إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / إدارة مياه النيل كمحدد للتعاون والصراع بين دول الحوض





موقع سد النهضة
نهر النيل
متوسط الموارد المائية لنهر النيل
مشروعات إثيوبيا المائية
المشروعات المائية المقترحة بين مصر والسودان لزيادة إيراد النهر
التوغل الأمريكي بدول حوض النيل والقرن الأفريقي
التدخل الأوروبي بدول حوض النيل والقرن الأفريقي
التغلغل الإسرائيلي بدول حوض النيل

نهر عطبرة
المشروعات المائية على نهر النيل
البحيرات العظمى
الدول المتشاطئة على البحيرات
الروافد المغذية للبحيرات
تصريفات نهر النيل
دول الهضبة الاستوائية
دول حوض النيل
حوض البحيرات العظمى



المبحث الرابع عشر

المبحث الرابع عشر

مشروعات إثيوبيا وبناء سد النهضة

أولاً: الخلفية التاريخية للعلاقات المصرية الإثيوبية

مرت العلاقات المصرية الإثيوبية بمتغيرات عبر القرون الماضية، منذ العصر الفرعـوني، مروراً بعهد "محمد على" والاحتلال البريطاني لمصر، عام 1882. وزادت حدته في عهد الإمبراطور "تيودور" وخليفته "يوحنا الرابع". وعملت السياسة البريطانية منذ احتلال مصر على تحديد أملاكها على الساحل الأفريقي الشرقي.

شهدت أفريقيا عملية استعمارية كبيرة، قامت خلالها الدول الأوروبية المشاركة في هذه العملية بتقسيم القارة إلـى مستعمرات، وكان من أهم نتائج ذلك إخراج مصر من منطقة نفوذها في كل من السودان وإريتريا (ولاية الحبش)، والصومال (صوماليا وأوجادين)، والمديرية الاستوائية (شمال أوغندا وجنوب السودان). ومن جانب آخر، فإن نفس فترة التدخل الاستعماري في أفريقيا شهدت تشجيع إثيوبيا على التوسع الاستعماري، في نفس المنطقة التي خرجت منها مصر، حيث ضمت بنى شنقول من السودان ــ حيث يبنى سد النهضة حالياً ــ وأوجادين الصومالية، وبلاد الأورومو جنوب الحبشة، ومناطق أخرى من السودان (السوباط والعطبرة، وتخوم منطقة مشار).

1. العلاقات السياسية

بدأت مصر تتخذ إجراءات إنشاء القنصلية المصرية، بعد أن وافق البرلمان المصري على ميزانيتها، وبذلك أنشئت قنصلية مصرية في إثيوبيا، بعدما يزيد على أربع سنوات منذ إقامة التمثيل السياسي لمصر، عام 1923.

بفضل علاقات القنصل المصري الطيبة مع حكام إثيوبيا، استطاع أن يحصل للحكومة المصرية على حق التمتع بالامتيازات الأجنبية للمصريين، مثل رعايا الدول الأجنبية. وعندما وافقت الحكومية الإثيوبية، وضعت وزارة الخارجية المصرية مشروع قانون بشأن الاختصاصات القضائية للقنصل المصري، مثل حق النظر والفصل في المنازعات المدنية والتجارية، بين المصريين أو بين الأجنبي والمصري.

على الرغم من ذلك لم تعين الحكومة الإثيوبية قنصلاً لها في مصر، نظراً لمشكلة دير السلطان، ولم يتم تعيين مطران مصري للكنيسة الإثيوبية.

في عام 1934، نجحت المفاوضات بفتح قنصلية إثيوبية بمدينة بورسعيد، وكان "أتو برهانات مرقص" أول قنصل لدى مصر.

مع رحيل بريطانيا عن مصر، تطورت العلاقات بين البلدين، واستُقبل ولـى عهد إثيوبيا، الذي أصبح بعد ذلك الامبراطور "هيلاسلاسي"، وساعدت مصر إثيوبيا ضد المستعمر الإيطالي وتطلعاته، وجرى التفاوض مباشرة لبناء خزان تانا.

كانت بداية التوتر عند توصيل مصر المياه لشبه جزيرة سيناء، ثم زاد التوتر بمباركة الرئيس "السادات"، في فبراير 1976، استقلال إريتريا عن إثيوبيا. ومـع وصول الرئيس "مبارك" تم تحريك الجمود بين الدولتين بما يخص القضية الإريترية.

فـي عام 2004، ومع زيارة وزير الخارجية الإثيوبي، سلم رسالة من رئيس الوزراء الراحل "زيناوي" للرئيس "مبارك"، توضح جهود إثيوبيا في حل المشكلة الإريترية بطريقة سلمية، وقوبلت بترحاب من الحكومة المصرية.

في يناير 2007، زار وزير الخارجية الإثيوبي "سيوم مسلفين" مصر، التقى خلال زيارته بالرئيس "مبارك"، وأثمرت عن بدء المشاورات الثنائية بين البلدين.

لعل من أهم أولويات السياسة الخارجية المطلوب إعادة النظر في ترتيبها، خلال المرحلة الجديدة التي تمر بها مصر عقب ثورة 25 يناير، هي العلاقة بدول حوض النيل، خاصة مع إثيوبيا "المصدر الرئيس لمياه نهر النيل الواردة لمصر"، الأمر الذي يعد الركيزة الأساسية من ركائز الأمن القومي المصري المرتبطة بالمياه، والتي تعرضت للاهتزاز في الفترات الأخيرة. بل وصلت درجة الاختلاف القائم بين دول المصب "مصر والسودان" ودول المنبع، إلى حد توقيع أربع من الدول منابع النيل (إثيوبيا، أوغندا، تنزانيا وروندا)، في 14 مايو 2010، بعنتيبي في أوغندا، على اتفاقية إطارية جديده للمياه بينهم، لتقاسم المنافع في مياه نهر النيل، ثم انضمت إليها كينيا في الشهر نفسه، وكذلك بوروندي في أواخر فبراير 2011، ليمثل ذلك منعطفاً خطيراً خاصة في ضوء اكتمال النصاب القانوني لتلك المجموعة بتوقيع ست دول على هذه الاتفاقية.

مع ثورة 25 يناير 2011، حضر رئيس الوزراء الراحل "ميليس زيناوى" اللجنة العليا المشتركة بين الدولتين، وصرح أنه قد حان الوقت لإعمال العقول والاتفاق علـى تعظيم الاستفادة من النهر، بدلاً من الصراع والخوف. وتعهد بأنه لن يسمح بأي ضرر يقع علـى مصر أو السودان من جراء بناء سد النهضة.

فـي أبريل 2011، زار الوفد الدبلوماسي الشعبي المصري جامعة أديس أبابا، وأشار الدكتور "جالون ميرا" لأهمية العلاقات مع مصر والتعاون بين البلدين في المستويات كافة، كما أعربت الدكتورة "هيروت" رئيسة العلاقات الخارجية والتخطيط الإستراتيجي عن رغبة الجامعة في تعزيز التعاون والشراكة مع الجامعات المصرية.

فـي مجال إعادة الثقة بين الشعبين، التقى وفد الدبلوماسية الشعبية المصري برئيس البرلمان الإثيوبي "أبدولا جمادا" لبحث إعادة العلاقات بين البلدين، وأكد السيد "كاسا تكليبر" رئيس مجلس الفيدراليات الإثيوبي علـى ضرورة عودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها بأسرع ما يمكن، وعودة الدور الريادي المصري في المنطقة.

ونجحت الزيارة في إعادة تأسيس العلاقة بين البلدين علـى أساس الاحترام المتبادل، والمنفعة العامة. وفي نهاية الزيارة أهدى منسق الزيارة وعضو الوفد الدبلوماسي "مصطفي الجندي" المسؤولين الإثيوبيين درعاً تذكارياً، تعبيراً عن تقدير الوفد المصري للحفاوة البالغة من الجانب الإثيوبي، وإعادة العلاقات بين الدولتين.

فيما يتعلق ببعض المشروعات الإثيوبية، والتي لها تأثير مباشر على مصر، أكد البرلمان الإثيوبي أن إثيوبيا عندما اعتزمت بناء سد الألفية لم تقصد إلحاق الضرر بمصر، وأن الفترة القادمة سوف تشهد علاقات جديدة ومتميزة، لأن الثورة المصرية مصرة علـى فتح صفحة جديدة من العلاقات والصداقة والشراكة بين البلدين، وأكد رئيس مجلس الفيدراليات أن الوفد الدبلوماسي المصري سيعزز العلاقات بين البلدين خلال الفترة القادمة.

