إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / إدارة مياه النيل كمحدد للتعاون والصراع بين دول الحوض





موقع سد النهضة
نهر النيل
متوسط الموارد المائية لنهر النيل
مشروعات إثيوبيا المائية
المشروعات المائية المقترحة بين مصر والسودان لزيادة إيراد النهر
التوغل الأمريكي بدول حوض النيل والقرن الأفريقي
التدخل الأوروبي بدول حوض النيل والقرن الأفريقي
التغلغل الإسرائيلي بدول حوض النيل

نهر عطبرة
المشروعات المائية على نهر النيل
البحيرات العظمى
الدول المتشاطئة على البحيرات
الروافد المغذية للبحيرات
تصريفات نهر النيل
دول الهضبة الاستوائية
دول حوض النيل
حوض البحيرات العظمى



المبحث الثالث عشر

المبحث الثالث عشر

الاستغلال الأمثل لموارد مياه النيل

أولاً: الاحتياجات المائية المستقبلية لدول حوض النيل

يتفاوت نصيب كل دولة من الدول الإحدى عشر من السكان، كما تتفاوت الدول في مساحاتها، ومن ثَمَّ في الكثافات السكانية والتوزيع الجغرافي للسكان بها. كما تتباين الدول في معدلات نمو سكانها ومن ثَمَّ، سيستمر تباين الحجم السكاني وتغير ترتيب دول الحوض حسب حجم سكانها وفقاً لسرعة نمو سكانها في العقود القادمة، وهو ما سيزيد احتياجات سكان دول الحوض للمياه من أجل الاستخدامات المختلفة.

يضاف إلى ذلك اتجاهات الحكم، والعلاقات الدولية، والأجندات الداخلية والأجنبية، وأزمات المياه والطاقة والغذاء، على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، ولكل ذلك دور فاعل بدرجة أو بأخرى في بروز مشكلات المياه في دول حوض النيل. ومن المتوقع تفاقم تلك المشكلات مع التزايد السكاني المتوقع، والذي يمكن من طريق الإسقاط السكاني توقعه. وإذا كان حجم سكان حوض النيل بلغ، عام 2013، نحو 566.7 مليون نسمة، فمن المتوقع أن يبلغ أكثر من 770 مليون نسمة تقريباً، عام ٢٠٢٥، وسيستمر في التزايد ليصل إلى أكثر من مليار نسمة مع منتصف القرن الحادي والعشرين، وذلك حسب سيناريو النمو، ليتجاوز سكان كل من الكونغو وإثيوبيا ١٧٠ مليون نسمة، وسكان أُوغندا 126.95 مليون نسمة، وسكان مصر 125.9 مليون نسمة، وهكذا كل دول الحوض.

سيؤدى ذلك إلى تزايد الضغط على الأراضي المنتجة وموارد المياه وغيرها، ما يشكل ضغطاً شديداً متوقعاً على سائر الموارد والمرافق والخدمات، وهي التي تعاني قصوراً وتدهوراً كبيراً في حالات كثيرة، حيث تتباين وتتدنى مستويات التنمية البشرية والاقتصادية والمستدامة بين دول الحوض التي يقع معظمها بين الدول الأقل تنمية أو الأشد فقراً بين دول العالم.

1. الاحتياجات المستقبلية من المياه لمصر حتى 2017

تقتصر إمدادات المياه في مصر على حصتها من نهر النيل، وقد انخفض نصيب الفرد في مصر من المياه من 20 ألف م3 سنوياً، في بداية القرن التاسع عشر، إلى أقل من 800 م3 سنويا في عام 2012، فتعداد السكان في ازدياد مستمر، من أقل من 2.5 مليون عام 1800، إلى أكثر من 60 مليون عام 1996، إلى أكثر من 86 مليون عام 2013، وهي أحد الأسباب الرئيسة للانخفاض الحاد في نصيب الفرد في البلاد من المياه، حيث يعيش ما يقرب من 94% من سكان مصر في وادي النيل والدلتا.

يعمل أكثر من 60% من المصريين في الزراعة، ونهر النيل يوفر نحو 96.5% من احتياجات مصر من المياه، ويمثل مجال الزراعة في مصر 88% من استهلاك المياه. بالإضافة إلى الزراعة، فالمياه في مصر تُستخدم لأغراض الشرب والصناعة والطاقة الكهرومائية وصيد الأسماك والسياحة، وغيرها من الاستخدامات المحلية، ومن المتوقع أن يصل تعداد السكان في مصر إلى 115 مليون نسمة، في عام 2030، مما يتطلب التوسع الزراعي وزيادة المدن السكنية، ومن ثَم فإن البلاد سوف تواجه زيادة في الاحتياجات من المياه.

بهدف توضيح الاستخدام الحالي للمياه في مصر، فإن هناك مقارنة بين الموارد المائية في مصر، في عام 1997، والموارد في عام 2012. حيث بلغ مجموع الموارد المائية لمصر 63.9 مليار م3، عام 1997 (55.5 مليار م3 تمثل حصة مصر من مياه النيل، بالإضافة إلى 3.7 مليار م3 من مياه الصرف الزراعي المعاد استخدامها، و4.7 مليار م3 من المياه الجوفية)، وطبقاً لبيانات وزارة الموارد المائية والري، بلغ مجموع الموارد المائية لمصر 70.53 مليار م3، عام 2012، (55.5 مليار م3 تمثل حصة مصر من مياه النيل، بالإضافة إلى 7.53 مليار م3 من مياه الصرف الزراعي المعاد استخدامها والأمطار وتحلية مياه البحر، و7.5 مليار م3 من المياه الجوفية).

تمثلت احتياجات مصر المائية، عام 1997، في 55.1 مليار م3 للزراعة، و8.8 مليار م3 لأغراض الشرب والصناعة وغيرها من المجالات، بإجمالي احتياجات نحو 63.9 مليار م3. أما في عام 2012، وطبقاً لبيانات وزارة الموارد المائية والري، فالاحتياجات وصلت إلى 75.5 مليار م3، بعجز عن الموارد نحو خمسة مليارات م3، سُحبت من مخزون المياه في بحيرة ناصر، وهنا ينطبق على مصر حالة "الندرة المائية" أو "الفجوة المائية".

أ. الاحتياجات المستقبلية من المياه في مجال الزراعة

يوجد حالياً في مصر ثمانية ملايين فدان من الأراضي الزراعية الدائمة، والتي تحتاج إلى الري ومعظمها مزروعة حالياً، بالإضافة 3.4 مليون فدان مخطط زراعتها، بناءً على خطط التوسع الأُفقي، حتى عام 2017، ومن أجل حساب احتياجات مصر المائية للزراعة، فإن كل فدان من 3.4 مليون فدان تحتاج إلى 5200 م3 للأراضي المنخفضة، وسبعة آلاف م3 للأراضي العليا والصحراء الغربية وسيناء، تستخدم أنظمة ري متطورة. وعندما نضع في الحسبان المحاصيل الزراعية التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، فإن متوسط الاستهلاك المائي لري الأراضي يكون أربعة آلاف م3 تقريبا. ومن ثَم تحتاج مصر إلى نحو 23.2 مليار م3 من المياه لزراعة 3.4 مليون فدان، من أجل تنفيذ خطة التوسع الأُفقي في قطاع الزراعة، حتى عام 2017.

