إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / مشكلة الصحراء الغربية (البوليساريو)





أماكن الاستعمار الفرنسي والإسباني
الحدود المغربية "المغرب الكبير"
الحرب الجزائرية ـ المغربية

ولايات المغرب العربي
الأهمية الاقتصادية للصحراء الغربية
المدن ومراكز التوطن الرئيسية
التقسيم الإداري والجغرافي
الدولة البربرية بشمال أفريقيا
الحدود التقريبية للمغرب العربي
الفتوحات الإسلامية من 22 – 64 هـ
الفتوحات الإسلامية من 69 – 92 هـ
توزيع المجموعات القبلية
تقسيم الصحراء الغربية
حدود موريتانيا والصحراء الغربية



الأكــــراد

المبحث الخامس

موقف أطراف النزاع من خطة التسوية

أولاً: مشكلة الصحراء الغربية كقضية دولية

تعتبر مشكلة الصحراء الغربية من أكثر المشاكل، التي تحملت الأمم المتحدة مسؤولية حلها، منذ عقدين من الزمان، من دون جدوى، إذ إنها اتسمت بتزايد حدة الصراع حول المصالح الحيوية للعديد من أطراف خارجية، عملت أساساً على إهدار فرص الحل، والتلاعب بعنصر الوقت لإخفاء أهداف حقيقية، تتفق مع مصالحها المادية والإستراتيجية. بدأ اهتمام الأمم المتحدة بمشكلة الصحراء الغربية، منذ أن خضعت هذه المنطقة للاستعمار الأسباني، وأصدرت الأمم المتحدة العديد من القرارات، بشأن مشكلة الصحراء الغربية تمثلت في الآتي:

1. أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الخامسة عشرة قرارها الرقم 1514 في 14 ديسمبر 1960، وأكد هذا القرار حق الشعوب في تقرير مصيرها ، وبمقتضى هذا الحق، يمكنها أن تحدد بحرية كاملة مركزها السياسي، وكذلك أن تسعى بحرية لانتمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، كذلك أعلن ضرورة اتخاذ التدابير الفورية اللازمة، في الأقاليم المشمولة بالوصاية، أو الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، أو الأقاليم، التي لم تنل استقلالها بعد، لنقل جميع السلطات إلى شعوب تلك الأقاليم، من دون قيود، وفقاً لإرادتها ورغبتها المعلنة، كما تعتبر محاولة استهداف التفويض الجزئي أو الكلي للوحدة القومية والسلامة الإقليمية لأي بلد، متنافية مع ميثاق الأمم المتحدة ومبادئها. وهذا القرار ينطبق على كل الأقاليم الخاضعة للاستعمار الأجنبي، ومن ثم، فإنه يشكل الركن الأساسي، الذي تستند عليه الحركة الوطنية لشعب الصحراء، والذي يتمثل في جبهة البوليساريو، في مطالبتها بحق تقرير مصيرها والاستقلال.

2. أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها العشرين، قرارها الرقم 2072 في 16 ديسمبر 1965 ، ودعا هذا القرار الحكومة الأسبانية، بوصفها الدولة القائمة بالإدارة، القيام باتخاذ جميع التدابير اللازمة لتحرير إقليمي إيفني والصحراء الغربية، من السيطرة الاستعمارية، والدخول في مفاوضات بشأن مشاكل السيادة، التي يثيرها هذان الإقليمان.

3. أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الحادية والعشرين، قرارها الرقم 2229 في 20 فبراير 1966 ، وتضمن هذا القرار تأكيده لحق شعبي إيفني والصحراء الأسبانية في تقرير المصير، وفقاً لقرار الجمعية العامة السابق الرقم 1514/15، ولذلك طلبت الجمعية العامة، من الدولة القائمة بالإدارة، أن تتخذ، فوراً، الخطوات اللازمة للتعجيل بإنهاء الاستعمار في إيفني، وأن تقرر، مع حكومة المملكة المغربية، الإجراءات اللازمة لنقل السلطات، وفقاً للقرارات السابقة، بشأن هذه المشكلة، كما أكد القرار نفسه، دعوة الدولة القائمة بالإدارة إلى الاضطلاع، في أقرب وقت ممكن، ووفقاً لأماني سكان الصحراء الأسبانية الأهليين، وبالتشاور مع حكومتي المغرب وموريتانيا، وأي طرف آخر معني، بتقرير الإجراءات اللازمة لعقد استفتاء برعاية الأمم المتحدة، بغية تمكين سكان الإقليم الأهليين، من استعمال حقهم في تقرير المصير بحرية.

ويتضح من القرار السابق أن الأمم المتحدة فصلت بين إقليمي إيفني والصحراء الغربية، حيث قررت إنهاء الاستعمار في إيفني، ونقل السلطات إلى الحكومة المغربية، بينما قررت إجراء استفتاء في الصحراء الغربية؛ لتمكين سكانها الأهليين من تقرير مصيرهم. واستمر موقف الأمم المتحدة، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، متمسكاً بحق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية، ووضح ذلك في قرارها الرقم 2428/1968، والقرار الرقم 2590/1969، والقرار الرقم 2711/1970، والقرار الرقم 2983/1972، والقرار الرقم 3162/1973.

4. في الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة، صدر القرار الرقم 3292 عام 1974، والذي أكدأنه، بعد الاستماع إلى تقارير وبيانات مندوبي المغرب وموريتانيا والجزائر وأسبانيا، والتي أكدت وجود خلافات بشأن المركز القانوني لإقليم الصحراء، لذلك رأت الجمعية العامة أن يتوافر لديها في دورتها الثلاثين رأي استشاري لمحكمة العدل الدولية، حول الجوانب القانونية للمشكلة. وبإعلان محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري في 6 أكتوبر 1975، والذي تركز في الإجابة على سؤالين قُدما من المغرب وموريتانيا، ووافقت عليهما الجزائر، لتوضيح الجوانب التاريخية والقانونية للمشكلة، حيث تمثل رأي المحكمة الاستشاري في الآتي:

أ. الصحراء الغربية لم تكن أرضاً بلا صاحب، وقت استعمار أسبانيا لها.

ب. وجود روابط قانونية بين إقليم الصحراء، وكل من المملكة المغربية وموريتانيا.

أصدر مجلس الأمن، في 22 أكتوبر 1975، القرار الرقم 377/1975 ، والذي وضح خلاله أنه، بعد بحث الموقف المتعلق بمشكلة الصحراء الغربية، وخطاب مندوب أسبانيا إلى رئيس مجلس الأمن، بتاريخ 18 أكتوبر 1975، يعيد المجلس تأكيده على الآتي:

أ. إعمالاً بنص المادة الرقم 34 من ميثاق الأمم المتحدة، يطلب المجلس، من الأمين العام للأمم المتحدة، الدخول في مشاورات فورية مع الأطراف المعنية والمهتمة بالمشكلة، وأن يقدم تقريراً إلى مجلس الأمن، في أقرب وقت ممكن، عن نتائج المشاورات، ليمكن للمجلس، اتخاذ الإجراءات المناسبة، لمواجهة الموقف الخاص بالصحراء الغربية.

ب. يطالب المجلس الأطراف المعنية بممارسة الاعتدال وضبط النفس، وأن تمكن الأمين العام من القيام بمهمته في ظروف ملائمة.

5. في أول نوفمبر 1979، قامت لجنة تصفية الاستعمار، في الأمم المتحدة، بتبني حل لمشكلة الصحراء الغربية، حيث عملت على توصيف جبهة البوليساريو ممثلين للشعب الصحراوي، ولقد واجه هذا الاتجاه مداولات عديدة، إلا أنه عند التصويت عليه أيدته 82 دولة، بينما عارضته أربع دول فقط. وفي إطار المجموعة الأفريقية أيدته 32 دولة، وامتنع عن التصويت سبع دول، بينما لم يشارك في التصويت ثماني دول أفريقية، وعارضته ثلاث دول. وصدر القرار الرقم 3734، عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 21 نوفمبر 1975 ، مؤكداً حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، كما أعلن تأييده لاتفاقية الجزائر بين جبهة البوليساريو وموريتانيا، كما شجب بشدة تفاقم الموقف الناجم عن دخول القوات المغربية للصحراء الغربية، خاصة الأراضي، التي انسحبت منها موريتانيا، وطالب المغرب بإنهاء وجوده في الصحراء الغربية، كما أكد أن جبهة البوليساريو، هي التي تمثل شعب الصحراء الغربية، ولذلك يجب أن تشارك في كل المحاولات لإيجاد حل سياسي عادل في مسألة الصحراء الغربية.

6. في 2 نوفمبر 1975، أصدر مجلس الأمن قراره الرقم 379/75، والذي أكد أنه، بعد بحث تقرير الأمين العام، بشأن الوضع في الصحراء الغربية، وكذلك خطاب القائم بأعمال ممثل أسبانيا لدى الأمم المتحدة، المؤرخ في أول نوفمبر 1975، يلاحظ المجلس، بقلق، أن الموقف في المنطقة لا يزال خطيراً، ونظراً إلى أن مسألة الصحراء الغربية سيتم عرضها على الدورة الثلاثين للجمعية العامة للأمم المتحدة، لذلك يؤكد المجلس في قراره على الآتي:

أ. حث جميع الأطراف المعنية والمهتمة، على تجنب القيام بأي عمل منفرد أو إجراء آخر قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد للتوتر في المنطقة.

ب. يطالب المجلس الأمين العام بالاستمرار في مشاوراته وتكثيفها، مع الأطراف المعنية والمهتمة، وأن يقدم تقريراً، إلى مجلس الأمن، في أقرب وقت، حول نتائج تلك المشاورات، لتمكين المجلس من اتخاذ أي إجراءات أخرى، يراها ضرورية.

7. في 6 نوفمبر 1975، أصدر مجلس الأمن قراره الرقم 380/75، والذي أوضح فيه، قلقه البالغ، من التدهور الخطير في مشكلة الصحراء الغربية ، وأنه، برغم القرارين السابقين الصادرين عن مجلس الأمن الأرقام 377 و379، والنداء الذي وجهه رئيس مجلس الأمن إلى ملك المغرب، متضمناً طلباً عاجلاً بإنهاء المسيرة نحو الصحراء الغربية، فإن المسيرة قد تمت، ولذلك فإن المجلس يقرر الآتي:

أ. يستنكر إقامة المسيرة.

ب. ينادي المغرب، لكي تسحب كل المشتركين في المسيرة من إقليم الصحراء الغربية.

ج. ينادي المغرب وكل الأطراف المعنية والمهتمة، لكي تتعاون بشكل كامل مع الأمين العام، في إتمام المهمة المفوض بها من مجلس الأمن، وفقاً لقراراته الأرقام 377/1975، 379/1975.

8. أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثلاثين، قرارها الرقم 3458 في 10 ديسمبر 1975، ولقد تضمن القرار الآتي:

أ. إن الجمعية العامة تحيط علماً بالاتفاق الثلاثي، الذي عُقد في مدريد بتاريخ 14 نوفمبر 1975، بين حكومات أسبانيا والمغرب وموريتانيا.

ب. تؤكد، من جديد، أن لجميع السكان الصحراويين المنتمين للإقليم، حقاً غير قابل للتصرف في تقرير المصير، وفقاً لقرار الجمعية العامة السابق رقم 1514/15.

ج. تطالب أطراف اتفاق مدريد، المؤرخ في 14 نوفمبر 1975، أن تكفل احترام أماني السكان الصحراويين، المُعرب عنها بحرية.

د. ترجو الإدارة المؤقتة اتخاذ جميع التدابير اللازمة؛ لتمكين جميع السكان الصحراويين المنتمين للإقليم، عن طريق استشارة حرة، تنظم بمساعدة ممثل للأمم المتحدة، يعينه الأمين العام للأمم المتحدة.

وتم اتخاذ هذا القرار، بعد صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وكذلك بعد أن قررت لجنة تصفية الاستعمار في أكتوبر 1975، رغبة سكان الصحراء الأسبانية في الاستقلال عن كل من موريتانيا والمغرب، كما أوصت اللجنة بضرورة وجود الأمم المتحدة، بصورة ما، للإشراف على انسحاب أسبانيا من الصحراء.

