إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / مشكلة الصحراء الغربية (البوليساريو)





أماكن الاستعمار الفرنسي والإسباني
الحدود المغربية "المغرب الكبير"
الحرب الجزائرية ـ المغربية

ولايات المغرب العربي
الأهمية الاقتصادية للصحراء الغربية
المدن ومراكز التوطن الرئيسية
التقسيم الإداري والجغرافي
الدولة البربرية بشمال أفريقيا
الحدود التقريبية للمغرب العربي
الفتوحات الإسلامية من 22 – 64 هـ
الفتوحات الإسلامية من 69 – 92 هـ
توزيع المجموعات القبلية
تقسيم الصحراء الغربية
حدود موريتانيا والصحراء الغربية



الأكــــراد

المبحث الأول

الأهمية الجيوبولوتيكية للصحراء الغربية

على إثر الصراع المسلح بين القوات الأسبانية وقوات جيش التحرير خلال الفترة 1956-1958، فضلت أسبانيا تسليم إقليم طرفاية للإدارة المغربية لتضع بذلك حداً لحرب التحرير، وتضمن في الوقت نفسه وجودها على باقي ما كان يسمى بالصحراء الأسبانية[1]، وكان يطلق كلمة الصحراء على أراضي الساقية الحمراء ووادي الذهب من قِبَل الاستعمار الأسباني، حيث أراد من خلال هذه التسمية التقليل من أهمية هذه المنطقة حتى لا تكون محط اهتمام للدول العربية المحيطة بها.

أولاً: الموقع والمساحة والتقسيم الإداري

كان مصطلح "الصحراء الغربية" يتوافق مع الموقع الجغرافي للمنطقة، ويناسب التعبير الدبلوماسي الذي تركز على الحياد والموضوعية، وهو، تاريخياً، أصلح منه الآن؛ لأنه أطلق اعتباراً لموقع المنطقة من مركز السلطة العالمية التي كانت مهيمنة حينئذ، وهي الإمبراطورية الرومانية، ثم الإمبراطورية الإسلامية، ولقد تغير الاسم الذي أطلق على الصحراء الغربية عبر التاريخ ـ مع ما حولها من دول شمال أفريقيا ـ فلقد كان اسمها بلاد البربر The Coast of Barbaric، وأطلق عليها الجغرافيون بلاد المغرب أو جزيرة المغرب، وقبل ذلك كان الاسم أفريقيا الصغرى والسلسلة الأطلسية وبلاد الليبو Lebu والمشوشين Mashuasha وتماحو Tamahu وتحنو Tehnu وكهاكا Kahaka، وظهرت هذه الأسماء في النقوش الفرعونية التي تعود للفترة ما بين 1700 – 1300 ق.م، ولقد أطلق الرومان على مكانها اسم الجيتوليين، والنوميديين، والموريين أي المغاربة.

تقع الصحراء الغربية في الشمال الغربي لأفريقيا، يحدها شمالاً المغرب، وغرباً المحيط الأطلسي، وجنوباً موريتانيا، وشرقاً الجزائر، وتبلغ مساحتها حوالي 266 ألف كم2، ويبلغ طول ساحلها 1062 كم (اُنظر خريطة الحدود التقريبية للمغرب العربي)، بينما حدودها البرية تصل إلى 2045 كم، منها مع موريتانيا 1570 كم، ومع المغرب والجزائر 475كم. ولقد تم إقرار هذه الحدود في إطار سلسلة من المعاهدات بين الدول الاستعمارية.

وبالنسبة للموقع الجغرافي تحدد المنطقة بخطَي الطول 8° و20°، وبخطَي العرض 28° و20°، ويمر خط الطول 16° على مدينة الداخلة، في حين يُشكل خط الطول 12° الجزء الأوسط من حدود الصحراء مع موريتانيا، وبذلك تكون الحدود الطبيعية لمنطقة الصحراء الغربية من الشمال المغرب الشمالي، ومن الجنوب رأس كانسادور ـ الكويرة، ومن الغرب المحيط الأطلسي، ومن الشرق صحراء تندوف في الجزائر.

تتكون الصحراء الغربية من ثلاثة أقاليم إدارية هي: (اُنظر خريطة التقسيم الإداري والجغرافي)

1. منطقة سمارة، وتبلغ مساحتها حوالي 56 ألف كم2.

2. منطقة العيون، وتبلغ مساحتها حوالي 26 ألف كم2.

3. منطقة الداخلة، وتبلغ مساحتها حوالي 184 ألف كم2.

أما التقسيم الجغرافي للصحراء الغربية، فيجملها قسمين، هما:

1. الساقية الحمراء، وهي وادي مهم يمتد في أقصى الطرف الشمالي من حدود الإقليم، وينحدر إلى ساحل المحيط الأطلسي، ويشمل المنطقة الممتدة من رأس جوبي وحتى رأس بوجادور، حيث تبلغ مساحتها حوالي 82 ألف كم2.

2. وادي الذهب، ويشمل المنطقة الممتدة من جنوب الساقية الحمراء من رأس بوجادور وحتى رأس بلانكو ، وتبلغ مساحتها حوالي 184 ألف كم2.

