إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / مصالح جمهورية الصين الشعبية وأهدافها في منطقة الشرق الأوسط، والرؤية المستقبلية لدورها حتى عام 2030






منطقة الشرق الأوسط



الفصل الأول

المبحث الثالث

الأهمية الإستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط

أضحت المنطقة العربية، بالنسبة لأجندة السياسات الدولية، موضوعاً لعملية التأهيل أو التغيير، منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين، أي منذ انتهاء حقبة القطبين بانهيار الاتحاد السوفيتي (السابق)، وهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على النظام العالمي الجديد، وأصبحت المنطقة العربية من أولويات الولايات المتحدة، بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، أي في إطار الحرب الدولية على الإرهاب.

أولاً: نشأة مفهوم مصطلح الشرق الأوسط وتطوره:

إن مصطلح الشرق الأوسط بدأ في عصر "تحتمس الثالث"، أعظم قادة العصر القديم، حيث أطلق على المنطقة الممتدة من مصر وشرقاً لتشمل فلسطين وسورية الكبرى "الحوض الشرقي للبحر المتوسط"، وسبق تعريف البحر المتوسط في هذا العصر لأنه كان يتوسط مناطق الفتوحات المصرية ما بين وادى النيل والحيثيين، ثم استمر ما بعد ذلك وحتى عهد سليمان القانوني، حيث عُدّ بعدها أن هذا البحر يتوسط القارات الثلاث القديمة، وبدأ العالم الغربي يتعرف القارة الأفريقية منذ أوائل القرن الخامس عشر، بعد أن هزم العرب الصليبيين وأجلوهم عن بيت المقدس والبلاد العربية، ولهذا سعت أوروبا جدياً لإيجاد طريقة تمكنها من تطويق العالم العربي والإسلامي من الجنوب، والسيطرة على التجارة الشرقية مصدر قوته ورخائه.

أرسل "يوحنا الثاني" ملك البرتغال، عام 1488، بعثة مهمتها البحث عن مملكة الحبشة وجمع معلومات عن المناطق المنتجة للتوابل والطرق المؤدية إليها، وكان لتلك الحملة دافع خفي، هو أن لتلك البعثة بعداً دينياً، وهو ما أفصح عنه "فاسكو دي جاما" و"وردى كوفيهام wrody kofiham"، وكانا على رأس حملة بحرية مكونة من عدة سفن، عام 1497، بقوله: "إن الغرض من اكتشاف الطريق البحري إلى الهند هو نشر المسيحية والحصول على ثروات الشرق".

باكتشاف البرتغاليين طريق رأس الرجاء الصالح، في أواخر القرن الخامس عشر، تمكن الأوروبيون من المرور إلى المستعمرات التي أصبحت محلاً للصراعات فيما بين القوى الاستعمارية الغربية، ابتداء من البرتغاليين والهولنديين، وانتهاء بالصراعات المريرة التي استمرت بين الفرنسيين والبريطانيين بالمنطقة.

أول من استعمل تعبير الشرق الأوسط، الكاتب الأمريكي المتخصص في الإستراتيجية البحرية "الفريد ماهان"، عام 1902، لدى مناقشته الإستراتيجية الإمبريالية البريطانية، وذلك للإشارة إلى المسالك الغربية والشمالية إلى الهند.

ثانياً: الشرق أوسطية "أصولها وتطوراتها"

يتفق الكتاب والمؤرخون والسياسيون وأصحاب الفكر المهتمون بالدراسات الشرق أوسطية، أو بما اصطلح عليه بالشرق الأوسط، أن هذا المصطلح وهذه المسميات وردت من خارج المنطقة، وارتبطت ارتباطا وثيقاً بالمصالح الاستعمارية الغربية. فحينما كان تعبير "الشرق الأقصى" أكثر وضوحاً في دلالته وارتباطه بمنطقة واسعة وهائلة مطلة على المحيط الهادي، وتضم كيانات كبرى مثل الصين واليابان وغيرها من البلدان المجاورة، فإن تعبير "الشرق الأدنى" ظهر في فترة الاكتشافات الأوروبية، منذ القرن الخامس عشر، ليشير إلى البلاد الواقعة في شرق البحر المتوسط بين الشرق الأقصى وأوروبا.

إن التعريف المتداول حالياً للشرق الأوسط هو تعبير جغرافي سياسي عسكري، أُدخل عليه الكثير من التغيرات، منذ أوائل القرن العشرين حتى الآن، وتحَدَّد نتيجة البُعد أو القرب بين أوروبا ومستعمراتها. وعلى ذلك فإن التقسيمات الثلاثة مع بداية القرن العشرين وحتى الحرب العالمية الثانية كانت تتحدد كالآتي:

1. الشرق الأدنى

تعبير جغرافي يُقصد به مجموعة البلدان الواقعة على السواحل الشرقية من البحر المتوسط، وشمال أفريقيا، وجنوب غرب آسيا، وأحياناً شبه جزيرة البلقان.