نتيجة التعثر في تنفيذ قرارات القمة الأفريقية في نيروبي، كانت هناك ردود فعل متباينة في الأمم المتحدة، فقد نوقشت قرارات اللجنة التنفيذية الأفريقية، وقرارات القمة الأفريقية في نيروبي، في أثناء انعقاد الدورة السابعة والثلاثين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وخلالها اعتبرت هذه القرارات هي الأساس لإجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية، ولذلك وجهت الجمعية العامة الدعوة، لكل من المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، بالدخول في مفاوضات مباشرة، بهدف التوصل إلى اتفاق ينهى الصراع المسلح. ولكن، بسبب رفض المغرب لإجراء مفاوضات مباشرة مع جبهة البوليساريو، أعلنت الأمم المتحدة عزمها على التعاون المطلق مع منظمة الوحدة الأفريقية، وأكدت ضرورة إجراء مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع، لعودة السلام إلى المنطقة، كما اعتبرت الأمم المتحدة مشكلة الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار.

في الدورة التاسعة والثلاثين، للجمعية العامة للأمم المتحدة، صدر القرار الرقم 39/41 في 5 ديسمبر 1984، والخاص بقضية الصحراء الغربية، وخلاله أكدت:

1. اعتبار مشكلة الصحراء الغربية قضية إنهاء استعمار.

2. حل مشكلة الصحراء الغربية يكمن في تنفيذ القرار AHG/RES.104-XIX الصادر عن القمة الأفريقية التاسعة عشرة.

3. تطلب، من طرفي النزاع، الدخول في مفاوضات مباشرة، لإيقاف إطلاق النار، لتهيئة الظروف اللازمة لإجراء استفتاء عادل لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية، على أن ينفذ الاستفتاء، تحت إشراف كل من منظمة الوحدة الأفريقية والأمم المتحدة.

4. تأييد الجهود، التي تبذلها منظمة الوحدة الأفريقية، والهادفة إلى التوصل لحل عادل وحاسم لمشكلة الصحراء الغربية، وفقاً لقرارات ومقررات منظمة الوحدة الأفريقية والأمم المتحدة.

ويوضح هذا القرار أن دور الأمم المتحدة أصبح مكملاً للجهود، التي تقوم بها منظمة الوحدة الأفريقية، وأكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة موقفها من قضية الصحراء في دوراتها التالية، حيث أصدرت في الدورة الأربعين قرارها الرقم 40/50، في 3 ديسمبر 1985، وتضمن هذا القرار نفس مضمون القرارات السابقة، وكذلك أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الحادية والأربعين، قرارها الرقم 41/16، والذي أكدت خلاله الأمم المتحدة أن قرار منظمة الوحدة الأفريقية الرقم AHG/RES.104-XIX، هو الأساس لحل قضية الصحراء الغربية. وفي نهاية عام 1986، بدأ الأمين العام للأمم المتحدة مساعيه الحميدة للتوصل إلى خطة لتسوية قضية الصحراء الغربية، واتبع الأمين العام أسلوباً خاصاً لإيجاد حل لتسوية هذا الصراع، اتسم بالآتي :

1. سرية الاتصالات، حيث تم إجراء كل الاتصالات بين أطراف النزاع بعيداً عن العلانية.

2. الاعتماد على مشاركة وسطاء آخرين، كان منهم رئيس منظمة الوحدة الأفريقية.

3. التركيز في الحصول على المعلومات حول مشكلة الصحراء الغربية من مصادر محايدة.

4. العمل على تقسيم وتجزئة المشكلة، بحيث يمكن تحقيق أهداف مرحلية يمكن خلالها التوصل إلى تسوية نهائية للمشكلة.

في الدورة الثانية والأربعين، للجمعية العامة للأمم المتحدة، صدر القرار الرقم 42/72 في 4 ديسمبر 1987، الخاص بمشكلة الصحراء الغربية، واشتمل على نفس مضمون القرارات السابقة إلا أنه أكد الآتي :

1. تمت الإحاطة بالقرار المشترك لكل من رئيس مؤتمر رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية والأمين العام للأمم المتحدة، بإرسال بعثة تقنية إلى الصحراء الغربية؛ بهدف جمع المعلومات التقنية ذات الصلة بالمشكلة، والتي تساعد في النهوض بأعباء المهمة، التي أناطت بها الجمعية العامة، بموجب قراريها الأرقام 40/50 و 41/16.

2. تأكيد عزم الأمم المتحدة على التعاون التام مع منظمة الوحدة الأفريقية، في تنفيذ قرارات منظمة الوحدة الأفريقية، خاصة القرار الرقم AHG/RES.104-XIX

خلال الفترة 1-10 ديسمبر 1987، زارت بعثة تقنية، مُشكلة من قِبَل منظمة الوحدة الأفريقية والأمم المتحدة، المنطقة، بهدف دراسة وتحديد الوسائل، التي يمكن، من خلالها، إجراء الاستفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي، وأعلنت جبهة البوليساريو عن وقف إطلاق النار، حتى تتمكن البعثة من تنفيذ مهمتها، كما رأت الحكومة المغربية أن مهمة البعثة تقتصر، فقط، على جمع المعلومات ذات الطابع التقني، بينما أكدت جبهة البوليساريو أن توجه البعثة إلى الصحراء الغربية يعتبر دعماً للسياسة المغربية، حيث اتهمت جبهة البوليساريو الحكومة المغربية بأنها قامت بإدخال المواطنين المغاربة للأراضي الصحراوية، بهدف التأثير على عمل البعثة، كما أن المغرب كان على اطلاع ببرنامج عمل البعثة، كذلك ساهمت في عملية اختيار المناطق وتوقيتات وجود البعثة فيها، ولذلك، فإن جبهة البوليساريو اعتقدت أن البعثة لن تحقق نتائج حاسمة. وفي إطار هذا التباين في المواقف، لم تتمكن بعثة الأمم المتحدة من تحقيق أهدافها، لعدة أسباب، تمثلت بالآتي:

1. اشتراط قيادة جبهة البوليساريو انسحاب القوات المغربية من الأراضي الصحراوية، قبل إجراء الاستفتاء، لأن وجودها في أثناء إجراء الاستفتاء، يشكل عائقاً معنوياً، يؤثر على حرية الاختيار لدى سكان الإقليم.

2. رفض الحكومة المغربية سحب قواتها من الصحراء الغربية، استناداً إلى سابقة تاريخية، تمثلت في استفتاء تقرير المصير في الجزائر، مع وجود القوات الفرنسية فيها.

3. التفوق العسكري المغربي داخل الأراضي الصحراوية، خاصة بعد توسيع الحزام الأمني ليشمل الحدود الموريتانية والجزائرية، ولقد أدى ذلك إلى رفض المغرب لتقديم أي نوع من التنازلات.

4. إن قرارات الأمم المتحدة، التي استندت إلى قرارات القمة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة لمنظمة الوحدة الأفريقية، جعلت من مهمة بعثة الأمم المتحدة أمراً بالغ الصعوبة، فهذه القرارات لم توضح تقنيات إجراء الاستفتاء، خاصة تحديد من يحق لهم التصويت في الاستفتاء.

5. على رغم أن المهمة الأساسية لبعثة الأمم المتحدة كانت الاتفاق على وقف إطلاق النار، فإن المملكة المغربية أصرت على أن وقف إطلاق النار يجب أن يكون من جانب واحد وهو جبهة البوليساريو.

6. لقد أدى الرأي المسبق لجبهة البوليساريو حول البعثة أنها ستكون دعماً للسياسة المغربية تجاه الصحراء الغربية، إلى تمسك الجبهة بشروط يصعب تحقيقها.

في 20 سبتمبر 1988، أصدر مجلس الأمن قراره الرقم 621/1988، وأذن، خلاله، للأمين العام للأمم المتحدة، بتسمية ممثل خاص للصحراء الغربية، كما طلب مجلس الأمن أن يقدم سكرتير عام الأمم المتحدة تقريراً عن إجراء استفتاء بشأن تقرير مصير شعب الصحراء الغربية، وعن الوسائل الواجب إتباعها؛ بهدف تنظيمه ومراقبته بواسطة الأمم المتحدة، وبالتعاون مع منظمة الوحدة الأفريقية، وبناء على ذلك، عين الأمين العام السيد هيكتور غروس اشبيل، بوصفه ممثله الخاص للصحراء الغربية، اعتباراً من 19 أكتوبر 1988، إلا أنه استقال، وخلفه السيد جوهانس مانس. كما صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثالثة والأربعين، قرارها الرقم 43/33 في 22 نوفمبر 1988، والذي رحبت خلاله، بالموافقة المبدئية، التي أبدتها كل من المملكة المغربية وجبهة البوليساريو في 30 أغسطس 1988، على الاقتراحات المقدمة من كل من رئيس مؤتمر رؤساء الدول والحكومات لمنظمة الوحدة الأفريقية، والأمين العام للأمم المتحدة، بشأن إجراء استفتاء، يقرر، من خلاله، شعب الصحراء الغربية مصيره، وتضطلع الأمم المتحدة بتنظيمه والإشراف عليه، بالتعاون مع منظمة الوحدة الأفريقية.

في الفترة من 4-5 فبراير 1989، تم لقاء مباشر بين وفدي جبهة البوليساريو والمملكة المغربية في مراكش، وعلى رغم أنه كان هناك اعتقاد سائد، عن احتمال تسوية مشكلة الصحراء الغربية، فإن المناقشات، التي تمت بين الوفدين، تركزت حول كيفية التوصل إلى اتفاق سياسي بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بالشروط، التي تتضمن تنظيم استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي، وكذلك نوع العلاقات المستقبلية بين الطرفين، إلا أن المغرب، رفض إجراء لقاء آخر مع وفد جبهة البوليساريو، ولذلك أعلنت الجبهة عن إنهاء وقف إطلاق النار، الذي كانت قد أعلنته خلال شهر فبراير 1989 .

خلال الفترة من 4-7 يونيه 1990، عُقد اجتماع بين فريق من الموظفين في الأمم المتحدة، برئاسة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ـ جوهانس مانس، مع 38 شخصية صحراوية، وجه لهم الدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، وبحضور الممثل الخاص لرئيس منظمة الوحدة الأفريقية. وقد عرض، خلال الاجتماع، دور لجنة تحديد الهوية والمراحل الأولى لتنظيم الاستفتاء، كما بحث الإحصاء، الذي نظمته السلطات الأسبانية في إقليم الصحراء الغربية، عام 1974، وطبقاً للمقترحات الخاصة بتسوية قضية الصحراء الغربية التي تقدم بها الأمين العام للأمم المتحدة، والرئيس الحالي لمنظمة الوحدة الأفريقية. وأثار الجانب المغربي بعض الملاحظات على الإحصاء الأسباني، تمثلت في الآتي:

1. أن عدة أشخاص سُجلوا مرتين أو ثلاثاً.

2. هناك أشخاص، لم يكن لهم وجود فعلي، سجلهم بعض الآباء، للحصول على مساعدة مادية من السلطات الأسبانية آنذاك.

3. أن كتابة الأسماء العربية باللغة الأسبانية كانت غير دقيقة.

4. هناك عدد كبير من الأشخاص، الذين دخلوا في الإحصاء في مناطق الحدود، لا ينحدرون من الصحراء، خاصة في عدد من البلاد الصحراوية بعينها، وهي الزويرات، ونواد ليبما، وبئر أم كرين، وتندوف في الجزائر، وأزاود في مالي.

5. هناك بعض الشيوخ، الذين توجد أسماؤهم على اللوائح الدولية، ليست لهم أي وثائق أسبانية، ولا أحد يستطيع أن يؤكد العكس.

6. وجود أخطاء في شرائح الأعمار، فمعدل النمو، في بلدان العالم الثالث، يراوح بين 1.8% و3%، غير أن عدداً كبيراً من الأطفال، الذين كانت أعمارهم تراوح بين 4-5 سنوات بلغوا الآن سن التصويت، وهذا يتجاوز، بكثير، المعدلات المتعارف عليها.