2. العلاقات الاقتصادية

اتسمت العلاقات الاقتصادية المصرية الإثيوبية بحالة ضعف شديده على مدار التاريخ، فمنذ عام 1995 حتى عام 2000، نجد أن الصادرات والواردات بين مصر وإثيوبيا لم تزد عن عشرة ملايين دولار لكلا الطرفين، وإن كان الميزان التجاري يحقق عجزاً بالنسبة لمصر، حيث كانت مصر تستورد اللحوم من إثيوبيا، بسبب عدم وجود خط ملاحي مباشر بين البلدين، وهو ما يمثل عائقاً بالنسبة لمصر وإثيوبيا.

تُشير التقديرات إلى أن حجم التجارة بين البلدين، في عام 2008، بلغت 76,5 مليون دولار، وأنها قفزت لأكثر من 100% في عام 2010، لتصبح 200 مليون دولار، وتطور في عام 2012/2013، تطوراً غير متوقع ليبلغ 99,5 مليار جنيه مقابل 94,3 مليار جنيه عام 2011/ 2012.

وبالرغم أن مصر وإثيوبيا أعضاء في العديد من المنظمات الاقليمية والدولية، إلا أن حجم المعاملات فيما بينهما لايزال أقل من المطامح التي تربط الاقتصادين المصري والإثيوبي.

بصرف النظر عن نتائج المقارنة بين قيمة الصادرات والواردات السابقة، فإن الحقيقة الملموسة هي ضعف قيمة التبادل التجاري بين الدولتين، وربما كان مرجع هذا الضعف لاستحالة نقل السلع والبضائع براً، فضلا عن التكلفة العالية لخطوط الطيران، وعدم توافر سكك حديدية مباشرة أو غير مباشرة.

يُعد مد خطوط الملاحة البحرية إلى الموانئ الإريترية هو المحرك لتفعيل التبادل التجاري المصري الإثيوبي، غير أن ذلك يرتبط بتكلفة رأس مالية عالية، فضلاً عن وجود درجة عالية من احتمال عدم تغطية نفقات التشغيل المتغيرة خلال الفترات الأولى لتشغيل الخطوط.

التركيب السلعي بين مصر وإثيوبيا

من المعروف ان حصيلة الواردات السلعية لمصر من إثيوبيا، أغلبها حاصلات زراعية ومحاصيل البلاد الحارة، وعلى رأس هذه السلع السمسم الذي يستورد من إثيوبيا، وتعتمد مصر على صادرات الأدوية والأدوات المنزلية والورقية والصناعات الخفيفة، مثل إطارات السيارات. وشهدت السنوات الأخيرة تحسن في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تمثلت في الآتي:

أ. تسعى الحكومة المصرية لزيادة حجم التبادل التجاري مع إثيوبيا ليوطـد العلاقات، ويزيد أواصر المودة بين البلدين.

ب. في ديسمبر 2009، زار رئيس الوزراء المصري إثيوبيا، وقع الاتفاق على تطوير العلاقات بين البلدين، وتفعيل اتفاقيات منع الازدواج الضريبي، وإزالة العوائق الجمركية بين البلدين، ومضاعفة حجم استيراد اللحوم الإثيوبية المبردة، بالإضافة لاستيراد الأبقار الحية من طريق ميناء سفاجا.

ج. قُدر حجم الاستثمارات المصرية في إثيوبيا، خلال عام 2011، بنحو المليار دولار، وهى مشروعات صناعية مثل مواسير المياه، وكابلات كهربائية وغيرهـا.

في مارس 2011، بحث وزير الصناعة والتجارة الخارجية المصري مع السفير الإثيوبي بالقاهرة، سبل تعزيز التجارة والاستثمارات المشتركة خلال المرحلة المقبلة، من خلال إستراتيجية تجارية، من الحكومات ورجال الأعمال من المنتظر أن تلعب دور هام في رفع قيمة الاستثمارات.

من الواضح أن حجم التبادل الحالي لا يتناسب مع الأنواع والكميات المتداولة في التبادل التجاري، ومن الممكن أن يصل اعتماد الاقتصاد بين الدولتين إلى أكثر من عشرة مليارات دولار، وأن يكون مرتبط بالمصالح المتبادلة. فمصر تمتلك صناعات مهمة تعتمد عليها الأسواق الإثيوبية، مثل صناعة الأدوات الكهربائية، والمنسوجات، ومواد البناء، وبعض من أنواع السلاح التقليدي. ومصر تحتاج اللحوم الإثيوبية الرخيصة، من منظور المحافظة على مصالح مصر المائية، وتقوية الاقتصاد، يجب الاندماج في الاقتصاد الإثيوبي، حتى لا يمكن الاستغناء عن مصر حليفاً قوياً.

فمصر، الدولة الفتية، بها كثير من الأيدي العاملة المدربة في كثير من المهن النادرة، والتي أسهمت في رفع ودعم بلدان كثيرة على مر العصور، وإثيوبيا دولة تحتاج الدعم، نظراً لتوفر المقومات الاقتصادية كافة. فلا بد من قرارات وإجراءات فعالة في الشأن المصري الإثيوبي، فالمصالح واحدة، والنيل واحد، والأرض واحدة.

من الواضح جلياً أن مصر بها صناعات تحتاجها إثيوبيا، مثل إنشاء الكباري والسدود، وتمتلك مصر خبرة العمل في أرض الواقع، كما يجب توعية الجانب الإثيوبي بتحرك بعض الدول المعادية لمصر، والتي كانت ومازالت تعمل في الخفاء، لتجعل من المياه ورقة ضغط على الحكومات المصرية.

3. العلاقات الدينية

أسهمت الجغرافيا والتاريخ في نسج علاقات وثيقة بين مصر وإثيوبيا ولعل أهم ما يربط الطرفين الخلفية التاريخية الدينية والروابط القديمة بين الكنيسة المصرية وكذلك الازهر الشريف على مدى العصور القديمة والحديثة.

يعد من أقدم العلاقات بين الكنائس تلك التي ربطت بين الكنيسة المصرية والإثيوبية، ويعود إلى النصف الاول من القرن الرابع الميلادي، حين قام بابا الإسكندرية "أثناسيوس الرسول" بإرسال أول أسقف لإثيوبيا وهو الأنبا "سلامة"، عام 330، ومنذ ذلك الحين جرى التقليد أن يكون رأس الكنيسة الإثيوبية أسقفاً مصرياً يرسله بابا الإسكندرية، وبذلك تعد كنيسة الإسكندرية الأم الراعية للكنيسة الإثيوبية.

عقب الاحتلال الإيطالي لإثيوبيا، حاولت الحكومة الإيطالية فصل الكنيستين، من خلال العزف على الشعور القومي الإثيوبي والدعوة إلى كنيسة إثيوبية مستقلة، حتى قرر المجمع المقدس، عام 1949، أن يكون مطران الامبراطورية الإثيوبية الذي يخلف المطران المصري راهباً إثيوبياً، وكانت هذه اول واقعة بعد أكثر من ستة عشر قرناً.  وفي عام 1950، توفي أخر مطران مصري قبطي لإثيوبيا، وكان بداية لانفصال الكنيسة الإثيوبية عن الكنيسة المصرية.

كان الاحتفال الرسمي برأس السنة في إثيوبيا هو نفس احتفال برأس السنة القبطية، وكان الولاء الإثيوبي لكرسي الإسكندرية ومطرانها القبطي مثار لجدل الكنائس ودهشتها، وفي ظل الحرب المصرية ــ الإثيوبية في عهد "إسماعيل باشا"، لم يتأثر ولاء الكنيسة الإثيوبية للمطران القبطي المصري، وكانت العادة أن يتوجه الحجاج الإثيوبيين في قوافل عقب عيد الغطاس متوجهين إلى النوبة في وادي النيل، حيث يزرون أديرتهم وكنائسهم ودير المحرق، ومنها الـى كنائس مصر القديمة والمطرية. وبعد كل هذا الرباط انفصلت الكنيسة الإثيوبية عن أمها الكنيسة المصرية.

مع سقوط الامبراطور "هيلاسيلاسي"، عام 1974، وصعود النظام الجديد الذي كان يعتنق المذهب الشيوعي، انفصلت الكنيسة في إثيوبيا عن الدولة وبدأت حكومة إثيوبيا الجديدة الماركسية بتأميم الأراضي بما في ذلك أراضي الكنيسة. وفي عام 1976، اعتقلت السلطات العسكرية البطريرك "ثيوفيلوس" الإثيوبي وأعدم بسرية في وقت لاحق من هذا العام.

