إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية









المبحث السابع

ثالثاً: اتفاقيات التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي

تعددت اتفاقيات التعاون الإسرائيلي ـ الأمريكي في المجال العسكري والأمني حتى تجاوزت الخمس وعشرين اتفاقية، وكلّها تصب في مصلحة إسرائيل، لأجل زيادة قدرتها العسكرية وإدخال التكنولوجيات المتقدمة في الآلة العسكرية ونظم التسليح الإسرائيلي، وبما يضمن تحقيق تفوقها على الدول العربية المحيطة بها، على الأقل.

1. التعاون ما قبل حرب أكتوبر 1973

أ . انهال الدعم العسكري الأمريكي على إسرائيل مع بداية تولي الرئيس جونسون الحكم في نوفمبر 1963، من خلال الضغط على ألمانيا الاتحادية لتسريب صفقة أسلحة إلى إسرائيل، هي معونة عسكرية لا تعلن.

ب. في مرحلة الاستعداد لحرب يونيه 1967، تولت المخابرات المركزية الأمريكية التعاقد على صفقات أسلحة لدعم إسرائيل، إلى جانب تولي الإدارة الأمريكية تقييد الحركة المصرية من أجل توجيه الضربة الأولى الإسرائيلية.

ج. يرجع تاريخ أول اتفاقية في هذا المجال، إلى عام 1967، عندما قررت إدارة الرئيس جونسون مكافأة إسرائيل على نصرها في حرب يونيه 1967، ووقعت معها مذكرة تفاهم للتعاون في مجال البحث العلمي والتطوير وتسويق التسليح الإسرائيلي للولايات المتحدة الأمريكية. وقد كانت هناك رغبة إسرائيلية في تصعيد قدرتها على الاكتفاء الذاتي، بينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية تستهدف تعرُّف على تكنولوجيات الأسلحة الشرقية التي استولت عليها إسرائيل خلال الحرب، بمعنى أن الاتفاقية تناولت مصالح مشتركة.

2. التعاون العسكري من أكتوبر 1973، وحتى عام 1980

أ . شكل الجسر الجوي الأمريكي الذي حمل 28 ألف طن من الأسلحة والمعدات الأمريكية الحديثة لإسرائيل، أثناء القتال بينها وبين القوات المصرية والسورية، والذي تبعه جسر بحري نقل 33.210 ألف طن أخرى من الأسلحة والمعدات، دعماً رئيسياً لإسرائيل مكنها من الصمود، المبادرة إلى الهجوم المضاد من أجل تحقيق توازن في حرب أكتوبر على جبهة القتال.

ب. فيما بعد حرب أكتوبر، ولتشجيع إسرائيل على عقد اتفاقيات فض الاشتباك على الجبهتَين المصرية والسورية، فقد ترجمت كلّ اتفاقية من الثلاث التي أُبرِمَت بمساعدات عسكرية لإسرائيل.

ج. وكان الاتفاق العسكري الثاني عام 1979 مكافأة لإسرائيل على توقيعها معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية في عهد الرئيس كارتر، وقد أضافت هذه الاتفاقية العديد من الميزات التكنولوجية لإسرائيل. وحصلت من خلاله على حق استخدام تكنولوجيات أمريكية متقدمة إلى جانب المشاركة في البحوث العسكرية الخاصة بالتطوير.

3. التعاون العسكري في عقد الثمانينيات

أ . زاد الدعم الأمريكي في عهد الرئيس ريجان لإسرائيل نتيجة لدعمها بعد توقيع اتفاقية السلام مع مصر، إلى جانب زيادة الاعتماد عليها في المنطقة نتيجة لسوء العلاقات الأمريكية – الإيرانية. وقد استخدمت إسرائيل في مهمة طرف ثالث لتسويق السلاح الأمريكي لإيران "قضية إيران جيت" بهدف تحقيق توازن بينها وبين العراق، وبما يحقق استمرار الحرب وزيادة خسائر الطرفَين العراقي والإيراني.