7. أن لائحة الأمم المتحدة، التي وضعت حسب الترتيب الأبجدي، تتضمن تكرارات وإغفالات وإضافات، ولم تؤخذ الوفيات، بعين الاعتبار، في هذه القوائم.

8. أن أسبانيا كانت تهيئ للتعجيل باستقلال الأقاليم الصحراوية وعينت رئيساً لها.

9. أن الإحصاء الأسباني أهمل أكثر من أربعين ألف صحراوي، دفعتهم أسبانيا إلى الهجرة، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إلى العديد من المدن المغربية.

لقد حفزت تطورات حل مشكلة الصحراء الغربية، والتي بدأت في منتصف يونيه 1990، العاهل المغربي الملك الحسن الثاني، أن يبشر شعبه بأن مشكلة الصحراء الغربية سيتم حلها خلال ستة أشهر، حيث أعلن عن قبوله هذا الإحصاء أساساً لتحديد الهوية للأشخاص، الذين يحق لهم المشاركة في هذا الاستفتاء، على الرغم من إقراره بوجود بعض الثغرات. وذلك في خطاب ألقاه عقب أحداث مدينة فاس، في 14 ديسمبر 1990. ولعل هذا التفاؤل هو الذي جعل الملك الحسن الثاني، يقرر تأجيل الانتخابات البرلمانية المغربية لمدة عامين، بحيث تمتد فترة المجلس حتى يمكن إقرار ما يستجد من تطورات في المشكلة. وفي 18 يونيه 1990، قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً إلى مجلس الأمن، يتعلق بخطة التسوية المقترحة في الصحراء الغربية، وشمل هذا التقرير جزأين، الأول تضمن اقتراحات الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مؤتمر رئيس دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية، والرامية إلى تسوية مشكلة الصحراء الغربية، وقد قبل هذه الخطة كلا الطرفين المتنازعين. أما الجزء الثاني من التقرير، فقد تضمن مقترحات خطة التنفيذ، وكان الهدف الرئيسي من اقتراحات الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس منظمة الوحدة الأفريقية هو تمكين شعب الصحراء الغربية، من ممارسة حقه المشروع في تقرير مصيره, وتضمنت هذه المقترحات الآتي:

ثانياً: مقترحات خطة التسوية بشأن وقف إطلاق النار

1. بعد أن يقوم مجلس الأمن، بالموافقة على تعيين الأمين العام للأمم المتحدة لممثل خاص له، بالتشاور مع رئيس منظمة الوحدة الأفريقية، وموافقة طرفي النزاع، يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة، بشأن تحديد واختيار فريق المراقبين، الذين سيتم تكليفهم بالمهام المحدودة في خطة التسوية.

2. يكون الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، خلال الفترة الانتخابية، التي تمتد من وقف إطلاق النار حتى الإعلان عن نتائج الاستفتاء، هو السلطة الوحيدة والخاصة، فيما يتعلق بجميع المسائل المتعلقة بالاستفتاء وتنظيم وسير عملياته.

3. يساعد، الممثل، الخاص، فريقُ دعم يحدده الأمين العام للأمم المتحدة، على أن يتشكل من عدد كاف، من موظفي الأمم المتحدة، يمكنهم الاضطلاع بما يعهد إليهم من مهام، على أن يتضمن هذا الفريق وحدة مدنية، ووحدة عسكرية، ووحدة أمن، ويشكل كل من الممثل الخاص وفريق الدعم، الإدارة المؤقتة للأمم المتحدة، خلال الفترة الانتخابية.

4. لكي يتمكن الممثل الخاص، من الاضطلاع بما عهد إليه من مهام، بشكل متكامل وفعال، وكذلك ليكون مؤهلاً لاتخاذ جميع التدابير اللازمة، لضمان حرية تنقل السكان وأمنهم، وعدم تحيز الاستفتاء، يجوز للممثل الخاص أن يتخذ كل التدابير الإدارية والتقنية والأمنية، التي يجب تطبيقها في الإقليم الصحراوي، خلال الفترة الانتقالية، ويتضمن ذلك عمليات الحملة الاستفتائية، ومنها الاجتماعات السياسية، وكذلك يمكن طلب إيقاف تطبيق القوانين والإجراءات، التي قد تعرقل عملية الاستفتاء الحر والمنصف، وكذلك يعرض الخلافات، التي قد تثور بين طرفي النزاع والممثل الخاص، على الأمين العام للأمم المتحدة؛ لاتخاذ القرار المناسب حيالها.

5. يجب أن يتعهد طرف النزاع بوقف جميع الأعمال العدائية، والتنفيذ الصادق لوقف إطلاق النار، وفور تلقي الأمين العام للأمم المتحدة موافقة الطرفين على مقترحات خطة التسوية، يتم توجيه رسالة لكل من المغرب وجبهة البوليساريو يتحدد خلالها توقيت تنفيذ وقف إطلاق النار، على أن تكون موافقة كلا الطرفين كتابياً على شروط وقف إطلاق النار، قبل وقف التنفيذ الفعلي بمدة أربعة أسابيع، حتى يمكن لكلا الجانبين إصدار التعليمات اللازمة لقواتها، وكذلك حتى يمكن توزيع فريق المراقبين التابع للأمم المتحدة.

6. يقوم طرفا النزاع، فور الإعلان عن وقف إطلاق النار، بإيقاف كل العمليات العسكرية، بما فيها تحركات القوات، على أن يقدم كلا الطرفين، قبل أسبوع من بدء تنفيذ ووقف إطلاق النار، إلى الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، البيانات الكاملة عن حجم قواتهما الموجودة في إقليم الصحراء الغربية.

7. حتى يمكن إجراء الاستفتاء، بدون ضغط عسكري، يجب أن تلتزم المغرب بخفض قواتها الموجودة في الصحراء الغربية، بصورة تدريجية، على أن يتم حصر باقي القوات المغربية، بحيث لا تتجاوز 25 ألف جندي، في أماكن، يحددها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، على أن تكون تحت مراقبة فريق المراقبين التابع للأمم المتحدة.

8. تلتزم جبهة البوليساريو بأن تحصر جميع قواتها، تحت مراقبة فريق المراقبين التابع للأمم المتحدة، وفي الأماكن، التي يحددها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، على أن يتم حصر القوات المغربية وقوات جبهة البوليساريو، في توقيت متزامن، ويتضمن هذا الحصر القوات، والسلاح، والعتاد.

9. يلتزم أطراف النزاع بالامتثال الكامل لوقف جميع الأعمال العدائية، حتى يمكن إجراء عملية الاستفتاء، بعيداً عن أي تدخل أو تهديد، ولذلك يجب أن يقوم الممثل الخاص بتنفيذ الإجراءات التالية:

أ. التنفيذ الدقيق لوقف جميع الأعمال العدائية من كلا الطرفين، وحصر كل قواتهما العسكرية.

ب. التخفيض، تدريجياً، للقوات المغربية الموجودة في الصحراء الغربية ـ طبقاً لما سيحدد ـ خلال اثني عشر أسبوعاً، وقبل بدء حملة الاستفتاء، على أن يتم الحد من حرية حركة القوات المغربية في الأماكن، التي تم حصرها فيها مسبقاً، كما يتم سحب هذه القوات من إقليم الصحراء، خلال أربع وعشرين ساعة، بعد إعلان نتائج الاستفتاء، إذا أقرت ذلك نتيجته.

ج. يتم تحديد حرية حركة قوات البوليساريو وحصرها في الأماكن، التي تم تحديدها، على أن تحل، خلال أربع وعشرين ساعة، بعد إقرار نتائج الاستفتاء، إذا أقرت ذلك نتيجته.

د. تحييد القوات شبه العسكرية المغربية من قِبَل فريق المراقبين الدوليين التابع للأمم المتحدة، مع اتخاذ كل الترتيبات، التي تمكن أعضاء جبهة البوليساريو الموجودين خارج الإقليم من الدخول، من دون قيود على ذلك، على أن يكون دخولهم سلمياً، وبدون سلاح، إلى الصحراء الغربية، ومن نقاط، يتم تحديدها بواسطة الممثل الخاص، وذلك حتى يمكنهم المشاركة في الاستفتاء.

هـ. يجب أن تحرص الوحدة العسكرية التابعة لفريق الدعم، على أن يمتثل الطرفان للترتيبات الناتجة عن الاستفتاء.

10. يقوم الأمين العام للأمم المتحدة، بعد التشاور مع مجلس الأمن، بتعيين فريق مراقبي الأمم المتحدة، ويكون مقره في الصحراء الغربية، ويكون إنشاء فريق المراقبين وأسلوب عمله، وفقاً للمبادئ العامة لعمليات الأمم المتحدة لصيانة السلم، كما يجب أن يكون حجم الفريق وتكوينه يمكنه من تنفيذ المهام المضطلع بها، وتتحدد مسؤوليات الفريق في الإشراف على وقف أعمال القتال، وتطبيق وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وتحديد مواقع قوات كلا الطرفين وقت بدء وقف إطلاق النار.

11. يجب أن يلتزم كل من المغرب وجبهة البوليساريو، بالتعاون التام مع فريق المراقبين، واحترام الترتيبات المتعلقة بوقف إطلاق النار، كما يجب أن يلتزم كل من الجزائر وموريتانيا، بالتعاون التام مع فريق المراقبين، واحترام ترتيبات وقف إطلاق النار.

ثالثاً: مقترحات خطة التسوية بشأن الإعداد لإجراء الاستفتاء

1. يتم تنظيم الاستفتاء وإجراؤه، وفقاً لقرار منظمة الوحدة الأفريقية الرقم AHG/RES.104-XIX, وكذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 1514/15، والقرار الرقم 40/50، على أن يتم تنظيم الاستفتاء وإجراؤه، بواسطة الأمم المتحدة، بالتعاون مع منظمة الوحدة الأفريقية، خلال فترة انتقالية.

2. يكون، لجميع سكان الصحراء، المسجلين في التعداد، الذي نظمته السلطات الأسبانية عام 1974، والذين تجاوزت أعمارهم ثمانية عشر عاماً، الحق في الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء، ويتم ذلك بمساعدة مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، للقيام بحصر أعداد اللاجئين الصحراويين الموجودين خارج الإقليم في المناطق، التي يحددها الممثل الخاص.

3. لتيسير عملية تعداد سكان الصحراء، يقوم الأمين العام للأمم المتحدة، وبالتشاور مع رئيس منظمة الوحدة الأفريقية بتكوين لجنة لتحديد الهوية، مع الأخذ في الاعتبار، تعداد عام 1974 واستكماله، على أن تتم عملية التعداد، خلال الفترة الانتقالية، وتحت إشراف الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، على أن تنتهي من تنفيذ أعمالها، قبل بدء عملية الاستفتاء.

4. يتم تشكيل لجنة لتحديد الهوية، من خبير ديموجرافي، له دراية بمشاكل المجتمع الصحراوي، على أن يساعده من 3-5 خبراء متخصصين في الدراسات الديموجرافية للبلدان، التي تسود فيها البداوة، على أن تكون هذه اللجنة من تكوين فريق الدعم التابع للممثل الخاص للأمين العام. ويتضمن دور لجنة تحديد الهوية الآتي:

أ. دراسة وتحليل التعداد، الذي تم تنفيذه بواسطة السلطات الأسبانية في إقليم الصحراء الغربية، عام 1974، واستكماله.

ب. إجراء حسابات الزيادة الطبيعية للسكان الصحراويين، خلال الفترة بين تعداد 1974، وتوقيت تنظيم الاستفتاء، مع مراعاة معدلات المواليد والوفيات، وعمليات نزوح سكان الصحراء أيضاً.

ج. على ضوء المعلومات، التي تم الوصول إليها، تحدد لجنة تحديد الهوية بدقة عدد الصحراويين الموجودين في إقليم الصحراء الغربية، وأيضاً عدد الصحراويين اللاجئين وغير المقيمين، والذين يحق لهم الاشتراك في الاستفتاء.

د. تقدم لجنة تحديد الهوية تقريرها إلى الممثل الخاص، الذي يقوم بعرضه على الأمين العام؛ للنظر فيها، بالتشاور مع رئيس منظمة الوحدة الأفريقية.

