إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / إدارة مياه النيل كمحدد للتعاون والصراع بين دول الحوض





موقع سد النهضة
نهر النيل
متوسط الموارد المائية لنهر النيل
مشروعات إثيوبيا المائية
المشروعات المائية المقترحة بين مصر والسودان لزيادة إيراد النهر
التوغل الأمريكي بدول حوض النيل والقرن الأفريقي
التدخل الأوروبي بدول حوض النيل والقرن الأفريقي
التغلغل الإسرائيلي بدول حوض النيل

نهر عطبرة
المشروعات المائية على نهر النيل
البحيرات العظمى
الدول المتشاطئة على البحيرات
الروافد المغذية للبحيرات
تصريفات نهر النيل
دول الهضبة الاستوائية
دول حوض النيل
حوض البحيرات العظمى



الفصل الأول

المبحث الثامن

مبادرة حوض النيل لعام 1999

في فبراير 1999، وقعت تسع من دول حوض النيل على محاضر متفق عليها لإنشاء المبادرة. وأُعلن رسمياً عن قيام مبادرة حوض النيل NBI، وهي تضم كلاً من مصر، والسودان، وإثيوبيا، وكينيا، وتنزانيا، وأوغندا، ورواندا، وبوروندي، والكونغو الديموقراطية. وشاركت إريتريا كمراقب.

تأسست مبادرة حوض النيل بهدف وضع إستراتيجية للتعاون بين دول حوض نهر النيل، لتحقيق التعاون والانتقال من مرحلة الدراسات إلى مرحلة تنفيذ المشروعات. وجدير بالملاحظة أنه لأول مرة انضمت كافة دول الحوض إلى آلية تعاونية بصفتهم أعضاء فاعلين وعاملين، ويُستثنى من ذلك إريتريا، التي أصبحت عضواً مراقباً لحين ترسيم حدودها مع إثيوبيا.

وقد ظهرت المبادرة إلى حيز الوجود من خلال الاجتماعات الوزارية بالمجلس الوزاري لوزراء الري والموارد المائية لدول الحوض، الذي يُعقد سنوياً في عواصم الدول الأعضاء. واستقر الرأي على إنشاء آلية (Nile Basin Initiative NBI)، ووقعت في دار السلام عاصمة تنزانيا.

ويهدف التحرك للتعاون ووضع إستراتيجيات على المستوى الإقليمي، سواء لحوض النهر كوحدة متكاملة، أو للأحواض الفرعية من خلال تنفيذ مشروعات تقوم بمبدأ الفائدة للجميع Win – Win.

أولاً: محاور المبادرة ومشروعاتها

تتكون المبادرة من محورين، يشتمل كل منهما على عدة مشروعات:

1. المحور الأول: مشروعات الرؤية المشتركة

تشمل هذه المشروعات حوض نهر النيل بأكمله (اُنظر شكل نهر النيل)، ويعني ذلك اشتراك جميع دول النهر في المشروعات التي سيتم تطبيقها، بعد إجراء الدراسات اللازمة. وتعتمد هذه المشروعات على الأسس التالية:

أ. التحليل الاقتصادي والبيئي والتخطيط للمشروعات

(1) الإدارة البيئية المحلية وعبر الحدود لدول النيل.

(2) تبادل الطاقة إقليمياً بين دول حوض النهر، من طريق الربط الكهربائي.

(3) الاستخدام الكُفء لمياه الإنتاج الزراعي.

(4) المشاركة في عائد التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ب. التخطيط والإدارة للمشروعات المشتركة للموارد المائية

    إدارة وتخطيط المصادر المائية، وبناء نظام دعم اتخاذ القرار.

ج. التدريب ورفع الكفاءة المؤسسية والبحث العلمي (في صورة تدريب تطبيقي).

د. بناء الثقة ومشاركة المنتفعين (مجالات الإعلام والاتصال).

    (اُنظر جدول مشروعات الرؤية المشتركة لجميع دول الحوض)

2. المحور الثاني: مشروعات الأحواض الفرعية

وتعني المشروعات التي يتم تنفيذها بين مجموعة دول تشترك في حوض واحد، مثل مشروعات الهضبة الإثيوبية على حوض النيل الشرقي، والذي يضم إثيوبيا، والسودان، ومصر.

وكذلك، مشروعات هضبة البحيرات الاستوائية على حوض النيل الجنوبي، والذي يضم كلاً من أوغندا، وكينيا، وتنزانيا، ورواندا، وبوروندي، والسودان، ومصر. (اُنظر خريطة الدول المتشاطئة على البحيرات)، و(خريطة حوض البحيرات العظمى)

وقد تنوعت المشروعات للأحواض الفرعية لتشمل أنشطة مختلفة، مثل:

·   مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي.

·   توليد الكهرباء.

·   الملاحة.

·   صيد الأسماك.

·   الصناعة والسياحة.

·   مشروعات حماية البيئة والحفاظ على التربة.

·   مشروعات تنظيم إيراد النهر.

·   مشروعات الحماية من الفيضانات.