قامت الحكومة بأمر الكنيسة بانتخاب بطريرك جديد لها، فتم تتويج "تيكلا هيمانوت" لهذا المنصب، رفضت الكنيسة القبطية انتخاب ذلك البطريرك على اعتبار أن المجمع المقدس للكنيسة الإثيوبية لم يقر بعزل البطريرك السابق "ثيوفيلوس"، لأنه لم يكن يُعلن عن إعدامه من الحكومة، فكان لايزال البطريرك الشرعي لإثيوبيا، وبضغط من الحكومة تم تعيين "تيكلا هيمانوت"، عام 1977.

لم يتعامل البطريرك الجديد "تيكلا هيمانوت" مع الحكومة الإثيوبية بالسلاسة المعهودة، لذلك عندما توفي هذا البطريرك، عام 1988، تم انتخاب "ميركوريوس" عضو البرلمان الإثيوبي الموالي للحاكم لهذا المنصب. وفي عام 1991، ومع سقوط نظام، "منجستو هيلا مريام" الديكتاتوري، وقدوم الجبهة الشعبية الديمقراطية الثورية الإثيوبية للحكم، عُزل البطريرك السابق "ميركوريوس" ونُفي خارج البلاد، وأعلن من منفاه بأن عزله كان بالإكراه، وعلى ذلك فهو لايزال البطريرك الشرعي لإثيوبيا. تبعه إلى ذلك عدة أساقفة، وشكلوا خارج إثيوبيا مجمعاً مقدساً لهم، تعترف به عدة كنائس في أمريكا الشمالية وأوروبا، وتعد أن "ميركوريوس" هو البطريرك الحقيقي. بينما استمر المجمع المقدس الآخر داخل إثيوبيا يقر بشرعية البطريرك "باولوس".

مع سقوط الشيوعية، عام 1991، وانتخاب أسقف جديد في إثيوبيا، زار وفد من إثيوبيا مصر لعودة العلاقات مع الكنيسة المصرية، عام 1993. وسرعان ما تدهورت العلاقة مرة أخرى بسبب الحرب الإثيوبية ــ الإريترية، وانفصال إرتيريا، ولكن مع زيارة قداسة البابا "شنودة"، في إبريل 2011، عادت العلاقة مرة أخرى.

من الواقع أنه لم يكن هناك تأثير إيجابي للكنيسة المصرية على سياسة مصر نحو إثيوبيا، فلم تكن الحكومة المصرية تتدخل في علاقة الكنيسة المصرية بإثيوبيا، ولم تستغلها بما يفيد مصر بصفة عامة، كما أن الكنيسة لم تفرض رأياّ معيناً على الحكومة المصرية إزاء إثيوبيا، أو حتى تستفيد من خبرتها في مجال العلاقات الخارجية وتستخدمها في علاقتها مع إثيوبيا.

أما بالنسبة للعلاقات الإسلامية المصرية ــ الإثيوبية، فالعلاقات بين مسلمي إثيوبيا والجامع الأزهر الشريف، وفي ظل وجود رواق خاصاً يضم الطلبة الإثيوبيين يسمى برواق الجبرتي، والذي نبغ منة جهابذة العلماء، ومنهم المؤرخ الكبير "الشيخ الجبرتي" صاحب التاريخ المشهور.

ولتوطيد العلاقات الدينية الإسلامية، بحث الإمام الأكبر "الشيخ أحمد الطيب" شيخ الأزهر الشريف، بالتعاون مع رئيس مجلس الأعمال المصري الإثيوبي، في نوفمبر 2012، سبل تدعيم العلاقات المشتركة بين البلدين بصفة عامة، وبين الأزهر والمؤسسات الدينية بصفة خاصة، وأبدى فضيلته استعداد الأزهر لتقديم المساعدة لزيادة المنح الدراسية للطلبة الإثيوبيين للدراسة بالأزهر، وفتح المجال أمامهم للالتحاق بالكليات العلمية، للإسهام في نهضة بلادهم، وكذلك الاستعداد لفتح مركز ثقافي لتعليم اللغة العربية للإثيوبيين، وتدريب الأئمة الإثيوبيين لصقل ثقافتهم الدعائية، لنشرها داخل بلادهم.

أعرب مجلس الأعمال المشترك المصري ــ الإثيوبي أن الفترة الماضية شهدت نوع من الفتور في العلاقات، بسبب عدم وجود قنوات للحوار والتواصل المشترك الذي يخدم القضايا المشتركة بين البلدين، وجرى التأكيد على ضرورة إقامة حوار مثمر يخدم المصالح المشتركة، خاصة وأن المسلمين الإثيوبيين يمثلون العماد الأقوى في الاقتصاد الإثيوبي، حيث يشكلون نسبة 80 من التجار، كما تم التأكيد على الدور الذي يلعبه الدين في حياة الشعوب الإثيوبية، مسلمين ومسحيين.

4. العلاقات الثقافية

في إطار التعاون الثقافي، تم عمل احتفالية مصرية ــ إثيوبية مشتركة، بمقر السفارة المصرية بأديس أبابا، كُرِّم الأديب العالمي نجيب محفوظ، في نوفمبر 2005. كما شهدت في شهري مارس وأبريل 2006، مهرجان الأفلام المصرية وذلك من الحرص على التبادل الثقافي ودعم البلدين.

في إطار حرص جامعة الإسكندرية على توطيد أواصر التعاون مع الجامعات الأفريقية وإيماناً بدورها في نشر العلم والمعرفة والثقافة، على المستوى المحلى والإقليمي والدولي في مختلف المجالات العلمية والبحثية، استقبل رئيس جامعة الإسكندرية وفد جامعة أديس أبابا، الذي ترأسه رئيس جامعة أديس أبابا، في نوفمبر 2012، لتوقيع برتوكول التعاون بين الجانبين، لإنشاء مركز التميز في مجالي الصحة والتكنولوجيا بأديس أبابا.

أعلن رئيس جامعة الإسكندرية أن المركز يتضمن مراكز متميزة في تخصصات الفنون الأفريقية، وصحة وتنمية المرأة، ومصادر الطاقة والمياه، والتعليم الطبي والتكنولوجي، والمعلومات الصحية والزراعية، والأبحاث البيطرية، والعلوم الثقافية والاجتماعية، وكل ما هو جديد في عصر المعلومات، وعصر المعرفة والتعلم.

أعلن رئيس جامعة الإسكندرية أن جامعة أديس أبابا سوف تتكفل بتخصيص مساحة من الأرض لإنشاء المركز، وتتكفل جامعة الإسكندرية بالبناء والتجهيز، ودعا رئيس الجامعة بمناسبة إنشاء هذا المركز، إلى تضافر جهود جميع الأطراف المصرية والإثيوبية من جامعات ووزارات وهيئات، لتحقيق المصالح المشتركة، وتبادل المنفعة، بما يليق بالحضارة العريقة لكلا الشعبين، والعلاقات التاريخية بينهما، أملاً في أن يصبح هذا التعاون نموذجاً يمكن تطبيقه مع دول أفريقية أخرى، وتحقيق مشروع الوحدة الأفريقية بمعناه الصحيح.

كما أكد الجانب الإثيوبي حرصه على التعاون مع جامعة الإسكندرية خاصة في مجالات الصحة والزراعة وإدارة الموارد المائية والطاقة والفنون، من خلال إقامة المشروعات البحثية المشتركة التي تمكن البلدين من خلق علاقات تعاون جديدة، كما وقع الجانبان مذكرة تعاون لتبادل أعضاء هيئه التدريس والطلاب، وإنشاء برامج أبحاث مشتركة في جميع المجالات، وتبادل طلاب مرحلة الدراسات العليا فيما يتعلق بالمشروعات البحثية والدورات ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن تبادل الأعمال العلمية والتعليمية، وتنظيم المؤتمرات والندوات بين الجانبين.

 ثانياً: مشروعات إثيوبيا المائية وسد النهضة

تُعد إثيوبيا من أغنى دول العالم من الموارد المائية، فيجرى على أرضها 14 نهراّ تنبع من حوض الهضبة الإثيوبية، التي يبلغ ارتفاع منسوبها نحو ألفي م فوق سطح البحر، وتختلف الهضبة الإثيوبية عن هضبة البحيرات في طبيعتها ومواردها المائية، ومن أهم هذه الأنهار:

·      النيل الأزرق

يُعد الرافد الأعلى في المنسوب، حيث ينبع من أعلى الهضبة، بارتفاعات تراوح بين ألفين إلى ثلاثة ألاف م فوق سطح البحر، وينبع النهر من خلال عدد من العيون الجبلية جنوب بحيرة تانا، ويتميز مجرى النهر بوجود العديد من المستنقعات والأخوار والأحراش الزراعية، ويمتد جريانه حتى يلتقي بالنيل الأبيض عند الخرطوم.