ب. الاحتياجات المستقبلية من مياه الشرب

طبقاً للتقديرات فإن عدد سكان مصر، عام 2012، قُدر بنحو 84 مليون نسمة، والاحتياجات الحالية لمياه الشرب قُدرت بنحو 9.7 مليار م3 سنوياً، وباستخدام متوسط الاحتياجات اليومية للشخص الواحد في اليوم الواحد، وبالنظر إلى أن متوسط الفاقد في شبكات التوزيع هو 50%، بسبب تهالك شبكات المياه، وطبقاً لتوقعات الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، فإن متوسط الاحتياجات اليومية من المياه للفرد سوف تزداد إلى أكثر من 25%، ويرجع ذلك إلى ارتفاع مستوى المعيشة، في عام 2017، بالإضافة إلى أن معدل الزيادة في التعداد السكاني يقدر بنحو 2.1% سنويا. فمن المتوقع أن يصل عدد السكان إلى 100 مليون نسمة، عام 2017. لذا فإن المتوقع أن يصل الاحتياجات من مياه الشرب في مصر إلى 14.42 مليار م3.

ج. الاحتياجات المستقبلية من المياه للصناعة

تُعد المياه السطحية (النيل وشبكات الري)، هي المصدر الرئيس لتلك الاستخدامات، حيث تبلغ نسبتها نحو 53% من إجمالي الاستخدامات، بينما تبلغ نسبة ما يصل إلى المصانع من الشبكات العامة لمياه الشرب نحو 28%، ومن المياه الجوفية 17%، وبلغ الاستهلاك الفعلي للمياه في الصناعة نحو 7.5 مليار م3، في عام 2000، وسوف يصل إلى 10.6 مليار م3 عام 2017.

د. الاحتياجات المستقبلية من المياه للملاحة النهرية والخدمات السياحية

تُعد الملاحة النهرية من وسائل النقل الاقتصادية على مدار العام، وتأتى في مقدمتها الملاحة السياحية، وتُعد كميات المياه التي تُصرف في النيل والرياحات خلال العام كافية لهذه الملاحة.

هـ. الاحتياجات المستقبلية من المياه للثروة السمكية

تحتاج الكائنات الحية إلى مياه جيدة النوع، ولذلك فإن الحفاظ على جودة النوع ومناسيب المياه وسرعتها وعمقها، والظروف الطبيعية تُعد من العوامل المهمة للحفاظ على الاتزان البيئي. وتُقدر المزارع السمكية التي قام بتجميعها مشروع الخطة المتكاملة لتنمية الموارد المائية بنحو 55.7 ألف فدان، وتقدر احتياجات الفدان من المزارع السمكية العميقة بنحو 1400 م3 سنوياً، بينما يحتاج الفدان من المزارع السمكية السطحية إلى نحو 1185 م3 سنوياً.

و. الاحتياجات المستقبلية من المياه لتوليد الطاقة الكهرومائية

لا يحتاج توليد الطاقة الكهرومائية إلى كميات مياه إضافية عما يتم صرفه للأغراض الأُخرى، بعد تنفيذ شبكة الربط الكهربائي على مستوى الجمهورية، والاعتماد على المحطات الحرارية، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة النووية مستقبلاً.

ز. التوازن بين الموارد والاحتياجات من المياه في مصر

يُوضح التوازن العلاقة بين الموارد والاستهلاك من المياه، ويعتمد على ثلاث عناصر:

(1) العنصر الأول: يمثل كمية المياه المنصرفة من السد العالي ومياه الأمطار، وأي موارد محتملة أُخرى.

(2) العنصر الثاني: يمثل البخر وكمية المياه المنصرفة في البحر.

(3) العنصر الثالث: التغير في كمية المياه المخزنة في نظام المياه (المياه الجوفية والسطحية).

وبتطبيق نظام الاتزان المائي لمصر عام 1997، والاحتياجات المائية لمصر عام 2017، فإنه من الواضح أن العجز من الاحتياجات المائية سوف يكون 18.1 مليار م3 من المياه (يقدر العجز حالياً بنحو خمسة مليارات م3).

2. الاحتياجات المستقبلية من المياه لدول حوض النيل

يتأثر الطلب على المياه في المستقبل لدول حوض النيل بالكثير من العوامل والتحديات، تشمل المجاعة، والجفاف، والفقر، والتصحر، والصراعات الداخلية، والاحترار العالمي، والتغيرات البيئية، والنمو السكاني. وحيث إن حكومات دول حوض النيل تتطلع لتحقيق السلام والاستقرار، من خلال بناء نظم اقتصادية وأمنية قوية، وجب عليها مجابهة تلك التحديات.

هناك ستة دول في منطقة حوض النيل عند المنابع، هي كينيا، وأُوغندا، وتنزانيا، وبوروندي، ورواندا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، هذه البلدان لم تشارك في أي أنشطة اقتصادية كثيفة الاستخدام للمياه على نهر النيل خلال القرن الماضي؛ يرجع ذلك في جزء كبير إلى اتفاقية مياه نهر النيل، في عام 1929، والتي عُدِّلت في وقت لاحق، عام 1959.

توافر المياه واحد من العوامل الرئيسة في تحقيق أهداف السلام والأمن. كشفت دراسة صادرة عن منظمة الأغذية والزراعة (FAO) أن هناك إمكانات كبيرة للري في منطقة حوض النيل، وتوضح أن بورندي ورواندا وتنزانيا وكينيا وجمهورية الكنغو الديموقراطية وأُوغندا، تمتلك مساحات تصلح للري تبلغ مليوني فدان، وأن مساحة الأرض التي تزرع بالري لا تزيد عن 573.809 فدان، تمثل 25% من المتاح للري.

كما تمتلك أُوغندا أكبر مشاريع الري ضمن تلك الدول، فأُوغندا تمتلك 480.950 فدان، يُزرع منها فعلياً 13.095 فدان. وتمتلك كينيا 428.571 فدان. بينما تمتلك روندا 357.142 فدان، وبوروندي نحو 250 ألف فدان، وجمهورية الكونغو الديموقراطية نحو 23.809 فدان. علاوة على ذلك فإن تلك الدول استثمرت بكثافة من المساعدات الأجنبية من دول مثل الصين، في بناء السدود لإدارة المياه من أجل الري وتوليد الطاقة.

