إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الصهيونية




مناحم بيجين
موشي ديان
هنري كيسنجر
وعد بلفور
إسحاق رابين
إسحاق شامير
تيودور هرتزل
جولدا مائير
حاييم وايزمان
ديفيد بن جوريون
زئيف جابوتنسكي فلاديمير

أبناء ونسل إبراهيم عليه السلام

مناطق الانتداب البريطاني ـ الفرنسي
مشروع الوكالة اليهودية
مشروع برنادوت لتقسيم فلسطين
إسرائيل والأرض المحتلة 1967
إسرائيل عام 1949
الاحتلال اليهودي لفلسطين
تكوين المملكة المتحدة
تقسيم لجنة وودهيد البريطانية (أ)
تقسيم لجنة وودهيد البريطانية (ب)
تقسيم تيودور هيرتزل 1904
تقسيم فلسطين بين الأسباط
فلسطين في القرن الأول ق.م



تقديم

المبحث الثاني

جذور الصهيونية وبعث القومية اليهودية

أولاً: صهيون في الكتب المقدسة

اعتاد البشر على مر الأزمان على القناعة التامة والإيمان الراسخ بكل ما يرد ﺫكره في الكتب المقدسة، التي تعبر عن الدين الذي يؤمن به سواء كانت مرسلة من السماء وحيا إلى نبي من الأنبياء أو الرسل، أو أعيد كتاباتها على يد أنبياء، أو أصحاب الديانات الدنيوية الأخرى، وتصل في أغلب الأحوال إلى درجة العقيدة الراسخة والقوية والتي يفني فيها المؤمن بها والمعتقد فيها حياته دفاعا عنها وفى سبيلها. و لذا عمد رجال الدين اليهودي على اختلاف توجهاتهم عند إعادة كتابة أسفار العهد القديم أو تأليف وإصدار كتاب التلمود وغيره من كتبهم المقدسة إلى تدوين كل ما يشير إلى أهدافهم المحددة والرئيسة، وهى الوعد الإلهي من يهوه ربهم بالأرض المقدسة، وهى أرض يسرائيل، أرض كنعان وتكرار ﺫلك بدون ملل حتى تصبح قيدا على كل مؤمن ومعتنق للدين اليهودي. فنجد أن كلمة صهيون التي هي محور الفكر الصهيوني القديم والحديث جاء ﺫكرها في أسفار العهد القديم على لسان أكثر من نبي لهم، و كذا توجيه الاهتمام إليها، وتنفيذ كثير من الأعمال والأفعال والتوجيهات والأوامر التي تشير إلى أهميتها وقدسيتها أيضاً، لذلك سنعرض لتلك الأسفار والتي جاء كر صهيون فيها والأحداث المتصلة بها.

1. سفر صموئيل الثاني

وهو سفر صموئيل الثاني في النسخة البروتستانتية وسفر الملوك الرابع في النسخة الكاثوليكية، ومضى إيضاح ما جاء فيه في المبحث الأول؛ ولكن الحديث هنا عن كلمة صهيون، التي وردت فيه لأول مرة في العهد القديم، حين استولى الملك داود u أثناء حربه مع أهل كنعان على تل من تلال مدينة أورشاليم (القدس) التي كان يتحصن في حصنها اليبوسين أصحاب المدينة، والذين بنوا لك الحصن، ولكن الملك داود u باستيلائه عليه اتخذه مقراً ومركزا لحكمه، وأنشأ لنفسه بيتا عليه، وأصبح هذا التل رمزاً للحكم اليهودي ولمملكة داود.

2. سفر اشعيا أو نبوءة أشعيا في النسخة الكاثوليكية

أ. يأتي في ستة وستين إصحاحاً وفي إحدى وأربعين صفحة؛ حيث يمتاز أسلوبه التذكيري ببعض الأحداث والغزوات التي وقعت في مملكة يهوذا أو إسرائيل

ب.إن أشعيا عاش في أيام ملوك اليهود عزيا ويوثام واحاز وحزقيا(قبل الأسر البابلي) وهم من ملوك يهوذا

ج. إن في إصحاحاته الأخيرة إشارة إلى تدمير أورشليم، وذكر للملك كورش الأخمينى الفارسي، الذي أعاد اليهود المسببين (الأسري) إلى فلسطين، حيث يدل ذلك على أنه كتب أو أعيدت كتابته بعد السبي، وأدخل عليه ما لم يشهده أشعيا نفسه

د. لعل تلك الإنذارات والتقريعات والشتائم ضد الأمم الأخرى فيه، قد أدخلت عليه بعد السبي، ونتيجة لما بعثته العودة من السبي في نفوس بني إسرائيل من آمال وجددته من ذكريات وآلام وأحقاد.

هـ. تعد دعوة أشعيا للعودة من بابل، وﺫا مراثيه في أورشاليم وصهيون هما من أساس مفهوم الصهيونية الدينية القديمة، إضافة إلى إنه هو واضع فكرة عودة الماشيح المخلص من نسل داود.

3. سفر عزرا

أ. وهو عشرة إصحاحات في ثماني عشرة صفحة، ويحتوى كسابقيه من الأسفار على حقائق تاريخية ممزوجة بكثير من الخيال والمفارقات.

ب. يقص قصة عودة المسبيين من اليهود من بابل إلى أورشاليم بأمر من الملك كورش الفارسي، وما جرى معهم من أحداث ومصاعب.

ج. دعوة كورش الملك الفارسي لدعم بناء بيت للرب في أورشاليم، كما أمره الرب بذلك أثناء منامه وسعيه لتحقيق ﺬلك وتنفيذه.

د. إحصاء للعائدين من اليهود حسب عشائرهم وأسباطهم (أسياد- عبيد- دواب-.......) وتطوع بعضهم لبناء الهيكل بالجهد والمال.

هـ. رفض العائدون مشاركة غير اليهود في بناء الهيكل.

و. صلاة عزرا وبكائه على إثم اليهود وتنكيل الرب بهم وبآبائهم، وإعلانه التوبة بعد جمع كل العائدين ليتوبوا معه، وتكون أول التوبة اعتزال آثام الأرض والنساء الغريبات لنيل مرضاة الرب، حتى ولو أنجبوا منهنَّ أولاداً.

ز. صاغ عزرا مبادئه الثمانية التي سيقوم عليها نظام الحياة وأسس الدين اليهودي.

ح. أعاد عزرا كتابة أسفار العهد القديم والمشاركة في بناء أسوار أورشاليم لحماية تل صهيون الساكن فيه الرب.

4. سفر نحميا

أ‌. يأتي في ثلاثة عشر إصحاحاً، في خمس وعشرين صفحة.

ب. نحميا النبي من الذين تخلفوا عن العودة إلى أورشاليم، وكان يعمل ساقيا للملك ارتحشستا ملك فارس.

ج. علم نحميا بحال أورشاليم وأسوارها المهدمة وحال اليهود المقيمين فيها، حيث الحياة هناك في ضنك شديد وضائقة عظيمة، فاستأذن من الملك للعودة طالباً دعمه برسائل للولاة لمساعدته بالإضافة إلى مصاحبته بفرسان وقواد لتأمينه فأﺬن له.