يصب في نهر النيل الأزرق رافدان هما فرعا الدندر والرهد، اللذان ينبعان من الجبال الإثيوبية، ويصبان في النيل الأزرق.

يلتقي النيل الأبيض، الذي يتكون من إيراد نهر السوباط وبحر الجبل، بالنيل الأزرق عند الخرطوم، ويسمى عندئذ بالنيل الرئيس.

أنشئ خزانان على النيل الأزرق، هما خزان سنار وخزان الروصيرص، لتخزين 3.5 مليار م3 من المياه سنوياً.

·       نهر السوباط

يتكون نهر السوباط من فرعين رئيسين، ينبعان من الجانب الجنوبي لجبال إثيوبيا، المتاخمة للحدود الشرقية للسودان، هما البيبور Bibor والبارو Baro، ويعد البارو هو الرافد الأكبر وينبع من خلال ممرات جبلية ضيقة وعميقة، بينما البيبور يمر من خلال أخاديد من هضبة الأباسينيا والبارو.

·      نهر عطبرة

ينبع من الهضبة الإثيوبية، على مقربة من بحيرة تانا، من ارتفاع ألفي م فوق سطح البحر، ويتغذى من رافدين هما نهر السلام، ونهر التكازي. (اُنظر جدول أهم الأنهار الإثيوبية وروافدها) و(خريطة تصريفات نهر النيل)

1. الموارد المائية في إثيوبيا

يبدو للوهلة الأولى أن إثيوبيا لديها موارد مائية وفيرة، حيث يبلغ متوسط كمية الأمطار السنوية 848 مم/ سنة، ويصل إجماليه إلى 4.936 مليار م3 (إحصائية الفاو عام 2010). وبالمقارنة بموارد مصر المائية، نجد أن مصر في المرتبة الأخيرة من حيث متوسط كمية الأمطار السنوية، أو بإيراد نهر النيل.

وتقدر كمية المياه السطحية 122 مليار م3، يتجه منها نحو 97 مليار م3 خارج الأراضي الإثيوبية، موزعة كالنحو التالي: مصر والسودان 80 مليار م3، وكينيا ثمانية مليارات م3، والصومال سبعة مليارات م3، وجيبوتي ملياري م3، ويتبقى 25 مليار م3 داخل الأراضي الإثيوبية.

لدى إثيوبيا إحدى عشرة بحيرة عذبة، أهمها وأكبرها بحيرة تانا، وتسع بحيرات مالحة، وأربع بحيرات على أفواه بركانية، وأكثر من اثني عشر مستنقعاً. كما أن معظم البحيرات الإثيوبية، عدا زيواى، وتانا، ولنجونو، وأباياو شاموليس، لها منافذ بحرية خارجية (تصريف نهري)، وتمتك إثيوبيا مياه جوفية تقدر بنحو 2.6 مليار م3.

وعلى الرغم من وفرة المياه في إثيوبيا، إلا أنها لم تستفد بأكثر من 3% من كمية الأمطار السنوية، حيث يبلغ نصيب الفرد 38 م3 سنوياّ، طبقاً لتقرير الأمم المتحدة لمؤشر التنمية البشرية، لعام 2009. وبذلك تحتل إثيوبيا المرتبة 171 من نصيب الفرد المائي، من أصل 182 دولة.

وتعكف إثيوبيا على إيجاد حلول لأزمة المياه من طريق إنشاء السدود والخزانات على ضفاف النهر الخالد، وأهدافها طموحة لحجب المياه وتكديسها للري، وتوليد وبيع الطاقة الكهربائية لدول الجوار، وتحقيق مكاسب اقتصادية.

2. أهم المشروعات المائية الإثيوبية

خططت إثيوبيا لإقامة مشروعات طموحة على أنهار الهضبة، وقامت منذ عام 1964، بمعاونة الولايات المتحدة الأمريكية، بدراسة عدد من المشروعات والسدود التي تصل سعتها إلى 26 مليار م3، وكذلك كشفت حكومة إثيوبيا في مؤتمر الأمم المتحدة، عام 1977 في الأرجنتين، عن تخطيطها للتوسع لتنفيذ مشاريع زراعية لإنتاج محاصيل الوقود الحيوي، وما لم يخف على أحد أن الحكومة الإثيوبية غامضة في إظهار نواياها بخصوص مشروعاتها، فقضية السدود ظهرت في الماضي، وتلوح بها في الحاضر، بما يضع العراقيل التي تؤثر على العلاقات مع دول المصب

يمكن تقسيم مشروعات المائية لضبط المياه بصفة عامة إلى ما يلي:

·      مشروعات الهدف منها ري الأراضي الزراعية أو توفير ماء الشرب.

·      مشروعات الهدف منها توليد الطاقة الكهرومائية.

·      مشروعات الهدف منها تيسير الملاحة.

·      مشروعات الهدف منها حماية العمران من مخاطر الفيضان.

·      مشروعات الهدف منها مشترك بين أي من الأهداف السابقة. (اُنظر خريطة المشروعات المائية المقامة على نهر النيل) و(شكل مشروعات إثيوبيا المائية)

أهداف إثيوبيا من إقامة السدود

أ. توليد الطاقة الكهربائية، نظراً للفقر في مصادر الطاقة، وبيع الفائض لدول الجوار لحصد عائد مادي.

ب. ورقة ضغط على كل من مصر والسودان، لترعى مصالح دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

ج. التوسع في زراعة محاصيل الوقود الحيوي، وقناعة إثيوبيا بالتحول إلى إنتاج الوقود الحيوي ترجع إلى:

(1) مازالت إثيوبيا تعتمد على طاقة الكتلة الحيوية، من الأخشاب والفحم والمخلفات الزراعية.

(2) تقلبات أسعار النفط وارتفاع سعره، وضعف الاقتصاد.

3. مشروعات داخل حوض نهر النيل

أ. سد شارا شارا على حوض النيل الأزرق

أنشئ شارا شارا على مخرج بحيرة تانا، لكي ينظم تدفق المياه منها إلى النيل الأزرق، الذي يقع عليه المحطة الكهربائية تيس أباي، وهذا هو السد الوحيد الذي يقع مباشرة على المجرى الرئيسي للنيل الأزرق، ويبلغ ارتفاعه متراً واحداً فقط. بدأ بناء السد عام 1984، ثم توقف العمل به، إلى أن بدأ مرة أخرى، عام 1994، واكتمل البناء عام 1996. بدأ هذا السد ببوابتين (4.8 م عرضاً، و4.5 م ارتفاعاً)، تبلغ سعة كل منها 70 م3/ ث، من تيس أباي 1. وتم إضافة خمس بوابات أخرى، عام 2001. وتم الانتهاء من محطة الطاقة الثانية (تيس 2)، لإنتاج 72 ميجاوات، والتى تمثل 11% من إجمالي الكهرباء في إثيوبيا (731 ميجاوات).

بُنيت خلال الفترة من عام 1960 – عام 1971، ثلاثة سدود أخرى، هي كوكا، وأواش 1، وأواش 2، بإجمالي طاقة كهربية 107.2 ميجاوات، وتم تموين السد الأول من إيطاليا.

ب. سد فينشا Fincha على حوض النيل الأزرق

أنشئ سد فيشا عام 1973، ويغطى مساحة حوض نهر فينشا، وهو حوض صغير من أحواض النيل الأزرق على ارتفاع يراوح بين 2200 – 3100 م، ويصل ارتفاع السد إلى 20 م، ومساحة الخزان 393 كم2، ويقوم بإنتاج طاقة كهربائية قدرها 128 ميجاوات، وتم تحويل نهر Amarti إلى Fincha من خلال نفق، عام 1987.

كما وقعت إثيوبيا والصين اتفاق، عام 2007، لمنح إثيوبيا قرضاّ بقيمة 208 مليون دولار، لبناء مشروع لتوليد الطاقة الكهرمائية على نهر نيش، الذي يطلق علية سد Finchaa- Amarti – Neshe، بإجمالي 100 ميجاوات.