ثانياً: جغرافية الأرض ومصادر المياه والمناخ

طبيعة الأرض في إقليم الصحراء الغربية جرداء مرتفعة نحو الشرق والشمال الشرقي، حيث تتكون من سهول ساحلية ترتفع تدريجياً كلما اتجهنا للداخل، حتى تشكل هضاب يصل متوسط ارتفاعها إلى ألف قدم فوق سطح البحر، ويزداد الارتفاع ليشكل سلسلة جبلية يصل ارتفاعها إلى 600 م عند الحدود الموريتانية ، ولا يوجد في إقليم الصحراء أنهار دائمة الجريان، ومعدل هطول الأمطار حوالي 0.6 ملم سنوياً، ونظراً لمحدودية الموارد المائية، فإن الزراعة في الإقليم من النوع الذي يفي باحتياجات السكان فقط، على الرغم من اكتشاف بعض مصادر المياه منذ عام 1964، وعلى الرغم من أن المناخ الصحراوي يسود الإقليم، إلا أن تيار كناي البارد الذي يهب صيفاً من الشمال يساعد على تلطيف درجة الحرارة، خاصة أن تأثيرها يمتد إلى المناطق الداخلية، ومع زيادة الجفاف أدى ذلك إلى تناقص تدريجي، وبمعدلات مرتفعة، في تعداد السكان، الذين اتجهوا إلى رعي الماشية، ولا تزال البداوة أساس الحياة في إقليم الصحراء الغربية، حيث ينتقل جزء كبير من القبائل صيفاً بين المناطق الداخلية المرتفعة، وشتاءً في سهول الجنوب، ويعتمدوا في تنقلاتهم الطويلة على بعض الواحات الصغيرة المنتشرة على طول مجاري الوديان. أما في المناطق الساحلية فيوجد بعض الواحات السكنية، التي يمارس أهلها الزراعة.

يتسم مناخ الصحراء الغربية بالحرارة العالية والجفاف، ففي الصيف تراوح درجات الحرارة ما بين 40° –46° مئوية، أما في الشتاء فتكون درجة الحرارة ما بين 10° – 15° مئوية، كما يتَّسم برياح عنيفة وعواصف رملية تسبب زحفاً مستمراً للرمال، وتصحراً متفاقماً، وطبقات مائية جوفية محدودة المخزون والتجديد، تحاصرها الأملاح (نسبة ملوحة ما بين 2-9 جرام) وشبكة هيدروجرافية محدودة المياه باستثناء وادي الساقية الحمراء الذي أُنشئ عليه سد بارتفاع 15 م يُعَدّ مصدراً أساسياً لتوفير المياه، والصحراء ذات غطاء نباتي فقير، ولا يوفر النظام البيئي الهش سوى مجال محدود من المحاصيل الزراعية، وخاصة في المنخفضات، وأهمها الكرارة، ومجاري المياه، ومناطق الواحات، ونطاقات الصدوع.

ثالثاً: المدن والموانئ في إقليم الصحراء الغربية

إثر السيطرة الاستعمارية على منطقة الصحراء الغربية، تم إنشاء بعض المرافق الحضارية. فلم يكن لدى السكان أي اهتمام بالتمدن إلا بعد أن زاد نشاط الاستعمار الأسباني في بداية الخمسينيات، حيث أصبح العمل في المرافق، التي أنشأها المستعمر الأسباني يجذب السكان، بسبب ما يوفره من ماديات. وقد تمكّن الاستعمار من تغيير نمط الحياة، إما من خلال إغراء العديد من القبائل برفاهية الحياة المدنية، أو من خلال الضغط على التجمعات القبلية، ولذلك زادت هجرة السكان من المناطق الصحراوية إلى مراكز التجمعات الحضارية. وترتب على هجرة السكان إلى المراكز الحضارية، واكتشاف المعادن في الستينيات، وضع اجتماعي جديد تمثل في ظهور المدن الكبيرة وإن كان السكان الأصليون متمركزون في مناطق محددة منها. وكذلك نشأت بعض المدن والقرى في مناطق التعدين، أو بالقرب من المراكز العسكرية الإستراتيجية. وبعد أن كانت مدينة السّمارة هي الوحيدة في المنطقة، أصبح هناك العديد من المدن والمراكز الحضارية في إقليم الصحراء الغربية.

وتعد مدينة العيون أهم مدن الصحراء الغربية، وهي تمثل العاصمة الإدارية للاستعمار الأسباني، وتسيطر على الإقليم الشمالي. وهي عاصمة الإقليم الشمالي ـ الساقية الحمراء. أما مدينة الداخلة، فهي أول ميناء يُقام في المنطقة، ويوجد بها مناطق مهمة لصيد الأسماك، اكتسبت أهميتها بسبب هجرة الأسماك إليها من شمال وغرب المحيط الأطلسي. أما مدينة السمارة فتقع في قلب الصحراء، وتكتسب صبغة بدوية لوجودها في منطقة البدو، كذلك لها أهمية إستراتيجية لموقعها وسط الصحراء . كما يوجد العديد من المدن المهمة في الصحراء الغربية، منها القويرة وبير الحلو ومحبس وقلته وأم غالا وبوكراع. (اُنظر خريطة المدن ومراكز التوطن الرئيسية)

رابعاً: تعداد السكان

يبلغ عدد سكان إقليم الصحراء حوالي 76 ألف نسمة، وهو التقدير الدولي الذي تعترف به المغرب. أما جبهة البوليساريو فتُقدر عدد السكان بحوالي 375 ألف نسمة يدينون بالإسلام، إضافة إلى ما يزيد عن 200 ألف نسمة من مواطني الدول المجاورة وجزر الكناري، التي تبعد حوالي 150 كم من شاطئ الصحراء في مياه المحيط الأطلسي، كذلك تؤكد جبهة البوليساريو أنه يوجد حوالي 700 ألف نسمة من اللاجئين الصحراويين، في كل من الجزائر والمغرب وموريتانيا، وعدد من الدول الأفريقية المجاورة . بينما حددت الموسوعة الجغرافية الإيطالية ـ داغو سنتيني ـ عدد سكان الصحراء الغربية، نقلاً عن المصادر الأسبانية عام 1966، بحوالي 23793 نسمة، يوجد منهم في مدينة العيون، عاصمة إقليم الساقية الحمراء، حوالي 18542 نسمة، بينما يوجد في مدينة الداخلة حوالي 5251 نسمة، دون الأخذ في الاعتبار السكان المقيمين خارج هاتين المدينتين.