2. الشرق الأوسط

يمتد من الخليج العربي إلى جنوب آسيا.

3. الشرق الأقصى

يشمل المنطقة المواجهة للمحيط الهادي، أي الدول التي تلي منطقة الشرق الأوسط، ويمتد حتى اليابان. صدر كتاب "هاملتون"، عام 1909، تحت عنوان "مشاكل الشرق الأوسط". أما الحاكم البريطاني "كيررون" فتحدث عن الشرق الأوسط، عام 1911، بوصفه مدخلا للهند وللمناطق المجاورة.

استخدم اللورد "كيررون" اصطلاح الشرق الأوسط عندما كان حاكماً للهند، عام 1911، وتضمن الاصطلاح تركيا وإيران والخليج العربي، ثم اتسع نطاقه ليشمل كل من فلسطين وشرق الأردن والعراق أثناء الحرب العالمية الأولى، عندما أدمج وزير المستعمرات البريطانية "ونستون تشرشل" تلك الدول لقائمة دول الشرق الأوسط.

زاد نطاق الشرق الأوسط من حيث عدد الدول أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما اتحدت قيادة الشرق الأوسط للقوات الجوية الملكية البريطانية التي كانت متمركزة في العراق، مع قيادة الشرق الأدنى التي كانت متمركزة في القاهرة، لتشمل أجزاء شاسعة من شمال أفريقيا، وغرب ووسط آسيا حتى حدود الهند، وراح هذا المصطلح في هذا التوقيت يحل تدريجياً محل الشرقين الأدنى والأقصى.

ثالثاً: مفاهيم الشرق الأوسط

للشرق الأوسط العديد من المفاهيم منها:

1. المنظور الأمريكي يرتكز على الأسس التالية

أ. منع انتشار أسلحة الدمار الشامل بأنواعها.

ب. التقسيم للمنطقة إلى شرق وغرب، دون تحديد حدودها الجغرافية، كالآتي:

(1) شرق المنطقة: دول الخليج العربي الستة، بالإضافة إلى إيران والعراق.

(2) غرب المنطقة: دول الصراع العربي/ الإسرائيلي.

ج. فكرة الاحتواء المزدوج (العراق / إيران).

د. إنشاء الحلف الإسرائيلي / التركي.

هـ. تطوير فكرة الاحتواء المزدوج إلى الاحتواء الشامل.

2. المنظور الغربي

يشمل البلدان العربية الواقعة في قارة آسيا، وبلدان شمال أفريقيا والسودان.

3. المنظور السياسي الغربي الحالي

يشمل سورية ولبنان والأردن وفلسطين وإسرائيل ومصر.

4. المنظور الإسرائيلي

مفهوم الشرق الأوسط من المنظور الإسرائيلي ينصب على عدة صور، هي:

أ. جوهر العملية السلمية: سورية ولبنان والأردن ومصر وإسرائيل.

ب. الجوهر السياسي: يضيف العراق للدول السابقة.

ج. الجوهر السياسي الاقتصادي: يضيف دول الخليج.

د. الجوهر الإستراتيجي: يضيف ليبيا وإيران وتركيا وباكستان.

5. المنظور الاقتصادي المستقبلي

يضم كل من الأردن وفلسطين وإسرائيل وسورية ولبنان ومصر والعراق.

تلك المفاهيم السابقة لمنطقة الشرق الأوسط بدأت تأخذ تعبيراً جديداً، عبر عنه أحياناً باسم "الشرق أوسطية"، و"الشرق الأوسط الجديد"، و"السوق شرق أوسطية"، وبدأ ظهور هذا الاسم بشكل أو آخر حتى قبل حرب الخليج الأولى.

إن الشرق الأوسط وفق هذه الحدود يتألف من ثلاثة أضلاع

·   الأول جغرافي: يمتد على مساحة سبعة ملايين ومائتي ألف كم 2.

·   الثاني بشرى: يشمل ما يزيد عن 340 مليون نسمة.

·   الثالث ضلع عرقي/ لغوى: يتألف من ثلاث كتل كبرى، هي السامية والآرية و"الأفريقية ــ النوبية"، بالإضافة إلى أقليات عرقية متعددة، كالأكراد والأرمن. وتنتمي هذه الكتل إلى الرسالات السماوية الثلاث الكبرى (اليهودية والمسيحية والإسلام). وفي الوقت الذي يعرف فيه "الشرق الأوسط" تنوعاً كبيراً من حيث التضاريس، إذ تتوزعه صحاري شاسعة تمتد على آلاف الكيلومترات، وجبال فاصلة أو شبه قاحلة وسهول وشطآن، فإنه يمثل بوصفه "ملتقى لقارات ثلاثتوليفة تاريخية تشارك فيها ثلاث مجموعات بشرية وثقافية ولغات كبرى هي العربية والتركية والفارسية.