رابعاً: مقترحات خطة التسوية بشأن التنفيذ الفعلي للاستفتاء

1. يختار شعب الصحراء الغربية، بحرية وبطريقة ديموقراطية، بين الاستقلال أو الاندماج في المغرب.

2. يتم التصويت بالاقتراع السري، وتتخذ تدابير لصالح الأميين، الذين يجهلون القراءة والكتابة.

3. يجب أن يتأكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، من استيفاء الشروط التالية، قبل إجراء عملية الاستفتاء:

أ. إتمام تعليق القوانين والتدابير، التي تعيق عملية الاستفتاء.

ب. قيام طرفي النزاع، بالإفراج عن جميع السجناء والمحتجزين السياسيين الصحراويين، حتى يمكنهم الاشتراك في الاستفتاء، بحرية ومن دون قيود.

ج. يمكن، لجميع اللاجئين الصحراويين، الذين تم إحصاؤهم، العودة بحرية إلى إقليم الصحراء، والاشتراك من دون قيود في الاستفتاء ومن دون التعرض لمخاطر الاعتقال أو الاحتجاز أو التهديد.

د. يجب أن يتأكد الممثل الخاص، بمساعدة مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، من أن سكان الصحراء المقيمين خارج الإقليم، لهم إمكانية الاختيار بحرية وعن طواعية، بين العودة إلى الوطن أو البقاء خارجه.

هـ. لا تبدأ عملية الاستفتاء إلا عندما يتأكد الممثل الخاص من نزاهة الإجراءات المنظمة للاستفتاء وصلاحيته للتطبيق.

4. يقوم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، بتحديد توقيت بداية عملية الاستفتاء، وإعداد القوائم الانتخابية، على أن يكون هناك إمكانية المشاركة الكاملة لجميع الصحراويين ومن دون قيود، وفي إطار من الإنصاف التام، مع كفالة الحرية التامة للتعبير والاجتماع، والتنقل للصحافة.

5. تقع مسؤولية الحفاظ على النظام العام في الصحراء الغربية، في أثناء الفترة الانتقالية، على عاتق الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة.

6. يدعو الممثل الخاص ممثل منظمة الوحدة الأفريقية إلى مراقبة تنظيم الاستفتاء وخطوات تنفيذه، من دون التدخل في مهامه، إلا أنه يمكن تقديم ملاحظات مباشرة إلى الممثل الخاص.

7. يجب أن يتعهد طرفا النزاع بالتعاون التام مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، في ممارسته لمهام وظيفته، كما يجب أن يتعهدا، أيضاَ، بقبول نتائج الاستفتاء واحترامها.

8. يقوم الأمين العام للأمم المتحدة، فور اعتماد الممثل الخاص لنتائج الاستفتاء، بإبلاغها إلى رئيس منظمة الوحدة الأفريقية، وإلى مجلس الأمن، وكذلك اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ قرار شعب الصحراء على النحو، الذي وضح في الاستفتاء.

9. يجب أن تبذل كل من الجزائر وموريتانيا، كل ما في وسعهما، من أجل احترام التدريبات الانتقالية ونتائج الاستفتاء، ويقدمان الدعم المادي اللازم للمثل الخاص وفريق الدعم، والسماح لهما بالاضطلاع بمهمتهما، وتيسير تنفيذ التدابير المتعلقة بالأمن والاستقرار في مناطق الحدود.

خامساً: موقف أطراف النزاع من خطة التسوية

وافق أطراف النزاع على خطة التسوية، كما وافق كل من الجزائر وموريتانيا، إلا أن هذه الموافقة كان عليها بعض التحفظات والاعتراضات، وتمثلت موافقة المملكة المغربية على خطة التسوية، في الرسالة التي بعث بها الملك الحسن الثاني إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والتي أبدى فيها اعتراضه على خطة التسوية، وتضمنت:

1. إن المملكة المغربية لا تقبل أن تكون مدة الاستفتاء في الصحراء غير محدودة، وإلا فسوف تمتد إلى شهور.

2. إن وجود الأمم المتحدة، داخل الأقاليم الصحراوية، يجب أن يتضمن مرحلتين أساسيتين، في المرحلة الأولى يقتصر تدخل الأمم المتحدة على مراقبة وقف إطلاق النار، ووضع اللوائح الانتخابية، أما في المرحلة الثانية فيقتصر على إجراء الحملة الانتخابية للاستفتاء والإشراف على عملية التصويت.

3. ترى المملكة المغربية أن تحديد مخطط التسوية بأربعة وعشرين أسبوعاً، من تاريخ بدء تنفيذ وقف إطلاق النار، هو تقدير يمكن ألا يحترم، مادام الممثل الخاص للأمين العام له سلطة تأجيل إجراء الاستفتاء، إذا ما اقتضت الظروف ذلك.

4. إن مسار عملية التسوية يتوقف على وضع اللوائح الانتخابية، التي، من المقرر أن تنتهي لجنة إثبات الهوية منها، بعد ثمانية عشر أسبوعاً من بدء وقف إطلاق النار، وهذا تقدير مبالغ فيه لتنفيذ العمليات المتصلة بهذا الموضوع.

5. إن تدخل الأمم المتحدة، في الفترة الفاصلة، بين تاريخ وقف إطلاق النار والوقت، الذي يتم فيه وضع اللوائح الانتخابية بشكل نهائي؛ لا يمكن أن يكون له إلا هدفان، الأول يتمثل في مراقبة وقف إطلاق النار، أما الثاني فيتمثل في وضع اللوائح الانتخابية، في حين أن مراقبة وقف إطلاق النار لا تتطلب تدخلاً عاماً من الأمم المتحدة في الصحراء الغربية.

6. إن الأعمال المتعلقة بوضع اللوائح الانتخابية ذات طابع تقني، وهي لا تتطلب إجراءات خاصة لإقامة الأجهزة والفنيين والهيئات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة.

7. يؤكد المغرب أنه مستعد لأنيقبل، خلال حملة الاستفتاء وعمليات التصويت، أن يحد مؤقتاً من ممارسة سلطته، ولكن ليس، قبل بدء حملة الاستفتاء.

8. ترى المملكة المغربية أنه ليس هناك مبرر لكي يمارس الممثل الخاص أي رقابة على الإدارة المغربية، قبل وضع اللوائح الانتخابية، وخاصة فيما يتعلق بحفظ النظام، بعكس الطرف الآخر، الذي لا يوجد عليه مراقبة.

9. فيما يتعلق بالقوات المقاتلة والقوات المساعدة، التي حددتها خطة الأمين العام بالقوات شبه عسكرية، ونصت الخطة على تجريدها من أسلحتها، ترى الحكومة المغربية أن هذه القوات جزء من الشرطة المدنية، وليس هناك أي مبرر قانوني لكي تعامل بهذه الطريقة.

10. فيما يتعلق بحملة الاستفتاء، فإن التصور المغربي لهذه الحملة أن تكون مدتها قصيرة لا تتجاوز عشرة أيام، لأن بساطة السؤال المطروح على الناخبين، لا تحتاج إلى وقت طويل كما هو مقترح في خطة الأمين العام، وفيما يتعلق بباقي إجراءات الحملة فالتصور المغربي يتمثل في الآتي:

أ. عدم السماح بدخول الأشخاص الموجودين خارج الصحراء، إلا إذا اعترف لهم بصفة ناخب، ومع بدء الحملة.

ب. إن الوسائل الخاضعة بتنظيم حملة إعلامية، لا يمكن توظيفها إلا بعد الحملة الاستفتائية، لذلك فإن اختصاص الممثل الخاص في هذا المجال لن يمارس إلا خلال هذه الحملة.

ج. إن المناقشة، التي ستتم خلال الحملة الإعلامية، لا يمكن أن تحيد عن الهدف لتصبح ذريعة لتهجمات تمس المؤسسات السياسية للملكة المغربية، أو لأي دولة مجاورة.

د. إن وسائل التعبير، المزمع توظيفها في الحملة الاستفتائية، تتجاوز بكثير الوسائل اللازمة لحوار ديموقراطي، فإذا كانت الاجتماعات والتجمعات ضرورية، خلال الحملة الاستفتائية، فإن الاستعراضات والمظاهرات في الشارع العمومي من شأنها أن تخل بالنظام أكثر مما تساهم إعلامياً في الحملة.

11. ترى المملكة المغربية أن وقف إطلاق النار ليس هدنة، بل هو عملية مادية، تستهدف تحقيق إقرار السلم، وإن مضمون وقف إطلاق النار يكمن في وقف الأعمال العسكرية، ودور السلطة الدولية في هذا المجال هو التأكد من أن الأعمال الحربية قد توقفت، وإذا ما تم خرق وقف إطلاق النار، فمهمة السلطة الدولية هي أن تحدد الطرف المسؤول عن ذلك، ولكن هذا لا يعني أن تعمل على نزع السلاح من أطراف النزاع، أو أن تحدد القوات المغربية الموجودة بالصحراء.

12. وفيما يتعلق بإجراءات وقف إطلاق النار، فإن القوات المغربية المتمركزة في الصحراء يسهل تحديد مواقفها في أي وقت، بعكس قوات جبهة البوليساريو، حيث هناك صعوبة في إمكانية رصدها، لوجودها في عدة دول أجنبية.

13. فيما يتعلق بترجيح قوانين وأوامر وتعليمات السلطة الدولية على القانون المغربي، فهذا يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، الذي يضمن سيادة الدول.

أعلنت جبهة البوليساريو موقفها من خطة التسوية، التي أعلنها الأمين العام للأمم المتحدة، ورأت أنها لم تحقق مطالبها، التي تتمثل في الآتي:

1. لم يتم حسم مسألة المفاوضات المباشرة مع المملكة المغربية.

2. عدم تحديد شروط وقف إطلاق النار.

3. لا بد من وجود دور لمنظمة الوحدة الأفريقية أكبر من دور الملاحظ، فيما يخص عملية الاستفتاء.

4. وفيما يتعلق بأسئلة الاستفتاء المدرجة في المخطط، ترى جبهة البوليساريو أنه يجب أن يطلب من الشعب الصحراوي إذا كان يريد الاستقلال أم لا.

5. بالنسبة للإحصاء السكاني الذي أجرته السلطات الأسبانية عام 1974، فلقد تم اعتماده كقاعدة أساسية لتحديد من يحق لهم المشاركة في الاستفتاء، إلا أنه في البداية اعترضت جبهة البوليساريو عليه، ولكنها وافقت فيما بعد.

6. بالنسبة للفترة الانتقالية، التي تسبق الاستفتاء، ترى جبهة البوليساريو أنه يجب أن تطبق فيها القوانين الأسبانية، التي كانت سارية المفعول، قبل عام 1975، وليس القوانين المغربية.

7. تقترح جبهة البوليساريو إبقاء عدد من الإداريين الصحراويين، إلى جانب الإداريين المغربيين، وبنفس العدد والصلاحيات، من أجل مساعدة بعثة الأمم المتحدة على تسيير الأمور قبل موعد الاستفتاء، كما أن جبهة البوليساريو تتخوف من إمكانية تدخل المملكة المغربية في إعداد قوائم المشاركين في الاستفتاء.

في 27 يونيه 1990، أصدر مجلس الأمن بالإجماع قراره الرقم 658/1990، والذي أعرب فيه عن تأييده الكامل للأمين العام للأمم المتحدة في مساعيه الحميدة، التي يقوم بها، بالاشتراك مع رئيس مؤتمر رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية، من أجل إيجاد تسوية لمسألة الصحراء الغربية، كذلك وافق المجلس على مقترحات التسوية والخطة التنفيذية، كما طلب المجلس من الطرفين أن يتعاونا مع الأمين العام ورئيس مؤتمر دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية، لتسوية مشكلة الصحراء الغربية. وفي الدورة الخامسة والأربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، تم صدر القرار الرقم 45/21 يوم 20 نوفمبر 1990، والذي أيد إرسال بعثة تقنية للصحراء الغربية والبلاد المجاورة لها؛ بهدف تحديد الجوانب الإدارية لخطة التسوية، والحصول على المعلومات اللازمة، من أجل تحديد التكلفة اللازمة للبعثة في سبيل تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية. وقد تقدم الأمين العام للأمم المتحدة بتقريره إلى مجلس الأمن، في 19 أبريل 1991. وتضمن هذا التقرير توضيح بعض العناصر الأساسية لخطة التنفيذ، وكذلك بعض التعديلات. وشمل هذا التقرير الآتي:

1. بالنسبة للممثل الخاص، فهو يتمتع بالصلاحيات عن جميع المسائل المتعلقة بتنظيم الاستفتاء وإجرائه، وستخول له سلطة إصدار القواعد والتعليمات، بما يتماشى مع الأنظمة، التي أقرتها الخطة.