ويرجع سبب عدم القدرة على تحديد عدد السكان في الصحراء الغربية، وتباين التقديرات المعلنة، إلى نمط الحياة الرعوية التي يعيشها معظم سكان الإقليم، وتنقلهم المستمر بين المراعي المختلفة، إضافة إلى تعمد أطراف النزاع إلى الإعلان عن العدد، الذي يمكن من خلاله تحقيق سياستها وأهدافها. ويعاني سكان إقليم الصحراء الغربية منذ الثلاثينيات من كثرة الأوبئة واستيطانها، بسبب عدم التوعية الصحية وسوء التغذية، وتصل نسبة الوفيات بين الأطفال إلى 6%، وتنخفض نسبة النمو السكاني، وكذلك مستوى المعيشة، ويصل متوسط عمر السكان إلى 40 سنة تقريباً، كما تصل نسبة الوفيات بين الكبار إلى 40%.

هناك اختلاف كبير حول أصول السكان، حيث يسود اعتقاد بأنهم من الجنس الآري، ورأي آخر يقول بأنهم من الغاليين والرومان والوندال النازحين من الشمال، واعتقاد ثالث بأنهم نزحوا بعد انفجار سد مأرب في اليمن، وعقب هزيمة الكنعانيين في معركة طالوت وجالوت بفلسطين، ولكن بعض الدلائل المؤكدة تثبت أن أول سكان بلاد البربر (الصحراء الغربية) كانوا خمس قبائل من السبئيين وما زالوا يحملون أسماءهم (صنهاجة، مصمودة، زناتة، غمارة، هوارة) ومنهم خرجت العديد من سلالات البرابرة، التي امتزجت وكونت البنية الأساسية لسكان الصحراء الغربية الحاليين، ورغم ذلك لا يجب إغفال التعريف الموضوعي بعروبتهم، نظراً لتعاظم الإرث البيولوجي العربي فيهم، ولهيمنة التراث العربي الإسلامي وتقاليده وطقوسه ونظمه عليهم.

وقد أثرت طبيعة السكان، وحياتهم الرعوية، وتنقلاتهم الموسمية من منطقة إلى أخرى؛ إضافة إلى قلة عددهم ـ في إمكان تنظيم حركات سياسية شعبية؛ إذ لم تظهر هذه الحركات إلى الوجود، إلاّ في فترة متأخرة. أما قبل ذلك، فكان الأمر يقتصر على تعبير بعض الشخصيات القبلية عن رغبتهم في الانضمام إلى المغرب. بينما كان بعض القبائل الأخرى تطالب بالانضمام إلى موريتانيا. يتكون سكان الصحراء من جماعات، تنتمي إلى البلدَين المذكورَين؛ إلى جانب نسبة بسيطة من العِرق الزنجي الخالص، تسكن حوض السنغال. ويدين الجميع بالإسلام. وتسود اللغة العربية، بلهجة الحسانية؛ وهي إحدى اللهجات المحلية، الشائعة في شمالي أفريقيا. غير أن المدارس، التي أقامتها أسبانيا في الصحراء، ومعظمها لم تتجاوز المرحلة الابتدائية ـ نشرت اللغة الأسبانية بين المتعلمين؛ ما ترك أثره في ثقافة القيادات السياسية، التي تتكلّم اللغة الأسبانية، في تعاملها مع العالم الخارجي.

خامساً: الحالة الاجتماعية والتقسيم القبلي للصحراء

يتأثر الوضع الاجتماعي في الصحراء الغربية بطبيعة المنطقة الصحراوية، وكونها جزءاً من القارة الأفريقية المتخلفة، وكونها كانت إلى وقت قريب تحت استعمار أسباني فاشستي متخلف، إلا أن النسق الاجتماعي بالصحراء الغربية يعتمد أساساً على نظام قبلي حاد، تنعزل فيه كل قبيلة عن الأخرى، وتخضع كل منها لرئيس يختاره كبراؤها لاستشارته، ويحتكمون إليه لحل خلافاتهم، وتعتمد معيشتهم كثيراً على اللحوم والفواكه المجففة التي تستورد من الشمال، ويمتاز زيهم بِكونه لونين أساسيين الأبيض والأزرق، الأبيض للشرفاء والأزرق للعامة، أما العمامة واللثام اللذان اشتهروا بهما فهما عادة عربية استقدمها المهاجرون الأوائل معهم من الجزيرة العربية، ولكن الوضع الاجتماعي للصحراء الغربية أخذ في التغير، بصفة عامة، بعد جهود التطوير والنهضة العمرانية والثقافية التي أثرت على العادات والتقاليد والأعراف القديمة، وإقحام المنطقة في أجواء العصر الحديث.

تُعد حدود الصحراء الغربية الحالية مع جيرانها حدوداً وهمية، غير محددة بظواهر طبيعية واضحة، إلا أن هذه الحدود رسمت وحددت باتفاقيات ومعاهدات بين الدول الاستعمارية، ولذلك عدلت عدة مرات. والمجتمع الصحراوي مجتمع قبلي، مقسّم إلى قبائل تتمايز مكانة ووظيفة، وتتكون القبائل الصحراوية، مثلها مثل مختلف القبائل المغربية، من عنصرين أساسيين، هما: عرب وبربر، أما من حيث الأصل والنسب فينقسمون إلى ثلاث طبقات قديمة منحدرة من المرابطين من صنهاجة، وطبقة منحدرة من الأفراد القادمين مع الفتوحات الإسلامية، وطبقة ثالثة منحدرة من بني حسان ـ عرب معقل ـ الذين دخلوا هذه البلاد في نهاية القرن الثامن الهجري.

