إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الصهيونية




مناحم بيجين
موشي ديان
هنري كيسنجر
وعد بلفور
إسحاق رابين
إسحاق شامير
تيودور هرتزل
جولدا مائير
حاييم وايزمان
ديفيد بن جوريون
زئيف جابوتنسكي فلاديمير

أبناء ونسل إبراهيم عليه السلام

مناطق الانتداب البريطاني ـ الفرنسي
مشروع الوكالة اليهودية
مشروع برنادوت لتقسيم فلسطين
إسرائيل والأرض المحتلة 1967
إسرائيل عام 1949
الاحتلال اليهودي لفلسطين
تكوين المملكة المتحدة
تقسيم لجنة وودهيد البريطانية (أ)
تقسيم لجنة وودهيد البريطانية (ب)
تقسيم تيودور هيرتزل 1904
تقسيم فلسطين بين الأسباط
فلسطين في القرن الأول ق.م



تقديم

المبحث الثالث

أشكال ومفاهيم الصهيونية العالمية

اتصف الدين اليهودي كما سبقت الإشارة إليه في المبحث الثاني بأنه تركيب جيولوجي تراكمي مثل التركيب الجيولوجي للأرض؛ وذلك لأنه لم ينسخ أو يلغى أي تفسيرات أو دلالات سابقة أو لاحقة لأي جيل من أجيال اليهود. ونجد أن الصهيونية على الرغم أنها لم تظهر مصطلحاً إلا في القرن التاسع عشر، إلا أنها أخذت صفات التركيب الجيولوجي التراكمي للدين اليهودي، وظهرت لها دلالات كثيرة، فمثلاً منها الديني كما عرفها عزرا النبي، ومنها السياسي كما نفذها نحميا النبي حين أتفق مع ملك فارس، وكذلك عند الإشارة إلى التراث الديني تعنى جبل صهيون والقدس، بل يقصد بها الآن الأرض المقدسة كما تشير الدلالة إلى اليهود على اعتبار أنهم بني صهيون أي أن اليهود جماعة أثنية دينية كما جاء بمزامير النبي داود u وخاصة بالمزمور رقم 137/1.

بدأ مفهوم الصهيونية نفسه في التبلور والتخلص من كثير من أبعاده الغيبية الدينية مع تصاعد العلمانية ونموها وانتقل إلى عالم السياسة والمنفعة المادية وأصبحت لها تعريفات كثيرة ومتشابكة ومتداخلة وتشير إلى مجالات كثيرة ولكنها تشترك جميعها في أنها تحتوي على مجموعة العقائد الثابتة التي ذكرت في الفصل التمهيدي، ولكن نذكر هنا أحد هذه التعريفات لاحتوائه على منهاج عملها فهي تعرف بأنها مجموعة من المعتقدات التي تهدف إلى تحقيق برنامج بازل الذي وضع في عام 1897م تحقيقاً عملياً وعلي ذلك فالصهيونيون هم أولئك الذين يعدون الطائفة المعروفة باسم اليهود شعبا قوميا مستقلا ينبغي إعادة توطينه في كيان سياسي مستقل في فلسطين، لكي يقيم فيها دولة قومية خاصة باليهود وحدهم (الدولة اليهودية) تحت ثوابت ثلاث لا اختلاف عليها وهى:

أ. إن اليهود هم شعب الله المختار .

ب. إن الله وعد اليهود وملكهم أرض الميعاد، أرض كنعان من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات .

ج. إن ظهور الماشيح مرتبط بقيام صهيون (يسرائيل) وبتجميع اليهود من شتاتهم بأنحاء العالم في أرض الميعاد (أرض يسرائيل) حتى يتحقق ظهوره .

أولاً: مبادئ عزرا الثمانية

تبنت الصهيونية الحديثة مبادئ النبي عزرا الثمانية والتي هي ملخص الأفكار الإستراتيجية التي وضعها النبي عزرا والأحبار عند إعادة كتابتهم لأسفار العهد القديم (الشريعة/ تثنية الاشتراع) لكي تكون هي القواعد التي اتخذتها الصهيونية الحديثة منهاجاً فيما بعد، وهي نفس مبادئ الصهيونية القديمة منذ الأسر البابلي والمبادئ من الأول إلى السابع عقدية والمبدأ الثامن عملي يحول ما يدور بالعهد والعقل والقلب إلى إرادة عمل قوية وصلبة وعمل فاعل ونافذ لاستعادة أرض الآباء ويمكن صياغتها في الأتي:

أ‌. اختار الله العنصر العبري ليكون شعبا مختارا له باختيار إبراهيم عليه السلام.

ب. أعطي الله ميثاقه لهذا العنصر وهو ليس مجرد عقد، بل عهد أزليّ لا ينقض.

ج. تنفيذا لهذا الميثاق اخرج العنصر العبري من مصر، وأنقذه من بطش فرعون، وأهلك كل من يعيش بأرض كنعان من أجله وأسكنه فلسطين وملكه إياها كما زعموا.

د. اختار الله داود u ودفعه إلى تحقيق الميثاق أي إنشاء الدولة الداودية (المملكة) وجدد الله له العهد بأن هذه الدولة الإلهية لن تزول لهذا جعل الله العنصر اليهودي المختار ملكاً وأرضاً ودولة هي هذا الملك وهذه الأرض وهذه الدولة الإلهية.

هـ. انحرف العنصر العبري عن الطريق العبري فأفلت منه الملك ولكن كيف يضيع الملك ومالكه هو الله.

و. على العنصر العبري أن يتطلع إلى استرجاع هذا الملك بكل عقله وقلبه الذي حققه ملوك بني إسرائيل على الأرض المقدسة (اُنظر خريطة تكوين المملكة المتحدة).

ز. إن استرجاع هذا الملك حتمي لأن العنصر العبري لم ينحرف كله، فقد بقيت بقية صالحة وبذلك يصدق عهد (يهوه) بأن ملك العنصر العبري الذي هو ملكه لن يزول.

ح. ضرورة تحويل أمل العودة واسترجاع الملك إلى إرادة فعالة مخططة وعمل ايجابي من الشعب الموعود بالأرض والملك.

إن مبادئ الصهيونية القديمة التي كانت ترجمة صادقة لأعمال النبيين اليهوديين عزرا ونحميا، وحماسهما العنصري الطاغي والمعادي لكل ما هو غير يهودي، وكذلك استغلالهما لدعم وتعاون كل من قورش الإمبراطور الفارسي وأولاده من بعده لهما، للعودة إلى أرض كنعان، ما أكسب تلك العودة عداء شعوب تلك الأرض، بالإضافة إلى أسلوب أعمال الحشمونيون (المكابيون) وثورتهم ضد الحكم السلوقي بقيادة متيتا الكاهن الحشموني وأولاده من بعده، وأيضاً إثبات فشلهم في إعادة حكم اليهود أو فرض الطابع العنصري في تلك الأرض. كل ذلك وضعه الفريسيون الذين ظهروا في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد في كتابهم التلمود، وهو أشد الكتب عنصرية وتحاملاً على الآخرين أو الأغيار، وأصبح هو القاعدة الأساسية، بل منهاج الحياة لليهود في شتاتهم الطويل.

