إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية









المبحث الثالث

ثانياً: التأثير اليهودي على صنع القرار السياسي الأمريكي لمصلحة إسرائيل

على الرغم من أن مواطني الولايات المتحدة الأمريكية من اليهود، لا تتعدى نسبتهم 3% من إجمالي السكان، إلا أن تأثير هذه النسبة على صنع القرار الأمريكي ذات قوة توجيه فعالة لصنع القرارات لمصلحة إسرائيل.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أنه يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية حالياً أكثر من ثلاثمائة منظمة يهودية قومية، وعدد لا حصر له من المنظمات الفرعية، ولا شيء يجمع بينها سوى الحفاظ على "صوت يهودي واحد" يصب في النهاية في مصلحة خدمة الأهداف العليا لليهود بشكل عام، وأهداف وطموحات إسرائيل بشكل خاص.

وهذه المنظمات لا تستند إلى قوة المال التي يوفرها أثرياء اليهود فقط، ولكن يمتد نفوذها إلى كلّ وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، حيث تُعَدّ علاقة اليهود بالميديا الإعلامية في الولايات المتحدة الأمريكية من أعقد وأغرب العلاقات، ويُعَدّ لافتاً للنظر أن أكثر من 25% من عدد العاملين في مختلف وسائل الإعلام الأمريكية الضخمة التي يطلق عليها "إعلام الصفوة"، هم من اليهود الذين يسيطرون تماماً على وظائف المحررين والكتاب ومنتجي البرامج في الشبكات الإخبارية.

ومنذ نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات، بدأ اليهود ينتقلون بقدرتهم السياسية إلى بعد ثالث، وهو التسلل إلى قلب منطقة صناعة القرار سواء في البيت الأبيض أو الخارجية الأمريكية والبنتاجون، وأكبر مثال على ذلك، فإن إدارة الرئيس كلينتون (1992 – 2000) كانت تضم أربعة وزراء من اليهود (الخارجية – الدفاع – الزراعة – المالية).

وكان هناك خمس وخمسون وظيفة رئيسية يشغلها يهود، منها (مستشار الأمن القومي – رئيس الاستخبارات المركزية- رئيس البنك المركزي)، وكان هناك ثلاثة عشر مستشاراً ومساعداً في البيت الأبيض (منهم دينيس روث، مبعوث الولايات المتحدة الأمريكية للشرق الأوسط)، كذلك كان هناك أربعة وأربعون سفيراً للولايات المتحدة الأمريكية في أرجاء العالم من اليهود (منهم سفير الولايات المتحدة الأمريكية في القاهرة) ، كذلك هناك ثلاثة وثلاثون عضواً في مجلس النواب، وإثنا عشر عضواً في مجلس الشيوخ من اليهود. وطبقاً للإحصائيات، فإن يهود الولايات المتحدة الأمريكية على مدى135 عاماً، وحتى منتصف السبعينيات لم يدخل مجلس النواب سوى 92 نائباً يهودياً أيْ بنسبة 0.98%، بينما لم يكتسب عضوية مجلس الشيوخ سوى 12 شيخاً يهودياً، بنسبة 0.7%، ولم يتولَّ رئاسة بلدية نيويورك أيّ يهودي، وهي أكبر مدينة يهودية في العالم، إلا منذ عام 1974، حينما تولى إبراهام ييم. أمّا الكونجرس المنتهي عام 1984، فقد ضم ثمانية أعضاء يهود في مجلس الشيوخ من أصل مائة عضو، وثلاثون عضواً في مجلس النواب من أصل أربعمائة وخمسة وثلاثين.

وكانت تعليمات اللوبي اليهودي لشاغلي المناصب الرفيعة، هي عدم المغامرة بترك مواقعهم مهما كانت الظروف. وبفضل هذه القدرة العجيبة التي يمتلكها هؤلاء اليهود على تفادي العواصف وتجنب المواجهات والظهور شكلياً بمظهر الولاء للولايات المتحدة الأمريكية قبل أن شئ آخر، فقد تزايد عددهم حتى أصبح لقب خبير في شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض أو وزارة الخارجية أو البنتاجون رهناً باسم "يهودي" في أغلب الأحوال.

