيها عن رفض حكومة بلاده، احتجاج صنعاء، على ما ورد في المؤتمر الوزاري لمجلس التعاون الخليجي. وقال إن حكومته "تأمل بإخلاص، أن تستجيب القيادة اليمنية في صنعاء، لمقتضيات قرار مجلس الأمن الرقم 924، وأن تتفادى اللجوء إلى القوة العسكرية، لحل الخلافات بين الأشقاء، وأن يكون هناك التزام صادق بما نادت به الأسرة العربية، وقررته الشرعية الدولية.

وأكد سمو الأمير سعود الفيصل، أن "حكومة المملكة العربية السعودية، إذ تؤكد مجدداً سياستها الثابتة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، واحترام حسن الجوار، وإذ تعيد تأكيد ما ورد عن الوحدة اليمنية، في البيان الصحافي الصادر عن المجلس الوزاري، لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في دورته الواحدة والخمسين، فإنها والحالة هذه، لا تستطيع أن تفهم دواعي احتجاج الحكومة اليمنية، على ما تضمنته الكلمة الافتتاحية والبيان الصحافي الصادر عن الدورة المذكورة، ولا ترى بالتالي مبرراً، لسلوك تأجيج المشاعر، لاستمرار القتال بين الأشقاء".

وأبدى سمو الأمير سعود الفيصل، "استغراب" المملكة العربية السعودية الشديد، لادعاءات وزير خارجية الجمهورية اليمنية، أن مواقف الدول الخليجية "استفزازية"، وأكد حرص هذه الدول على "استتباب الأمن والاستقرار في اليمن"، ووقف "كل العمليات العسكرية فوراً، واللجوء إلى الحوار السلمي".

هـ. أصدرت "اللجنة الإعلامية لجالية أبناء جنوب اليمن"، بياناً صحافياً أثناء تظاهرة شعبية أمام مبنى الأمم المتحدة أمس، طالبت بـ "التدخل السريع لإيقاف الهجمات الشرسة التي يتعرض لها سكان مدينة عدن". وطالب المتظاهرون، مجلس الأمن "التعجيل في اتخاذ قرار حازم ضد قوات علي عبدالله صالح"، وعبروا عن "رفضهم المطلق للحرب الظالمة، التي يقودها الشمال تحت ستار الوحدة والشرعية". وأعرب المتظاهرون عن "التقدير للجهود المخلصة، التي تبذلها الدول العربية الشقيقة، لإنهاء الحرب، وعلى رأسها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر".

و. دعا الصليب الأحمر الدولي مجدداً، الأطراف المتحاربة حول مدينة عدن، إلى "احترام القانون الإنساني، وحقوق الجرحى، والمرضى، والأسرى، والأشخاص الذين أصبحوا عاجزين عن القتال". وطالب "بعدم مهاجمة السكان المدنيين، أو تسخيرهم لأغراض عسكرية، أو الاعتداء على المنشآت الضرورية لحياة الأشخاص". كما طالب بتسهيل المهمة الإنسانية التي يقوم بها مندوبو الصليب الأحمر الدولي، وأفراد الوحدات الصحية، مشيراً إلى أن الشيء الذي لا يزال يبعث على القلق، هو صعوبة إمداد حوالي 500 ألف نسمة من السكان بالماء، الأمر الذي قد يؤدي إلى كارثة في مدينة عدن.

6. يوم 30 يونيه 1994

مع استمرار الضغط على عدن، وقصف منابع النفط اليمني، في مأرب، استمرت المساعي الدبلوماسية، لوقف القتال، بعد أن أصبح يشكل تهديداً للمنطقة العربية، بأسرها:

أ.  في موسكو، وقع اتفاق لوقف النار في اليمن، والتزم الجانبان تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى عدن، والمناطق الأخرى المتضررة.