د. توزع اليهود العمل فيما بينهم وأنجزوا ترميم نصف أسوار أورشاليم حين ترصد لهم أعداؤهم من سكان كنعان وجوارها وخاصة الملك جشم العربي، ولكنهم استمروا في العمل تحت حراسة قسم منهم.

هـ. اكتمل بناء السور في اثنين وخمسين يوماً، وأقام نحميا المصاريع وعين البوابين والحراس، وأمر بعدم فتح الأبواب إلا بعد أن تحمى الشمس.

و. إتخذ من الإجراءات ما يمنع البيع لليهود أيام السبت، وغضب جداً على اليهود الذين تزوجوا نساء من أرض كنعان وجوارها، وأمرهم بترك ﺬلك تأكيدا لتعليمات عزرا النبي.

5. سفر المزامير

وهو السفر الذي يلي سفر أيوب ويأتي في إحدى وخمسين صفحة، ويحتوى مائة وخمسين مزموراً، وهى عبارة عن ترانيم وأدعية وصلوات وتسبيحات لنبي الله داود , وقد جاء في المزمور التاسع وفى القسم الحادي عشر منه الدعاء الأتي "رنمو للرب الساكن في صهيون".

ثانياً: الصهيونية مفهوم وتاريخ

اتصف الدين اليهودي بأنه تركيب جيولوجي تراكمي وعُرف بذلك, مثل التركيب الجيولوجي للأرض طبقات فوق بعضها, لا تتداخل ولا تختلط ولا تمتزج ببعضها, وذلك لأن الدين اليهودي لم ينسخ أو يلغى أي تفسيرات أو دلالات سابقة, أو لاحقة لأي جيل من أجيال اليهود, سواء كانت هذه التشريعات في شريعة موسى, أو أتي بها كتبة الأسفار ومفسروها في التلمود والكتب الدينية الأخرى, فجعل كل ما يرتبط به وبمفاهيمه وعقائده ينتمي أيضاً إلى التركيب الجيولوجي التراكمي, فنجد أن كلمة الصهيونية لم تظهر مصطلحاً إلا في القرن التاسع عشر, إلا أنها اتخذت واحتوت نفس تعريف التركيب الجيولوجي التراكمي وصفاته, وظهرت لها دلالات كثيرة, فمثلاً إذا أرادت الإشارة إلى المعني الديني فإن ذلك يعني كلمة صهيون, وهي في التراث الديني تعنى جبل صهيون والقدس , بل يقصد بها الآن الأرض المقدسة, وكما تشير الدلالة إلى اليهود على اعتبار أنهم بني صهيون، أي: أن اليهود جماعة أثنية دينية كما جاء بالمزمور رقم 137/1، واستخدم في الأوساط البروتستانتية إلى الإشارة والدلالة إلى أن اليهود في أوروبا ليسوا عضوا من التشكيل الحضاري الغربي، وإنما هم شعب مختار من الرب، وطنه المقدس أرض فلسطين، ولذا يجب أن يهاجر إليه، وهذا ما تعنيه الصهيونية المسيحية (وهى تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية الآن بعثاً جديداً).

الصهيونية (Zionism) مشتقة من كلمة صهيون اسم تل من التلال السبعة لمدينة القدس. وأصبحت الكلمتان، الصهيونية وصهيون، مترادفتين، تشيران، عند اليهود، إلى "أرض إسرائيل". وفي الاصطلاح، فإن الصهيونية هي الدعوة إلى استرداد اليهود لما يعدونه وطن آبائهم وأجدادهم. وجمع شتات اليهود للعودة إليه، والعيش فيه، وتطويره، وبناء مجتمع وثقافة ودولة.

إن من أهم صفات الصهيونية صفة العنصرية، ولها جذور تاريخية قديمة ترجع إلى القرن الخامس قبل الميلاد، حينما أخذ عزرا ونحميا اليهوديان يحثان يهود الشتات في بابل على العودة إلى فلسطين، وقد بذل عزرا جهداً كبيراً في إقناع اليهود بذلك، إضافة إلى جهوده في إحياء اللغة العبرية وتنقية الدم اليهودي للشعب المختار من العنصر غير اليهودي بفصل الزيجات المختلفة، وإبعاد الزوجات الأجنبيات وأولادهن، مستغلاً دعم الملك كورش الإخمينى الفارسي وذلك بعد انتصاره على بابل واستعمارها سنة 539ق.م–538 ق.م، وفك أسر اليهود والسماح لمن يريد منهم بالعودة إلى فلسطين فعاد فريق منهم، ومن المرجح أن يكونوا من أولئك الذين لم يفلحوا في بابل إضافة إلى المتعصبين دينياً، ويريدون بناء الهيكل مرة آخرى0

تشير الدلائل إلى أن هناك عدداً غير قليل من اليهود أصاب النجاح في بابل، فاتصفوا بالغنى والثراء، وأصبحت لهم ممتلكات كثيرة فأثروا البقاء وعدم المغامرة والمجازفة في إعادة بناء الهيكل وإقامة الدولة مرة أخرى مع التزامهم بالدعم الممكن لليهود العائدين، وذلك رغم ما نالوه من دعم سخي من الملك قورش، ولما قدموه له من دعم في حربهم مع البابليين؛ حيث أمر برد كل ما نهب من الهيكل في عهد بنو خذ نصر البابلي إليهم، والدعوة إلى تقديم المساعدة من الجميع لإعادة بناء الهيكل مع العمل على إقامة دويلة يهودية في فلسطين تحت سيطرة الحكم الفارسي، وتكون موالية له حتى تكون حاجزا فاصلا بين الإمبراطورية الفارسية وبين الفراعنة في أرض مصر (نفس الهدف من مساعدة أوروبا لعودة اليهود الحديثة في فلسطين) هدف استعماري، والتاريخ يعيد نفسه، وإسرائيل تؤدي دور مملكة يهوذا القديم نفسه (جماعة وظيفية).

اختصت جهود عزرا في العودة إلى فلسطين بالناحية الدينية والاجتماعية، أما نحميا فقد اختص بالناحية السياسية، وهو من اليهود الذين أُسروا أثناء غزو بنوخذ نصر لأرض كنعان ونقل معهم إلى بابل، وعاش في زمن الملك ارتحششتا الأول الفارسي (465-425ق.م) حيث كان يعمل ساقيا في بلاط الملك، وكان له مكانة عالية عنده جعلته يطلب الملك ويرجوه السماح له بالعودة إلى أورشاليم (القدس) ليبنى أسوارها مرة أخرى فسمح له, فقام بمحاولة بناء أسوار القدس وإعادة توطين اليهود في إقليم يهوذا، حيث عينه أرتحششتا الأول ابن قورش الملك الفارسي حاكما وواليا على الولاية اليهودية عام440ق.م مدعما بكوكبة من الفرسان الفرس لدعمه وحراسته من حكام الولايات والمناطق المجاورة الخاضعة للحكم الفارسي، حيث ظل يحكم الولاية حتى توفي بعد بناء أسوار القدس، ودعم عزرا في جمع وتدوين وكتابة أسفار العهد القديم الخمسة (أسفار موسى)، التي أضافوا إليها كل ما أرادوه من فكر أو دعوة إلى إعادة إقامة الدولة اليهودية العنصرية على أرض فلسطين، متأثرين بما حدث لهم أثناء الأسر من ذل ومهانة واحتقار وعبودية، وأصبحت هي الديانة اليهودية اللاهوتية الضيقة الأفاق، والتي لقنوها وأقنعوا بها اليهود الذين عادوا إلى أرض فلسطين، وأكثرهم من المتعصبين، فزادوا تعصباً على تعصبهم، ويمكن أن نسمي ذلك بالصهيونية القديمة.