أصبح من الضروري لتنفيذ هذا البرنامج توحيد العمل بين جميع الاتجاهات والمدلولات للمفهوم الصهيوني نتج عن تعدد ذلك المفهوم عدة أشكال للصهيونية ولكل منها روادها ومفكروها وقادتها، ولذا فإننا نجد من أشكالها صهيونية غير اليهود واعتقدها الأوربيون المسيحيون اعتقاداً كاملاً, والصهيونية العمالية (الاشتراكية) في شرق أوروبا, وصهيونية الدياسبورا, والصهيونية الاستيطانية (العملية/التسللية) التي تتبناها جمعية أحباء صهيون, وكذا الصهيونية القتالية (لحاجة المستعمرات والمستوطنات في فلسطين للدفاع عنها) والصهيونية الدبلوماسية (الاستعمارية), والصهيونية السياسية التي اعتنقها اليهود العلمانيون بقيادة هرتزل, والصهيونية التوفيقية التي اتخذها حاييم وايزمان وسيلة لحل التناقضات وتوحيد الجهود بين كل من المتعارضين والمختلفين في الرأي، ونعرض أهم هذه الصهيونيات والتي كان لها الأثر الفعال في العودة إلى فلسطين وإعلان قيام دولة إسرائيل في مايو 1948 م .

ثانياً: الصهيونية الدينية

تعرف الصهيونية الدينية بأنها تيار ديني ظهر في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي يدعو إلى الهجرة إلى فلسطين لإقامة الشريعة اليهودية والعمل بالوصايا التوراتية لتحقيق مملكة الرب والأمة المقدسة على أرض فلسطين، ويطلق على هذا التيار بأنه التيار الديني الأصولي الذي يضاد الصهيونية القومية/ السياسة التي جاء بها هرتزل ورفاقه من أجل الدولة القومية على أرض فلسطين؛ لإن أصحاب التيار الديني دائما يرون أن إنشاء الدولة القومية بالرؤية التي يتصورها هرتزل ورفاقه تعد استعجالا للنهاية التي ستكون كارثة على اليهود إذ يجب أن تقترن الدولة بظهور الماشيح المخلص، مع الأخذ في الحسبان حقيقة المؤكدة أن التيار الديني المتشدد (الأرثوذكسي) كان لا يزال التيار الأكثر تأثيرا في الجماعات اليهودية خاصة في أوروبا الشرقية حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، إلا أن الحركة الصهيونية العلمانية بقيادة تيودور هرتزل استطاعت أن تستقطب غالب هذا التيار لتدعم بتأثيرها الديني في اليهود طاقات الموقف السياسي القومي بين أوساط اليهود، وكان أصحاب التيار الديني ينظرون إلى الصهاينة العلمانيين (وهم ملاحدة) على أنهم أصحاب فكر علماني يمكن أن يعرض الأرثوذكسية للخطر، ويمحو الصيغة المميزة للكبرياء اليهودي وكان الحاخامات الأرثوذكسيون على حق؛ ذلك لأن هرتزل ورفاقه كانوا يعتقدون بأن مكان الحاخامات هو المعابد بل كانوا ينظرون إلى الدين اليهودي على أنه مجموعة من الأفكار التي لا يمكنها إدارة شئون اليهود المعاصرين أو تغيير وجهتهم من الشتات وتنقلهم إلى أرض تقوم عليها دولتهم القومية، لكن هؤلاء الصهاينة العلمانيين كانوا يقدرون مدي قوة السلطة الدينية التي يملكها هؤلاء الحاخامات الأرثوذكسيون على جمهرة اليهود ومن ثم فلم يمانعوا بأن يعلنوا أن القومية اليهودية يجب أن تقوم على تعاليم التوراة وشروحها في التلمود واللغة العبرية والأرض الموعودة، أي أن الأمر من وجهة النظر العملية البحتة يجب أن يقوم كل يهودي بنصيبه في القومية اليهودية الناشئة.

التحالف الصهيوني الديني العلماني في حقيقته يعني أن الصهيونية تسير نحو التغير من تجمع يقوم على مبدأ ديني إلى تجمع قومي وثورة داخلية جذرية داخل اليهودية تقوم بتغيير طبيعة الشعب من كيان ديني إلى كيان قومي مع الإفادة في الوقت نفسه من تأثير التيار الديني على تجمعات اليهود، وهذا ما تنبه إليه هرتزل رائد الحركة الصهيونية العلمانية في مقولته الشهيرة "الصهيونية هي العودة إلى اليهودية قبل العودة إلى دولة اليهود" وبذلك أيد التيار الصهيوني الديني التيار الصهيوني العلماني بزعامة هرتزل، مع أن زعماء التيار الصهيوني الديني اختلفوا مع الآخرين حول تعريف العلاقة بين الدين والثقافة في المؤتمر الصهيوني الخامس في سنة 1901م إلا أنهم أيدوا مساعي الحركة الصهيونية السياسية العلمانية نحو إقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين تحت شعار التوراة، والعمل على الرغم أن الصهيونية الدينية ارتبطت بفكرة الماشيح اليهودي من نسل داود وسليمان (طبقا لوعد الرب لهما) واعتقادهم بأنهما هما الموحدان للأسباط في دولة واحدة قديما (اُنظر خريطة تكوين المملكة المتحدة) ولعل في اشتراطهم أو اختيارهم أن يكون من نسل داود هو استمرار بناء مفاهيم عنصرية يهودية تشعرهم بالاستعلاء على كل الشعوب والأمم فيما عرف في التراث الديني اليهودي بمصطلح مشيحوت، ويعني المشيحانية أي الخلاص بينما ارتبطت الصهيونية العلمانية بذرائع سياسية بحته لإقامة دولة اليهود على أرض فلسطين، مقتنعين بضرورة وجود ضمانات سياسية من الدول الأوروبية العظمي وهي دول علمانية استعمارية في مقدمتها انجلترا، مثل اعتراف صريح للموافقة على هجرة اليهود إلى فلسطين واستيطانها والاعتراف بأحقيتهم في تأسيس الدولة اليهودية على أراضيها أي الحصول على الشرعية الدولية للجهود الصهيونية بإقامة الدول الصهيونية على أرض فلسطين العربية.

