إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / أزمة لوكيربي




الأمين خليفة فحيمة
سطح الطائرة ومقدمتها
عبدالباسط المقراحي
عضد مثبت في شجرة





الفصل الثالث

الفصل الثالث

تطور العلاقات الليبية مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا

العلاقات الليبية ـ الأمريكية

        بدأ عدم التوافق في العلاقات والمصالح، بين ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية، مع قيام الثورة الليبية عام 1969، وإعلان ليبيا تأييدها للحركات التحريرية في العالم، ودعوتها إلى إخلاء القواعد العسكرية، في دول العالم الثالث بصفة عامة، وفي منطقة البحر المتوسط، بصفة خاصة. فضلاً عن إدانة الموقف الأمريكي المؤيد لإسرائيل ضد العرب، فيما يخص القضية الفلسطينية.

        وقد جاء إعلان ليبيا في 10 أكتوبر 1973، مد المياه الإقليمية لها، لتغطي خليج سرت بالكامل، ورفض الولايات المتحدة الأمريكية ذلك، ليشير إلى بداية منحنى تدهور العلاقات بين البلدين.

        وبعد حرب أكتوبر، وبدء إجراءات وخطوات الاتفاقيات المصرية ـ الإسرائيلية، للفصل بين القوات، وخلال ما طرأ على العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية، إلى أن وصلت إلى توقيع اتفاقية "كامب ديفيد"، كان التحرك السياسي والإعلامي الليبي، يدير حملة إعلامية، ضد مصر والولايات المتحدة الأمريكية، مع إثارة باقي الدول العربية وتكوين جبهة للصمود والتصدي، والدعوة لمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى اتهمت ليبيا بدعم العمليات الإرهابية ضد المصالح المصرية والأمريكية في الوطن العربي وأوروبا، بالتعاون مع العناصر الفلسطينية المتطرفة وبعض الجماعات الإرهابية.

        في ضوء ذلك، ورغبة في إظهار رفض ليبيا، موقف الولايات المتحدة الأمريكية، خرجت تظاهرات في طرابلس في ديسمبر 1979، حرقت مقر السفارة الأمريكية. وقد جاء رد الفعل الأمريكي، بطرد بعض الدبلوماسيين الليبيين من واشنطن.

        وبسبب اتهام الولايات المتحدة ليبيا، بدعم ومساندة الإرهاب الدولي، قررت ليبيا في مايو 1981 إغلاق سفارتها في واشنطن، وقطع العلاقات بين البلدين مع تصاعد الحملات الإعلامية بينهما.

        وفي إطار الاستفزاز الأمريكي للموقف الليبي، جرت تحركات للأسطول الأمريكي، أمام خليج سرت في أغسطس 1981، وداخل المنطقة التي تعتبرها ليبيا مياهاً إقليمية. ونجحت طائرة أمريكية في إسقاط طائرتين ليبيتين، وأعقب ذلك في ديسمبر طلب الرئيس ريجان، من الأمريكيين المقيمين في ليبيا مغادرتها.

        وفي مارس 1982، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية حظر استيراد البترول الليبي، مع حظر تصدير التكنولوجيا الأمريكية المتطورة إلى ليبيا.

        وفي أعقاب حادث مطار روما وفيينا، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 1985 تجميد 2.5مليار دولار من السندات الليبية في أمريكا، وهو الأمر الذي دفع العقيد القذافي للإعلان عن عزمه تدريب فدائيين لشن هجمات انتحارية ضد المصالح الأمريكية في العالم. وفي الوقت نفسه زادت الحملات الإعلامية المتبادلة بين الدولتين. كما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في تكثيف نشاط أساطيلها، أمام السواحل الليبية.

        وقد أدى انتهاء ليبيا من تجهيز قاعدة للصواريخ (سام ـ 5)، الموجه لردع النشاط الأمريكي، إلى تنفيذ غارات أمريكية على مدينتي طرابلس وبنغازي، في 15 أبريل 1986. وأعقب ذلك حظر أوروبي أمريكي على ليبيا، ودعم أمريكي للقوات التشادية بقيادة حسين حبري، في محاولة لاستنزاف قوى ليبيا، إضافة إلى كشف الولايات المتحدة الأمريكية لأنشطة ليبيا، في مجال الغازات الكيمائية في مصنع الرابطة.

        وتصعيداً للعداء بين الدولتين، اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية، من حادث تفجير الطائرة التابعة لشركة بان أمريكان، أثناء رحلتها من لندن إلى نيويورك، وتفجيرها فوق لوكيربي باسكتلندا، في ديسمبر 1988، ذريعة لتصعيد الموقف ضد الجماهيرية الليبية. فأعلنت أمريكا بدء التحقيق، وأنها لابد أن تثأر من مرتكبي الحادث، ومن ورائهم. وفي 15 نوفمبر 1991، توجهت أصابع الاتهام إلى الجماهيرية الليبية، بأنها وراء الحادث. وبدأت الأزمة الحقيقية، أو إذا صح التعبير، جاء وقت تصفية الحساب.