عاشت الصهيونية القديمة إلى اليوم في كتبهم المقدسة، وكذلك في تراثهم المقدس لتصبح هي الصهيونية الحديثة بعينها، وهي تعتمد الفكر القديم نفسه حيث يحمل فكرة التميز العرقي والنوعي اليهودي، وطهارة السلالة (الشعب المختار) وفكرة العودة إلى صهيون (الأرض المقدسة) لتنفيذ الوعد والعهد والميثاق بينهم وبين الرب ذلك الذي قطعه مع الآباء الأوائل، بل ومع الشعب نفسه في جبل حوريب في سيناء، مع العمل على تنقية الدم اليهودي، وإحياء اللغة العبرية الميتة بعد انتشار الآرامية والكلدانية، حيث يؤكد ذلك القس سوبر يوس يعقوب توما حين قال "أما لغة اليهود في فلسطين فقد كانت في الأصل السريانية الفلسطينية (الآرامية) ثم طرأ عليها تغيير لامتزاجهم بالمصريين والكنعانيين، ولكنهم استعادوها لما سبوا في بابل بامتزاجهم مع البابليين، وكانت هذه لغتهم أيضاً أيام المسيح عيسي عليه السلام، وبها كتب متى الرسول إنجيله في استجابته إلى رغبة اليهود المتنصرين" ولكن كان للتعصب والعنصرية وجهة نظر أخرى ألا وهي إلغاء الآرامية واستبدالها بالعبرية بعد إحيائها وتداولها، وهذا ما تفعله الصهيونية الحديثة الآن.

اعتمدت الصهيونية الحديثة مبادئ النبي عزرا الثمانية، والتي هي ملخص الأفكار الإستراتيجية التي وضعها النبي عزرا والأحبار عند إعادة كتابتهم لأسفار العهد القديم (الشريعة/ تثنية الاشتراع) لكي تكون هي القواعد التي اتخذتها الصهيونية الحديثة منهاجاً فيما بعد.

عند استعراض تلك المبادئ، والتي عدت هي مبادئ الصهيونية القديمة، والتي كانت نتاج ظروف قاسية بالنسبة لليهود، حيث الأسر البابلي ونتائجه السيئة والضارة بهم، وكذا العودة منه وما تركه في نفوسهم من مرارة وألم، وذل ومهانة وضياع للثقة في أنفسهم. لهذا فإننا نجد عند دراستها أن المبادئ من الأول إلى السابع تشير وتأكد أنها مبادئ عقدية بين الإله (يهوه) وبين العنصر العبري (بني إسرائيل) سواء كانوا أنبياء ورسل أو الشعب كله، فهو الشعب المختار وذلك طبقا لما تخيله عزرا النبي وتوهمه، وأرسى قواعده بين بني إسرائيل أو اليهود وأنصارهم حتى يكونوا ملزمين بالتنفيذ وتحقيق تلك المبادئ, وأما المبدأ الثامن فهو مبدأ عملي يطالب اليهود ويأمرهم أن يحولوا ما يدور بالعهد والعقل والقلب إلى إرادة قوية وعمل فاعل لاستعادة الأرض.

إن أعمال عزرا ونحميا ونشاطهم المحموم والمدعوم من الفرس في أرض كنعان مع يهودية العودة من الأسر البابلي قد قوبل بالرفض من السكان المحليين والأصليين، وكذا من المجاورين لأرض كنعان؛ فقد قامت حركة معارضة من العرب مجتمعين بقيادة ملكهم جشم العربي، وهو جشم بن شهر رئيس قبيلة قيدار العربية في طور سيناء، وسيطرت مملكته (قيدار) على الأرض التي تمتد من دلتا النيل إلى حدود إقليم يهوذا في جنوب فلسطين، واتصف بالمعارض الأول لإعادة بناء القدس وعودة اليهود إليها. والذي كان حليفاً لأمراء حوران وعمون وأشدود ضد هذه الحركة الصهيونية القديمة حيث ذكر اسمه في العهد القديم، سفر نحميا، وما كان ليأتي ذكره إلا إذا كان مؤثراً كبيراً في هذه المعارضة، ولِمَ لا وهو الذي اتصف بالمعارض الأول في ذلك العصر لإعادة بناء أسوار أورشليم القدس وهيكلها وكان ذلك في عام 440ق.م وظل هذا الصراع قائما بين اليهود العائدين وبين العرب الكنعانيين وبقية المعارضين، ولكن الدعم الفارسي ثم المقدوني (اليوناني) بعد غزوهم لأرض الشام بما فيها من ممالك وكذا أرض كنعان وهزيمتهم للفارسيين بقيادة الاسكندر الأكبر عام 330ق.م واستعمارهم المنطقة لمدة تصل إلى حوالي ثلاثمائة سنة تقريبا حتى جاء الرومان بعد ذلك اعتبارا من عام 30ق.م، وكرروا ما سبق من دعم لليهود، كل ذلك لم يسمح بحسم الصراع لصالح طرف دون الأخر.

عندما شن الثوار الحشمونيون (المكابيون) ثورتهم ضد الحاكم السلوقى في أنطاكية عام 167ق.م بقيادة متيتا الحشمونى الكاهن، الذي توفى عام 166ق.م خلفه ابنه يهوذا الذي عرف بالمكابى، وهو الذي استطاع استرداد الهيكل من السلوقيين، ولكنه لم يستطع إجلاء الحامية العسكرية من أورشاليم. كانت مطالب الثورة مقتصرة أول الأمر على حرية العبادة، ولكن المكابيين بعد اتصالهم بروما واستشعارهم تأييدها لهم رفعوا مطالبهم وصعدوها من المقاصد الدينية إلى أهداف سياسية تتمثل في طلب الحكم الذاتي لليهود في فلسطين، والتوسع من أورشاليم في اتجاه جميع الأقاليم لاستيعاب اليهود العائدين على حساب الشعوب الأخرى أصحاب الأرض الأصليين (نفس فكرة الاغتصاب والاستيلاء على أرض الغير بالقوة أو بالحيل والمكر والاستعانة بالمستعمر) ولاسيما الفلسطينيون والأدوميون إضافة لعدم دفع الضرائب وظلت هذه هي سياستهم مع القوى الاستعمارية التي تتولى شؤون فلسطين أو الشام عموماً، حيث تتأرجح المطالب اليهودية على مدار الثورة المكابية خلال الفترة من عام 167-37ق.م فكلما زاد الدعم الخارجي لهم ازدادوا قسوة وضراوة في أعمال القتل والنهب، والاعتداء المتكرر على أصحاب الأرض المحليين وخاصة الفلسطينيين، وعندما ينحسر الدعم يخسر اليهود ما اغتصبوه وينسحبوا ويتقوقعوا في أورشاليم أو مقاطعة يهوذا والدفاع عنها حتى تحين فرصة أخرى، وكأن التاريخ يعيد نفسه، فقد وهبت روما من أرض فلسطين لليهود وهى ما لا تملكه وقبل احتلالها الشام، وهو ما فعلته بريطانيا في العصر الحديث، حيث وهبت وبسهولة مالا تملكه لليهود عندما أصدرت وعد بلفور.