في الوقت نفسه، فإن اليهود في الكونجرس، شكلوا أحد أهم أركان النفوذ لآلة القوة اليهودية، حيث شكلوا جبهة واحدة مهمتها الأساسية الدفاع عن المصالح الإسرائيلية، وتفعيل ضغط مستمر على الإدارة الأمريكية لزيادة المعونات المقدمة لإسرائيل، وإفشال أيّ محاولة ضغط سياسي على إسرائيل إزاء أيّ قضية. وقد امتد هذا النفوذ وتعاظم في عهد الرئيس بوش "الابن"، بحيث بات هذا اللوبي داخل الكونجرس يشار إليه همساً " بأنه مجلس تشريعي داخل المجلس التشريعي".

وخلف التجمعات اليهودية ومؤسساتها يقف يهود وول ستريت، ويهود هوليوود، بصفتهم أكبر تجمع لأثرياء اليهود في العالم، حيث يتكفلوا بالنصيب الأكبر من مسؤولية توفير التبرعات اللازمة للانتخابات سواء كانت انتخابات الكونجرس أو الانتخابات الرئاسية، بعد أن يقرر اللوبي اسم الشخص الذي يراهن عليه ويسانده مادياً ومعنوياً (وفي أغلب الأحيان تكون أموال اليهود وأصواتهم لمصلحة مرشح الرئاسة الديموقراطي).

ثالثاً: إيباك وصنع القرار السياسي لمصلحة إسرائيل

تمثل منظمة "إيباك" أقوى مجموعات الضغط في واشنطن، وهي معروفة بإعدادها للوائح سوداء تضم المسؤولين الأمريكيين الذين تَعُدُّهم غير أصدقاء لإسرائيل، ثم تتولى بالعمل على إسقاطهم في الانتخابات، في حين يُبَلَّغ المرشحون الآخرون أنهم سيفقدون الدعم المالي، الدعم الانتخابي اليهودي، فيما لو لم تضم برامجهم الانتخابية التأييد المطلق لإسرائيل.

وهذه المنظمة تضم نحو خمسة وخمسين ألف عضو، ينتظمون في نحو ثلاثين منظمة فرعية/ تجمع يهودي، وتنتشر داخل الولايات المتحدة الأمريكية، ويستحوذون على نسبة عالية من صانعي القرار الأمريكي نظراً لتغلغلهم في مراكز صنع القرار داخل الإدارة الأمريكية.

وكان دعم " إيباك" لإسرائيل في أعلى درجاته خلال العقد الأخير (عقد التسعينيات من القرن العشرين)، حيث ساعد في تأمين المساعدات المالية السنوية، وعرقلة عملية السلام للدول التي لا تعترف بإسرائيل ونظمت حملات التهجير لليهود السوفيت. وساعدت إيباك دولاً عملت على تسهيل الهجرة إلى إسرائيل مثل رومانيا، وجمعت تبرعات لدعم مشروعات البحوث والتنمية في إسرائيل، وتحملت نفقات زيارة أعضاء الكونجرس إليها، ومن ثم فتحت عدة فروع لها في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي بهذا تمارس دوراً ونشاطاً يتجاوزان ما تضطلع به السفارة الإسرائيلية في واشنطن؛ بل تَعُدّ نفسها ممثله للمصالح الإسرائيلية، وهي محسوبة على الحزب الجمهوري، على الرغم من أن العديد من قادتها يتبعون الحزب الديموقراطي، وبما يحقق لها حرية المناورة بين الحزبَين.