ب. التحالف الرسمي الموثق ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل جاء في عهد الرئيس ريجان حيث وقعت العديد من الاتفاقيات كانت أولاها عام1981، والتي عدلت عام 1983 بميزات أكثر لإسرائيل في مجال تبادل المعلومات وتعميق الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وإمداد إسرائيل بتكنولوجيا حديثة وخصوصاً في مجال الليزر. ثم كان اتفاق عام 1984، للتعاون في مجال الطب العسكري – والتخطيط الأمني المشترك والتدريبات المشتركة في البحر المتوسط وفي صحراء النقب. ثم وقعت اتفاقية عام 1986 وعُدَّت نقلة هائلة لإسرائيل، حيث أتاحت لها هذه الاتفاقية المشاركة الرسمية في مبادرة الدفاع الإستراتيجي الأمريكي والذي كان يعرف ببرنامج حرب النجوم والذي تطور فيما بعد ذلك ليعرف باسم الدرع الصاروخي، أو نظام الدفاع الإستراتيجي وهو برنامج يجمع ميزات تدمير الصواريخ الباليستية التي تنطلق من أراضٍ معادية، إلى جانب حرب المعلومات فيما يخص تدمير الأقمار الصناعية المعادية. وقد حصلت إسرائيل بموجب هذه الاتفاقية على العديد من التكنولوجيات المتقدمة للغاية، منها نظام "THAAD" المستخدم في الصواريخ المضادة للصواريخ الأمريكية ومن خلاله شرعت إسرائيل بمشاركة أمريكية في تصنيع النظام الصاروخي المضاد للصواريخ "حيتس" وتمكنت من نشر بطاريتَين داخل إسرائيل وتعمل على إنشاء ونشر البطارية الثالثة خلال عام 2003. كما تشرع في تسويقه لدول صديقة لها مثل الهند، وقد تحملت الولايات المتحدة الأمريكية نحو 80% من تكاليف هذا المشروع.

أمّا اتفاقية عام 1987، فقد أتاحت الاتفاق على مجالات البحث والتطوير والتبادل العلمي والهندسي، علاوة على الاستخبارات وعقود إصلاح وصيانة معدات "الناتو" وحق استئجار إسرائيل لأسلحة أمريكية والحصول على فائض المعدات دون مقابل، وزيادة الامتيازات للدخول في قطاع المناقصات الأمريكية.

وفي نهاية عصر ريجان لم ينسَ أن يضيف اتفاقية أخرى عام 1988 تستهدف تطوير علاقات التعاون الإستراتيجي لتشمل المجالات العسكرية، وتشكيل لجان للإشراف على هذا التعاون.

وكان لا بدّ للإدارة التالية، برئاسة الرئيس جورج بوش أن تنتهج النهج نفسه، فوقعت في بداية تسلمها السلطة عام 1989، اتفاقية تبادل واستعادة الأسلحة والمعدات دون مقابل لأغراض البحث والتطوير.

4. التعاون العسكري في عقد التسعينيات

أ . بدأ عقد التسعينيات باشتعال الأزمة العراقية – الكويتية، والتي انعكست آثارها على إسرائيل نتيجة تهديد الرئيس صدام حسين بأن بقدرة العراق حرق نصف إسرائيل. واستغلت إسرائيل هذا التهديد لكي تحصل على أكبر قدر من المعونات. وشاركت إسرائيل في الأزمة بإعلان ديفيد ليفي وزير الخارجية الإسرائيلي وقتها "أن أيّ هجوم عراقي على إسرائيل سيُعَدّ إعلاناً بالحرب وسيستدعي عقاباً مروعاً. وقد أدى هذا الإعلان إلى إسراع الولايات المتحدة الأمريكية لحث إسرائيل على عدم المشاركة حتى لا تخسر واشنطن تحالفها الذي نجحت في تجميعه ضد العراق. وقد ترجم ذلك إلى مزيد من المساعدات العسكرية في مجال المعلومات، والإمداد ببطاريات صواريخ باتريوت وصفقات تسليح وخاصة في مجال القوات الجوية.