وكان الوفدان قد أجريا مباحثات منفصلة مع وزير الخارجية الروسي أندريه كوزيريف، ثم عقدت جلسة مفاوضات ثلاثية صباح اليوم. ثم أعلن أن الاتفاق سيوقع الساعة الأولى بعد الظهر، لكن مراسيم التوقيع جرت بعد ساعتين ونصف ساعة. وعلم أن الإشكال الرئيسي كان في تحديد صفة الجنوبيين، إذ إن باسندوه أصر على أن المفاوضين من دولة واحدة، فيما طالب سالم صالح بمعاملة الند للند، ولوحظ أن عنوان الاتفاق كان وقف النار "في الجمهورية اليمنية "، وذلك في محاولة لتفادي الإشكال.

وأشار البيان الصحفي الصادر عن اللقاء، إلى أن الطرفين اتفقا على "وقف كامل لإطلاق النار والعمليات الحربية"، وتفاهماً على مواصلة المفاوضات، لتحقيق تسوية نهائية تقوم على آلية تحددها قرارات الأمم المتحدة، بالتعاون مع الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة.

ووصف الرئيس بوريس يلتسن الاتفاق، بأنه "خطوة أولى، لكنها بالغة الأهمية". ووجه رسالة هنأ فيها "الموقعين" متحاشياً تعبير "الطرفين". ودعا إلى مواصلة الجهود، لوضع "آلية مضمونة للرقابة"، وعرض مشاركة بلاده في مساعي التطبيع اللاحق.

وصرّح وزير الخارجية الروسي كوزيريف، أن الجهود، التي بذلت كانت "تطويراً" لقراري مجلس الأمن، اللذين وصفهما بانهما "متوازيان". وأضاف، أن اليمن "صديق تقليدي" لروسيا، وأن مساعدتها في التوصل إلى اتفاق، سيساعد أيضاً في دفع الجهود السلمية الروسية، في الشرق الأوسط عموماً.

وأجمع المراقبون، على أن توقيع اتفاق موسكو، يعتبر نجاحاً كبيراً للدبلوماسية الروسية. وأكد بوريس كولوكولوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن الطرفين "توجها إلى دولة عظمى، وهذه مكافأة لجهودنا الطويلة والنزيهة"، الهادفة إلى إيجاد حل. وقال دبلوماسي روسي، إن موسكو تراقب حالياً، ما سيتمخض عنه لقاء عبد الكريم الإيرياني، وحيدر العطاس، في نيويورك، تمهيداً لجولة جديدة من المفاوضات، التي قد يُدعى الجانبان إلى إجرائها في موسكو لاحقاً.

ب. ووسط استياء أمريكي، من استمرار الهجمات الشمالية على عدن، اتفق مجلس الأمن بالإجماع على صيغة القرار الرقم (931)(انظر ملحق نص قرار مجلس الأمن الرقم 931 لعام 1994 الصادر في 29 يونيه 1994م.)، كحل وسط بين الدول، غير المنحازة في المجلس، التي سعت إلى إشراف دولي على آلية تثبيت وقف النار، وبين الموقف الأمريكي، الذي أصر على عدم توريط الأمم المتحدة في تفاصيل آلية الإشراف، على وقف النار.

طلب مجلس الأمن في قراره الرقم (931)، من الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثه الخاص إلى اليمن، "مواصلة المحادثات تحت رعايتهما مع جميع المعنيين" بالأزمة اليمنية، "بهدف تنفيذ وقف دائم لإطلاق النار، وإمكانية إنشاء آلية مقبولة من الجانبين، يفضل أن تشترك فيها بلدان من المنطقة، لرصد وقف إطلاق النار، والتشجيع على احترامه، والمساعدة على منع انتهاكه"، على أن ترفع هذه الآلية تقريرها، إلى الأمين العام.

وجدد القرار مطالبته بوقف النار فوراً في اليمن، وتنديده الشديد بإيقاع إصابات بين المدنيين، والدمار الناتج عن الهجوم العسكري المستمر على عدن، وكرر المجلس مطالبته بوقف إمدادات الأسلحة لليمن، وأدان عدم الاكتراث بنداء غالي، لوقف قصف عدن فوراً.