بل إنه أحدث انقلابا جذرياً في هوية آسيا الصغرى، فتحولت من بيزنطية، إلى تركية. على أن الغزو الذي قطع مع التاريخ القديم والوسيط للمنطقة، وأدخلها إلى العصر الحديث، هو الغزو الأوروبي، الذي بدأ مع الحملة الفرنسية على مصر، عام 1798، واكتمل عام 1919، مع اقتسام الفرنسيين والإنجليز مناطق الانتداب، والنفوذ على مدى منطقة "الشرق الأوسط"، وترك جرحاً عميقاً تمثل في الاقتطاع الصهيوني الإسرائيلي لفلسطين.

رابعاً: التعاريف المختلفة للشرق الأوسط

1. تعريف "بايندر"، عام 1958

قسم فيه الشرق الأوسط إلى ثلاثة أقسام: الأول يضم دول القلب (سورية ولبنان والأردن وإسرائيل والعراق ومصر وليبيا والسودان). والثاني دولتان خارج القلب هما إيران وتركيا. والثالث دول الهامش (أفغانستان وتونس والمغرب.

2. تعريف "بريتشو"، عام 1969

التزم أيضاً بالتقسيم الثلاثي، ففي القلب تقع (سورية ولبنان والأردن وإسرائيل والعراق ومصر)، وعلى الهامش (تركيا وإيران والكويت والمملكة العربية السعودية وقبرص وإثيوبيا والجزائر). أما دول الحلقة الخارجية فتضم (ليبيا وتونس والمغرب واليمن الجنوبي والشمالي).

3. تعريف "كانفورى ــ شيجل"، عام 1970

التزم تقسيماً ثنائياً، فهناك دول القلب (سورية ولبنان والأردن والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات واليمن الشمالي والجنوبي ومصر والسودان)، وفي الهامش (إسرائيل وتركيا وإيران)0

4. تعريف "تومسون"، عام 1970

تعامل فيه مع المنطقة ككتلة واحدة تضم (سورية والأردن ولبنان والعراق ومصر والمملكة العربية السعودية والكويت واليمن الشمالي وليبيا والسودان والجزائروتونس والمغرب).

5. تعريف "بيرسون"، عام 1971

ركز على دول القلب وهي (سورية ولبنان والأردن وإسرائيل والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية واليمن الشمالي ومصر)، وهو يستمد دراسته للمنطقة، عامي 1963 و1964. ويلاحظ أن الدولة الوحيدة غير العربية هي إسرائيل.

6. تعريف "أفرون"، عام 1973

التزم تقسيماً ثلاثياً، وإن اختلفت المسميات التي أطلقها على كل مجموعة، باستثناء دول القلب التي شملت (سورية والأردن ولبنان وإسرائيل والعراق ومصر)، ثم دول منطقة البحر الأحمر (إثيوبيا واليمن الشمالي والجنوبي والمملكة العربية السعودية والسودان ومصر وإسرائيل)، ودول منطقة الخليج (إيران والعراق والمملكة العربية السعودية والكويت).

7. تعريف "تومسون"، عام 1976

كان أشمل من تعريفه السابق، عام 1970، فأضاف كل من (إسرائيل وإيران وأفغانستان وباكستان وتركيا) إلى تعريفه السابق.

8. تعريف "هدسون"

التزم تقسيماً ثنائياً لدول النظام، فالقلب يضم (سورية وإسرائيل وتركيا وإيران والعراق والمملكة العربية السعودية ومصر والجزائر)، أما دول الهامش فتضم (الأردن ولبنان وقبرص والكويت وقطر والبحرين والإمارات وسلطنة عمان واليمن الشمالي والجنوبي وليبيا وتونس والمغرب والسودان).

كما يتضح فإن الأغلب الأعم من التعريفات تتفق على أن (مصر والعراق وسورية ولبنان والأردن) تمثل دائماً قلب النظام، وإلى هنا ينتهي ما يشبه الإجماع، ويبدأ الخلاف حول وضع إسرائيل، ودول المغرب العربي، ودول الجوار الجغرافي (إيران وتركيا وإثيوبيا)، فضلاً عن باكستان، وأفغانستان. ويعود مصدر هذا الاختلاف إلى غياب موضوعي لتحديد نطاق النظام الإقليمي الشرق أوسطي.

خامساً مشكلة التركيز على تحديد نطاق معين لمنطقة الشرق الأوسط

ترجع هذه المشكلة لعدة أسباب، هي:

1. الأهمية الإستراتيجية للمنطقة وارتباطها بالمصالح الإستراتيجية للقوى الكبرى.

2. تعدد الأصول العرقية للسكان وتنوع اللغات والأديان.

3. وجود نزاعات ومشكلات سياسية قائمة بين دول المنطقة.

4. اختلاف الرؤية العربية لمنطقة الشرق الأوسط عن الرؤية الأمريكية والأوروبية، واختلاف الدول العربية حول المفهوم في بدايته، حيث رأى البعض أن التركيز على مفهوم الشرق الأوسط يؤثر على النظام العربي والهوية العربية وفكرة العروبة، بإدخال إسرائيل وتركيا وإيران وإثيوبيا في المنطقة. ويرى البعض الآخر أن النظام العربي يمكن أن يتواءم مع فكرة الشرق الأوسط، ودليل ذلك انعقاد مؤتمرات دول الجوار العراقي، ودخول أطراف غير عربية، مثل إيران وتركيا، على خط الشؤون العربية دون هواجس عربية كما كان يحدث من قبل، ونفس الأمر حدث بالنسبة للحالة السودانية، حيث ظهر لاعبون أساسيون في الساحة السودانية من غير العرب.