ب. في أعقاب مؤتمر صانعي السلام في شرم الشيخ في 13 مارس 1996، وتصاعد الموقف على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، حيث ارتكبت إسرائيل مذبحة قانا، وفي محاولة لتعزيز موقفه الانتخابي، نجح شيمون بيريز رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق في توقيع اتفاقية تعاون عسكري في 28 أبريل 1996، تقضي بتعميق مجالات التعاون العسكري، والحفاظ على التفوق الإستراتيجى. ومن خلالها حصلت إسرائيل على نظام ثيل THELLالمتقدم، والاتفاق على المشاركة في الأبحاث الأمريكية لإنشاء نظام نيوتيلس"Neutelas" وهو النظام المضاد للصواريخ قصيرة المدى "الكاتيوشا" التي استخدمها حزب الله في قصف المناطق الشمالية لإسرائيل في أبريل 1996، حتى تصبح إسرائيل قادرة على حماية المدن الشمالية من هذه الصواريخ. وقد تحملت الولايات المتحدة الأمريكية تكاليف المشروع بالكامل. ونشرت إسرائيل عدة بطاريات من هذه الصواريخ منذ عام 1999. ونظام الليزر "Thell" نظام متعدد الاستخدام، ونجحت إسرائيل في تطويع استخداماته المختلفة لخدمة أنظمتها العسكرية المتعددة. والتي لم تعلنها. وتضمنت اتفاقية عام 1996 أيضاً توسيع علاقات التعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب – وفتح مخازن القوات الأمريكية لإسرائيل في وقت الطوارئ.

ج. اتفاقية التعاون عام 1998

وقد وقعت تلك الاتفاقية لتشجيع رئيس الوزراء الإسرائيلي "نيتانياهو" على إحياء مسيرة السلام على المسارَين السوري والفلسطيني، وتوقيع اتفاقية" الخليل" لإعادة نشر القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وقد شملت هذه الاتفاقية تطوير أسس التعاون العسكري المشترك، وزيادة الدعم الأمريكي في مجال الأسلحة والمعدات والمعلومات، وربطها بشبكة الإنذار الأمريكية المضادة للصواريخ الباليستية وأسلحة الدمار الشامل.

د . اتفاقية التعاون عام 2000

وهذه الاتفاقية وقعها "إيهود باراك" مكافأة له لتوجهه نحو السلام. وقد تحددت هذه الاتفاقية لدعم خطة تطوير القوات المسلحة الإسرائيلية حتى عام 2010. وتشمل الإمداد بنظم تسليح حديثة وخصوصاً في مجالات القوات الجوية، إلى جانب تعميق الصناعات العسكرية الإسرائيلية في المجالات الإلكترونية، وإذكاء الأسلحة.

رابعاً: انعكاسات التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي على التوازن في المنطقة

أدى التعاون العسكري بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في المجالات المختلفة إلى تحقيق إسرائيل تفوقاً ملموساً في جميع نواحي الدفاع على الدول الرئيسية في المنطقة. وترى الدول العربية، أن الولايات المتحدة الأمريكية ساعدت إسرائيل على تحقيق ذلك من خلال ازدواجية التطبيق لقضايا ضبط التسلح، حيث تحظر أسلحة بعينها على الدول العربية بينما تغالي في مساعدة إسرائيل بأنواع حديثة من نظم التسليح؛ وهدفها من ذلك هو حصول إسرائيل على التفوق المطلق على دول المنطقة. وهناك العديد من مجالات التفوق العسكري التي حققتها الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، منها:

1. المساعدات العسكرية في مجال الإنفاق العسكري

تحرص الولايات المتحدة الأمريكية على تخصيص أكبر جزء من مساعداتها لإسرائيل في المجال العسكري، إلى جانب تحمل الولايات المتحدة الأمريكية تكاليف اتفاقيات السلام عند توقيعها، والإجراءات الأمنية في المنطقة التي تقدر بمليارات الدولارات.

وترى الولايات المتحدة الأمريكية أن هدف تلك المساعدات يتفرع إلى شقَّين:

أ . عسكري ويستهدف حماية المصالح والأهداف الأمريكية التي تخدمها إسرائيل من خلال تفوق عسكري مطلق.

