إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / انهيار الاتحاد السوفيتي






جمهوريات الاتحاد السوفيتي
جمهورية مولدافيا
جمهورية أوزبكستان
جمهورية أوكرانيا
جمهورية لاتفيا
جمهورية ليتوانيا
جمهورية أرمينيا
جمهورية أستونيا
جمهورية أذربيجان
جمهورية تركمنستان
جمهورية جورجيا
جمهورية روسيا الاتحادية
جمهورية روسيا البيضاء
جمهورية طاجيكستان
جمهورية كازاخستان
جمهورية قيرقيزستان
رابطة الكومنولث الجديد



المقدمة

المقدمة

       كانت نهاية الإمبراطورية الروسية وإعلان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية ثورة غيرت النظام العالمي، وكذلك نهاية الاتحاد السوفيتي وانهياره وإعلان رابطة الدول المستقلة ثورة جديدة تغير في الخريطة السياسية للعالم. فبينما قادت الثورة الأولى عام 1917 إلى نظام انقسم العالم بشأنه، فقد أدت الثورة الثانية عام 1991 إلى وضع يحتار العالم في أمره. حيث يصعب فهم أسباب الثورة الثانية ما لم نتعرف نتائج الثورة الأولى، إذ أن هناك علاقة سببية بين عواقب ثورة 1917 ودوافع ثورة 1991.

       هكذا استمر الاتحاد السوفيتي رسمياً منذ عام 1917 وحتى عام 1991، وكان الإعلان الرسمي عن نهايته بصفته اتحاداً ودولة عظمى قد سبقها إرهاصات مباشرة وغير مباشرة، بدأت، بوادرها منذ وفاة الرئيس ليونيد بريجنيف عام 1982، وتصاعد الأحداث سريعاً بعد تولى الرئيس ميخائيل جورباتشوف حكم البلاد عام 1985.

       كان الاتحاد السوفيتي، في معظم فتراته، حليفاً سياسياً للعالم العربي ومصدراً من المصادر الأساسية لتمويله بمختلف السلع الإستراتيجية خاصة الأسلحة، كذلك كانت المعادلة الدولية على قدر كبير من التوازن، حيث كان النظام الدولي يتميز بالثنائية القطبية، ومن ثم يمكن القول: إن العالم العربي قد خسر حليفاً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً قوياً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ومن الواضح أن هذا الانهيار قد قضى على النظام الدولي القديم، الذي قام على التوازن بين قوتين عظميين تتزعمان معسكرين متضادين، حكمته قواعد الحرب الباردة وضوابطها. وقد قضى هذا الانهيار على الشكل السابق للقارة الأوروبية، وخرجت أوروبا الشرقية تنفض عن كاهلها غبار الانهيار، وتعيد صياغة مجتمعاتها واقتصادياتها، للحاق بأوروبا الغربية الأكثر تقدماً، بدلاً من الصراع والعداء معها، فضلاً عن إعادة توحيد ألمانيا وما تحمله من فرص واحتمالات عديدة، والتفكك السلمي لتشيكوسلوفاكيا، ثم انتقال عدوى التفكك تجاه الاتحاد اليوغسلافي وتصاعد الصراعات العسكرية نتيجة هذا التفكك.

       غير أن أكثر مشاهد الانهيار إثارة وخطورة كان، انهيار الدولة السوفيتية ذاتها وتفككها، فقد فاق هذا الانهيار في حجمه وعمقه وسرعته، كافة توقعات الباحثين وتحليلات المحللين، بمن فيهم من كان أكثرهم رفضاً للاتحاد السوفيتي. ولا تكمن خطورة هذا الحدث في تفكك قوة عظمى إلى عدد من الدول المستقلة ذات السيادة فقط، وإنما تكمن في انهيار الإيديولوجية[1] اللاحمة لهذا البناء، أي الأيديولوجية الماركسية ـ اللينينية، وليس المقصود هنا هو انهيار الفكر الاشتراكي أو اختفائه عموماً أو الماركسي خصوصاً، فهذا الفكر جزء لا يتجزأ من تراث الإنسانية، كان ولا يزال له إسهامه المميز في دفع وترقيه الفكر الإنساني كله، وله جوانب ضعفه، وأيضاً جوانب قوته. ولكن ما انهار هو تلك الصيغة الأيديولوجية المحددة التي يصب فيها هذا الفكر، وانطوت على نقد المجتمع الرأسمالي، وتصور مثل أعلى بديل له وهو المجتمع الشيوعي، وآليات الانتقال إليه. وما حدث في الاتحاد السوفيتي السابق، لم يعن أن تطبيقاً خاطئاً للأيديولوجية قد فشل، ولكنه يعني بالأساس أن العناصر الأساسية لتلك الأيديولوجية هي التي ثبت فشلها وخطؤها. ولذلك لم يكن غريباً أن يكون الانهيار الذي وقع في الاتحاد السوفيتي مركزاً لزلزال شديد هّز مواقع وأفكار كثيرة في كافة أنحاء العالم، واستلزم مراجعه شاملة لمنظومة كاملة من الأفكار والمفاهيم والتطبيقات.

       والواقع أن سقوط الاتحاد السوفيتي وانهياره، بوصفه انهيار الإمبراطورية، ليس ظاهرة فريدة في التاريخ الحديث أو الوسيط أو القديم، فليس تهاوى الشيوعية السوفيتية جديداً في دورات التاريخ، فقد حكم التاريخ بالموت على النظم التي أضحت عائقاً أمام التقدم، وانهيار الشمولية السوفيتية قد سبقه تداعى الشمولية النازية والفاشية، والهزيمة في الحرب الباردة تبدو نتيجة منطقية بأن استخدام القوة غير العسكرية بمقدوره تحقيق أهداف الحرب بوسائل أخرى، إن هدم دعائم النظام القديم ـ وخاصة الجهاز الدولي الشمولي ـ في عهد ميخائيل جورباتشوف، قد عجّل بانهيار القوة العظمى السوفيتية.

       إن سرعة انهيار الإمبراطورية والشيوعية والشمولية في الاتحاد السوفيتي، تم على نحو لم تتوقعه أكثر التنبؤات الأيديولوجية تفاؤلاً، كما أن تداعيات الانهيار لا سابق لها من حيث شمولها للجوانب الاقتصادية والسياسية والأيديولوجية وغيرها، مما يبرز التأريخ به بداية لتشكيل نظام عالمي جديد.

 



[1]  الأيديولوجية: تعني الفكر السياسي للدولة، وقد تعني كذلك الفكر العسكري أو العقيدة العسكرية للدولة.