إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / انهيار الاتحاد السوفيتي






جمهوريات الاتحاد السوفيتي
جمهورية مولدافيا
جمهورية أوزبكستان
جمهورية أوكرانيا
جمهورية لاتفيا
جمهورية ليتوانيا
جمهورية أرمينيا
جمهورية أستونيا
جمهورية أذربيجان
جمهورية تركمنستان
جمهورية جورجيا
جمهورية روسيا الاتحادية
جمهورية روسيا البيضاء
جمهورية طاجيكستان
جمهورية كازاخستان
جمهورية قيرقيزستان
رابطة الكومنولث الجديد



الفصل الثاني

الفصل الثاني

التحولات التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفيتي

       انتقلت سلطة الحكم إلى ميخائيل جورباتشوف بسهولة وهدوء في مارس 1989، وكان اختياره لقيادة الكرملين لا يعني فقط إتاحة الفرصة أمام جيل جديد فحسب بل، يعني كذلك نهاية عصر كامل من التاريخ السوفيتي وبداية عصر جديد. وقد تميز جورباتشوف بنزعته إلى التجديد، وخروجه كثيراً عن الحلول التقليدية، فنجده ـ قبل توليه زعامة الحزب ـ يدعو اللجنة العليا للسياسة الخارجية للانعقاد ويخصص جلسة خاصة لدراسة العلاقات الاقتصادية للاتحاد السوفيتي بدول العالم الثالث، بالإضافة إلى مناقشة المشكلات الاقتصادية التي يجب معالجتها في مواجهة مشكلات النمو والتكنولوجيا التي لخصها في الآتي:

1. أن الاتحاد السوفيتي أخفق طوال ربع القرن الماضي في التعرض لمشكلات التحديث؛ مما كان السبب وراء تدهور معدل النمو الاقتصادي.

2. أن الاتحاد السوفيتي شديد المركزية، ومن ثم استفحلت المشكلة بالتدريج، في الوقت الذي ازدادت فيه مشكلات الاقتصاد تعقيداً.

3. أن تطوير الصناعة السوفيتية وإيجاد أسواق عالمية لها، من أجل دعم الاقتصاد القومي، يتطلب بالضرورة الانفتاح على العالم الخارجي، وإقامة علاقات اقتصادية وأسواق تجارية مع دول العالم كافة بما فيها الدول غير الشيوعية، وهذا لن يتأتى إلا من خلال تقليل مركزية الدولة ـ في مجال إدارة النظام الاقتصادي ـ على وسائل الإنتاج.

       وبوصول ميخائيل جورباتشوف للسلطة، أطاح بالجيل القديم في المكتب السياسي، ووضع رجاله مكانهم، وأصبحت له الأغلبية في الجهاز العام، وعين رئيساً جديداً للوزارة، وعزل اثنين وعشرين من سكرتيري الحزب في الأقاليم، حيث وضح له أنه لن يستطيع أن يدير سياسة خارجية فعالة، إلا إذا بدأ في كسر حدة العزلة السوفيتية، وكانت أمامه ثلاثة خيارات لسياسته.

1. خيار الإصلاح الاقتصادي الحقيقي وهو الخيار الذي سيحرر الإدارة بالفعل من وصاية الحزب.

2. خيار الإصلاح الخاطئ، أي إجراء سلسلة من التعديلات الإدارية، وتزويد الجهاز الإداري بأشخاص من الموالين له والمؤمنين بسياسته، ولكن هذه الإصلاحات لن تؤدي إلى تحقيق نتائج اقتصادية مرجوة.

3. خيار الانطلاق نحو الأمام بإرادة وقوة، وتتمثل في نوع من الستالينية الحديثة، وتقوم علي أساس القمع وإطلاق الكوادر وإعطائه السلطة اللازمة لتنفيذ سياسته، ولكن مثل هذه السياسة لن تحل جميع المشكلات لأن المشكلة الرئيسة هي التخلف التكنولوجي، التي يتطلب علاجها تفتيت المركزية.

       ويبدو واضحاً أن ميخائيل جورباتشوف قد استند في دعوته إلى التقاليد التي أرساها لينين بوصفه سياسياً روسياً نابعاً من البيئة الروسية، ممثلاً لآمالها ومقدراً لحدودها، وحرص جورباتشوف على تأكيد شرعية أفكاره بالاستناد إلى لينين، كما حرص كذلك على تأكيد أن دعوته إلى التعايش السلمي تستند على فكر لينين.

       جاء ميخائيل جورباتشوف ليعترف بفداحة المشكلات الاقتصادية وخطورتها، ووضع عملية النهوض بالاقتصاد السوفيتي وإصلاحه على رأس قائمة الأولويات في برنامجه السياسي، وأكد أن المنهج الجديد في مواجهة المشكلات وعلاجها يختلف تماماً عن المناهج السوفيتية السابقة[1].

       ونظراً لظروف نشأة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وما صادفته من ظروف اللجوء إلى اقتصاد الحرب للتصنيع السريع لمواجهة التدخل الأجنبي، فقد فرضت هذه الظروف اللجوء إلى الأساليب الإدارية والكمية لإدارة الاقتصاد على نحو مركزي، والتي لم تكن مقبولة ومبررة في تلك المرحلة المهمة من أجل تطوير التصنيع، بل أصبحت عبئاً على تقدم الاقتصاد، بعد أن تطور وازدادت مشكلاته تعقيداً وتنوعاً، مما جعل المطالبة بالإصلاح الاقتصادي على رأس قوائم الإصلاح للسياسة السوفيتية.

 



[1]  يبدأ تاريخ الاقتصاد السوفيتي بمرحلة اقتصاد الحرب لمواجهة مخاطر الجوع والتحول في بداية عصر الثورة البلشفية عام 1917، حتى استطاعت القيادات السوفيتية في عهد ستالين أن تضبط الأمور، واستقر الأمر عام 1926 حول شعار`الاشتراكية في بلد واحد`، ثم انتهجت القيادة السوفيتية مرحلة من الانفتاح الاقتصادي متعدد القطاعات في الداخل ومرحلة جديدة لرأب صدع الحروب الأهلية 1922 – 1928 والارتكاز على الموارد الداخلية وتعبئتها لإنجاز مشروع السنوات الخمس الأولى للتصنيع اعتبارا من عام 1928، وقد تلت ذلك حملة قمع دامية بطشت بكبار ملاك الأرض ومتوسطيهم، حتى أصبحت ثلاثة أرباع الملكيات الزراعية ذات طابع اجتماعي اشتراكي عام 1934، ثم كانت الحرب العالمية الثانية حتى عام 1945 وما نتج عنها من خراب، وبفضل تعبئة الطاقات الوطنية تحت شعار الحرب الوطنية الكبرى، أعادت القيادة السوفيتية بناء الاقتصاد، وفي بداية السبعينيات أصبح الاتحاد السوفيتي الدولة الاقتصادية والصناعية والتكنولوجية الثانية في العالم، وركز جهوده نحو تحديث الصناعات الحربية والقوات المسلحة وتطويرها، واتجه في سياسته الاقتصادية نحو الاحتفاظ بالقرار في أيدي الدولة والاحتفاظ بالصناعات والقطاعات الاقتصادية الرئيسة في القطاع العام الاشتراكي.