أصبح التحام الدين اليهودي بالقومية اليهودية التحاما يتعذر فصله، لأن القومية صارت من أهم مكوناته وصار الدين اليهودي قومية دينية يهودية، ومنها تبلورت فكرة وجوب نقاء الدم اليهودي منذ العودة من المنفي في الأسر البابلي حين بكي عزرا النبي بسبب زواج اليهود من الأمم الأخرى أثناء الشتات الأول، وكانت أهم أوامره لليهود عند العودة من الشتات "ألا تعطوا بناتكم لبنيهم ولا تأخذوا بناتهم لبنيكم"، وكذلك قول نحميا في إصلاحاته النهائية "فطهرتهم من كل غريب". واستمرت هذه المعتقدات حتى الآن في صورة قانون من هو اليهودي ؟ ولم يكن هذا الاستعلاء على الآخرين إلا انعكاسا نفسيا لإحساسهم بالدونية بسبب الانكسارات المتتالية والمعاملات والعلاقات السيئة التي كانوا هم سببا فيها مع الشعوب والأمم التي آوتهم على أراضيها بعد شتاتهم على يد تيطس وهدرمان الرومانيين في أعوام 70م و 135م هذه الأحاسيس بالدونية هي التي ولدت عندهم إظهار مشاعر الاستعلاء القومي وأوجدت حلم بطل ديني من سلالة داود يأتي لخلاصهم ورأوا أن التوبة والعودة إلى تعاليم التوراة تحقق هذا الحلم وتطور هذا المعتقد، وبلغ قمة تطوره في عصر التلمود ثم القبالاة، وأصبح يشير مفهوم المشيحوت إلى مجيء ملك يهودي ترسله السماء بقدرات حربية خارقة ليقود اليهود ويضعهم على قمة السلم البشري بشرط أن تشهد الأرض دمارا يتبعه هدوء وسلام أبدي يمهد لسيادة بني إسرائيل على العالم، فتأتيهم شعوب الأرض من أجل تقديم القرابين لهم خضوعا لبني إسرائيل في إسرائيل التي يجب أن تصبح سيدة على العالم وبذلك تكون الصهيونية الدينية قد وضعت أساسين مهمين ليكونا قاعدة المفاهيم لديها في سيادة بني إسرائيل على العالم هما الشعب المختار والماشيح المنتظر، الذي سيقيم دولة إسرائيل على أرض فلسطين وكعادتهم أضافوا إليها القداسة، وأن أورشليم مركز العالم ولقد سيطر هذا المفهوم على الفكر الديني الكاثوليكي في العصور الوسطي لدرجة أن (دانتي) مؤلف الكوميديا الإلهية جعل أورشليم مركز العالم.

إن إضافة طابع القداسة إلى أرض فلسطين طبقا لآراء الحاخامات الأوائل طور تفسير القداسة على مر السنين، فمثلاً الحاخام موسي بن ميمون العلامة ورائد الفكر القبالاه وضع شرط التوبة لمجيء الماشيح والمصطلح الديني اليهودي بالعبرية "تشوفاه" تعني التوبة وكذلك تعني العودة إلى الأرض المقدسة كما قال "إننا مطالبون بإتباع التوراة والشرائع في كل العصور وبعد أن نفعل ما هو متوقع منا ويجدنا الرب ويجد أحفادنا مستحقين بدرجة كافية لقدوم الماشيح فانه يرسله لنا"، واستمر تطور هذا الرأي حتى أصبح يشير إلى أن الاستيطان بفلسطين واجب ديني يساوي كل فروض التوراة وعلي هذا فيلزم كل فرد يهودي نفسه بالهجرة إليها والعيش فيها تمهيدا لمجيء الماشيح المخلص، ومثل هذه التفسيرات كانت من الأسباب التي دفعت بعض اليهود من حين إلى آخر إلى الهجرة إلى فلسطين والعيش فيها، ولقد اهتم الحاخامات بتوظيف العامل المشيحاني ليكون أحد العوامل المهمة الأساسية في التفكير القومي لدي اليهود وقد أوجد وهم حريصون على أن يكون مفهوم المشيحانية/ الخلاص مفهوم جماعي بحيث يحث اليهود ويحرضهم على التطلعات القومية اليهودية مع أن المشيحانية نشأت إحساسا دنيوياً لا دينياً، إلا أنه أخذ يتلون باللون الديني بادعاء أنه نبع من النبوة الإسرائيلية ليكتسب قوته الاعجازية الخارقة بكفاءة والتي تخلص اليهود من معاناتهم وتقودهم إلى الخلاص القومي بقيادة نبي قومي من نسل داود.

إن ظهور فكرة شخصية الماشيح المخلص الدنيوية ذات الرسالة الدينية المؤيدة من رب إسرائيل أدت إلى بعث الصهيونية الدينية في العصر الحديث على يد الحاخام يهودا ألقلعي (1798- 1878م) بالدعوة إلى الخلاص بالعودة إلى التلمود والقبالاة وبالعودة إلى فلسطين أرض الآباء تحت زعامة بشرية دون ما انتظار للمشيح المخلص، وذلك بإقامة مستعمرات يهودية في فلسطين، لكي تكون مقدمة لظهوره كما رأي أن الخلاص لا يمكن أن يأتي فجأة مرة واحدة وإنما ينبغي العمل بجد لتحقيقه كما رأي أن الخلاص الذاتي سيتم بالدعوة إلى عقد جمعية كبرى (كنيست) وقيام صندوق قومي لشراء الأراضي وهذه الأفكار، هي الأفكار نفسها التي آمن بها اليهودي العلماني تيودور هرتزل فيما بعد، وكذلك جاءت أفكار الحاخام البولندي تسفي هيرش كاليشر (1795- 1874م) تأييدا لأفكار ألقلعي في دعوته إلى الاستيطان بفلسطين وفي كتابه "البحث عن صهيون" الصادر في 1862م رأى هيرش كاليشر أن عذاب اليهود وشقاءهم هما امتحان إيمانهم وان بداية الخلاص تكمن في التطوع للذهاب إلى فلسطين بقصد الاستيطان لان الاستيطان بأرض فلسطين أهم وصايا التوراة وكذلك اتفق معهم موسي هس رائد القومية الصهيونية والمنادي بأنها حتمية اجتماعية وسياسية تجمع اليهود على معنى مشترك تحت لواء واحد وكان له فكره المؤثر حيث وضعه في كتابه بعث إسرائيل The Revival of Israel وهو الكتاب الذي عرف فيما بعد باسم روما والقدس ووضع خطته فيه واشتملت على بعث القومية اليهودية ثم اللاسامية واللامكان والذي دل على اللاسامية بقوله "إن كراهية العرق اليهودي هي الأساس وليس باستطاعة أي إصلاح أو تنصر أو أية ثقافة أو تحرر أن تفتح أبواب المجتمع الألماني لليهود حتى لو تنكروا لعرقهم" كما دلل على اللامكان أي اللامأوى بقوله "من الممكن أن تتحرك المشاعر الإنسانية لدي بعض الشعوب الأوروبية فتحررنا ولكنها لن تحترمنا طالما مبدؤنا أن موطن المرء حيث ينتفع وأن لب المشكلة هو اللامأوى" أي أن عدم وجود وطن قومي لليهود مثل باقي الشعوب سيدفع بهم في النهاية إلى مستوى الطفيليات التي تعتمد في قوتها على الآخرين .