سادساً: رؤية في تحديد النطاق الجغرافي لمنطقة الشرق الأوسط

إن النطاق الجغرافي لمنطقة الشرق الأوسط، بوصفها محل الدراسة، سوف يستند على أساس الرؤية العربية لمفهوم الشرق الأوسط، والتي اعتمدت على أُسس جغرافية وتاريخية وسياسية وحضارية، وطبقاً لتعريف جامعة الدول العربية، فإن منطقة الشرق الأوسط تمتد من المحيط الأطلسي غرباً حتى حدود شبه القارة الهندية شرقاً، ومن البحر المتوسط والبحر الأسود شمالاً حتى بحر العرب والقرن الأفريقي جنوباً، بمعنى أن إقليم الشرق الأوسط يتكون من 27 دولة تضم دول الجامعة العربية (22 دولة) بالإضافة إلى خمس دول غير عربية هي: إيران وتركيا وإسرائيل وإثيوبيا وإريتريا.

وقبل الإشارة إلى الأهمية الإستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط يمكن أن نشير إلى عدة أمور هي:

1. أن التكوين السياسي لدول الشرق الأوسط يتسم بالتنوع ما بين دول ملكية وجمهورية وتتنوع أيضاً في تجاربها الديمقراطية.

2. أن منطقة الشرق الأوسط من الناحية الجغرافية تتقاطع فيها الجيوبولتيكية الإسلامية مع الجيوبولتيكية العربية، ومن ثم فإن هذه المنطقة تشهد مساحة كبيرة من التفاعلات التاريخية والصراعية والفكرية، ما يدفع بالاعتبارات الدينية في استخدام هذا المصطلح "الشرق الأوسط".

3. أن الأهمية الجيوإستراتيجية للمنطقة خلقت قضايا عديدة في المنطقة مثل قضية الصراع العربي/ الإسرائيلي، وقضية السيطرة على النفط والتحكم في المنافذ البحرية الإستراتيجية، ما أدى إلى توسيع مفهوم الشرق الأوسط وتقسيمه إلى دوائر إستراتيجية مثل: دائرة دول الطوق، ودائرة الخليج العربي، ودائرة الشمال الشرقي، ودائرة المغرب العربي، ودائرة القرن الأفريقي.

4. إعداد البيئة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط لدمج إسرائيل وتكوين ثقافة التطبيع معها.

سابعاً: الأهمية الجيواستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط

1. الموقع الجغرافي

تمتد منطقة الشرق الأوسط من ناحية الشرق، من إيران والخليج العربي وجبال زاجروس، التي تطل على سهول دجلة والفرات حتى شواطئ المملكة المغربية على المحيط الأطلسي في الغرب، ومن الشمال جبال طوروس وسواحل البحر المتوسط وتركيا وحافة هضبة الأناضول الجنوبية المطلة على العراق وسورية، حتى شواطئ المحيط الهندي وإثيوبيا في الجنوب. (اُنظر خريطة منطقة الشرق الأوسط)

تمثل منطقة الشرق الأوسط، من حيث الموقع الجغرافي، امتداد إقليمي ككتلة جغرافية واحدة تستند في الشرق على جبال زاجروس والخليج العربي، ومن الغرب المحيط الأطلسي، ومن ثم فهي نطاق إقليمي يتسم بالعمق الإستراتيجي. وهي كتلة جغرافية تقع بين دائرتي عرض 8 و42 شمالاً، وخطى طول 60 شرقاً و25 غرباً، وتُعد قلب العالم، فهي نطاق الأمن الجنوبي والجنوبي الشرقي لأوروبا، وهي خط الحدود الرئيس الذي يجب أن تعبره روسيا، للوصول إلى المياه الدافئة، كما أنها المنطقة الوسطى التي تفصل بين العالم المتقدم في الشمال والعالم النامي في الجنوب.

يزيد من أهمية الموقع الجغرافي أن كتلة اليابس الشرق أوسطية يحيطها ويخترقها العديد من المسطحات المائية ذات الأهمية الإستراتيجية، مثل المحيط الأطلسي غرباً، والبحر المتوسط والبحر الأسود وبحر قزوين شمالاً، وبحر عمان والمحيط الهندي شرقاً وجنوب شرق. كما يخترقها البحر الأحمر والخليج العربي وخليج العقبة. وما بين هذه المسطحات المائية يوجد العديد من المضايق والقنوات تمثل حلقات وصل إستراتيجية، مثل مضيق باب المندب ومضيق جبل طارق ومضيق البسفور والدردنيل ومضيق هرمز ومضيق تيران، وكلها منافذ بحرية إستراتيجية تربط حركة الملاحة الدولية والتجارة بين الشرق والغرب والشمال والجنوب.