ج. سد تاكيزى Tekeze على حوض نهر تاكيزي/ عطبرة

يقع سد تاكيزى Tekeze على نهر تاكيزي/ عطبرة، في منطقة تيجري Tigre على الحدود الغربية مع أمهرة Amhara شمال إثيوبيا. ينبع نهر تاكيزى من جبال سيمن Simien، ويهدف السد إلى توليد 300 ميجاوات كهرباء من خلال أربعة توربينات، والجدير بالذكر أن السد من النوع المقوس، ويصل ارتفاعه إلى 188 م، وبدأ العمل في إنشاؤه عام 1999، وتم افتتاحه في نوفمبر 2009، بعد تأخر سنتين عن الموعد المقرر، وبتكلفة إضافية 160 مليون دولار، بعد التغلب على كثير من العوائق الجيولوجية، بسبب الانهيار الصخري، عام 2008، وأوقف العمل به بسبب انهيار جزئي في أحد أجزائه، عام 2009، ويُقدر عمر السد بنحو 50 عام، بمعدل إطماء 75 مليون م3/ سنة. وللعلم أن معدل الإطماء أكبر من ذلك بكثير، وأن عمر السد لن يتجاوز 25 عام.

وتُعد سعة الخزان الأكبر في جميع الخزانات الإثيوبية الحالية، والأكثر تأثيراّ على مياه النيل من الناحية النظرية، لأنه لن يملأ في عام واحد، بل يحتاج إلى ثلاث سنوات على الأقل، في حالة عدم تدفق مياه لتوليد الكهرباء، وهذا لن يحدث لأن الغرض الأساسي هو توليد الكهرباء من خلال أربعة توربينات، ولكن الخطر الأكبر هو ما تسعى إليه إثيوبيا لبناء سد آخر على نفس النهر، ويسمى تاكيزى 2، ما يؤدي إلى حجز جزء آخر من المياه التي تصل إلى مصر والسودان.

د. مشروع تانا ــ بيليز Tana – Beles على حوض النيل الأزرق

يقع مشروع تانا – بيليز في منطقة أمهرة، شمال غرب إثيوبيا، على بعد حوالي 150 كم من مدينة بهير دار، على الجانب الجنوبي الغربي من بحيرة تانا. ويعتبر تانا ــ بيليز ليس سداّ أو خزاناّ للمياه بالمعنى المعروف، ولكن عبارة عن نفق لنقل المياه من حوض بحيرة تانا إلى حوض نهر بيليز بدون تخزين، والاثنان عبارة عن حوضين صغيرين من جملة ستة عشر حوضاً صغيراً تشكل حوض النيل الأزرق. أي أن نفس كمية المياه سوف تصل إلى مجرى النيل الأزرق الرئيس، ولكن من طريق مختلف ومختصر.

تسهم بحيرة تانا بمقدار 3.8 مليار م3 في مياه النيل الأزرق، ونهر بيليز بنحو 1.15 مليار م3 سنوياّ. ويهدف المشروع إلى إنتاج طاقة كهربية مقدارها 460 ميجاوات، من خلال اندفاع المياه من بحيرة تانا (1800م) إلى منسوب أقل في حوض بيليز (1525 م)، بفارق 275 م، خلال مسافة 12 كم. بالإضافة إلى مشروعات ري، وتم بالاتفاق مع الشركة الإيطالية سالينى Salini Construttori حفر نفقين وتبطينهما بقطاعات خرسانية:

(1) نفق في المقدمة، يبدأ من بحيرة تانا بطول 12 كم، وقطر 8.1 م.

(2) نفق في النهاية بعد محطة الكهرباء Tailrace، بطول 7.2 كم، وقطر ثمانية أمتار، يصب في نهر جيهانا Jehana أحد روافد نهر بيليز.

(3) بطانة خرسانية سابقة الصنع، بسمك 30 سم.

بدأ تنفيذ المشروع، في يونيه 2006، بحفر النفق في صخور بركانية بازلتية، وافتتح في مايو 2010، تزامناً في يوم توقيع اتفاقية عنتيبى، بتأخير عام عن موعده. وللعلم فإن المشروع لم يبدأ العمل به حتى اليوم.

وتشتمل المشاريع المقترحة على بحيرة تانا نوعين من المشاريع كالآتي:

(1) مشروعات خاصة بالبحيرة

تعتمد بصفة أساسية على التخزين المستمر بالبحيرة، من طريق التحكم في مخرج البحيرة، بإنشاء مفيض يزيد من المخزون الحالي إلى 12.987 مليار م3، ورفع السعة إلى 17.875 مليار م3، كي يمكن إمداد مشروعات الطاقة المقامة على الأفرع المغذية للبحيرة.

(2) مشروعات مقامة على الأنهار المغذية لبحيرة تانا

(أ) مشروع طلمبات غرب مجيش، بسعة تخزينية 12987 مليون م3 يؤثر على تدفق مياه النيل بمقدار 84960 مليون م3 سنوياً مخصصة لري 170 ألف هكتار، بتكلفة مالية للمشروع 13 مليون بر إثيوبي.

(ب) مشروع طلمبات شرق مجيش، بسعة تخزينية 129 مليون م3، مخصصة لري 141 ألف هكتار، بتكلفة مالية للمشروع 12 مليون بر إثيوبي.

(ج) مشروع طلمبات شمال مجيش، بسعة تخزينية 12987 مليون م3، مخصصة لري 120 ألف هكتار، بتكلفة مالية للمشروع عشرة ملايين بر إثيوبي.

(3) مشروع للري، على نهر ريب Ribb، يستهلك كمية من المياه قدرها 194 مليون م3 سنوياً، لري 36 ألف هكتار من متوسط إيراد النهر، المقدر بنحو 593 مليون م3، بتكلفة مالية 79 مليون بر إثيوبي.

(4) مشروع للري، على نهر جومارا Gumara، بسعة تخزينية 2267 مليون م3، يؤثر على تدفق مياه النيل بنحو 163 مليون م3، لري 31 ألف هكتار، بتكلفة مالية للمشروع 80 مليون بر إثيوبي.

(5) مشروع للري على نهر مجيش Megech، يستهلك كمية من المياه قدرها 93 مليون م3 سنوياً من متوسط إيراد النهر البالغ 225 مليون م3 سنوياً، بتكلفة مالية 77 بر إثيوبي، وتم وضع حجر الاساس لهذا المشروع.

(6) مشروع سد جيرمان جلجل آباى Gilgel Abbay للري وتوليد الطاقة، على نهر جيماكوجاباي، بسعة تخزينية 1017 مليون م3، لري 150 ألف هكتار، يستهلك 693 مليون م3 من إيراد النهر.

(7) مشروع بير الأعلى الري وتوليد الطاقة، على نهر بير، لتخزين 534 مليون م3، يستهلك 229 مليون م3 من مياه النهر لري 58 ألف هكتار، وتوليد طاقة بمقدار 750 كيلووات/ ساعة، بتكلفة مالية 141 مليون بر إثيوبي.

(8) مشروع بير الأدنى للري، على نهر بير، يستهلك 88 مليون م3، لري 16 ألف هكتار، بتكلفة مالية 12.3 مليون بر إثيوبي.

(9) مشروع سد ديبوهيلا للري، على نهر ديبوهيلا، بسعة تخزينية 50.1 مليون م3، يؤثر على إيراد النهر 56 مليون م3 لري عشرة ألف هكتار، بتكلفة مالية 43.5 مليون بر إثيوبي.

(10) مشروع سد جياما لتوليد الطاقة، على نهر جياما، بسعة تخزينية 3169 مليون م3، بتكلفة مالية 269 مليون بر إثيوبي.

(11) مشروع سد موجر لتوليد الطاقة، على نهر موجر، بسعة تخزينية 300.6 مليون م3، لتوليد طاقة كهرومائية قدرها 270 مليون كيلووات/ ساعة، بتكلفة مالية 31 مليون بر إثيوبي.

(12) مشروع سد جودر الأعلى للري، على نهر بيلو، بسعة تخزينية 70.7 مليون م3، يستهلك 51 مليون م3 لري 12 ألف هكتار، بتكلفة مالية 13 مليون بر إثيوبي.

(13) مشروع سد جودر الأدنى لتوليد الطاقة، على نهر جودر، بسعة تخزينية 2557 مليون م3، لتوليد طاقة كهرومائية 120 مليون كيلووات/ ساعة.

(14) مشروع سد أرجو/ ديديا متعدد للري وتوليد الطاقة، على نهر ديديا، بسعة تخزينية 2130 مليون م3، لري 40 ألف هكتار وتوليد طاقة كهرومائية قدرها 360 مليون كيلووات/ ساعة، بتكلفة مالية 161 مليون بر إثيوبي.