ثالثاً: الصهيونية السياسية

الصهيونية السياسية اصطلاح مرادف لما يسمي الصهيونية الدبلوماسية، وهو الأكثر تفسيرية وارتباطا بظاهرة الصهيونية عموما كما أن كلمة سياسية مصطلح شديد العمومية يفترض أن الصهيونيات الأخرى ليست سياسية ولكن هذه الكلمة تعني في واقع الأمر المناورات السياسية أي الجهود الدبلوماسية، ولذا فإن المصطلح يشير إلى الإجراءات التي تؤدي إلى تحقيق الهدف الصهيوني، وهو السعي لدي القوي الامبريالية الاستعمارية الكبرى في أوروبا لضمان تأييدها للمستوطن الصهيوني في فلسطين وتأييد والهجرة اليهودية ودعمها تمهيداً لإقامة الوطن القومي اليهودي في الأرض المقدسة أرض فلسطين، واستخدام اصطلاح الصهيونية السياسية للتفرقة بين الإرهاصات الصهيونية الأولي التي سبقت ظهور هرتزل قبل جماعات أحباء صهيون، وكذا الصهيونية التوطينية لأثرياء اليهود في الغرب ولكن الحركة الصهيونية التي نظمها هرتزل تعود بداياتها إلى عام 1896م عندما نشر كتابه دولة اليهود، ولم تكن قيادات الصهيونية في مرحلة ما قبل هرتزل تدرك ضرورة وحتمية الاعتماد على الامبريالية والقوي الاستعمارية لوضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ وكانت تظن أن الاستيطان في فلسطين سيتحقق بالجهود الذاتية لليهود دون ضمانات من القوي الاستعمارية الأوروبية وقد علاف وايزمان الصهيونية السياسية (الدبلوماسية) بأنها تعني جعل المسألة اليهودية عالمية أي جزءاً من المشروع الاستعماري الغربي.

الصهيونية السياسية تختلف عن صهيونية غير اليهود في أن المؤمنين بها من أعضاء الجماعات اليهودية، لكنها لا تختلف عنها لأنها تنظر لليهود من الخارج باعتبارهم فائضا بشريا يجب التخلص منه، بإنشاء دولة وظيفية له فالصهاينة السياسيون/ الدبلوماسيون هم عادة إما يهود جاءوا من ألمانيا أو يهود ذوي خلفية ألمانية أو غربية حديثة لذا فهم مبتعدون تماما من اليهودية بالمعني الاثني الديني أو العلماني أي أنهم يهود غير اليهود ولكنهم وجدوا أنفسهم متورطين في المشروع الصهيوني لأن أعداء اليهود صنفوهم يهودا بالإضافة إلى وصول يهود اليديشية من شرق أوروبا هدد موقفهم وتطلب منهم تحركا سريعا باتخاذهم شكل الصهيونية التوطينية وهم لا يهتمون بالمشروع الصهيوني إلا باعتباره مشروعا لتخليص أوروبا من الفائض البشري ولذا لم يعيروا التوجه السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي أي اهتمام ويرجع السبب في ذلك لمعرفتهم بلغة الساسة وأصحاب النفوذ في العالم الغربي وكانوا قادرين على أن يقوموا بدور الجسر بين الغرب والمادة البشرية المستهدفة في شرق أوروبا (اليهود) والمطلوب التخلص منها ونقلها إلى خارج أوروبا ولذا فقد تمكنوا من صياغة العقد الصهيوني الصامت وبذل الجهود السياسية والدبلوماسية التي أدت إلى عقد أو وعد بلفور والدليل على ذلك أن هذه الجهود ضعفت إلى أدني حد بعد صدور وعد بلفور ولكن تبني يهود العالم الغربي صيغة توطينية أخري هي الصهيونية العمومية والصهيونية التصحيحية وما يسمي بصهيونية الشتات ويمكن القول أن هرتزل هو المناور الصهيوني الأكبر بلا منازع وواضع أسس الصهيونية السياسية أو الدبلوماسية.

الحركة الصهيونية حركة سياسية بحته لا تستخدم الدين اليهودي، ولم تأت من داخل أي تيار ديني يهودي، ولم تبد رأيا في الديانة اليهودية أو في عقائدها أو تشريعاتها باستثناء عقيدة الماشيح المخلص من نسل داود ولكن بطريقة ذرائعية بحته لننتفع بها في تحريك العامة من اليهود دون تقوية أهدافها السياسية، وأن العنصر الديني فيها غير أصيل استخدمه الصهاينة لخدمة الحركة الصهيونية في تسهيل مهمتها والتعاطف معها ومساعدتها في تنفيذ مخططاتها ولقد أعلن عن الصهيونية رسميا في المؤتمر الصهيوني الأول (الكنيست الأول) بمدينة بال بسويسرا في 1897م حيث أعلن عن قيام المنظمة العالمية وصدور برنامج بال، وإذ أعلنت المنظمة الصهيونية عن مؤسساتها الرئيسية (المالية ـ الإدارية ـ الإعلامية) التي تستهدف اغتصاب أرض فلسطين وطرد شعبها منها بالقوة، وتوطين اليهود مكانه وإقامة دولة يهودية قومية تضم يهود العالم ويعترف بها العالم جميعه أي أن الهدف تكوين كيان قانوني دولة) .

بدأت الصهيونية السياسية تنفيذ مخططها الاستعماري الاستيطاني وأخذ القائمون عليها بنبذ الصهيونية الدينية شكلا، وفكرة أرض الميعاد وفكرة الماشيح المخلص أيضا وبدأوا يفكرون عمليا في كيفية الاستيلاء على الأرض، أرض فلسطين وكيف يفرغونها من أصحابها من أجل إحلال اليهود بدلاً منهم، وبنوا خطتهم على أساس علماني بحت على طريقة الفكر الاستعماري السائد في الغرب الأوروبي، ذلك أن اليهود مادة بشرية وهم جزء من الطبيعة المادية يمكن أن يستوطنوا أي أرض (مادة من الطبيعة أيضاً) وبدأ هرتزل يوجه سهامه لعقيدة الماشيح المخلص أي نبوءة العودة إلى أرض الميعاد التوراتية لأنها ستعطل مشروعه وكان هرتزل يصف الرؤى القديمة بأنها رؤى متخلفة كما وصفها بن حوريون فيما بعد بالسلبية، ولكن هرتزل طرح بدلا منها العودة بقوة السلاح بمساعدة القوي العظمي في الغرب لتأسيس الدول اليهودية حيث غير هرتزل ورفاقه من بعده من الصهاينة السياسيين طبيعة المشروع الصهيوني الديني وحولوه إلى مشروع صهيوني سياسي، له خصائص المشاريع الاستيطانية الاستعمارية التي تقوم على الآتي:

1. تفريغ أوروبا من اليهود فيه فائدة تعود على الدول الغربية التي تري في وجود اليهود بها عبئا ثقيلا والتفريغ له فائدة عظمي للصهيونية.

2. إن هذا المشروع (تفريغ أوروبا من اليهود وإحلالهم بفلسطين) دعم سياسي ومادي متبادل لأن الكيان الصهيوني سيدخل كل بلاد المنطقة في صراع مرير سيشغلها عن الأخذ بالتنمية في كافة المجالات، فتظل متخلفة وفي غياب تمام عن الوعي بأهداف الامبريالية والاستعمار الغربي في المنطقة، وبالمقابل فان الاستفادة العظمي ستكون للدول الغربية بسبب وجود هذا الكيان الصهيوني في المنطقة الغربية، وذلك بسبب الدعم غير المحدود من الدول الأوروبية والاستعمارية الذي يشمل السلاح الذي يضمن تفوقه على العرب عسكرياً وتكنولوجياً، إضافة إلى الإمداد بالخبراء في كافة المجالات، وكذا الغذاء والمواد الاستهلاكية والوقوف بجانبه في المحافل الدولية وخاصة الأمم المتحدة.