        ومن تباين الموقف الأمريكي في مواجهة تلك الأزمات، ما حدث في سبتمبر 1986، حين اختُطفت طائرة أمريكية مدنية في مطار كراتشي بباكستان، وترتب على اقتحام أفراد الكوماندوز الباكستانيين للطائرة بعد ستة عشر ساعة من اختطافها، مصرع 22 من ركابها وتدمير الطائرة. وقُدم المتهمون وهم خمسة من الفلسطينيين، إلى القضاء الباكستاني، حيث أصدر ضدهم في 6 يوليه 1988 حكماً بالإعدام، طبقاً للقانون الباكستاني. لكن الرأي العام بوجه عام، والعربي بوجهة خاص فوجئ ببيان صادر عن الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا، أيدته فرنسا، يُطالب ليبيا بتسليم مواطنين ليبيين، لاتهامهم بارتكاب حادث لوكيربي.

        ومن الواضح أن حادث باكستان، كان ضد طائرة أمريكية، وحادث لوكيربي كان ضد طائرة أمريكية، لكن الولايات المتحدة الأمريكية تركت للقضاء الباكستاني اختصاص محاكمة المتهمين، على الرغم من أنهم لا يتمتعون بالجنسية الباكستانية، اكتفاء بوجودهم على الإقليم الباكستاني. ثم رفضت أن تكيل بالكيل نفسه في حادث لوكيربي. وكذلك فرنسا، مع أن القضاء الليبي في هذه الحالة، هو الأوجب والأحق، لتوفّر عنصرين أساسيين هما:

  1. تمتع المتهمين بالجنسية الليبية.
  2. وجود المتهمين في الجماهيرية الليبية.

        وإذا كان تبرير هذا الموقف سياسياً، أن باكستان على صداقة وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، على عكس ليبيا، فيأتي السؤال عن المعيار الحقيقي للشرعية الدولية: هل هو القانون، أم المصلحة الخاصة؟

العلاقات الليبية ـ البريطانية

        كانت ليبيا حتى الحرب العالمية الثانية مستعمرة إيطالية، ثم تحولت بعد ذلك تحت الإدارة البريطانية والفرنسية، ثم حصلت على استقلالها ولكن بعد التوقيع على معاهدات تسمح بوجود قواعد عسكرية بريطانية فيها.

        وفي عام 1970 أغلق القذافي القواعد البريطانية، في وقت متزامن مع إغلاقه القواعد الأمريكية.

        كما ساعد العقيد القذافي الجيش الجمهوري الأيرلندي، بالأسلحة والمساعدات المالية. ويُعد الجيش الأيرلندي أحد أكبر المشاكل، التي تواجه بريطانيا إضافة إلى تعقبه المعارضة الليبية الموجودة في بريطانيا. ففي عام 1984 أطلق حرس السفارة الليبية في لندن النار على مجموعة من المعارضة الليبية، الذين كانوا يتظاهرون أمام السفارة الليبية، مما أدى إلى مقتل شرطية بريطانية كانت تحرس المتظاهرين، وجرح عشرة ليبيين. وعلى إثر ذلك قطعت بريطانيا علاقتها الدبلوماسية مع طرابلس.

        كان هذا موقف بريطانيا، وهي الدولة الثانية المعنية بالأزمة، علاوة على سقوط الطائرة على أرضها.

العلاقات الليبية ـ الفرنسية

        في عام 1980، هوجمت ونُهبت مكاتب السفارة الفرنسية وقنصليتها في بنغازي، احتجاجاً على المساعدات الإدارية، التي قدمتها فرنسا إلى تونس، خلال الهجوم على مدينة قفص. وعلى إثر ذلك استدعت فرنسا سفيرها في ليبيا.

        وهناك موقف آخر لليبيا ضد المصالح الفرنسية في تشاد، حيث دأبت ليبيا على التدخل وقامت بمساعدة جوكوني عويضي وهو مناهض للحكومة التشادية. وفي عام 1986، تدخلت فرنسا إثر هجوم مناهض للحكومة التشادية مدعوم من ليبيا. وهكذا أستمر التدخل الليبي حتى أسفر عن تولي الرئيس التشادي إدريس ديبي، وهو، بالطبع، حليف لليبيا.

        الموقف الذي لابد من إلقاء الضوء عليه، في سلسلة هذه الأحداث، هو سقوط الطائرة الفرنسية التابعة لشركة يوتا من نوع دي سي 10 فوق صحراء النيجر، ومقتل جميع ركابها البالغ عددهم 170 شخصاً من جنسيات مختلفة. ويبدأ التحقيق، وفي النهاية تشير أصابع الاتهام إلى ليبيا، في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة الأمريكية اتهامها أيضاً ليبيا.