فشل المكابيون في جميع محاولاتهم لفرض الطابع العنصري للصهيونية القديمة التي أصبحت هي الأساس للديانة اليهودية، والتي رفع شعاراتها الفريسيون الذين ظهروا بعد عهد عزرا ونحميا في القرنين الثاني والأول ق.م وهم جمهرة علماء الشريعة، ويسمون بالربانيين والحاخامات وهم شديدو التعصب والتشدد، وهم واضعو التلمود وهو الكتاب الذي يقدسونه أكثر من العهد القديم، وهو ما يوصف بأشد الكتب عنصرية وحقداً على الأمم الأخرى (الأغيار) كما جاء حكم الإنجيل عليهم بالتزمت الأحمق والتناقض بالأقوال والأفعال والتأمر والنفاق، فكان مخططهم المرسوم يقوم على تدعيم الكيان اليهودي، وكانوا دائما حريصين على غرس بذور الصهيونية العنصرية السياسية بين العوام منهم وتوجيههم إلى احتقار الأمم والأجناس والأديان الأخرى، وقد هدم الهيكل للمرة الثانية وأجلاهم من القدس القائد تيطس الروماني عام 70م بعد إثارتهم للقلاقل والاضطرابات في القدس، ثم طردهم وشردهم نهائياً من فلسطين أدريان الحاكم الروماني سنة 130م فكان الشتات الأكبر لليهود في جميع أنحاء العالم، وخاصة في أوروبا حتى عادوا من خلال الصهيونية الحديثة عام 1948م.

تفرق اليهود بعد شتاتهم عقب عام 130م إلى بقاع الأرض، واتخذوا الجيتو ملاذاً وسكناً لهم، وانعزلوا عن السكان الأصليين لبلاد الشتات، إضافة إلى المعاناة التي عاشوا فيها في تلك البلاد، والتي كانت تصل إلى حد الاضطهاد بسبب سلوكهم الغريب في الحياة فاكتسبوا عداء جميع شعوب الأمم الأوروبية حتى إن الأوساط الثقافية الغربية كافة أنكرت حق الحركات التحررية عند بداياتها على اليهود جميعاً، ما جعل كل جماعة من اليهود تعيش في سوار البلد الجديد (مدنية ـ قرية) منكمشة في الجيتو حيث انحصرت حياتهم في التجارة والمال والربا مع إتباعها طريقة أداء الشعائر الدينية وفقاً لمعتقد الجماعة أو الطائفة الدينية التي تنتمي إليها (اليهودية التلمودية ـ الحسيدية ـ القبالاة) مع استمرار الجدال حول التلمود وكتاب الزوهار (كتاب القبالاة) للاستحواذ على الفكر الديني اليهودي دون المشاركة في الحياة الاجتماعية أو السياسية لبلد الشتات.

جاء عصر النهضة الأوروبية, وما قامت عليه من ثورات, مثل ثورتي التجارة والصناعة واللتين واكبتا الإصلاح الديني المسيحي, وأيضا الثورة على الكنسية وفصلها عن الحكم وظهور عصر القوميات والكيانات السياسية الأوروبية، كما كان لظهور الكنسية الإصلاحية (البروتستانتية) بزعامة القس مارتن لوثر (قائد ثورة الإصلاح الديني خلال القرن السادس عشر بألمانيا) والتي أوجدت رباطاً جديداً أصبح هو أساس الإصلاح، وهو الارتباط بين العهد القديم والعهد الجديد وتطور هذا الارتباط أيضاً ليشمل الكنسية الكاثوليكية، ما كان له الأثر الواضح في انتشار هذا الاتجاه وأصبح المفهوم بأن الإنجيل لا يمكن فهمه ومعرفته دون الرجوع إلى أسفار العهد القديم، وأن رؤيا يوحنا تمثل تاريخا للبشرية ومستقبلها، وان الإشارات والرموز الواردة في العهد القديم إنما هي أمور تخص عالم اليوم وترسم خريطة الطرق السياسية فيه.

كل ما سبق أظهر أزمة اليهودية التلمودية، وعدم قدرتها على مسايرة الواقع الجديد ما أدى إلى ضرورة ظهور الحركات الإصلاحية في اليهودية، حتى تتكيف مع الأوضاع الجديدة في المجتمع الغربي لمواجهة المتغيرات الجديدة مثل متطلبات الثورة الصناعية من تغيير في نمط وسلوك اليهودي في حياته اليومية، حتى يمكن إن تتلاءم حياته مع الواقع الجديد وكذلك تصاعد وانتشار العلمنة الحديثة في تلك المجتمعات بالإضافة إلى مطالب الدولة المضيفة لهم للعمل السياسي فيها شريطة إن يكون الانتماء الكامل للدولة وحدها وحتى يندمجوا في المجتمع سياسياً واقتصادياً وثقافياً ولغوياً، وهو ما كان يتعارض مع اليهودية الحاخامية التي عرفت الهوية اليهودية سابقا تعريفاً دينياً واثنياً وأحياناً عرقياً، وقد استجاب اليهود لنداء الدولة القومية الحديثة وظهرت بينهم حركات الإصلاح مثال: حركة التنوير اليهودية بقيادة موسى مندلسون وحركة اليهودية الإصلاحية بالإضافة لحركة يهود المارانو التجارية وتمويلهم ومشاركتهم في تأسيس الشركات التجارية والاستيطانية الكبرى للحركة الاستعمارية وراء البحار والتي كانت عاملاً قوياً في نشر العلمانية وتعميمها في أوروبا وتأثر كثير من اليهود بأفكارها.

إن الإصلاحات التي قدمها القس الألماني مارتن لوثر وإصداره لكتابه "عيسى ولد يهوديا" أحدث دويا هائلا وأثرا كبيرا في المجتمع الأوروبي وساعد على الأتي:

أ. إعادة اكتشاف العهد القديم وما به من الفكر اليهودي القديم والذي أصبح أكثر للآثار الأدبية والدينية شيوعا بين عامة البروتستانت.

ب. أصبح العهد القديم أهم مصدر للمعلومات التاريخية الدينية عامة، باحتوائه على النبوءات لرؤيا النبي يوحنا الهامة لليهود والمسيحيين.

ج. إعطاء اللغة العبرية قيمة دينية كبرى (لسان الكتاب المقدس).

د. إدانته لاضطهاد الكنيسة الكاثوليكية لليهود (وهم منحدرون من أصل واحد).

هـ. شجع على ظهور المفكرين الأوروبيين واليهود أمثال توماس بيتمان عالم اللاهوت البريطاني حيث أعلن أن عودة اليهود مرة أخرى إلى فلسطين ليس لعبادة الله ولكن لمكافحة الغرباء.