ومن هذه الطبقات تتكون ثلاثة أقسام اجتماعية هي:

1. الزوايا: وهم مكلفون بالوظيفة الدينية في المجتمع، من حيث التعلم والتعليم والقضاء والفتوى، إضافة إلى ذلك فلهم دور اقتصادي حيوي، حيث يعملون بالزراعة وتربية الماشية والتجارة وحفر الآبار، كذلك لهم دور سياسي مهم داخل المجتمع الصحراوي.

2. مجموعة المحاربين: وهي تحتكر استخدام السلاح, وتفرض سيطرتها ونفوذها داخل المجتمع بقوة السلاح، وهم بنو حسان، ويعملون أساساً بالصيد وحماية المجموعات المستضعفة التي تخضع لهم، وكذلك فهم يشكلون السلطة السياسية والعسكرية.

3. مجموعة الفئات التابعة: وهم يعملون بالصناعة والأعمال الحرفية، كما يقومون بالرعي.

وتشكل المجموعتان الأولى والثانية جناحين لمجموعة اجتماعية واحدة، هي المجموعة الأرستقراطية أصحاب القلم والسيف، والعلاقة بين هذه الطبقة والطبقة المستضعفة علاقة استغلال مفروض بواسطة العنف، الذي يمارسه المحاربون. ويُعد الشمال المغربي منطلق أغلب المهاجرين إلى المناطق الصحراوية، ولذلك تأثرت الحياة الاجتماعية في الصحراء الغربية بالحياة الاجتماعية في الشمال، ولا تُعد الأسرة هي الوحدة الاجتماعية الأساسية في مجتمع الصحراء، بل تتكون الأسرة من مجموعة اجتماعية ـ أفخاذ ـ ومجموعة هذه الأفخاذ تسمى "عشيرة"، وقد تمتد إلى مسافات تعبر الحاجز الجغرافي للصحراء الغربية في المغرب والجزائر وموريتانيا. ولذلك يرتبط سكان الصحراء الغربية بصلات قربى مع سكان الدول الثلاث، وتشكل ثلاث قبائل كبرى المجتمع الصحراوي، وتبقى قبائل البربر، ذات الأصل الصنهاجي، هي أول من سكن الصحراء الغربية، وإضافة إلى البربر فإن عرب بني معقل قد استقروا بالساقية الحمراء، كما اختلط عرب بني حسان بالصنهاجيين، وكذلك بقبيلة أولاد بني السبع. ولقد اختلطت هذه القبائل مع بعضها البعض، مما أدى إلى صعوبة تصنيفها من حيث الأصول البشرية والتاريخية . ويمكن تقسيم القبائل الصحراوية إلى أربع مجموعات هي:

1. قبيلة الرقيبات: التي يبلغ عددها حوالي 35 ألف نسمة، يوجد منهم حوالي 20 ألف نسمة في الساقية الحمراء، وحوالي 15 ألف نسمة رحل يقطنون وادي الذهب الأوسط والشرقي وشرق تندوف وشمال غرب موريتانيا، وتنقسم الرقيبات الموجودة في الصحراء الغربية إلى جُزءين رئيسيين هما:

أ. رقيبات الساحل، ويتفرع منها الأفخاذ الآتية:

(1) أولاد موسى، ويتميزون بغلبة التأثير العربي على البربري.

(2) السواعد، وأولاد داوود.

(3) المؤذنين، وينحدرون مباشرة من الولي سيدي أحمد الرقيبي.

(4) أولاد الشيخ، وهم القبيلة الرئيسية في صحراء تيرس وأدرار.

(5) أولاد طالب وأولاد التهالات، وهما ينحدران من ذرية سيدي أحمد الرقيبي.

ب. رقيبات الشرق أو القاسم، وتشمل الأفخاذ الآتية:

(1) البيهات، وهم رحل يتنقلون بين الساقية الحمراء وأقصى جنوب وادي الذهب وودي درعة.

(2) أهل إبراهيم وداوود، والفقرة.

وتعمل قبائل الرقيبات بالزراعة والتجارة، وتمتلك قطعان كبيرة من الجمال ينتقلون بها نحو الشمال ونحو السودان. ويتركز انتشار قبيلة الرقيبات في الساقية الحمراء وجبال زمور. كما يوجد أفرع منها في موريتانيا، وقد وصل انتشارهم حتى النيجر. (اُنظر خريطة توزيع المجموعات القبلية)

2. قبائل تكنة: وهي تتكون من اثنتي عشرة قبيلة، يمكن تقسيمهم إلى جدعين رئيسيين هما:

أ. جدع بربري: آيت عثمان، وآيت بلا، وتعود أصولهم إلى البربر القدماء الذين سكنوا الصحراء الأفريقية.

ب. جدع عربي: أيت الجمال، وتعود جذورهم إلى عرب معقل الذين وصلوا إلى الصحراء الغربية في القرن الثالث عشر الميلادي.

وقبيلة تكنة كثيرة الترحال، ينتقلون بصفة مستمرة بين الداخلة حتى تاكوينت، وهي مسافة تصل إلى حوالي ألف كم، وتعمل قبائل تكنة بالتجارة، إضافة إلى الرعي، وهم يمتلكون قطعان كبيرة من الأغنام. ومن أهم قبائل تكنة الزرقيون وأيت الحس.

3. القبائل الصغرى: وهذه القبائل لا تنتسب إلى الرقيبات أو إلى تكنة، كما لا يُعرف تاريخ استقرارها في الصحراء الغربية، إلا أنه يغلب عليها الأصل العربي، ويصل تعداد هذه القبائل إلى حوالي سبعة آلاف نسمة، ويقطن معظمهم في وادي الذهب. وأهم هذه القبائل الصغرى:

أ. أولاد دليم: ويسكنون المناطق الساحلية الجنوبية، خاصة حول عاصمة إقليم وادي الذهب، وينضم إلى قبائل أولاد دليم قبائل الشناكلة والمناصيير، وتعمل هذه القبائل أساساً بالصيد البحري وتربية الماشية.