2. تتكون البعثة من وحدات أمنية، ومدنية، وعسكرية، إضافة إلى مكتب الممثل الخاص، وهو الذي يرأس البعثة، ويكون للممثل الخاص، نائب يكون مسؤولاً عن البعثة، في أثناء عدم وجود الممثل الخاص في المنطقة، ويساعد الممثل الخاص أحد رجال القانون المستقلين، يعينه الأمين العام. وكذلك، يتم تشكيل قسم، يتناول الشؤون السياسية، ويتضمن مكتب الممثل الخاص على أقسام تتناول الشؤون القانونية والإعلام.

3. تشمل منطقة عمل البعثة كلاً من إقليم الصحراء الغربية، ومواقع معينة في البلدان المجاورة، وخاصة مخيم اللاجئين في تندوف.

4. تبدأ الفترة الانتقالية من تاريخ بدء وقف إطلاق النار، وتنتهي مع إعلان نتائج الاستفتاء، ولكن البعثة ستبقى، إلى ما بعد ذلك بعدة أسابيع، فمن المتصور أن تستغرق الفترة الانتقالية حوالي ثلاثين أسبوعاً، بينما تبقى البعثة ستة وثلاثين أسبوعاً.

5. تتعهد المملكة المغربية بتخفيض قواتها في الإقليم إلى مستوى لا يتجاوز خمسة وستين ألف جندي، في فترة لا تتجاوز أحد عشر أسبوعاً، من تاريخ نفاذ وقف إطلاق النار.

6. قصر وجود قوات كلا الطرفين على مواقع محددة، على أن ترابط القوات المغربية في مواقع دفاعية ثابتة، على امتداد الجدار الأمني، وتكون مهمة المراقبين العسكريين مراقبة التثبت من وقف إطلاق النار، وعمليات حفظ بعض الأسلحة والذخائر. أما بالنسبة لجبهة البوليساريو فسوف يقوم الممثل الخاص بتعيين المواقع، التي يتعين عليها الالتزام بها ومعها أسلحتها وذخائرها ومعداتها العسكرية، على أن يتم تنفيذ ذلك بنفاذ وقف إطلاق النار.

7. يتم تبادل الأسرى بين الجانبين، تحت إشراف الصليب الأحمر، على أن تتم هذه العملية، بعد بدء وقف إطلاق النار.

8. يتم تعيين أعضاء لجنة تحديد الهوية، بعد أن يقرر مجلس الأمن إنشاء بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، ومهمة اللجنة تنفيذ المقترحات، التي وافق عليها الطرفان، وتتحدد مهمتها في استكمال تعداد 1974، على أن تشمل:

أ. استبعاد أسماء الأشخاص، الذين توفوا منذ ذلك الحين من القوائم.

ب. النظر في الطلبات المقدمة من أشخاص، يطالبون بحق المشاركة في الاستفتاء على أساس أنهم من سكان الصحراء الغربية، وأن أسماءهم حذفت من تعداد 1974، على أن يطلب، من زعماء القبائل في الإقليم الصحراوي، المشاركة في أعمال لجنة تحديد الهوية

9. تباشر لجنة تحديد الهوية عملها، خلال مرحلتين، كالآتي:

أ. المرحلة الأولى يتم فيها استكمال تعداد 1974، بإرسال نسخة من هذا التعداد إلى الطرفين، مزودة بطلب توفير المعلومات المتاحة عن الأشخاص، الذين توفوا منذ عام 1974، وأماكن وجود السكان الصحراويين، داخل الإقليم أو خارجه، وبعد أن تقوم اللجنة بتنقيح قوائم 1974، يتم نشرها، كما تُنشر اللجنة التعليمات اللازمة حول أسلوب إدراج الأفراد المستبعدين من تعداد 1974. وتستغرق هذه المرحلة ثمانية أسابيع، تجتمع اللجنة، بعد ذلك في نيويورك أو جنيف، لدراسة طلبات تسجيل المستبعدين، وبحضور الممثل الخاص لسكرتير عام الأمم المتحدة، ورؤساء القبائل، وحضور مراقبين من منظمة الوحدة الأفريقية، ومراقبين من الطرفين، وتستغرق هذه العملية أربعة أسابيع أخرى، على أن يتم نشر القوائم المنقحة قبل وقف إطلاق النار.

ب. المرحلة الثانية تقوم اللجنة، خلالها، بتحديد الهوية وإصدار بطاقات التسجيل إلى الأشخاص المدرجين على قوائم الذين لهم حق التصويت، كما يتم تنظيم الإجراءات المتعلقة بالطعون، على أن يتم اتخاذ الترتيبات اللازمة لتنفيذ اللجنة لمهامها في المواقع المحددة لذلك. وتستغرق هذه العملية أحد عشر أسبوعاً، وبعدها ينشر الممثل الخاص قائمة موحدة لجميع المصوتين المسجلين للنظر فيها، بالتشاور مع الرئيس الحالي لمنظمة الوحدة الأفريقية، وبعد ذلك تصدر القائمة النهائية.

10. يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين لجنة الاستفتاء، بعد موافقة الجمعية العامة على ميزانية البعثة، وتكلف اللجنة بتقديم المشورة إلى الممثل الخاص بشأن التدابير اللازمة لضمان حرية الاستفتاء ونزاهته، من دون أي قيود عسكرية أو إدارية، كذلك تكلف بتنفيذ الأعمال التحضيرية اللازمة لإجراء الاستفتاء، ووضع القواعد والتعليمات، التي ستكون الإطار القانوني لتنظيم وإجراء الاستفتاء.

11. يقرر الممثل الخاص بدء حملة الاستفتاء، بعد أن يكون قد تأكد من أنه قد تمت إتاحة الفرصة لجميع سكان الصحراء الغربية في المشاركة في الحملة، كما يمكن للممثل الخاص تغيير الجدول الزمني، إذا اقتضت الضرورة ذلك، على أن تتم عملية التصويت داخل الإقليم فقط، على أن يتم تحديد وإنشاء العدد المناسب من مراكز الاقتراع في جميع أنحاء الإقليم، وعلى أساس البيانات والمعلومات، التي تم جمعها في أثناء التسجيل والإحصاء.

12. تم تحديد مهمة بعثة الأمم المتحدة خلال عملية الاستفتاء في الآتي:

أ. تأكيد وتسجيل رغبات كل سكان الصحراء الغربية في العودة إلى الوطن، إذا كانت لجنة تحديد الهوية قد سجلته ضمن من لهم الحق في التصويت.

ب. إصدار الوثائق اللازمة لسكان الصحراء.

ج. القيام بتحديد الجهة، التي ستوفر الأمن في مراكز الاستقبال، التي يتم إنشاؤها في الإقليم، لعودة سكان الصحراء الغربية.

13. في نهاية التقرير، حدد الأمين العام للأمم المتحدة أربعة شروط؛ لكي تتمكن البعثة من القيام بالمهام الموكلة إليها، تمثلت في الآتي:

أ. يجب أن تحظى البعثة في جميع الأوقات بدعم ومساندة مجلس الأمن.

ب. يجب أن يتوافر تعاون كامل، من قِبَل طرف النزاع مع البعثة، وخاصة بالنسبة لوقف جميع الأعمال العدائية.

ج. لا بد من كفالة تعاون ودعم كل من الجزائر وموريتانيا لجهود البعثة.

د. لا بد من توفير الموارد المالية اللازمة الكاملة، وفي التوقيتات المحددة.

في 29 أبريل 1991، أصدر مجلس الأمن قراره الرقم 690/1991، والذي تضمن :

1. موافقة مجلس الأمن على تقرير الأمين العام، الذي قدم يوم 19 أبريل 1991.

2. يعرب عن تأييده لكل الجهود، التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة، من أجل التنسيق والتعاون بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية، بشأن تنظيم ومراقبة استفتاء تقرير مصير شعب الصحراء الغربية.

3. يطلب من الطرفين التعاون التام مع الأمين العام للأمم المتحدة، في تنفيذ خطة التسوية بصيغتها المبينة في تقريره، المؤرخ 18 يونيه 1990، وكذلك الخطة المفصلة في تقريره 19 أبريل 1991.

4. يقرر أن يتم، تحت سلطته، إنشاء بعثة الأمم المتحدة لإجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية.

5. يقرر أن تبدأ الفترة الانتقالية، بعد فترة، أقصاها ستة عشر أسبوعاً، من تاريخ موافقة الجمعية العامة على ميزانية البعثة.

6. يطلب، من الأمين العام، أن يطلع مجلس الأمن بانتظام على سير عملية تنفيذ خطة التسوية.

في نهاية مايو 1991، قام الأمين العام للأمم المتحدة بزيارة لكل من المغرب والجزائر، حيث تمت مباحثات حول تطبيق مخطط التسوية، وكذلك تم التباحث مع أعضاء جبهة البوليساريو . وبعد هذه المباحثات، أخطر الأمين العام للأمم المتحدة، في 8 يوليه 1991 رئيس مجلس الأمن، أنه تم اقتراح توقيت وقف إطلاق النار ليكون في الساعة السادسة بتوقيت جرينتش، يوم 6 سبتمبر 1991 ، إلا أنه وقعت بعض الاشتباكات العسكرية بين الجانبين المغربي والبوليساريو، مما أدى إلى إدلاء الأمين العام للأمم المتحدة، بتصريح في 9 أغسطس 1991، وجه فيه النداء لكلا الطرفين بالامتناع عن النشاطات العسكرية، التي من شأنها أن تعرض رئيس بعثة الأمم المتحدة ـ إلينور سو ـ للخطر. وفي 3 سبتمبر 1991 أخطر الأمين العام للأمم المتحدة عزمه على نشر مراقبين عسكريين، من أجل التأكد من وقف إطلاق النار، تتمثل في عشرة مراكز للمراقبة، تم اختيارها على إثر الاشتباكات العسكرية، التي تمت، كما أعلن عن أن عدد القوات، التي تم نشرها لهذا الخصوص بلغ 240 فرداً، منهم حوالي مائة من المراقبين العسكريين . وتم تركيز وجود المراقبين العسكريين في مناطق أقنيت، وأوزرد، وبير الحلو، ومحبس، ومحازير، ومجق، وأم دريقة، وسمارة، وتيغاريتي، وزقة.

بعد أن بدأت بعثة الأمم المتحدة بتنفيذ مهامها، والتحضير لإجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية، والذي تحدد له أن يتم في 25 يناير 1992، كان من المعتقد أن تُحسم المشكلة، إلا أن التصعيد العسكري بين القوات المغربية وجبهة البوليساريو، أدى إلى تأجيل الاستفتاء في الصحراء للمرة الأولى ، حيث ظهر العديد من الصعوبات والعراقيل، التي أعاقت إجراء الاستفتاء في توقيته المحدد، وتمثلت هذه الصعوبات في الآتي:

1. تبادل طرفي النزاع للاتهامات، حول خرق وقف إطلاق النار، حيث قامت القوات المغربية بعمليات تمشيط عسكرية في المناطق المحصورة بين الجدار الأمني وحدود المملكة المغربية، مع كل من الجزائر وموريتانيا، وذلك رداً على قيام جبهة البوليساريو بدفع متسللين إلى هذه المناطق، وقيامهم بعمليات عسكرية.

2.     اعتراض المملكة المغربية على الإحصاء السكاني، الذي أجرته الإدارة الأسبانية عام 1974، وطالبت إضافة الصحراويين، الذين طردوا من الصحراء، ولذلك قدمت المملكة المغربية قوائم جديدة، تضم حوالي مائة وعشرين ألفاً، للمشاركة في الاستفتاء .

