إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / مشكلة الصحراء الغربية (البوليساريو)





أماكن الاستعمار الفرنسي والإسباني
الحدود المغربية "المغرب الكبير"
الحرب الجزائرية ـ المغربية

ولايات المغرب العربي
الأهمية الاقتصادية للصحراء الغربية
المدن ومراكز التوطن الرئيسية
التقسيم الإداري والجغرافي
الدولة البربرية بشمال أفريقيا
الحدود التقريبية للمغرب العربي
الفتوحات الإسلامية من 22 – 64 هـ
الفتوحات الإسلامية من 69 – 92 هـ
توزيع المجموعات القبلية
تقسيم الصحراء الغربية
حدود موريتانيا والصحراء الغربية



المبحث العاشر

المبحث الثالث عشر

المواقف الإقليمية والدولية من المشكلة

تباينت ردود الفعل الإقليمية والدولية إزاء القضية. وكانت هناك مواقف إقليمية مؤيدة للموقف المغربي، وأخرى معاكسة له؛ إلا أن ثمة هناك اتجاه شبه عام على تسوية النزاع، مع رؤية واضحة من القوى الكبرى، ترمي إلى تشجيع المبادرة المغربية، التي تقوم على أساس إعطاء إقليم الصحراء الحكم الذاتي تحت سيادة مغربية.

أولاً: المواقف الإقليمية

1. مفهوم الجزائر لحق تقرير المصير

أ. استند المفهوم الجزائري لحق تقرير المصير إلى العديد من قرارات الأمم المتحدة، ومنها القرار الرقم 1514 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي يؤكد حق الشعوب في تقرير مصيرها والإقرار بحريتها الكاملة في اختيار وضعها السياسي والاقتصادي؛ كذلك استند إلى القرار الرقم 3229/20، الذي يؤكد ضرورة اتخاذ الخطوات العاجلة في الأقاليم التي لم تحقق استقلالها لتحويل السلطة إلى شعوب هذه الأقاليم، من دون شروط أو تحفظ.

ب. استندت الجزائر إلى أن الصحراء الغربية هي أحد الأقاليم التي لا تتمتع بالحكم الذاتي، ومن ثم يتعين على الدولة القائمة بالإدارة، وفقاً للفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة، أن تسير بها نحو الاستقلال، من خلال ممارسة سكانها لحق تقرير المصير.

ج. بُني المفهوم الجزائري على قرارات الأمم المتحدة الأرقام 2591/24 و2711/25 و2984/27 و3163/28، والتي تقر بوجوب ممارسة سكان الصحراء لحقهم في تقرير المصير من خلال الاستفتاء، على أن تقوم الدولة القائمة بالإدارة بالتشاور مع الحكومة المغربية والموريتانية وأي طرف آخر، بتقرير الإجراءات لإجراء هذا الاستفتاء.

وعلى الرغم من أن الجزائر أيدت مسعى المغرب فيما طلبته من محكمة العدل الدولية، فإنها بعد صدور حكم المحكمة، في 16 أكتوبر 1975، تمسكت برؤية المحكمة من حيث عدم ثبوت وجود أي رابطة من روابط السيادة الترابية بين الصحراء الغربية، وبين أي من المملكة المغربية أو الجمهورية الموريتانية.

د. تعارض الجزائر اتفاق مدريد الثلاثي، الذي تضمن تقسيم الصحراء الغربية بين المملكة المغربية والجمهورية الموريتانية.

هـ. تفسر الجزائر سياسة المغرب تجاه مشكلة الصحراء الغربية في الآتي:

(1) سياسة التوسع على حساب الشعوب الأخرى.

(2) اعطاء تفسيرات خاصة لمسألة تصفية الاستعمار ومبدأ حق تقرير المصير.

(3) عدم الاعتراف بجبهة البوليساريو، واعتبارها حركة غير شرعية.

(4) عدم الاعتراف بالحدود الموروثة من الاستعمار.

(5) اعتماد سياسة التعنت تجاه القوى الوطنية، التي تؤيد مبدأ حق تقرير المصير.

هـ. ركزت الجزائر سياستها على محورين:

(1) المحور الأول: إقناع المجتمع الدولي بحق تقرير المصير والاعتراف بالجمهورية الصحراوية.

(2) المحور الثاني: تقديم الدعم المادي والعسكري لجبهة البوليساريو، لإرغام موريتانيا على العدول عن موقفها المؤيد للمغرب في قضية الصحراء.