وعلى الرغم من ذلك، فلم تحقق "إيباك" نجاحاً مطلقاً لها في كلّ الأمور، ولكن في بعض الأحيان قوبلت بفشل ذريع، لأن توجهاتها، وتوجهات إسرائيل تعارضت مع المصالح العليا للولايات المتحدة الأمريكية من وجهة نظر الإدارة الأمريكية، والأمثلة على ذلك كثيرة:

1. فقد أخفقت في تأييد قرض بقيمة عشرة مليارات دولاراً لإسرائيل عام 1991 في عهد إسحاق شامير رئيس الوزراء الإسرائيلي، بهدف تمويل الاستيطان، بينما نجح إسحاق رابين بعد ذلك في عام 1993 في الحصول عليه.

2. فشلت أيضاً في تمرير قانون للضغط على الاتحاد السوفيتي لتسهيل هجرة اليهود في الثمانينيات.

3. فشلت في إيقاف صفقة طائرات ف – 16 لمصر، والأواكس للمملكة العربية السعودية عام 1980.

4. فشلت في تمرير قانون في الكونجرس، يقضي بانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أية منظمة عالمية تطرد إسرائيل من عضويتها، أو تقوض قبول عضويتها.

ويقول "يوسي بيلين" الوزير الإسرائيلي المعتدل في حزب العمل، إن "إيباك تساند اليمين الإسرائيلي، أكثر من القوى المعتدلة"، وليست إيباك هي الجهة الوحيدة المنوط بها تحسين العلاقات ما بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، لأن مجرد وجود إسرائيل على الساحة يقوي يهود الخارج، ويمدهم بمزيد من الأمان للعيش خارج الدولة اليهودية، لأن يقينهم يتحدد في أن هناك وطناً ثانياً لهم يجعلهم غير متعجلين بالهجرة إلى إسرائيل، والتي ستبقي موجودة لاستقبالهم في أيّ وقت.

فهم ينظرون إليها على أنها وطن أصلي هاجروا منه، وسوف يعودون إليه، وعلى ذلك فبدلاً من أن تعمل إسرائيل لتكون قطباً جاذباً لليهود في العالم، فقد عملت على تطبيع حياة اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها، وعلى سبيل المثال، فإن أربعة وسبعين في المائة من يهود الولايات المتحدة الأمريكية، لم يزوروا إسرائيل، وإن عدم تحقيق السلام والأصولية المطردة في المجتمع الإسرائيلي يقفان حجر عثرة في طريق بناء علاقات متوازنة مع يهود الشتات، فضلاً عن استمرار الجدل حول تعريف اليهودي والتي تؤدي إلى إبعاد الكثير من اليهود عن إسرائيل، وعن الديانة اليهودية نفسها.

رابعاً: دور إسرائيل في انتخابات الرئاسة الأمريكية

تسهم إسرائيل بدور في انتخابات الرئاسة الأمريكية من خلال المنظمات اليهودية الأمريكية وتأثيرها على أصوات اليهود الأمريكيين في منحها أو حجبها عن أحد المرشحين طبقاً لما تراه إسرائيل في مصلحتها.

وتعكس بعض تصريحات الرؤساء الأمريكيين، مدى اهتمامها بالحصول على الصوت اليهودي في انتخاباتهم وكيف يستغل اللوبي الصهيوني ذلك الأمر في فرض مطالبه ورؤيته على الرؤساء الأمريكيين؛ وعلى سبيل المثال:

1. عام 1946، صرح الرئيس ترومان أمام مجموعة من الدبلوماسيين:" آسف أيها السادة، فعليّ أن أستجيب لمئات الآلاف من الناس الذين ينتظرون فوز الصهيونية، وليس لدي آلاف العرب من بين ناخبي".

2. ويشهد رئيس الوزراء البريطاني كليمنت أتلي على ذلك بقوله: "إن السياسة الأمريكية في فلسطين يشكلها الصوت الانتخابي اليهودي، والإعانات المقدمة من العديد من الشركات اليهودية الكبرى".