3. اعتراض المملكة المغربية على اشتراك منظمة الوحدة الأفريقية في الإشراف على عملية التحضير وإجراء الاستفتاء، حيث تعتبر منظمة الوحدة الأفريقية طرفاً غير محايد.

4. اعتراض المملكة المغربية على سلطات الممثل الخاص للأمين العام، والتي كان من هدفها مطالبة المغرب بإلغاء القوانين والإجراءات، التي تعرقل سير عمل البعثة.

في 19 ديسمبر 1991، قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً إلى مجلس الأمن تضمن الآتي :

1. بالرغم من أنه قد تم الاتفاق على تحديد يوم 6 سبتمبر 1991 لبدء وقف إطلاق النار، وهو في الوقت ذاته توقيت بدء المرحلة الانتقالية، لم يتم الاتفاق على بدء المرحلة الانتقالية؛ بسبب الانتهاكات العسكرية لوقف إطلاق النار من الجانبين.

2. أوضح التقرير أنه تم إنشاء ثلاث قيادات إقليمية في القطاعات الشمالي والوسط والجنوبي من إقليم الصحراء، كما تم إنشاء مكتب للاتصال في تندوف، بمساعدة الجزائر، كما أصبحت نقاط المراقبة العشر تعمل بالكامل، منذ 6 سبتمبر 1991، على رغم الصعوبات المناخية، التي تواجهها.

3. أشار التقرير إلى ضرورة تعديل الجدول الزمني؛ بسبب بطء تنفيذ المهام المنوطة بالبعثة، بسبب تعقيد عملية تحديد الهوية، نتيجة لتباين الآراء حول خطوات التنفيذ، فبعد أن تمكنت البعثة من إعداد قائمة منقحة لتعداد 1974، لم تتمكن من نشرها في الإقليم، لذلك يجب أن يكون هناك مساعدة من سكان الصحراء الغربية، حتى تتمكن البعثة من القيام بمهامها.

4. على رغم أن البعثة قد تمكنت من إصدار قواعد إجراء الاستفتاء، وقدمت إلى رئيس مجلس الأمن، في 11 نوفمبر 1991، وتم إعداد التعليمات المنظمة لعمل لجنة تحديد الهوية، فإنه ما زال هناك اختلاف حول تفسير خطة التسوية بين الطرفين، وخاصة فيما يتعلق بحصر القوات وعودة اللاجئين من الصحراويين إلى الإقليم.

5. تواجه لجنة تحديد الهوية صعوبات جمة، ويرجع ذلك إلى خصائص سكان إقليم الصحراء، وتقاليدهم الترحالية، والهيكل القبلي للمجتمع، إضافة إلى هجرة السكان، التي استمرت لأكثر من عقد بسبب المنازعات، إضافة إلى الهجرة لأسباب اقتصادية، ومن ثم، يصعب إجراء إحصاء شامل لسكان الصحراء، بما فيهم المتغيبون عن الإقليم.

لقد أثار هذا التقرير العديد من ردود الفعل المتباينة من قِبَل أطراف النزاع، فبالنسبة للجزائر، بعث ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة، برسالة إلى رئيس مجلس الأمن، أكد خلالها أن هذا التقرير يهدد مستقبل عملية التسوية في الصحراء الغربية، وكذلك رفضت جبهة البوليساريو هذا التقرير، مستندة إلى أن التقرير قد تبنى وجهة النظر المغربية، بالنسبة لمسألة تحديد هوية الصحراويين الذين يحق لهم المشاركة في الاستفتاء ، وكذلك رفضت منظمة الوحدة الأفريقية هذا التقرير، وطلبت من مجلس الأمن عدم الموافقة عليه .

في 28 فبراير 1992، قدم الأمين العام للأمم المتحدة ـ د/ بطرس بطرس غالي ـ تقريره إلى مجلس الأمن, وأكد فيه على استمرار الانتهاكات العسكرية بين الجانبين، وكذلك استمرار الخلافات بين المغرب وجبهة البوليساريو، بشأن معايير تحديد الهوية، بسبب عدم وجود جدول زمني واقعي لتنظيم الاستفتاء وإجرائه، وأوصى الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره، بالإبقاء على المستوى الحالي لنشاط بعثة الأمم المتحدة، على أن تكون مهمة البعثة العسكرية قاصرة على التحقق من وقف إطلاق النار، كما طالب بتمديد ولاية البعثة ثلاثة أشهر أخرى، لحل جميع المسائل العالقة، وذلك لعدم التمكن من إجراء الاستفتاء، الذي كان محدداً له 25 يناير 1992، ولم يتم إجراؤه بسبب الخلافات حول تنفيذ خطة التسوية. وبدأ الخلاف داخل الأمم المتحدة، حول تعيين الممثل الخاص للأمين العام في الصحراء الغربية، حيث كان هناك اتجاه يطالب بتعيين فيرنون والترز، إلا أن جبهة البوليساريو رفضت ذلك؛ بسبب دوره السابق في الصحراء الغربية، وفي 24 مارس 1992، تم اختيار وزير الخارجية الباكستاني السابق ـ زاده يعقوب خان ـ ليشغل منصب الممثل الخاص للأمين العام، ولقد رحبت المملكة المغربية بذلك، إلا أن جبهة البوليساريو قد رفضته.

مع تولي محمد بو ضياف رئاسة الجمهورية الجزائرية، كان هناك توجه جديد للسياسة الجزائرية تجاه مشكلة الصحراء الغربية، من خلال السعي لإنهاء هذه المشكلة . ولقد أثر هذا التغيير في السياسة الجزائرية، على موقف جبهة البوليساريو المتشدد، تجاه عملية تحديد الهوية، حيث تم الإعلان عن استعداد جبهة البوليساريو لتقديم تنازلات تتعلق بإعداد قوائم الاستفتاء، ولكن في حدود معقولة . وفي مواجهة موقف جبهة البوليساريو، أعلن الملك الحسن الثاني التزامه بالاستفتاء ، وانعكس هذا الانفراج في مشكلة الصحراء الغربية، على جهود الممثل الخاص للأمين العام، حيث تم إجراء العديد من المحادثات المنفردة مع كل طرف، تم خلالها التركيز على إعداد صيغة ضمانات، من أجل حماية الحقوق والحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للجانب، الذي لم ينجح في الاستفتاء. وتضمنت صيغة الضمانات لكل جانب، الآتي:

1. تقدمت جبهة البوليساريو بقائمتين منفصلتين للضمانات، التي تطلبها، ففي القائمة الأولى في حالة نجاحها في الاستفتاء تضمنت الآتي:

أ. الاستقرار الإقليمي.

ب. عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى.

ج. عدم التحيز في العلاقات مع البلدان المجاورة، بما في ذلك المملكة المغربية.

د. استعدادها لإقامة تعاون اقتصادي مع المملكة المغربية إلى أقصى حد ممكن، سواء علىأساس ثنائي أو في إطار اتحاد المغرب العربي.

بينما القائمة الثانية في حالة نجاح المطالبة بالاندماج، فإن جبهة البوليساريو تطلب من المملكة المغربية أن تضمن الحرية والابتعاد عن الاضطهاد والتمييز السياسي والسماح بحرية الهجرة.

2. تقدمت المملكة المغربية بقائمة ضمانات مطلوبة، أكدت فيها أنه في حالة استقلال الصحراء، تتعهد المملكة المغربية بتنفيذ كل التعهدات الدولية، وعدم القيام بأعمال تضر بكرامة الغير، كما تلتزم المملكة المغربية بضمان التأسيس السلمي، وفي حالة اندماج الصحراء الغربية مع المملكة المغربية، أكدت على توفير الضمانات، التي تطلبها جبهة البوليساريو، من أجل عدم الاضطهاد، وعدم التمييز، وحرية الحركة، بالإضافة إلى إصدار عفو عام.

في الدورة السابعة والأربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، صدر القرار الرقم 47/25، بتاريخ 25 نوفمبر 1992، وتم خلاله تأييد رأي الأمين العام، الخاص بضرورة التقيد بوقف إطلاق النار، والامتناع عن أي تصرف استفزازي، يعرض خطة التسوية للخطر، كما أعربت الجمعية العامة عن أملها في تعاون طرفي النزاع بشكل كامل مع الأمين العام وممثله الخاص في الجهود، التي يبذلانها، من أجل تحقيق تقدم سريع في خطة التسوية، كما طلبت، من اللجنة الخاصة المعنية مجال تنفيذ منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، أن تواصل النظر في مشكلة الصحراء الغربية، مع وضع عملية الاستفتاء في الاعتبار، على أن تقدم تقريرها إلى الجمعية العامة، في دورتها الثامنة والأربعين.

تقدم الأمين العام إلى مجلس الأمن، في 21 يناير 1993، بتقريره، الذي أوضح فيه طبيعة الخلاف القائم بين المغرب وجبهة البوليساريو، حول عملية تحديد الهوية، حيث تلخصت وجهة النظر المغربية بأنه من حق جميع الصحراويين المشاركة في الاستفتاء، ولذلك يجب معاملة الصحراويين، الذين لم يشملهم التعداد، الذي أجرته السلطات الأسبانية عام 1974، على قدم المساواة مع الذين شملهم التعداد، بينما رفضت جبهة البوليساريو ذلك، وأكدت أن الصحراويين، الذين شملهم تعداد 1974، يجب أن يشكلوا الأغلبية الكبرى من الأشخاص المؤهلين للمشاركة في الاستفتاء، أما الصحراويون، الذين لم يشملهم التعداد فيجب أن يشكلوا الحالات الاستثنائية. وبذلك يختلف الطرفان حول صحة الطلبات المقدمة للمشاركة في الاستفتاء، فجبهة البوليساريو تصر على الدليل المكتوب، والذي يتمثل في الوثائق الصادرة عن الإدارة الأسبانية عام 1974 أو قبلها، بينما تؤكد المغرب بأنه في المجتمع البدوي التقليدي، يجب المساواة بين الشهادات الشفوية، وبين الوثائق الرسمية، بغض النظر عن مصدرها. ولقد تضمن تقرير الأمين العام عدة خيارات تتعلق بعمل البعثة، تمثلت في الآتي :

1. الاستمرار في إجراء المحادثات وتكثيفها، إن أمكن، على رغم أن احتمال النجاح ضئيل.

2. التنفيذ الفوري لخطة التسوية، على أساس التعليمات باستعراض طلبات الاشتراك في الاستفتاء من دون تعاون من أحد الطرفين.

3. الأخذ بنهج بديل، لا يستند إلى خطة التسوية.

بتاريخ 2 مارس 1993، أصدر مجلس الأمن قراره الرقم 809، والذي تضمن مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بتكثيف الجهود لإيجاد الحلول للمسائل، المتعلقة بتفسير وتطبيق معايير أهلية الصحراويين، وفقاً للمعايير، التي حددها الأمين العام في تقريره بتاريخ 21 يناير 1993، كذلك طلب مجلس الأمن استمرار مشاورات الأمين العام مع طرفي النزاع؛ للبدء في تسجيل الناخبين بدءاً بالقوائم المستكملة لتعداد عام 1974، على أن يقدم الأمين تقريراً، لا يتجاوز مايو 1993، عن احتمالات وأساليب إجراء الاستفتاء؛ بغية أن يتم الاستفتاء في موعد، لا يتجاوز نهاية عام 1993.

في 31 مايو 1993، بدأ الأمين العام للأمم المتحدة جولة في المنطقة، في إطار سعيه لإيجاد الحلول المناسبة لتنفيذ مخطط التسوية، حيث سعى إلى خلق المناخ المناسب للتفاهم بين طرفي النزاع، ووجه الدعوة لعقد لقاءات، في مدينة العيون، خلال يوليه 1993، وفي مدينة نيويورك خلال أكتوبر 1993، إلا أنه في اجتماع العيون طلبت جبهة البوليساريو من المغرب أن يمثل الوفد أعضاء من الحكومة المغربية، لكن المملكة المغربية شكلت وفدها من شيوخ القبائل الصحراويين، ومن أعضاء المجلس الاستشاري للصحراء . ومع هذا التباين في المواقف، حدد الأمين العام للأمم المتحدة، في تقريره إلى مجلس الأمن في 28 يوليه 1993، موقفاً، طرح فيه الحل التوفيقي، الذي عرضه على الطرفين، والذي يتعلق أساساً بمعايير الأهلية للاشتراك في الاستفتاء، وتحدد هذا الحل في الآتي:

1. الأشخاص الذين ترد أسماؤهم في قائمة تعداد 1974، كما نقحتها لجنة تحديد الهوية استناداً للمعلومات، التي قدمها كلا الطرفين.