بدأت الصهيونية السياسية بمناورة الغرب بالوسيلة التي يفهمها الغربيون فقد تقدمت إلى حكام الغرب على أساس أنها ستقدم لهم خدمة مزدوجة، وكان هرتزل أكثر الصهاينة السياسيين فاعلية فكان يخاطب كل حكومة من الحكومات الغربية باللغة التي يفهمونها في مشروع التفريغ والإحلال حيث التقي هذا المشروع مع مقررات مؤتمر لندن المنعقد منذ عام 1905حتى عام 1907م برئاسة السير هنري كامبل بترمان وكان وزيرا للمستعمرات، وأصبح رئيسا لوزراء بريطانيا في ذلك الوقت حيث كان يبحث ويدرس في هذا المؤتمر النظرية التي تتحدث عن كون الحضارات تمر بدورات متعاقبة تنمو وتزدهر ثم تشيخ وتذبل وتندثر وكان هذا يقلق زعماء الاستعمار الغربي على حضاراتهم الغربية، وأن التاريخ يؤكد ذلك (الحضارة الفرعونية ـ الإغريقية ـ الرومانية ـ الحضارة العربية والإسلامية) فكانت حتمية هذا المؤتمر ودراساته لاتخاذ التدابير اللازمة للوقاية والحذر قبل أن تحل الكارثة الحتمية بالحضارة الأوروبية الحديثة فانعقد المؤتمر في لندن سرا من عام 1905م حتى عام 1907م وحضره عدد كبير من مشاهير المؤرخين وكبار العلماء في جميع أفرع المعرفة والعلوم وكذا خبراء في النشاط الاستعماري وبعد الدراسات المستفيضة توصلوا إلى تقرير سري وخطير أحالته وزارة الخارجية البريطانية إلى وزارة المستعمرات البريطانية، ولكن هذا التقرير اختفي ولم يظهر وظل منسيا حتى قبيل الحرب العالمية الأولي حينما نشره صحفي بريطاني صهيوني في معرض الدفاع عن الوطن القومي اليهودي في فلسطين، استشهد بآراء الحكومة البريطانية وسادة الاستعمار العالمي وقراراتهم في ذلك ومسوِّغاً لقيام إسرائيل على أنه ضرورة اقتصادية وسياسية واجتماعية للغرب ومصالحه والسيطرة على الشرق، وقد سمح بالاطلاع على جزء من هذا التقرير فقط .

التقت وجهتا النظر والمصالح للقوي الاستعمارية الغربية مع وجهتي النظر والمصالح للصهيونية السياسية ومطالبها بواسطة هرتزل وأتباعه من بعده فقامت الدول الغربية الاستعمارية بزعامة بريطانيا راعية الاستعمار الحديث بالعمل على تنفيذ القرارات التي قدمها مؤتمر كامبل بترمان (مؤتمر لندن) حيث كان من أبرز هذه القرارات " إقامة حاجز بشري قوي وغريب يحتل الجسر البري الذي يربط أوروبا بالعالم القديم، ويربطها معا بالبحر المتوسط بحيث يشكل في هذه المنطقة وعلي مقربة من قناة السويس قوة متحالفة وصديقة للاستعمار ومنفذة لمخططاته ومعادية لسكان المنطقة فقامت من جانبها بإبرام اتفاقية سايكس بيكو، إصدار وتنفيذ وعد بلفور وتنفيذه بغرس إسرائيل في قلب المنطقة العربية والعمل على إقامة حكومات عربية متفرقة وإقامة حلف بغداد ومحاربة الوحدة بين مصر وسورية، والعمل على القضاء على الحركة القومية العربية كل ذلك في خطوات من العمل الاستراتيجي الغربي لتنفيذ السياسة الاستعمارية في المنطقة العربية لتأمين مصالحهم الحيوية في الشرق والعالم القديم ووقع اختيارها لليهود ليمكن دعمهم في ما يسمي الحق التاريخي لهم في فلسطين واستنادا لعقيدتهم التي جاءت بها كتبهم المقدسة وبما تنادي به الصهيونية المسيحية من عقائد الآن.

نشطت الصهيونية بعد الحرب العالمية الأولي للعمل على تحقيق أهدافها بإسناد من بريطانيا، فقد أصبح الباب مفتوحا على مصراعيه أمامها بعد احتلال الحلفاء لفلسطين في أواخر الحرب العالمية الأولي، وبدأت تعمل بكل نشاط في سبيل تحقيق مخططها الرامي إلى إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، وقد غدا وعد بلفور بعد قبوله في مؤتمر سان ريمو في عام 1920م دستورا للسياسة البريطانية في فلسطين يهتدي به في تنظيم مخططات بريطانيا الاستعمارية خاصة بعد أن أقر مجلس عصبة الأمم في 14 يوليو عام 1922م انتداب بريطانيا على فلسطين، فسارعت الصهيونية مركزة جهودها على تنظيم الهجرة اليهودية إلى فلسطين وإقامة المستعمرات اليهودية فيها لوضع أسس الوطن القومي لليهود حيث أكد ذلك حاييم وايزمان (أول رئيس لدولة إسرائيل فيما بعد) بقوله " طبعا يلزمنا أن تبقي قضيتنا ماثلة أمام مجالس العالم إلا أن عرضنا لقضيتنا لن يقدر له النجاح والفعالية إلا إذا قامت معه أعمال الهجرة والاستيطان والتعليم" كما أضاف بن حوريون بقوله" أنهم كانوا دوما مقتنعين بأن عملهم لن يحقق النجاح إلا إذا ساندته انجازات اليهود الاستيطانية بفلسطين وان جهودهم تظل عاقرة بدون الدعم الذي يأتيها من الصهيونية العملية" وأضاف "وما لم نوسع رقعة استيطاننا البشري فإن جميع مساعينا السياسية مع بريطانيا مهما كانت بارعة ونشيطة لن تسفر عن شيء فالانجاز المادي أقوي حجة سياسية وأكثرها تأثيرا على الحكومة المنتدبة (بريطانيا) أو أية حكومة أخرى".