(15) مشروع سد ديديسا الأدنى لتوليد الطاقة، على نهر ديديا، بسعة تخزينية 4862 مليون م3، لتوليد طاقة كهرومائية قدرها 835 مليون كيلووات/ ساعة، بتكلفة مالية 404.8 مليون بر إثيوبي.

(16) مشروع سد دابانا للري وتوليد الطاقة، على نهر دابانا، بسعة تخزينية 1617 مليون م3، للري وتوليد طاقة كهرومائية قدرها 135 مليون كيلووات/ ساعة، بتكلفه ماليه 358 مليون بر إثيوبي.

(17) مشروع سد أنجاز متعدد للري وتوليد الطاقة، على نهر أنجاز، بسعة تخزينية 3572 مليون م3، يستهلك 416 مليون م3 لري 72 ألف هكتار ولتوليد طاقة كهرومائية قدرها 380 مليون كيلووات/ ساعة، بتكلفة ماليه 469 مليون بر إثيوبي.

(18) مشروع سد جاليجو للري، على نهر جاليجو، بسعة تخزينية 798.8 مليون م3، لري 27.8 ألف هكتار، ويستهلك 228 مليون م3 من إيراد النهر، بتكلفة مالية 211 مليون بر إثيوبي.

(20) مشروع دابوس للري وتوليد الطاقة، على نهر دابوس، بإجمالي ما يجئ من النهر، لري 360 ألف هكتار وتوليد 1440 مليون كيلو وات/ ساعة يستهلك 205 مليون م3.

(21) مشروع تحويلة أديس أبابا لتوليد الطاقة الكهرومائية بقدرة 630 مليون كيلووات/ ساعة، بتكلفة مالية 85 مليون بر إثيوبي.

(22) مشروع سد نبع جيحا للري، على نهر نبع توركار، لري 224 ألف هكتار، يستهلك ثلاثة ملايين م3 من إيراد النهر.

(23) مشروع سد الدندر متعدد للري وتوليد الطاقة، على نهر الدندر، بسعة تخزينية 3690 مليون م3، لري 140 ألف هكتار وتوليد طاقة كهربائية 35 مليون كيلووات/ ساعة، يستهلك 1145 مليون م3 من إيراد النهر.

(24) مشروع سد الرهد للري، على نهر الرهد، بسعة تخزينية 190 مليون م3، لري 127 ألف هكتار، يستهلك 1043 مليون م3 من إيراد النهر.

(25) مشروع سد كارادوبى لتوليد الطاقة، على نهر النيل الأزرق، بسعة تخزينية 3250 مليون م3، بتكلفة مالية 1.03 مليون بر.

(26) مشروع سد مابيل لتوليد الطاقة، على نهر النيل الأزرق، بسعة تخزينية 13600 مليون م3، بإجمالي طاقة كهرومائية 6070 مليون كيلووات/ ساعة.

(27) مشروع سد مندايا لتوليد الطاقة، على نهر النيل الأزرق، بسعة تخزينية 1593 مليون م3، لتوليد 5400 مليون كيلووات/ ساعة.

(28) مشروع سد النهضة، عُرف سد الألفية (النهضة) بسد "بوردر" في متن الدراسة الأمريكية، التي أجريت على حوض النيل الأزرق، وأعلنت الحكومة الإثيوبية، في أبريل 2011، بدء إنشاء المشروع لتوليد طاقة كهرومائية قدرها 5250 ميجاوات بولاية جوبا (بنى شنقول)، غرب إثيوبيا.

4. مشروعات خارج حوض نهر النيل

أ. سد كوكا koka حوض نهر أواش  Awash

يعد حوض نهر أواش من أهم الأحواض في إثيوبيا، حيث يمتد حتى بحيرة أبى على الحدود الصومالية، ويوجد به 70% من الزراعة المروية في إثيوبيا، ويغطى مساحة 113 ألف كم2، ويعيش عليه أكثر من 10.5 مليون نسمة. وينبع نهر أواش من هضبة قرب بلدة جينشي Ginchi غرب أديس أبابا، ويتدفق على طول الوادي الأخدودي إلى مثلث عفار بطول 1200 كم، حيث ينتهي عند بحيرة أبى.

أنشئ السد، عام 1960، جنوب شرق أديس أبابا بنحو 100 كم، على ارتفاع 1551م  فوق سطح البحر، ويهدف إنشاء السد الحماية من الفيضانات وتوليد طاقة كهرمائية قدرها 43.2 ميجاوات، وتخزين نحو 1.85 مليار م3، في خزان مساحته 236 كم2، لري نحو 170 ألف فدان، ويصل ارتفاع السد 42 م، بطول القمة 426 م، بمعدل إطماء يراوح بين 13 - 20 مليون م2 سنوياّ، أي أن السعة التخزينية انخفضت بمقدار 78.4%، وهو اﻵن لا يستطيع حماية المنطقة من أخطار الفيضانات. كما أنشئت وحدتان أخريان لتوليد الكهرباء، هما أواش-2، عام 1966، بقدرة 32 ميجاوات، وأواش- 3، عام 1974، بقدرة 32 ميجاوات أيضاّ، لتوليد طاقة إجمالية سنوية للوحدات الثلاث قدرها 107 ميجاوات.

ب. سد جيبي 1 (Gibe 1) حوض نهر أومو

أنشئ السد، عام 2004، بغرض توليد طاقة 184ميجا على حوض نهر جيبى الصغير، أحد روافد نهر جيبى، ويصل ارتفاع السد إلى 40 م، وتبلغ مساحة حوض التجمع نحو 4200 كم2، ومساحة الخزان نحو 63 كم2، بسعة تخزينية قدرها 917 مليون م3، ويصل معدل الإطماء السنوي إلى 45 مليون طن، ما يعنى أن بحيرة السد تمتلئ تماماّ بالرواسب في أقل من 25 عام.

ج. سد جيبي 2 (Gibe 2) حوض نهر أومو

منحت حكومة أديس أبابا، عام 2004، العقد الثاني لإنشاء سد جيبي 2 مع الشركة الإيطالية، ويهدف السد لتوليد 420 ميجاوات من طريق سحب المياه من نهر جيبي (خزان جيبي 1) المرتفع، إلى نهر أومو (المنخفض)، من خلال نفق طوله 25 كم داخل جبل فولا، بقطر 6.3 م، بفرق منسوب 505 م، وكان من المتوقع افتتاح المشروع نهاية عام 2007، ولكن بسبب الطبيعة الجيولوجية الصعبة، تأخر الافتتاح حتى يناير 2010. وبعد افتتاح المشروع بعشرة أيام حدث انهيار في جزء من النفق، أدى إلى توقف المشروع الذي وصلت تكلفته إلى أكثر من 600 مليون دولار، إلى جانب تكلفة الإصلاح البالغة 25 مليون دولار. وسيظل هذا المشروع في خطر دائم نتيجة العوامل الجيولوجية المختلفة.

د. سد جيبي 3 (Gibe3) حوض نهر أومو

في يناير 2006، وقعت شركة ساليني والحكومة الإثيوبية عقداً جديداً لبناء سد جيبىي 3، وهو أكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية، مع سد يبلغ ارتفاعه 244 م، ويكون بذلك أعلى سد في العالم، وسوف يقوم بتوليد 1870 ميجاوات، بتكلفة 1.55 مليار يورو، وسوف يكون للسد بحيرة تخزين بطول 155 كم، وبمساحة سطح قدرها 200 كم2، وسعة تخزينية 12 مليار م3. ونظر لحجم الخزان الكبير، فسوف تغرق المياه 1200 فدان من الأراضي الزراعية ونحو 65 ألف من الغابات النهرية والشجرية، وسوف يتأثر أكثر من مليون نسمة في كل من كينيا وإثيوبيا. وبدأ العمل بالفعل في إنشاء سد جيبي 3، في منتصف عام 2006، بنفس الأخطاء التي ارتكبت في سد جيبي 2، وتواجه المشروع مشكلات كثيرة في التمويل، بعد انسحاب بنك الاستثمار الأوروبي.