2. الأشخاص، الذين كانوا يعيشون في الإقليم كأفراد قبيلة صحراوية، وقت إجراء تعداد عام 1974، ولم يتم إحصاؤهم، عليهم أن يثبتوا أنهم أفراد من إحدى الأفخاذ الصحراوية، التي شملها تعداد عام 1974، وأنهم كانوا يقيمون في الإقليم وقت إجراء التعداد.

3. أفراد الأسرة من الدرجة الأولى، من المجموعتين الأولى والثانية ـ الأب والأم والأبناء ـ بعد أن يثبتوا صلة القرابة من الدرجة الأولى مع الصحراويين، الذين تقررت أهليتهم للاشتراك في الاستفتاء.

4. الأشخاص، الذين ينحدرون من أب صحراوي مولود في الإقليم، إذا لم تنطبق عليهم المعايير الثلاثة السابقة، يمكنهم الاشتراك في الاستفتاء، على أساس أنهم لم يكونوا في الإقليم وقت إجراء الاستفتاء، أو أنهم عجزوا عن إثبات أنهم كانوا موجودين في الإقليم وقت التعداد.

5. الأشخاص وأفراد القبائل الصحراوية المنتمية إلى الإقليم، والذين أقاموا فيه لفترة ست سنوات متواصلة، أو لفترات متقطعة قوامها اثنتا عشرة سنة، قبل ديسمبر 1974، وينطبق هذا المعيار على الأشخاص، الذين لم تشملهم المعايير السابقة.

6. يتم إثبات الأحقية في الاستفتاء، من خلال الوثائق، التي تشمل جوازات السفر، وبطاقات الهوية، والسجلات العائلية، وشهادات الميلاد، وعقود الزواج، وشهادات الوفاة، وتصاريح الإقامة، كما يحق لشيوخ الأفخاذ الصحراوية المشمولة في تعداد 1974، الإدلاء بشهاداتهم أمام لجنة تحديد الهوية، وذلك دعماً للطلبات الفردية للاشتراك في الاستفتاء.

7. تكلف لجنة تحديد الهوية بوضع القائمة النهائية، للمؤهلين في الاشتراك في الاستفتاء، من أهالي الصحراء، تحت إشراف الممثل الخاص للأمين العام، وتتشكل لجنة تحديد الهوية من:

أ. المكاتب المحلية للجنة تحديد الهوية، المكلفة بتحديد الهوية وتسجيل الناخبين، بالإضافة إلى التحقيق في الطعون.

ب. اللجنة المركزية لتحديد الهوية، ومهمتها البت، بصورة نهائية، في الطعون، ويمكن أن تنشئ لجاناً فرعية لمساعدتها.

في 4 أغسطس 1993، وافق مجلس الأمن على تقرير سكرتير عام الأمم المتحدة، كما رحب بالتزام طرفي النزاع، بتنفيذ خطة السلام بكاملها، وخاصة بعد أن وافقوا على الحل التوفيقي، المتعلق بتطبيق معايير تحديد الهوية، كما اعتبر المجلس أن المباحثات المباشرة بين طرفي النزاع، والتي تمت خلال 17-19 يوليه 1993، تطور إيجابي نحو إنهاء المشكلة. وبعد أن عقد العديد من اللقاءات، بين مندوبي الأمم المتحدة وكلا الطرفين، قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريره إلى مجلس الأمن، في 24 نوفمبر 1993 ، بشأن موقف طرفي النزاع من الحل التوفيقي، الذي اقترحه الأمين العام، وعلى رغم وجود معارضة من الجانبين، وافقا على اعتبار الانتماء إلى بطن فرعي صحراوي موجود في الإقليم شرطاً مسبقاً للأهلية، طبقاً لأي من المعايير التوفيقية السابقة. ولذلك تحدد أن يضم جمهور الناخبين المحتملين، أفراد جميع البطون الفرعية والقبلية الصحراوية، دون سواها، والتي كانت ممثلة في تعداد 1974، بصرف النظر عن تعداد أفراد هذه البطون الفرعية، الذين أحصوا في تعداد 1974. وأوضح الأمين العام، في تقريره، أن المشكلة، التي تواجه تحديد الهوية، هي عدم تعريف الشعب الصحراوي، حيث إن مسألة تحديد من هو الساكن الأصلي، ومن هو ليس بالساكن الأصلي، أصبحت أمراً معقداً، ونظراً لعدم التمكن من إنهاء مسألة تحديد الهوية، طلب الأمين العام من مجلس الأمن، تمديد ولاية اللجنة إلى عام 1994، على أمل إجراء الاستفتاء في منتصفه. وفي 6 ديسمبر 1993، وافق مجلس الأمن على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة.

سعت الأمم المتحدة، منذ بداية عام 1994، إلى تفعيل خطة التسوية، من خلال عدة تحركات دبلوماسية، لممثل الأمين العام، إلى عواصم أطراف النزاع والدول المعنية، كما قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريره إلى مجلس الأمن، في 10 مارس 1994، وضح فيه أن المهمة العسكرية للبعثة تقتصر على رصد وقف إطلاق النار فقط، كما أن ولاية وحدة الأمن التابعة للبعثة، تمثلت في المحافظة على النظام، في مكاتب تحديد الهوية والتسجيل، ومراقبة نشاطات قوات الشرطة المدنية، إلا أن جبهة البوليساريو ما زالت متشككة من عمل لجنة تحديد الهوية، خاصة حيال الحل التوفيقي بشأن تفسير وتطبيق معايير وطرق تحديد هوية الناخبين المحتملين. وحدد الأمين العام للأمم المتحدة ثلاثة خيارات، أمام مجلس الأمن، تمثلت في الآتي:

الخيار الأول: يقرر مجلس الأمن إجراء الاستفتاء، بغض النظر عن تعاون الطرفين، على أن تقوم لجنة تحديد الهوية بتحليل بيانات مقدمي الطلبات، ونشر نتائج التحليل، خلال الفترة، من مارس وحتى مايو 1994، واعتباراً من 1 يونيه 1994، تبدأ اللجنة بتحديد هوية الأشخاص المؤهلين للاشتراك في الاستفتاء، وتسجيلهم بصفة ناخبين مؤهلين للانتخاب، وتنتهي اللجنة من أعمالها في سبتمبر 1994، وبموافقة الأمين العام على القائمة النهائية للناخبين يتم نشرها.

الخيار الثاني: يصدر مجلس الأمن قراراً، ينص على مواصلة لجنة تحديد الهوية عملها، على أن تنتهي في 30 يونيه 1994، وخلال هذه الفترة تقوم اللجنة بتحليل جميع الطلبات، وتحديد هوية الناخبين المحتملين وتسجيلهم، ويتم ذلك على أساس الاقتراح التوفيقي وخطة التسوية، وخلال هذه الفترة، تواصل الأمم المتحدة جهودها؛ للحصول على التعاون اللازم من كلا الطرفين، وفي نهاية الفترة، يقرر مجلس الأمن أسلوب العمل للمرحلة التالية.

الخيار الثالث: يعلن مجلس الأمن أنه في الوقت الراهن، لا يمكن تحقيق تعاون مع طرفي النزاع، لإنجاز عملية التسجيل وتحديد الهوية، ويقرر إما إنهاء عملية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية بأكملها، على مراحل وفي غضون إطار زمني محدد، أو إيقاف عملية التسجيل، وتحديد الهوية، مع الإبقاء على وجود عسكري محدد للأمم المتحدة؛ للإشراف على اقتراح وقف إطلاق النار.

في 23 مارس 1994، أصدر مجلس الأمن، بالإجماع، قراره الرقم 907/1994، والذي تضمن موافقته على تقرير الأمين العام المؤرخ 10 مارس 1994، كما عبر عن قلقه بسبب تأخر عمل لجنة تحديد الهوية، كما وافق على الخيار الثاني، وطلب مجلس الأمن، من الأمين العام، تقديم تقرير، في فترة لا تتجاوز15 يوليه 1994، عن مدى التقدم في عمل لجنة تحديد الهوية، والجوانب الأخرى من خطة التسوية، وكان المغرب قد أعلن مسبقاً عن موافقته على الخيار الأول، بينما قبلت جبهة البوليساريو البدء في عملية تسجيل الصحراويين المقيمين بمنطقة تندوف، لاستكمال إجراءات تحديد الهوية ، وفي تقرير سكرتير عام الأمم المتحدة، في 15 يوليه 1994، اقترح أن يكون 14 فبراير 1995 موعداً لإجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية، على أن تبدأ عملية قبول طلبات تسجيل الهوية، للذين سيشاركون في الاستفتاء، يوم 31 أغسطس 1994، وتضمن التقرير بعض النقاط الرئيسية، التي تمثلت في تخفيض القوات المغربية المرابطة في إقليم الصحراء، وتبادل الأسرى، والإفراج عن السجناء السياسيين، كما تم تحديد أول أكتوبر 1995، لبدء الفترة الانتقالية، وكذلك الإشارة إلى إشراك ممثلين عن منظمة الوحدة الأفريقية، في مراقبة تنظيم وإجراء الاستفتاء، وكذلك في أعمال لجنة تحديد الهوية ولجنة الاستفتاء، وتحفظت المغرب على تقرير الأمين العام، حيث انتقدت المواقع، التي اقترحها لحصر قوات جبهة البوليساريو فيها، كما اعترضت، أيضاً، على إشراك ممثلين عن منظمة الوحدة الأفريقية في لجنة تحديد الهوية، بينما اعترضت جبهة البوليساريو على حمل ممثلي منظمة الوحدة الأفريقية بطاقات، تحمل اسم بعثة الأمم المتحدة، وليس اسم منظمة الوحدة الأفريقية، وأدت هذه التطورات إلى أن يصدر مجلس الأمن، في 15 نوفمبر 1994، بياناً يعبر فيه عن قلقه، تجاه بطء عملية تحديد الهوية. وبعد إصدار هذا البيان، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أن الاستفتاء في الصحراء الغربية سيتم في أكتوبر 1995.

في الدورة التاسعة والأربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، صدر القرار الرقم 49/44، بتاريخ 9 ديسمبر، والذي أعربت فيه عن أملها في أن تستأنف المحادثات المباشرة بين الطرفين، كما أيدت قرار مجلس الأمن، الذي يوضح إمكانية تغير موقف الأمم المتحدة، تجاه مشكلة الصحراء الغربية؛ لمواجهة التأجيلات المتكررة للاستفتاء، وتأكد ذلك الموقف في قرار مجلس الأمن رقم 973/1995، بتاريخ 12 يناير 1995، والذي قرر خلاله، استمرار بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، إلى يوم 31 مايو 1995، على أن يعاد النظر في إمكانية تمديد ولاية البعثة، بناء على التقدم في خطة التسوية. وفي 19 مايو 1995، قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريره إلى مجلس الأمن، بشأن الإنجازات، التي تمت في خطة التسوية، والذي وضح خلاله استمرار وجود عقبات عديدة، تواجه عمل البعثة، ولذلك، أصدر مجلس الأمن في 26 مايو 1995 قراره الرقم 995/1995، بشأن إرسال بعثة تابعة لمجلس الأمن، بهدف حث الطرفين، على ضرورة التعاون، بصورة كاملة، مع البعثة؛ لتنفيذ خطة التسوية، مع تقويم التقدم، الذي تم إحرازه في عملية تحديد الهوية، مع مراعاة أن الموعد النهائي لإجراء الاستفتاء سيكون يناير 1996 .