ب. العروسيون: وتعيش هذه القبيلة جنوب مدينة العيون، خاصة في المناطق الفاصلة بين الساقية الحمراء ووادي الذهب، ويعود أصل هذه القبيلة إلى الشيخ أحمد العمروسي الذي عاش في مراكش وكان كثير الترحال بين مراكش والساقية الحمراء، وتعمل هذه القبيلة بالزراعة إضافة إلى تربية الأغنام والماشية.

ج. أولاد تدرارين: ويرجع نسب هذه القبيلة إلى أحد الصحابة الذين قدموا مع عقبة بن نافع أثناء فتحه للمغرب، وهم يقطنون منطقة بوجادور، ويعمل أفراد هذه القبيلة بالزراعة أساساً.

د. قبيلة فيلالة: وهي من قبائل الصحراء الغربية المشهورة بالعلم والصلاح، وتقطن منطقة الساقية الحمراء، ويعمل أفراد هذه القبيلة بالزراعة وتربية الأغنام والماشية.

هـ. آل الشيخ ماء العينين: وهي من أكثر القبائل عراقة في النسب، والأصالة في العلم، كما أنها حملت راية الجهاد في الصحراء ، ويرجع نسب هذه القبيلة إلى علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ ويتفرع عن هذه القبيلة فرعان، أحدهما في إدرار والثاني في موريتانيا.

4. الحواطيون: وهم لا يشكلون قبيلة بل طبقة، تدخل في تبعيات قبائل الرقيبات والتكنة وباقي قبائل الصحراء الغربية الأخرى، ويعمل أفراد هذه القبيلة بالصناعة وتربية الأغنام.

سادساً: الأهمية الإستراتيجية للصحراء الغربية

1.     تكتسب الصحراء الغربية أهميتها الإستراتيجية من أهمية الوطن العربي، سواء بجناحيه في المشرق العربي أو المغرب العربي، خاصة أن المغرب العربي يمس بطرفيه أهم ممر مائي دولي في العالم، وهو قناة السويس، وعلى الطرف الآخر يوجد مضيق جبل طارق، وكلاهما مدخل حيوي ومهم للبحر المتوسط. وإذا كان الوطن العربي يمثل مركز الاتصال الجوي والبري والبحري للعالم، فإن الموارد الهائلة الموجودة في معظم صحاري الوطن العربي تزيد من أهميته، وإذا كانت الصحراء الغربية تمثل البعد الأقصى لها، إلا أنها، في الوقت ذاته، تُعد منطقة الاتصال بين أفريقيا والعرب، خاصة وأن حدود الصحراء الغربية البرية مع جيرانها تصل إلى ألفي كم، وبذلك تكوّن بوابة أفريقيا الغربية، وهذا ما عرفته جيداً الدول الاستعمارية.

2.     يشكل موقع الصحراء الغربية أهمية إستراتيجية للقوى الكبرى، فهو مواجه لجزر كناريا، التي تسيطر عليها أسبانيا، وكذلك تزداد الأهمية الإستراتيجية للموقع لقربه من مضيق جبل طارق والبحر المتوسط والتسهيلات، التي يمكن أن يقدّمها للتحركات البحرية في المنطقة، خاصة مع قرب الموقع من الثروات النفطية في المنطقة، وكذلك أماكن تواجد الفوسفات. ولذلك تسعى الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، لإقامة علاقات متنوعة مع العديد من دول المغرب العربي، حتى يمكنها الاستفادة من الإمكانيات والموارد الموجودة بالمنطقة.

3.     اكتسبت الصحراء أهميتها الإستراتيجية من اتصالها المباشر بالمستعمرات الأوروبية في القارة الأفريقية سابقاً، وزاد من هذه الأهمية التنافس الاستعماري الذي سعى إلى السيطرة على مصادر الموارد الأولية، وضمان أسواق تصريف منتجاتها، وفي فترة ما بعد الاستقلال اكتسبت منطقة الصحراء الغربية أهمية خاصة لدى الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في الجزء المواجه مباشرة للسواحل الشرقية للأمريكتين. كما أن خروج الصحراء الغربية من حيز السيطرة والنفوذ الغربي، ووصول قوى مناوئة لها في السواحل المشاطئة مع المحيط الأطلسي، يُعد تهديداً مباشراً لأمن الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم تحتل الصحراء الغربية أسبقية خاصة في أولويات العلاقات الدولية، سواء في إطار بعدها الإقليمي العربي أو بعدها الأفريقي.

4.     تكتسب الصحراء الغربية أهمية إستراتيجية على المستوى الإقليمي، من خلال موقعها بين المملكة المغربية والجمهورية الجزائرية والجمهورية الموريتانية؛ حيث تمثل عمقاً وامتداداً طبيعياً لكلاً من المملكة المغربية والجمهورية الموريتانية؛ فهي تشكل عمقاً إستراتيجياً للمملكة المغربية في اتجاه الجنوب، كما تحقق لها جزءاً من ادعائها ومطالبتها بالإقليم الموريتاني، خاصة بعد أن أسست المملكة المغربية وزارة شؤون موريتانيا والصحراء، عقب استقلالها عام 1956. أما للجمهورية الموريتانية، فإن الصحراء تشكل لها عمقاً إستراتيجياً في اتجاه الشمال، نظراً لما تمثله الصحراء الغربية من حدود فاصلة وتباعد بين حدودها الأصلية عن حدود المملكة المغربية، وادعائها بالحق التاريخي في الأراضي الموريتانية. وأما للجمهورية الجزائرية، فإن وجود إقليم تندوف الجزائري، الذي يقع في أقصى جنوب غرب الجمهورية الجزائرية بالقرب من إقليم الصحراء الغربية، فيوجد به خام الحديد بكميات كبيرة، ولذلك تمثل الصحراء الغربية أهمية إستراتيجية للجزائر، لما تحققه من تكلفة تصدير الحديد عبر المحيط الأطلسي.