كانت إثيوبيا الدولة الأُولـى في البدء في بنـاء سدود جديدة، يليها أُوغندا التي تمتلك 12 مشروعاً للسدود. وتنزانيا تُنفذ مشروع مضخات عملاق يسمح بسحب المياه من بحيرة فيكتوريا، لكي يتم إمداد السكان بمياه الشرب. وكينيا أيضا تُخطط لتطوير قدراتها في الري بإنشاء سدود للإمداد بالطاقة الكهرومائية ولمنع الفيضانات.

لا توجد بيانات دقيقة عن كمية المياه المستهلكة، وتأثير الزيادة في عدد السدود وسحب المياه من بحيرة فيكتوريا في جميع أنحاء المنطقة، ولكن النتائج الواضحة هي انخفاض كبير في معدلات تدفق المياه إلى دول المصب، والتي تؤثر تأثيراً كبيراً في نصيب مصر والسودان من المياه.

أيضا بالنسبة لجنوب السودان فليس هناك بيانات دقيقة تبين استخداماته الحالية من المياه، أو الاحتياجات المستقبلية. وأعلنت جنوب السودان أن الأولوية القصوى لها سوف تكون تطوير مشروعاتها الزراعية من أجل توفير المطالب الغذائية للنمو السكاني، الذي يشهد نمواً سريعاً. حيث إن تعداد السكان في جنوب السودان، عام 2012، قُدر بنحو 8.4 مليون نسمة، ومعدل النمو السكاني السنوي بنحو 3%، ومن المتوقع أن يصل التعداد السكاني إلى 25 مليون نسمة، بنهاية عام 2050.

علاوة على ذلك فإن جنوب السودان لديها إستراتيجية لبناء العديد من السدود على النيل الأبيض، من أجل الإمداد بالطاقة الكهرومائية والمياه، من أجل المشروعات الاقتصادية.

3. التهديدات والتحديات التي تواجه مصر وبقية دول حوض النيل

تواجه مصر، جنباً إلى جنب، مع دول حوض النيل، العديد من التحديات التي ترتبط بمجموعة متنوعة من العوامل. ترتبط التحديات التي تتقاطع مع كل الحدود إلى القضايا الاقتصادية، وأيضا تحديات أخرى ترتبط بدوافع سياسية. بالإضافة إلى التغيرات المناخية والظواهر الطبيعية، التي تؤثر على معظم، إن لم يكن كل دول حوض النيل.

إن التحدي الرئيس الذي يواجه مصر اليوم هو تأكيد الحقوق التاريخية لمياه النيل، وإقناع دول حوض النيل الأُخرى بهذه الحقوق. أيضا احتياجاتها المتزايدة للمياه من بين دول حوض النيل الأُخرى، من أجل مواجهة ظروف الجفاف والتصحر، والنمو السكاني ومتطلبات الزراعة، وهو تحدٍ أخر يضاف إلى العقبات التي تواجه مصر في محاولتها حل مشكلتها من ندرة المياه.

أ. التحديات السياسية التي تواجه دول حوض النيل

انعدام الاستقرار في معظم دول حوض النيل، خاصة الجزء الجنوبي من الحوض، يُؤثر بالسلب على العلاقات بين تلك الدول وباقي دول الحوض، وأيضاً الاختلاف الكبير في الاتجاهات والميول بين دول المنبع والمصب، يُؤثر على العلاقات السياسية بينهما. بالإضافة إلى التدخلات الخارجية في شُؤون دول الحوض، والمحاولات من بعض الدول الأجنبية مثل الصين وإسرائيل، في التأثير على العلاقات السياسية بين دول الحوض، تمثل واحدة من أهم الآثار السلبية على العلاقات السياسية في منطقة حوض النيل.

ب. التحديات الطبيعية والبيئية التي تواجه دول حوض النيل

(1) تدهور التربة الناجم عن القطع الجائر للأشجار في أعالي النيل وإثيوبيا. بالإضافة إلى الرعي الجائر الذي يؤدي إلى إزالة الغطاء النباتي من الأراضي، ويسبب تآكل التربة ويؤدي إلى تدهورها، ما يتطلب المزيد من المياه لزراعة هذه الأراضي ذات التربة المتدهورة.

(2) تلوث نهر النيل يعدّ هو أيضا تحدياً بيئياً كبيراً لجميع دول حوض النيل.

(3) يُعد الجفاف أحد نتائج التغيرات الطبيعية والبيئية والمناخية في منطقة حوض النيل، وقد أثر الجفاف في عدد كبير من البلدان الأفريقية، في ثمانينيات القرن العشرين. كما ترك الجفاف آثار كارثية تمثلت في اختفاء الغابات والمراعي في الأراضي شبه القاحلة، وتدهور التربة نتيجة انخفاض مستوي المياه الجوفية أو انعدامها.

(4) التصحر هو العقبة التي تواجه العديد من دول حوض النيل. فنحو 40% من الأراضي الإثيوبية كانت مغطاة بالغابات، في بداية القرن العشرين، واليوم تعاني إثيوبيا من تراجع كبير في الغطاء النباتي، الذي أصبح يغطي أقل من 4% من مساحة الأراضي الإثيوبية. والسودان والتي لديها أطول جزء من مجرى نهر النيل، يعاني أيضا من التصحر.

(5) فيضانات نهر النيل ظاهرة طبيعية لها آثار مدمرة على حياة الإنسان والحيوانات والنباتات. ولتجنب هذه الآثار ينبغي لجميع دول حوض النيل أن تتعاون مع بعضها البعض، ومحاولة تقديم البيانات والمعلومات المطلوبة للإنذار المبكر، واتخاذ التدابير اللازمة من أجل الاستفادة من مياه النيل الزائدة.

ج. التهديدات التي تواجه حصة مصر من مياه النيل

أعلنت معظم دول حوض النيل أنها ترفض العديد من الاتفاقات القديمة التي تنظم حصص مياه النيل. وخاصة تلك الاتفاقات التي تمنعها من القيام بأي أنشطة على مجرى النيل من دون موافقة مصر والسودان. أيضا تنوي هذه الدول إصدار أُطر جديدة لاستخدام مياه النيل. هذه الأعمال سوف تؤثر تأثيراً كبيراً على حصص مصر والسودان من مياه نهر النيل.

د. التهديدات الإثيوبية للمياه المصرية

بسبب الجفاف الذي ضرب القرن الأفريقي، في ثمانينات القرن الماضي، حددت إثيوبيا أولويات سياستها الرامية إلى التوسع الزراعي، هذا التحول يعتمد على مياه الري لتلبية مطالب النمو السكاني، بالإضافة إلى ذلك أُعطيت أولوية لمشاريع توليد الطاقة من بين جميع المقترحات المائية الأُخرى، واضطرت الحكومة الإثيوبية لزيادة حصتها من مياه النيل، وطلبت المساعدة من مكتب الولايات المتحدة الأمريكية للاستصلاح، من أجل إجراء دراسة جدوى لتطوير حوض النيل الأزرق. هذه الدراسة اقترحت ثلاثة وثلاثين مشروعاً، معظمها تُؤثر على موارد النيل في مصر.