ب. سياسي ويستهدف:

(1) تطلعات الولايات المتحدة الأمريكية للشرق الأوسط الجديد والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتلك المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل استقطاب دول المنطقة واحتوائها.

(2) استقطاب جماعات الضغط والمنظمات السياسية اليهودية داخل الولايات المتحدة الأمريكية والتي تؤثر على السياسة الأمريكية بشكل كبير.

وإسرائيل ليست هي الدولة الوحيدة التي تتلقى مساعدات عسكرية، فهناك مصر تتلقى مساعدات تقدر بنحو مليار ز200 مليون دولار، والأردن يتلقى نحو 225 مليون دولار، إلا أن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر والأردن محصورة في نطاق برامج محددة من الإدارة الأمريكية تحرص فيها على عدم إيجاد أيّ مجال تفوق على إسرائيل، بينما المساعدات الإسرائيلية مفتوحة على مصراعَيها لإحداث هذا التفوق.

وكانت انعكاسات حجم المساعدات في مجال الإنفاق العسكري كالآتي:

أ . أمكن إسرائيل الحصول على صفقات تسليح ضخمة وذات تكنولوجيات عالية بأسعار متميزة، وبما حقق تخفيضاً في النفقات العسكرية في الميزانية الإسرائيلية.

ب. سعت إسرائيل إلى الحصول على جزء من هذه المساعدات على هيئة نقدية سائلة، وبما حقق لها التعاقد على شراء صفقات تسليح من دول أخرى غير الولايات المتحدة الأمريكية.

ج.المعونات التي تحصل عليها إسرائيل خارج المساعدات العسكرية الرسمية، سواء كانت بصفة دورية، أو نتيجة توقيع معاهدات سلام مع أطراف عربية، تستغلها في دعم البنية العسكرية الإسرائيلية إلى جانب تطوير الصناعات العسكرية، وكلّها تحقق التفوق لإسرائيل.

د . هناك فارق كبير بين استخدام المساعدات الإسرائيلية غير المقيدة في الصرف والتي توجه لشراء كلّ ما هو حديث، وبين المساعدات للدول العربية الأخرى المقيدة بمجالات محددة في الصرف، وبالتالي فإن العائد من هذه المساعدات يفوق كثيراً العائد على الدول العربية.

هـ. من المهم أن نتعرف أن السلاح الواحد قد تختلف قدراته من دولة إلى أخرى طبقاً لتجهيزات هذا السلاح ومدى الحظر المفروض على تداول تكنولوجيات محددة. وفي دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية فإنها تراعي عدم التوازن في إمداد الدول بالسلاح الواحد، وعلى سبيل المثال فإن طائرة مثل F-16 تختلف قدراتها في إسرائيل عن قدراتها في مصر والأردن من منظور تسليحها في إسرائيل بالصاروخ "أميرام" الذي له القدرة على إصابة هدفه بدقة على مسافة عشرات الكيلومترات، كذلك الأجهزة الإليكترونية وأجهزة الاستشعار المزودة بها الطائرة، ومدى ربطها بالأقمار الصناعية، وقدرتها على التزود بالوقود في الجو، وأجهزة التسديد واكتشاف الأهداف ...

و. والمحصلة هو أن المساعدات الأمريكية في مجال الإنفاق العسكري تساعد إسرائيل جذرياً على تحقيق التفوق.

2. حجم القوات المسلحة، والقدرات العسكرية التقليدية

أ . طبقاً لمفهوم الإستراتيجيات الحديثة، فإن التفوق النوعي لنظم التسليح والقدرة البشرية على استخدامها بكفاءة تُعَدّ هي الفيصل في تحقيق التفوق في التوازنات الإقليمية والدولية. وقد خطت إسرائيل خطوات واسعة بفضل اتفاقيات التعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية لإحداث التفوق على دول المواجهة، وهو ما يشكل خطراً في التوازن الإستراتيجي بين إسرائيل وكلّ دولة عربية رئيسية في المنطقة.

ب. أدى التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي إلى الآتي:

(1) توفير نظم التسليح الحديثة للقوات الإسرائيلية، بحيث تعتمد على تشكيلات مدرعة في الأساس إلى جانب فرقة منقولة جواً.