·   التصحر.

·   مقاومة الحشائش وورد النيل.

·   الحفاظ على نوع المياه وحمايتها من التلوث.

·   رفع كفاءة استخدام المياه.

وقد شُكلت لجنة من فريقي عمل، في كل من الهضبة الإثيوبية والاستوائية، كالآتي:

أ. لجنة خبراء النيل الشرقي (مصر ـ السودان ـ إثيوبيا)

اتُفق على إنشاء مجلس بين دول الحوض الشرقي، وشُكل له مجلس وزاري من وزراء الموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا. كما شُكلت لجنة من الخبراء بها ثلاثة خبراء من كل دولة، وتكون مهمتها التعاون في إعداد المشروعات التي تهم المجموعة الفرعية. وانتهت اللجنة من إعداد الدراسات الخاصة بسبعة مشروعات، هي:

·   النموذج الرياضي للنيل الشرقي.

·   دراسة تنمية حوض نهر البارو بالكونغو.

·   الربط الكهربائي بين أسوان وإثيوبيا، واستثمار تبادل الطاقة.

·   مشروعات الري والصرف في الإطار الإقليمي.

·   إدارة مشكلات أحواض الهضبة الخاصة بانجراف التربة والأمور البيئية.

·   إنشاء وحدة لإدارة المشروعات المفتوحة.

ب. فريق خبراء النيل الجنوبي

أنشئ مجلس وزاري فرعي مماثل لمجموعة الهضبة الإثيوبية، وفريق عمل يتكون من خبراء من دول الهضبة الاستوائية (أوغندا ـ كينيا ـ تنزانيا ـ الكونغو ـ رواندا ـ بوروندي)، إضافة إلى مصر والسودان، لإعداد الدراسات الخاصة ببرامج المشروعات التالية:

·   ترشيد استخدام المياه في الزراعة.

·   الربط الكهربائي (سبعة مشروعات).

·   الإدارة المستدامة والمحافظة على البحيرات.

·   مقاومة الحشائش ونبات ورد النيل.

·   إدارة الأحواض وتنميتها (ثلاثة مشروعات).

·   وحدة تنسيق مشروعات النيل الجنوبي.

(اُنظر جدول مشروعات النيل الشرقي) و(جدول مشروعات النيل الجنوبي)

ثانياً: التعاون الإقليمي والدولي لإنجاح المبادرة والتوجهات السياسية

بانطلاق المبادرة، أصبح هناك واقعاً جديداً يتسم بروح التعاون بين دول حوض النهر، إضافة إلى المساهمة الدولية من بعض الدول والمؤسسات الإنمائية لمعاونة دول الحوض على إنجاح هذا التعاون الإقليمي، للاستفادة القصوى من مياه حوض نهر النيل وزيادة موارده.

1. التعاون الإقليمي

اتسمت المبادرة بروح التعاون والعلاقات الداعية للاستغلال الكامل والمنصف للموارد المائية، وأصبح هناك تنسيقاً واضحاً لتنفيذ مشروعات على مستوى الحوض بكامله، أو أحواضه الفرعية. ولهذا ظهرت توجهات التعاون القائمة على الآتي:

أ. قناعة الدول النيلية بأن التوزيع العادل لاستخدامات المياه ليس حصصاً مائية فقط، بل تتعداه إلى توزيع عادل للفوائد الاجتماعية والاقتصادية لجميع الدول المتشاطئة.

ب. أن هذا التعاون في إطار مبادرة NBI يُعد خطوة غير مسبوقة، لأنها جمعت كل دول الحوض، خلافاً للاتفاقيات السابقة، سواء كانت ثنائية بين دول الحوض، أو اتفاقيات وُقعت خلال الفترة السابقة على الاستقلال، ولم تراعِ مصالح دول الحوض، بل راعت مصالح الدول الاستعمارية.

ج. أن التعاون في إطار المبادرة لتنفيذ المشروعات التي تتضمنها، يسهم في حل المشكلات المؤدية لعدم الاستقرار، كما يؤدي إلى التنسيق بين دول الحوض لحسن استخدام الموارد المائية وتنميتها.

د. إجماع إرادة الدول وتنسيقها من خلال أطر الاتفاقية، لمحاولة الاستفادة من المشروعات، سواء كانت مشتركة أو فرعية، والمساهمة في تمويلها مع الجهات الأخرى، سواء كانت مؤسسات تمويلية أو دولاً مانحة.

2. التعاون الدولي

أ. الدول الصناعية الثمانية

التزمت كل من ألمانيا، واليابان، وفرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، وروسيا، والولايات المتحدة الأمريكية، بالمعاونة في المشروعات الخاصة بمجال المياه والمرافق، وبذلك قدمت الدعم اللازم لهذه المشروعات، في إطار من الشراكة مع النيباد.

ب. الولايات المتحدة الأمريكية

اشتركت في العديد من المبادرات التي تهدف إلى التنمية المستدامة، بدعمها المقدم إلى مبادرة حوض النيل، والذي يوجه أساساً إلى صندوق مياه حوض النيل والاتحاد الدولي للتعاون في النيل.