إن ما أحدثته الحركات التنويرية وظهور العلمانية والتطورات الخاصة بالثورات الصناعية والتجارية أحدث حراكا دينيا وسياسيا واجتماعيا في حياة اليهود بجميع طوائفهم، ما ساعد على حصول اليهود على كثير من الامتيازات مثل السماح لهم ببناء معابد يهودية وزيادة في طبعات الكتب العبرية سواء دينية أو أدبية ,وصدور براءة التسامح وإلغاء انعزالهم، إضافة إلى إلغاء الشارة المميزة لهم عند خروجهم من الجيتو، حتى يكونا كالمواطنين أبناء بلد الإقامة, كل ﺫلك ساعد على ظهور الكتاب والمفكرين اليهود المؤمنين الحداثة والتطوير ونعرض لبعض منهم في الآتي:

أ. من حركة التنوير أهم روادها

(1) موسى مندلسون اليهودي الألماني، زعيم حركة التنوير ومترجم أسفار موسى الخمسة إلى اللغة الألمانية.

(2) جبريل رايسر يهودي ألماني، كان يعتقد أن الدين غير القومية وأن الاندماج في الشعوب الأخرى سينهى الانعزل اليهودي في أوروبا ويقضي عليه، وكان يدعو إلى ذلك.

ب. من يهود جماعة المارانو

(1) أورييل داكوستا.

(2) إسبينوزا.

ج. من معارضي حركة التنوير

بيرتس سمولنسكين، وهو مفكر صهيوني يهودي، وعقيدته التي يؤمن بها إيماناً راسخاً ويدعو إليها هي أن جوهر اليهودية دين وقومية في آن واحد.

د. المفكرون الصهيونيون خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وسنعرض لأسمائهم ولأفكارهم بالتفصيل لاحقاً، وأهمهم:

(1) الحاخام يهودا القلعى، وكتاباه "اسمعي يا إسرائيل" و"الخلاص الثالث".

(2) الحاخام اليهودي البولندي تسيفى هيرش كاليشر وكتابه "البحث عن صهيون".

(3) موسى هيس يهودي صهيوني علماني ألماني المولد، وكتابه "بعث إسرائيل"، وعرف فيما بعد باسم "روما والقدس".

(4) الطبيب اليهودي الروسي بنسكر، وكان اندماجياً حتى إصداره كتابه "التحرر الذاتي".

(5) بيرتز سمولنسكن.

(6) موشى ليلينبلوم، وكتابه "حول بعث اليهود على أرض آبائهم".

(7) العيزر بن يهودا.

(8) تيودور هرتزل اليهودي النمساوي، وكتابه "الدولة اليهودية".

إن الكتابات والدعوات بحق اليهود في العودة إلى أرض الميعاد، والتي تبناها وأطلقها الساسة الأوربيون من غير اليهود (صهيونية غير اليهود) سواء بدوافع استعمارية أو للتخلص من الفائض البشرى اليهودي في أوروبا لم تجد صدى بين يهود أوروبا، الذين كانوا آنذاك بصدد حصولهم على حقوق المواطنة الكاملة في دولهم الأوروبية، إضافة إلى سيل هجرة اليهود من روسيا إلى أوروبا بعد المذابح الروسية لهم. لذا فإن الأوروبيين بدأوا في التفكير في تنفيذ الإبعاد والترحيل عن أوروبا بتوجيه تلك الهجرات إلى أي بلد ما في العالم بعد تجميعهم مثلاً في فلسطين، وذلك في إطار المصالح الأوربية فكانت أول محاولة جدية قام بها نابليون بونابرت الإمبراطور الفرنسي الشهير، وهو واحد من أهم المعادين لليهود في العالم الغربي (سجله في فرنسا يشهد على ذلك) وهو أيضا من أهم دعاة العلمانية الشاملة؛ إذ دعا الصهاينة إلى الاستيطان في بلاد أجدادهم واستحثهم على الانضمام تحت لوائه في حملته الشهيرة على مصر والشام في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر الميلادي؛ لإعادة بناء مجد إسرائيل الضائع في القدس والأراضي المقدسة ومن أيدي العرب والمسلمين، ويصف اليهود بأنهم الورثة الشرعيون لفلسطين وذلك في ندائه إلى يهود العالم , وكان الهدف هو استخدام اليهود ومساعداتهم له في تحقيق غايته الاستعمارية ومراميه الخاصة بالشرق، ولكن محاولته فشلت أثر هزيمة جيوشه أمام حصن عكا الحصين، وبذلك يكون أول زعيم دولة وسياسي ينادى بإقامة دولة يهودية في فلسطين.

أصبح مفهوم الصهيونية مفهوما أساسيا في الخطاب السياسي الغربي عام 1841م، مع نجاح أوروبا في بلورة مشروعها الاستعماري ضد العالم العربي والإسلامي، والذي حقق أول نجاح له في القضاء على مشروع والى مصر محمد على الكبير لتحديث مصر والدولة العثمانية، واكتملت بلورة المفاهيم الصهيونية وملامح المشروع الصهيوني تماماً في الفترة ما بين منتصف القرن التاسع عشر وعام1880م على يد المفكرين الصهيونيين غير اليهود ومنهم لورد (شافتسبرى) و(لورنس أوليفانت) وقد لخص شافتسبرى التعريف الغربي لمفهوم الصهيونية في عبارة "أرض دون شعب لشعب بدون أرض"وهى كلمات تقترب كثيرا من الشعار الصهيوني، وقد حاول أوليفانت إن يضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ.

عبرت النزعة الصهيونية في شرق أوروبا عن نفسها من خلال جماعات أحباء صهيون، التي حاولت التسلل إلى فلسطين للاستيطان فيها، وأصبح الصهيوني هو من يؤمن بالتسلل للعودة إلى فلسطين، بعكس المفهوم الذي عرفه المفكر اليهودي النمساوي نيثان بيرنباوم في 1980م في مجلة "الانعتاق الذاتي" وشرح معناه قائلاً: إن الصهيونية هي إقامة منظمة تضم الحزب القومي السياسي، بالإضافة إلى الحزب ذي التوجه العملي (أحباء صهيون)؛ كما صرح بأن الصهيونية تري القومية والعرق والشعب شيئاً واحداً وهكذا أعاد بيرنباوم تعريف دلالة مصطلح الشعب اليهودي الذي كان يشير فيما مضي إلى جماعة دينية أثنية، فأصبح يشير إلى جماعة عرقية بالمعني السائد في ذلك الزمن، واستبعد الجانب الديني منه تماماً، وأصبحت الصهيونية هي الدعوة للقومية اليهودية التي جعلت السمات العرقية اليهودية قيمة نهائية مطلقة بدلا من الدين اليهودي، وخلصت اليهودية من المعتقدات المشيحانية والعناصر الأخروية. وهي الحركة التي تحاول أن تصل إلى أهدافها من خلال العمل السياسي المنظم، لا من خلال الدعم والصدقات من الأغنياء ولكن بعد مؤتمر بازل1897م وهو المؤتمر الصهيوني الأول (الكونجرس الأول/الكنيست الأول) حيث تحدد المصطلح وأصبح يشير إلى الدعوة التي تبشر بها المنظمة الصهيونية، والي الجهود التي تبذلها وأصبح الصهيوني هو من يؤمن ببرنامج مؤتمر بازل الأول.