شملت هذه المشروعات بناء أربعة سدود كبيرة، مابيل، ومينديا، كاردي، وأخر على الحدود الإثيوبية ـ السودانية "سد النهضة"، وزرع ما يقدر بنحو مليون فدان من الأشجار. وتقدر المياه اللازمة لهذه المشاريع بـ5.2 مليار م3 سنوياً. (اُنظر جدول المشروعات الإثيوبية المؤثرة على موارد مصر المائية)

تلقت إثيوبيا التمويل من السوق الأُوروبية المشتركة لبناء سد على نهر النيل، الغرض منه تخزين ما يصل إلى 74 مليار م3 من المياه سنوياً. وتشمل المشروعات الأُخرى الإثيوبية، سداً على نهر الفارو أحد روافد نهر السوباط. هذه المشروعات لتخزين نحو 1,5 مليار م3 من المياه سنوياً، لاستصلاح 750 ألف فدان من الأراضي. كما قامت إيطاليا بتمويل مشروعين آخرين على النيل، وكلاهما من شأنه أن يخزن نحو 100 مليون م3 لاستصلاح 25 ألف فدان من الأراضي.

بالرغم من توقيع إثيوبيا على إطار التعاون مع مصر، عام 1993، فإن إثيوبيا لا تزال تعارض إقامة مشاريع على موارد النيل لكل من مصر والسودان في أعالي النيل.

هـ. التهديدات الإريترية للمياه المصرية

منذ الاستقلال، في عام 1993، انتهجت الحكومات الإرتيرية المتعاقبة سياسات غامضة، ولكن غالبية الأدلة تعكس التشابه بين إريتريا والموقف الإثيوبي تجاه مصر والسودان.

و. التهديدات من دول الهضبة الاستوائية للمياه المصرية

(1) تشمل دول الهضبة الاستوائية كل من تنزانيا، وأُوغندا، وكينيا، ورواندا، وبوروندي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية. تظهر هذه الحكومات نفس الموقف تجاه مصر والسودان. حيث إنهم يرفضون الاعتراف باتفاقات مياه النيل القائمة ويحاولون تغيرها.

(2) تسعى تنزانيا إلى إقامة مشروعات مشتركة مع كل من رواندا وبوروندي، في محاولة لاستغلال مياه نهر كاجيرا وبحيرة فيكتوريا، لزراعة 55 ألف فدان من القطن. كما تعتزم تنزانيا أيضاً استخدام نحو 30 مليار م3 من مياه النيل لزراعة نحو عشرة ملايين فدان في مقاطعة شينيا.

(3) تُخطط أُوغندا حالياً عدة مشاريع في منطقة تونغا، هذه المشاريع سوف تُؤثر على تخزين المياه في بحيرة ألبرت، ما يحد من تدفق المياه في النيل الأبيض. أيضاً تخطط أُوغندا لبدء خمسة مشروعات توليد للطاقة الكهربية، خزان بوجاغالي، وخزان كوميدني، وخزان الامار ايزون، وأبوجا 1، وأبوجا 2. وتقدر مخاطر تلك المشروعات بتقليل تدفق المياه عند خزان أسوان بنحو ثلاثة مليارات م3.

(4) تستخدم كينيا 16٪ فقط من مياه النيل الواردة إليها، ولا تزال تظهر تحامل أكبر من معظم دول حوض النيل الأُخرى تجاه اتفاقيات مياه النيل الحالية. وتسعى كينيا لتوفير المياه لاستصلاح نحو 755 ألف فدان حول بحيرة فيكتوريا، كما أنها بدأت بالفعل في استصلاح 120 ألف فدان، تتطلب نحو مليار م3 من مياه النيل.

(5) تستهدف كل من رواندا وبوروندي التوسع في الأراضي الزراعية وأنظمة توليد الطاقة الكهربائية، حيث تخططان لإنشاء خزان كبير (روسو)، بالتعاون مع حكومة تنزانيا. ومن المتوقع أن يحجز هذا الخزان نحو مليار م3 من مياه النيل سنوياً.

(6) جمهورية الكونغو الديمقراطية هي الدولة الأكثر تعاوناً في المنطقة، حيث تعتزم بناء سد على بحيرة ألبرت من أجل تخزين المياه، والذي (إذا أكتمل) من شأنه أن يزيد حصة مياه النيل في مصر.

ز. التهديدات دولة جنوب السودان للمياه المصرية

تطلعات الدولة الجديدة في جنوب السودان في مياه النيل تؤثر تأثيراً مباشراً على المصالح المصرية في حوض النيل، حيث إن حصة مصر الكاملة من النيل تمر عبر جنوب السودان. ومن المتوقع أن خطط جنوب السودان لإنشاء مجموعة متنوعة من السدود ومشاريع على نهر النيل، من أجل زراعة الأراضي القاحلة، وتوليد الطاقة لمقابلة النمو السكاني (إذا تمت)، فإن هذه المشاريع تمثل تهديد مباشراً لحصة مصر السنوية من مياه النيل.

ثانياً: القواعد والأحكام المنظمة لاستغلال المياه بين دول حوض النيل

هناك مجموعة من المبادئ التي تنظم استغلال المياه الدولية المشتركة بين عدة دول، كالآتي:

·       حُسن الجوار وحُسن النية.

·       عدم الإضرار بالغير والتعاون فيما بينهم.

·       حق الدول المشتركة في حوض النهر الدولي في استخدام المياه بصورة عادلة ومقبولة من دول الحوض.

·       عدم إلحاق الضرر بالغير، والتعويض عن الأضرار.

·       اللجوء إلى التفاهم والمفاوضات والوساطة قبل اللجوء إلى القانون الدولي في حل المنازعات المائية.

علماً بأنه لا يوجد في الوقت الحاضر قانون مقبول من جميع الدول ينظم استخدام مياه الأنهار الدولية، وإن كانت هناك اتفاقية لمثل هذا القانون أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الحادية والخمسين (مايو 1997)، دعت فيها الدول والمنظمات الإقليمية للتكامل الاقتصادي، ولكن الدول رفضت التوقيع، ووجدت أغلب الدول في بعض مواد هذه الاتفاقية ما يمكن أن يعارض أو يخلخل اتفاقياتها القائمة التي تعيش في ظلها.

يخضع حوض النيل للقوانين والقواعد والأعراف والاتفاقيات التي تتعلق باستخدام الأنهار وإدارتها، مثل كل الأنهار الدولية، كالآتي:

·       مبادئ القانون والعُرف الدولي.

·       قواعد اجتماع هلسنكي لجمعية القانون الدولي، عام 1966.

·      اتفاقية المحافظة على الطبيعة والموارد الطبيعية، والتي أقرتها منظمة الوحدة الأفريقية، عام 1968، والتي أعلنت أنه يجب أن تتشاور الدول التي تشترك في نهر دولي واحد، من خلال عقد لجان لبحث المشكلات وعمل اتفاقيات مشتركة بشأن تنظيم استغلال المياه.