3. وفي انتخابات عام 1960، فإن السيناتور جون كيندى: "John Kennedy" لم يبدِ حماساً لأصوات اليهود، ولكن الرابطة اليهودية استطاعت أن تبين له أن موقف أيزنهاور في مسألة السويس كان سيئاً لأنه أجبر إسرائيل على الانسحاب من سيناء عام 1956، بينما كان ترومان يسير في الطريق الصحيح. وأخذ كيندي بهذه النصيحة عندما اختير مرشحاً للحزب الديموقراطي، وحصل على نصف مليون دولار لحملته الانتخابية من اليهود، وعلى ثمانين في المائة من أصوات الناخبين اليهود، ومن ثم فقد عين رئيس مؤتمر الرابطات اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية مستشاراً له.

وفي أول مقابلة له مع ديفيد بن جوريون "David Ben-Gurion" في فندق وولدورف أستوريا، في نيويورك في ربيع 1961، قال له كنيدي: "أعرف تماماً أنني انتخبت بفضل أصوات اليهود الأمريكيين وأنا أدين لهم بانتخابي .. قل لي ماذا عليّ أن أفعله من أجل الشعب اليهودي؟".

4. وعندما تولى ليندون جونسون :"Lyndon Johnson" رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بعد جون كيندي، كتب أحد الدبلوماسيين الإسرائيليين:"إن جونسون هو أفضل صديق عرفته الدولة اليهودية في البيت الأبيض"... فقد ساند جونسون إسرائيل في حرب الأيام الستة، ومنذ ذلك التاريخ، فقد دافع تسعة وتسعون في المائة من اليهود الأمريكيين عن الصهيونية الإسرائيلية، وتصاعد شعار: "أن تكون يهودياً فيجب أن تكون مرتبطاً بإسرائيل".

5. في عام 1969، عندما زارت جولدا مائير "Golda Meir" الولايات المتحدة الأمريكية، فقد شبهها الرئيس ريتشارد نيكسون "Richard Nixon" بأنها "ديبورا التوراتية"، وكال لها المديح على ازدهار إسرائيل. كما سلم نيكسون لإسرائيل خمساً وأربعين طائرة فانتوم إضافية إلى جانب ثمانين مقاتلة "سكاي هوك".

6. وفي أعقاب هزيمة إسرائيل عام 1973، فقد أحرز اللوبي اليهودي في الكونجرس نصراً كبيراً بإقراره بالتعجيل بتسليح إسرائيل بصفقة قيمتها تزيد عن مليارَي دولار بحجة مكافحة اللوبي العربي المنافس، وأضيفت أموال البنوك اليهودية في وول ستريت إلى المعونة الحكومية.

7. وعندما تولى الرئيس كارتر الحكم كان أول كلماته هي: "إن بقاء إسرائيل على قيد الحياة لا ينهض على السياسة، ولكنه واجب أخلاقي". وكان كارتر قد حصل في انتخاباته على ثمانية وستين في المائة من أصوات اليهود. وفي عام 1980، لم يحصل إلا على خمسة وأربعين في المائة فقط، لأنه باع صفقة طائرات إف – 16 لمصر، وطائرات أواكس للمملكة العربية السعودية.

8. وكان رونالد ريجان "Ronald Reagan" سباقاً على مكافأة اليهود على انتخابه، حيث خصص ستمائة مليون دولار من الائتمانات العسكرية لإسرائيل.

9. ثم جاء الرئيس بوش الذي أغدق على إسرائيل، ومن بعده الرئيس كلينتون الذي ارتدي "قبعة اليهود"، وقرر مكافأة إسرائيل فيما لو وقعت على اتفاق مع الفلسطينيين في كامب ديفيد عام 2000بحصولها على 35 مليار دولار.

10. أما الرئيس بوش "الابن"، فقد وضع كلّ إمكانيات الولايات المتحدة الأمريكية في مصلحة إسرائيل، على حساب أيّ شيء.