لم يكن الاعتقاد بوعد التوراة للشعب المختار وانتشار هذا الإيمان به في أوروبا كافيا لقيام الدولة اليهودية على أرض الواقع، ولم تعد اليهودية موضوعا للبحث الأكاديمي، بل أصبحت صيغة واقعية مرتبطة بالأزمة السياسية السائدة في أوروبا، وكان لابد من وجود عدة عوامل سياسية واقتصادية تكون هي الفاعلة المباشرة، ولم يكن مقبولا من الناحية الشكلية وحتى الموضوعية أن يتولي الغرب من طريق مباشر طرد السكان الأصليين في فلسطين علناً وتوطين اليهود بدلا منهم بل لابد أن ينسب إلى الشعب المختار جهاد وعمل شاق لاستعادة أرضه وأرض أبائه الأوائل، ولذا نشطت الصهيونية ومفكروها في تجميع الأفكار القابلة للتنفيذ بعد ما أحكم الربط بين الأفكار الدينية والأطماع السياسية الواقعية الأوروبية في كل محاولة للحصول على نفوذ في منطقة الشرق الأوسط، أو تدعيمه وتقويته كما أصبحت الأفكار الصهيونية مادة خصبة يتجار فيها كل من يريد موطِئ قدم في الشرق؛ ما جعل فلسطين في وحي السياسة الأوروبية وفكرها تقع تحت قوي النفوذ المتصارعة الرئيسية في أوروبا، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا، وذلك في إطار تعامل أوروبا مع أملاك الدولة العثمانية، والتي كانت فلسطين من ضمنها لذا كان لابد من استغلال الدعم المعنوي الأوروبي لليهود، واستغلال الظروف السياسية الاقتصادية والأطماع الاستعمارية لهذه الدول، وربطها مع بعضها في رؤى ومقترحات للتنفيذ، فكانت هذه المقترحات لأهم مفكري الصهيونية.

1. أفكار الحاخام يهودا القلعى

كانت أفكار الحاخام يهودا القلعى (1798 -1878م) هي التي أدت إلى بعث الصهيونية الدينية في العصر الحديث، لما احتوته من دعوة إلى خلاص الشعب اليهودي بالعودة إلى التلمود والقبالاه، وكذا بالعودة إلى الأرض المقدسة، أرض فلسطين، أرض الآباء تحت زعامة وقيادة بشرية يهودية دون انتظار قدوم الماشيح المخلص كما حدث في العودة من بابل، وبناء الهيكل للمرة الثانية، وإعادة بناء أسوار أورشاليم , ويجب أن تكون العودة مصحوبة بإقامة المستعمرات والمستوطنات اليهودية في فلسطين، حتى تكون مقدمة لظهور الماشيح المخلص ومستقبلة وحامية له من الأغيار , وأيضا بقصد تعمير أرض الميعاد أرض الآباء, وقد سجل هذه الأفكار في كتابيه "الخلاص الثالث" و"اسمعي يا إسرائيل" ودعا إلى الخلاص الذاتي التدريجي، وهو العودة إلى فلسطين حيث يعد لك فرضاً على كل اليهود في التوراة والتلمود ولخص خطوات العودة في البنود الآتية:

أ. الدعوة إلى عقد (كنيست)جمعية يهودية عمومية تحت قيادة مجموعة من حكماء اليهود (السهندرين) لتنظيم عملية استعادة فلسطين وإنشاء المستوطنات اليهودية بها.

ب. إنشاء صندوق يهودي قومي لجمع التبرعات والمساعدات المالية من أثرياء اليهود لإنشاء المستعمرات والمستوطنات وإجراءات عملية تهجير اليهود وشراء الأراضي لهم.

 ج. إنشاء صندوق لجمع الضرائب من المستفيدين من الاستيطان كذا من يهود الشتات.

 د. اشتراك كل فئات اليهود في استثمار قرض قومي لإقامة المشروعات الخدمية لليهود في فلسطين.

 هـ. إحياء اللغة العبرية ووضع بنفسه كراسة لتدريسها.

2. أفكار الحاخام تسيفى هيرش كاليشر

كان الحاخام كاليشر (1795 -1874 م) متأثرا بالحاخام يهودا القلعى تأثراً كبيراً، حتى تلاقت أفكارهما تماما ,وهو قد ولد في بولندا، وعاش وعاصر توتر اليهود واضطرابهم واضطهادهم في روسيا القيصرية، كما كان قريباً من الحركة اليهودية الإصلاحية، ورفض دعوتها إلى الاستنارة بالمفهوم الغربي حيث جوهرها الاندماج في المجتمع الغربي (أي الأغيار) و لذا كانت دعوته دائما تبنى على ضرورة العودة إلى أرض الميعاد (فلسطين) أرض الآباء والاستيلاء عليها بالقوة، دون الانتظار لمجيء الماشيح المخلص حيث إن مجيئه مرتبط بتجمعهم أولا في الأرض المقدسة (فلسطين)، مثل العودة القديمة من الأسر البابلي إلى أورشاليم، وإصداره لكتابه "البحث عن صهيون " حيث ركز في القسم الأكبر منه على الحديث عن العمل الحرفي اليدوي وخاصة العمل الزراعي، لأنه مهم من الناحيتين الآتيتين:

أ. إن العمل الزراعي وثيق الصلة بالاستيطان وتوفير الغذاء.

ب. محو صورة اليهودي القديمة، والتي تصوره غير قادر على العمل إلا في التجارة والنشاط الربوي، وتصويره الآن قادراً على العمل اليدوي المنتج والمعتمد على الذات.

3. أفكار الحاخام/ الرابي افراهام يتسحاق كوك

هو أشهر حاخام/ رابي في العصر الحديث (1865 -1935م) علما ودراية وتبحرا في فقه القبالاة، حيث سخر لك العلم في خدمة الأهداف الصهيونية وأسس مدرسة "مركاز هراف "الدينية. وقد جمعت أفكاره وكتاباته كل الاتجاهات الصهيونية في الدين والسياسة وأعلن عن فتوى كبيرة لها تأثير عظيم، وهى أن جيل المستوطنين الأوائل في فلسطين ينتمون إلى جيل الماشيح المخلص، على الرغم من عدم تدينهم لأنهم حققوا تعاليم التوراة باستيطانهم أرض فلسطين، وهى أرض الميعاد ولأنها هي مركز التقاليد الدينية اليهودية والقومية على حد سواء، ولهذا كان ملخص أفكاره محددة في الآتي:

أ. إعطاء معنى ديني حقيقي لمركزية أرض إسرائيل في الحياة اليهودية.

ب. تنمية الإدراك الحسي للعلاقة بين الدين اليهودي ونشاط الصهيونية العلمانية.

ج. إعطاء أهمية عالمية للنهضة اليهودية من خلال نظام نابع من الفكر الديني.

4. المشروع الاستيطاني لموسى هس

أ. إن الأوروبيين القوميين يقولون بنقاء العرق الأوروبي، فلِمَ لا يقول اليهود بنقاء العرق اليهودي؟ وإن الرابطة القومية لا الطبقية هي التي يجب أن تسود بين اليهود، وأنها هي الأرض المشتركة للشعب اليهودي من فقراء وأغنياء، وأن مفهوم الأرض القومية يمثل القاعدة التي يرتكز عليها البناء اليهودي في دولتهم بفلسطين.