1. القواعد والأحكام الدولية التي تُنظم استغلال المياه

أ. قاعدة المساواة القانونية بين الدول النهرية أو الحوضية

تقضي بتساوي الدول التي تشارك في نهر دولي أو حوض مائي دولي، وتؤدي تلك المساواة أنه لا يحق لدول الإحباس العليا التأثير على دول الإحباس المنخفض، وتلك مساواة قانونية وليس من الضروري أن تنتهي إلى مساواة فعلية واقعية.

ب. قاعدة السيادة الإقليمية المقيدة

يكون بمقتضاها لكل دولة نهرية أو حوضية أن تمارس حقوق السيادة على قطاع النهر أو الحوض الدولي الواقع في إقليمها، ولكن هذه السيادة ليست مطلقة بل مقيدة بالالتزام باحترام حقوق سائر الدول النهرية أو الحوضية المشاركة.

ج. قاعدة الاقتسام العادل

تفترض هذه القاعدة وجود احتياجات فعلية لعدة دول في مياه النهر الدولي المشترك، ولكنها تتعارض فيما بينها، فيكون المعيار على ضوء ما استقر عليه العُرف الدولي من الاقتسام العادل للمنافع، والموازنة بين الاحتياجات الفعلية لكل دولة بالعدل، وهذه المسألة تتوقف على ظروف كل دولة، مثل عدد السكان، ومدى غزارة الأمطار أو ندرتها، ومدى اعتمادها على مياه النهر، ومدى توفر مصادر أخرى، وغيرها.

د. قاعدة تحريم الضرر

تقضي بأنه لا يجوز لإحدى الدول النهرية الشريكة أن تسبب ضرراً لسائر شركائها في الحوض المشترك، فلا يجوز للدولة النهرية العليا تلويث المياه، بما يؤدي إلى تغيير تركيبه الطبيعي أو خواصه تغييراً ضاراً بأقاليم الدول النهرية المنخفضة أو بسكانها، كما لا يجوز للدولة النهرية المنخفضة أن تحجز المياه من طريق خزان يكون أمامه بحيرة صناعية فتسبب إلحاق الضرر بإقليم الدول الأعلى وسكانها.

هـ. قاعدة احترام الحقوق التاريخية

وهي قاعدة عامة في القانون الدولي وليست قاصرة على الأنهار الدولية فقط، ويُشترط وجود ممارسة ظاهرة ومستمرة يقابلها موقف سلبي من جانب الدول الأخرى، وأن يستمر ذلك الموقف السلبي طوال فترة زمنية كافية لاستخلاص قرينة ما يُسمى بالتسامح العام من جانب الدول الأخرى.

و. قاعدة الالتزام بالتشاور

عند تنفيذ مشروعات خاصة بالنهر تمس حقوق أو مصالح الدول الأخرى.

2. المواد الأساسية والعامة لاتفاقية حوض النيل (اتفاقية عنتيبي)

أ. المادة 4: تخص الاستخدام المنصف والعادل لمياه النهر، والمعايير التي على أساسها ستقوم مفوضية حوض النيل بتحديد الحصص المائية لدول النهر.

ب. المادة 5: تنص على عدم التسبب في حدوث ضرر بالغ لأي دولة من دول الحوض، وفي حالة حدوث مثل هذا الضرر، فإنه على الدولة المتسببة في الضرر أن تقوم بالتشاور مع الدول المتضررة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لدفع هذا الضرر أو تخفيفه، وعند الاقتضاء مناقشة التعويضات المادية عنه.

ج. المادة 6: تختص بحماية البيئة في حوض نهر النيل والمحافظة على نطاقه الطبيعي (الأيكولوجي)، بل وإعادة تأهيله إذا لزم الأمر، وهي تغطي ما جاء في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997، وقواعد هلسنكي لعام 1966، من أحكام، بل تنفرد بأحكام جديدة تنص على الحفاظ على التنوع البيولوجي في الحوض، والمحافظة على الأراضي الرطبة، وإعادة تأهيل الموارد الطبيعية المتدهورة.

د. المادة 7: تنص على أن تقوم دول الحوض بصفة منتظمة بتبادل البيانات والمعلومات من المنشآت والموارد المائية الخاصة بالحوض، وفي حالة طلب بيانات أو معلومات غير متوفرة، تقوم الدول المعنية بتوفيرها مع تحمل الدول المطالبة بهذه البيانات بتكاليف إعدادها، وهذه المادة متطابقة تقريباً مع ما جاء في هذا الشأن في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997.

هـ. المادة 8: تختص بالإخطار المسبق عن أي مشاريع مقترحة في دول حوض النيل، حيث تنص على أن دول الحوض سوف تتبادل المعلومات عن هذه المشاريع من خلال مفوضية حوض النيل.

و. المادة 9: تنص على ضرورة قيام دول الحوض بإجراء دراسات التقييم البيئي للمشاريع المائية، التي قد ينتج عنها آثار بيئية سلبية بالغة، وأن مفوضية حوض النيل ستقوم بإعداد مواصفات هذه المشاريع.

ز. المادة 10: تختص بالمشروعات التي تجري تنفيذها على مستوى الأحواض الفرعية، بالنص على أهمية مشاركة جميع المنتفعين أو المتأثرين بالمشروع في الدولة التي سيُقام بها المشروع، في عمليات التخطيط والتنفيذ.

ح. المادة 11: تنص على مشاركة دول الحوض، سواء منفردة أو مجتمعة، في تكاليف اتخاذ الإجراءات الكفيلة لمنع أو تقليل الآثار الضارة التي قد تلم بأي من دول الحوض، نتيجة لخطأ بشري أو لأسباب طبيعية، مثل الفيضانات والانهيارات الأرضية والزلازل، أو نتيجة خطأ إنساني مثل الحوادث الصناعية.

ط. المادة 12: تختص بحالات الطوارئ التي تشكل تهديداً وشيكاً بضرر بالغ لدول الحوض، أو لدول أخرى خارج الحوض.

ي: المادة 13: تختص بحماية حوض النيل ومنشآته ذات العلاقة، وكذلك المنشآت الخطرة في حالة النزاعات العسكرية.

ك. المادة 14: تختص بالأمن المائي.