هـ. سد جينا داوا Genale Dawa

لا يزال هذا المشروع في طور الدراسة والتأسيس، ويقع المشروع على الحدود بين أوروما والصومال، ويتضمن إنشاء سد بارتفاع 110 م على نهر جينال، وسوف يُنتج طاقة كهربائية تقدر بنحو 254 ميجا وات. من المتوقع أن يصل إجمالي نفقات تشييده حتى مرحلة التشغيل نحو 408 ملايين دولار، وستقوم بتنفيذ هذا المشروع إحدى الشركات الهندسية الصينية وتُدعىChina Gezhouba Group International Engineering

و. سد شيموجا ييدا Chemoga Yeda

لا يزال هذا المشروع في طور الدراسة والتأسيس، ويقع على بعد 299 كم شمال أديس أبابا، في الإقليم الأمهري للدولة الإثيوبية، سيتضمن هذا المشروع مرحلتين، يجري خلالهما بناء خمسة سدود في شيموجا، وييدا، وسينز، وجتيلا، وأنهار بوجينا. ومن المتوقع أن ينتهي خلال أربع سنوات وتسعة أشهر من بدء التنفيذ، حسب الخطة الموضوعة، وتبلغ إجمالي نفقات المشروع نحو 555 مليون دولار، ومن المتوقع أن يُولد طاقة كهربائية تُقدر بنحو 250 ميجاوات. وستقوم بتنفيذ هذا المشروع إحدى الشركات الهندسية الصينية China Gezhouba Group International Engineering.

وبعرض المشروعات خارج حوض النيل، نجد أنه يتوفر لدى إثيوبيا أنهار أخرى غير حوض النيل، لبناء السدود لتوفير المياه وتوليد الطاقة الكهرومائية والتنمية الشاملة، دون المساس بأمن مصر والسودان القومي.

5. سد النهضة (حوض النيل الأزرق)

أ. تاريخ المشروع

تضاربت الأقوال حول سد النهضة، فالحقائق العلمية من خلال الدراسة الأمريكية، عام 1964، وما تلاها من أبحاث تؤكد على أن سعة الخزان تراوح بين (11.1، 13.3، 16.5، 24.3) مليار م٣، إلا أن تصريحات المسؤولين الإثيوبيين ذكرت 62 مليار م٣، ثم 67 مليار م٣، ثم 74 مليار م3، وكل هذه الأرقام لا يوجد ما يؤيدها علمياً.

ب. الإعلان عن إنشاء سد النهضة

أعلنت إثيوبيا، في فبراير 2011، عن عزمها إنشاء سد بوردر على النيل الأزرق، والذي يُعرف أيضاً بسد هيداسى، على بعد 20 - 40 كم من الحدود السودانية، بسعة تخزينية تقدر بنحو 16.5 مليار م٣، وإسناده إلى شركة سالينى الإيطالية بالأمر المباشر. وأُطلق عليه مشروع إكس، وسرعان ما تغير الاسم إلى سد الألفية الكبير، ووضع حجر الأساس، في 2 أبريل 2011، ثم تغير الاسم للمرة الثالثة في نفس الشهر ليصبح سد النهضة الإثيوبي الكبير. وهذا السد هو أحد السدود الأربعة التي اقترحتها الدراسة الأمريكية، عام 1963.

ج. الموقع الجغرافي لسد النهضة

يقع سد النهضة في نهاية النيل الأزرق، داخل الحدود الإثيوبية، في منطقة بنى شنقول جوموز، وعلى بعد 20-40 كم من الحدود السودانية، خط عرض 6´-511 جنوباً، و9´- 535 شمالاً، على ارتفاع نحو 500-600 م فوق سطح البحر، ويصل متوسط الأمطار في منطقة السد نحو 800 مم/ سنوياً. (اُنظر شكل موقع سد النهضة)

د. الموقع الجيولوجي لسد النهضة

يقع السد في منطقة يغلب عليها الصخور المتحولة، والتي تشبه في تكوينها جبال البحر الأحمر الغنية ببعض المعادن والعناصر الهامة، مثل الذهب والبلاتين والحديد والنحاس، بالإضافة إلى محاجر الرخام.

تلعب الجيولوجيا دوراً رئيساً في مجالات التنمية الإثيوبية، وأهم العوامل الجيولوجية والجغرافية التي تقف حائلاً في فشل كثير من المشروعات المائية في دول منابع نهر النيل بصفة عامة، وإثيوبيا بصفة خاصة هي:

(1) صعوبة التضاريس حيث الجبال المرتفعة والأودية الضيقة، وصعوبة نقل المياه من مكان إلى أخر، في حالة تخزينها.

(2) انتشار الصخور البركانية البازلتية، خاصة في إثيوبيا، وهي صخور سهلة التعرية بواسطة الأمطار الغزيرة، وأيضاً ضعيفة هندسياً لتحمل إقامة سدود عملاقة.

(3) تؤثر الصخور البازلتية على نوعية المياه، خاصة في البحيرات، حيث تزيد من ملوحتها، كما هو الحال في البحيرات الإثيوبية التي تقع في منطقة الأخدود في كل من إثيوبيا وكينيا وتنزانيا، والتي تشكل عائقاً في تكوين مياه جوفية.

(4) التوزيع غير المتجانس للأمطار، سواء الزماني أو المكاني.

(5) زيادة معدلات البخر، والتي يرواح متوسطها إلى 80% من مياه الأمطار، كما هو الحال في معظم القارة الأفريقية.

(6) زيادة التعرية وانجراف التربة، نتيجة انتشار الصخور الضعيفة، والانحدارات الشديدة لسطح الأرض، وغزارة الأمطار في موسم مطر قصير.

(7) يحد حوض النيل في دول المنبع مرتفعات كبيرة تمنع إمكانية نقل مياه النيل إلى الأماكن التي تعاني من نقص المياه، خاصة في موسم الجفاف، ويتضح هذا في كلٍ من إثيوبيا وكينيا وتنزانيا.

(8) وجود الأخدود الأفريقي في جميع دول المنبع، وما يسببه من تشققات ونشاط بركاني وزلزالي، قد يؤثر على المشروعات المائية خاصة في إثيوبيا.

(9) التغيرات المناخية التي قد تسبب جفافاً في بعض الأماكن، وأمطاراً في أماكن أخرى.

هـ. الخصائص الفنية لسد النهضة

الدراسات الإثيوبية الحديثة لسد النهضة غير معلنة، وهناك تصريحات إثيوبية بعدم إعلانها إلا بعد توقيع مصر على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، ولكن المعلومات العلمية المتاحة هي من خلال الدراسة الأمريكية، التي أجريت عام 1964 وما تلاها، أوضحت أن ارتفاع السد نحو 84.5 م، وسعة التخزين 11.1 مليار م3 عند مستوى 575 م للبحيرة، وقد يزداد ارتفاع السد ليصل إلى 90 م، بسعة 13.3 مليار م3 عند مستوى 580 م للبحيرة. وفي سيناريوهات أخرى قد تصل سعة التخزين إلى 16.5 مليار م3 عند مستوى 590 م للبحيرة، أو 24.3 مليار م3 عند مستوى 600 م للبحيرة.

طبقاً لتصريحات وزير الموارد المائية الإثيوبي، فإن ارتفاع السد سوف يصل إلى 145 م، بسعة تخزينية 62 مليار م3، ازدادت إلى 67 مليار م3، ثم إلى 74 مليار م3. ولا توجد أي دراسة علمية منشورة تؤكد هذه التصريحات حتى الآن.

من خلال دراسة نماذج خرائط الارتفاعات، يمكن الاستنتاج أن يصل طول البحيرة إلى 100 كم، بمتوسط عرض عشرة كم، لري نحو نصف مليون فدان من الأراضي القابلة للري، والتي تصل إلى مليوني فدان في حوض النيل الأزرق.

يحتوي تصميم السد على 15 وحدة كهربائية، قدرة كلٍ منها 350 ميجاوات، عبارة عن عشرة توربينات على الجانب الأيسر من قناة التصريف، وخمسة توربينات على الجانب الأيمن، بإجمالي 5225 ميجاوات، ما يجعل سد النهضة في المرتبة الأولى في أفريقيا، والعاشر عالمياً في قائمة أكبر السدود إنتاجاً للكهرباء.

و. التكلفة والتمويل لسد النهضة

(1) تبلغ تكلفة سد النهضة نحو 4.8 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل في نهاية المشروع إلى نحو ثمانية مليارات دولار أمريكي، للتغلب على المشكلات الجيولوجية التي سوف تواجه المشروع.

(2) أُسند هذا السد بالأمر المباشر إلى شركة ساليني الإيطالية، ويرفض البنك الدولي تمويل مشروعات السدود بصفة عامة، واتجهت اهتماماته في قطاع الطاقة إلى التوسع في نطاق شبكات التوزيع، وإصلاح القطاعات الجارية.