ب. يجب حث يهود أوروبا الشرقية على التوجه إلى فلسطين؛ حيث أنهم أفقر فئات اليهود، ويمثلون أعلى نسبة من اليهود في العالم، وذلك تحت شعار "لم لا يحق للشعب اليهودي التجمع لتحرير وطنه مثلما فعل الشعب الايطالي".

ج. استيطان اليهود لفلسطين بزعم نشر الحضارة الغربية ومدنيتها، مثلما تزعم الدول الاستعمارية عند احتلالها لراضي ليست ملكاً لها أنها تفعل ذلك من أجل تحديثها وتنميتها ورقيها، ومن ثم سيجعل اليهود فلسطين مراكز لتمدين ورقي شعوب آسيا وأفريقيا المجاورة لها، ومن القدس مركزا للإشعاع الحضاري، وهذا لن يتحقق إلا عن طريق إقامة الدول الصهيونية في فلسطين.

د. الاستعانة بفرنسا الدولة الاستعمارية الكبرى لدعم هذا المشروع؛ لأنها هي صاحبة النفوذ الأقوى في المشرق العربي (شق قناة السويس ـ نفوذها من خلال المارون في سورية).

5. خطة ليوبنسكر في كتابه التحرير الذاتي واشتملت على الآتي

أ. إن حل المشكلة اليهودية لن يتم إلا إذا تحققت المساواة الكاملة لليهود مع مواطني الشعوب التي يعيشون بين ظهرانيهم، ولأنهم لا يملكون وطنا خاصاً بهم رغم كثرة الأوطان التي يعيشون فيها كما لا توجد حكومة وطنية تمثلهم، ولذا لزم البحث عن حل بإيجاد وطن قومي يجمعهم، وكذلك رابطة قومية يعملون تحت لوائها والمقصود بالوطن القومي أرض تعيد لليهود كرامتهم المفقودة، لا يستوجب أن تكون أرض يهودا القديمة، ولكن أي أرض يملكها اليهود ويعيشون فيها، مع أنه لا يرفض الأرض المقدسة بفلسطين إذا تيسر ذلك.

ب. تحفيز الجماهير اليهودية على الإيمان بأهمية الوجود القومي المستقل وهذا واجب على الصهيونية السياسية وعليها إثارة الدافع لممارستهم لحقوقهم السياسية القومية.

ج. إن الوقت الحالي (1862م) هو أنسب الأوقات لتحقيق التضامن القومي لليهود، وأن يكونوا جميعا مستعدين للتضحية من أجل تحقيق الهدف القومي.

د. الإثارة الدائمة لحركة معاداة اليهود (اللاسامية)، والضرب على ذلك الوتر أبداً، لإقلاق الأغيار، وجعلهم يشعرون بعقدة الذنب الدائمة حيال اليهود، حيث عرفها بأنها مرض موروث منذ أكثر من ألفي عام وهو مرض غير قابل للشفاء.

هـ. استغلال مشكلة الانفجار السكاني بالقارة الأوروبية لمصلحة الصهيونية، حتى يصبح هدف توطين اليهود في بلد يستقرون فيه خارج أوروبا هدفا مشتركا لكل الأوروبيين الذين يرغبون في التخلص من اليهود.

و. تكوين قوة يهودية مادية فاعلة بالتنسيق مع القوي الأوروبية العظمي، خاصة إنجلترا لإقامة التنظيمات السياسية والإدارية والمالية اللازمة لإقامة الوطن القومي لليهود.

ز. التركيز على الفائدة التي ستعود على الدول الاستعمارية؛ لأن المهاجرين الأوائل من المستوطنين اليهود سيقومون بدور العمالة السياسية والاقتصادية للاستعمار الغربي في المناطق المحيطة بدولتهم في حالة إنشائها.

ح. حدد ليوبنسكر فلسطين وطناً قومياً لليهود بعد إصدار هذا الكتاب بعامين.

6. خطة بيرتزسمولنسكن (1842- 1885م)

أ. مناهضة الحركة الإصلاحية اليهودية(الهسكالاه) بزعامة مندلسون، رغم ما قدمته هذه الحركة لليهود في أوروبا الشرقية والغربية على السواء من مساعدة ودعم، بل هي المحرك الأساسي للتحرر من الجيتو والخروج منه لمواكبة التقدم والتطور العالمي ولكنه رفضها وناهضها للأسباب الآتية:

(1) تمسك مندلسون بالتنوير جعل الشخصية اليهودية تذوب في الشخصية الأوروبية.

(2)    تخلي عن أهم قوة محركة للقومية اليهودية المتمثلة في اللغة العبرية وعاء التوراة.

(3) تخلي عن فكرة الخلاص الجماعي للشعب اليهودي.

ب. إبراز العداء لليهود(اللاسامية) لتوجيه الرأي العام اليهودي والتذكير الدائم بمذابح اليهود في روسيا.

ج. دعوة فقراء اليهود في روسيا للهجرة إلى فلسطين بهدف الاستيطان وإقامة كيان يهودي بها.

د. إن العمل الرئيسي للمستوطنين يكون في الزراعة، لأنها تؤدي إلى التفاعل مع الأرض والارتباط والتعلق بها والدفاع عنها إذا لزم الأمر.

هـ. قيام أغنياء اليهود في أوروبا والعالم بدعم عمليات الاستيطان، وشراء الأراضي وإقامة المستعمرات والمستوطنات، وتمويل عمليات التهجير إلى فلسطين، وما تتطلبه من نفقات في مراحلها الأولي.

7. خطة وتصور موشي ليلينيلوم (1843- 1910م)

قام بنشر دعوته من خلال كراسة كتبها بعنوان"حول بعث اليهود على أرض أبائهم" التي احتوت أفكاره على الأسس الآتية:

أ. تصوير حالة الذل والمهانة التي يعيشها يهود روسيا، وضرورة الخلاص من حياة الغربة والمهانة، وهذا لا يكون إلا بالفرار إلى وطن يستقر فيه اليهود.

ب. تأكيد الاعتقاد بأنه لا منقذ لليهود من حياة الذل والمهانة التي يعيشونها في بلاد الشتات إلا ببعث قومي بينهم بإقامة وطن قومي على أرض آبائهم الأوائل.

ج. أن تقتصر هجرات اليهود الأولي إلى فلسطين على المزارعين والحرفيين وصغار الرأسماليين لما لهم من دور في التمسك بالأرض والدفاع عنها، على أن يكونوا هم نواة الدولة القومية اليهودية التي تضم سوريا الكبرى (فلسطين جزء منها) أي أرض الشام القديمة.

د. قيام يهود أوروبا بدعم النفقات اللازمة للهجرة والاستيطان في المرحلة الأولي، ثم الهجرة الشاملة إلى فلسطين في المرحلة الثانية.

8. أفكار العيزر بن يهودا (1858-1925م) وقامت على الأسس التالية

أ. قيام قومية يهودية على غرار القومية الروسية (السلافية) على أساس سياسي علماني.