خامساً: دور وتأثير الرأي العام الأمريكي في تأييد إسرائيل

إذا كان التأثير الإيجابي على صنع قرار السياسة الخارجية الأمريكية في مصلحة إسرائيل، هو أساساً من جانب جماعات النخبة الحاكمة، فإن الشعب الأمريكي يمارس نوعاً من التأثير على مثل هذه القرارات عن طريق الرأي العام. وعلى هذا الأساس يمكن رصد ثلاث قضايا تكتسب دلالة بارزة في قياس اتجاهات الرأي العام الأمريكي نحو سياسة دولته تجاه إسرائيل، وهي:

1. الرأي العام باستمرار يؤيد إسرائيل على طول سنوات عمرها منذ إنشائها، وتصاعد هذا التأييد وظل ثابتاً منذ عام 1967، وهو يساوي خمسة أضعاف مساندة الأمريكيين للعرب، ولم يقتصر التأييد على إسرائيل الدولة فقط، بل شمل قادة إسرائيل أيضاً.

2. أن اتجاهات الرأي العام الأمريكي تتحدد في:

أ. تبني وجهة النظر الإسرائيلية فيما يتعلق بالانسحاب من الأراضي المحتلة.

ب. الانحياز مع السياسة الإسرائيلية فيما يتعلق بحل أزمة الشرق الأوسط.

ج. تقدير القادة الإسرائيليين والإشادة بهم.

3. الرأي العام الأمريكي غالباً ما يلقي اللوم على العرب عند تصاعد أيّ أزمة أو صراع، حتى لو كانت إسرائيل هي المعتدية، ولكن يسقط دائماً إدراك وجود إسرائيل بصفتها دولة معتدية أو مغتصبة، ويبرئ ساحتها تماماً بحجة الدفاع عن النفس، مع إنكاره أيّ حقوق عربية للدفاع عن النفس في مواجهة إسرائيل.

4. هناك صورة عامة رسخت في الإدراك الأمريكي، وهي "أن إسرائيل حولت الصحراء إلى جنة، وأن الإسرائيلي شجاع ويتمتع بحيوية بالغة، وهو ليبرالي التفكير أيضاً، والمرأة الإسرائيلية متحررة وشجاعة وتعمل على الدبابة والجرار، وترقص وتجمع البرتقال في حيفا، وتمسك السلاح باليد الأخرى".

5. وعلى النقيض كانت رؤية الأمريكيين للعرب.

6. وعلى هذا فإن هناك تطابقاً ما بين النخبة الحاكمة والشعب الأمريكي تصب في مصلحة إسرائيل.

سادساً: مكانة إسرائيل والشرق الأوسط في برنامجَي الحزبَين الديموقراطي والجمهوري

هناك إجماع في برنامجَي الحزبَين على بقاء وأمن إسرائيل، بينما تختلف التوجهات نحو القضايا الأخرى في المنطقة، وتتحدد وجهة نظر الحزبَين كالآتي:

1. هدف الحزب

الجمهوري: تحقيق سلام عادل ودائم بالنسبة للصراع العربي ـ الإسرائيلي.

الديموقراطي: إقرار السلام في الشرق الأوسط هو أحد الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية للحزب.

2. الالتزام بتأييد إسرائيل

الجمهوري: سيادة إسرائيل وأمنها ووحدتها تشكل التزاماً أدبياً يخدم المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، والحزب الجمهوري يؤكد باستمرار التزامه الأساسي والدائم بهذا المبدأ.

الديموقراطي: الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل هو أساس كلّ الجهود التي بذلتها حكومات الحزب الديموقراطي في الشرق الأوسط.. ويجب دعم أمن إسرائيل بالاستمرار في تزويدها بالمساعدات اقتصادياً وعسكرياً؛ وفي الوقت نفسه عدم تزويد أعداء إسرائيل المحتملين بالأسلحة الهجومية المتطورة التي يمكن أن تهدد أمن إسرائيل.