(2) تحقق تماثل التنظيم في القوات الإسرائيلية، كما تحققت خفة الحركة وسرعة المناورة، نتيجة التوسع في استخدام الأسلحة ذاتية الحركة لتتمشى مع التشكيلات المدرعة.

(3) التوسع في استخدام التسهيلات الملاحية من خلال الأقمار الصناعية "نظام GPS" وبما يحقق نجاح المناورة العميقة، ويسمح للقوات المدرعة الإسرائيلية بتنفيذ بذلك.

(4) الاستمرار في تحديث وتطوير الأسلحة، بحيث تتمشى مع التطور في الأسلحة الأمريكية وذلك من خلال الشراء أو التصنيع المحلي.

(5) تحقيق احتياطي إستراتيجي مناسب لتطورات المعارك، بحيث تحافظ القوات الإسرائيلية على كفاءة قتالية مستمرة من خلال سرعة الإمداد باستعاضة الأسلحة المدمرة.

(6) خفة حركة القوات إلى جانب الارتقاء بمستوى صيانتها وتحديثها، حقق لإسرائيل تطبيق نظرية "العمل من خطوط داخلية" والانتقال من جبهة إلى جبهة أخرى.

(7) امتلكت إسرائيل طائرات حديثة بمدى عمل يزيد على 1500 كم، بمعنى إمكان وصولها إلى أرجاء العالم العربي بالكامل، إلى جانب تسليحها بصواريخ جو/ جو من طراز "أميرام" القادرة على الإصابة الدقيقة لمدى 80 كم، وصواريخ جو/ أرض طراز "بيتون" ذات مدايات طويلة وقدرة تدميرية كبيرة، إلى جانب أن الطائرات الإسرائيلية مزودة بمستشعرات وأنظمة دقيقة، وبما يحقق تفوقها، وبالتالي قدرتها على تنفيذ هجمات جوية متفوقة.

(8) إلى جانب ذلك، فإن إسرائيل بمساعدة أمريكية تمتلك أسطولاً كبيراً من الطائرات بدون طيار وتستخدمها في العديد من المهام، ومنها التعامل مع وسائل صواريخ أرض / جو، لإحداث التفوق في مسرح العمليات، إلى جانب امتلاك أعداد كبيرة من الطائرات المستخدمة في الاستطلاع الإلكتروني.

(9) تُعَدّ إسرائيل هي الدولة الرئيسية في المنطقة التي تمتلك نظام دفاع إستراتيجياً، صواريخ مضادة للصواريخ، حيث أغدقت الولايات المتحدة الأمريكية عليها في هذا المجال بطاريات الباتريوت.

(10) وقد أدى التعاون الإسرائيلي ـ الأمريكي إلى حصول إسرائيل على قدرات كبيرة بالمقارنة مع الدول العربية المجاورة، كالآتي:

(أ) في مجال القوات البرية

تمتلك كلّ من مصر وسورية وإسرائيل أعداداً متقاربة من الدبابات ما بين ثلاثة آلاف وخمسمائة إلى أربعة آلاف دبابة. ولكن الدبابات الحديثة في إسرائيل تعادل نسبتها 51% من حجم الدبابات، وفي مصر تصل نسبة الدبابات الحديثة إلى نحو 42%، وفي سورية نحو 32%علماً بأن مستوى تطوير الدبابات القديمة وتحديثها في كلّ من مصر وإسرائيل يزيد على معدله في سورية.

وفيما يتعلق بأسلحة المدفعية فإن إسرائيل تتفوق بنسبة ما تمتلكه من المدفعيات ذاتية الحركة، كذلك نسبة ما تمتلكه من صواريخ أرض/ أرض من ناحية المدى ودقة الإصابة وقدرتها على التصنيع الذاتي.

(ب) في مجال القوات الجوية

تمتلك كلّ من مصر وسورية وإسرائيل أكبر أعداد من الطائرات في المنطقة (ستمائة إلى سبعمائة طائرة)، ولكن تتميز إسرائيل بأن طائراتها الحديثة تشكل نسبة خمسة وسبعين في المائة من قواتها الجوية، بينما تمتلك مصر نحو خمسة وثلاثين في المائة من الطائرات الحديثة، وتقلّ هذه النسبة في سورية.