5.     يُعد اكتشاف اليورانيوم في الطبقات الفوسفاتية، من العوامل التي أدت إلى زيادة النشاط الاستعماري الهادف إلى إخضاع إقليم الصحراء الغربية لنفوذه، وإذا كان الشمال الأفريقي يضم العديد من الدول، التي تناهض الوجود الاستعماري وتهدده بالزوال، فإن عملية المواجهة بين الجانبين أكسب الصحراء الغربية أهمية إستراتيجية، خاصة من جانب القوى الاستعمارية، التي تعمل على محاصرة التيار الوطني ومنع انتشاره حتى يمكنها الاستحواذ على الثروات والمواد الأولية في الصحراء الغربية، ولذلك فإن المشاكل الإقليمية التي تثار بين أنظمة الحكم في المنطقة، غالباً ما تشعلها القوى الاستعمارية لتنفيذ أهدافها، مما أسهم في زيادة حدة المشاكل الإقليمية، وإضفاء الطابع الدولي عليها.

سابعاً: الأهمية الاقتصادية للصحراء الغربية

لم يكن للصحراء الغربية في الماضي أهمية اقتصادية تُذكر، إلا أنه خلال فترة زمنية قريبة سابقة، اكتُشفت مواد أولية ذات أهمية اقتصادية. ولذلك زادت أهمية الإقليم، ما أدى إلى تشبث الاستعمار به، كما بدأت مطالبة دول الجوار بحقوقها في الإقليم. وتتمثل أهم موارد الصحراء الغربية في الآتي:

1. الفوسفات

أ. ويعتبر المورد الرئيسي لمنطقة الصحراء الغربية، ويرجع اكتشافه إلى باحث أسباني ـ مانويل مايبا ـ عام 1947، حيث تم إجراء مسح طبوغرافي للصحراء الغربية عثر خلاله على طبقات من الفوسفات بنسبة عالية بين خطي عرض 26ه – 27ه، وخط الطول30/ 13ه – 00/ 13ه غرباً، أي بين نهري بوكراع وإيفتي. ولقد تأجلت عملية استخراجه بسبب أعمال القتال التي كانت قائمة بين الثوار والمستعمر الأسباني والفرنسي، ومنذ أن تسلمت المغرب إقليم طرفاية أمكن البدء في استخراجه منذ عام 1958، وتطلعت كثير من الشركات الأجنبية لعمليات الاستغلال، خاصة وأنه ينتج بكميات تجارية ضخمة، وبالتالي فإن من يسيطر على مناطق استخراج فوسفات الصحراء الغربية يكون هو المتحكم في الإنتاج والتصدي العالمي، خاصة وأن الاحتياطي العالمي للفوسفات يقدر بحوالي 38 مليار طن، يشكل الاحتياطي الأفريقي منها حوالي 18 مليار طن، وفي آسيا 4 مليار طن، والولايات المتحدة 10 مليار طن، وأمريكا الجنوبية حوالي مليار طن، أما احتياطي الصحراء الغربية فيصل إلى حوالي 2 مليار طن، ويمتد على مساحة 1200 كم2، لم يُستغل منه بعد إلا منجم بوكراع بمسافة 700 كم2، ويعتبر الفوسفات الموجود في الصحراء الغربية من أجود الأنواع في العالم، حيث يتواجد بنسبة 65-80%. ولقد عانت دول المغرب كثيراً بسبب التنافس على تصديره. (اُنظر خريطة الأهمية الاقتصادية للصحراء الغربية)

ب. منحت الحكومة الأسبانية حق استغلال الفوسفات منذ عام 1967 إلى شركة دولية تتكون من بعض الشركات الأمريكية والفرنسية والألمانية والأسبانية، بنسبة 25% للمصالح الأمريكية، و20% للمصالح الفرنسية والألمانية، و55% للحكومة الأسبانية. إلا أنها ألغت هذا الامتياز وعمدت إلى إنشاء الشركة العالمية الأسبانية التي تدار حكومياً ، برأس مال قدره 3.5 مليون دولار، تقوم بنقل الفوسفات إلى ميناء العيون على شريط متحرك ينقل ألفي طن فوسفات في الساعة لمسافة 60كم بين بوكراع والعيون، كذلك تم بناء ميناء بحري للتصدير بطاقة نقل 200 طن متري يومياً، وبطاقة سنوية تراوح بين 9-13 مليون طن، وبدأ التشغيل عام 1972، غير أن الحكومة الأسبانية، تعاقدت مع بعض الشركات الأوروبية، لمسـاعدتها على استخراج الفوسفات وتسويقه. كما عبّدت بعض الطرق الصحراوية، مما ساعد على ظهور بعض المراكز العمرانية، بسبب التقدم في عمليات الاستغلال. ومن أشهر تلك المراكز مدينة أبو كراع، التي تُعَدّ المركز الرئيسي لإنتاج الفوسفات. لكن حركة البوليساريو قامت ببعض عمليات التدمير لمواقع الشريط المتحرك، مما أدى إلى تعثر عمليات الاستخراج، حتى أمكن التوصل إلى حل سياسي لأسبانيا، تخلصت خلاله من الإشراف على عمليات الاستخراج والنقل، لكنها ضمنت الحفاظ على مصالحها الاقتصادية في استغلال المناجم.

