إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / مشكلة الصحراء الغربية (البوليساريو)





أماكن الاستعمار الفرنسي والإسباني
الحدود المغربية "المغرب الكبير"
الحرب الجزائرية ـ المغربية

ولايات المغرب العربي
الأهمية الاقتصادية للصحراء الغربية
المدن ومراكز التوطن الرئيسية
التقسيم الإداري والجغرافي
الدولة البربرية بشمال أفريقيا
الحدود التقريبية للمغرب العربي
الفتوحات الإسلامية من 22 – 64 هـ
الفتوحات الإسلامية من 69 – 92 هـ
توزيع المجموعات القبلية
تقسيم الصحراء الغربية
حدود موريتانيا والصحراء الغربية



المبحث العاشر

المبحث الحادي عشر

المفاوضات المباشرة عام 2007

أولاً: المفاوضات المباشرة بين الطرفين

1. موقف الأطراف

أ. اتسمت هذه المرحلة بانتهاء ولاية الأمين العام للأمم المتحدة "كوفي آنان"، وتولي "بان كي مون" ولاية الأمم المتحدة كسكرتير عام للمنظمة. وهذا يعني بذل كثيراً من الجهود لمحاولة التوصل إلى حل تقبله الأطراف، لنزاع استمر لفترة ولاية ثلاثة أمناء للأمم المتحدة. ويلاحظ أن فترة الأمين العام "بان كي مون" تميزت بجولتي مفاوضات مباشرة بين طرفي المشكلة.

ب. في 8 مارس 2007، أرسل الأمين العام لجبهة البوليساريو وثيقة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تلخص موقف جبهة البوليساريو من المقترح الذي أعلنه المغرب. وأوضحت الوثيقة أن مشكلة الصحراء الغربية تعد بمثابة مسألة لتصفية الاستعمار، ولذلك ينبغي حلها على أساس مبدأ حق تقرير المصير من طريق إجراء استفتاء.

ج. في 19 مارس 2007، سلم وزير خارجية الجزائر رسالة من الرئيس الجزائري إلى الأمين العام للأمم المتحدة. وشددت الرسالة على مسؤولية الأمم المتحدة تجاه شعب الصحراء الغربية، والتزامها بتنفيذ إنهاء الاستعمار، من خلال إجراء استفتاء حر لتقرير مصير شعب الصحراء.

د. زار وفد مغربي رفيع المستوى باريس وواشنطن، للحصول على تأييد دولي لموقف المغرب. وقد وصفت باريس الخطة المغربية بأنها خطة بناءة، ودعت الأطراف إلى التعاون معاً للحل. أما الولايات المتحدة الأمريكية فصرحت بأنها تنتظر الصيغة النهائية للخطة المغربية، التي سوف تُرفع إلى مجلس الأمن.

هـ. أعلن أحد أعضاء البرلمان الإسباني أن الخطة المغربية للحكم الذاتي تنتهك القواعد والمبادئ التي تطبقها الأمم المتحدة، حيث تتعارض مع مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية، وخاصة مبدأ حق تقرير المصير، ومبدأ عدم جواز الأخذ بالمقترحات أحادية الجانب.

و. سلّم ممثل جبهة البوليساريو في نيويورك، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، في 10 أبريل 2007، تضمنت مقترحاً مقدماً من الجبهة لإيجاد حل سياسي بالتراضي، ينص على تقرير شعب الصحراء المغربية لمصيره.

ز. أصدر مجلس الأمن القرار الرقم 1754، في 30 أبريل 2007، يرحب فيه بالجهود المغربية للتسوية، وطالب الطرفين الدخول في مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة، مع وضع هذه المفاوضات تحت رعايته. ثم قرر المجلس تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية حتى 31 أكتوبر 2007.

2. الجولة الأولى من المفاوضات

أ. استناداً إلى قرار مجلس الأمن الرقم 1754، وجه الأمين العام للأمم المتحدة رسالة إلى كل من المغرب وجبهة البوليساريو، ومن الجزائر وموريتانيا، بوصفهما دولتي جوار، لإرسال مندوبيهم إلى نيويورك لعقد مفاوضات تحت رعايته.