بدأت بعثة مجلس الأمن بزيارة المنطقة، في 3 يونيه 1995، حيث اجتمعت مع وفود الجانبين، وضح، خلالها، استمرار تباين الآراء والخلافات بين الجانبين، حيال مسألة تحديد الهوية، ولقد وضح الأمين العام للأمم المتحدة، في تقريره، يوم 8 سبتمبر 1995، والذي تناول الوضع في الصحراء الغربية، أنه قد تم تحديد هوية 40% من مقدمي الطلبات في الإقليم، وحوالي 51% من مقدمي الطلبات في مخيمات اللاجئين، ووصل عدد من تم تحديد هويتهم حوالي ثلاثة وخمسين ألف فرد. وفي 19 يناير 1996، قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريره إلى مجلس الأمن، وتناول فيه مشكلة الصحراء الغربية، وأعلن خلاله استحالة إجراء الاستفتاء في شهر مايو 1996. ولذلك اقترح الأمين العام إما تمديد ولاية البعثة حتى 31 مايو 1996، أو إعداد خطة لسحب البعثة على مراحل . وفي 31 يناير 1996، أصدر مجلس الأمن قراره الرقم 1042/1996، والذي أكد فيه التزامه بالعمل على إجراء استفتاء حر لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية، إلا أنه أعرب عن قلقه، تجاه عملية تحديد الهوية، كما طلب، من الأمين العام، في حالة عدم إحراز تقدم ملموس، أن يقدم برنامجاً تفصيلياً لعملية سحب البعثة تدريجياً، وفقاً للخيار الثاني، الذي أعلنه في تقريره يوم 19 يناير 1996. وفي 8 مايو 1996، قدم الأمين العام تقريره إلى مجلس الأمن، والذي وضح خلاله وجود حوالي 156 ألف و924 متقدماً، لم تحدد، بعد، هويتهم، ولذلك اقترح الأمين العام تعليق عملية تحديد الهوية، إلى أن يقدم الطرفان دلائل مقنعة عن رغبتهم باستئناف عملية تحديد الهوية. وافق مجلس الأمن، يوم 29 مايو 1996، على توصية الأمين العام للأمم المتحدة، والخاصة بتعليق عملية تحديد الهوية، كما أيد الاقتراح الخاص بتخفيض قوام العنصر العسكري للبعثة، بنسبة 20%، إلا أنه قرر تمديد ولاية البعثة، إلى 30 نوفمبر 1996. وأخطرت جبهة البوليساريو الأمين العام للأمم المتحدة، عن مخاوفها من توقف عملية تحديد الهوية، وهددت بالعودة إلى العمل العسكري، إذا لم يجر الاستفتاء، بينما وجهت المغرب الاتهامات، لجبهة البوليساريو، بعرقلة عملية التسوية.

مع تولي كوفي عنان لمهام منصبه، سكرتيراً عاماً للأمم المتحدة، قدم تقريراً إلى مجلس الأمن، في 5 مايو 1997، أعلم فيه المجلس بأنه قد عين جيمس بيكر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، مبعوثاً شخصياً له لشؤون الصحراء الغربية، ليسهم في دفع أزمة الصحراء إلى الأمام، ويكون منوطاً به التوفيق بين الأطراف المتنازعة، وتذليل العقبات، التي تعترض الاستفتاء، مع منحه الضوء الأخضر، للبحث عن حل آخر، إذا تعذر تنظيم الاستفتاء.

جيمس بيكر سياسي مُحنك، على المستويين الداخلي والخارجي، فعلى صعيد السياسة الداخلية، هو متخصص في إدارة الحملات الانتخابية، إذ قاد الحملات الانتخابية لثلاثة رؤساء، جيرالد فورد، ورونالد ريجان، وجورج بوش.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، عمل خلال فترة ريجان، كبيراً للموظفين في البيت الأبيض، وعضواً في مجلس الأمن القومي، واختاره بوش ليكون وزيراً للخارجية في حكومته، وليصبح وزير الخارجية الحادي والستين للولايات المتحدة الأمريكية، في فترة، تعد من الفترات الحرجة، التي واجهت السياسة الأمريكية، وهي فترة حرب الخليج الثانية، فكان له دور فعال في إدارتها بنجاح.

وأيد مجلس الأمن، في قراراته، جهود الممثل الخاص، مثلما جاء في الفقرة الثانية من القرار الرقم 1084، بتاريخ 27 نوفمبر 1996. وطلب الأمين العام، من مبعوثه الشخصي، إجراء تقويم شامل، لمدى قابلية الأطراف لتنفيذ خطة التسوية، وتحديد الوسائل، التي من خلالها يمكن استئنافها، وفي حالة عدم إمكانية ذلك، يتم تحديد الوسائل، التي من خلالها يمكن تحريك عملية السلام . وكان المبعوث الخاص، قد بدأ زيارته للمنطقة ومقابلة أطراف النزاع، في أبريل 1997 ، وتمكن جيمس بيكر، من إجراء مفاوضات مباشرة مع كلا الطرفين، مستخدماً منهاجية، استندت على:

1. استكمال ما سبق من جهود.

2. السرية التامة في المفاوضات، وعدم الإعلان عن ما تم الاتفاق عليه.

3. إتباع منهج الخطوة خطوة، في إطار إستراتيجية أشمل.

4. في حالة فشل جهوده، سوف يحدد علناً المسؤول عن إجهاض التوصل إلى تسوية .

قام جيمس بيكر بتوجيه دعوة لأطراف النزاع، إضافة إلى الجزائر وموريتانيا؛ لإجراء مباحثات مباشرة وسرية، في 23 يونيه 1997 بلشبونة. وخلال هذه الجولة، أنهي بعض المشاكل المتعلقة بعملية تحديد الهوية بين الطرفين. وفي الجولة الثانية من المحادثات المباشرة، التي تمت خلال الفترة 19-20 يوليه 1997، اتفق على إنهاء بعض القضايا المتعلقة بتحديد الهوية، وكذلك اتفق على أن تبدأ مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالإعداد لعملية عودة اللاجئين، إلى وطنهم. وفي الجولة الثالثة من المفاوضات المباشرة، في لشبونة في 29 أغسطس 1997، اتفق على تخفيض القوات المغربية، وإبقائها داخل معسكراتها، وفقاً لأحكام خطة التسوية، وكذلك اتفق على أن تبقى قوات جبهة البوليساريو في معسكراتها، بشرط ألا تزيد عن ألفي فرد، داخل المعسكرات الموجودة في إقليم الصحراء الغربية، وحوالي مائتي فرد في موريتانيا، وما يزيد عن ذلك، يسبقون في الجزائر، كذلك اتفق على إعادة جميع أسرى الحرب إلى وطنهم، مع الإفراج عن جميع السجناء والمحتجزين السياسيين الصحراويين. وفي الجولة الرابعة من المفاوضات، والتي تمت في هيوستن، خلال الفترة من 14-16 سبتمبر 1997، اتفق على الالتزام بتنفيذ الاتفاقات السابقة، إضافة إلى التزام الأمم المتحدة بتنفيذ استفتاء حر، وكذلك وافق الطرفان على أن الممثل الخاص سيحدد موعد بداية حملة الاستفتاء، عند تنفيذ كل الالتزامات، وكذلك اتفق على أن يخول الممثل الخاص سلطة إصدار اللوائح المنظمة لتنفيذ الاستفتاء، كما يحق للطرفين المشاركة في حملة الاستفتاء بحرية، كما اتفق على حظر حيازة أي سلاح، في أثناء حملة الاستفتاء، ولا يجوز عقد أو تنظيم اجتماعات أو مظاهرات، لأكثر من ثلاثين فرداً، بدون إذن كتابي مسبق. كما اتفق على دعوة منظمة الوحدة الأفريقية لمراقبة عملية الاستفتاء، وفقاً لخطة التسوية.

من السابق، يتضح أن تعيين جيمس بيكر، مبعوثاً شخصياً للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء الغربية، نقطة تحول في قضية الصحراء الغربية، فلقد استطاع جيمس بيكر أن يحصل على موافقة طرفي النزاع، على جميع المسائل، التي كانت تعيق تنفيذ خطة التسوية، من خلال عقد مفاوضات مباشرة بين الطرفين، وتعتبر، في حد ذاتها، إنجازاً لم يتحقق من قبل، حيث اتفق الجانبان على المسائل الخاصة بتحديد الهوية، كما اتفقا على إبقاء القوات في معسكراتها، وكذلك اتفقا بشأن أسرى الحرب والسجناء والمحتجزين السياسيين . وفي 15 نوفمبر 1997، قدم الأمين العام تقريره، إلى مجلس الأمن، والذي أكد فيه على الاتفاقات، التي توصل إليها طرفا النزاع، إلا أنه حدد توقيت انتهاء لجنة تحديد الهوية في 31 مايو 1998، على أن يعلن العفو العام الشامل، خلال هذا التوقيت، كما يطلق سراح جميع أسرى الحرب، واعتباراً من 7 مايو 1998، تقوم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بتنفيذ عملية العودة الطوعية لسكان الصحراء الغربية، على أن تنتهي من تنفيذ مهمتها، في أول نوفمبر 1998، وبذلك تبدأ حملة الاستفتاء، خلال الفترة 16 نوفمبر ـ 6 ديسمبر 1998، على أن ينفذ الاستفتاء يوم 7 ديسمبر 1998. وفي 26 يناير 1998، وافق مجلس الأمن على نشر وحدة هندسية لنزع الألغام، وطاقم إداري إضافي للمعاونة ، كما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنه قد حددت هوية حوالي 101772 فرداً، وحتى يمكن لبعثة الأمم المتحدة من تحديد الهوية، طلب تمديد ولاية البعثة حتى 20 يوليه 1998. وأدى تجدد الخلاف حول تحديد الهوية، إلى استمرار عملية تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة، وبذلك أصبحت مشكلة تحديد الهوية للصحراويين، الذين يحق لهم الاشتراك في استفتاء تقرير المصير، هي موضوع الخلاف الرئيسي، بين طرفي النزاع، على الرغم من تعدد وتنوع محاولات مجلس الأمن، من خلال الأمين العام للأمم المتحدة، للتوفيق بين طرفي النزاع .

وأدت العقبات، التي واجهت إتمام عملية تحديد الهوية، إلى استحالة إجراء الاستفتاء في 7 ديسمبر 1998، كما كان مقرراً من قبل، على الرغم من قيام الأمين العام للأمم المتحدة بزيارة طرفي النزاع، خلال شهر نوفمبر 1998؛ لإقناعهم بالتوصل إلى حل عقبات تحديد الهوية. ومع استمرار تمسك طرفي النزاع بموقفه، تقدم الأمين العام للأمم المتحدة بتقريره إلى مجلس الأمن، والذي تضمن اقتراحه بتأجيل الاستفتاء، إلى ديسمبر 1999 . وفي 17 ديسمبر 1998، أصدر مجلس الأمن قراره الرقم 1215/1998، والذي وافق فيه، بالإجماع، على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة، حتى 13 يناير 1999، كذلك طلب، من الأمين العام للأمم المتحدة، تقديم تقرير كل شهر، حول التطور في تنفيذ خطة التسوية وعن الحالة في الصحراء الغربية، ونتج عن ذلك، تأجيل موعد تنفيذ الاستفتاء إلى مارس 2000 . ومنذ ذلك التاريخ، بدأ الانقسام غير المعتاد يسود مناقشات أعضاء مجلس الأمن، التي تدور حول مشكلة الصحراء الغربية، ولم يكن غياب الإجماع على إصدار القرارات، بسبب الخلاف على تمديد عمل بعثة الأمم المتحدة والمشكلة من 310 فرداً، ولكن انعكاساً لاستياء بعض أعضاء المجلس، من التأخير المستمر لإجراء الاستفتاء، بسبب الخلاف على قوائم تحديد الهوية. ومع ذلك، فإن ممثلي جبهة البوليساريو ما زالوا متمسكين بإجراء الاستفتاء، لحل مشكلة الصحراء الغربية، وكذلك المملكة المغربية، إلا أن البوليساريو، بإصرارها على إجراء الاستفتاء، تكون قد نجحت في تعطيل تنفيذه، من خلال اعتراضاتها المتكررة على قوائم تحديد الهوية .