ورحب الإيرياني باقتراح للسفيرة أولبرايت، بالمضي في المحادثات مع العطاس، وقال: "اتفقتا، حتى قبل هذه الدعوة، على استئناف المحادثات، وأشار إلى الأهمية التي أولتها السفيرة الأمريكية، وسفراء فرنسا، وبريطانيا، وروسيا، لضرورة " تطبيع" الوضع في عدن، وعبر عن تقديره لجهود وزير الخارجية الروسي، اندريه كوزيريف، الرامية إلى تثبيت وقف نار "دائم"، و"رفع المعاناة الإنسانية". وأعتبر موافقة صنعاء على تحديد موعد لوقف النار، "خطوة" نحو تحقيق هذا الهدف.

ونقل السفير الروسي يولي فورونتسوف، إلى مجلس الأمن، اتفاق وقف النار، الذي توصل إليه الوزير كوزيريف، مع وزير الخارجية اليمني، السيد محمد سالم باسندوه، والسيد سالم صالح محمد، عضو مجلس الرئاسة في "جمهورية اليمن الديموقراطية". وقال: "اتفق الجميع على أن النزاع لا يمكن حله عبر استخدام القوة العسكرية، وأن التسوية يجب أن تقوم على أساس القرار الرقم (924)".

وشدد سفير بريطانيا سير ديفيد هانية، على "عدم تمكن أحد الطرفين (اليمنيين) من تحقيق أهدافه، عبر استخدام القوة العسكرية"، ولفت النظر إلى أهمية "الاستقرار في المنطقة، وعدم وضع شروط مسبقة، للحوار بين الطرفين".

وقال نائب المندوب الفرنسي إيرفي لادوس Ladus ، إن النزاع يهدد الاستقرار الإقليمي، و"يهدد وحدة الجمهورية اليمنية، ويعرضها للخطر". وأكد رفض فرنسا للحل العسكري للنزاع، واستعدادها للمشاركة في آلية تثبيت وقف النار، بموافقة الطرفين.

وتحدث مندوب سلطنة عمان، السفير سالم الخصيبي، عن الوحدة اليمنية "كعنصر مهم في سلام واستقرار اليمن والمنطقة"، شرط أن تكون على أساس "التفاهم المتبادل، وموافقة الشعبين اليمنيين". وحذر من أن استمرار الحرب، له عواقب سلبية على اليمن، والمنطقة، "ولا منتصر في هذه الحرب، بل الخاسر الوحيد هو شعب اليمن".

وأصدر الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة بياناً، بعدما استقبل غالي، العطاس بحضور الإبراهيمي. وجاء في البيان أن العطاس "أعاد تأكيد التزام الجنوب" احترام وقف النار، اعتباراً من أمس لمدة 48 ساعة، لتمكين الصليب الأحمر من إغاثة سكان عدن.

ج. وعقد الإيرياني مؤتمراً صحفياً، أعلن فيه قبول حكومة الجمهورية اليمنية القرار الرقم 931، واستعدادها للتعاون مع السيد الإبراهيمي، لتنفيذ القرار عبر الآلية الإقليمية.

وأعلن الإيرياني أن "وقف النار الدائم، الذي اتُفق عليه في موسكو، من المقرر أن يبدأ منتصف ليلة 30 يونيه/ 1 يوليه. وعبّر عن أمله بعدم فشل وقف النار مجدداً، مشيراً إلى "الأهمية البالغة لتوقيع"، وزير خارجية روسيا أندرية كوزيريف، إلى جانب توقيعي باسندوه، وسالم صالح،          وأعلن أن سحب الأسلحة الثقيلة من حول عدن، لن يتم بمعزل عن الخطوات الأخرى الواردة في القرار. وقال إن إعادة نشر القوات، "يجب أن يتم التعاطي معها، في إطار التنفيذ الكامل للعناصر الأخرى في القرار"، وهي "الحوار، وسلامة الأراضي والديموقراطية". وانتقد الإيرياني الجهود السابقة التي بذلتها الجامعة العربية، وقال "لو كانت جهود التنظيمات الإقليمية، مثل جهود الأمم المتحدة ومجلس الأمن"، لكان بالإمكان "تجنب مشاكل عديدة".