3. الموقف من السلام في الشرق الأوسط

الجمهوري: حكومات الحزب الجمهوري تعمل باستمرار على تشجيع عملية السلام القائمة في المنطقة، وستعمل على توسيع نطاقها والترحيب بالأقطار العربية التي تريد أن تعيش في سلام مع إسرائيل.

الديموقراطي: أمكن تخطي العديد من العقبات التي تعوق تقدم السلام خلال مراحل حكم الإدارات الديموقراطية المختلفة، ولقد بذلت الولايات المتحدة الأمريكية جهوداً مسترشدة بمصالح الأمن القومي الأمريكي وبالعوامل الأخلاقية التي تدعو إلى إحلال السلام محل الحرب.

4. الموقف من الأقطار العربية

الجمهوري: العمل على إيجاد علاقات وثيقة مع الأقطار العربية المعتدلة.

الديموقراطي: تحسين العلاقات الأمريكية مع الأقطار العربية المعتدلة.

5. وهناك ظاهرة مهمة تحدد التحالف ما بين الحزبَين في علاقاتهما مع القوى الصهيونية والتي تنعكس بدورها على العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية. فالحزب الجمهوري يستقطب اليمين الصهيوني بصفة عامة، بينما الحزب الديموقراطي يستقطب الليبرالية الصهيونية، وبفضل هذا الاستقطاب يمكن القول أن الصراع الحقيقي داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخصوصاً حول سياسات تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي، يدور بين اليمين الصهيوني والليبرالية الصهيونية؛ إذ إن الأمريكيين غير اليهود، رسخ في عقيدتهم أن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، هي أمر يخص الجالية اليهودية بمختلف أقسامها ولا يستطيع سياسي، حتى لو كان رئيس الولايات المتحدة أن يخوض صراعاً مع أيّ طرف صهيوني بنفسه في هذا المجال، بل عليه أن يعبر عن مواقفه بتفويض أحد أطراف اللعبة السياسية الصهيونية لتولي هذا الأمر؛ ومن هنا يظهر الدهاء السياسي للرئيس السابق كلينتون في أنه وظف الليبرالية الصهيونية في خوض الصراع لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليمين الصهيوني، وهذا ما يفسر توسعه في توظيف الليبراليين اليهود في السلك السياسي والإدارة الأمريكية.

وفي المقابل، فإن سياسة الرئيس بوش الابن نحو الصراع العربي – الإسرائيلي تنعكس بدورها في التوسع في تعيين المتطرفين الصهاينة في وظائف هامة في الإدارة الأمريكية، حيث يستطيع من يشغل هذه الوظائف أن ينقل ثقل الولايات المتحدة الأمريكية وأهدافها إلى قلب السياسة الإسرائيلية، وبما يحقق المصلحة الأمريكية.

سابعاً: أوجه التميز في العلاقات السياسية الإسرائيلية ـ الأمريكية

هناك العديد من أوجه التميز في العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، انطلاقاً من توصيفها حليفاً إستراتيجياً رئيسياً في الشرق الأوسط، وهذا التميز في العلاقات يتضح من الآتي:

1. التنسيق الشامل في جميع المجالات، وبما يحقق لإسرائيل الحصول على معظم ما تريد في أيّ وقت. وهناك تنسيق على المستوى السياسي والإستراتيجي بموجب اتفاقية التعاون الموقعة بين الدولتَين عام 1988 حيث شكلت اللجنة السياسية – العسكرية المشتركة "GPMG" ومجموعة التخطيط للمساعدات الأمنية المشتركة "GSAPG"، ومن خلال هاتَين اللجنتَين، اللتَين تعقدان اجتماعاتهما الدورية كلّ ستة شهور، يتم تنسيق المواقف السياسية، والأهداف الإستراتيجية، وتوزيع الأدوار من أجل تحقيق المصالح وتأكيد تأثير إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط.