2. مفهوم موريتانيا لحق تقرير المصير

أ. عندما طلبت المغرب الاستشارة من محكمة العدل الدولية ساندت موريتانيا المغرب، إلا أنها طالبت أن يشمل حق تقرير المصير العودة إلى الوطن الأم الموريتاني، وسلمت مذكرة للأمم المتحدة، في أغسطس 1974، أكدت فيها موريتانيا أن الصحراء الخاضعة للإدارة الإسبانية هي جزء من الأراضي الموريتانية، ثم وقعت اتفاقية مدريد الثلاثية في نوفمبر 1975 بين المغرب وموريتانيا وإسبانيا. وفي أبريل 1976، وقعت اتفاقية ثنائية مع المغرب لتقسيم الصحراء بينهما، ما أدى إلى تهديد جبهة البوليساريو الأمن والاستقرار في موريتانيا، مما دعاها إلى توقيع اتفاق الجزائر مع الجبهة لإنهاء حالة الحرب، وانسحاب القوات الموريتانية من الإقليم.

ب. دخلت الحكومة الموريتانية في مفاوضات مع المغرب، وتم الاتفاق على انسحاب القوات المغربية من الأراضي الموريتانية، مع عدم تدخلها في مشكلة الصحراء، والابتعاد عن أي نزاع حول المشكلة.

3. موقف جامعة الدول العربية وبعض الدول العربية الأخرى

أ. موقف جامعة الدول العربية

اهتمت جامعة الدول العربية بالقضية، منذ أوائل السبعينيات، إلا أنها نظرت إليها في إطار إنهاء الاستعمار الإسباني لإقليم الصحراء، ولم تتدخل في جذور المشكلة لحلها.

ب. موقف جمهورية مصر العربية

لم تعترف مصر بالجمهورية الصحراوية، وحافظت على العلاقات المتميزة مع المغرب، ومع ذلك أعرب القادة الصحراويون عن تقديرهم للدور المصري المؤيد لقرارات الاتحاد الإفريقي المطالب بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وكذلك تؤيد مصر كافة قرارات الأمم المتحدة بهذا الخصوص.

ومن المعروف أن مصر تشارك منذ سبتمبر 1991، في بعثة الأمم المتحدة للإشراف على الاستفتاء بصفة مراقب.

ج. موقف الجماهيرية الليبية

تحاول ليبيا موازنة مواقفها مع كل من المغرب والجزائر، وأعلن الرئيس القذافي مراراً أن مشكلة الصحراء الغربية هي العقبة في استكمال الاتحاد المغاربي. وقد أدى هذا التصريح إلى الاقتراب في وجهات النظر بين كل من ليبيا والمغرب.

وعلى الرغم من ذلك أرسل الرئيس القذافي رسالة إلى الرئيس الجزائري "عبدالعزيز بو تفليقة"، أعلن فيها استعداد ليبيا لقبول الجمهورية الصحراوية كعضو في الاتحاد الإفريقي، وذلك في مرحلة تكوين الاتحاد خلفاً لمنظمة الوحدة الإفريقية، وذلك في محاولة منه للحصول على تصديق الجزائر على قيام الاتحاد للوصول إلى النصاب القانوني؛ إلا أن المغرب فضلت عدم التعليق، على أمل أن تسعى لتغيير موقف العقيد القذافي.

د. موقف المملكة العربية السعودية

حاولت المملكة العربية السعودية أن تتدخل لحل الصراع، منذ عام 1977، كما حاولت الوساطة بين المغرب والجزائر. وقد حاولت عدة مرات أن تجمع أطراف المشكلة في مفاوضات مباشرة، ولكنها وإن نجحت في ذلك، فإنها لم تصل بالمفاوضات إلى نتيجة إيجابية.

هـ. موقف تونس

حافظت تونس على موقف الحياد تجاه قضية الصحراء الغربية منذ بداية الأزمة.

و. موقف بعض الدول العربية الأخرى

ويُقصد ببعض الدول العربية كل من سورية واليمن والسلطة الفلسطينية، ويقتصر الموقف على تأييدهم لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، ولا يتجاوز دعم هذه الدول لقضية الصحراء الغربية الدعم الدبلوماسي والمعنوي، دون تدخل للحل أو الوساطة بين الأطراف.

ثانياً: المواقف الدولية

1. موقف إسبانيا

تغير موقف الحكومة الإسبانية من مبدأ حق تقرير المصير:

أ. أيدت إسبانيا حق تقرير المصير لشعب الصحراء، مؤكدة أن أساس إنهاء الاستعمار في الصحراء هو ممارسة السكان لهذا الحق.

ب. عندما أيدت الأمم المتحدة تطبيق هذا المبدأ تراجعت بحجة عدم أهلية السكان، وكذلك عدم رغبة زعماء القبائل الصحراوية في التعجيل بالتنفيذ.

ج. عندما تعاونت إسبانيا مع الجماعة الصحراوية، وضمنت أن مصالحها ستتحقق عبرها، عملت على بناء تنظيم سياسي صحراوي بهدف منحه الاستقلال.

د. عندما تقاسمت موريتانيا والمغرب الإقليم، تراجعت إسبانيا عن فكرة الاستفتاء، على أن تمنح الإقليم حكماً ذاتياً، والشروع في بناء دولة للحفاظ على مصالحها بالإقليم.