د. وصرح السيد عبد الله الأصنج، وزير خارجية "جمهورية اليمن الديموقراطية"، أن حيدر العطاس "أعلن استعداده البقاء في نيويورك، تلبية لدعوة السفيرة الأمريكية، وكذلك تلبية لدعوة سابقة من الدكتور بطرس غالي". وقال "إن الوفد بكامله سيبقى في نيويورك، حتى يحقق تقدماً كافياً في اتصالاته الجارية، مع الدكتور الإبراهيمي، والدكتور الإيرياني".

وأعرب الاصنج عن "الترحيب بقرار مجلس الأمن الرقم 931، والأمل في أن يلاقي، هذه المرة، الاستجابة الحقيقية، من كافة الأطراف المعنية"، وتمنى أن يتم تسهيل مهمة الإبراهيمي، "كي يتحقق وقف لإطلاق النار، وبداية نحو تثبيت الآلية، التي ستتولى الإشراف على التزام الجانبين وقف النار، وترتيبات المفاوضات بين صنعاء وعدن، في القاهرة أو جنيف. وقال: "بالنسبة إلينا، كل الخيارات مفتوحة"، في إطار الحوار، والمفاوضات السياسية "ابتداءً من وثيقة العهد والاتفاق، إلى دستور الوحدة، ذلك لأننا نحن أبقينا على دستور الوحدة".

هـ. وفي صنعاء، عقد مجلس الوزراء اليمني جلسة، هي الأطول في تاريخه، إذ استمرت ثماني ساعات، وانتقد في بيان شديد اللهجة، "الجهات التي تدعم المتمردين الانفصاليين مادياً وسياسياً وعسكرياً". واعتبرت الحكومة اليمنية أي دعم للمتمردين، من أي جهة كانت، "عداء سافراً للشعب اليمني، لن يتم السكوت عليه بعد الآن".

وخلص البيان إلى "تأكيد أن المعاملة البروتوكولية الرسمية، للعناصر المتمردة والخارجة عن الشرعية في الجمهورية اليمنية، لن يتمّ تجاهلها بعد الآن".

و. ورحب الأمين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد أمس بالقرار الرقم 931، الذي تبناه مجلس الأمن بالإجماع وتضمن دعوة إلى وقف النار فوراً في اليمن.

ز. وفي الرياض، أجرى وزير الدولة للشؤون الخارجية العُماني، يوسف بن علوي، محادثات "عاجلة" مع وزير الخارجية السعودي، سمو الأمير سعود الفيصل. تناولت تطورات الوضع في اليمن".

وكانت المملكة العربية السعودية، أعلنت مراراً إدانتها الشديدة، لاستمرار القتال في اليمن، وعدم وقف إطلاق النار. وتبذل الرياض مساعٍ سياسية ودبلوماسية كبيرة، من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وتلوح السعودية ودول الخليج الأخرى بإمكانية الاعتراف بإعلان الجنوب "جمهورية اليمن الديموقراطية".

ح. أصدرت 13 شخصية يمنية بياناً، طالب بوقف النار فوراً في اليمن، والعودة إلى الحوار بسرعة. وجاء في البيان الذي صدر في القاهرة أمس:

" في ظروف قاسية عصيبة، كالتي يمر بها الوطن، وفي أيام مأسوية حزينة، كالتي يعيشها شعبنا اليمني، بكل مكوناته، كأفراد، كأسر، وكمجتمع، وبعد كل الجهود، التي بذلها كثيرون من الخيرين فردياً، أو ثنائياً أو جماعياً، كي لا تصل المأساة إلى ما وصلت إليه، نجد أنفسنا مرغمين، وطنياً، على التوجه بهذا النداء العاجل الملح إلى كل الأطراف، وإلى ضمير الشعب اليمني، حيثما يوجد هذا الضمير وأياً يكن موقع وجوده، ومسؤوليته، وتأثيره، لتسخير كل إمكانيات هذا التأثير، والفاعلية في شكل عاجل، ومباشر، لتحقيق هدفين:

وقف فوري لإطلاق النار، وعودة سريعة إلى الحوار. لتمكين قوى الخير من تدارك ما يمكن تداركه، ولقطع الطريق أمام كل المحاولات الهادفة إلى تعميق المأساة والجروح، وتفتيت الكيان، وتجزئة الإنسان، وتمزيق وجدانه".