ب. عُقدت الجلسة الأولى يومي 18 و19 يونيه 2007، تحت رعاية الأمين العام بمدينة نيويورك، ودارت بشكل مقبول. وحضر الجلسة الافتتاحية الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ممثلاً عن "بان كي مون"، ومجموعة من الدول تضم فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

ج. تشبث المغرب بخطة الحكم الذاتي، وصرح الوفد المغربي أن المبادرة المقدمة قابلة للتعديل والنقاش، بشرط ألا تمس السيادة المغربية ووحدة أراضيه.

د. أما جبهة البوليساريو، فكان رأيها أن المغرب حضر للمفاوضات بغرض فرض الأمر الواقع وفرض حل من طرف واحد، وضرورة إجراء الاستفتاء، وأنها لن تتنازل عن مبدأ حق تقرير المصير.

هـ. أقرت الأمم المتحدة بصعوبة المفاوضات، وقالت المتحدثة باسم المنظمة الدولية: "أن الجولة الأولى تشكل بداية عملية طويلة لن تكون سهلة"، ومن ثم فإن مهمة المبعوث الشخصي للأمين العام في الصحراء "بيتر فان والسوم"، والمشرف بشكل مباشر على المفاوضات، صعبة للغاية.

و. أكدت الحكومة المغربية، على لسان الناطق الرسمي باسمها "محمد نبيل عبدالله"، أن مبادرة المغرب بمنح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية، تشكل القاعدة الأكثر ملاءمة لحل سياسي ونهائي للنزاع. ويتضح إصرار المغرب على عدم التفريط في الصحراء، من خلال تأكيد العاهل المغربي في خطابه في مدينة طنجة، في 30 يوليه 2007، "أن المغرب على استعداد دائم للتفاوض على الحكم الذاتي فقط، وأن الحكم الذاتي المتوافق حوله لن يكون إلا في إطار سيادة المملكة المغربية الكاملة والدائمة غير القابلة للتصرف والتي لا مساومة فيها، ووحدتها الوطنية التي لا تفريط فيها، وحوزتها الترابية غير القابلة للتجزئة".

ز. أما البوليساريو، فتصف موقف العاهل المغربي تجاه القضية "بالمتشدد"، إذ أعرب رئيس جبهة البوليساريو "محمد عبدالعزيز"، في 31 يوليه 2007، في اليوم التالي لخطاب الملك المغربي، عن اعتقاده بأن الملك يتبنى موقفاً جامداً ومتشددا\ً تجاه التسوية، وأن ذلك الموقف يهدد بإجهاض جهود الحل، وأن البوليساريو لن تقدم أي تنازل بشأن مبدأ تقرير المصير أثناء المفاوضات.

3. الجولة الثانية من المفاوضات

أ. استؤنفت الجولة الثانية، في 10 أغسطس 2007، واقتصرت فيها المفاوضات على أعضاء الوفدين الصحراوي والمغربي في جلسات مغلقة، وحضر جلسات الافتتاح والختام كل من الجزائر وموريتانيا.

ب. ترأس الوفد المغربي وزير الداخلية، ما يعطي انطباعاً بأن النزاع هو قضية داخلية، وأن النهاية لن تتجاوز حكماً ذاتياً.

ج. يرى بعض المحللين أن ثمة نقطة خلاف رئيسية في الإطار الذي تدور فيه المفاوضات، وتتعلق بقرار مجلس الأمن الرقم 1754، الذي طالب الطرفين بالدخول في المفاوضات، واكتفى بذلك دون أن يطرح تصوراً أو خطة محددة للأطراف المعنية يجري حولها التفاوض، أو رؤية واضحة للحل النهائي الذي تصل إليه المفاوضات.

د. تعطي هذه المباحثات بارقة أمل في حل القضية. فقد عبّر أعضاء الوفد المغربي عن تفاؤلهم وثقتهم، وأيضاً عن أسفهم للموقف الجامد للطرف الآخر، وأشارو إلى أن المناقشات التي جرت على مدى يومين انصبت على نقاط أساسية. وذكر رئيس الوفد المغربي "أننا نعتبر أن الجولة الأولى من المفاوضات كانت جولة ربط الاتصال، وأن الجولة الثانية لتبادل وجهات النظر حول آليات تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1754، وحول الموضوعات المتعلقة بالحكم الذاتي". وأضاف أن المغرب أعطى موافقته المبدئية على المشاركة في جولة ثالثة، موضحاً أن موعد ومكان هذه الجولة لم يحددا، بعد.