2. موقف فرنسا

بعد زيارة أعضاء من مجلس الشيوح الفرنسيين للأقاليم الجنوبية، أعربوا عن تأييدهم للموقف المغربي الخاص بمقترح الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية، وذكروا أنهم سوف يؤيدون هذا المقترح أمام المؤسسات الدولية.

أما بخصوص التعامل المغربي مع النشطاء السياسيين، وما حدث في مستعمرات النازحين ومحاولات المغرب قمع الحركة السياسية، فإن الكونفيدرالية العامة للعمال الفرنسيين، نددت بالتصرفات المغربية، ودعت في بيانها لبعثة الأمم المتحدة إلى ضرورة تنظيم استفتاء في الصحراء على حق تقرير المصير.

3. موقف الاتحاد الأوروبي

أ. ينظر الاتحاد الأوروبي للمشكلة من الناحية الإنسانية، حيث أكد استنكاره لنزوح الأهالي الصحراويين من مدنهم إلى مخيمات استوعبت حوالي 15 ألف نازح. كما يُطالب بزيادة المخصصات المالية والدعم، وكذا المساعدات الإنسانية لتغطية الاحتياجات الأساسية لحوالي 90 ألف إلى ما يقرب من 165 ألف، من الذين يعيشون في منطقة تندوف.

ب. يدين الاتحاد الأوروبي أعمال القمع الذي تقوم به القوات الأمنية المغربية تجاه النشطاء السياسين والمؤيدين لحق تقرير المصير، وكذا الممارسات العنيفة ضد الصحفيين ومنعهم من إظهار الحقائق.

ج. أما على الجانب السياسي، فإن الاتحاد الأوروبي يرحب باستئناف المفاوضات بين طرفي الصراع (المغرب وجبهة البوليساريو) لحل القضية، التي استمرت ما يقرب من 30 عاماً، والوصول إلى حل سياسي مقبول وعادل لجميع الأطراف.

4. الموقف الأمريكي

أ. كلفت إدارة الرئيس "أوباما" فريقاً ضم 13 عضواً من الأكاديميين والسياسيين والعسكريين، لمهمة صياغة سياسة جديدة تجاه المغرب العربي، بهدف جعله منطقة اهتمام إستراتيجي، على عكس السياسات الأمريكية السابقة. وخلص الفريق إلى صياغة وثيقة حول السياسة الأمريكية في شمال إفريقيا، تشكل الإطار العام لسياسة أمريكية جديدة في المنطقة المغاربية، وهي:

(1) تُعد المنطقة المغاربية للولايات المتحدة الأمريكية ذات أهمية إستراتيجية، من النواحي الأمنية والسياسية والجغرافية والاقتصادية.

(2) يجب التعامل معها على أنها منطقة ذات اهتمام حيوي، الأمر الذي يقلل من التركيز على الشرق الأوسط.

(3) على الولايات المتحدة أن تحدد أهدافها لتكريس الاستقرار والأمن، في المنطقة في ظل رؤية شاملة للرئاسة الجديدة.

(4) أن تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تبني مشاريع أكثر فاعلية، لتطوير التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب في المنطقة.

(5) استمرار العمل مع البلدان الصديقة في المنطقة المغاربية، لإيجاد مخرج من مأزق الصحراء الغربية.

ب. مازال التأييد الأمريكي لقضية الصحراء يخضع لتجاذبات جماعات الضغط الأمريكية المؤيدة للمغرب، ومن ثم فإن واشنطن تتبع سياسات حذرة عند التعاطي مع القضية، وذلك لطبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، التي تربطها علاقات وثيقة بالمغرب.

ج. على الرغم من عدم وضوح الموقف الأمريكي، بصفة تامة، إلا أنه يمكن القول إن هناك إرادة سياسية لدى الرئيس "أوباما" تقضي بعدم اعتناق الطرح المغربي كمرجعية لحل النزاع، وأنها تفضل إطار الأمم المتحدة كإطار عام لحل النزاع وتسوية القضية، وهو ما يلقى قبولاً لدى القادة الصحراويين.

وأخيراً، يمكن القول استناداً على ما سبق طرحه من جهود برعاية الأمم المتحدة لإنهاء النزاع، أن كلاً من الطرف المغربي وجبهة البوليساريو ليسا لديهما النية للتنازل عن مواقفهم. ويبدو أن المغرب أكثر تشدداً تجاه الحل، بينما تتميز جبهة البوليساريو بقدر أكبر من المرونة.

ويشير الواقع الحالي إلى استمرار النزاع دون حل لفترة قد تطول، نتيجة تشدد الأطراف، وهذا ما يؤدي إلى حالة من الجمود وعجز الأطراف والمجتمع الدولي في الوصول إلى حل نهائي مقبول وعادل.