إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية









الفصل الثاني

الفصل الثاني

العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية في المجال السياسي

من أشهر المقولات تعبيراً عن الجانب السلبي في بداية الرؤية الأمريكية لليهود، الخطاب الذي ألقاه "بنيامين فرانكلين أحد أبطال الاستقلال الأمريكي عام 1789، يقول في بعض فقراته: "أينما حل اليهود هبط المستوى الأخلاقي والشرف التجاري، فقد ظلوا دائماً في عزلة لا يندمجون في أيّ أمة، ويدفعهم الشعور بأنهم مضطهدون إلى خنق الأمة اقتصادياً، كما حدث في أسبانيا والبرتغال، فإذا لم تتمسك الولايات المتحدة الأمريكية بدستورها فسنراهم في أقلّ من مائة عام يقتحمون هذه البلاد لكي يسيطروا عليها ويدمروها، ويغيروا نظام الحكم الذي سالت من أجله دماؤنا".

وقد صدقت تنبؤات فرانكلين عن اليهود ودورهم في الحياة الأمريكية، حيث أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أهم ميادين نشاط الحركة الصهيونية التي ساهمت في العمل من أجل إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين وذلك في أعقاب وعد بلفور عام 1917، حيث نجحت هذه الحركة في الحصول على قرار الكونجرس الأمريكي في 30 يونيه 1922، بدعم إنشاء دولة إسرائيل، وبصيغة لا تقلّ عن وعد بلفور نفسه في شيء.

واستقر في الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك، القسم الأعظم من اليهود، ونسبتهم تعدت 43% من يهود العالم، وتضمهم الكثير من المنظمات وعلى رأسها منظمة "إيباك" "Aipac" (لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية ـ الأمريكية)، ذات الفاعلية والسيطرة على القرار الأمريكي ليخرج دائماً لمصلحة إسرائيل؛ ومن هنا، يجدر تسمية المنظمات اليهودية بأنها " لجنة توظيف إمكانيات الولايات المتحدة الأمريكية لمصلحة إسرائيل".

وقد مارست هذه المنظمات تأثيرها على السياسة الأمريكية إلى درجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي – أيّاً كان- يصبح له تأثير على السياسة الخارجيـة للولايات المتحدة الأمريكية أكثر من تأثيره في بلده، كذلك فإن الصوت الانتخابي اليهودي داخل الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن يكون حاسماً لانتخاب الرئيس الأمريكي أو أحد أعضاء الكونجرس، حيث يمكن الفوز بفارق بسيط.

لذلك فإن اهتمام رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية وأعضاء الكونجرس باسترضاء إسرائيل يفوق كلّ تصور حيث استمر الدعم، وازداد مع تغلغل الحركة الصهيونية في جميع نواحي الحياة الأمريكية إلى الدرجة التي جعلت زعيم الأغلبية في الكونجرس الأمريكي، يقول لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون عند اجتماعه بأعضاء الكونجرس أثناء زيارته للولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر 2002: "إنه عندما يكون الأمر متعلقاً بإسرائيل، فإنه لا يوجد حزب جمهوري وآخر ديموقراطي، ولكن يكون هناك قرار متفق عليه لمصلحة إسرائيل"، وربما تساير تلك المقولة العبارة التي استهلت بها "بربارة طوخان"، كتابها "مسيرة الغباء" بأن هناك ظاهرة تاريخية لا ترتبط بالزمان ولا بالمكان، وهي جديرة بالذكر والبحث في آن واحد ألا وهي ميل بعض الدول إلى تبني سياسات تتعارض ومصالحها الذاتية، وقد اعتاد الرئيس الأمريكي الأسبق "جون كيندى" الإشارة إلى هذه الحقيقة في خطبه، حيث كان يقول: "إن السياسة الخارجية هي المجال الوحيد الذي يمكن الخطأ فيه أن يقتلنا جميعاً"، وربما كانت هذه المسيرة تنطبق على الوضع الحالي في العلاقات ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

والعلاقات السياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل اتسع مجالها كثيراً خاصة في أعقاب نصر أكتوبر 1973، بحيث لم تقتصر على الاهتمام بقضية الصراع العربي – الإسرائيلي، لكن امتد نطاقها ليشمل مصالح الدولتَين في أفريقيا، وآسيا، وأحياناً في أوروبا.