2. تمنح الولايات المتحدة الحق لأيّ مسؤول إسرائيلي لعرض موقف بلده العام أو تجاه موقف محدد في الولايات المتحدة بمختلف مؤسساتها في أيّ وقت. وتتولى المنظمات اليهودية الأمريكية دعم موقف إسرائيل بصفة مطلقة تقريباً لتحصل على ما تريد.

3. تُعَدّ إسرائيل إحدى الدول القليلة، التي تستطلع الإدارة الأمريكية وجهة نظرها في الأحداث السائدة وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط. وعلى هذا، فإن زيارة أيّ مسؤول أمريكي لمنطقة الشرق الأوسط لا بد أن تكون إسرائيل مدرجة في جدولها. كذلك فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي هو المسؤول الأجنبي الوحيد الذي تستقبله الإدارة الأمريكية، ويجتمع به الرئيس الأمريكي أكثر من لقاءَين في العام الواحد، حيث بلغت زيارات رئيس الوزراء الإسرائيلي أريل شارون منذ انتخابه في فبراير 2001 وحتى نهاية عام 2002 ست زيارات.

4. من الظواهر الفريدة في العلوم السياسية تحوُّل حركة عنصرية يتبناها 3% من شعب دولة كبرى إلى داعم رئيسي لدولة ناشئة، حيث إن الحركة الصهيونية وفي مقدمتها مؤتمر المنظمات الصهيونية كانت تدير شؤونها من إسرائيل، منذ بداية نشأتها بفضل الدور البارز الذي اضطلع به بن جوريون في تأسيس إسرائيل، ونقل ثقل الحركة الصهيونية إليها. ولكن بروز القطب الأحادي القوة، في عقد التسعينيات، حمل الحركة الصهيونية على التحول بدورها من إسرائيل إلى قلب الولايات المتحدة الأمريكية من خلال المنظمات اليهودية الأمريكية، بحيث أصبح المسار السياسي في إسرائيل متعلقاً بالمسار السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وأصبحت المصالح الأمريكية مرتبطة في جزء منها بإسرائيل وخاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط. وهذه الازدواجية في المصالح أدت إلى دعم إسرائيل وتأكيد نمو قدرتها في المجالات المختلفة.

5. من الظواهر الفريدة أيضاً، أن التشدد الذي تبديه  بعض المنظمات الصهيونية الأمريكية ذات النفوذ، والتي تتبنى سياسات ومواقف اليمين الإسرائيلي المتشدد وتنتهز الفرص لدعم هذا اليمين، قد حقق انتصارات كبيرة على الصهيونية الليبرالية المعتدلة داخل الولايات المتحدة الأمريكية والتي تؤمن بالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، وضرورة تحقيق سلام في الشرق الأوسط. ولكن اليمين المتشدد وهو الأعلى صوتاً والأفضل تنظيماً تمكن من التأثير على الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس بوش الابن، وتلاقت وجهات نظرهما في توجه السياسية الأمريكية لمصلحة إسرائيل في معظم الأوقات.

6. هناك اتفاق غير معلن في أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المدافع الرئيسي عن وجهة النظر الإسرائيلية في المنظمات الدولية، وهي التي تبذل كلّ الجهد للاتفاق على قرار لمصلحة إسرائيل، وعند فشل ذلك فإنها تستخدم حقوق النقد "الفيتو"؛ وتشير معدلات استخدام الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن إلى نحو 80% كان لمصلحة إسرائيل وتأييد سياستها في المنطقة.