2. النفط

أصدرت أسبانيا عام 1958 قانوناً يحدد المناطق المسموح فيها للشركات بالتنقيب عن البترول، خاصة وأنه كانت هناك احتمالات بوجود آبار بترولية في المنطقة. وبالفعل قامت بعض شركات عالمية بعمليات استكشاف وتنقيب، استطاعت خلالها تغطية نفقات عملياتها الكشفية. ففي عام 1961 قامت تسع شركات أمريكية وثلاث شركات أسبانية بأعمال الكشف والتنقيب، وساعدها على ذلك تشجيع الحكومة الأسبانية من خلال إلغاء القيود الاقتصادية المفروضة، التي كانت تعترض توظيف رؤوس الأموال الأجنبية. بيد أن نفقات التنقيب الباهظة، والمقدّرة بخمسة آلاف مليون بيزيتا، فضلاً عن أسباب سياسية وأمنية، أدت إلى انسحاب معظم هذه الشركات ولم يتبق حتى عام 1963 إلا شركة أمريكية واحدة، اتحدت مع شركة أسبانية وكونت شركة مشتركة لاستخراج النفط تحت إشراف الحكومة الأسبانية. وفي عام 1969 بدأ ظهور النفط في المناطق البحرية، على عمق 3446 متراً، وكذلك بدأ ظهوره في مدخل الوادي شمال مدينة العيون.

يوجد مخزون كبير من الغاز والنفط في سواحل الصحراء الغربية، ولقد قام المغرب بتوقيع اتفاقيات للتنقيب عن النفط مع بعض الشركات في أول أكتوبر 2001، وكان أهم هذه الاتفاقيات مع شركتي توتال فاينال إلف الفرنسية وكير مالك جي كورب الأمريكية، إلا أن جبهة البوليساريو اعترضت على ذلك، ما أدى إلى لجوء المغرب إلى الأمم المتحدة وطلب المشورة القانونية، حيث صدرت فتوى قانونية من المستشار القانوني للأمم المتحدة "هانس كوريل"، حصلت بموجبها المغرب على الحق القانوني في القيام بعمليات التنقيب من النفط في الصحراء الغربية، بشرط ألا يستغل المغرب النفط تجارياً دون موافقة السكان المحليين.

كما أعلن مجلس الأمن الدولي، في وقت لاحق، أن فتوى المستشار القانوني للأمم المتحدة غير ملزمة لأي جهة من الجهات، ما يعني استمرار الجدل حول أحقية استغلال النفط ما لم يتضح الوضع في الصحراء الغربية بين الأطراف المتنازعة، وخاصة المغرب والبوليساريو، ولذلك أعلنت شركة توتال انسحابها من الصحراء الغربية أواخر عام 2005، كما أعلنت شركة كير ماك جي التخلي عن أنشطتها التنقيبية في سواحل الصحراء الغربية بنهاية أبريل 2006 بعد تعرضها لضغوط من الرأي العام الأمريكي.

مازالت الإمكانات الهيدروكربونية للصحراء الغربية محل دراسة وتقييم، ولكن وجود ثلاثة أحواض رسوبية في الصحراء الغربية تمتلك المؤهلات الجيولوجية والتركيبية التي تضعها في مصاف الأحواض البترولية، مؤكد وهي حوض تندوف وحوض العيون ـ طرفاية (الساحلي) وحوض موريتانيا ـ السنغال (الساحلي)، ورغم تعثر الاتفاق على الاستغلال التجاري للنفط المُكتشف، إلا أنه يوجد إصرار على الاستمرار في عمليات البحث والتنقيب، فلقد شهدت الأحواض الساحلية مرحلة جديدة غير مسبوقة من النشاط الاستكشافي مع بداية القرن الحالي وخاصة في المنطقة البحرية منها، ويرجع ذلك للآتي:

1. النتائج الإيجابية التي أسفرت عنها العمليات الاستكشافية في موريتانيا المجاورة.

2. وضع الأمم المتحدة لملف الصحراء الغربية ضمن أولوياتها، رغم التعثر المتكرر لجهودها، وضعف الآمال في وضع حد لِلحالة الضبابية التي ظلت تكتنف المستقبل السياسي للمنطقة.

3. الأزمات المتلاحقة في مناطق إنتاج البترول التقليدية (الشرق الأوسط ـ فنزويلا ـ نيجيريا).

4. الارتفاع المطرد في أسعار البترول في السنوات الأخيرة.

5. قرب سواحل الصحراء الغربية من سوق الاستهلاك الواسع (الولايات المتحدة الأمريكية ـ الدول الغربية).

3. الحديد

يبلغ احتياطي الحديد في إقليم الصحراء الغربية حوالي 700 مليون طن، حيث اكتشف منجم في أزميلة وغراشة، وتقدر إمكانية رفع كميات الحديد المستخرج من باطن الأرض في المنطقة إلى حوالي 600 مليون طن، في حين تقدر نسبة الحديد في التربة بحوالي 65%. وتشير عمليات المسح الجيولوجي إلى إمكانات التوصل إلى نتائج كبيرة أخرى .

4. اليورانيوم

يوجد اليورانيوم في منطقة سمارة، حيث فُرضت عليه حراسة مشددة، وكانت السلطات الأسبانية قد منعت الاقتراب من منطقة التنقيب.

5. الزراعة والثروة الحيوانية

يُعد الاستقرار الزراعي في إقليم الصحراء الغربية محدداً للغاية؛ فالمنطقة جدباء في معظمها، لا ينمو بها إلا كميات محدودة من الذرة والشعير، ولا يتعدى ذلك الاستهلاك المحلي المحدود. ولكن، في الوقت ذاته، تُعد منطقة الصحراء الغربية ذات ثروة حيوانية ضخمة معتمدة في ذلك على الواحات والمناطق السهلية، التي تُربى فيها الماشية.