 ب. أن يظل اليهود محافظين على الوحدة القومية اليهودية بفضل ديانتهم وعزلتهم عن الأغيار وبلورة هذا المفهوم على ثلاثة ركائز هي:

(1)    الأرض (أرض الآباء الأوائل).

(2)    اللغة القومية.

(3)    الثقافة القومية والتراث الديني.

ج. إحياء اللغة العبرية لغة تعامل بين اليهود في الشتات وليست للصلاة فقط.

 د. الإصرار على أن تحقيق الهدف الصهيوني بإنشاء الدولة القومية إنما يكون بالعمل السياسي الايجابي وليس بترقب الماشيح المخلص.

9. أفكار وخطوات تيودور هرتزل (1860- 1904م)

يعتمد كثير من المحللين السياسيين والمفكرين الإستراتيجيين أن الطبيب الروسي اليهودي ليوبنسكر هو الواضع الأساسي لبذور الصهيونية السياسية بوجهتيها النظرية والعملية، وهو الذي مهد الطريق أمام تيودور هرتزل الذي استطاع بعد ذلك أن يجمع ويفند كل الآراء السابقة للمفكرين اليهود بما فيهم ليوبنسكر، ويضع الصهيونية السياسية في حيز التنفيذ ويعد كتاب ليوبنسكر التحرر الذاتي هو المرجع الأساسي لتيودور هرتزل عند تأليف كتابه "الدولة اليهودية" والذي ناقش فيه المشكلة اليهودية ووسائل علاجها حتى قيام الدولة الصهيونية، ولذا كان الفرق بين ليوبنسكر وبين تيودور هرتزل، حيث إن هرتزل كانت له المقدرة على أن يجعل المشكلة اليهودية مشكلة دولية\يهودية لا يهودية فحسب، كما أنه خطا بكتابه الدول اليهودية في سنة 1896م خطوات جادة لتفعيل الصهيونية السياسية وتطويرها في المجال السياسي العملي (الصهيونية الدبلوماسية) لا النظري كسابقيه من المفكرين والباحثين اليهود وغير اليهود (صهيونية غير اليهود) لذا يعد دور تيودور هرتزل هو الدور الأكثر فاعلية حقيقية على أرض الواقع من بين كل الأدوار التي اضطلع بها الزعماء الصهاينة المفكرون منهم والسياسيون، وقد سارت خطواته على الأسس التالية:

أ. إن أرض اليهود التاريخية موجودة ولا تزال فارغة من السكان (علي حد زعمه) وأنه يطلب من اليهود العودة إلى أراضيهم القديمة أرض الآباء وإعادة بناء دولتهم عليها وذلك لتوفر متطلبات الدولة كالآتي:

(1) شعب مميز (الشعب المختار) وهم اليهود وهم المادة البشرية المنتشرة في العالم.

(2) أرض يقيم عليها الشعب وهي فلسطين في الواقع الملموس وليست في الخيال.

(3) القوة الدافعة لإقامة الدولة موجودة في واقع المأساة التي يعانيها اليهود المضطهدون من كل شعوب العالم.

ب. إن العالم الغربي في حاجة إلى قيام الدولة اليهودية، ومن ثم فعليه أن يساعد في إقامتها، واليهود قادرون على نشر الحضارة الغربية والتبشير بها خارج أوروبا.

ج. التضخيم من مسألة عداء اليهود (اللاسامية) وهو قدرهم الأزلي ويجب على اليهود بساميتهم؛ لأن إحساسهم بالاضطهاد يجعلهم يجتمعون ويتضافرون بعكس الشعور بالأمان الذي يمزق الكيان اليهودي الموحد ويدمجهم في الشعوب الأخرى ويضعف الشعور القومي اليهودي والانتماء اليهودي.

د. قيام الدولة اليهودية لن يكون ضارا باليهود المندمجين (صهيوني التوطين) والذين سيبقون في دول المهجر والشتات بل سيكون في مصلحة كل اليهود سواء داخل الدولة أو خارجها، ولأن إحساسهم بأن لهم دولة يلجأون إليها في حالة اضطهادهم يشعرهم بالثقة والاطمئنان والأمان ولذا عليهم أن يقدموا العون المادي للدولة الوليدة طواعية مع تنظيم الهجرة إليها (أي إلى الدولة اليهودية).

هـ. محاولات الاستيطان الأولي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر لا يمكن أن تحقق قيام الدولة اليهودية، ولكن يمكن دراستها للاستفادة بسلبياتها حتى يمكن تجاوزها وتصحيحها، وأن الاستيطان غير المنظم (الصهيونية الاستيطانية) وغير المرتبط بسياسة محددة لا يقيم دولة.

و. يجب تدريب اليهود (المستوطنين) على العمل اليدوي الشاق حتى يساعد على الاستيطان والاستقرار في ظل دولة معترف بها من دول العالم.

ز. إن فكرة الدولة موجودة في عقول اليهود وقلوبهم في طول تاريخهم وتراثهم الديني والشعبي، ويحملون حلم الدولة، ودليل ذلك ترديدهم الشعار الأرثوذكسي " العام القادم في أورشليم" عند التقائهم مع بعض أو افتراقهم عن بعض، يجب عندهم التمسك بهذا الشعار حتى تحقيق الهدف منه رغم أنه شعار معنوي.

ح. تبدأ الهجرة بفقراء اليهود الذين يريدون تحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية وخاصة الذين يجيدون الأعمال اليدوية مثل الزراعة والصناعات الصغيرة، وأيضاً الحرف التي تحتاج إليها البنية التحتية في المجتمعات الناشئة والحديثة.

ط. إن هجرة اليهود من المجتمعات الأوروبية سينعش اقتصاديات هذه المجتمعات بعد مغادرة اليهود لها لأن أهل البلاد سيأخذون مميزات السوق التجارية والأعمال الاقتصادية التي كانت في حوزة اليهود المهاجرين وتحت سيطرتهم. فضلاً عن أن الاضطرابات والقلاقل الداخلية التي كان يسببها اليهود سوف تنتهي برحيلهم.

ي. ضرورة أن يتحول اليهود إلى قوة مؤثرة في المجتمع الدولي ويقصد هرتزل القوة بمعناها الألماني في شعار" إن الأمة التي لا تملك القوة أمة بلا روح".

ك. ضرورة إنشاء مؤسستين لتنفيذ هذه الأفكار هما:

(1) تجميع وإنشاء مجتمع اليهود.

(2) الشركة اليهودية التي توفر الموارد المالية اللازمة لإنشاء مجتمع يهودي على غرار الشركة البريطانية التي مكنت انجلترا من الاستيلاء على جنوب أفريقيا واستعمارها.

ل. أن يقبل اليهود أي أرض تمنح لهم (الأرجنتين أو فلسطين) مع انه أي هرتزل كان يفضل أرض فلسطين حيث يمكن لدولتهم العمل في وظيفة القوى العظمى، ما سيجعل من الدولة اليهودية حائطا للدفاع عن أوﺠروبا في آسيا والمنطقة العربية وبالتالي ستضمن أوروبا وجودها وبقائها.

م. يمكن وضع الأماكن المسيحية المقدسة تحت إشراف يتفق عليه سواء من الحماية الدولية أو الإشراف الدولي.