7. منذ تولي الحزب الجمهوري الحكم في 20 يناير 2001، والتنسيق السياسي الإسرائيلي ـ الأمريكي يتصاعد عما كان عليه في السابق، وكان لذلك أسبابه التي تنحصر في الآتي:

أ. تجربة الرئيس الأمريكي السابق كلينتون في تحقيق السلام في الشرق الأوسط من خلال توقيع اتفاقيات سلام بين إسرائيل وكلّ من سورية والفلسطينيين، والتي لم تتحقق، وأعطت انطباعاً لدى إدارة بوش أن الرئيس كلينتون أضاع جهداً كبيراً في هذا المجال كان يمكن أن يسخر لخدمة الشعب الأمريكي. لذلك فإن تكرار التجربة بواسطة الرئيس بوش الابن لن تجدي من يتبناها، وعلى العكس من ذلك فإن اللوبي الصهيوني ألمح كثيراً أن إسرائيل فعلت كلّ شيء، وأقدمت على تنازلات مريرة ولكن الأطراف العربية هي التي كانت ترفض باستمرار؛ وعلى الرغم من أن هذه المقولة خاطئة، إلا أنها استقرت في وجدان الإدارة الجديدة برئاسة بوش، وبالتالي ترجمت إلى دعم سياسي لإسرائيل.

ب.   عندما وضعت إدارة الرئيس بوش خطة عملها، فإن مشكلة الشرق الأوسط لم تكن ضمن أولويات حساباتها وكان هناك اهتمامات للإدارة الأمريكية تتقدم كثيراً عنها، واستندت في ذلك إلى أن هناك استقراراً في الشرق الأوسط، وأن أمن إسرائيل محقق ولا يوجد تهديد مباشر لها، كما أن التعاون ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الفاعلة في الشرق الأوسط مستقر. وقد أدى ذلك إلى توجه إسرائيل إلى الولايات المتحدة من أجل دعم دورها في استقرار المنطقة لتحقيق المصالح الأمريكية.

ج. كان هدف الرئيس بوش الابن في بداية توليه السلطة، هو إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية، لذلك. فقد حرص منذ اللحظة الأولى لاستقطاب أصوات اليهود الأمريكيين، الذين سبق أن أعطوا أصواتهم لمرشح الحزب الديموقراطي، وحتى يضمنها كلّها في انتخابات عام 2004، ويعني ذلك أن يكون توجه التنسيق السياسي مع إسرائيل في مقدمة أولويات الرئيس.

د. ساعد على كلّ ذلك أن أوراق الضغط العربي على الولايات المتحدة الأمريكية خفيفة للغاية، ولا يوجد لوبي عربي داخل الولايات المتحدة الأمريكية يحقق فعالية لتكوين رأي عام لمصلحة العرب.

8. كانت أحداث 11 سبتمبر 2001 هي الداعم الرئيسي للتنسيق السياسي بصورته الجديدة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. وأدى ذلك إلى بزوغ سياسات تهدف إلى تحقيق ميزات لإسرائيل على حساب العرب، ومنها:

أ. تبنت الولايات المتحدة الأمريكية وجهة النظر الإسرائيلية فيما يتعلق بمسيرة السلام الإسرائيلية – الفلسطينية والتي تتحدد في أن نشوء دولة فلسطينية لها مقومات وصفة الدولة سيؤثر مباشرة على أمن إسرائيل، لذلك يجب تقليص القدرات الفلسطينية قبل الشروع في إعلانها. وتغاضت الولايات المتحدة عن كلّ الاتفاقيات التي وقعت تحت إشرافها ما بين الفلسطينيين وإسرائيل، وهذا يُعد خرقاً للاتفاقيات الدولية.

ب. تبنت الولايات المتحدة الأمريكية وجهة النظر الإسرائيلية – ولا تزال في أن ما تتخذه لتدمير البنية التحتية الفلسطينية، هو من قبيل مشاركتها في الحرب ضد الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة وتذرعت الأخيرة في ذلك بمقولة أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، دون التفرقة ما بين الإرهاب ومشروعية الدفاع عن النفس.

وقد أدى ذلك إلى ردود فعل عكسية انعكست آثارها على مصداقية الولايات المتحدة الأمريكية لدى العرب.