كانت الأوضاع الدولية التي قامت الحركة الصهيونية في أثنائها ملائمة لتحرك الصهيونية السياسية التي بدأت خطتها بالعمل التنفيذي، فقامت بتسريب بعض اليهود إلى أرض فلسطين ليكونوا نواة بشرية للدولة الصهيونية، ثم دأبوا في العمل ليجعلوا عملية التسريب والتسلل هذه عملا معترفا به من قبل الدول الاستعمارية المستفيدة من إقامة وتنفيذ المشروع الصهيوني، وفي حالة نجاحها فان ضغوطها على هذه الدول يحقق الاعتراف بالمنظمة الصهيونية وأهدافها الاستيطانية في فلسطين وبقدرتها على إقامة دولة يهودية في فلسطين وذلك لأن الدبلوماسية ولو كللت بالنجاح تظل الاتفاقات الناجمة عنها إطارات خاوية ما لم تحقق الحركة الصهيونية (من طريق الانجاز الاستيطاني) المحتوي المادي اللازم لهذه الاتفاقات حيث يقول بن جوريون معلقا على ذلك "إن وعد بلفور أو صك الانتداب من عصبة الأمم يظلان قصاصتا ورق ما لم نعمل نحن على استحضار اليهود إلى فلسطين وتهيئة الأرض للاستيطان على مجال واسع" ارتفع عدد اليهود في فلسطين من (40 ألف) يهودي قبل نشوب الحرب العالمية الأولي إلى (55 ألف) عام 1919م وإلى (108 ألف) عام 1925م وإلى (300 ألف) عام 1935م وإلى (650 ألف) عام 1948م وبعد أن وثق الاستعمار البريطاني بأن الوضع مهيئا لإقامة الدولة اليهودية قرر إحالة القضية إلى الأمم المتحدة التي أقرت مشروع التقسيم وقيام إسرائيل في الرابع عشر من مايو 1948م، وبذلك حققت الصهيونية السياسية أول خطوة بوجودها على جزء من أرض فلسطين وهو وجود قوي يستند على قرارات دولية ومعترف بها من الدول الكبرى العالمية، وقد ثبت ذلك فيما بعد فالمهاجرون اليهود الذين دخلوا في أرض فلسطين في زمن الانتداب البريطاني من سنة 1920م إلى عام 1948م هم فعلا أهم سلاح لتحقيق الأهداف القومية اليهودية للصهيونية السياسية.

تطور فكر الصهيونية السياسية في البحث دائما عن القوي العظمي الصاعدة ومدي سيطرتها في المستقبل القريب والبعيد ففي خلال الحرب العالمية الثانية أدركت الصهيونية أن نجم انجلترا آخذ في الأفول مع صعود نجم الولايات الولايات المتحدة الأمريكية، ولذا كان القرار الذي اتخذته المنظمة الصهيونية العالمية بنقل نشاطها إلى الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى شعورها بعدم الأمان من جانب بريطانيا التي كانت سياستها ترمي إلى تحديد كيان إسرائيل وربطه بعجلة الإمبراطورية البريطانية وتسخيره لمصالحها الاستعمارية، فاتصلت باتحادات ونقابات العمال وبالمجالس النيابية في الولايات الأمريكية المختلفة وكذا أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي ولم يأت عام 1944م إلا وكانت برلمانات ثلاث وثلاثين ولاية قد أصدرت توصيات تؤيد فيها المطالب الصهيونية، وكذلك الحال مع الكونجرس الأمريكي وخلال أعوام قليلة تحقق لهم التأييد المطلق مستغلين في دعايتهم جهل الرأي العام الأمريكي بالقضية الفلسطينية، وأنشأت لذلك الاتحادات والمنظمات والجمعيات اليهودية والصهيونية لتنفيذ كل الأهداف السياسية المطلوبة للمحافظة على دولة إسرائيل الوطن القومي لليهود في استقرار دائم وأبرز هذه المنظمات والاتحادات اتحاد الايباك .

رابعاً: الصهيونية القتالية

بدأت الصهيونية القتالية في روسيا القيصرية قبل قيام الثورة البلشفية في ظل نظام الإقطاع الروسي إذ كان الإقطاعيون يوكلون إدارة أموالهم إلى اليهود، وكان الفلاحون يرون فيهم وسائط شريرة تقف بينهم وبين ملاك الأرض التي يعملون فيها ولذلك كان الفلاحون يكرهونهم أكثر مما يكرهون ملاكهم، خاصة وأن عمل اليهود لم تقتصر على تحصيل الأموال من الفلاحين ولكن اليهود كانوا بجانب ذلك يستغلون الفلاحين أسوأ استغلال بأعمالهم الربوية إلى أن جاء وقت فرغ صبر الفلاحين فشنوا الثورة عليهم ثم أخذت الأمور تتفاقم حتى حدثت مذابح اليهود التي عرفت بمذابح (البوجروم) في جنوب روسيا حيث يتكثف الوجود اليهودي، وقد زاد من حجم هذه المذبحة حين أمر (ألفون بلهيف) وزير داخلية روسيا حاكم منطقة بوجروم كشنيف بأن يمنع الشرطة من التدخل فأثخن الفلاحون في اليهود الذين بدوا خرافاً مستسلمة للذبح في مذلة ومهانة، على العكس عندما حدثت في بوجروم أوديسا عام 1908م، لم يستسلم اليهود للمذابح وتعلموا الدرس من المذبحة السابقة فقد تحول عدد كثير منهم إلى مدافعين عن اليهود ومن هؤلاء تكونت أول فرقة قتال يهودية منذ أن أفني الرومان أخر فرقة قتال لليهود في تاريخهم وبرز مقاتلي بوجروم أوديسا وعلي رأسهم (فلاديمير جابوتنسكي) الذي هرب بعد ذلك من روسيا وكون العنصر القتالي الذي انضم إلى قوات الحرب العالمية الأولي ثم كانت نواة عصابة الهاجاناه العسكرية التي تزعمها (مناحم بيجن) تلميذ (جابوتنسكي) والتي كانت بدورها نواة جيش الدفاع الصهيوني والتي سأتحدث عنها في الفصل السادس بالتفصيل.

كانت أصول الذين أقاموا الصهيونية السياسية القتالية من يهود روسيا وبولندا وأوكرانيا وكانوا القوة الصهيونية العسكرية التي عضدت كل من الصهيونية السياسية والصهيونية الدينية ولقد بارك الحاخامات هذا التحول القتالي في الصهيونية بفتوى جاء فيها " أنه طالما أجاز الدين تجاوز القواعد والنواهي من أجل إنقاذ حياة يهودي واحد فانه يمكن توسيع الفتوى بحيث يحل تأسيس قوات قتالية يهودية من أجل إنقاذ المجموعات اليهودية من القتل ومع أن بوتنسكي يهودي علماني لا ديني وقد رفض الدين اليهودي رفضا قاطعا وكان يصرح بأن الشعب اليهودي هو المعبد الذي يجب أن يتعبد له وفيه ولم يكن يعرف الديانة اليهودية بقدر كاف إلا انه في سنة 1932م صرح بأنه لا يمانع في توظيف الدين اليهودي في خدمة الصهيونية السياسية وخير دليل على ذلك أنه قد رحب بفتوى الحاخامات السابقة على أساس أنها احدي الأطروحات الصهيونية الأساسية ذلك لأن الصهاينة من أمثال (هرتزل) و (ماكسي نوردو) وان خالفهم جابوتنسكي في الوسائل يقبلون كل الأطروحات سواء كانت دينية أو علمانية ما دامت تخدم قضايا وأهداف الصهيونية السياسية.