تبلغ مساحة منطقة الشرق الأوسط نحو 17.5 مليون كم2، ويحتل الوطن العربي مساحة تبلغ 13.86 مليون كم2 بنسبة 79.2% من مساحة الشرق الأوسط، بينما تشغل الدول غير العربية (إيران وتركيا وإسرائيل وإثيوبيا) نحو 3.63 مليون كم2 تقريباً، بنسبة 20.8% من مساحة منطقة الشرق الأوسط.

تمتاز منطقة الشرق الأوسط بتنوع التضاريس، حيث توجد بها الجبال والسهول والهضاب، ويمتاز مناخها بالاعتدال طوال العام، بما يسمح بصلاحية مياهها للملاحة طوال العام، وتنوع مواردها النباتية والمحاصيل الزراعية والاقتصادية. كما تمتاز المنطقة بوفرة مواردها المائية اللازمة للقطاع الزراعي، ففيها نهر النيل ونهرا دجلة والفرات، كما توجد فيها الأمطار والمياه الجوفية.

2. الأهمية الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط

تُعد منطقة الشرق الأوسط ذات أهمية حيوية من الناحية الاقتصادية، ويرجع ذلك لعوامل عديدة، أهمها النفط والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى الأرصدة النقدية الكبيرة المتمثلة في العائدات النفطية، وموجودات المنطقة من الثروات المعدنية.

اكتشف نفط الشرق الأوسط في بداية القرن العشرين، وبالتحديد عام 1908، في إيران، ولم يكن لنفط الشرق الأوسط في البداية تلك الأهمية الكبرى التي له الآن، ويرجع ذلك إلى أن نقل النفط من الأمريكيتين إلى أوروبا كان أقل تكلفة وأكثر سرعة وأمنا، لا سيما خلال الحرب العالمية الثانية.

تزايد الاهتمام بشؤون المنطقة مع تزايد اعتماد الدول الصناعية على النفط، الذي أصبح عصب الحياة الاقتصادية والتقدم في تلك البلاد، حيث تزايد الطلب العالمي على النفط، بداية من الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، والتي صاحبها مشروع مارشال للانتعاش الاقتصادي في أوروبا.

يتركز إنتاج الشرق الأوسط من النفط في منطقة الخليج العربي، والتي تنتج 27% من حجم الإنتاج العالمي للنفط، كما تحتوي منطقة الشرق الأوسط على أكثر من 65% من الاحتياطي العالمي، يتركز أغلبها أيضاً في منطقة الخليج العربي.

أ. النفط

لنفط الشرق الأوسط أهمية حيوية، تتضح من الحقائق التالية:

(1) أن إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية سوف يأخذ في الانخفاض تدريجياً بعد أن وصل إلى أعلى معدلاته في الثمانينيات.

(2) واردات الدول الصناعية الكبرى، وكذلك واردات الدول النامية سوف تتزايد، مع الإشارة إلى أن بدائل الطاقة الأخرى لن تسهم إلا بقدر محدود من احتياجات الطاقة.

(3) أن صادرات روسيا الاتحادية والصين معرضة للانخفاض، نتيجة لتزايد الاستهلاك الداخلي وتناقص معدلات الإنتاج.

(4) قرب حقول نفط الشرق الأوسط من السوق الأوروبي وشرق آسيا.

(5) أن الولايات المتحدة الأمريكية تقلل من معدلات إنتاجها من النفط، وتحتفظ به مخزوناً في باطن الأرض، بسبب توقعها حدوث ندرة نفطية عالمية، مفضلة بذلك استيراد النفط من الخارج، وهي بذلك تدخل السوق العالمي مستورداً، فضلاً عن عدم استطاعتها إمداد دول أوروبا الغربية واليابان باحتياجاتهم النفطية المتزايدة، وهو ما يعنى زيادة الطلب العالمي عليه.

(6) يتمتع نفط الشرق الأوسط بمزايا نسبية أخرى عديدة، منها انخفاض أسعاره وتكاليف إنتاجه، بالمقارنة بالمناطق الأخرى، وكذا الميزة التي يتمتع بها من حيث تنوع الإنتاج الذي يشتمل على خامات خفيفة ومتوسطة وثقيلة، تناسب الأسواق المختلفة.

الأرصدة النقدية الهائلة الناتجة من عائدات النفط نوضحها في الآتي:

أدى الحظر النفطي العربي، أثناء حرب أكتوبر 1973، وما تبعه من ارتفاع كبير في أسعار النفط خلال عقد السبعينيات، من ثلاثة دولارات تقريباً للبرميل الواحد إلى حوالي أربعين دولارا للبرميل، ما أسهم في تضخم ثروات الدول النفطية، والتي يقع معظمها في منطقة الشرق الأوسط.