في الوقت نفسه، فإن منظومة القتال الجوية الإسرائيلية تتبع أنظمة القتال الأمريكية عينها التي تعتمد على الأسلحة الذكية وأنظمة المسار والتوجيه المتصلة بالأقمار الصناعية، وهو ما لا تمتلكه الدول العربية الأخرى.

(ج) في مجال البحرية

تمتلك كلّ من مصر وإسرائيل وسورية إمكانيات العمل في أعالي البحار، وتتميز مصر بتعدد قدراتها في العمل في المجال البحري بمختلف نوعياته، بينما تعتمد إسرائيل على سلاح الغواصات المزود بصواريخ بعيدة المدى من أجل الوصول إلى أهداف بعيدة وتوجيه ضربات مؤثرة ضدها. إلى جانب تأكيد حماية سواحلها بقدرات زوارق صاروخية متقدمة.

(د) في مجال الدفاع الجوي

تتميز إسرائيل بامتلاك منظومة متكاملة للدفاع الجوي ضد الطائرات وضد الصواريخ، توفر بها عمقاً إستراتيجياً للدفاع بعيد المدى من خلال نظام متكامل للإنذار والاستطلاع مرتبط مع الأنظمة الأمريكية للدفاع الصاروخي.

(هـ) في مجال أسلحة التدمير الشامل

إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تمتلك قدرات نووية، ووسائل حملها وإيصالها، وهي تَعُدّه سلاح الردع الرئيسي في مقابل التفوق البشري العربي والإسلامي ارتباطاً بالتقديرات الإسرائيلية التي تحدد مصادر التهديد للأمن الإسرائيلي، علاوة على أن إسرائيل تستخدم نظرية "الردع بالشك" انطلاقاً من جعل الدول العربية تبالغ في تقديراتها للقدرات الإسرائيلية وتحقق ردعاً نفسياً مناسباً من خلاله، وتساعدها في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والتي لا تطالب إسرائيل بأيّ إجراءات أو ضمانات لنزع سلاحها النووي أو عدم استخدامه.

وفيما يتعلق بالقدرات الكيماوية والبيولوجية، فإن معظم دول المنطقة تمتلك قدرات وإمكانيات استخدامها، وتحقق من خلالها التوازن النسبي مع القدرات الإسرائيلية النووية في مجال الردع.

(و) في مجال الفضاء

إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك برنامجاً فضائياً متكاملاً تنفذه بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية. وأطلقت خلال عام 2002 القمر الصناعي "أفق – 5" ذا إمكانيات التجسس والتصوير العالية لدول الشرق الأوسط، إلى جانب قدرتها في تصنيع أقمار الاتصالات (نظام عاموس)، وأقمار الأبحاث، وكذا وسائل توصيلها في مداراتها المختلفة في الفضاء الخارجي. إلى جانب ارتباطها بشبكة الأقمار الصناعية الأمريكية مما يوفر لها إنذاراً مسبقاً، وإدارة أعمال القتال بكفاءة.

(ز) في مجال التصنيع الحربي

·        تمتلك إسرائيل – بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية – قاعدة صناعات عسكرية متقدمة، وقاعدة أبحاث تستخدم التقنيات العالية، طبقاً للاتفاقيات الإستراتيجية الموقعة بين الدولتَين، إلى جانب التزام الولايات المتحدة الأمريكية بدعم هذه القاعدة مادياً، وشراء الفائض في الصناعات العسكرية الإسرائيلية من أجل ضمان استمراريتها وعدم تكبدها خسائر كبيرة؛ وفي هذا فهي تتفوق على جميع دول المنطقة.

·        ومع المتغيرات فيما بعد سبتمبر 2001، فإن الولايات المتحدة الأمريكية – تشجيعاً للصناعات الإسرائيلية – تراجعت عن مطلبها الخاص بفرض رقابة مشددة على جميع الصادرات العسكرية الأمنية التي تدخل فيها تقنيات أمريكية لطرف ثالث، بحيث أصبحت إسرائيل تستطيع تصدير معدات عسكرية أمنية إلى كلّ الدول الآسيوية عدا الصين وباكستان وتايوان.