وهو تعبير لم يُستخدم قط قبل ذلك في اتفاقيات دولية مماثلة، وتعريف الأمن المائي في الاتفاقية لا يصلح لتحديد حقوق أو استخدامات أو كميات مائية، وكانت مصر والسودان تصران على صياغتها بأن الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل لا تتعارض مع الاتفاقيات السابقة، وهي تتسق مع المادة 30 من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997، التي تنص على أن الاتفاقية لا تلغي أي حقوق أو التزامات على الدول الأعضاء نحو أي اتفاقية سابقة. إلا أن دول المنبع عارضت ذلك تماماً، وأوضحت أنها لا تقر بأي اتفاقيات سابقة، بما فيها اتفاقية عام 1929 مع دول الهضبة الاستوائية، واتفاقية عام 1902 مع إثيوبيا، واقترح البنك الدولي في اجتماع وزراء دول حوض النيل في أديس أبابا، عام 2006، مبدأ الأمن المائي مفهوماً بديلاً عن الاتفاقيات السابقة، ومن خلال صياغة جديدة لهذه المادة، ووافقت دول الحوض على ذلك من حيث المبدأ، ولكن اختلفت دول الحوض مرة ثانية وحتى الآن حول صياغة هذه المادة.

كما تنص المادة 140 على أنه بالأخذ في الاعتبار ما جاء في مادتي 4 و5 الخاصتين بالاستخدام المنصف والمعقول للمياه، وقاعدة عدم الإضرار، فإن دول الحوض تقر بأهمية الأمن المائي لكل منها، وتقر أيضاً بأن الإدارة والتنمية المتعاونة للموارد المائية للحوض ستساعد في تحقيق الأمن المائي. ولذلك فإن دول الحوض، وبروح من التعاون، توافق على الآتي:

أ. العمل معاً للتأكيد على أن جميع الدول تحقق أمناً مائياً مستداماً.

ب. هذا هو البند الخلافي بين دول المنبع ودولتي المصب، والصياغة التي اقترحتها دول المنبع لهذا البند هي "عدم إحداث تأثير محسوس على الأمن المائي لأي دولة من دول الحوض"، وقد اعترضت على هذه الصيغة كل من مصر والسودان، واقترحتا صياغة بديلة وهي "عدم التأثير سلباً على الاستخدامات المائية والحقوق، وكذلك الأمن المائي لأي دولة من دول الحوض". ورفضت دول المنبع هذه الصياغة، لأن الحقوق المائية تعني جميع الاتفاقيات السابقة التي ترفض الاعتراف بها، بل ورفضت أيضاً الاستخدامات المائية، وقررت دول المنبع في اجتماع دول الحوض، في كينشاسا عام 2009، توقيع الاتفاقية بعد وضع هذا البند الخلافي في ملحق الاتفاقية، لتقوم المفوضية بحله خلال ستة أشهر من تاريخ إنشائها، وقد اعترضت مصر والسودان هذا التوجه.

3. أهم البروتوكولات والمعاهدات والاتفاقيات التي تمت بين دول حوض النيل

أ. بروتوكول روما. عام 1891.

ب. معاهدة أديس أبابا، عام 1902.

ج. الاتفاق بين حكومة بريطانيا العظمى وحكومة دولة الكونغو المستقلة (الكونغو الديموقراطية حالياً)، والموقع في لندن عام 1906.

د. الاتفاقية الثلاثية بين فرنسا وإيطاليا وبريطانيا العظمى، في الحبشة عام 1906.

هـ. المذكرات المتبادلة بين بريطانيا وإيطاليا، في ديسمبر 1925.

و. اتفاقية عام 1929.

ز. اتفاقية لندن، الموقعة في 23 نوفمبر 1934.

ح. الاتفاقية بين مصر وبريطانيا نيابة عن أوغندا، الموقعة عام 1953.

ط. الاتفاقية بين مصر والسودان، عام 1959.

ي. اتفاقية توسيع محطة كهرباء خزان أوين، عام 1991.

ك. الاتفاقية بين مصر وإثيوبيا، عام 1993.

ل. اتفاقية عنتيبي لمفوضية دول الحوض، عام 2009.

4. السمات العامة للاتفاقيات

يبدو من استقراء هذه الاتفاقيات أن هناك تركيزاً على حماية حقوق دولتي المجرى والمصب، أما دول المنبع فقد تمس الاتفاقيات حقوقها مساً عارضاً، لا يتعدى الحفاظ على مصالح السكان المحليين.

هناك سمات ومميزات مهمة لهذه الاتفاقية، كالآتي:

أ. أرست قواعد للتعاون المستقبلي بين دول الحوض، وأقرت مبدأ التعاون والمشاركة في استخدام مياه النيل.

ب. أقرت مبدأ الحق المكتسب فيما يختص باستخدام مياه النيل.

ج. اعترفت لكل دول حوض النيل بحق استخدام مياهه، وبالسيادة على المجرى في أراضيها، دون المساس أو الإضرار بمصالح الدول الأخرى.

د. أقرت الحفاظ على مياه النيل وحمايتها وتنميتها.

إن الذين يجعلون هذه الاتفاقيات ملزمة يستندون إلى مبدأ عام في القانون الدولي، فحواه "أن الاتفاقيات القديمة سارية المفعول من وجهة نظر القانون الدولي، حيث تؤكد اتفاقية فيينا، المبرمة عام 1978، نصاً بشأن التوارث الدولي للمعاهدات، جاء في المادتين 11 و12 من الاتفاقية، أن الاتفاقيات الخاصة بتحديد ورسم الحدود الدولية، أو الخاصة بالوضع الجغرافي الإقليمي تظل سارية المفعول بموجب قاعدة التوارث، ولا يمكن إلغاؤها أو تعديلها إلا باتفاق الدول الموقعة عليها.

ورغم أن المعاهدات والاتفاقيات ملزمة من الناحية القانونية، إلا أن هناك عوامل جديدة قلصت شرعيتها، أهمها الآتي:

أ. في الماضي لم تكن دول منابع النيل تحتاج لمياه النيل، ولكن ظهور عوامل مستجدة حالياً، مثل (زيادة السكان ـ زيادة المساحة المزروعة ـ الري ـ الجفاف... وغيرها) جعلت هذه الدول تحتاج لحصة في مياه النيل، لذا ينبغي أخذ العوامل الجديدة في الحسبان.

ب. أعلنت دول منابع النيل تخليها عن الالتزام بتلك الاتفاقيات واستعدادها للتفاوض بشأن اتفاق جديد يرضي الجميع، وإذا تصرفت تلك الدول من جانب واحد في مياه النيل النابعة في أراضيها، لا يبقى من رادع إلا القوة العسكرية، وإدارة الموارد المائية بالقوة العسكرية في حوض النيل مستحيلة، وحتى إذا كانت ممكنة فإنها تفتح باب حروب عصابات في حوض النيل، ومنشآت النهر يسهل تخريبها. لذلك لا بد من توظيف بنود القانون الدولي للمياه لحل المشكلات.

ثالثاً: إستراتيجية الاستغلال الأمثل لموارد مياه النيل

تهدف هذه الإستراتيجية إلى إعداد إطار مقبول للتعاون بين دول الحوض للإدارة المتكاملة لمياه النيل، وتحديد حصة كل دولة من المياه، والتعاون لتحسين أساليب استخدام المياه لتحقيق الفائدة الاقتصادية والاجتماعية لكافة شعوب الحوض.