زادت تلك الأرصدة النقدية الهائلة من العملات الدولية القابلة للتحويل من أهمية الشرق الأوسط النفطية لدى الدول الصناعية ودول العالم المتقدمة، من خلال اقتحامها ميدان العلاقات الاقتصادية الدولية، بتقديم المعونات الاقتصادية والقروض لدول العالم الثالث، بل وللدول الصناعية المتقدمة ذاتها، الأمر الذي أدى إلى تزايد أهمية الدور الذي تلعبه تلك الدول في العلاقات الدولية من خلال الأداة الاقتصادية.

ب. الغاز الطبيعي

يٌعد الغاز الطبيعي أيضا من أهم مصادر الطاقة، إذ بلغ الاحتياطي منه في منطقة الشرق الأوسط نحو 54.8 تريليون م3، بما يوازى 29.1% من الاحتياطي العالمي.

يبلغ الإنتاج السنوي للشرق الأوسط من الغاز الطبيعي نحو 21.2 مليون برميل/ يوم، بما يوازى 29.4% من الإنتاج العالمي.

ج. موجودات المنطقة من الثروات المعدنية والزراعية

لقد حبا الله منطقة الشرق الأوسط بثروات هائلة في باطن الأرض وعليها، فمن العناصر الطبيعية التي أعطت إقليم الشرق الأوسط تلك الثروات، البنية الجيولوجية والتركيب الصخري، حيث تكمن فيه على شكل نطاقات بنيوية متتابعة من الشمال إلى الجنوب، توضح فيما يلي:

(1) نطاق الجبال الاستوائية في الشمال والشرق، في إيران وتركيا، حيث له امتدادات محدودة في العالم العربي، تكمن في سلسلة الجبال الموازية لساحل البحر المتوسط الشرقي، والجبل الأخضر في عمان، ويمتاز هذا النطاق باحتمالات وجود كثير من المعادن.

(2) نطاق الصخور البلورية القديمة ذات التكوينات الجيولوجية، التي تحتوي على الفوسفات والبوتاسيوم، وأحياناً الذهب، وتوجد في الوطن العربي جنوب البحر المتوسط، من المغرب إلى العراق.

(3) الثروات المعدنية والسمكية، وهي متفاوتة، فمن حدود الفائض المُعد للتصدير، كما في بلاد الشام وتركيا وإيران، إلى سلة خبز العالم العربي السوداني، إلى الاكتفاء الذاتي في معظم أقطاره الباقية.

ولو نظرنا للشرق الأوسط من حيث التكامل في الثروة الزراعية والحيوانية والسمكية، يمكننا القول بأنه مكتفٍ ذاتياً وينتج فائضاً عن حاجته، يصدره للعالم مقابل عملات صعبة يحتاجها لتطوير نفسه وتكنولوجياته، للحاق بركب العالم الصناعي في فترة ليست طويلة، إذا توفرت لديه عوامل الأمن والاستقرار.

3. الأهمية العسكرية لمنطقة الشرق الاوسط

يقصد بالأهمية العسكرية، مجموعة العناصر ذات الصلة المباشرة بالعمليات العسكرية، سواء ما يتعلق مباشرة بالقوات المسلحة، في البر والبحر والجو، أو ما يتعلق بالقواعد التي تعمل منها تلك القوات.

تشتمل أهم العناصر التي تشكل الأهمية العسكرية لمنطقة الشرق الأوسط، على ما يلي:

أ. الاتساع والعمق الكافي لمنطقة الشرق الأوسط، والذي يتيح الآتي:

(1) إمكان نشر القواعد العسكرية لتأمينها ضد أخطار العدوان.

(2) تنوع طبيعة التربة، ما يوفر الظروف المختلفة لتدريب القوات على القتال، في مختلف أنواع الأراضي وميادين القتال.

(3) القوة البشرية الهائلة التي يمكن تجنيدها واستخدامها في العمليات العسكرية.

(4) تمتاز المنطقة باعتدال مناخها طوال العالم، بما يسمح بصلاحية أجوائها للطيران، ومياهها للملاحة طوال العام، كما تمتاز أراضيها عامة بإمكان مد شبكات الطرق البرية لها، وتمتاز باتساع رقعتها، وتنوع مواردها ونباتاتها، ما يعطيها مزايا اقتصادية وعسكرية واستراتيجية، في الوقت نفسه.

(5) امتداد السواحل المطلة على البحار والمحيطات، مع وجود موانئ عديدة تصلح قواعد بحرية مهمة، بالإضافة إلى تحكم دول المنطقة في العديد من الممرات البحرية ذات الأهمية الإستراتيجية الفائقة.

(6) الاكتفاء الذاتي في مصادر الطاقة والوقود اللازمة للعمليات الحربية، وأهمها النفط.

(7) توافر عوامل الإنتاج اللازمة لقيام صناعات حربية، كصناعة الأسلحة والذخائر، ولا سيما إذا أمكن تحقيق نوع من التعاون مع الدول ذات الخبرة في تكنولوجيا التسليح المتطورة، بما يمكن من تطوير صناعات الإنتاج الحربي الناشئة في بعض دول الشرق الأوسط، مثل مصر وتركيا وإسرائيل.