خامساً: الصهيونيتان التوطينية والاستيطانية

لقد أضاف الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته اليهود واليهودية إلى أشكال الصهيونية وتعريفها المتعددة شكلين وتعريفين جديدين حيث يقول " أنه يوجد في الواقع صهيونيتان لا صهيونية واحدة وهما: الصهيونية التوطينية والصهيونية الاستيطانية ومع هذا يشار إليهما بكلمة واحدة وهي كلمة الصهيونية وذلك رغم أنهما ظاهرتان مختلفتان تماما ولهما جذور مختلفة وقيادات مختلفة وأهداف مختلفة " ويرجع ذلك لنتيجة تعثر التحديث في شرق أوروبا أواخر القرن التاسع عشر عنه في غرب أوروبا مما أدي إلى تدفق المهاجرين اليهود من شرق أوروبا (يهود اليديشية) إلى غرب أوروبا الأمر الذي هدد أمن دول الغرب الأوروبي (اقتصادي واجتماعي) كما هدد مكانة ومصالح الجماعات اليهودية فيها لتشابك مصير كل من يهود غرب أوروبا مع يهود اليديشية الوافدين الجدد من شرق أوروبا.

1. الصهيونية التوطينية

هي صهيونية اليهودي الذي يرفض الهجرة إلى فلسطين والاستيطان بها، أي أنها تشير إلى الصهيوني الذي يؤمن بالصيغة الصهيونية الأساسية (وهى نقل بعض أو كل يهود أوروبا خارجها) المنطبقة على كل يهودي أو صهيوني آخر ولا تنطبق عليه هو شخصياً، وتقف صهيونيته عند حد الدعم المالي والسياسي للمشروع الصهيوني دون الهجرة بنفسه أي يتخلي عن التطبيق العملي للصهيونية العملية وقد ظهرت في بداية الأمر بين الصهاينة غير اليهود من أوروبا من المسيحيين والعلمانيين وكذلك بين يهود الغرب المندمجين في الحضارة الغربية والموفقين لأوضاعهم بينها حيث حققوا من الثراء والغني والمكانة التجارية والصناعية ما يدفعهم إلى المحافظة عليها، وبكل قوتهم وبذلك اتحدت مصالح الفريقين وكانوا هم مؤيدو المشروع الصهيوني في العالم الغربي (ضرورة إيجاد وطن قومي لليهود لإعادة البشرية المستهدفة في المشروع) مع أن يهود الغرب لا ينوون الهجرة إلى ذلك الوطن المزمع إنشاؤه ولكنهم يتكفلون بتمويل وتكاليف الإنشاء والهجرة إليه ومعظمهم يهود وصهاينة العالم وقد قدموا كل ما يستطيعون من دعم وعون سياسي أو اقتصادي مستخدمين في ذلك ما يمكن تنفيذه بواسطة الصهيونية الدينية والصهيونية السياسية (الدبلوماسية) أو صهيونية الدياسبورا وقد اتصفت الصهيونية التوطينية بأنها صهيونية المرحلة التكوينية للصهيونية العالمية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيث كانت تبحث عن المادة البشرية المستهدفة من يهود العالم للمشروع الصهيوني الغربي للصهيونيين غير يهود (الغربيين) وذلك لإنشاء الوطن القومي لليهود وكان أهم شروط هذه المادة البشرية المستهدفة أن تتصف بعدة صفات منها الصبر والجلد والقوة والنفس العدوانية المستعدة للقتال في أي وقت ولأي سبب مع احتراف المهن اليدوية بالإضافة إلى المهارة في الزراعة والصناعة.

2. الصهيونية الاستيطانية

هي مصطلح يشير إلى الصهيونية التي يؤمن أصحابها بأن الجانب الاستيطاني في الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة لابد أن يوضع موضع التنفيذ، وأنهم على استعداد للاضطلاع بهذه الوظيفة حيث الاستيطان هو جوهر الصهيونية ومن ثم فإن الاستعمار الصهيوني استعمار استيطاني إحلالي بأخذ شكل انتقال الفائض البشري اليهودي من أوطان مختلفة إلى فلسطين للاستيلاء عليها وطرد سكانها الأصليين والحلول محلهم في صهيونية من يستوطن في فلسطين بالفعل ولقد كان للفرق في التحديث بين الحضارتين يهود شرق أوروبا (يهود اليديشية) واليهود الغربيين (المندمجين) والبيئة الغربية التي يعيشون فيها جعل يهود شرق أوروبا في التفكير في المستقبل وأفضل مكان يمكن أن يجدوا فيه ضالتهم بعيد عن التخلف في دول شرق أوروبا وكذلك الاضطهاد العنصري لهم مما جعلهم من أوائل مكتشفي الصهيونية ولكنهم لم يدركوا حتمية الحل الاستعماري الامبريالي من خلال المشروع الاستعماري الغربي ونظرا لقصور رؤيتهم حاولوا الاستيطان في فلسطين دون دعم أي من الدول الأوربية القائمة على المشروع الاستعماري الغربي محاولين تجنيد أثرياء يهود الغرب (المندمجين) ليرعوا مشروعهم ويدعموه فيما أطلق عليه الصهيونية التسللية وفي بعض الأحيان الصهيونية العملية وهي بذلك تكون أول صهيونية استيطانية وأهم ما تتسم به هو أنها نابعة وصادرة من المادة البشرية المستهدفة ذاتها (يهود شرق أوروبا) والمطلوبة للمشروع الاستعماري الغربي وبموافقة وتأييد أغنياء وأثرياء اليهود في غرب أوروبا وأمريكا وقد أتم النشاط الاستيطاني التسلل بشكل هزيل وعملي خارج نطاق أي فكر أيديولوجي وظل محتفظا بطابعه البرجماتي الإغاثي المباشر من أثرياء اليهود الغربيين (المندمجين) ولم يتجاوز مزارع صغيرة لا قيمة لها وقد استفاد التسلليون من نفوذ قناصل الدول الغربية الذين كانوا يتنافسون على حماية اليهود وتحويلهم إلى عنصر وظيفي عميل بخدمة المصالح المشتركة للدول الاستعمارية ولكن يظل مفهوم الدولة (شكلها - تنظيمها – أسلوب بنائها) شاحبا وباهتا وليس له معالم واضحة بين دعاة هذه الصهيونية أي صهيونية الاستيطان بل ذهب البعض منهم إلى أن فلسطين ليست بالضرورة هي ساحة الاستيطان المطلوبة وكان من أهم دعاة الصهيونية الاستيطانية (التسللية) المفكر اليهودي النمساوي (نيثان بيربناوم) والطبيب الروسي الصهيوني زعيم جماعة أحباء صهيون (ليوبنسكر) وجماعات البيلو وأحباء صهيون.