1. مراحل التخطيط الإستراتيجي سياسياً وأمنياً

أ. يتم تنفيذ الإستراتيجية المقترحة سياسياً وأمنياً خلال عشرين عاماً، من خلال خطط خمسية (مرحلية)، وبرامج زمنية، على أن يستغرق كل برنامج من سنة إلى سنتين، وتُراجع الإستراتيجية كل خطة خمسية لتقييم ما تحقق وما لم يتحقق، بحيث يجري تقويم كل خطة خمسية (مرحلة) قبل الانتقال إلى المرحلة الأخرى.

ب. تحدد نقاط القوة والضعف في نهاية كل مرحلة، لتُعظم نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف في المرحلة التالية.

2. متطلبات الإستراتيجية

أ. تبني خطط علمية متطورة لتنمية الموارد المائية المتاحة والمحافظة عليها، وحسن استخدامها، وتوفير موارد مائية جديدة.

ب. توفير قاعدة بيانات ومعلومات على مستوى شامل، وكذلك على مستوى كل مورد مائي في دول الحوض، والتعاون والتنسيق مع مراكز البحوث والمؤسسات الدولية المعنية.

ج. توفير الاستثمارات والتكنولوجيا اللازمة لتنفيذ الإستراتيجية.

د. دراسة علمية وموضوعية لموارد المياه من النواحي الفنية، والاقتصادية، والسياسية، والتشريعية، والقانونية، الحالية والمستقبلة.

هـ. تنسيق الإستراتيجية المشتركة مع إستراتيجيات دول الحوض.

و. توفير الآليات اللازمة للتنفيذ، مع ضمان مشاركة القطاع الخاص.

3. الإطار العام للإستراتيجية وشروطها

أ. أن تخدم إستراتيجيات دول الحوض المائية الاستراتيجية المشتركة، بأن تكون متوافقة ومكملة لها ولا تتعارض معها.

ب. تأخذ الإستراتيجية صفة الاستمرارية والديناميكية، من خلال طرح خطط متجددة، في ضوء ما تحققه كل خطة أو مرحلة من نتائج.

ج. الالتزام بالتخطيط المشترك، من خلال الآلية المؤسسية لتحقيق الأهداف القريبة والمتوسطة والبعيدة، ولضمان تحقيق أفضل استثمار اقتصادي لاستخدام الموارد المائية بحوض النيل والمصادر الأخرى.

د. الأخذ بمبدأ المرونة والفعالية (مواقف مالية ـ سياسة عجز أو زيادة ـ فيضان ـ كوارث مائية)، وما ينشأ عنها من قصور وسلبيات.

هـ. ضرورة المشاركة العلمية من دول الحوض كافة من التخصصات المعنية (زراعة ـ كهرباء ـ إسكان ـ تنمية محلية).

و. إنشاء نظام تمويلي يبين كيفية التمويل، والتزامات الدول الأعضاء، بما يدفع في اتجاه الاعتماد على الذات، ثم الحصول على المعونات والتمويل الخارجي للمشاريع الكبيرة من موارد التعاون الدولي.

4. الإستراتيجية المقترحة سياسياً وأمنياً

في ضوء المرتكزات والقيود وملامح العمل التي تحكم التعامل المصري للتعاون مع دول حوض النيل، للحفاظ على حقوقها التاريخية الحالية وتنمية مواردها المائية، وكذلك التهديدات المؤثرة على مصالحها المائية، في ظل القوانين والقواعد والاتفاقيات الدولية أو الموقعة، فإنه يمكن إيجاز مضمون الإستراتيجية المقترحة سياسياً وأمنياً على النحو الآتي:

أ. في المجال السياسي

(1) إنشاء لجنة قومية للمياه في دول حوض النيل، تتبع رئاسة الوزراء مباشرة، مهمتها التخطيط والإدارة والتنسيق بين الحكومات ودول حوض النيل.

(2) التجديد الشامل في العلاقات السياسية بين دول حوض النيل، وتنشيط الحوار السياسي الهادئ القائم على الحوار والتفاوض، وبالشفافية الكافية المطلوبة لتذليل جميع المشكلات والعقبات التي تعترض دول الحوض.

(3) تعميق وتوازن الروابط والعلاقات السياسية مع الدول الفاعلة الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية ـ الاتحاد الأوروبي ـ روسيا ـ الصين)، حتى لا يحدث تعارض أو تصادم أو سوء فهم مع أي دولة من دول الحوض ومصالح تلك القوى، مع استثمار تلك العلاقات لصالح تحقيق المصالح والأمن المائي.

(4) استغلال علاقة مصر مع القوى الفاعلة والمؤسسات والهيئات النقدية والمانحة والمقرضة، للقيام بمشروعات التنمية والاستثمارات المختلفة بدول الحوض، في إطار تعاون مشترك.

(5) السعي للتنسيق المستمر مع الولايات المتحدة الأمريكية والتوصل معها لتفاهم إستراتيجي نحو قضايا (مقاومة الإرهاب ـ تحقيق الديموقراطية ـ حقوق الإنسان ـ التمييز العنصري ـ الاتجار في البشر ـ عضوية مجلس الأمن ـ الإبادة الإنسانية... وغيرها) في دول الحوض، مع التركيز على القضايا الأساسية التنموية الشاملة، أو القضايا التي تعاني منها دول الحوض (المديونية ـ الفقر ـ المرض ـ الأمية والجهل).

(6) ضرورة التحرك المصري من خلال الدائرة العربية (القطري) أو الجماعي (جامعة الدول العربية) للتعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي مع دول الحوض (الجوار العربي/ دول الحوض)، وتوفير الدعم السياسي فها في القضايا المختلفة، والاستثمار المصري للمعونات والمنح والمساعدات وغيرها.

(7) تنامي الدور السياسي بين دول الحوض، من خلال الاتحاد الأفريقي وآلياته، لمعالجة القضايا السياسية والأمنية دخل دول الحوض (قوات حفظ السلام ـ المراقبين الدوليين ـ مراقبة الانتخابات ـ مجلس السلم والأمن الأفريقي، وغيرها).

(8) بذل أقصى الجهود لسرعة التوقيع على الإطار القانوني والمؤسسي لمبادرة دول الحوض، في مواجهة التهديدات والتحديات التي تفرضها، والتي قد تهيئ للتدخل الإقليم والدولي من جانب بعض الدول التي تتعارض مصالحها مع مصالح الأمن القومي المصري، ما يؤدي إلى انهيار مبادرة دول الحوض وتفشل.