تُعد الثروة الحيوانية إحدى أهم الثروات التي توفر مصدر عيش للسكان الذين ألفوها منذ قرون عديدة رغم شح البيئة وجفافها المتفاقم، ففي المنطقة الشمالية (كليميم ـ السمارة) يبلغ عدد الماعز (380 ألف) رأس تليها الأبقار (320 ألف) رأس ثم الجمال (32.6 ألف) رأس، في حين لا يوجد سوى (1443) رأس من الأبقار، أما في المنطقة الوسطى (العيون ـ الساقية الحمراء) فيبلغ عدد الجمال (89.5 ألف) رأس أما الماعز فيبلغ عددها (193 ألف) رأس يليها الأغنام (120.3 ألف) رأس، أما الأبقار فلا يوجد منها سوى (44 ألف) رأس فقط. وتُعد هذه الثروة أهم المصادر الاقتصادية التي اعتمد عليها سكان الصحراء الغربية منذ قرون عديدة رغم شح البيئة وجفافها المتفاقم، ويزيد من احتياج اللحوم والألبان في المرحلة الحالية الانفجار الديموجرافي الذي تشهده العديد من مدن الصحراء الغربية، بسبب تنامي نسبة التحضر وزيادة الهجرة الوافدة من الشمال الغربي.

6. الثروة السمكية

تذخر سواحل الصحراء الغربية بالثروة السمكية، حيث يُعد الساحل الغربي للقارة الأفريقية، بصفة عامة، من أغنى مصائد الأسماك. وكذلك لطبيعة صخورها وانخفاض الكثافة السكانية بها. وتوجد أهم مراكز صيد الأسماك في مدينة العيون. كما تُعد الثروة السمكية مصدراً مهماً لعدة شركات أوروبية تعتمد عليه، حيث أُبرمت العديد من الاتفاقيات مع دول أجنبية بممارسة صيد الأسماك في المنطقة، قرابة سواحل الصحراء الغربية.

ونظراً لأهمية المصايد الاقتصادية على سواحل الصحراء الغربية، دخل الاتحاد الأوروبي، وخاصة إسبانيا في مفاوضات معقدة مع المغرب، لإقناعه بتجديد اتفاقية الصيد، التي تسمح لسفن الاتحاد الأوروبية بالصيد في السواحل المغربية، وتوجد أهم موانئ الصيد في العيون والطنطان، وبوجدور وطرفاية، حيث تضم العديد من التجهيزات المرتبطة بعمليات الصيد والتصنيع وتبريد وتخزين المنتجات البحرية، ويبلغ إنتاج موانئ العيون والطرفاية وبوجدور من الأسماك حوالي 309.2 ألف طن سنوياً، كما يوجد بها حوالي 400 وحدة صيد، وحوالي 7000 عامل.

7. السياحة

تمتلك الصحراء الغربية إمكانات سياحية هامة ومتنوعة، تدعمها المناظر الصحراوية والسواحل الممتدة على مسافة مئات الكيلومترات، والتي تضم مواقع سياحية واستجمام بحري، بالإضافة إلى توافر الظروف الملائمة لسياحة المغامرة والاستكشاف، ومن أهم المناطق السياحية ذات الشهرة العالمية في الصحراء الغربية واحة لمسيد، وبحيرة نايلة، وخليج خنيفيس، وشلالات أم بدعة، ووادي تافودار، ورغم هذه الإمكانات السياحية الهامة؛ إلا أن المنطقة تعاني من نقص في البُنى الأساسية السياحية وخاصة الفنادق وموانئ الاستجمام البحري والمخيمات.

8. التجارة

يُعَدّ قطاع التجارة من أكثر القطاعات جذباً للقوى العاملة، إذ هو النشاط التقليدي الذي يمارسه سكان الصحراء الغربية، فلقد كانت المنطقة تُشكل معبراً أساسياً للقوافل التجارية من المغرب إلى كلٍ من موريتانيا ومالي والسنغال والنيجر، ورغم اختلاف الظروف الحالية عن السابق، إلا أن الصحراويين ما زالوا يمارسون النشاط التجاري الموسع، وتعد مدينة العيون مركزاً تجارياً رئيسياً بتعداد سكانها البالغ حوالي 136.7 ألف نسمة يعمل منهم بالقطاع التجاري ما بين 21 – 25% من إجمالي السكان، وخلال بنيتها الأساسية (مطار ـ ميناء ـ ملتقى شبكة طرق كبيرة) ولذلك تقوم المنطقة بدور تجاري رئيسي بين أوروبا وشمال أفريقيا وبين الدول الأفريقية جنوبي الصحراء الغربية.

9. الظروف الاجتماعية

إن الخدمات، التعليمية والاجتماعية والصحية، لسكان الصحراء، محدودة للغاية. ومعظـم خطط التنمية، تدور حول حفر آبار جديدة؛ أو شق بعض الطرق؛ أو بناء المدارس، التي لا تتعدى اثنتَين وسبعين مدرسة ابتدائية، إلى جانب مدرستَين ثانويتَين. يقوم عليها نحو مائة مدرس، ولا يتعدى عدد تلاميذها الثلاثة آلاف، في المرحلة الابتدائية، والسبعمائة في المرحلة الثانوية، طبقاً لتعداد السبعينيات.

ولم يزد ما أنفقته أسبانيا، في خطط التنمية، الاقتصادية أو الاجتماعية، في السبعينات، على خمسمائة مليون بيزيتا، سنوياً. وهو مبلغ زهيد، إذا ما قورن بالعائدات المالية الضخمة، التي جنتها أسبانيا، في ذلك الوقت، من الثروة المعدنية وغيرها. ولا شك أن العامل الاقتصادي، هو حافز أسبانيا إلى التشبث بإقليم الصحراء. بيد أنه ليس العامل الأوحد، ولا الرئيسي، في المطالبة بالصحراء، من قِبل الدول العربية المجاورة، التي تستند إلى العوامل، التاريخية والجغرافية والبشرية.

 



[1] كان يطلق على الصحراء الغربية اسم الصحراء الأسبانية، نسبة للمستعمر الأسباني.