سادساً: القضايا الخلافية بين الصهاينة

ظهرت مجالات عديدة للخلاف الواضح والبين بين أفكار كل الصهاينة في جميع المجالات قد تبدو لأول وهلة عميقة ولكنها في الواقع سطحية إلى حد كبير إذ أن رقعة الاختلاف تظل محكومة بالقبول المبدئي الجوهري للصيغة الأساسية الشاملة للصهيونية ورغما عن ذلك نشأت عدة صراعات بين الصهاينة حول عدة قضايا أهمها موقع الدولة المستهدفة أهي أرض فلسطين (أرض الآباء) أو أي أرض من العالم تحقق تجمع اليهود فيها وكذلك الخلاف حول آليات إنشاء الدولة فمنهم من يرى أن الاستيطان هو السبيل الأول ومنهم من يرى المشروع الاستعماري هو الأضمن والأفضل وكان أكبر الاختلافات بينهم هو عدم الاتفاق على حدود الدولة وما زال قائما بعد قيام الدولة وحتى الآن بالإضافة إلى توجه الدولة الإيديولوجي وسنعرض لهذه القضايا فيما يلي:

1. موقع الدولة

دارت أولي الصراعات حول موقع الدولة وهو صراع دار بين الاستيطانيين والتوطينيين (قبل مرحلة هرتزل وبلفور) فالتوطينيين الذين كان همهم الأكبر التخلص من اليهود كانوا في عجلة من أمرهم فكانوا على استعداد أن يلقوا باليهود في أي مكان سواء في فلسطين أو خارجها (الأرجنتين ـ أوغندا ـ العريش بسيناء) وقد حسم الأمر بعد وعد بلفور فكان القرار فلسطين (أرض الآباء الأوائل) (اُنظر خريطة فلسطين في القرن الأول ق.م)

2. آليات إنشاء الدولة

اختلف الصهاينة فيما بينهم حول أسلوب إنشاء الدولة، ففي البداية كان هناك الصهيونية التسللية (الصهيونية الاستيطانية) ولكنهم فشلوا لانغلاقهم على ذاتهم فكان التوطينيين -الذين قبلوا المشروع الاستعماري الغربي وترجم هذا بواسطة المنظمة الصهيونية العالمية مؤيدة بالصهيونية السياسية رغم أن بعض التوطينيين الذين أطلق عليهم التصحيحيين- ضاقوا زرعا بالوجود اليهودي فكانوا يفرضون على المشروع الاستعماري الغربي ضرورة فرض أغلبية يهودية في فلسطين بالقوة العسكرية وتكوين جيش كبير قوامه (100) ألف يهودي وثم انخفض إلى عشرة آلاف ولكنهم فشلوا في تحقيق ذلك وأنشئت الدولة طبقاً للمخطط بين المنظمة الصهيونية والاستعمار الغربي وقائدته في تلك المرحلة بريطانيا ولا يزال الإشكال قائماً حتى بعد قيام الدولة ولكنها انصرفت إلى آليات إدارة الدولة إلى كيفية التعامل مع العرب.

3. حدود الدولة

أ. الخلاف حول حدود الدولة كان عنيفا وهذا يعود إلى عدة أسباب أهمها:

(1) إن أرض إسرائيل التوراتية ليس ذات حدود معينة.

(2) إن المملكة العبرانية ثم مملكتي يهوذا أو إسرائيل لم تكن لهما حدود مستقرة.

(3) من الصهاينة من يدرك أهمية الموازنات الدولية ويقنع بحدود تتفق مع الدولة الراعية للاستعمار الغربي.

(4) من الصهاينة ما يدرك أهمية الموازنات الدولية ولكنه يدور في إطار الرؤى الحلولية الدينية والتاريخية القديمة وأحلام من نهر مصر إلى النهر الكبير الفرات.

ب. بعد إنشاء الدولة لم تحسم المسألة قط، فهناك من يحاول ربط حدود الدولة بالكثافة البشرية اليهودية فمع تصاعد الأزمة السكانية الاستيطانية ظهر دعاة ما يسمي بالصهيونية السوسيولوجية أي الصهيونية السكانية وهم المهتمون بالطابع اليهودي للدولة دون شريك (العنصرية اليهودية) وهم يطالبون بالحد الأدنى من الأرض بعكس دعاة ما يسمي بصهيونية الأراضي الذين يصرون على الحد الأقصى من الأرض.

ج. استمرار الإشكال في الوقت الحاضر من خلال الحديث عن الحدود الآمنة للدولة إذ تتغير الرؤية للحدود بتغيير الرؤية لأمن الدولة ومقوماته.

4. توجه الدولة الأيديولوجي

إن صيغة المراوغة التي توصلت إليها المنظمة الصهيونية العالمية بشأن الاستيطان كانت محاولة للتوفيق بين كل الصهاينة والجمع بينهم وراء الحد الأدنى الصهيوني فقد تحدد هدف الحركة الصهيونية في الحصول على أراض في فلسطين كي تكون ملكا للشعب اليهودي ولا يمكن التفريط فيها وان يكون الصندوق القومي اليهودي قائما كليا على تبرعات تلقائية من اليهود في جميع أنحاء العالم فالهدف هنا لم يحدد شكل الدولة الصهيونية ولا شكل ملكية الأرض ولا المثل الاجتماعية أو العقائدية الظاهرة أو الكامنة وإنما تحدث فقط عن الحصول على أرض فلسطين كي تكون ملكا للشعب اليهودي بشكل مبهم ومجرد ويبدو أن الصهاينة التوطنيين المسيطرين على المنظمة العالمية قد تنبهوا لحقيقة الموقف في فلسطين وصعوبات الاستيطان فلم يكن توجه الدولة الصهيونية يعنيهم من قريب أو بعد ما دامت تؤدي الأغراض المطلوبة منها مثل إبعاد يهود شرق أوروبا عنهم والقيام بالمحافظة على المصالح الغربية الاستعمارية.

5. التكوين السكاني للدولة

نشأ صراع حوله إذ تنبه بعض الصهاينة منذ البداية إلى طبيعة الدولة الصهيونية دولة إحلالية شاملة ستستعدى السكان الأصليين ضدها، وتجعلها تعيش في صراع دائم، ومن ثم ظهرت فكرة الدولة ثنائية القومية التي دعا إليها (بوبر) و(ماجنيس) وجماعة ايحود وحزب المابام ولكن معظم الصهاينة أصروا على الطبيعة الاحلالية الشاملة للدولة حتى ظهر الآن رئيس وزراء إسرائيل الحالي بنيامين نتانياهو بالدعوة إلى الاعتراف بالدولة اليهودية شرطاً للتفاوض مع الفلسطينيين، حيث إن هذا الاعتراف يسقط حق العودة للفلسطينيين نهائياً، كما يسقط الحق في القدس، ويضع عرب 1948م في مشكلة لا حل لها إلا الرحيل من أرضهم.

6. نطاق سيادة الدولة

كان الصراع بين الصهاينة التوطينيين والصهاينة المستوطنين على أن دولة الشعب اليهودي للشعب بأسره داخل حدودها وخارجها أم أنها دولة المستوطنين لذا حاول المستوطنون أن يؤكدوا أن الدولة هي دولة الشعب اليهودي جميعه والدليل هو أن إعلان قيام الدولة من طريق مجلس قومي يتحدث باسم كل اليهود سواء في فلسطين أو خارجها وقد أصدرت الدولة الصهيونية قوانين كثيرة بهدف ترجمة مفهوم الشعب اليهودي إلى واقع قائم ومن أهم هذه القوانين قانون العودة الذي يمنح جميع اليهود حق مغادرة مسقط رأسهم والعودة إلى وطنهم القومي.