(9) أهمية التركيز على إنشاء وتوقيع شراكة إستراتيجية مصرية مع دول حوض النيل، وفي مقدمتها إثيوبيا، أهم دول منابع النيل لمصر وأكثرها تأثيراً على باقي دول الحوض، شراكة لا تختزل العلاقة في قضية المياه وحدها، وإنما تضم المجال التنموي الشامل بجميع مجالاته، شراكة تحقق خطوات ناجحة وسريعة تُبنى على عناصر الثقة وتؤكد هوية مصر الأفريقية بوضوح لهذه الدول، شراكة تضم المؤسسات الرسمية الحكومية وغير الحكومية (وزارة الخارجية ـ التعاون الدولي ـ مجلس الشعب ـ برلمان حوض النيل ـ المنتديات ـ منظمات المجتمع المدني ـ الأحزاب ـ وسائل الإعلام، وغيرها).

(10) التعامل المتوازن مع السودان، شماله وجنوبه، حتى لا تُخلق مشكلة مائية جديدة أمام الجانب المصري.

(11) أهمية الاستفادة من المقومات التي تملكها منطقة حوض النيل، والتي تتفوق على مثيلتها في المناطق الأفريقية، بسبب الموقع المتميز أو لقربها من مناطق المصالح الحيوية للدول الكبرى.

(12) تمتلك منطقة حوض النيل من الإمكانيات الزراعية التي لم تُستغل بعد، ما يؤهلها لأن تكون من أكبر مصادر الغذاء بالحبوب والزيوت والفاكهة والخضراوات والسكر والشاي والبن والقطن والسمسم، وأيضاً اللحوم، مما يجعلها سوقاً تجارياً رحباً للعالم.

(13) أهمية الاستفادة من الأهمية الإستراتيجية والجيوبولوتيكية لدول حوض النيل، حيث تمتاز كل من السودان والكونغو بكبر المساحة، وتمتاز مصر بالقوة البشرية والتحكم في الملاحة عبر قناة السويس، كما تمتاز إثيوبيا ودول الهضبة الاستوائية بأنها منبع أو مصدر ومخزن المياه الواردة لباقي دول الحوض شمالاً، أما إريتريا على الرغم من صغر مساحتها وقلة سكانها، فإن لها موقع إستراتيجي يطل على مضيق باب المندب، وباقي دول الحوض تطل على المحيط الهندي شرقاً، وتُعد معبراً وطريقاً للاقتراب لوسط وجنوب أفريقيا من الاتجاه الشرقي. أي أن كل دولة لها أهميتها التي تؤثر وتتأثر بالمتغيرات التي تحدث في حوض النيل.

ب. في المجال الأمني

أهمية التوسع في مجالات بناء الثقة والتوجه نحو تفصيل مجالات التعاون العسكري مع دول حوض النيل، ويمكن أن يكون التحرك المصري في هذا المجال العسكري مرتكزاً على معاونة القوات المسلحة لدول الحوض، وإقناعها بإمكانيات مصر، من خلال الآتي:

(1) الاهتمام بفتح مكاتب تمثيل عسكري مصري في دول حوض النيل بالكامل، وتشجيع هذه الدول لإقامة تمثيل عسكري لها في مصر.

(2) إقامة معارض مصرية للإنتاج الحربي في دول حوض النيل، يُعرض فيها ما يلزمها من أسلحة ومعدات، مع عرض إمكانية تطوير وصيانة أسلحتها.

(3) عرض شروط ميسرة للتسويق، وإمكانية فتح مراكز للإصلاح والصيانة والتدريب في هذه الدول.

(4) الحرص الدائم على دعوة القادة وكبار ضباط القوات المسلحة في هذه الدول لحضور المعارض التي تُقام للإنتاج الحربي في مصر.

(5) التعاون في مجال التدريب ونقل الخبرات

إن القوات المسلحة لمعظم دول الحوض في أمس الحاجة للخبراء والمستشارين العسكريين للارتقاء بمستوى هذه القوات، ومعالجة أوجه القصور فيها، ويمكن للقوات المسلحة المصرية أن تلعب دوراً إيجابياً مؤثراً في هذا المجال بما تملكه من خبراء وكفاءات عسكرية في كل المجالات، وذلك بالآتي:

(أ) إعداد وتأهيل القادة والقيادات العسكرية في كل التخصصات.

(ب) تدريب الصف والجنود في مجالات (المشاة ـ المدفعية ـ المدرعات ـ الدفاع الجوي ـ القوات الخاصة).

(ج) تدريب الكوادر الفنية على أعمال الإصلاح والصيانة وتشغيل الأسلحة والمعدات.

(د) تبادل الزيارات العسكرية على المستويات المختلفة، لتحقيق المزيد من التعارف والترابط بين قادة وضباط دول الحوض.

(هـ) دعوة القادة وضباط دول الحوض إلى حضور بعض المناورات والمشروعات التي تجريها القوات المسلحة المصرية، لتعرف مدى التطور العلمي والفني والقتالي لهذه القوات، ونقله إلى بلادهم ما يدفع دول الحوض إلى السعي إلى نقل ما شاهدوه إلى بلادهم من خلال خبراء ومستشارين مصريين، بما يسهم في عملية الردع.

(و) تلبية كل مطالب دول الحوض في مجال نقل الخبرة، دون النظر للعائد المادي.

(ز) إجراء تدريبات عسكرية مشتركة بين القوات المسلحة المصرية وهذه الدول، بما يحقق الشعور بالتآخي والانصهار في سبيل تحقيق أهداف مشتركة تتطلب حشد الجهود والإمكانيات.

(ط) تقديم المساعدات من خلال الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا، التابع لوزارة الخارجية.

(6) التعاون في مجال المخابرات والأجهزة الأمنية

بإعادة تنظيم وبناء هيكل للأنظمة الأمنية، من خلال تدريب الكوادر في جميع مجالات جمع وتحليل المعلومات، ومتابعة الأنشطة المضادة لأنظمة الحكم، وتأمين الشخصيات الهامة والأهداف الحيوية، بالإضافة إلى إقامة علاقات تعاون في مجال مكافحة تيارات التطرف الديني ومتابعة عناصرها.

(7) التعاون في مجال التسليح.

(8) التعاون في مجال الإمداد والتموين.

(9) التعاون في المجال الطبي والمساعدات الإنسانية.

ج. آليات تنفيذ الإستراتيجية المقترحة

(1) في المجال السياسي

(أ) وزارة الخارجية وسفاراتها وملحقيها ومؤسساتها.

(ب) منظمات المجتمع المدني ـ الأحزاب ـ مجلس الشعب.

(ج) المنظمات السياسية الإقليمية الأفريقية (الكوميسا ـ تجمع دول الساحل والصحراء ـ النيباد ـ السادك، وغيرها).

(2) في المجال العسكري والأمني

(أ) وزارة الدفاع ـ مكاتب التمثيل العسكري ـ الخبراء والمستشارين والوفود العسكرية ـ جهاز الخدمة الوطنية ـ جهاز مشروعات القوات المسلحة ـ الكليات والمعاهد العسكرية.

(ب) وزارة الإنتاج الحربي ومؤسساتها.

(ج) الهيئة العربية للتصنيع.

(د) وزارة الداخلية ومؤسساتها وأجهزتها.