هـ. أما وفد البوليساريو، فقد وصف هذه الجولة بأنها مفيدة على الرغم من التوتر الذي سادها، بسبب غياب المرونة من الجانب المغربي، الذي ظل متشبثاً بنهجه السياسي؛، بينما عدّ مجلس الوزراء الصحراوي الجولة الأخيرة من المفاوضات المباشرة حدثاً إيجابياً، وأبدى الاستعداد للتعاون مع الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل عادل ونهائي، يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال.

و. ورد ضمن كلمة رئيس وفد جبهة البوليساريو أن الصحراء الغربية لا تزال مدرجة لدى الأمم المتحدة كإقليم خاضع لتصفية الاستعمار، لا يمارس عليه المغرب أي سيادة، ومن ثم لا يمكن اعتباره كولاية مغربية في حاجة إلى درجة ما من الحكم الذاتي. وأن الحكم الذاتي لا يمكن أن يكون إلا خياراً مع الاستقلال، يجب أن يقدما للاختيار الوطني لشعب الصحراء في استفتاء حر تشرف عليه الأمم المتحدة. فإذا ما أدى الاستفتاء إلى الحكم الذاتي، فإن الجبهة ستحترم النتيجة، وإذا ما قاد الاستفتاء إلى الاستقلال، فإن على المملكة المغربية أن تقبل تلك النتيجة. والأمر الجديد المطروح هو الإرادة الصادقة في أن نتقاسم مع المملكة المغربية التضحيات الضرورية لإقامة سلام دائم وعادل ومفيد للطرفين.

ز. يلاحظ أن جولة المفاوضات تطرقت إلى عدد من المسائل المتعلقة بالثقة بين الأطراف، والبدء في دراسة بعض القضايا، مثل الموارد الطبيعية والإدارة المحلية. وأشار بعض المحللين إلى أنها أعطت دفعاً لمسارات التفاوض، وأن الدخول في مفاوضات جادة دون وضع أي عراقيل يُعد أمراً إيجابياً. وصرح رئيس الوفد المغربي أن المغرب وافق مبدئياً على المشاركة في جولة ثالثة، إذا لزم الأمر

ثانياً: ردود الفعل وتداعيات الصراع

1. ردود الفعل

تباينت ردود الفعل إزاء المفاوضات، ولكنها أبدت الرغبة الأكيدة في تسوية الصراع الذي استمر لفترة طويلة. وظهر التوجه لدى القوى الكبرى إلى دعم المبادرة المغربية، التي تتأسس على الحكم الذاتي تحت سيادة مغربية.

أ. الأمم المتحدة

قدم الأمين العام تقريره الرقم 619، بتاريخ 19 أكتوبر، والذي أوضح فيه أن المغرب أجرت انتخابات برلمانية في سبتمبر 2007، شملت إقليم الصحراء الغربية، على اعتبار أنه تابع للمغرب. كما ذكر التقرير أن كلا الاجتماعين للمفاوضات لم يسفرا عن تنفيذ الفقرة الثانية من قرار مجلس الأمن الرقم 1754 لعام 2007، بمعنى أن الطرفين لم يدخلا في مفاوضات حقيقية، وأن السبب يرجع إلى الاختلاف حول تفسير دعوة مجلس الأمن لهما على الدخول في مفاوضات، دون شروط مسبقة.

ذلك أن وجهة نظر المغرب في الاعتراف بسيادته على إقليم الصحراء؛ ووجهة نظر جبهة البوليساريو في إجراء استفتاء يشمل الاستقلال كأحد الخيارات، هما وجهتا نظر يرى كل طرف أن وجهة نظره من الأمور الجوهرية، وليس من الشروط المسبقة.

ب. الجزائر

أعلنت الجزائر عن ارتياحها فور قبول المغرب والبوليساريو للتفاوض، وأكدت أنها ليست معنية مباشرة بالنزاع، وأنه ليس لها أطماع في المنطقة؛ ولكنها تؤيد حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وأنها تؤيد تبني مجلس الأمن قراراً يؤكد أن الحل للمشكلة يكمن في تلبية حق تقرير المصير.

ج. موريتانيا

أعلنت أنها تدعم جهود الأمم المتحدة لإنهاء الصراع، وأنها تؤيد أي حل توافق عليه الأطراف، لرغبتها في تحقيق الاستقرار بالمنطقة.