ج. إسهامات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة FAO

تكون إطار مساعدات الأمم المتحدة لخطة التنمية الإدارية لنهر النيل، التي تستهدف تنمية الأبحاث والدراسات المتخصصة.

د. إسهامات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة

يدعم بيئة النيل العابر للحدود، ويهدف إلى تحسين البيئة والارتقاء بها (الأرض ـ الغابات ـ المياه)، إضافة إلى الوعي بالتعليم البيئي.

هـ. البنك الدولي

يسهم بالمشاركة مع صندوق النقد الدولي في تسهيل الحصول على المنح والقروض لدول الحوض. وقد خصصت الدول المانحة من خلاله حوالي 140 مليون دولار لدعم مشروعات حماية البيئة وتوليد الطاقة.

و. الوكالة الكندية للتنمية

تسهم بالاشتراك مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، بدعم مبادرة حوض النيل، من طريق عمل عدة مشروعات، وتقديم منح صغيرة لدول الحوض لإنجاح المبادرة، لتحقيق التنمية المستدامة، والتنمية الاقتصادية، والحد من الفقر، ودفع عمليات التكامل بالإقليم.

وقد جاء اهتمام الوكالة الكندية للتنمية بالبرامج والمشروعات المتعلقة بمبادرة حوض النيل، من خلال برنامج المساعدة الرسمية للتنمية. وهذا البرنامج يهتم بموضوعات، مثل كيفية الحصول على المياه ونوعيتها، ومكافحة الفقر، والإسهام في السلام والأمن الدوليين.

وقد خصصت الوكالة الكندية مبلغ 600 مليون دولار كندي لدعم برامج التنمية في أفريقيا، بما في ذلك وضع قوانين تحكم الموارد المائية وإدارتها.

وأسهمت الوكالة الكندية بدعم مال قدره 26 مليون دولار كندي، لدعم مشروعين في إطار المبادرة لمدة خمس سنوات، من عام 2003 حتى عام 2008، وهما:

(1) مشروع عمل البيئة العابرة للحدود في حوض النيل، وهو جزء من مشروعات الرؤية المشتركة لمبادرة حوض النيل (مشروعات حوض النهر ككل).

(2) مشروع مساقط المياه لحوض النيل الشرقي، وهو جزء من برنامج المشروعات الفرعية للأحواض.

كما أسهمت بدعم مالي قدره مليون دولار كندي، لسكرتارية النيل، وهي تتولى التنسيق التعاوني بين دول الحوض، كم أنها المنظم لسلسلة مؤتمرات النيل، التي يشترك فيها الدول النهرية والمساهمين والداعمين لأبحاث الموارد المائية.

3. التوجهات السياسية

تحت مسمى "إدارة المياه الدولية"، وتقديم المساعدات المالية لدول الحوض، نجد أن هناك توجهات سياسية رئيسية تجاه دول الحوض، اختلفت ارتفاعاً أو انخفاضاً بين مجموعة الدول المانحة وغير المانحة. فنجد أن الدول المانحة لم يظهر لها توجه سياسي واضح لإقامة تحالفات أو شراكة، عدا الولايات المتحدة الأمريكية، التي أظهرت توجهها السياسي بوضوح، إضافة إلى إسرائيل، التي مع أنها ليست من الدول المانحة، إلا أنها أظهرت توجهها السياسي الواضح نحو بعض دول حوض نهر النيل.

أ. الولايات المتحدة الأمريكية

لكونها أهم قوة فاعلة في النظام العالمي الجديد، فيلاحظ وجود مرحلتين في السياسة الأمريكية تجاه القارة الأفريقية:

(1) مرحلة التهميش من عام 1990 حتى عام 1996: وفي هذه المرحلة تجاهلت السياسة الأمريكية أفريقيا بوجه عام، وظلت القارة مهمشة.

(2) مرحلة الاهتمام الأمريكي منذ عام 1997: وعبرت فيها السياسة الأمريكية عن الاهتمام بالشأن الأفريقي، خاصة في عهد الرئيس كلينتون، حيث سعت إلى تأسيس شراكة أمريكية ـ أفريقية. وفي هذا الإطار تشترك الولايات المتحدة الأمريكية مع عديد من المنظمات الدولية والهيئات الحكومية وغير الحكومية، التي تعمل في مجال المياه، وتدعم مبادرة حوض النيل في صورة دعم غير مباشر، يوجه لصندوق مياه النيل والاتحاد الدولي للتعاون في النيل.

ب. إسرائيل

أقنعت إسرائيل إثيوبيا باستكمال المشروعات المشتركة التي توقف العمل بها، وتشمل تلك المشروعات إقامة أربعة سدود على النيل لحجز المياه وتوليد الكهرباء، وضبط حركة المياه باتجاه السودان ومصر، وذلك بهدف إشغال مصر في قضية تمس أمنها القومي، وقدمت الخبرة الاستشارية إضافة إلى معونة مالية تفوق المائتي مليون دولار.