(8) وجود العديد من المطارات والقواعد الجوية، ما يوفر حرية المناورة للوصول إلى أي بقعة في تلك المنطقة الملتهبة في العالم.

(9) توفر شبكة كبيرة من خطوط المواصلات البرية والبحرية والجوية، ما يسهل من إمكان نقل وتحريك القوات والمعدات.

ب. القوى الكبرى تحاول السيطرة على هذه المنطقة نظراً لموقعها الإستراتيجي دولياً، والمسيطر عليها يمكنه السيطرة الدولية عسكرياً، شرقاً وغرباً وشمالا وجنوباً.

4. الأهمية الثقافية لمنطقة الشرق الأوسط

تُعد منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية بداخلها، مهد الأديان السماوية، الإسلام ــ المسيحية ــ اليهودية، وتحتوي على المقدسات الدينية للديانات السماوية الثلاث، ومن ثم فهي تتمتع بمنزلة روحية لدى غالبية شعوب العالم.

ساعد انتشار الإسلام في المنطقة على نشر اللغة العربية، ما ساعد على إذكاء الهوية العربية الإسلامية، لتلعب دوراً مرموقاً في سبيل الوحدة بين دول المنطقة، ما يعني خلق قدرة جماعية قادرة على المشاركة مشاركة فعالة ومؤثرة في مجرى العلاقات الدولية، الأمر الذي يهدد المصالح الحيوية للدول الكبرى في المنطقة.

لعب العامل الديني دوراً بارزاً في علاقات دول المنطقة بالعالم الخارجي، فشهدت منطقة الشرق الأوسط سلسلة من الحملات الصليبية الأوروبية، التي استهدفت حصر المد الإسلامي، كما لعب الإسلام دوراً رئيساً في الحيلولة دون تغلغل الأيديولوجية الشيوعية في المنطقة، وفي بعض الأحيان تهديد مصالح القوى الكبرى في المنطقة، على نحو ما حدث في إيران أعقاب سقوط الشاه.

كما أن منطقة الشرق الأوسط هي مهد الحضارات القديمة، كالحضارة الفرعونية، والبابلية، والأشورية، وكذا الحضارة الإسلامية، التي استقى منها الغرب الكثير، إذ أسهمت هذه الحضارة بقدر كبير في نشأة الحضارة الأوروبية والغربية.

ثامناً: دور الشرق الأوسط في الإستراتيجية العالمية

لعب سكان الشرق الأوسط ثلاث أدوار متباينة في الإستراتيجية العالمية، هي:

1. دور النسق الدولي الأول (السيادي والريادي) أيام الإمبراطورية العربية الإسلامية.

2. دور النسق الدولي الثاني (الشريك والمشارك في صنع القرار الإستراتيجي) أيام كانت الإمبراطورية الفارسية والرومانية، وأحيانا الإمبراطورية الأفريقية "مملكة اكسوم"، أحيانا أخرى تتقاسم السيطرة على مقدرات العالم.

3. دور النسق الدولي الثالث (أي التبعية والتنفيذ دون المشاركة في صنع القرار الإستراتيجي)، حيث بدأ لعب هذا الدور بعد انتهاء نفوذ الدولة العثمانية على المنطقة، أثر هزيمتها في الحرب العالمية الأولى ويمارس حتى تاريخه.

يستطيع الشرق الأوسط، إذا انحصر التهديد الداخلي وساده السلام والتفاهم بين قومياته الثلاث الرئيسية (العرب والفرس والأتراك)، لدرجة يمكن عندها من تشكيل حلف أو مجموعة شرق أوسطية متجانسة، وبعد الوصول إلى السلام الشامل العادل المشرف مع إسرائيل، أن يلعب دور النسق الثاني حداً أدنى، إذا لم يستطيع في البداية لعب دور النسق الأول في الإستراتيجية العالمية، للأسباب التالية:

عوامل القوة التي يمتلكها

·     بانضمام إسرائيل يمتلك الشرق الأوسط قوة كبيرة، بامتلاكه السلاح النووي ومصادر التكنولوجيا الحديثة والمتطورة في الصناعات الحربية والثقيلة.

·     بعد إرساء قواعد للسلام في المنطقة، فإنه من الطبيعي أن تتركز كل الجهود نحو التطوير والنهضة الصناعية والزراعية الشاملة، وسيتحول الشرق الأوسط إلى قوة اقتصادية مؤثرة على مستوى العالم، وخاصة بعد أن يمتلك قرار نفسه ويسيطر على ثرواته.