(3) أعلنت إثيوبيا أنها تعتزم تمويل المشروع بالكامل، بعد اتهامها مصر بأنها تحرض الدول المانحة بعدم المشاركة، ومن الجدير بالذكر أن الحكومة الإثيوبية تعجز، منذ نهاية عام 2006، عن تكملة سد جيبي 3 على نهر أومو المتجه نحو بحيرة توركانا في كينيا، بسبب عدم توفر المبلغ المطلوب، الذي يصل إلى نحو ملياري دولار أمريكي، والآن تضع الحكومة الإثيوبية نفسها في مأزق أكبر بإنشاء سد النهضة، ليصبح المطلوب توفيره نحو سبعة مليارات دولار أمريكي للسدين.

(4) كما هو معلن، فإن الفترة الزمنية المقررة للمشروع هي أربع سنوات، إلا أن هناك مصادر أخرى ذكرت 44 شهراً للانتهاء من إتمام أول مولدين للكهرباء، ومن المتوقع أن يستغرق ثلاث سنوات إضافية للانتهاء من بناء سد النهضة، كما هي العادة في السدود السابقة.

ز. الغرض من سد النهضة

حسب تصريح مدير مشروع السد، فإن الغرض الأساس من إنشاء السد هو توليد الطاقة الكهربية، وسوف تعود المياه إلى مسارها إلى دولتي المصب (مصر ــ السودان) بعد توليد الكهرباء، وأنه لن يجرى استهلاك هذه المياه أو استخدامها في الري.

أضاف كذلك أنه يجرى على الجانب الأيمن من السد، عند النظر باتجاه دول المصب، بناء عشر وحدات لتوليد الكهرباء، وعلى الجانب الأيسر خمس وحدات، ليكون مجموعها 15 وحدة، وأن كل وحدة قادرة على توليد 350 ميجاوات، ليكون مجموع قدرات هذه الوحدات على الإنتاج 5250 ميجاوات.

كما أكد أنه على الجانب الأيمن من السد سيتم بناء محطة فرعية لتحويل الكهرباء، وإنشاء خطوط عملاقة لتوصيل الطاقة بشبكة الكهرباء في البلاد والدول المجاورة، وقال إن المشكلات البيئية ستعالج مع اتخاذ كل التدابير لمعالجة أية آثار سلبية.

ح. فوائد سد النهضة

‌(1) الفائدة الكبرى لإثيوبيا من سد النهضة هي إنتاج الطاقة الكهرومائية 5250 ميجاوات، التي تعادل ما يقرب من ثلاثة أضعاف الطاقة المستخدمة حالياً.

(2) توفير المياه لسكان منطقة بنى شنقول ــ جوميز على مدار العام، والتي قد يستخدم جزء منها في أغراض الشرب والزراعة.

(3) التحكم في الفيضانات التي تصيب السودان عند سد الروصيرص.

(4) تخزين طمي النيل الأزرق، الذي يقدر بنحو 420 مليار م3 سنوياً، مما يطيل عمر السدود السودانية والسد العالي.

‌(5) قلة البخر نتيجة وجود بحيرة السد على ارتفاع 570 – 650 م فوق سطح البحر، إذا ما قورن بالبخر في بحيرة السد العالي 160 - 176 م فوق سطح البحر.

(6) تخفيف حمل وزن المياه المخزنة عند بحيرة السد العالي، والتي تسبب بعض الزلازل الضعيفة.

ط. الآثـار السلبيــة لسـد النهضــة

(1) على المدى القريب

(أ) فترة ملء سد النهضة بسعة 74 مليار م3 تمثل تأثيراً سلبياً شديداً على مصر، ويكون التأثير أخطر إذا تزامن ذلك مع فترة جفاف، وخاصة أن الدراسات الإثيوبية تقترح الملء في فترة ست سنوات، بغض النظر عن إيراد نهر النيل، وهذا سيؤدى إلى زيادة العجز المائي ونقص الكهرباء المولدة من السد العالي، الذي يمكن أن يصل إلى حد توقف محطة توليد السد العالي تماماً لعدد من السنوات.

(ب) نقص المياه المتاحة لقطاعات الري والزراعة والشرب في مصر أثناء فترة الملء، خاصة في حالة الملء أثناء فترات الفيضان تحت المتوسط أو الضعيف، وهو ما له تأثيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة، قد تؤدي إلى عدم القدرة على زراعة ملايين الأفدنة، وفقدان الدخل لملايين المصريين المعتمدين على الزراعة في دخلهم السنوي، بالإضافة للتأثيرات الاقتصادية نتيجة خسارة شبكة الطاقة في مصر لجزء كبير من الطاقة المولدة من السد العالي، وهو ما يعني أعباء اقتصادية لتعويض هذا النقص.

(ج) بالرغم من استبعاد فكرة انهيار السد أثناء فترات الملء، إلا أن تبعات هذا ستكون سيئة جداً على السودان، وبالطبع على المنشآت المائية في مصر.

(2) على المدى البعيد

(أ) إقامة سد النهضة على النيل الأزرق، بارتفاع 145 م، وسعة تخزينية 74 مليار م3، وتشغيله بشكل منفرد لا يراعى مصالح دول المصب، سيمكن إثيوبيا من التحكم الكامل في إيراد النيل الأزرق، وما سيتبع ذلك من تأثيرات كارثية على الحصة المائية المصرية، ونقص الكهرباء المولدة من السد العالي، والذي يمكن أن يصل إلى حد توقف محطة توليد السد العالي تماماً لعدد من السنوات، والتي تزيد في فترات الجفاف بصورة كبيرة.

(ب) يمثل تشغيل السد خطراً بالغاً إذا تم ذلك لخدمة المصالح الإثيوبية فقط، المتمثلة في تعظيم إنتاج الكهرباء، وتزيد الخطورة إذا تزامن ذلك مع حدوث فترات جفاف.

(ج) إعادة ملء الخزان بعد انتهاء أي فترة جفاف بدون الأخذ في الحسبان الاحتياجات المائية لدول المصب، سيكون تأثيره أشد من حالة الملء الأولى، لأنه بعد انتهاء فترة الجفاف يكون محتوى التخزين في بحيرة السد العالي منخفضاً، ما يزيد من التأثير السلبي على مصر.

(د) السد سيؤدي لتنظيم تصرفات النيل الأزرق، ما سيساعد السودان على إقامة مشروعات زراعية مستقبلية تؤدي إلى تجاوزها لحصتها المائية المقررة، ومن ثم التقليل من حصة مصر المائية.

(هـ) نقص الطمي الوارد للسودان سيؤثر على خصوبة التربة، ما سيدفعها لاستخدام المبيدات الزراعية والمخصبات الزراعية، مع عدم وجود نظام صرف متطور، مكلف اقتصادياً، سيؤثر تأثيراً مباشراً على المياه الواردة لمصر نوعياً، وهو ما يعني تدهور في نوعية المياه المستخدمة، سواء في الزراعة أو الشرب، ما سيؤدي إلى تأثيرات جسيمة على صحة المصريين، وما يستتبعه ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية جسيمة.

(و) زيادة فرصة حدوث زلازل بالمنطقة التي يتكون فيها الخزان، نظراً لوزن المياه التي لم تكن موجودة في المنطقة من قبل في بيئة صخرية متشققة.

(ز) قِصر عمر السد والذي يراوح بين 25 – 50 عاماً نتيجة الإطماء الشديد 420 ألف م3 سنوياً، وما يتبعه من مشكلات كبيرة لتوربينات توليد الكهرباء، وتناقص في كفاءة السد تدريجياً.

(ح) تهجير نحو 30 ألف مواطن من منطقة البحيرة.

(ط) فقد مصر والسودان لكمية المياه التي تعادل سعة التخزين الميت لسد النهضة، والتي ترواح بين 5 - 25 مليار م3 حسب حجم الخزان، ولمرة واحدة فقط، وهذا الفقد، سواء كان كبيراً أو صغيراً، يستوجب معرفة مصر والسودان به، من حيث الكمية وموعد التشغيل، لأخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي أزمة نقص المياه في العام الأول لتشغيل السد.

(ي) إصرار الجانب الإثيوبي على المضي في بناء مشروع سد الألفية بالمواصفات الحالية، سيقود حتماً إلى نتائج خطيرة تمس الأمن القومي لكل من مصر والسودان، وتؤكد هذه المعلومات والدراسات المتوفرة لدى جهات مصرية عدم قدرة السد على تحمل ضغط المياه الضخمة التي سوف تحتجز خلفه، والتي تصل إلى نحو 74 مليار م3 من المياه، كما أنه مشيد من الأسمنت. ومن ثم فقد ينهار في أي وقت، وعندها ستحدث الكارثة، حيث سيغرق شمال السودان وجنوب مصر، وستشرَّد ملايين الأسر حيث تدمر منازلهم وزراعاتهم.