·        ولا يتوقف التفوق الإسرائيلي بفضل المساعدات الأمريكية على تلك المرحلة، فإن هناك اتجاهاً في إدارة الرئيس جورج بوش الابن، يتزعمه وزير الدفاع "دونالد رامسفيلد" ومستشارة الأمن القومي "كونداليزارايس" للربط بين أمن الولايات المتحدة الأمريكية وأمن إسرائيل، وأحد أهدافه هو تحقيق التفوق التكنولوجي المطلق لإسرائيل "كماً ونوعاً"، وفتح المجالات أمام إسرائيل للتزود بمنظومات أسلحة أمريكية متطورة وبعيدة المدى تشمل نوعيات من الصواريخ لم تحصل عليها إسرائيل من قبل، وتمكنها من تحسين قدراتها النوعية لتطبيق الإستراتيجيات الحديثة.

ج. وتحدد انعكاسات التصنيع الحربي الإسرائيلي في الآتي:

(1) قدرة إسرائيل على تحقيق اكتفاء ذاتي بدرجة كبيرة من مختلف أنواع التسليح والأنظمة العسكرية.

(2) امتلاك إسرائيل قاعدة تكنولوجية عسكرية متقدمة أمكن من خلالها استقطاب قوى رئيسية في العالم مثل الصين والهند وتركيا ودول أوروبا الشرقية للتعامل معها في سبيل تطور نظم أسلحتها القديمة، ومن خلال هذه القاعدة ، تشارك إسرائيل في المعارض الدولية الخاصة بالتسليح، كما تنظم معارض خاصة لصناعاتها العسكرية، وقد اشتركت 18 شركة إسرائيلية في معرض الأسلحة الإسرائيلية في ماليزيا عام 2001.

(3) دخول إسرائيل في مجالات تكنولوجية عالمية، مثل استخدام الفضاء الخارجي، وبناء الأقمار الصناعية، والتوسع في استخدام الليزر، والصواريخ المضادة للصواريخ إلى جانب قدرتها على تصنيع صواريخ ذات مدايات متعددة مثل "شافيت".

(4) حققت إسرائيل قدرة عالية في صناعة الدبابات والمركبات المدرعة والمدفعية ذاتية الحركة وبما حقق لها اكتفاء ذاتياً في أسلحة القوات البرية.

(5) في مجال صناعات الأسلحة الإسرائيلية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تشتري من إسرائيل العديد من منتجات مصانعها، ومنها الصاروخ بيتون الذي استخدمته الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان عام 2002.

(6) تحاول إسرائيل استقطاب العديد من الدول الإفريقية والآسيوية وفي الولايات المتحدة الأمريكية الجنوبية لتصدير الأسلحة إليها، حيث يبلغ إجمالي ما تصدره إسرائيل سنوياً من الأسلحة نحو مليارَي دولار. وفي ذلك، فإسرائيل تركز على صناعاتها العسكرية، وتراها مجالاً اقتصادياً يدر عليها أرباح كبيرة وهذا يخالف النظرة الأخرى التي تتوجه إليها بعض الدول العربية في تحويل إنتاج مصانعها الحربية إلى الإنتاج المدني لكي تحقق أرباحاً اقتصادية.

(7) تحاول إسرائيل تطوير التكنولوجيات المستخدمة في التصنيع الحربي، من خلال التطوير المشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبفضل هذا التطوير تحافظ على وصولها إلى درجة تفوق على الدول العربية المحيطة بها.

(8) إن هناك فجوة كبيرة بين توجه إسرائيل بالنسبة للتصنيع الحربي والذي يعتمد على تعاون كامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، ويرقى باستمرار من خلال البحث العلمي، وبين الدول العربية التي لا تبذل جهداً في هذا المجال وتعتمد على شراء الأسلحة، أو تجميعها، لذلك ستظل الفجوة التقنية كبيرة.