واعتبر البيان، أن "ما تعرضت وتتعرض له، مدن ومناطق يمنية، من دمار وخراب، وما يتعرض له الإنسان اليمني، من إهدار لحياته وطاقاته، وما يعيشه من عذابات معيشية ونفسية، حرص بفعل جاد وعاجل، وباستجابة فاعلة صادقة، لحسم كل هذا العذاب وهذه الآلام، ووقف النزيف البشري والمادي. فلتخرس المدافع، وليتحكم العقل، وليسُدْ الحوار، لينتهي عذاب الإنسان، وليتوقف دمار قدرات وإمكانات الوطن، ليسود السلام على الأرض اليمنية".

ووقع البيان السادة:

أحمد محمد نعمان، وعلي ناصر محمد، وسنان أبو لحوم، ومجاهد أبو شوارب، وأحمد علي السلامي، وعبدالحافظ نعمان، وحسن علي عليوة، وجار الله عمر، ومحمد عبدالرحمن الرباعي، ومحمد عبدالقدوس الوزير، ومحمد عبدالملك المتوكل، وعبدالغني عبدالقادر، وعوض الحزة.

7. يوم 1 يوليه 1994

أ.  وقف تدفق نفط الشمال، بعد قصف آباره في مأرب، واتهمت صنعاء الجنوب، باستخدام طائرات ميج 29 (MIG-29). وتجددت المعارك بضراوة، بين القوات الشمالية والجنوبية في المناطق المحيطة بعدن، بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، بعد منتصف ليل أمس، الذي رعته موسكو. كما يعد خرقاً جديداً لقراري مجلس الأمن رقمي(924، 931).

ونتيجة لذلك، فشلت "بعثة منظمة الصليب الأحمر الدولي، في الوصول إلى بئر ناصر لإصلاح خزان المياه الرئيسي، وذلك لكثافة القصف الشمالي على المنطقة حول عدن".

وأصبحت المدينة مهددة بالأوبئة، والأمراض الخطيرة، مثل الكوليرا. ويزداد الوضع في عدن أشد مأساوية، في مختلف النواحي الاقتصادية والصحية، بسبب الحصار الشمالي، الذي دخل أمس يومه الخامس والعشرون.

ب. وفي واشنطن حضت الإدارة الأمريكية أمس، أطراف النزاع في اليمن على، التجاوب مع دعوة مجلس الأمن في قراره الأخير الرقم (931)، إلى وقف القتال، وبدء الحوار السياسي بينها.

ج. وأكدت موسكو أنها ستواصل جهودها من أجل إيجاد حل للمشكلة اليمنية، على الرغم من انهيار الاتفاق. وصرح وزير الخارجية الروسي، أندريه كوزيريف: "أن بلاده ستواصل جهودها الرامية، إلى إيجاد حل للنزاع في اليمن، على الرغم من فشل وقف إطلاق النار الأخير، الذي وقع في موسكو"، و"سنواصل جهودنا لدعم الاتفاق والمضي قدماً، في تنفيذه، وسندرس كل ما يمكن عمله لحض الطرفين، على احترام التزاماتهما".

د. بينما استمرت اللقاءات المباشرة، بين الدكتور الإيرياني، والمهندس حيدر أبو بكر العطاس، بإشراف المبعوث الخاص للأمين العام، السيد الأخضر الإبراهيمي. أفادت مصادر يمنية شمالية، أنه اتفق على إضافة دولتين مسلمتين هما مالي، وإندونيسيا إلى الدول العربية الخمس (الأردن، وعمان، ومصر، وسورية، ودولة مغاربية، هي إما المغرب أو الجزائر)، للمشاركة في آلية تثبيت وقف النار. وقالت مصادر أخرى، إن هناك فكرة لدى الإبراهيمي، بدعوة الجامعة العربية، إلى المبادرة بإرسال فريق عسكري استطلاعي، يترأسه الأمين العام المساعد للشؤون العسكرية، اللواء سعيد بيرقدار، استعداداً لتنشيط الآلية.