د. إسبانيا

أعربت عن أن حل مشكلة الصحراء سيؤدي إلى استقرار منطقة المغرب العربي، وأن المفاوضات المباشرة بين الطرفين تكتسب أهمية، لأن المغرب يمثل أولوية كبرى لإسبانيا، وأنه يجب الاستمرار في تقوية المصالح المتبادلة بينهما في جميع المجالات.

هـ. فرنسا

أوضحت أنها لن تغير موقفها المؤيد للحكم الذاتي، كما تؤيد المقترح المغربي بإقامة حكم ذاتي في الصحراء الغربية، ورأت المبادرة بناءة وتستحق الدعم.

و. الولايات المتحدة الأمريكية

أعلنت تأييدها ودعمها لمشروع المغرب لمنح الصحراء حكماً ذاتياً، وقد صرحت بذلك مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة، وأثنت على الجهود الجدية التي يبذلها المغرب للوصول إلى حل.

وقد عبّر الرئيس "جورج بوش" ضمن برقية وجهها إلى الملك "محمد السادس"، عن ارتياحه للجهود التي يبذلها لتسوية القضية.

ز. الصين

أعربت الصين عن استعدادها للعب دور إيجابي لتسوية قضية الصحراء، كما أبدت وجهة نظرها حول ضرورة وجود حل ملائم.

2. تداعيات الصراع

أ. ورد في دراسة خاصة بمشكلة الصحراء الغربية، لخطة الأمم المتحدة للسلام منذ عام 1919، أن تحديات الصراع أدت إلى تكلفة مالية كبيرة تدفعها المنطقة جراء تلك الأزمة. وقد تحملت المغرب تكاليف فادحة (من موازنة عسكرية واستثمارات ورواتب موظفين حكوميين بالمنطقة)، ما أدى إلى إعاقة التنمية الوطنية المغربية.

ب. وعن الجزائر، ذكر تقرير لمجموعة الأزمات الدولية، أنه ينبغي ألا تقاس التكاليف التي تتحملها الجزائر فقط من الناحية الأساسية كتكاليف مالية، بدءاً من المساعدات التي تقدمها الجزائر للاجئين والتبرع بالمعدات العسكرية لجبهة البوليساريو، بل يجب أيضاً أن تقاس التكاليف من ناحية الوجود الدائم والمستمر لمصدر التوتر، على حدوده مع المغرب.

وعلى الرغم من توقف العمليات العسكرية المسلحة، إلا أن التداعيات المعقدة لهذه القضية ما زالت قائمة، وعلى رأسها معسكرات اللاجئين في (تندوف). فيُذكر أن 165 ألف لاجئ، حسب تقدير الحكومة الجزائرية، وحوالي 117 ألف في تقديرات مفوضية الأمم الممتحدة (حتى آخر 2006)، يعيشون في هذه المخيمات. ويعاني هؤلاء اللاجئون معاناة شديدة، بسبب مشكلة التمويل لميزانية كل من المفوضية وبرنامج الغذاء العالمي.

ويحتاج برنامج الغذاء العالمي لتأمين الغذاء لهؤلاء اللاجئين إلى أكثر من 1.2 مليون دولار شهرياً، وتُقدر الفجوة في التمويل بأكثر من 30% من الاحتياجات. وتحتاج المفوضية لسد متطلبات الإعاشة والخدمات إلى ميزانية كبيرة لا تتوافر أيضاً بشكل كافٍ.

ج. يُعرقل استمرار هذا الصراع تفعيل الاتحاد المغاربي وتطويره، وذلك بسبب العلاقات المتوترة بشكل دائم بين الجزائر والمغرب، بوصفهما القوتين اللتين يتوقف عليهما النظام الإقليمي المغاربي. ويراهن الاتحاد الأوروبي كثيراً على أن تفعيل الاتحاد المغاربي يمكن أن يسهم في تسريع معدلات النمو الاقتصادي في المغرب العربي، ما يؤدي إلى الحد من الأعباء التي تتحملها أوروبا، بسبب التخلف الاقتصادي في شمال إفريقيا.

د. جدير بالذكر أن منطقة المغرب العربي ترتبط بدول غرب أوروبا بروابط خاصة، بصفة أشد مع دول السوق الأوروبية المشتركة، في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وأن عدم الاستقرار الذي يسود المنطقة يؤثر على هذه الروابط.