يعتمد مدى الدور الذي يمكن أن يلعبه الشرق الأوسط عالمياً على مدى استعداده بكل قواه وفعالياته، فإذا تحقق له الانسجام السياسي والثقافي والحضاري، بالإضافة إلى التكافؤ في معدل الدخل لجميع أقطاره، يستطيع لعب دور السيادة والريادة في الإستراتيجية العالمية، أو يمكن أن يكون شريكاً متكافئا مع دول وجماعات النسق الأول، ويشارك ويؤثر في صنع القرار الإستراتيجي العالمي. أما إذا بقي الأمر على حاله كما هو الأن، سيبقى الشرق الأوسط يلعب دور النسق الثالث، وهو دور التبعية والتنفيذ دون المشاركة في صنع القرار، حيث يتبلور التهديد ليأخذ الأشكال التالية:

1. التهديد الخارجي

بسبب قيمة المنطقة الإستراتيجية وما تعكسه من رغبات وأطماع دول النسق الأول العالمية في السيطرة عليه وتوظيفه، ليخدم مصالحها في الصراع الدولي، وفي حالة وقوعه ضمن منطقة نفوذ العالم الغربي، كما هو الآن ستوكل له المهام التالية:

أ. خط الدفاع الأول عن مصالح العالم الغربي ضد مصدر التهديد الأسيوي، الكامن حالياً والمتوقع أن ينفجر يوما ما، كونه يمتلك أكبر قنبلة بشرية في العالم، على حد رأى علماء الجغرافيا السياسية.

ب. منطقة امتصاص الصدمة الأولى للحركات الأصولية والمتطرفة في آسيا وأفريقيا.

ج. مستودع طاقة هائل يمثل خط التزويد الرئيس للقوات المقاتلة في مسرح العمليات الدولي في أي منطقة في العالم، وكذلك محرك الطاقة للصناعات الحربية والثقيلة ولأساطيل وطائرات جماعات النسق الأول، لدى انفتاحها ضمن مسرح العمليات السوقي، ولإدامة الصناعات الثقيلة.

2. التهديد من الداخل، ويمكن تصنيفه كالتالي:

أ. يتمثل بالصراع بين القوميات الرئيسة الثلاث (العرب والفرس والأتراك)، إلا أن درجته وحدته غير خطيرة، بسبب عوامل التقارب في الدين والتاريخ والمصالح المشتركة.

ب. الصراع الاثني من أجل الاستقلال عن القومية الأم، ويتمثل في حركات الأكراد والبربر وغيرهم من الأقليات العرقية في المنطقة، ولا يحتمل أن يتعدى في حدته أكثر من حرب عصابات أو عصيان وعمليات انتقامية، يمكن السيطرة عليها والتعامل معها من قِبل الدولة السياسية الحاضنة لتلك الأقليات، ويكون حلها سياسيا بقبول الحكم الذاتي.

ج. التهديد الناجم من الأقلية القومية الإسرائيلية في المنطقة وإصرارها على نهج التفوق في القدرة والقوة العسكرية، وامتلاك قدرات الردع النووية في جميع الظروف، بما فيها السلام، معتمدة إستراتيجية تفوق وإرهاب نفسي، تعتقد بأنه أفضل وسيلة للبقاء ضمن جزيرة صغيرة في محيط عدائي من العرب، الذين يجمعهم مع الفرس والأتراك الدين والتاريخ والجوار. وعليه فهو التهديد الحقيقي الداخلي في منطقة الشرق الأوسط، والتهديد الأكثر خطورة للعرب، حتى لو حدث وانسحبت إسرائيل من المناطق العربية المحتلة وتحقق السلام.

تاسعاً: النزاعات والتوترات في منطقة الشرق الأوسط

تشهد المنطقة العديد من النزاعات والتوترات، من أهمها:

1. الصراع العربي/ الإسرائيلي المشتعل دائماً وخصوصاً القضية الفلسطينية في الوقت الحالي.

2. الوجود الكثيف للقوات الأجنبية في دول الخليج الستة.

3. التهديدات المستمرة من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لسورية وإيران.

4. نظرة الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية، للمنطقة على أنها راعية للإرهاب.

5. تنامى ظاهرة التطرف والإرهاب في المنطقة وانتشار المليشيات المسلحة.

6. احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاثة، منذ عام 1970 وحتى الآن، دون التوصل لحل لهذه المشكلة.

7. التوتر العسكري التركي مع العراق وسورية.

8. وجود مشكلات حدودية بين بعض الدول العربية وبعضها، لم تحل جذرياً حتى الآن.

9. عدم وجود أي إرادة سياسية لتنسيق إستراتيجية دفاعية عربية لتحقيق أمن قومي عربي، لمجابهة المتغيرات والتحديات على المستوى الدولي والإقليمي.

إن القضايا العربية المصيرية متروكة الحل لجهة أجنبية، ويجري تدويل كل مشكلة عربية، بدلاً من أن يأخذ النظام العربي موقفاً لحلها. وأبرز تلك المشكلات أزمة العراق، ابتداء من عام 1990، وتطوراتها حتى الآن. والصراع العربي/ الإسرائيلي المتروك للولايات المتحدة الأمريكية لتحركه، بتنسيق كامل مع إسرائيل كيفما تشاء. وما حدث في تونس ومصر والسودان، وما يحدث في سورية وليبيا، كما منحت الولايات المتحدة الأمريكية المسوغات لتنفيذ إستراتيجيتها في المنطقة.